فأما قوله ع و رجل سمع من رسول الله شيئا- و لم يحفظه على وجهه فوهم فيه فقد وقع ذلك- و قال أصحابنا في الخبر الذي رواه عبد الله بن عمر- أن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه- إن ابن عباس لما روي له هذا الخبر- قال ذهل ابن عمر- إنما مر رسول الله ص على قبر يهودي- فقال إن أهله ليبكون عليه و إنه ليعذب- . و قالوا أيضا إن عائشة أنكرت ذلك- و قالت ذهل أبو عبد الرحمن كما ذهل في خبر قليب بدر-
إنما قال ع إنهم ليبكون عليه- و إنه ليعذب بجرمه
- . قالوا و موضع غلطه في خبر القليب- أنه
روى أن النبي ص وقف على قليب بدر- فقال هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا- ثم قال إنهم يسمعون ما أقول لهم
- فأنكرت عائشة ذلك- و قالت إنما-
قال إنهم يعلمون أن الذي كنت أقوله لهم هو الحق
و استشهد بقوله تعالى- إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى -
الرابع
لا ريب في جواز نقل الحديث بالمعني، و يدلّ عليه أخبار كثيرة.
و تفصيل القول في ذلك على ما حقّقه المحدّث العلامة المجلسي ره أنّه إذا لم يكن المحدّث عالما بحقايق الألفاظ و مجازاتها و منطوقها و مفهومها و مقاصدها لم تجز له الرّواية بالمعنى بغير خلاف، بل يتعيّن اللّفظ الّذى سمعه إذا تحقّقه و إلّا لم تجز له الرّواية.
و أمّا إذا كان عالما بذلك.
فقد قال طايفة من العلماء لا يجوز هي، لأنّ لكلّ تركيب معني بحسب الوصل و الفصل و التقديم و التأخير و غير ذلك لو لم يراع ذلك لذهبت مقاصدها، بل لكلّ كلمة مع صاحبتها خاصيّة مستقلّة كالتخصيص و الاهتمام و غيرهما، و كذا الألفاظ المشتركة و المترادفة، و لو وضع كلّ موضع الاخر لفات المعني المقصود، و من ثمّ قال النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: نصر اللّه عبدا سمع مقالتي و حفظها و وعاها و أدّاها فرّب حامل فقه غير فقيه و ربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه. و كفى هذا الحديث شاهدا
بصدق ذلك.
و اكثر الأصحاب جوّزوا ذلك مطلقا مع حصول الشرائط المذكورة، و قالوا كلّما ذكرتم خارج عن موضوع خطبه 210 نهج البلاغه بخش 2 قسمت 2 البحث لأنّها إنّما جوّزنا لمن يفهم الألفاظ و يعرف خواصّها و مقاصدها و يعلم عدم اختلال المراد بها فيما أدّاه.
و قد ذهب جمهور السّلف و الخلف من الطوايف كلّها إلى جواز الرّواية بالمعني إذا قطع بأداء المعني بعينه، لأنّه من المعلوم أنّ الصّحابة و أصحاب الأئمّة عليهم السّلام لم يكونوا يكتبون الأحاديث عند سماعها، و يبعد بل يستحيل عادة حفظهم جميع الألفاظ على ما هي عليه، و قد سمعوها مرّة واحدة خصوصا في الأحاديث الطويلة مع تطاول الأزمنة و لهذا كثيرا ما يروى عنهم المعني الواحد بألفاظ مختلفة و لم ينكر ذلك عليهم و لا يبقي لمن تتبّع الأخبار في هذا شبهة و يدل عليه أيضا ما رواه الكليني عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسين عن ابن أبي عمير عن ابن اذينة عن محمّد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: أسمع الحديث منك فازيد و أنقص فقال عليه السّلام: إن كنت تريد معانيه فلا بأس.
نعم لا مرية في أنّ روايته بلفظه أولى على كلّ حال لا سيّما في هذه الأزمان لبعد العهد و فوت القراين و تغيّر المصطلحات.
و قد روى الكليني عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن منصور بن يونس عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: قول اللّه جلّ ثناؤه الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ قال: هو الرّجل يسمع الحديث فيحدّث به كما سمعه لا يزيد فيه و لا ينقص
تذنيب
قال بعض الأفاضل: نقل المعني إنّما جوّزوه في غير المصنّفات، أمّا المصنّفات فقد قال أكثر الأصحاب: لا يجوز حكايتها و لا نقلها بالمعني و لا تغيير شي ء منها على ما هو المتعارف
|