المختار التاسع و الخمسون
و من كتاب له عليه السّلام الى العمال الذين يطأ الجيش عملهم [عملهم الجيوش ] من عبد اللّه عليّ أمير المؤمنين إلى من مرّ به الجيش من جباة الخراج و عمّال البلاد: أمّا بعد، فإنّي قد سيّرت جنودا هي مارّة بكم إن شاء اللّه، و قد أوصيتهم بما يجب للّه عليهم من كفّ الأذي و صرف الشّذى، و أنا أبرء إليكم و إلى ذمّتكم من معرّة الجيش إلّا من جوعة المضطرّ لا يجد عنها مذهبا إلى شبعه، فنكّلوا من [بمن ] تناول منهم [شيئا] ظلما عن ظلمهم، و كفوا أيدى سفهائكم عن مضارّتهم و التّعرّض لهم فيما استثنيناه منهم و أنا بين أظهر الجيش فارفعوا إلىّ مظالمكم و ما عراكم ممّا يغلبكم من أمرهم، و لا تطيقون دفعه إلّا باللّه و بي [فأنا] أغيّره بمعونة اللّه إن شاء [اللّه ].
اللغة
(الجباة): جمع جابي: الّذين يجمعون الخراج، جبيت الماء في الحوض، أى جمعته، (الشذى): الضرب و الشرّ، لقد أشذيت و آذيت، (المعرّة): المضرّة عرّه معرّة أى ساءه، (جوعة): مرّة من جاع، (نكّلوا) أى عاقبوا، خوّفوا جبّنوا، نكل ينكل بالضمّ: جبن، (عراه) الأمر: غشيه.
الاعراب
من جباة الخراج: لفظة من بيانيّة، هى مارّة بكم: جملة اسميّة، صفة للجنود أو حال عنه، عنها: ظرف مستقرّ مفعول ثان لقوله «لا يجد» و مذهبا مفعوله الأوّل اخّر عنه و «إلى شعبه» متعلّق بقوله «مذهبا»، ظلما: عطف بيان قوله شيئا.
المعنى
هذا بلاغ رسمي صدر منه عليه السّلام يهدف إلى حفظ الأمن و النظام في البلاد الواقعة على مسير الجنود الواجفة إلى جبهة الحرب، و الظاهر منه أنّه عليه السّلام يسير مع الجنود و له زحفان معها للجنود: 1- من المدينة إلى الكوفة إلى البصرة في حرب الجمل.
2- من الكوفة إلى الشام في حرب صفّين.
فمن المقصود بقوله عليه السّلام (من مرّ به الجيش) و هل يمكن أن يكون المخاطب به كلّ أحد من جباة الخراج و العمّال الشامل لأهل الذمّة ففوّض أمر محاكمة من ظلم من الجيش إلى كلّ فرد و فوّض إليه مجازاته و عقوبته فكيف يستقيم ذلك و هل ينتج إلّا الهرج و المرج و الشغب فلا بدّ و أن يكون المخاطب عموم أهل كلّ بلد على نحو الواجب الكفائي و يحتاج إجراء هذا الأمر إلى لجنة مركّبة من أعضاء ينتدبون لإجراء مثل هذه الامور عن قبل كلّ أهل البلد البالغين الواجدين لشرائط الانتخاب و الانتداب و هى المعبّر عنه بلجان الايالات و الولايات المنظورة في تشكيلات الدول الراقية لبسط الديموقراطيّة السامية.
فكتابه عليه السّلام هذا ينظر إلى تشريع هذا النظم الهامّ الديموقراطي، و قد صرّح عليه السلام بتفويض الاختيارات في محاكمة الجنديّ المتعدّي و مجازاته و هى شعبة هامّة من دائرة العدليّة في التشكيلات المدنيّة الراقية، و لا بدّ من اقتدار هذه اللجان على إجراء اصول المحاكمات و تنفيذ المجازات بوجدان الرجال الاخصّائيّين في هذه المسائل الهامّة، و يشعر بجواز تصدّي أهل الكتاب الذمّيّين لذلك إذا كان عمّال بلد منهم خاصّة أو مساهمين مع المسلمين لأنّ خطابه عليه السّلام يشملهم لقوله: (و أنا أبرأ إليكم و إلى ذمّتكم).
قال الشارح المعتزلي «ص 147 ج 17»: و إلى ذمّتكم، أى اليهود و النصارى الّذين بينكم، قال عليه السّلام «من آذى ذمّيّا فكأنّما آذاني» و قال: إنّما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا، و أموالهم كأموالنا، و يسمّى هؤلاء ذمّة، أى أهل ذمّة بحذف المضاف.
و قد استثنى من معرّة الجيش و ضرره بالناس مادّة واحدة عن العقوبة و هى مورد الاضطرار لسدّ الجوعة و حفظ النفس عن التلف فيجوز له أخذ ما يأكله إلى حدّ الشبع و لكنّ الظاهر ضمانه لقيمة ما يأخذه اضطرارا لأنّ الاضطرار يسقط الحرمة و العقوبة لا الضمان كما هو مقرّر في الفقه.
قال ابن ميثم «ص 199 ج 5»: و تقدير الكلام: فإنّي أبرء إليكم من معرّة الجيش إلّا من معرّة جوعة المضطرّ منهم، فأقام المضاف إليه مقام المضاف أو أطلقه مجازا إطلاقا لاسم السبب على المسبّب.
أقول: و هل يجوز معرّتهم للاضطرار في غير مورد الجوعة كما إذا اضطرّوا إلى قطع الأشجار للبنايات الضروريّة للجيش أو الاسكان في البيوت للاضطرار إلى توقّي الحرّ و البرد و غير ذلك يشعر إضافة الجوعة إلى المضطرّ بالعموم و يؤيّده قاعدة الاضطرار المأخوذة من حديث الرفع المشهور «رفع عن امّتي تسعة» و عدّ منها ما اضطرّوا إليه.
الترجمة
از نامه اى كه به كارگران و كارمندان شهرهاى سر راه قشون نگاشته است: از طرف بنده خدا علي أمير مؤمنين بهر كس لشكر بدو گذرد از كارمندان جمع ماليات و خراج و از كارگران و كاركنان همه شهرستانها.
أمّا بعد، براستى كه من لشكرهائى گسيل داشتم كه بخواست خدا بر شما گذر خواهند كرد، من سفارش آنچه را خدا بر آنها واجب كرده است نموده ام كه خود را از آزار و رنج دادن مردم نگه دارند، من پيش شما مسلمانان و در برابر هر كه در پناه دارم از ديگران بيزار و بري هستم از زيانكاريهاى لشكريانم مگر گرسنه اى از راه ناچارى براى رفع گرسنگى از مال كسى بهره گيرد و راه ديگرى براى رفع نياز خود نداشته باشد، شما هر كه را كه چيزى بستم از آنان بر گرفت خود او را بسزا برسانيد و از ستمش بازداريد.
و دست كم خردان شهرستان خود را از زيان رساندن بلشكر و در آويختن با آنان جز در موردى كه استثناء كردم كوتاه سازيد، و من خود بهمراه لشكرم و هر ستم و ناگوارى از آنها بشما رخ داد و بر شما چيره شدند و چاره آنرا جز بكمك خداوندى نتوانيد بخود من مراجعه كنيد و من بكمك خداوند و خواست خدا آنرا چاره كنم و نگون گردانم.
( . منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغه، ج17، ص 349-352)
|