دانشنامه پژوهه بزرگترین بانک مقالات علوم انسانی و اسلامی

خطبه 57 نهج البلاغه : خبر از سلطه ستمگرى بى باك

موضوع خطبه 57 نهج البلاغه درباره "خبر از سلطه ستمگرى بى باك" است.
No image
خطبه 57 نهج البلاغه : خبر از سلطه ستمگرى بى باك

موضوع خطبه 57 نهج البلاغه

متن خطبه 57 نهج البلاغه

ترجمه مرحوم فیض

ترجمه مرحوم شهیدی

ترجمه مرحوم خویی

شرح ابن میثم

ترجمه شرح ابن میثم

شرح مرحوم مغنیه

شرح منهاج البراعة خویی

شرح لاهیجی

شرح ابن ابی الحدید

شرح نهج البلاغه منظوم

موضوع خطبه 57 نهج البلاغه

خبر از سلطه ستمگرى بى باك

متن خطبه 57 نهج البلاغه

و من كلام له (عليه السلام) في صفة رجل مذموم ثم في فضله هو (عليه السلام)

أَمَّا إِنَّهُ سَيَظْهَرُ عَلَيْكُمْ بَعْدِي رَجُلٌ رَحْبُ الْبُلْعُومِ مُنْدَحِقُ الْبَطْنِ يَأْكُلُ مَا يَجِدُ وَ يَطْلُبُ مَا لَا يَجِدُ فَاقْتُلُوهُ وَ لَنْ تَقْتُلُوهُ أَلَا وَ إِنَّهُ سَيَأْمُرُكُمْ ِسَبِّي وَ الْبَرَاءَةِ مِنِّي فَأَمَّا السَّبُّ فَسُبُّونِي فَإِنَّهُ لِي زَكَاةٌ وَ لَكُمْ نَجَاةٌ وَ أَمَّا الْبَرَاءَةُ فَلَا تَتَبَرَّءُوا مِنِّي فَإِنِّي وُلِدْتُ عَلَى الْفِطْرَةِ وَ سَبَقْتُ إِلَى الْإِيمَانِ وَ الْهِجْرَةِ

ترجمه مرحوم فیض

از سخنان آن حضرت عليه السّلام است براى اصحاب خود (اهل كوفه كه بآنان خبر مى دهد بليّه اى را كه بعد از آن بزرگوار بآن مبتلى ميشوند و دستور مى فرمايد كه در آن هنگام چگونه رفتار نمايند):آگاه باشيد كه بزودى بعد از من مردى گشاده گلو و شكم بر آمده (معاوية ابن ابى سفيان)بر شما غالب ميشود، مى خورد آنچه بيابد و مى خواهد آنچه نيابد (هر چه مى خورد سير نمى گشت تا اينكه مى گفت سفره را بر چينيد خسته شدم و سير نگرديدم. گفته اند پرخورى او بر اثر نفرين حضرت رسول بود آنگاه كه كس بطلب او فرستاده ديد به خوردن مشغول است، بازگشت و گفت طعام مى خورد، ديگر باره فرستاد باز به خوردن مشغول بود، پس آن حضرت فرمود: أللّهمّ لا تشبع بطنه يعنى بار خدايا شكم او را سير مگردان) پس (در صورت قدرت و توانائى) او را بكشيد و اگر چه هرگز او را نخواهيد كشت (توانائى كشتن او را نداريد) آگاه باشيد بزودى آن مرد شما را بنا سزا گفتن و بيزارى جستن از من امر ميكند، پس اگر شما را به ناسزا گفتن مجبور نمود مرا دشنام دهيد، زيرا نا سزا گفتن براى من سبب علوّ مقام ميشود و براى شما باعث بر نجات و رهائى (از شرّ او) است، و امّا در بيزارى جستن، پس از من بيزارى نجوئيد (در باطن دوستدارم باشيد) زيرا من به فطرت اسلام تولّد يافته ام (هيچ گاه در راه كفر و شرك قدم ننهاده از اوّل اسلام اختيار نموده ام نه مانند سائرين كه كافر و بت پرست بوده مسلمان گرديده اند) و در ايمان و هجرت (بيرون رفتن از وطن براى نصرت و يارى رسول خدا) سبقت و پيشى گرفتم (اوّل مردى كه به پيغمبر ايمان آورد و براى پيشرفت دين اسلام او را يارى كرد من بودم، پس بيزارى از من بيزارى از خدا است و بيزارى از خدا موجب عذاب ابدىّ است).

ترجمه مرحوم شهیدی

از سخنان آن حضرت است به ياران خود همانا پس از من مردى بر شما چيره شود، كه گلويى گشاده دارد و شكمى فراخ و برون افتاده. بخورد هر يابد و بجويد آنچه نيابد. اگر توانيد او را بكشيد، و نتوانيدش كشت. او شما را فرمان دهد تا مرا دشنام گوييد و از من بيزارى جوييد. امّا اما دشنام مرا دشنام دهيد كه براى من زكات است و براى شما نجات. امّا بيزارى، از من بيزارى مجوييد كه من بر فطرت مسلمانى زادم، و در ايمان و هجرت از همه پيش افتادم.

ترجمه مرحوم خویی

از جمله كلام بلاغت انجام آن حضرت است كه فرمود بأصحاب خود: آگاه باشيد كه زود باشد غالب شود بر شما بعد از من مردى گشاده گلوى بر آمده شكم كه مى خورد آنچه را كه يابد و مى جويد آنچه را كه نيابد، منظور معاوية بن ابي سفيان عليه اللعنة و النيرانست پس بكشيد آنرا و حال آنكه هرگز نخواهيد كشت، بدانيد بدرستى زود باشد كه امر نمايد شما را آن مرد بناسزا گفتن بمن و به تبرّى كردن از من، پس اما ناسزا گفتن پس ناسزا گوئيد مرا از جهة اين كه آن ناسزا گفتن شما باعث پاكيزگى من است و سبب نجاة و خلاصى شماست و اما برائت و بيزارى پس تبرّى نكند از جهة اين كه من مولود شده ام بر فطرة اسلام و پيشى گرفته ام بر هجرت و ايمان و معلوم است كسى كه متّصف باين صفت باشد تبرى از او جايز و سزا نيست، بلكه باعث عذاب ابديست و سبب عقاب دائمى

شرح ابن میثم

و من كلام له عليه السّلام لأصحابه

أَمَّا إِنَّهُ سَيَظْهَرُ عَلَيْكُمْ بَعْدِي رَجُلٌ رَحْبُ الْبُلْعُومِ مُنْدَحِقُ الْبَطْنِ يَأْكُلُ مَا يَجِدُ وَ يَطْلُبُ مَا لَا يَجِدُ فَاقْتُلُوهُ وَ لَنْ تَقْتُلُوهُ أَلَا وَ إِنَّهُ سَيَأْمُرُكُمْ بِسَبِّي وَ الْبَرَاءَةِ مِنِّي فَأَمَّا السَّبُّ فَسُبُّونِي فَإِنَّهُ لِي زَكَاةٌ وَ لَكُمْ نَجَاةٌ وَ أَمَّا الْبَرَاءَةُ فَلَا تَتَبَرَّءُوا مِنِّي فَإِنِّي وُلِدْتُ عَلَى الْفِطْرَةِ وَ سَبَقْتُ إِلَى الْإِيمَانِ وَ الْهِجْرَةِ

اللغة

أقول: رحب البلعوم: واسع مجرى الحلق. و بطن مند حق ناتى ء بارز.

المعنى

و في هذا الفصل إخبار بما سيكون لأصحابه من الابتلاء بسبّه. و الخطاب لأهل الكوفة.

فقوله: أمّا. يحتمل أن يكون المشدّدة. و التقدير أمّا بعد أنّه كذا، و يحتمل أن يكون مخفّفة و هى ما النافية دخلت عليها همزة الاستفهام، و التقدير أما أنّه سيظهر، و اختلف في مراده بالرجل. فقال أكثر الشارحون: المراد معاوية لأنّه كان بطينا كثير الأكل. روى أنّه كان يأكل فيمّل فيقول: ارفعوا فو اللّه ما شبعت و لكن مللت و تعبت، و كان ذلك داء أصابه بدعاء الرسول صلى اللّه عليه و آله و سلّم. روى: أنّه بعث إليه مرّة فوجده يأكل فبعث إليه ثانية فوجده كذلك. فقال: اللهم لا تشبع بطنه. و لبعضهم في وصف آخر.

  • و صاحب لى بطنه كالهاويةكأنّ في أمعائه معاوية

و قيل: هو زياد بن أبي سفيان، و هو زياد بن أبيه، و قيل: هو الحجّاج، و قيل: المغيرة بن شعبة. و و ظهوره عليهم بعده. استعلاؤه و تأمرّه عليهم. و أكله ما يجد مع طلبه لما لا يجد كناية عن كثرة أكله، و جعل ذلك علامة له. و قوله: فاقتلوه. أى لما هو عليه من الفساد في الأرض، و لن تقتلوه. حكم لدنىّ اطلّع عليه. و قوله: ألا و إنّه سيأمركم بسبىّ. إلى آخره.

إشارة إلى ما سيأمرهم به في حقّه من السبّ و البراءة، و وصيّة لهم بما هو المصلحة إذن. و فرّق عليه السّلام بين سبّه و البراء منه بأن رخصّ في سبّه عند الإكراه عليه و لم يرخّص في التبرّى منه، و في الفرق بينهما لطف، و ذلك أنّ السبّ من صفات القول اللسانىّ و هو أمر يمكن إيقاعه من غير اعتقاده مع احتماله التعريض و مع ما يشتمل عليه من حقن دماء المأمورين و نجاتهم بامتثال الأمر به. و أمّا التبرّء فليس بصفة قوليّة فقط بل يعود إلى المجانبة القلبيّة و المعاداة و البغض و هو المنهّى عنه هاهنا فإنّه أمر باطن يمكنهم الانتهاء عنه و لا يلحقهم بسبب تركه و عدم امتثال الأمر به ضرر. و كأنّه لحظ فيها قوله تعالى مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَ لكِنْ الآية و قوله في السبّ: فإنّه لى زكاة و لكم نجاة. إشارة إلى أسباب ترخيصه في سبّه أمّا نجاتهم بسبّه فظاهرة و أمّا كونه زكاة له فلوجهين: أحدهما: ما روى في الحديث أنّ ذكر المؤمن بسوء هو زكاة له، و ذمّه بما ليس فيه زيادة في جاهه و شرفه. الثاني: أنّ الطباع تحرص على ما تمنع منه و تلحّ فيه. فالناس لمّا منعوا من ذكر فضائله و الموالاة له و الزموا سبّه و بغضه ازدادوا بذلك محبّة له و إظهارا لشرفه، و لذلك إنّه عليه السّلام سبّه بنو اميّة ألف شهر على المنابر فما زاد ذكره على ذلك إلّا علوّا و لا ازداد الناس في محبّته إلّا غلوّا. و المنقول أنّ الّذي أمر بقطع سبّه عمر بن عبد العزيز، و وضع مكان سبّه من الخطبة إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ الآية، و لذلك قال كثير بن عبد الرحمن يمدحه:

  • و ليت فلم تشتم عليّا و لم تخفبرّيا و لم تقبل إساءة مجرم

و فيه يقول الرضىّ الموسوى:

  • يا ابن عبد العزيز لو بكت العينفتى من اميّة لبكيتك
  • أنت نزّهتنا عن الشتم و السبّ و لو كنت مجزيا لجزيتك
  • غير أنّى أقول إنّك قد طبتو إن لم يطب و لم يزك بيتك

و قوله: فإنّى ولدت على الفطرة. إلى آخره.

تعليل لحسن الانتهاء عن البراءة منه و وجوبه. و أراد بالفطرة فطرة اللّه الّتي فطر الناس عليها و هى بعثهم إلى عالم الأجسام مأخوذا عليهم ميثاق العبوديّة و الاستقامة على سنن العدل في سلوك صراطه المستقيم، و أراد بسبقه إلى الإسلام و الهجرة سبقه إلى طاعة رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم فيما جاء به من الدين و صحبته له و مهاجرته معه مستقيما في كلّ ذلك على فطرة اللّه لم يدنّس نفسه بشي ء من الملكات الرديئة مدّة وقته. أمّا زمان صغره فللخبر المشهور: كلّ مولود يولد على الفطرة، و أمّا بعده فلأنّ الرسول صلى اللّه عليه و آله و سلّم كان هو المتولّى لتربيته و تزكية نفسه بالعلوم و الإخلاص من أوّل وقته إلى أن توفّى صلى اللّه عليه و آله و سلّم كما أشرنا إليه قبل، و كما سيذكر هو بعد كيفيّته، و كان قبوله و استعداده لأنوار اللّه أمرا فطرت عليه نفسه، و جبلّت عليه طبيعته حتّى لم يلحقه في ذلك أحد من الصحابة، و ظاهر أنّ من كان بهذه الصفة من خلفاء اللّه و أولياءه كان التبرّء منه تبرّء من اللّه و رسوله. فوجب الانتهاء عنه. و باللّه التوفيق.

ترجمه شرح ابن میثم

از سخنان امام (ع) است

أَمَّا إِنَّهُ سَيَظْهَرُ عَلَيْكُمْ بَعْدِي رَجُلٌ رَحْبُ الْبُلْعُومِ مُنْدَحِقُ الْبَطْنِ يَأْكُلُ مَا يَجِدُ وَ يَطْلُبُ مَا لَا يَجِدُ فَاقْتُلُوهُ وَ لَنْ تَقْتُلُوهُ أَلَا وَ إِنَّهُ سَيَأْمُرُكُمْ بِسَبِّي وَ الْبَرَاءَةِ مِنِّي أمَّا السَّبُّ فَسُبُّونِي فَإِنَّهُ لِي زَكَاةٌ وَ لَكُمْ نَجَاةٌ وَ أَمَّا الْبَرَاءَةُ فَلَا تَتَبَرَّءُوا مِنِّي فَإِنِّي وُلِدْتُ عَلَى الْفِطْرَةِ وَ سَبَقْتُ إِلَى الْإِيمَانِ وَ الْهِجْرَةِ

لغات

رحب البلعوم: كسى كه مجراى حلقش گشاد باشد. مندحق البطن: شكم بزرگ و برآمده.

ترجمه

«اى مردم كوفه آگاه باشيد كه بزودى پس از من، مردى گشاده گلو و برآمده شكم، بر شما مسلط مى شود كه هر چه بيابد، بخورد و هر چه نيابد بجويد، (منظور معاوية بن ابى سفيان بود كه بر اثر نفرين پيامبر (ص) هر چه مى خورد سير نمى شد، مى گفت: خسته شدم و سير نشدم).

اگر بر او دست يافتيد بكشيدش، ولى هرگز نمى توانيد او را بكشيد. بدانيد و آگاه باشيد، بزودى آن مرد به دشنام گفتن و بيزارى جستن از من، شما را امر مى كند، اگر ناچار شديد كه جان خود را نجات دهيد. مرا دشنام گوييد رواست، چه اين كه دشنام گويى شما از روى ضرورت سبب بلندى مقام من، و موجب رهاييتان از ظلم و ستم مى شود. امّا هرگز از من بيزارى نجوييد، زيرا من بر فطرت اسلامى متولّد شده ام و در ايمان آوردن و هجرت بر همگان پيشى گرفته ام، (بيزارى جستن از چنين كسى سبب عذاب آخرت و بدبختى دو جهان خواهد بود).»

شرح

در اين فصل سخن امام (ع) از حوادثى كه در آينده براى يارانش پيش مى آيد و سبب گرفتارى آنها مى شود، خبر مى دهد، طرف خطاب حضرت، مردم كوفه مى باشند.

كلمه «اما» در آغاز كلام، محتمل است كه مشدّد بوده «امّا» و در معناى شرط به كار رفته باشد، در اين صورت معناى سخن چنين خواهد بود، امّا پس از حمد خدا در آينده چنين خواهد شد. احتمال دوّم اين كه بدون تشديد بوده، تركيبى از ماى نافيه و همزه استفهام باشد. به اين اعتبار معناى سخن چنين است: آگاه باشيد بزودى اين پيش آمد ناگوار بوقوع خواهد پيوست.

در اين كه منظور از مرد گشادگلو، چه كسى بوده ميان شارحان اختلاف نظر است. بيشتر آنان بر اين باورند كه مراد معاويه است زيرا او مردى بزرگ شكم و پرخور بوده است چنين روايت شده است كه معاويه آن قدر غذا مى خورد كه خسته مى شد. و مى گفت بياييد سفره را برچينيد به خدا سوگند هر چند خسته شده و به رنج افتادم ولى سير نشدم. او بر اثر نفرين رسول خدا (ص) به اين بيمارى مبتلا شده بود. چنان كه روايت شده است سبب نفرين پيامبر اين بود كه روزى به دنبال معاويه فرستاده تا نامه اى را به نگارد. بار اول كه فرستاده پيامبر آمد معاويه غذا مى خورد و حاضر نشد بار دوّم كه فرستاده رسول خدا (ص) آمد هنوز مشغول غذا خوردن بود و دست از خوردن غذا برنداشت كه به خدمت پيامبر برسد. حضرت رسول ناراحت شده فرمود: «بار خدايا شكمش را سير مگردان» عربى در وصف دوست پرخورش چنين سروده است:

  • و صاحب لى بطنه كالهاويةكانّ فى امعائه معاويه

برخى گفته اند منظور از آن مرد زياد بن ابى سفيان همان زياد بن ابيه مى باشد، و گروهى گفته اند: حجاج بن يوسف ثقفى است، و دسته اى مغيرة بن شعبه را دانسته اند. به هر حال بايد شخصى باشد، كه بعد از حضرت مردم را به اين كار دستور داده باشد اين دو خصوصيت در معاويه بارز است.

اين بيان حضرت: «آنچه را مى يابد مى خورد، و آنچه را نيابد مى جويد»، كنايه است از پرخورى آن مرد، و علامتى است كه بتوان وى را شناخت.

اين دستور كه او را بكشيد نشانه فساد و تباهكارى آن مرد در روى زمين است و خبر دادن از اين كه نمى توانيد او را بقتل رسانيد قضايى است الهى كه حضرت بر آن مطّلع بود.

سپس مى فرمايند: الا و انّه سيأمركم بسبّى الى آخره

آگاه باشيد بزودى آن مرد شما را به دشنام دادن بر من فرمان خواهد داد. اين سخن حضرت اشاره است به آنچه قريبا پيش خواهد آمد، و دستورى كه مبنى بر دشنام و بيزارى از آن بزرگوار صادر شود، در چنين موقعيّتى مصلحت كار را به يارانش توصيه كرده و ميان دشنام دادن و بيزارى از خود فرق نهاده است. دشنام را به هنگام ضرورت و اجبار روا دانسته، و بيزارى را مجاز نمى داند، در فرق ميان اين دو ظرافت خاصى است كه بايد در نظر گرفته شود.

به عنوان خطبه 57 نهج البلاغه مثال، دشنام عبارت از صفت كلام بوده و ممكن است بدون اعتقاد اظهار شود. احتمال ديگر اين كه گاهى دشنام به كنايه گفته مى شود و ممكن است قصد حقيقى در كار نباشد و فايده آن جلوگيرى از ريختن خون مسلمين و رهايى آنها از ستم ستمگران مى باشد. ولى بيزارى جستن تنها صفت كلام نبوده و گاهى بعقيده قلبى و خشم و كينه منتهى مى شود. از طرفى مى دانيم كه از دشمن داشتن خاندان عصمت نهى شده است.

نفرت داشتن و بيزار بودن، امرى مخفى است، انسان مى تواند از آن خوددارى كند و با ترك آن و عدم انجام آن خطرى متوجّه كسى نمى شود. گويا امام (ع) در بيان اين عبارت، به فرموده حق تعالى در قرآن نظر داشته است كه مى فرمايد: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَ لكِنْ امّا سخن حضرت در باره اين كه دشنام شما براى من به منزله اداى زكات و براى شما موجب رهايى و نجات است، اشاره به اسباب نجات و استخلاص يارانش دارد كه يكى از راههاى خلاصى يافتن از شر ستمگران عنود، مى توانسته است دشنام دادن به آن بزرگوار باشد. با توجّه به خصومتى كه دشمنان نسبت به امام (ع) داشتند، دشنام به آن حضرت يكى از اسباب رهايى بوده باشد روشن است، امّا اين كه چگونه براى حضرت صدقه و زكات بوده است، به دو صورت قابل توضيح است: 1 نظر به روايتى است كه در اين باره نقل نشده است، بدين مضمون: «مؤمن را به بدى ياد كردن براى وى زكات محسوب مى شود و بدگويى مؤمن به صفتى كه در او نباشد، موجب بزرگوارى و شرافتش مى شود.» 2 به دليل قاعده كلّى، «مردم از هر چه منع گردند بدان حرص مى ورزند» مى باشد، هرگاه مردم را از چيزى منع كنى در انجام آن بيشتر اصرار مى ورزند. با توجّه به اين خصلت عمومى، چون دشمنان حضرت مردم را از بيان فضايل و دوستى آن بزرگوار منع كرده، و بر دشنام دادن و دشمن داشتن، مجبورمى ساختند، دوستى مردم را نسبت به آن حضرت زياد كرده، شرافت و بزرگواريش را مى افزودند. بدين دليل است كه بنى اميّه هزار ماه بر بالاى منبرها امام (ع) را سبّ كرده دشنام دادند، امّا بر خلاف خواست آنها آوازه حضرت زياد شد و بر دوستى مردم نسبت به آن بزرگوار افزوده گرديد. چنين روايت شده است كه عمر بن عبد العزيز خليفه اموى دستور داد كه سبّ حضرت از خطبه نماز برداشته شود و به جاى آن اين آيه شريفه: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ قرار گيرد. با توجّه به همين موضوع خطبه 57 نهج البلاغه است كه كثير بن عبد الرّحمن، عمر بن عبد العزيز را در شعرى چنين ستوده است.

  • وليّت فلم تشتم عليا و لم تخفبريّا و لم تقبل اساءة مجرم

سيد رضى «ره» در باره عمر بن عبد العزيز چنين سروده است:

  • يا ابن العبد العزيز لو بكت العينفتى من اميه لبكيتك
  • انت نزّهتنا عن الشتم و السبّو لو كنت مجزيا لجزيتك
  • غير انى اقول انّك قد طبتو ان لم يطب و لم يزك بيتك

امام (ع) در زمينه اين توصيه كه از من بيزارى نجوييد مى فرمايند: زيرا من بر فطرت خداپرستى متولّد شده ام. اين سخن حضرت بيان دليل دورى از برائت و وجوب پرهيز از بيزارى جستن مى باشد. منظور حضرت از فطرت همان فطرت خدا دادى است كه تمام مردم بر آن سرشته شده اند و با همان فطرت خداوندانسانها را به عالم جسمانى فرستاد و از آنها پيمان بندگى گرفت و آنها را به روش عدالت و پيمودن راه راست استوارى و استقامت بخشيد.

مقصود از بيان سابقه اسلامى خود و هجرت، فرمانبردارى و اطاعت رسول خدا (ص) در پذيرفتن دين و همراهى با پيامبر و هجرت با آن بزرگوار مى باشد، كه در تمام اين مراحل به فطرت خدادادى خود پايدار مانده، و نفس خود را به هيچ يك از صفات پست، هيچ گاه آلوده نساخت.

امّا در زمان خردسالى اش به دليل روايت، معروف كه: «هر نوزادى بر فطرت خداشناسى متولّد مى شود.» و امّا پس از دوران خردسالى از فطرت خداشناسى خود دور نشد، بدين دليل كه رسول خدا (ص) سرپرستى و تربيت و تزكيه نفسانى او را، در كسب دانش و وارستگى، از دوران كودكى تا به هنگامى كه رحلت فرمود، بر عهده داشت. ما قبلا اين موضوع خطبه 57 نهج البلاغه را مفصّلا شرح داديم، و امام (ع) در گفتار بعدى خود، به چگونگى اين تربيت خواهند پرداخت.

آمادگى لازم و پذيرش نفسانى آن بزرگوار براى انوار مقدس الهى، چيزى بود كه با سرشت آن حضرت عجين و جزء واقعيت وجوديش شده بود بدان درجه كه هيچ يك از صحابه رسول خدا به آن مقام و مرتبت ارتقا نيافتند.

با توجّه به اين حقيقت بخوبى روشن شد كه شخصيّتى بدين مقام و منزلت، از خلفا و اولياى خداوند خواهد بود. بيزارى جستن از چنين شخصيّتى به منزله بيزارى جستن از خدا و رسول اوست و لازم است كه از چنين كار زشتى دورى شود.

شرح مرحوم مغنیه

سبوا و لا تتبرءوا:

أما إنّه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم مندحق البطن يأكل ما يجد و يطلب ما لا يجد. فاقتلوه و لن تقتلوه. ألا و إنّه سيأمركم بسبيّ و البراءة منّي. فأمّا السّبّ فسبّوني فإنّه لي زكاة و لكم نجاة. و أمّا البراءة فلا تتبرّأوا منّي فإنّي ولدت على الفطرة، و سبقت إلى الإيمان و الهجرة.

اللغة:

ظهر له: تبين له، و ظهر عليه: غلبه و تفوق عليه، قال تعالى: فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ 14 الصف. و الرحب: الواسع.

و البلعوم: مجرى الطعام في الحلق. و البطن مذكر، و بطن مندحق: ناتى ء و بارز مثل مندلق.

المعنى:

(أما انه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم، مندحق البطن، يأكل ما يجد، و يطلب ما لا يجد). قال بعض الشارحين: اختلفوا في الذي عناه الإمام (ع) بهذا الوصف: من هو فمن قائل: هو معاوية. و قال آخر: هو زياد ابن أبيه. و قال ثالث: هو المغيرة بن شعبة. و رابع: انه الحجاج.

و الظاهر أنه معاوية بدليل قول الإمام: «سيأمركم بسبّي و البراءة مني». و ليس من شك ان معاوية هو الذي سن هذه السنة السيئة.. هذا، الى ان الرواة قالوا: كان بطن معاوية كبيرا، و انه كان يأكل كثيرا، و إذا قعد وضع بطنه على فخذه، و في شرح ابن أبي الحديد: «تظاهرت الأخبار ان رسول اللّه (ص) دعا على معاوية و قال: اللهم لا تشبع بطنه».

(فاقتلوه). قال الذهبي و هو من أهل السنة و المتعصبين في كتاب «ميزان الاعتدال» ج 2 ص 7 طبعة مصر سنة 1325 ه، و ابن حجر من السنة في «تهذيب التهذيب» ج 5 ص 110 طبعة حيدر آباد سنة 1325 ه: «قال رسول اللّه (ص): إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه». و رواه أيضا من علماء السنه المناوي في «كنز الحقائق» ص 9 طبعة استانبول سنة 1285 ه، و المراد بمنبره (ص) هنا الخلافة. و قال الحاكم في «مستدرك الصحيحين» ج 1 ص 121 طبعة حيدر آباد سنة 1324 ه: «ان رسول اللّه قال: من سب عليا فقد سبني»، و ليس من شك ان من سب رسول اللّه (ص) يجب قتله، و ان معاوية قد سب عليا، و جعل سبه سنة يشيب عليها الصغير، و يهرم الكبير على حد تعبير معاوية نفسه، و معنى هذا ان معاوية سنّ سبّ الرسول بالذات.

(فاقتلوه و لن تقتلوه). لأنه قد اشترى دينكم بأمواله. قال طه حسين في كتاب «علي و بنوه»: «ان أشراف أهل العراق كانوا يتصلون بمعاوية أيام علي يتلقون ماله، و يمهدون له أمره». (الا انه سيأمركم بسبي و البراءة مني). الظاهر من هذا الكلام ان التقية تجوز في السب، و لا تجوز في البراءة من الإمام لأنه ولد على الفطرة أي على دين اللّه الذي أنزله على رسول اللّه (ص)، و البراءة منه تستدعي البراءة من هذا الدين القويم. و قد بالغ الرسول و أهل بيته (ص) في النهي عن البراءة من الإسلام، و ان من تبرأ منه بآية صورة لم يعد اليه بحال.. هذا في البراءة من الاسلام.

أما البراءة من الإمام أمير المؤمنين (ع) فإن فيها روايات متعارضة: بعضها في الجواز، و بعضها الآخر في المنع، و اذا عرضناها على كتاب اللّه، و رجحنا الموافق منها دون المخالف كما في كثير من الأخبار تعين ترجيح الروايات الآذنة، و طرح الروايات المانعة لقوله تعالى: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ 106 النحل). و هذه الآية ظاهرة في انّ من كفر بلسانه مكرها دون قلبه فهو معذور.. و قال الشيخ الأنصاري في «رسالة التقية» المطبوعة في آخر كتاب «المكاسب»: ان بعض الأخبار فيها دلالة على ترجيح أخبار البراءة. ثم قال: و يمكن أن يكون المراد من الأخبار الناهية البراءة حقيقة أي قلبا و لسانا ظاهرا و باطنا بحيث يرتد المبتدئ عن التشيع و الولاية الى الكفر و النصب.

و نحن مع القائلين بجواز النطق بالبراءة، و التظاهر بها على شريطة الخوف على النفس، و اطمئنان القلب بالايمان، و دليلنا أولا: عموم أدلة نفي الضرر. ثانيا: قوله تعالى: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا. ثالثا: ان هلاك الموالي المخلص و انقطاعه عن مناصرة الولاية و الموالين فيه ضرر كبير و أكثر بكثير من كلمة لا تضر و لا تمس عظمة الإمام (ع) من قريب أو بعيد.

و تسأل: لو أصر الموالي على عدم البراءة و قتل، فهل يكون آثما.

الجواب: كلا، فقد أصر حجر بن عدي و ميثم التمار، و استشهدا و هما من صفوة الصفوة، و عليه يكون الموالي معذورا في الحالين، و لا يلزم بأحدهما. و قد سئل الإمام الباقر (ع) عن رجلين من الكوفة أخذا و أمرا بالبراءة من أمير المؤمنين (ع) و إلا قتلا، فتبرأ أحدهما فسلم، و أبى الآخر فقتل فقال الإمام (ع): أما الذي تبرأ فرجل فقيه في دينه أي أخذ بقوله تعالى: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ. و أما الذي لم يتبرأ فقد تعجل الجنة.

أما سبق الإمام الى الهجرة فإن النبي (ص) هاجر من مكة مرارا يطوف أحياء العرب داعيا الى اللّه و عليّ معه دون غيره في هجرته الى بني عامر، و كان معه في هجرته الى الطائف.. هذا، الى مبيته في الفراش فداء للرسول و تنفيذه لوصيته (ص) بتأدية الأمانات الى أهلها نيابة عن النبي هجرة و زيادة، و منقبة تفرد بها وحده.

شرح منهاج البراعة خویی

و من كلام له عليه السّلام

و هو السادس و الخمسون من المختار فى باب الخطب أما إنّه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم، مندحق البطن، يأكل ما يجد، و يطلب ما لا يجد، فاقتلوه، و لن تقتلوه، ألا و إنّه سيأمركم بسبّي و البراءة منّي، فأمّا السّبّ فسبّوني، فإنّه لي زكاة و لكم نجاة، و أمّا البراءة فلا تتبرّؤا منّي، فإنّي ولدت على الفطرة،و سبقت إلى الإيمان و الهجرة.

اللغة

(ظهر) عليه غلب و (رحب البلعوم) و اسعه و البلعوم بضّم الباء مجرى الطعام في الحلق و (المندحق) البارز من اندحقت رحم النّاقة إذا خرجت من مكانه و (الفطرة) بالكسر الخلقة و المراد بها الاسلام.

الاعراب

أما بالفتح و التّخفيف حرف استفتاح بمنزلة ألا قال الرّضيّ كانّهما مركبان من همزة الانكار و حرف النّفى، و نفى النّفى اثبات ركبا لافادة الاثبات و التّحقيق و قول الشّارح البحراني يحتمل أن يكون المشدّدة و التّقدير أما بعد إنّه كذا، فيه أنّ أمّا الشّرطية يلزمها الفاء بعدها اللازمة للشّرط و لا يجوز حذفها إلّا في مقام الضّروره قال الشّاعر:

فأمّا القتال لا قتال لديكم

و أيضا فانّهم قد قالوا في كتب الأدبيّة إنّ أمّا بعد أصله مهما يكن من شي ء بعد الحمد فوقعت كلمة أما موقع اسم هو المبتدأ و فعل هو الشّرط و تضمّنت معناهما فلتضمّنها معنى الابتداء لزمها لصوق الاسم اللّازم للمبتدأ أداء بحقّ ما كان و إبقاء له بقدر الامكان، و لتضمّنها معنى الشّرط لزمتها الفاء، فعلى ما ذكروه يستلزم حذف كلمة بعد القائها عن اصلها و عدم أداء الحقّ الواجب مراعاته.

المعنى

اعلم أنّ هذا الكلام له عليه السّلام اخبار ببعض ما يبتلى به أهل الكوفة بعده و أمر لهم بما يجب عليهم أن يعملوه حين الابتلاء بتلك البليّة فخاطبهم بقوله (أما انّه سيظهر عليكم بعدى رجل) أكول (رحب البلعوم مند حق البطن) و هو لفرط حرصه بالأكل (يأكل ما يجد و يطلب ما لا يجد) و حيث أدركتموه (فاقتلوه) لعدوله عن طريق السداد و كونه من أهل الزّندقة و الالحاد (و لن تقتلوه ألا و إنّه سيأمركم بسبّي)لشدّة ما فيه من الكفر و النّفاق (و بالبرائة منّي) لغلبة ما عليه من البغضاء و الشقاق (فأما السّبّ فسبّوني فانّه لي زكاة) إذ ذكر المؤمن بسوء هو زكاة له و سبّه ما ليس فيه هو زيادة في جاهه و شرفه كما ورد في الحديث (و لكم نجاة) إذ مع السّبّ يرتفع التهمة عنكم و لا يؤخذ بأعناقكم (و أما البراءة فلا تتبرّءوا منّي) و ذلك (فانّي ولدت على الفطرة) أى على فطرة الاسلام التي فطر النّاس عليها (و سبقت) النّاس (إلى الايمان و الهجرة).

و في هذا الكلام نكات شريفة ينبغي الاشارة اليها

الاول

أنّ هذا الكلام له عليه السّلام إخبار بما يكون قبل كونه باعلام من اللّه و تعليم من رسول اللّه، و نحو هذا قد وقع منه عليه السّلام كثيرا فوق حدّ الاحصاء في الوقايع الملحمة و الخطوب المعظمة حسبما يأتي في شرح الخطبة الثّانية و التسعين و غيرها أيضا، و لا باس بالاشارة إلى نبذ منها هنا.

مثل ما عن كتاب الغارات لابراهيم بن هلال الثقفي عن زكريا بن يحيى العطار عن فضيل، عن محمّد بن علي عليهما السّلام، قال قال لمّا قال عليّ عليه السّلام: سلوني قبل أن تفقدوني فو اللّه لا تسألوني عن فئة تضلّ مأئة و تهدى مأئة إلّا أنبأتكم بناعقها و سائقها، قام إليه رجل فقال: أخبرني بما في رأسى و لحيتي من طاقة شعر، فقال له عليّ عليه السّلام: و اللّه لقد حدّثني خليلي انّ على كلّ طاقة شعر من رأسك ملكا يلعنك، و أنّ على كلّ طاقة شعر من لحيتك شيطانا يغويك، و إنّ في بيتك سخل يقتل ابن رسول اللّه، و كان ابنه قاتل الحسين يومئذ طفلا يحبو، و هو سنان بن أنس النخعي.

و روى الحسن بن محبوب، عن ثابت الثّمالي، عن سويد بن غفلة أنّ عليّا خطب ذات يوم فقام رجل من تحت منبره فقال: يا أمير المؤمنين إنّى مررت بواد القرى فوجدت خالد بن عرفطة قد مات، فاستغفر له فقال عليه السّلام: ما مات و لا يموت حتّى يقود جيش ضلالة صاحب لوائه حبيب بن حمّاد، فقام رجل آخر من تحت المنبر فقال: يا أمير المؤمنين أنا حبيب بن حمّاد و انّي لك شيعة و محبّ، فقال: و أنت حبيب ابن حمّاد قال: نعم فقال له ثانية: و اللّه إنّك لحبيب بن حمّاد فقال اي و اللّه قال: أما و اللّه إنّك لحاملها و لتحملنّها و لتدخلنّ بها من هذا الباب، و أشار إلى باب الفيل بمسجد الكوفة، قال ثابت فو اللّه مامتّ حتّى رأيت ابن زياد و قد بعث عمر بن سعد إلى الحسين بن عليّ و جعل خالد بن عرفطة على مقدّمته، و حبيب بن حمّاد صاحب رايته، و دخل بها من باب الفيل.

و روى عثمان بن سعيد، عن يحيى التّميمى عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجا قال قام أعشي باهله و هو غلام يومئذ حدث إلى علّي و هو يخطب و يذكر الملاحم، فقال: يا أمير المؤمنين ما أشبه هذا الحديث بحديث الخرافة، فقال: إن كنت آثما فيما قلت يا غلام فرماك اللّه بغلام ثقيف ثمّ سكت، فقال رجال: و من غلام ثقيف يا أمير المؤمنين قال: غلام يملك بلدتكم هذه لا يترك للّه حرمة إلّا انتهكها يضرب عنق هذا الغلام بسيفه.

فقالوا: كم يملك يا أمير المؤمنين قال: عشرين إن بلغها، قالوا فيقتل قتلا أم يموت موتا، قال: بل يموت حتف أنفه بداء البطن يثقب مريره لكثرة ما يخرج، قال اسماعيل بن رجا: فو اللّه لقد رأيت بعيني أعشى باهلة و قد احضر في جملة الاسرى الذين اسروا من جيش عبد الرّحمن بن محمّد بن الأشعث بين يدي الحجاج، فقرعه و ذبحه و استنشده شعره الذي يحرض فيه عبد الرّحمن على الحرب، ثمّ ضرب عنقه في ذلك المجلس.

و روى إبراهيم بن ميمون الأزدي عن حبّة العرنى قال: كان جويرية بن مسهر العبدي صالحا، و كان لعليّ بن أبى طالب صديقا، و كان عليّ يحبّه، و كان له شدّة اختصاص به حتّى دخل على عليّ يوما و هو مضطجع و عنده قوم من أصحابه، فناداه جويرية أيّها النّائم استيقظ فلتضر بنّ على رأسك ضربة تخضب منها لحيتك، قال: فتبسّم أمير المؤمنين عليه السّلام قال: و أحدّثك يا جويرية بأمرك أما و الذي نفسي بيده لتعتلنّ إلى العتلّ الزّنيم فليقطعنّ يدك و رجلك و ليصلّبنك تحت جذع كافر، قال: فو اللّه ما مضت الأيّام على ذلك حتّى أخذ زياد جويرية، فقطع يده و رجله و صلبه إلى جانب جذع ابن مكعبر، و كان جذعا طويلا فصلبه على جذع

قصير إلى جانبه.

و عن كتاب الغارات عن أحمد بن الحسن الميثمي قال: كان ميثم التّمار مولى عليّ بن أبى طالب عبدا لا مرئة من بني أسد، فاشتراه عليّ منها و أعتقه، و قال له ما اسمك فقال: سالم فقال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أخبرني أنّ اسمك الذي سمّاك به أبوك في العجم ميثم، فقال: صدق اللّه و صدق رسوله و صدقت يا أمير المؤمنين فهو و اللّه اسمي قال: فارجع إلى اسمك و دع سالما فنحن نكنّيك به فكنّاه أبا سالم.

قال: و قد كان قد اطلعه عليّ عليه السّلام على علم كثير و أسرار خفيّة من أسرار الوصيّة، فكان ميثم يحدّث ببعض ذلك فيشكّ فيه قوم من أهل الكوفة و ينسبون عليا في ذلك إلى المخرفة و الايهام و التّدليس.

حتّى قال له يوما بمحضر من خلق كثير من أصحابه و فيهم الشّاك و المخلص: يا ميثم إنّك تؤخذ بعدي و تصلب، فاذا كان اليوم الثّاني ابتدر منخراك و فمك دما حتّى يخضب لحيتك، فاذا كان اليوم الثّالث طعنت بحربة يقضى عليك، فانتظر ذلك، و الموضع الذي تصلب فيه نخلة على باب دار عمرو بن حريث، إنّك لعاشر عشرة أنت أقصرهم خشبة و أقربهم من المطهرة يعنى الأرض، و لارينّك النّخلة التي تصلب على جذعها، ثمّ أراه إيّاها بعد ذلك بيومين.

و كان ميثم يأتيها فيصلّي عندها و يقول: بوركت من نخلة، لك خلقت، ولي نبتّ، فلم يزل يتعاهدها بعد قتل عليّ عليه السّلام حتّى قطعت، فكان يرصد جذعها و يتعاهده و يتردّد إليه و يبصره، و كان يلقى عمرو بن حريث فيقول له: إنّى مجاورك فأحسن جواري، فلا يعلم ما يريد فيقول له: أ تريد أن تشترى دار ابن مسعود أم دار ابن حكيم قال: و حجّ في السّنة التي قتل فيها، فدخل على أمّ سلمة رضي اللّه عنها، فقالت له: من أنت قال: عراقيّ فاستنسبته فذكر لها أنّه مولى عليّ بن أبي طالب، فقالت: و أنت ميثم قال: أنا ميثم، فقالت: سبحان اللّه و اللّه لربما سمعت رسول اللّه يوصي بك عليّا في جوف الليل فسألها عن الحسين بن عليّ عليه السّلام فقالت: هو في حايط له،قال: أخبريه أنّي قد أحببت السلام عليه و نحن ملتقون عند ربّ العالمين إنشاء اللّه و لا اقدر اليوم على لقائه و أريد الرّجوع.

فدعت بطيب فطيب لحيته فقال لها: أما أنها ستخضب بدم فقالت: من أنباك هذا قال: أنبأني سيدي فبكت أمّ سلمة و قالت له: إنّه ليس بسيّدك وحدك و هو سيّدي و سيّد المسلمين ثمّ و دّعته.

فقدم الكوفة فاخذوا دخل على عبيد اللّه بن زياد، و قيل له: هذا كان من آثر النّاس عند أبي تراب، قال: و يحكم هذا الأعجمى قالوا: نعم، فقال له عبيد اللّه: أين ربك قال: بالمرصاد، قال: قد بلغنى اختصاص أبي تراب لك، قال: قد كان بعض ذلك فما تريد قال: و انّه ليقال إنّه قد أخبرك بما سيلقاك، قال نعم: أخبرني.

قال: ما الذي أخبرك أنّى صانع بك قال: أخبرني أنك تصلبني عاشر عشرة و أنا أقصرهم خشبة و أقربهم من المطهرة، قال: لاخالفنّه، قال: ويحك كيف تخالفه إنّما أخبر عن رسول اللّه، و أخبر رسول اللّه عن جبرئيل، و أخبر جبرئيل عن اللّه، فكيف تخالف هؤلاء أما و اللّه لقد عرفت الموضع الذي أصلب فيه أين هو من الكوفة، و إنّى لأوّل خلق اللّه الجم في الاسلام بلجام كما يلجم الخيل، فحبسه و حبس معه المختار بن أبي عبيدة الثقفي، فقال ميثم للمختار و هما في حبس ابن زياد: إنّك تفلت و تخرج ثائرا بدم الحسين فتقتل هذا الجبار الذي نحن في حبسه و تطاء بقدمك هذا على جبهته و خديه، فلما دعا عبيد اللّه بن زياد بالمختار ليقتله طلع البريد بكتاب يزيد بن معاوية إلى عبيد اللّه بن زياد يأمره بتخلية سبيله و ذاك أنّ اخته كانت تحت عبد اللّه بن عمر بن الخطاب، فسألت بعلها أن يشفع فيه إلى يزيد فشفع فأمضى شفاعته و كتب بتخلية سبيل المختار على البريد فوافى البريد و قد اخرج ليضرب عنقه فاطلق.

و أما ميثم فاخرج بعده ليصلب و قال عبيد اللّه لأمضينّ حكم أبي تراب فيك فلقاه رجل فقال له: ما كان أغناك عن هذا يا ميثم فتبسّم فقال و هو يؤمي إلى

النخلة لها خلقت ولي غذّيت، فلما رفع على الخشبة اجتمع النّاس حوله على باب عمرو ابن حريث، فقال عمرو: و لقد كان يقول لي إنّى مجاورك فكان يأمر جاريته كلّ عشيّة أن تكنس تحت خشبته و ترشّه و تجمر بالمجمر تحته.

فجعل ميثم يحدّث بفضايل بني هاشم و مخازي بنى أميّة و هو مصلوب على الخشبة فقيل لابن زياد: قد فضحكم هذا العبد، فقال: ألجموه، فالجم، فكان أوّل خلق اللّه ألجم في الاسلام، فلما كان اليوم الثاني فاضت منخراه و فمه دما، فلما كان اليوم الثالث طعن بحربة فمات، و كان قتله قبل قدوم الحسين عليه السّلام العراق بعشرة أيام.

و روى صاحب الغارات عن زياد بن النّصر الحارثى قال كنت عند زياد و قد اتى برشيد الهجرى و كان من خواصّ أصحاب عليّ عليه السّلام فقال له زياد: ما قال لك خليلك إنّا فاعلون بك قال: تقطعون يدي و رجلي و تصلبونني فقال زياد: أما و اللّه لأكذّبنّ حديثه خلّوا سبيله، فلما أراد أن يخرج قال: ردّوه لا نجد شيئا أصلح ممّا قال لك صاحبك، إنّك لا تزال تبغي لنا سوء إن بقيت، اقطعوا يديه و رجليه، فقطعوا يديه و رجليه و هو يتكلّم، فقال: اصلبوه خنقا في عنقه، فقال رشيد: قد بقي لي عندكم شي ء ما أراكم فعلتموه، فقال زياد: اقطعوا لسانه، فلما أخرجوا لسانه ليقطع قال: خلّوا عنّي أتكلّم كلمة، فنفسوا عنه، فقال: هذا و اللّه تصديق خبر أمير المؤمنين أخبرني بقطع لساني، فقطعوا لسانه و صلبوه.

و في البحار من كتاب كشف الغمة، من كتاب لطف التّدبير لمحمد بن عبد اللّه الخطيب قال: حكي أنّ معاوية بن أبي سفيان قال لجلسائه بعد الحكومة: كيف لنا أن نعلم ما تؤل إليه العاقبة في أمرنا، قال جلساؤه: ما نعلم لذلك وجها، قال: فأنا استخرج علم ذلك من عليّ فانّه لا يقول الباطل.

فدعا ثلاثة رجال من ثقاته و قال لهم امضوا حتّى تصيروا جميعا من الكوفة على مرحلة، ثمّ تواطئوا على أن تنعوني بالكوفة و ليكن حديثكم واحد في ذكر العلّة و اليوم و الوقت و موضع القبر و من تولّى الصلاة عليه و غير ذلك حتى لا تختلفوا

في شي ء ثمّ ليدخل أحدكم فليخبر بوفاتي، ثمّ ليدخل الثاني فيخبر بمثله، ثمّ ليدخل الثّالث فليخبر بمثل خبر صاحبه و انظروا ما يقول عليّ.

فخرجوا كما أمرهم معاوية ثمّ دخل أحدهم و هو راكب مغذّ شاحب فقال له النّاس بالكوفة: من أين جئت قال: من الشّام قالوا له: ما الخبر قال: مات معاوية، فأتوا عليّا عليه السّلام فقالوا رجل راكب من الشّام يخبر بموت معاوية فلم يحفل عليّ عليه السّلام بذلك، ثمّ دخل آخر من الغد و هو مغذّ فقال له النّاس: ما الخبر فقال: مات معاوية و خبر بمثل ما خبر صاحبه، فأتوا عليّا عليه السّلام فقالوا: رجل راكب يخبر بموت معاوية بمثل ما أخبر صاحبه و لم يختلف كلامهما، فأمسك عليّ عليه السّلام ثمّ دخل الآخر في اليوم الثّالث فقال النّاس: ما وراك قال: مات معاوية، فسألوه عمّا شاهد فلم يخالف قول صاحبيه، فأتوا عليّا فقالوا: يا أمير المؤمنين صحّ الخبر هذا راكب ثالث قد خبر بمثل ما خبر صاحباه.

فلمّا أكثروا عليه قال عليّ صلوات اللّه عليه، كلّا أو تخضب هذه من هذه يعني لحيته من هامته و يتلاعب بها ابن آكلة الاكباد، فرجع الخبر بذلك إلى معاوية هذا.

و الأنباء الغيبية منه عليه السّلام متجاوزة عن حدّ الاحصاء، و لو أردنا أن نجمع منها ما يسعها الطاقة و تناولها يد التّتبّع لصار كتابا كبير الحجم، و يأتي بعض منها في تضاعيف الشّرح، و منها إخباره بغرق البصرة و من في ضمنها و بقاء مسجدها كجؤجؤ سفينة في لجّة بحر على ما مرّ إليه الاشارة في كلامه الحادى عشر.

الثاني

اختلف الشّرّاح في الرّجل الذي أخبر عليه السّلام بظهوره على أهل الكوفة فقيل: هو زياد بن ابيه، و قيل: الحجاج بن يوسف، و قيل المغيرة بن شعبة، و الأكثرون على أنّ المراد به معاوية بن ابي سفيان، لاتّصافه بما وصفه عليه السّلام به من النّهم و كثرة

الأكل، و كان بطينا يقعد بطنه إذا جلس على فخذيه، و كان جوادا بالمال و الصّلاة و بخيلا على الأكل و الطعام.

يقال: إنّه مازح أعرابيا على طعامه و قد قدم بين يديه خروف، فأمعن الاعرابي في أكله فقال له ما ذنبه اليك انطحك أبوه، فقال الأعرابى (للأعرابى): و ما حنوك عليه أرضعتك أمّه، و قد روى أنّه كان يأكل فيكبر ثمّ يقول: ارفعوا فو اللّه ما شبعت و لكن مللت و تعبت.

قال في شرح المعتزلي تظاهرت الأخبار أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله دعا على معاوية لمّا بعث إليه يستدعيه فوجده يأكل ثمّ بعث فوجده يأكل فقال: اللهمّ لا تشبع بطنه قال الشّاعر:

  • و صاحب لي بطنه كالهاويةكانّ في أمعائه معاوية

و يدلّ على ما ذكرنا من أنّ مراده عليه السّلام بالرّجل الموصوف معاوية قوله: أما أنّه سيأمركم بسبّي و البراءة منّي، فانّ غيره ممّن ذكرنا و إن كان يأمر بالبرائة و السّب أيضا إلّا أنّ هذا الملعون ابن الملعون قد أخذ ذلك شعارا له، و قد أمر النّاس بالشّام و العراق بسبّه و البراءة منه، و خطب بذلك على منابر الاسلام حتّى صار ذلك سنة في أيام بني أميّة على ما يأتي تفصيله في شرح الكلام السّابع و التسعين إلى أن قام عمر بن عبد العزيز، فأزاله.

روى الجاحظ أنّ قوما من بني امية قالوا لمعاوية يا أمير المؤمنين إنك قد بلغت ما أملت فلو كففت عن لعن هذا الرّجل، فقال: لا و اللّه حتّى يربو عليها الصغير و يهرم عليها الكبير و لا يذكر له ذاكر فضلا.

و أمّا السّبب في منع عمر بن عبد العزيز عن ذلك فهو على ما روى عنه أنّه قال: كنت غلاما أقرء القرآن على بعض ولد عتبة بن مسعود، فمرّ بي يوما و أنا ألعب مع الصّبيان و نحن نلعن عليا، فكره ذلك و دخل المسجد فتركت الصّبيان و جئت إليه لادرس عليه وردى، فلمّا رءانى قام و صلّى و أطال في الصّلاة شبه المعرض عنّى حتّى أحسست منه بذلك فلمّا انفتل من صلاته كلح في وجهى، فقلت له: مابال الشّيخ، فقال لي: يا بنىّ أنت اللاعن عليّا منذ اليوم، قلت: نعم، قال: فمتى علمت أنّ اللّه سخط على أهل بدر بعد أن رضي عنهم فقلت: يا ابه و هل كان عليّ من أهل بدر فقال: ويحك و هل كان بدر كلّها إلّا له، فقلت: لا أعود، فقال: اللّه انك لا تعود، قلت: نعم، فلم العنه بعدها ثمّ كنت احضر تحت منبر المدينة و أبي يخطب يوم الجمعة و هو حينئذ أمير المدينة فكنت أسمع يمرّ في خطبه حتّى تهدر شقاشقه حتّى يأتي إلى لعن عليّ فيجمجم و يعرض له من الفهاهة و الحصر ما اللّه عالم به، فكنت أعجب من ذلك فقلت له يوما: أنت أفصح النّاس و أخطبهم فما بالى أراك أفصح خطيب يوم حفلك و إذا مررت بلعن هذا الرّجل صرت ألكن عييّا فقال: يا بنيّ إنّ من ترى تحت منبرنا من أهل الشّام و غيرهم لو علموا من فضل هذا الرّجل ما يعلمه أبوك لم يتبعنا منهم أحد، فوقرت كلمته في صدرى مع ما كان قال لي معلمي ايام صغرى، فأعطيت اللّه عهدا لئن كان لي في هذا الأمر نصيب لاغيّرن، فلما منّ اللّه علىّ بالخلافة أسقطت ذلك و جعلت مكانه: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَ يَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ و كتبت به إلى الآفاق فصار سنّة و عن مروج الذهب جعل مكانه: رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَ لا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ و في هذا المعنى قال السّيد الرّضى رحمة اللّه عليه:

  • يابن عبد العزيز لو بكت العينفتا من أميّة لبكيتك
  • غير انّي أقول إنّك قد طبت و إن لم يطب و لم يزك بيتك
  • أنت نزّهتنا عن السّبّ و القذففلو أمكن الجزاء جزيتك
  • و لو إنّي رأيت قبرك لاستحييت من أن أرى و ما حيّيتك
  • و قليل أن لو بذلت دماء البدنصردا على الذي اسقيتك
  • دير سمعان فيك نادى أبي حفص يؤدي لو انني اوتيتك
  • دير سمعان لا أعبك غيثخير ميت من آل مروان ميتك
  • أنت بالذكر بين عيني و قلبى إن تدا نيت منك أو إن نأيتك
  • و عجبت إنّي قليت بني مروانكلّا و أنّنى ما قليتك
  • قرب العدل منك لما نأى الجورمنهم فاحتويتهم و اجتبيتك
  • فلو انّى ملكت دفعا لما نابكمن طارق الرّدى لفديتك

الثالث

لقائل أن يقول: ما الفرق بين السّبّ و التبرّى حيث رخّص في الأوّل و نهى عن الثاني مع أنّ السّبّ أفحش من التبرّى قال الشّارح المعتزلي: لأنّ هذه اللفظة ما وردت في القرآن العزيز إلّا عن المشركين ألا ترى إلى قوله:

بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.

و قال تعالى: وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى فقد صارت بحسب العرف الشّرعي مطلقة على المشركين خاصّة، فاذن يحمل هذا النّهى على ترجيح تحريم لفظ البراءة على لفظ السّبّ و إن كان حكمهما واحدا أقول و التحقيق في الجواب ما ذكره الشّارح البحراني حيث قال: إنّ السّبّ من صفات القول اللساني و هو أمر يمكن ايقاعه من غير اعتقاده مع احتماله التّعريض و مع ما يشتمل عليه من حقن دماء المأمورين و نجاتهم بامتثال الأمر به و أمّا التبرّء فليس بصفة قوليّة فقط بل يعود إلى المجانبة القلبيّة و المعاداة و البغض و هو المنهىّ عنه ههنا، فانّه أمر باطن يمكنهم الانتهاء عنه و لا يلحقهم بسبب تركه و عدم امتثال الأمر به ضرر، و كأنّه لحظ فيه قوله تعالى إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَ لكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ الآية.

و محصّله ارجاع النّهى عن التبريّ فى قوله: و لا تتبرّؤا، على التّبرّى بالقلب دون التّبرّى بمجرّد اللسان مع اطمينان القلب بالايمان، و يدل على ذلك ما يأتي في حديث الطبيب اليوناني مع أمير المؤمنين عليه السّلام في شرح الفصل الأوّل من الخطبة المأة و السّابعة، من أمره عليه السّلام له باظهار التّبرّى في مقام التّقية، و يستفاد من بعض الأخبار أنّ ترك كلمة الكفر و الصّبر على القتل أفضل من التقيّة و هو ما رواه المحدّث الجزائرى.

قال في زهر الرّبيع: روى أنّ مسيلمة الكذّاب أخذ رجلين من المسلمين فقال لأحدهما: ما تقول في محمّد قال: رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: فما تقول فيّ قال: أنت أيضا، فخلاه، و قال للآخر فما تقول في محمّد قال: رسول اللّه، قال: فما تقول فيّ قال: أنا أصمّ، فأعاد عليه ثلاثا، فأعاد جوابه الأوّل فقتله، فبلغ ذلك رسول اللّه

فقال: أمّا الأوّل فقد أخذ برخصة اللّه، و أمّا الثّاني فقد صدع بالحقّ فهنيئا له

شرح لاهیجی

و من كلام له (علیه السلام) لاصحابه يعنى از كلام امير المؤمنين (علیه السلام) است از براى اصحاب خود امّا انّه سيظهر عليكم بعدى رجل رحب البلعوم مندحق البطن يأكل ما يجد و يطلب ما لا يجد فاقتلوه و لن تقتلوه يعنى بيقين و تحقيق كه زود باشد كه غالب شود بر شما بعد از من مردى واسع و گشاده حلقوم شكم بزرگ مى خورد هر چيزى را كه بيابد و خواهان مى شود آن چيزى را كه نيابد پس بكشيد او را و حال آن كه هرگز نخواهيد كشت او را و اين حكم قطعى و مطابق واقع است و منافى با امر بنقيض نباشد زيرا كه اخبار موجب وجوب و اجبار نشود زيرا كه شي ء باسبابش واجبست نه باخبار و دفع شبهه اين كه اگر واقع نشود لازم ميايد كه مخبر صادق كاذب باشد آنست كه علّيت مقدّم از براى تالى لازم ندارد علّيت رفع تالى از براى رفع مقدّم را بلكه رفع تالى دليلست بر رفع مقدّم و مستلزم است رفع او را پس اگر چه عدم وقوع علّت كذب باشد امّا عدم كذب علّت وقوع نيست بلكه دليل است بر وقوع و ايقاع امر بمتمرّدين از قبيل ايقاع اكل است از براى شبع و غرض دفع شبهه اخبار است نه ساير شبهات اجبار و در تعيين آن شكم بزرگ در ميان ارباب سير و تواريخ اختلافست و شايد كه معويه باشد كه بنفرين پيغمبر (صلی الله علیه وآله) مبتلا بمرض جوع بوده كه اكل مى كرده و مى گفته كه برداريد خوان را و اللّه كه سير نشدم امّا خسته شدم و او امر كرد به سبّ و تبرّى و شايع شد تا اين كه عمر عبد العزيز منع كرد الا و انّه سيأمركم بسبّى و البراءة منّى فامّا السّبّ فسبّونى فانّه لى زكاة و لكم نجاة يعنى بتحقيق كه امر ميكند شما را بناسزا و دشنام من و به بيزارى از من و امّا ناسزا پس بگوئيد بزبان بتقريب اين كه از براى من بلندى و ارتفاع درجه است نزد خدا و از براى شما نجات و خلاص است از شرّ او و در دفع محذور بر زبان محذورى نيست و امّا البراءة منّى فلا تتبرّؤا منّى فانّى ولدت من الفطرة و سبقت الى الايمان و الهجرة يعنى و امّا بيزارى قلبى از من پس البتّه بيزار از من نشويد از روى اعتقاد قلبى زيرا كه ولايت و محبّت من شرط تمام اعتقادات و عباداتست و عداوت و برائت من رأس همه معاصى و عقوبات است نظر بحديث نبوى صلّى اللّه عليه و آله كه حبّ علىّ حسنة لا يضرّ معها سيّئة و بغض علىّ سيّئة لا ينفع معها حسنة و نظر بدعاى مستجاب الدّعوة اللّهمّ وال من والاه و عاد من عاداه و كسيرا كه خدا دوست او باشد چه باك دارد و كسى كه خدا دشمن او باشد چه عذاب و هلاك كه ندارد و از جهة اين كه من مولود شدم بر ملازمت و تربيت و تكميل فطرت و اسلام ديگران و هر مولودى مولود شد بر بودن با اسلام و من مولود شدم بر تربيت اسلام ايشان و تكميل دين و ايمان ايشان بتقريب اين كه متولّد شدم بر هدايت خلق و تربيت دين و ايمان خلق از جانب خدا و هر كه بيزارى از هادى خدا جست بيزارى از خدا جسته بيقين و بيزارى از خدا كفر است و كفر در هيچ حال مجوّز نيست و نيز من مقدّم باشم بالذّات بر ايمان مؤمنين و هجرت ايشان بسوى خداى (- تعالى- ) زيرا كه تولّاى من شرط اعتقادات ايشان و سلوك ايشانست راه خدا را و من هادى و قائد ايشان باشم و بدون من و با بيزارى از من اعتقادات ايشان خلاف واقع و سلوك و رفتار انها بر غير شارع باشد و منم شهر علم را در و منم سالك راه حقّ را راهبر و منم هادى سبل و منم امام جزو و كل پس برائة من مرخّص نباشد

شرح ابن ابی الحدید

و من كلام له ع لأصحابه

أَمَا إِنَّهُ سَيَظْهَرُ عَلَيْكُمْ بَعْدِي رَجُلٌ رَحْبُ الْبُلْعُومِ مُنْدَحِقُ الْبَطْنِ يَأْكُلُ مَا يَجِدُ وَ يَطْلُبُ مَا لَا يَجِدُ فَاقْتُلُوهُ وَ لَنْ تَقْتُلُوهُ أَلَا وَ إِنَّهُ سَيَأْمُرُكُمْ بِسَبِّي وَ الْبَرَاءَةِ مِنِّي فَأَمَّا السَّبُّ فَسُبُّونِي فَإِنَّهُ لِي زَكَاةٌ وَ لَكُمْ نَجَاةٌ وَ أَمَّا الْبَرَاءَةُ فَلَا تَتَبَرَّءُوا مِنِّي فَإِنِّي وُلِدْتُ عَلَى الْفِطْرَةِ وَ سَبَقْتُ إِلَى الْإِيمَانِ وَ الْهِجْرَةِ مندحق البطن بارزها و الدحوق من النوق التي يخرج رحمها عند الولادة و سيظهر سيغلب و رحب البلعوم واسعه . و كثير من الناس يذهب إلى أنه ع عنى زيادا و كثير منهم يقول إنه عنى الحجاج و قال قوم إنه عنى المغيرة بن شعبة و الأشبه عندي أنه عنى معاوية لأنه كان موصوفا بالنهم و كثرة الأكل و كان بطينا يقعد بطنه إذا جلس على فخذيه و كان معاوية جوادا بالمال و الصلات و بخيلا على الطعام يقال إنه مازح أعرابيا على طعامه و قد قدم بين يديه خروف فأمعن الأعرابي في أكله فقال له ما ذنبه إليك أ نطحك أبوه فقال الأعرابي و ما حنوك عليه أ أرضعتك أمه . و قال لأعرابي يأكل بين يديه و قد استعظم أكله أ لا أبغيك سكينا فقال كل امرئ سكينه في رأسه فقال ما اسمك قال لقيم قال منها أتيت . كان معاوية يأكل فيكثر ثم يقول ارفعوا فو الله ما شبعت و لكن مللت و تعبت . تظاهرت الأخبار

أن رسول الله ص دعا على معاوية لما بعث إليه يستدعيه فوجده يأكل ثم بعث فوجده يأكل فقال اللهم لا تشبع بطنه

قال الشاعر

  • و صاحب لي بطنه كالهاويةكأن في أحشائه معاوية

و في هذا الفصل مسائل الأولى في تفسير قوله ع فاقتلوه و لن تقتلوه فنقول إنه لا تنافي بين الأمر بالشي ء و الإخبار عن أنه لا يقع كما أخبر الحكيم سبحانه عن أن أبا لهب لا يؤمن و أمره بالإيمان و كما قال تعالى فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ثم قال وَ لا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً و أكثر التكليفات على هذا المنهاج

مسألة كلامية في الأمر بالشي ء مع العلم بأنه لا يقع

و اعلم أن أهل العدل و المجبرة لم يختلفوا في أنه تعالى قد يأمر بما يعلم أنه لا يقع أو يخبر عن أنه لا يقع و إنما اختلفوا هل يصح أن يريد ما يعلم أنه لا يقع أو يخبر عنه أنه لا يقع فقال أصحابنا يصح ذلك و قال المجبرة لا يصح لأن إرادة ما يعلم المريد أنه لا يقع قضية متناقضة لأن تحت قولنا أراد مفهوم أن ذلك المراد مما يمكن حصوله لأن إرادة المحال ممتنعة و تحت قولنا إنه يعلم أنه لا يقع مفهوم أن ذلك المراد مما لا يمكن حصوله لأنا قدفرضنا أنه لا يقع و ما لا يقع لا يمكن حصوله مع فرض كونه لا يقع فقال لهم أصحابنا هذا يلزمكم في الأمر لأنكم قد أجزتم أن يأمر بما يعلم أنه لا يقع فقالوا في الجواب نحن عندنا أنه يأمر بما لا يريد فإذا أمر بما يعلم أنه لا يقع أو يخبر عن أنه لا يقع كان ذلك الأمر أمرا عاريا عن الإرادة و المحال إنما نشأ من إرادة ما علم المريد أنه لا يقع و هاهنا لا إرادة . فقيل لهم هب أنكم ذهبتم إلى أن الأمر قد يعرى من الإرادة مع كونه أمرا أ لستم تقولون أن الأمر يدل على الطلب و الطلب شي ء آخر غير الإرادة و تقولون إن ذلك الطلب قائم بذات البارئ فنحن نلزمكم في الطلب القائم بذات البارئ الذي لا يجوز أن يعرى الأمر منه ما ألزمتمونا في الإرادة . و نقول لكم كيف يجوز أن يطلب الطالب ما يعلم أنه لا يقع أ ليس تحت قولنا طلب مفهوم أن ذلك المطلوب مما يمكن وقوعه فالحال في الطلب كالحال في الإرادة حذو النعل بالنعل و لنا في هذا الموضع أبحاث دقيقة ذكرناها في كتبنا الكلامية

فصل فيما روي من سب معاوية و حزبه لعلي

المسألة الثانية في قوله ع يأمركم بسبي و البراءة مني فنقول إن معاوية أمر الناس بالعراق و الشام و غيرهما بسب علي ع و البراءة منه . و خطب بذلك على منابر الإسلام و صار ذلك سنة في أيام بني أمية إلى أن قام عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه فأزاله و ذكر شيخنا أبو عثمان الجاحظ أن معاوية كان يقول في آخر خطبة الجمعة اللهم إن أبا تراب ألحد في دينك و صد عن سبيلك فالعنه لعنا وبيلا و عذبه عذابا أليما و كتب بذلك إلى الآفاق فكانت هذه الكلمات يشار بها على المنابر إلى خلافة عمر بن عبد العزيز . و ذكر أبو عثمان أيضا أن هشام بن عبد الملك لما حج خطب بالموسم فقام إليه إنسان فقال يا أمير المؤمنين إن هذا يوم كانت الخلفاء تستحب فيه لعن أبي تراب فقال اكفف فما لهذا جئنا . و ذكر المبرد في الكامل أن خالد بن عبد الله القسري لما كان أمير العراق في خلافة هشام كان يلعن عليا ع على المنبر فيقول اللهم العن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم صهر رسول الله ص على ابنته و أبا الحسن و الحسين ثم يقبل على الناس فيقول هل كنيت . و روى أبو عثمان أيضا أن قوما من بني أمية قالوا لمعاوية يا أمير المؤمنين إنك قد بلغت ما أملت فلو كففت عن لعن هذا الرجل فقال لا و الله حتى يربو عليه الصغير و يهرم عليه الكبير و لا يذكر له ذاكر فضلا . و قال أبو عثمان أيضا و ما كان عبد الملك مع فضله و أناته و سداده و رجحانه ممن يخفى عليه فضل علي ع و أن لعنه على رءوس الأشهاد و في أعطاف الخطب و على صهوات المنابر مما يعود عليه نقصه و يرجع إليه وهنه لأنهما جميعا من بني عبد مناف و الأصل واحد و الجرثومة منبت لهما و شرف علي ع و فضله عائد عليه و محسوب له و لكنه أراد تشييد الملك و تأكيد ما فعله الأسلاف و أن يقرر في أنفس الناس أن بني هاشم لا حظ لهم في هذا الأمر و أن سيدهم الذي به يصولون و بفخره يفخرون هذا حاله و هذا مقداره فيكون من ينتمي إليه و يدلي به عن الأمر أبعد و عن الوصول إليه أشحط و أنزح . و روى أهل السيرة أن الوليد بن عبد الملك في خلافته ذكر عليا ع فقال لعنه الله بالجر كان لص ابن لص . فعجب الناس من لحنه فيما لا يلحن فيه أحد و من نسبته عليا ع إلى اللصوصية و قالوا ما ندري أيهما أعجب و كان الوليد لحانا . و أمر المغيرة بن شعبة و هو يومئذ أمير الكوفة من قبل معاوية حجر بن عدي أن يقوم في الناس فليلعن عليا ع فأبى ذلك فتوعده فقام فقال أيها الناس إن أميركم أمرني أن ألعن عليا فالعنوه فقال أهل الكوفة لعنه الله و أعاد الضمير إلى المغيرة بالنية و القصد . و أراد زياد أن يعرض أهل الكوفة أجمعين على البراءة من علي ع و لعنه و أن يقتل كل من امتنع من ذلك و يخرب منزله فضربه الله ذلك اليوم بالطاعون فمات لا رحمه الله بعد ثلاثة أيام و ذلك في خلافة معاوية . و كان الحجاج لعنه الله يلعن عليا ع و يأمر بلعنه و قال له متعرض به يوما و هو راكب أيها الأمير إن أهلي عقوني فسموني عليا فغير اسمي و صلني بما أتبلغ به فإني فقير فقال للطف ما توصلت به قد سميتك كذا و وليتك العمل الفلاني فاشخص إليه . فأما عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فإنه قال كنت غلاما أقرأ القرآن على بعض ولد عتبة بن مسعود فمر بي يوما و أنا ألعب مع الصبيان و نحن نلعن عليا .

فكره ذلك و دخل المسجد فتركت الصبيان و جئت إليه لأدرس عليه وردي فلما رآني قام فصلى و أطال في الصلاة شبه المعرض عني حتى أحسست منه بذلك فلما انفتل من صلاته كلح في وجهي فقلت له ما بال الشيخ فقال لي يا بني أنت اللاعن عليا منذ اليوم قلت نعم قال فمتى علمت أن الله سخط على أهل بدر بعد أن رضي عنهم فقلت يا أبت و هل كان علي من أهل بدر فقال ويحك و هل كانت بدر كلها إلا له فقلت لا أعود فقال الله أنك لا تعود قلت نعم فلم ألعنه بعدها ثم كنت أحضر تحت منبر المدينة و أبي يخطب يوم الجمعة و هو حينئذ أمير المدينة فكنت أسمع أبي يمر في خطبه تهدر شقاشقه حتى يأتي إلى لعن علي ع فيجمجم و يعرض له من الفهاهة و الحصر ما الله عالم به فكنت أعجب من ذلك فقلت له يوما يا أبت أنت أفصح الناس و أخطبهم فما بالي أراك أفصح خطيب يوم حفلك حتى إذا مررت بلعن هذا الرجل صرت ألكن عليا فقال يا بني إن من ترى تحت منبرنا من أهل الشام و غيرهم لو علموا من فضل هذا الرجل ما يعلمه أبوك لم يتبعنا منهم أحد فوقرت كلمته في صدري مع ما كان قاله لي معلمي أيام صغري فأعطيت الله عهدا لئن كان لي في هذا الأمر نصيب لأغيرنه فلما من الله علي بالخلافة أسقطت ذلك و جعلت مكانه إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَ يَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ و كتب به إلى الآفاق فصار سنة . و قال كثير بن عبد الرحمن يمدح عمر و يذكر قطعه السب

  • وليت فلم تشتم عليا و لم تخفبريا و لم تقبل إساءة مجرم
  • و كفرت بالعفو الذنوب مع الذي أتيت فأضحى راضيا كل مسلم
  • ألا إنما يكفي الفتى بعد زيغهمن الأود البادي ثقاف المقوم
  • و ما زلت تواقا إلى كل غايةبلغت بها أعلى العلاء المقدم
  • فلما أتاك الأمر عفوا و لم يكنلطالب دنيا بعده من تكلم
  • تركت الذي يفنى لأن كان بائداو آثرت ما يبقى برأي مصمم

. و قال الرضي أبو الحسن رحمه الله تعالى

  • يا ابن عبد العزيز لو بكت العينفتى من أمية لبكيتك
  • غير أني أقول أنك قد طبت و إن لم يطب و لم يزك بيتك
  • أنت نزهتنا عن السب و القذففلو أمكن الجزاء جزيتك
  • و لو أني رأيت قبرك لاستحييت من أن أرى و ما حييتك
  • و قليل أن لو بذلت دماءالبدن صرفا على الذرا و سقيتك
  • دير سمعان فيك مأوى أبي حفص بودي لو أنني آويتك
  • دير سمعان لا أغبك غيثخير ميت من آل مروان ميتك
  • أنت بالذكر بين عيني و قلبي إن تدانيت منك أو إن نأيتك
  • و إذا حرك الحشا خاطر منكتوهمت أنني قد رأيتك
  • و عجيب أني قليت بني مروان طرا و أنني ما قليتك
  • قرب العدل منك لما نأى الجوربهم فاجتويتهم و اجتبيتك
  • فلو أني ملكت دفعا لما نابك من طارق الردى لفديتك

و روى ابن الكلبي عن أبيه عن عبد الرحمن بن السائب قال قال الحجاج يوما لعبد الله بن هانئ و هو رجل من بني أود حي من قحطان و كان شريفا في قومه قد شهد مع الحجاج مشاهده كلها و كان من أنصاره و شيعته و الله ما كافأتك بعد ثم أرسل إلى أسماء بن خارجة سيد بني فزارة أن زوج عبد الله بن هانئ بابنتك فقال لا و الله و لا كرامة فدعا بالسياط فلما رأى الشر قال نعم أزوجه ثم بعث إلى سعيد بن قيس الهمداني رئيس اليمانية زوج ابنتك من عبد الله بن أود فقال و من أود لا و الله لا أزوجه و لا كرامة فقال علي بالسيف فقال دعني حتى أشاور أهلي فشاورهم فقالوا زوجه و لا تعرض نفسك لهذا الفاسق فزوجه فقال الحجاج لعبد الله قد زوجتك بنت سيد فزارة و بنت سيد همدان و عظيم كهلان و ما أود هناك فقال لا تقل أصلح الله الأمير ذاك فإن لنا مناقب ليست لأحد من العرب قال و ما هي قال ما سب أمير المؤمنين عبد الملك في ناد لنا قط قال منقبة و الله قال و شهد منا صفين مع أمير المؤمنين معاوية سبعون رجلا ما شهد منا مع أبي تراب إلا رجل واحد و كان و الله ما علمته امرأ سوء قال منقبة و الله قال و منا نسوة نذرن إن قتل الحسين بن علي أن تنحر كل واحدة عشر قلائص ففعلن قال منقبة و الله قال و ما منا رجل عرض عليه شتم أبي تراب و لعنه إلا فعل و زاد ابنيه حسنا و حسينا و أمهما فاطمة قال منقبة و الله قال و ما أحد من العرب له من الصباحة و الملاحة ما لنا فضحك الحجاج و قال أما هذه يا أبا هانئ فدعها و كان عبد الله دميما شديد الأدمة مجدورا في رأسه عجر مائل الشدق أحول قبيح الوجه شديد الحول . و كان عبد الله بن الزبير يبغض عليا ع و ينتقصه و ينال من عرضه .

و روى عمر بن شبة و ابن الكلبي و الواقدي و غيرهم من رواة السير أنه مكث أيام ادعائه الخلافة أربعين جمعة لا يصلي فيها على النبي ص و قال لا يمنعني من ذكره إلا أن تشمخ رجال بآنافها . و في رواية محمد بن حبيب و أبي عبيدة معمر بن المثنى أن له أهيل سوء ينغضون رءوسهم عند ذكره . و روى سعيد بن جبير أن عبد الله بن الزبير قال لعبد الله بن عباس ما حديث أسمعه عنك قال و ما هو قال تأنيبي و ذمي

فقال إني سمعت رسول الله ص يقول بئس المرء المسلم يشبع و يجوع جاره

فقال ابن الزبير إني لأكتم بغضكم أهل هذا البيت منذ أربعين سنة و ذكر تمام الحديث . و روى عمر بن شبة أيضا عن سعيد بن جبير قال خطب عبد الله بن الزبير فنال من علي ع فبلغ ذلك محمد بن الحنفية فجاء إليه و هو يخطب فوضع له كرسي فقطع عليه خطبته و قال يا معشر العرب شاهت الوجوه أ ينتقص علي و أنتم حضور إن عليا كان يد الله على أعداء الله و صاعقة من أمره أرسله على الكافرين و الجاحدين لحقه فقتلهم بكفرهم فشنئوه و أبغضوه و أضمروا له الشنف و الحسد و ابن عمه ص حي بعد لم يمت فلما نقله الله إلى جواره و أحب له ما عنده أظهرت له رجال أحقادها و شفت أضغانها فمنهم من ابتز حقه و منهم من ائتمر به ليقتله و منهم من شتمه و قذفه بالأباطيل فإن يكن لذريته و ناصري دعوته دولة تنشر عظامهم و تحفر على أجسادهم و الأبدان منهم يومئذ بالية بعد أن تقتل الأحياء منهم و تذل رقابهم فيكون الله عز اسمه قد عذبهم بأيدينا و أخزاهم و نصرنا عليهم و شفا صدورنا منهم إنه و الله ما يشتم عليا إلا كافر يسر شتم رسول الله ص و يخاف أن يبوح به

فيكني بشتم علي ع عنه أما إنه قد تخطت المنية منكم من امتد عمره و سمع

قول رسول الله ص فيه لا يحبك إلا مؤمن و لا يبغضك إلا منافق

وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ فعاد ابن الزبير إلى خطبته و قال عذرت بني الفواطم يتكلمون فما بال ابن أم حنيفة فقال محمد يا ابن أم رومان و ما لي لا أتكلم و هل فاتني من الفواطم إلا واحدة و لم يفتني فخرها لأنها أم أخوي أنا ابن فاطمة بنت عمران بن عائذ بن مخزوم جده رسول الله ص و أنا ابن فاطمة بنت أسد بن هاشم كافلة رسول الله ص و القائمة مقام أمه أما و الله لو لا خديجة بنت خويلد ما تركت في بني أسد بن عبد العزى عظما إلا هشمته ثم قام فانصرف

فصل في ذكر الأحاديث الموضوع خطبه 57 نهج البلاغهة في ذم علي

و ذكر شيخنا أبو جعفر الإسكافي رحمه الله تعالى و كان من المتحققين بموالاة علي ع و المبالغين في تفضيله و إن كان القول بالتفضيل عاما شائعا في البغداديين من أصحابنا كافة إلا أن أبا جعفر أشدهم في ذلك قولا و أخلصهم فيه اعتقادا أن معاوية وضع قوما من الصحابة و قوما من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي ع تقتضي الطعن فيه و البراءة منه و جعل لهم على ذلك جعلا يرغب في مثله فاختلقوا ما أرضاه منهم أبو هريرة و عمرو بن العاص و المغيرة بن شعبة و من التابعين عروة بن الزبير .

روى الزهري أن عروة بن الزبير حدثه قال حدثتني عائشة قالت كنت عند

رسول الله إذ أقبل العباس و علي فقال يا عائشة إن هذين يموتان على غير ملتي أو قال ديني

. و روى عبد الرزاق عن معمر قال كان عند الزهري حديثان عن عروة عن عائشة في علي ع فسألته عنهما يوما فقال ما تصنع بهما و بحديثهما الله أعلم بهما إني لأتهمهما في بني هاشم . قال فأما الحديث الأول فقد ذكرناه و أما الحديث الثاني فهو أن عروة زعم أن عائشة حدثته

قالت كنت عند النبي ص إذ أقبل العباس و علي فقال يا عائشة إن سرك أن تنظري إلى رجلين من أهل النار فانظري إلى هذين قد طلعا فنظرت فإذا العباس و علي بن أبي طالب

. و أما عمرو بن العاص فروي عنه الحديث الذي أخرجه البخاري و مسلم في صحيحيهما مسندا متصلا بعمرو بن العاص

قال سمعت رسول الله ص يقول إن آل أبي طالب ليسوا لي بأولياء إنما وليي الله و صالح المؤمنين

و أما أبو هريرة: فروي عنه الحديث الذي معناه أن عليا ع خطب ابنة أبي جهل في حياة رسول الله ص فأسخطه فخطب على المنبر و قال لاها الله لا تجتمع ابنة ولي الله و ابنة عدو الله أبي جهل إن فاطمة بضعة مني يؤذيني ما يؤذيها فإن كان علي يريد ابنة أبي جهل فليفارق ابنتي و ليفعل ما يريد

أو كلاما هذا معناه و الحديث مشهور من رواية الكرابيسي . قلت هذا الحديث أيضا مخرج في صحيحي مسلم و البخاري عن المسور بن مخرمة الزهري و قد ذكره المرتضى في كتابه المسمى تنزيه الأنبياء و الأئمة و ذكر أنه رواية

حسين الكرابيسي و أنه مشهور بالانحراف عن أهل البيت ع و عداوتهم و المناصبة لهم فلا تقبل روايته . و لشياع هذا الخبر و انتشاره ذكره مروان بن أبي حفصة في قصيدة يمدح بها الرشيد و يذكر فيها ولد فاطمة ع و ينحي عليهم و يذمهم و قد بالغ حين ذم عليا ع و نال منه و أولها

  • سلام على جمل و هيهات من جملو يا حبذا جمل و إن صرمت حبلي

. يقول فيها

  • علي أبوكم كان أفضل منكمأباه ذوو الشورى و كانوا ذوي الفضل
  • و ساء رسول الله إذ ساء بنته بخطبته بنت اللعين أبي جهل
  • فذم رسول الله صهر أبيكمعلى منبر بالمنطق الصادع الفضل
  • و حكم فيها حاكمين أبوكم هما خلعاه خلع ذي النعل للنعل
  • و قد باعها من بعده الحسن ابنهفقد أبطلت دعواكم الرثة الحبل
  • و خليتموها و هي في غير أهلهاو طالبتموها حين صارت إلى أهل

و قد روي هذا الخبر على وجوه مختلفة و فيه زيادات متفاوتة فمن الناس من يروي فيه مهما ذممنا من صهر فإنا لم نذم صهر أبي العاص بن الربيع و من الناس من يروي فيه ألا إن بني المغيرة أرسلوا إلى علي ليزوجوه كريمتهم و غير ذلك . و عندي أن هذا الخبر لو صح لم يكن على أمير المؤمنين فيه غضاضة و لا قدح لأن

الأمة مجمعة على أنه لو نكح ابنة أبي جهل مضافا إلى نكاح فاطمة ع لجاز لأنه داخل تحت عموم الآية المبيحة للنساء الأربع فابنة أبي جهل المشار إليها كانت مسلمة لأن هذه القصة كانت بعد فتح مكة و إسلام أهلها طوعا و كرها و رواة الخبر موافقون على ذلك فلم يبق إلا أنه إن كان هذا الخبر صحيحا فإن رسول الله ص لما رأى فاطمة ع قد غارت و أدركها ما يدرك النساء عاتب عليا ع عتاب الأهل و كما يستثبت الوالد رأي الولد و يستعطفه إلى رضا أهله و صلح زوجته و لعل الواقع كان بعض هذا الكلام فحرف و زيد فيه و لو تأملت أحوال النبي ص مع زوجاته و ما كان يجري بينه و بينهن من الغضب تارة و الصلح أخرى و السخط تارة و الرضا أخرى حتى بلغ الأمر إلى الطلاق مرة و إلى الإيلاء مرة و إلى الهجر و القطيعة مرة و تدبرت ما ورد في الروايات الصحيحة مما كن يلقينه ع به و يسمعنه إياه لعلمت أن الذي عاب الحسدة و الشائنون عليا ع به بالنسبة إلى تلك الأحوال قطرة من البحر المحيط و لو لم يكن إلا قصة مارية و ما جرى بين رسول الله ص و بين تينك الامرأتين من الأحوال و الأقوال حتى أنزل فيهما قرآن يتلى في المحاريب و يكتب في المصاحف و قيل لهما ما لا يقال للإسكندر ملك الدنيا لو كان حيا منابذا لرسول الله ص وَ إِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَ جِبْرِيلُ وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ ثم أردف بعد ذلك بالوعيد و التخويف عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ الآيات بتمامها ثم ضرب لهما مثلا امرأة نوح و امرأة لوط اللتين خانتا بعليهما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً و تمام الآية معلوم فهل ما روي في الخبر من تعصب فاطمة على علي ع

و غيرتها من تعريض بني المغيرة له بنكاح عقيلتهم إذا قويس إلى هذه الأحوال و غيرها مما كان يجري إلا كنسبة التأفيف إلى حرب البسوس و لكن صاحب الهوى و العصبية لا علاج له . ثم نعود إلى حكاية كلام شيخنا أبي جعفر الإسكافي رحمه الله تعالى قال أبو جعفر و روى الأعمش قال لما قدم أبو هريرة العراق مع معاوية عام الجماعة جاء إلى مسجد الكوفة فلما رأى كثرة من استقبله من الناس جثا على ركبتيه ثم ضرب صلعته مرارا و قال يا أهل العراق أ تزعمون أني أكذب على الله و على رسوله و أحرق نفسي بالنار

و الله لقد سمعت رسول الله ص يقول إن لكل نبي حرما و إن حرمي بالمدينة ما بين عير إلى ثور فمن أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين

و أشهد بالله أن عليا أحدث فيها فلما بلغ معاوية قوله أجازه و أكرمه و ولاه أمارة المدينة . قلت أما قوله ما بين عير إلى ثور فالظاهر أنه غلط من الراوي لأن ثورا بمكة و هو جبل يقال له ثور أطحل و فيه الغار الذي دخله النبي ص و أبو بكر و إنما قيل أطحل لأن أطحل بن عبد مناف بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن عدنان كان يسكنه و قيل اسم الجبل أطحل فأضيف ثور إليه و هو ثور بن عبد مناف و الصواب ما بين عير إلى أحد . فأما قول أبي هريرة أن عليا ع أحدث في المدينة فحاش لله كان علي ع أتقى لله من ذلك و الله لقد نصر عثمان نصرا لو كان المحصور جعفر بن أبي طالب لم يبذل له إلا مثله . قال أبو جعفر و أبو هريرة مدخول عند شيوخنا غير مرضي الرواية ضربه عمر

بالدرة و قال قد أكثرت من الرواية و أحر بك أن تكون كاذبا على رسول الله ص . و روى سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم التيمي قال كانوا لا يأخذون عن أبي هريرة إلا ما كان من ذكر جنة أو نار . و روى أبو أسامة عن الأعمش قال كان إبراهيم صحيح الحديث فكنت إذا سمعت الحديث أتيته فعرضته عليه فأتيته يوما بأحاديث من حديث أبي صالح عن أبي هريرة فقال دعني من أبي هريرة إنهم كانوا يتركون كثيرا من حديثه . و قد روي عن علي ع أنه قال ألا إن أكذب الناس أو قال أكذب الأحياء على رسول الله ص أبو هريرة الدوسي . و روى أبو يوسف قال قلت لأبي حنيفة الخبر يجي ء عن رسول الله ص يخالف قياسنا ما تصنع به قال إذا جاءت به الرواة الثقات عملنا به و تركنا الرأي فقلت ما تقول في رواية أبي بكر و عمر فقال ناهيك بهما فقلت علي و عثمان قال كذلك فلما رآني أعد الصحابة قال و الصحابة كلهم عدول ما عدا رجالا ثم عد منهم أبا هريرة و أنس بن مالك . و روى سفيان الثوري عن عبد الرحمن بن القاسم عن عمر بن عبد الغفار أن أبا هريرة لما قدم الكوفة مع معاوية كان يجلس بالعشيات بباب كندة و يجلس الناس إليه فجاء شاب من الكوفة فجلس إليه فقال يا أبا هريرة أنشدك الله أ سمعت

رسول الله ص يقول لعلي بن أبي طالب اللهم وال من والاه و عاد من عاداه

فقال اللهم نعم قال فأشهد بالله لقد واليت عدوه و عاديت وليه ثم قام عنه .

و روت الرواة أن أبا هريرة كان يؤاكل الصبيان في الطريق و يلعب معهم و كان يخطب و هو أمير المدينة فيقول الحمد لله الذي جعل الدين قياما و أبا هريرة إماما يضحك الناس بذلك و كان يمشي و هو أمير المدينة في السوق فإذا انتهى إلى رجل يمشي أمامه ضرب برجليه الأرض و يقول الطريق الطريق قد جاء الأمير يعني نفسه . قلت قد ذكر ابن قتيبة هذا كله في كتاب المعارف في ترجمة أبي هريرة و قوله فيه حجة لأنه غير متهم عليه . قال أبو جعفر و كان المغيرة بن شعبة يلعن عليا ع لعنا صريحا على منبر الكوفة و كان بلغه عن علي ع في أيام عمر أنه قال لئن رأيت المغيرة لأرجمنه بأحجاره يعني واقعة الزناء بالمرأة التي شهد عليه فيها أبو بكرة و نكل زياد عن الشهادة فكان يبغضه لذاك و لغيره من أحوال اجتمعت في نفسه . قال و قد تظاهرت الرواية عن عروة بن الزبير أنه كان يأخذه الزمع عند ذكر علي ع فيسبه و يضرب بإحدى يديه على الأخرى و يقول و ما يغني أنه لم يخالف إلى ما نهي عنه و قد أراق من دماء المسلمين ما أراق . قال و قد كان في المحدثين من يبغضه ع و يروي فيه الأحاديث المنكرة منهم حريز بن عثمان كان يبغضه و ينتقصه و يروي فيه أخبارا مكذوبة و قد روى

المحدثون أن حريزا رؤي في المنام بعد موته فقيل له ما فعل الله بك قال كاد يغفر لي لو لا بغض علي . قلت قد روى أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة قال حدثني أبو جعفر بن الجنيد قال حدثني إبراهيم بن الجنيد قال حدثني محفوظ بن المفضل بن عمر قال حدثني أبو البهلول يوسف بن يعقوب قال حدثنا حمزة بن حسان و كان مولى لبني أمية و كان مؤذنا عشرين سنة و حج غير حجة و أثنى أبو البهلول عليه خيرا قال حضرت حريز بن عثمان و ذكر علي بن أبي طالب فقال ذاك الذي أحل حرم رسول الله ص حتى كاد يقع . قال محفوظ قلت ليحيي بن صالح الوحاظي قد رويت عن مشايخ من نظراء حريز فما بالك لم تحمل عن حريز قال إني أتيته فناولني كتابا فإذا فيه

حدثني فلان عن فلان إن النبي ص لما حضرته الوفاة أوصى أن تقطع يد علي بن أبي طالب ع

فرددت الكتاب و لم أستحل أن أكتب عنه شيئا . قال أبو بكر و حدثني أبو جعفر قال حدثني إبراهيم قال حدثني محمد بن عاصم صاحب الخانات قال قال لنا حريز بن عثمان أنتم يا أهل العراق تحبون علي بن أبي طالب ع و نحن نبغضه قالوا لم قال لأنه قتل أجدادي . قال محمد بن عاصم و كان حريز بن عثمان نازلا علينا . قال أبو جعفر رحمه الله تعالى و كان المغيرة بن شعبة صاحب دنيا يبيع دينه بالقليل النزر منها و يرضي معاوية بذكر علي بن أبي طالب ع قال يوما في مجلس معاوية إن عليا لم ينكحه رسول الله ابنته حبا و لكنه أراد أن يكافئ بذلك إحسان أبي طالب إليه .

قال و قد صح عندنا أن المغيرة لعنه على منبر العراق مرات لا تحصى و يروى أنه لما مات و دفنوه أقبل رجل راكب ظليما فوقف قريبا منه ثم قال

  • أ من رسم دار من مغيرة تعرفعليها زواني الإنس و الجن تعزف
  • فإن كنت قد لاقيت فرعون بعدناو هامان فاعلم أن ذا العرش منصف

. قال فطلبوه فغاب عنهم و لم يروا أحدا فعلموا أنه من الجن . قال فأما مروان بن الحكم فأحقر و أقل من أن يذكر في الصحابة الذين قد غمصناهم و أوضحنا سوء رأينا فيهم لأنه كان مجاهرا بالإلحاد هو و أبوه الحكم بن أبي العاص و هما الطريدان اللعينان كان أبوه عدو رسول الله ص يحكيه في مشيه و يغمز عليه عينه و يدلع له لسانه و يتهكم به و يتهانف عليه هذا و هو في قبضته و تحت يده و في دار دعوته بالمدينة و هو يعلم أنه قادر على قتله أي وقت شاء من ليل أو نهار فهل يكون هذا إلا من شانئ شديد البغضة و مستحكم العداوة حتى أفضى أمره إلى أن طرده رسول الله ص عن المدينة و سيره إلى الطائف . و أما مروان ابنه فأخبث عقيدة و أعظم إلحادا و كفرا و هو الذي خطب يوم وصل إليه رأس الحسين ع إلى المدينة و هو يومئذ أميرها و قد حمل الرأس على يديه فقال

  • يا حبذا بردك في اليدينو حمرة تجري على الخدين

كأنما بت بمسجدين

ثم رمى بالرأس نحو قبر النبي و قال يا محمد يوم بيوم بدر و هذا القول مشتق من الشعر الذي تمثل به يزيد بن معاوية و هو شعر ابن الزبعري يوم وصل الرأس إليه . و الخبر مشهور . قلت هكذا قال شيخنا أبو جعفر و الصحيح أن مروان لم يكن أمير المدينة يومئذ بل كان أميرها عمرو بن سعيد بن العاص و لم يحمل إليه الرأس و إنما كتب إليه عبيد الله بن زياد يبشره بقتل الحسين ع فقرأ كتابه على المنبر و أنشد الرجز المذكور و أومأ إلى القبر قائلا يوم بيوم بدر فأنكر عليه قوله قوم من الأنصار . ذكر ذلك أبو عبيدة في كتاب المثالب . قال و روى الواقدي أن معاوية لما عاد من العراق إلى الشام بعد بيعة الحسن ع و اجتماع الناس إليه خطب فقال أيها الناس

إن رسول الله ص قال لي إنك ستلي الخلافة من بعدي فاختر الأرض المقدسة فإن فيها الأبدال

و قد اخترتكم فالعنوا أبا تراب فلعنوه فلما كان من الغد كتب كتابا ثم جمعهم فقرأه عليهم و فيه هذا كتاب كتبه أمير المؤمنين معاوية صاحب وحي الله الذي بعث محمدا نبيا و كان أميا لا يقرأ و لا يكتب فاصطفى له من أهله وزيرا كاتبا أمينا فكان الوحي ينزل على محمد و أنا أكتبه و هو لا يعلم ما أكتب فلم يكن بيني و بين الله أحد من خلقه فقال له الحاضرون كلهم صدقت يا أمير المؤمنين .

قال أبو جعفر و قد روي أن معاوية بذل لسمرة بن جندب مائة ألف درهم حتى يروي أن هذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يُشْهِدُ اللَّهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَ هُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ وَ إِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَ يُهْلِكَ الْحَرْثَ وَ النَّسْلَ وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ و أن الآية الثانية نزلت في ابن ملجم و هي قوله تعالى وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ فلم يقبل فبذل له مائتي ألف درهم فلم يقبل فبذل له ثلاثمائة ألف فلم يقبل فبذل له أربعمائة ألف فقبل و روى ذلك . قال و قد صح أن بني أمية منعوا من إظهار فضائل علي ع و عاقبوا على ذلك الراوي له حتى أن الرجل إذا روى عنه حديثا لا يتعلق بفضله بل بشرائع الدين لا يتجاسر على ذكر اسمه فيقول عن أبي زينب . و روى عطاء عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال وددت أن أترك فأحدث بفضائل علي بن أبي طالب ع يوما إلى الليل و أن عنقي هذه ضربت بالسيف .

قال فالأحاديث الواردة في فضله لو لم تكن في الشهرة و الاستفاضة و كثرة النقل إلى غاية بعيدة لانقطع نقلها للخوف و التقية من بني مروان مع طول المدة و شدة العداوة . و لو لا أن لله تعالى في هذا الرجل سرا يعلمه من يعلمه لم يرو في فضله حديث و لا عرفت له منقبة أ لا ترى أن رئيس قرية لو سخط على واحد من أهلها و منع الناس أن يذكروه بخير و صلاح لخمل ذكره و نسي اسمه و صار و هو موجود معدوما و هو حي ميتا هذه خلاصة ما ذكره شيخنا أبو جعفر رحمه الله تعالى في هذا المعنى في كتاب التفضيل

فصل في ذكر المنحرفين عن علي

و ذكر جماعة من شيوخنا البغداديين أن عدة من الصحابة و التابعين و المحدثين كانوا منحرفين عن علي ع قائلين فيه السوء و منهم من كتم مناقبه و أعان أعداءه ميلا مع الدنيا و إيثارا للعاجلة فمنهم أنس بن مالك

ناشد علي ع الناس في رحبة القصر أو قال رحبة الجامع بالكوفة أيكم سمع رسول الله ص يقول من كنت مولاه فعلي مولاه

فقام اثنا عشر رجلا فشهدوا بها و أنس بن مالك في القوم لم يقم فقال له يا أنس ما يمنعك أن تقوم فتشهد و لقد حضرتها فقال يا أمير المؤمنين كبرت و نسيت

فقال اللهم إن كان كاذبا فارمه بها بيضاء لا تواريها الغمامة

قال طلحة بن عمير فو الله لقد رأيت الوضح به بعد ذلك أبيض بين عينيه .

و روى عثمان بن مطرف أن رجلا سأل أنس بن مالك في آخر عمره عن علي بن أبي طالب فقال إني آليت ألا أكتم حديثا سئلت عنه في علي بعد يوم الرحبة ذاك رأس المتقين يوم القيامة سمعته و الله من نبيكم

. و روى أبو إسرائيل عن الحكم عن أبي سليمان المؤذن أن عليا ع نشد الناس من سمع رسول الله ص يقول من كنت مولاه فعلي مولاه فشهد له قوم و أمسك زيد بن أرقم فلم يشهد و كان يعلمها فدعا علي ع عليه بذهاب البصر فعمي

فكان يحدث الناس بالحديث بعد ما كف بصره . قالوا و كان الأشعث بن قيس الكندي و جرير بن عبد الله البجلي يبغضانه و هدم علي ع دار جرير بن عبد الله . قال إسماعيل بن جرير هدم علي دارنا مرتين .

و روى الحارث بن حصين أن رسول الله ص دفع إلى جرير بن عبد الله نعلين نعاله و قال احتفظ بهما فإن ذهابهما ذهاب دينك

فلما كان يوم الجمل ذهبت إحداهما فلما أرسله علي ع إلى معاوية ذهبت الأخرى ثم فارق عليا و اعتزل الحرب . و روى أهل السيرة أن الأشعث خطب إلى علي ع ابنته فزبره

و قال يا ابن الحائك أ غرك ابن أبي قحافة

. و روى أبو بكر الهذلي عن الزهري عن عبيد الله بن عدي بن الخيار بن نوفل بن عبد مناف قال قام الأشعث إلى علي ع فقال إن الناس يزعمون أن رسول الله ص عهد إليك عهدا لم يعهده إلى غيرك فقال إنه عهد إلي ما في قراب سيفي لم يعهد إلي غير ذلك فقال الأشعث هذه إن قلتها فهي عليك لا لك دعها ترحل عنك فقال له و ما علمك بما علي مما لي منافق ابن كافر حائك ابن حائك إني لأجد منك بنة الغزل ثم التفت إلى عبيد الله بن عدي بن الخيار فقال يا عبيد الله إنك لتسمع خلافا و ترى عجبا ثم أنشد

  • أصبحت هزءا لراعي الضأن أتبعهما ذا يريبك مني راعي الضأن

و قد ذكرنا في بعض الروايات المتقدمات أن سبب قوله هذه عليك لا لك أمر آخر و الروايات تختلف . و روى يحيى بن عيسى الرملي عن الأعمش أن جريرا و الأشعث خرجا إلى جبان الكوفة فمر بهما ضب يعدو و هما في ذم علي ع فنادياه يا أبا حسل هلم

يدك نبايعك بالخلافة فبلغ عليا ع قولهما

فقال أما إنهما يحشران يوم القيامة و إمامهما ضب

. و كان أبو مسعود الأنصاري منحرفا عنه ع

روى شريك عن عثمان بن أبي زرعة عن زيد بن وهب قال تذاكرنا القيام إذا مرت الجنازة عند علي ع فقال أبو مسعود الأنصاري قد كنا نقوم فقال علي ع ذاك و أنتم يومئذ يهود

و روى شعبة عن عبيد بن الحسن عن عبد الرحمن بن معقل قال حضرت عليا ع و قد سأله رجل عن امرأة توفي عنها زوجها و هي حامل فقال تتربص أبعد الأجلين فقال رجل فإن أبا مسعود يقول وضعها انقضاء عدتها فقال علي ع إن فروجا لا يعلم

فبلغ قوله أبا مسعود فقال بلى و الله إني لأعلم أن الآخر شر .

و روى المنهال عن نعيم بن دجاجة قال كنت جالسا عند علي ع إذ جاء أبو مسعود فقال علي ع جاءكم فروج فجاء فجلس فقال له علي ع بلغني أنك تفتي الناس قال نعم و أخبرهم أن الآخر شر قال فهل سمعت من رسول الله ص شيئا قال نعم سمعته يقول لا يأتي على الناس سنة مائة و على الأرض عين تطرف قال أخطأت استك الحفرة و غلطت في أول ظنك إنما عنى من حضره يومئذ و هل الرخاء إلا بعد المائة

و روى جماعة من أهل السير أن عليا ع كان يقول عن كعب الأحبار إنه لكذاب

و كان كعب منحرفا عن علي ع و كان النعمان بن بشير الأنصاري منحرفا عنه و عدوا له و خاض الدماء مع معاوية خوضا و كان من أمراء يزيد ابنه حتى قتل و هو على حاله . و قد روي أن عمران بن الحصين كان من المنحرفين عنه ع و أن عليا سيره إلى المدائن و ذلك أنه كان يقول إن مات علي فلا أدري ما موته و إن قتل فعسى أني إن قتل رجوت له . و من الناس من يجعل عمران في الشيعة . و كان سمرة بن جندب من شرطة زياد روى عبد الملك بن حكيم عن الحسن قال جاء رجل من أهل خراسان إلى البصرة فترك مالا كان معه في بيت المال و أخذ براءة ثم دخل المسجد فصلى ركعتين فأخذه سمرة بن جندب و اتهمه برأي الخوارج فقدمه فضرب عنقه و هو يومئذ على شرطة زياد فنظروا فيما معه فإذا البراءة بخط بيت المال فقال أبو بكرة يا سمرة أ ما سمعت الله تعالى يقول قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى فقال أخوك أمرني بذلك . و روى الأعمش عن أبي صالح قال قيل لنا قد قدم رجل من أصحاب رسول الله ص فأتيناه فإذا هو سمرة بن جندب و إذا عند إحدى رجليه خمر و عند الأخرى ثلج فقلنا ما هذا قالوا به النقرس و إذا قوم قد أتوه فقالوا يا سمرة

ما تقول لربك غدا تؤتى بالرجل فيقال لك هو من الخوارج فتأمر بقتله ثم تؤتى بآخر فيقال لك ليس الذي قتلته بخارجي ذاك فتى وجدناه ماضيا في حاجته فشبه علينا و إنما الخارجي هذا فتأمر بقتل الثاني فقال سمرة و أي بأس في ذلك إن كان من أهل الجنة مضى إلى الجنة و إن كان من أهل النار مضى إلى النار .

و روى واصل مولى أبي عيينة عن جعفر بن محمد بن علي ع عن آبائه قال كان لسمرة بن جندب نخل في بستان رجل من الأنصار فكان يؤذيه فشكا الأنصاري ذلك إلى رسول الله ص فبعث إلى سمرة فدعاه فقال له بع نخلك من هذا و خذ ثمنه قال لا أفعل قال فخذ نخلا مكان نخلك قال لا أفعل قال فاشتر منه بستانه قال لا أفعل قال فاترك لي هذا النخل و لك الجنة قال لا أفعل فقال ص للأنصاري اذهب فاقطع نخله فإنه لا حق له فيه

. و روى شريك قال أخبرنا عبد الله بن سعد عن حجر بن عدي قال قدمت المدينة فجلست إلى أبي هريرة فقال ممن أنت قلت من أهل البصرة قال ما فعل سمرة بن جندب قلت هو حي قال ما أحد أحب إلي طول حياة منه قلت و لم ذاك

قال إن رسول الله ص قال لي و له و لحذيفة بن اليمان آخركم موتا في النار

فسبقنا حذيفة و أنا الآن أتمنى أن أسبقه قال فبقي سمرة بن جندب حتى شهد مقتل الحسين . و روى أحمد بن بشير عن مسعر بن كدام قال كان سمرة بن جندب أيام مسير

الحسين ع إلى الكوفة على شرطة عبيد الله بن زياد و كان يحرض الناس على الخروج إلى الحسين ع و قتاله . و من المنحرفين عنه المبغضين له عبد الله بن الزبير و قد ذكرناه آنفا

كان علي ع يقول ما زال الزبير منا أهل البيت حتى نشأ ابنه عبد الله فأفسده

. و عبد الله هو الذي حمل الزبير على الحرب و هو الذي زين لعائشة مسيرها إلى البصرة و كان سبابا فاحشا يبغض بني هاشم و يلعن و يسب علي بن أبي طالب ع و كان علي ع يقنت في صلاة الفجر و في صلاة المغرب و يلعن معاوية و عمر و المغيرة و الوليد بن عقبة و أبا الأعور و الضحاك بن قيس و بسر بن أرطاة و حبيب بن مسلمة و أبا موسى الأشعري و مروان بن الحكم و كان هؤلاء يقنتون عليه و يلعنونه . و روى شيخنا أبو عبد الله البصري المتكلم رحمه الله تعالى عن نصر بن عاصم الليثي عن أبيه قال أتيت مسجد رسول الله ص و الناس يقولون نعوذ بالله من غضب الله و غضب رسوله فقلت ما هذا قالوا معاوية قام الساعة فأخذ بيد أبي سفيان فخرجا من المسجد

فقال رسول الله ص لعن الله التابع و المتبوع رب يوم لأمتي من معاوية ذي الأستاه

قالوا يعني الكبير العجز .

و قال روى العلاء بن حريز القشيري أن رسول الله ص قال لمعاوية لتتخذن يا معاوية البدعة سنة و القبح حسنا أكلك كثير و ظلمك عظيم

قال و روى الحارث بن حصيرة عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجذ قال قال

علي ع نحن و آل أبي سفيان قوم تعادوا في الأمر و الأمر يعود كما بدا

. قلت و قد ذكرنا نحن في تلخيص نقض السفيانية ما فيه كفاية في هذا الباب .

و روى صاحب كتاب الغارات عن أبي صادق عن جندب بن عبد الله قال ذكر المغيرة بن شعبة عند علي ع و جده مع معاوية قال و ما المغيرة إنما كان إسلامه لفجرة و غدرة غدرها بنفر من قومه فتك بهم و ركبها منهم فهرب منهم فأتى النبي ص كالعائذ بالإسلام و الله ما رأى أحد عليه منذ ادعى الإسلام خضوعا و لا خشوعا ألا و إنه يكون من ثقيف فراعنة قبل يوم القيامة يجانبون الحق و يسعرون نيران الحرب و يوازرون الظالمين ألا إن ثقيفا قوم غدر لا يوفون بعهد يبغضون العرب كأنهم ليسوا منهم و لرب صالح قد كان منهم فمنهم عروة بن مسعود و أبو عبيد بن مسعود المستشهد يوم قس الناطف و إن الصالح في ثقيف لغريب

. قال شيخنا أبو القاسم البلخي من المعلوم الذي لا ريب فيه لاشتهار الخبر به و إطباق الناس عليه أن الوليد بن عقبة بن أبي معيط كان يبغض عليا و يشتمه و أنه هو الذي لاحاه في حياة رسول الله ص و نابذه و قال له أنا أثبت منك جنانا و أحد سنانا فقال له علي ع اسكت يا فاسق فأنزل الله تعالى فيهما أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ الآيات المتلوة و سمي الوليد بحسب ذلك في حياة رسول الله ص الفاسق فكان لا يعرف إلا بالوليد الفاسق .

و هذه الآية من الآيات التي نزل فيها القرآن بموافقة علي ع كما نزل في مواضع بموافقة عمر و سماه الله تعالى فاسقا في آية أخرى و هو قوله تعالى إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا و سبب نزولها مشهور و هو كذبه على بني المصطلق و ادعاؤه أنهم منعوا الزكاة و شهروا السيف حتى أمر النبي ص بالتجهز للمسير إليهم فأنزل الله تعالى في تكذيبه و براءة ساحة القوم هذه الآية . و كان الوليد مذموما معيبا عند رسول الله ص يشنؤه و يعرض عنه و كان الوليد يبغض رسول الله ص أيضا و يشنؤه و أبوه عقبة بن أبي معيط هو العدو الأزرق بمكة و الذي كان يؤذي رسول الله ص في نفسه و أهله و أخباره في ذلك مشهورة فلما ظفر به يوم بدر ضرب عنقه و ورث ابنه الوليد الشنئان و البغضة لمحمد و أهله فلم يزل عليهما إلى أن مات . قال الشيخ أبو القاسم و هو أحد الصبية الذين قال أبو عقبة فيهم و قد قدم ليضرب عنقه من للصبية يا محمد فقال: النار اضربوا عنقه . قال و للوليد شعر يقصد فيه الرد على رسول الله ص حيث

قال إن تولوها عليا تجدوه هاديا مهديا

قال و ذلك أن عليا ع لما قتل قصد بنوه أن يخفوا قبره خوفا من بني أمية أن يحدثوا في قبره حدثا فأوهموا الناس في موضع قبره تلك الليلة و هي ليلة دفنه إيهامات مختلفة فشدوا على جمل تابوتا موثقا بالحبال يفوح منه روائح الكافور و أخرجوه من الكوفة في سواد الليل صحبة ثقاتهم يوهمون أنهم يحملونه إلى المدينة فيدفنونه عند فاطمة ع و أخرجوا بغلا و عليه جنازة مغطاة

يوهمون أنهم يدفنونه بالحيرة و حفروا حفائر عدة منها بالمسجد و منها برحبة القصر قصر الإمارة و منها في حجرة من دور آل جعدة بن هبيرة المخزومي و منها في أصل دار عبد الله بن يزيد القسري بحذاء باب الوراقين مما يلي قبلة المسجد و منها في الكناسة و منها في الثوية فعمي على الناس موضع قبره و لم يعلم دفنه على الحقيقة إلا بنوه و الخواص المخلصون من أصحابه فإنهم خرجوا به ع وقت السحر في الليلة الحادية و العشرين من شهر رمضان فدفنوه على النجف بالموضع المعروف بالغري بوصاة منه ع إليهم في ذلك و عهد كان عهد به إليهم و عمي موضع قبره على الناس و اختلفت الأراجيف في صبيحة ذلك اليوم اختلافا شديدا و افترقت الأقوال في موضع قبره الشريف و تشعبت و ادعى قوم أن جماعة من طيئ وقعوا على جمل في تلك الليلة و قد أضله أصحابه ببلادهم و عليه صندوق فظنوا فيه مالا فلما رأوا ما فيه خافوا أن يطلبوا به فدفنوا الصندوق بما فيه و نحروا البعير و أكلوه و شاع ذلك في بني أمية و شيعتهم و اعتقدوه حقا فقال الوليد بن عقبة من أبيات يذكره ع فيها

  • فإن يك قد ضل البعير بحملهفما كان مهديا و لا كان هاديا

. و روى الشيخ أبو القاسم البلخي أيضا عن جرير بن عبد الحميد عن مغيرة الضبي قال مر ناس بالحسن بن علي ع و هم يريدون عيادة الوليد بن عقبة و هو في علة له شديدة فأتاه الحسن ع معهم عائدا فقال للحسن أتوب إلى الله تعالى مما كان بيني و بين جميع الناس إلا ما كان بيني و بين أبيك فإني لا أتوب منه . قال شيخنا أبو القاسم البلخي و أكد بغضه له ضربه إياه الحد في ولاية عثمان و عزله عن الكوفة .

و قد اتفقت الأخبار الصحيحة التي لا ريب فيها عند المحدثين على

أن النبي ص قال لا يبغضك إلا منافق و لا يحبك إلا مؤمن

قال و روى حبة العرني عن علي ع أنه قال إن الله عز و جل أخذ ميثاق كل مؤمن على حبي و ميثاق كل منافق على بغضي فلو ضربت وجه المؤمن بالسيف ما أبغضني و لو صببت الدنيا على المنافق ما أحبني

و روى عبد الكريم بن هلال عن أسلم المكي عن أبي الطفيل قال سمعت عليا ع و هو يقول لو ضربت خياشيم المؤمن بالسيف ما أبغضني و لو نثرت على المنافق ذهبا و فضة ما أحبني إن الله أخذ ميثاق المؤمنين بحبي و ميثاق المنافقين ببغضي فلا يبغضني مؤمن و لا يحبني منافق أبدا

. قال الشيخ أبو القاسم البلخي و قد روى كثير من أرباب الحديث عن جماعة من الصحابة قالوا ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله ص إلا ببغض علي بن أبي طالب . ذكر إبراهيم بن هلال صاحب كتاب الغارات فيمن فارق عليا ع و التحق بمعاوية يزيد بن حجية التيمي من بني تيم بن ثعلبة بن بكر بن وائل و كان ع قد استعمله على الري و دستبني فكسر الخوارج و احتجن المال لنفسه فحبسه علي ع و جعل معه سعدا مولاه فقرب يزيد ركائبه و سعد نائم فالتحق بمعاوية و قال

  • خادعت سعدا و ارتمت بي ركائبيإلى الشام و اخترت الذي هو أفضل
  • و غادرت سعدا نائما في عباءةو سعد غلام مستهام مضلل

. ثم خرج حتى أتى الرقة و كذلك كان يصنع من يفارق عليا ع يبدأ بالرقة حتى يستأذن معاوية في القدوم عليه و كانت الرقة و الرها و قرقيسيا و حران من حيز معاوية و عليها الضحاك بن قيس و كانت هيت و عانات و نصيبين و دارا و آمد و سنجار من حيز علي ع و عليها الأشتر و كانا يقتتلان في كل شهر . و قال يزيد بن حجية و هو بالرقة يهجو عليا ع

  • يا طول ليلي بالرقات لم أنممن غير عشق صبت نفسي و لا سقم
  • لكن لذكر أمور جمة طرقت أخشى على الأصل منها زلة القدم
  • أخشى عليا عليهم أن يكون لهممثل العقور الذي عفى على إرم

. و بعد ذلك ما لا نذكره . قال إبراهيم بن هلال و قد كان زياد بن خصفة التيمي قال لعلي ع يوم هرب يزيد بن حجية ابعثني يا أمير المؤمنين في أثره أرده إليك فبلغ قوله يزيد بن حجية فقال في ذلك

  • أبلغ زيادا أنني قد كفيتهأموري و خليت الذي هو عاتبه
  • و باب شديد موثق قد فتحته عليك و قد أعيت عليك مذاهبه
  • هبلت أ ما ترجو غنائي و مشهديإذ الخصم لم يوجد له من يجاذبه
  • فأقسم لو لا أن أمك أمناو أنك مولى ما طفقت أعاتبه
  • و أقسم لو أدركتني ما رددتني كلانا قد اصطفت إليه جلائبه

. قال ابن هلال و كتب إلى العراق شعرا يذم فيه عليا ع و يخبره أنه من أعدائه فدعا عليه و قال لأصحابه عقيب الصلاة ارفعوا أيديكم فادعوا عليه فدعا عليه و أمن أصحابه .

قال أبو الصلت التيمي كان دعاؤه عليه اللهم إن يزيد بن حجية هرب بمال المسلمين و لحق بالقوم الفاسقين فاكفنا مكره و كيده و اجزه جزاء الظالمين

. قال و رفع القوم أيديهم يؤمنون و كان في المسجد عفاق بن شرحبيل بن أبي رهم التيمي شيخا كبيرا و كان يعد ممن شهد على حجر بن عدي حتى قتله معاوية فقال عفاق على من يدعو القوم قالوا على يزيد بن حجية فقال تربت أيديكم أ على أشرافنا تدعون فقاموا إليه فضربوه حتى كاد يهلك و قام زياد بن خصفة و كان من شيعة علي ع فقال دعوا لي ابن عمي فقال علي ع دعوا للرجل ابن عمه فتركه الناس فأخذ زياد بيده فأخرجه من المسجد و جعل يمشي معه يمسح التراب عن وجهه و عفاق يقول و الله لا أحبكم ما سعيت و مشيت و الله لا أحبكم ما اختلفت الدرة و الجرة و زياد يقول ذلك أضر لك ذلك شر لك . و قال زياد بن خصفة يذكر ضرب الناس عفاقا

  • دعوت عفاقا للهدى فاستغشنيو ولى فريا قوله و هو مغضب
  • و لو لا دفاعي عن عفاق و مشهدي هوت بعفاق عوض عنقاء مغرب
  • أنبئه أن الهدى في اتباعنافيأبى و يضريه المراء فيشغب
  • فإن لا يشايعنا عفاق فإنناعلى الحق ما غنى الحمام المطرب
  • سيغني الإله عن عفاق و سعيهإذا بعثت للناس جأواء تحرب
  • قبائل من حيي معد و مثلهايمانية لا تنثني حين تندب
  • لهم عدد مثل التراب و طاعةتود و بأس في الوغى لا يؤنب

. فقال له عفاق لو كنت شاعرا لأجبتك و لكني أخبركم عن ثلاث خصال كن منكم و الله ما أرى أن تصيبوا بعدهن شيئا مما يسركم . أما واحدة فإنكم سرتم إلى أهل الشام حتى إذا دخلتم عليهم بلادهم قاتلتموهم فلما ظن القوم أنكم لهم قاهرون رفعوا المصاحف فسخروا بكم فردوكم عنهم فلا و الله لا تدخلونها بمثل ذلك الجد و الحد و العدد الذي دخلتم به أبدا . و أما الثانية فإنكم بعثتم حكما و بعث القوم حكما فأما حكمكم فخلعكم و أما حكمهم فأثبتهم فرجع صاحبهم يدعى أمير المؤمنين و رجعتم متلاعنين متباغضين فو الله لا يزال القوم في علاء و لا تزالون في سفال . و أما الثالثة فإنه خالفكم قراؤكم و فرسانكم فعدوتم عليهم فذبحتموهم بأيديكم فو الله لا تزالون بعدها متضعضعين . قال و كان يمر عليهم بعد فيقول اللهم إني منهم بري ء و لابن عفان ولي فيقولون اللهم إنا لعلي أولياء و من ابن عفان برآء و منك يا عفاق .

قال فأخذ لا يقلع فدعوا رجلا منهم له سجاعة كسجاعة الكهان فقالوا ويحك أ ما تكفينا بسجعك و خطبك هذا فقال كفيتكم فمر عفاق عليهم فقال كما كان يقول فلم يمهله أن قال له اللهم اقتل عفاقا فإنه أسر نفاقا و أظهر شقاقا و بين فراقا و تلون أخلاقا . فقال عفاق ويحكم من سلط علي هذا قال الله بعثني إليك و سلطني عليك لأقطع لسانك و أنصل سنامك و أطرد شيطانك . قال فلم يك يمر عليهم بعد إنما يمر على مزينة . و ممن فارقه ع عبد الله بن عبد الرحمن بن مسعود بن أوس بن إدريس بن معتب الثقفي شهد مع علي ع صفين و كان في أول أمره مع معاوية ثم صار إلى علي ع ثم رجع بعد إلى معاوية و كان علي ع يسميه الهجنع و الهجنع الطويل . و منهم القعقاع بن شور استعمله علي ع على كسكر فنقم منه أمورا منها أنه تزوج امرأة فأصدقها مائة ألف درهم فهرب إلى معاوية . و منهم النجاشي الشاعر من بني الحارث بن كعب كان شاعر أهل العراق بصفين و كان علي ع يأمره بمحاربة شعراء أهل الشام مثل كعب بن جعيل و غيره فشرب الخمر بالكوفة فحده علي ع فغضب و لحق بمعاوية و هجا عليا ع .

حدث ابن الكلبي عن عوانة قال خرج النجاشي في أول يوم من شهر رمضان فمر بأبي سمال الأسدي و هو قاعد بفناء داره فقال له أين تريد قال أردت الكناسة فقال هل لك في رءوس و أليات قد وضعت في التنور من أول الليل فأصبحت قد أينعت و قد تهرأت قال ويحك في أول يوم من رمضان قال دعنا مما لا نعرف قال ثم مه قال أسقيك من شراب كالورس يطيب النفس و يجرى في العرق و يزيد في الطرق يهضم الطعام و يسهل للفدم الكلام فنزل فتغديا ثم أتاه بنبيذ فشرباه فلما كان آخر النهار علت أصواتهما و لهما جار من شيعة علي ع فأتاه فأخبره بقصتهما فأرسل إليهما قوما فأحاطوا بالدار فأما أبو سمال فوثب إلى دور بني أسد فأفلت و أخذ النجاشي فأتي ع به فلما أصبح أقامه في سراويل فضربه ثمانين ثم زاده عشرين سوطا فقال يا أمير المؤمنين أما الحد فقد عرفته فما هذه العلاوة قال لجراءتك على الله و إفطارك في شهر رمضان ثم أقامه في سراويله للناس فجعل الصبيان يصيحون به خرئ النجاشي خرئ النجاشي و جعل يقول كلا إنها يمانية وكاؤها شعر . قال و مر به هند بن عاصم السلولي فطرح عليه مطرفا فجعل الناس يمرون به و يطرحون عليه المطارف حتى اجتمعت عليه مطارف كثيرة فمدح بني سلول فقال

  • إذا الله حيا صالحا من عبادهتقيا فحيا الله هند بن عاصم
  • و كل سلولي إذا ما دعوته سريع إلى داعي العلا و المكارم
  • هم البيض أقداما و ديباج أوجهجلوها إذا اسودت وجوه الملائم
  • و لا يأكل الكلب السروق نعالهم و لا يبتغي المخ الذي في الجماجم

ثم لحق معاوية و هجا عليا ع فقال

  • أ لا من مبلغ عني عليابأني قد أمنت فلا أخاف
  • عمدت لمستقر الحق لمارأيت أموركم فيها اختلاف

. و روى عبد الملك بن قريب الأصمعي عن ابن أبي الزناد قال دخل النجاشي على معاوية و قد أذن للناس عامة فقال لحاجبه ادع النجاشي و النجاشي بين يديه و لكن اقتحمته عينه فقال ها أنا ذا النجاشي بين يديك يا أمير المؤمنين إن الرجال ليست بأجسامها إنما لك من الرجل أصغراه قلبه و لسانه قال ويحك أنت القائل

  • و نجا ابن حرب سابح ذو علالةأجش هزيم و الرماح دواني
  • إذا قلت أطراف الرماح تنوشه مرته به الساقان و القدمان

. ثم ضرب بيده إلى ثديه فقال ويحك إن مثلي لا تعدو به الخيل فقال يا أمير المؤمنين إني لم أعنك إنما عنيت عتبة . و روى صاحب كتاب الغارات أن عليا ع لما حد النجاشي غضبت اليمانية لذلك و كان أخصهم به طارق بن عبد الله بن كعب النهدي فدخل عليه فقال يا أمير المؤمنين ما كنا نرى أن أهل المعصية و الطاعة و أهل الفرقة و الجماعة عند ولاة العدل و معادن الفضل سيان في الجزاء حتى رأينا ما كان من صنيعك بأخي الحارث

فأوغرت صدورنا و شتت أمورنا و حملتنا على الجادة التي كنا نرى أن سبيل من ركبها النار

فقال علي ع وَ إِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ يا أخا نهد و هل هو إلا رجل من المسلمين انتهك حرمة من حرم الله فأقمنا عليه حدا كان كفارته إن الله تعالى يقول وَ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى

قال فخرج طارق من عنده فلقيه الأشتر فقال يا طارق أنت القائل لأمير المؤمنين أوغرت صدورنا و شتت أمورنا قال طارق نعم أنا قائلها قال و الله ما ذاك كما قلت إن صدورنا له لسامعة و إن أمورنا له لجامعة فغضب طارق و قال ستعلم يا أشتر أنه غير ما قلت فلما جنه الليل همس هو و النجاشي إلى معاوية فلما قدما عليه دخل آذنه فأخبره بقدومهما و عنده وجوه أهل الشام منهم عمرو بن مرة الجهني و عمرو بن صيفي و غيرهما فلما دخلا نظر إلى طارق و قال مرحبا بالمورق غصنه و المعرق أصله المسود غير المسود من رجل كانت منه هفوة و نبوة باتباعه صاحب الفتنة و رأس الضلالة و الشبهة الذي اغترز في ركاب الفتنة حتى استوى على رجلها ثم أوجف في عشوة ظلمتها و تيه ضلالتها و اتبعه رجرجة من الناس و أشبابة من الحثالة لا أفئدة لهم أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها . فقام طارق فقال يا معاوية إني متكلم فلا يسخطك ثم قال و هو متكئ على سيفه إن المحمود على كل حال رب علا فوق عباده فهم منه بمنظر و مسمع بعث فيهم

رسولا منهم يتلو كتابا لم يكن من قبله و لا يخطه بيمينه إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ فعليه السلام من رسول كان بالمؤمنين برا رحيما أما بعد فإن ما كنا نوضع فيما أوضعنا فيه بين يدي إمام تقي عادل مع رجال من أصحاب رسول الله ص أتقياء مرشدين ما زالوا منارا للهدى و معالم للدين خلفا عن سلف مهتدين أهل دين لا دنيا كل الخير فيهم و اتبعهم من الناس ملوك و أقيال و أهل بيوتات و شرف ليسوا بناكثين و لا قاسطين فلم يكن رغبة من رغب عنهم و عن صحبتهم إلا لمرارة الحق حيث جرعوها و لوعورته حيث سلكوها و غلبت عليهم دنيا مؤثرة و هو متبع و كان أمر الله قدرا مقدورا و قد فارق الإسلام قبلنا جبلة بن الأيهم فرارا من الضيم و أنفا من الذلة فلا تفخرن يا معاوية إن شددنا نحوك الرحال و أوضعنا إليك الركاب أقول قولي هذا و أستغفر الله العظيم لي و لجميع المسلمين . فعظم على معاوية ما سمعه و غضب لكنه أمسك و قال يا عبد الله إنا لم نرد بما قلناه أن نوردك مشرع ظمأ و لا أن نصدرك عن مكرع ري و لكن القول قد يجري بصاحبه إلى غير ما ينطوي عليه من الفعل ثم أجلسه معه على سريره و دعا له بمقطعات و برود فصبها عليه و أقبل نحوه بوجهه يحدثه حتى قام . و قام معه عمرو بن مرة و عمرو بن صيفي الجهنيان فأقبلا عليه بأشد العتاب و أمضه يلومانه في خطبته و ما واجه به معاوية . فقال طارق و الله ما قمت بما سمعتماه حتى خيل لي أن بطن الأرض خير لي من ظهرها عند سماعي ما أظهر من العيب و النقص لمن هو خير منه في الدنيا و الآخرة و ما زهت به نفسه و ملكه عجبه و عاب أصحاب رسول الله ص و استنقصهم فقمت مقاما أوجب الله علي فيه إلا أقول إلا حقا و أي خير فيمن لا ينظر ما يصير إليه غدا

فبلغ عليا ع قوله

فقال لو قتل النهدي يومئذ لقتل شهيدا

. و قال معاوية للهيثم بن الأسود أبي العريان و كان عثمانيا و كانت امرأته علوية الرأي تكتب بأخبار معاوية في أعنة الخيل و تدفعها إلى عسكر علي ع بصفين فيدفعونها إليه فقال معاوية بعد التحكيم يا هيثم أهل العراق كانوا أنصح لعلي في صفين أم أهل الشام لي فقال أهل العراق قبل أن يضربوا بالبلاء كانوا أنصح لصاحبهم قال كيف قلت ذلك قال لأن القوم ناصحوه على الدين و ناصحك أهل الشام على الدنيا و أهل الدين أصبر و هم أهل بصيرة و إنما أهل الدنيا أهل طمع ثم و الله ما لبث أهل العراق أن نبذوا الدين وراء ظهورهم و نظروا إلى الدنيا فالتحقوا بك . فقال معاوية فما الذي يمنع الأشعث أن يقدم علينا فيطلب ما قبلنا قال إن الأشعث يكرم نفسه أن يكون رأسا في الحرب و ذنبا في الطمع . و من المفارقين لعلي ع أخوه عقيل بن أبي طالب قدم على أمير المؤمنين بالكوفة يسترفده فعرض عليه عطاءه فقال إنما أريد من بيت المال فقال تقيم إلى يوم الجمعة فلما صلى ع الجمعة قال له ما تقول فيمن خان هؤلاء أجمعين قال بئس الرجل قال فإنك أمرتني أن أخونهم و أعطيك فلما خرج من عنده شخص إلى معاوية فأمر له يوم قدومه بمائة ألف درهم و قال له يا أبا يزيد أنا خير لك أم علي قال وجدت عليا أنظر لنفسه منه لي و وجدتك أنظر لي منك لنفسك . و قال معاوية لعقيل إن فيكم يا بني هاشم لينا قال أجل إن فينا لينا من غير

ضعف و عزا من غير عنف و إن لينكم يا معاوية غدر و سلمكم كفر فقال معاوية و لا كل هذا يا أبا يزيد . و قال الوليد بن عقبة لعقيل في مجلس معاوية غلبك أخوك يا أبا يزيد على الثروة قال نعم و سبقني و إياك إلى الجنة قال أما و الله إن شدقيه لمضمومان من دم عثمان فقال و ما أنت و قريش و الله ما أنت فينا إلا كنطيح التيس فغضب الوليد و قال و الله لو أن أهل الأرض اشتركوا في قتله لأرهقوا صعودا و إن أخاك لأشد هذه الأمة عذابا فقال صه و الله إنا لنرغب بعبد من عبيده عن صحبة أبيك عقبة بن أبي معيط . و قال معاوية يوما و عنده عمرو بن العاص و قد أقبل عقيل لأضحكنك من عقيل فلما سلم قال معاوية مرحبا برجل عمه أبو لهب فقال عقيل و أهلا برجل عمته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد لأن امرأة أبي لهب أم جميل بنت حرب بن أمية . قال معاوية يا أبا يزيد ما ظنك بعمك أبي لهب قال إذا دخلت النار فخذ على يسارك تجده مفترشا عمتك حمالة الحطب أ فناكح في النار خير أم منكوح قال كلاهما شر و الله . و ممن فارقه ع حنظلة الكاتب خرج هو و جرير بن عبد الله البجلي من الكوفة إلى قرقيسيا و قالا لا نقيم ببلدة يعاب فيها عثمان .

و ممن فارقه وائل بن حجر الحضرمي و خبره مذكور في قصة بسر بن أرطاة . و روى صاحب كتاب الغارات عن إسماعيل بن حكيم عن أبي مسعود الجريري قال كان ثلاثة من أهل البصرة يتواصلون على بغض علي ع مطرف بن عبد الله بن الشخير و العلاء بن زياد و عبد الله بن شفيق . قال صاحب كتاب الغارات و كان مطرف عابدا ناسكا و قد روى هشام بن حسان عن ابن سيرين أن عمار بن ياسر دخل على أبي مسعود و عنده ابن الشخير فذكر عليا بما لا يجوز أن يذكر به فقال عمار يا فاسق و إنك لهاهنا فقال أبو مسعود أذكرك الله يا أبا اليقظان في ضيفي . قال و أكثر مبغضيه ع أهل البصرة كانوا عثمانية و كانت في أنفسهم أحقاد يوم الجمل و كان هو ع قليل التألف للناس شديدا في دين الله لا يبالي مع علمه بالدين و اتباعه الحق من سخط و من رضي .

قال و قد روى يونس بن أرقم عن يزيد بن أرقم عن أبي ناجية مولى أم هانئ قال كنت عند علي ع فأتاه رجل عليه زي السفر فقال يا أمير المؤمنين إني أتيتك من بلدة ما رأيت لك بها محبا قال من أين أتيت قال من البصرة قال أما إنهم لو يستطيعون أن يحبوني لأحبوني إني و شيعتي في ميثاق الله لا يزاد فينا رجل و لا ينقص إلى يوم القيامة

. و روى أبو غسان البصري قال بنى عبيد الله بن زياد أربعة مساجد بالبصرة تقوم على بغض علي بن أبي طالب و الوقيعة فيه مسجد بني عدي و مسجد بني مجاشع

و مسجد كان في العلافين على فرضة البصرة و مسجد في الأزد . و مما قيل عنه إنه يبغض عليا ع و يذمه الحسن بن أبي الحسن البصري أبو سعيد و روى عنه حماد بن سلمة أنه قال لو كان علي يأكل الحشف بالمدينة لكان خيرا له مما دخل فيه و رواه عنه أنه كان من المخذلين عن نصرته .

و روي عنه أن عليا ع رآه و هو يتوضأ للصلاة و كان ذا وسوسة فصب على أعضائه ماء كثيرا فقال له أرقت ماء كثيرا يا حسن فقال ما أراق أمير المؤمنين من دماء المسلمين أكثر قال أ و ساءك ذلك قال نعم قال فلا زلت مسوأ

. قالوا فما زال الحسن عابسا قاطبا مهموما إلى أن مات . فأما أصحابنا فإنهم يدفعون ذلك عنه و ينكرونه و يقولون إنه كان من محبي علي بن أبي طالب ع و المعظمين له . و روى أبو عمر بن عبد البر المحدث في كتابه المعروف بالاستيعاب في معرفة الصحاب أن إنسانا سأل الحسن عن علي ع فقال كان و الله سهما صائبا من مرامي الله على عدوه و رباني هذه الأمة و ذا فضلها و ذا سابقتها و ذا قرابتها من رسول الله ص لم يكن بالنؤمة عن أمر الله و لا بالملومة في دين الله و لا بالسروقة لمال الله أعطى القرآن عزائمه ففاز منه برياض مونقة ذلك علي بن أبي طالب يا لكع . و روى الواقدي قال: سئل الحسن عن علي ع و كان يظن به الانحراف عنه و لم يكن كما يظن فقال ما أقول فيمن جمع الخصال الأربع ائتمانه على براءة

و ما قال له الرسول في غزاة تبوك فلو كان غير النبوة شي ء يفوته لاستثناه

و قول النبي ص الثقلان كتاب الله و عترتي

و إنه لم يؤمر عليه أمير قط و قد أمرت الأمراء على غيره . و روى أبان بن عياش قال سألت الحسن البصري عن علي ع فقال ما أقول فيه كانت له السابقة و الفضل و العلم و الحكمة و الفقه و الرأي و الصحبة و النجدة و البلاء و الزهد و القضاء و القرابة إن عليا كان في أمره عليا رحم الله عليا و صلى عليه فقلت يا أبا سعيد أ تقول صلى عليه لغير النبي فقال ترحم على المسلمين إذا ذكروا و صل على النبي و آله و علي خير آله فقلت أ هو خير من حمزة و جعفر قال نعم قلت و خير من فاطمة و ابنيها قال نعم و الله إنه خير آل محمد كلهم و من يشك أنه خير منهم

و قد قال رسول الله ص و أبوهما خير منهما

و لم يجر عليه اسم شرك و لا شرب خمر

و قد قال رسول الله ص لفاطمة ع زوجتك خير أمتي

فلو كان في أمته خير منه لاستثناه و لقد آخى رسول الله ص بين أصحابه فآخى بين علي و نفسه فرسول الله ص خير الناس نفسا و خيرهم أخا فقلت يا أبا سعيد فما هذا الذي يقال عنك إنك قلته في علي فقال يا ابن أخي احقن دمي من هؤلاء الجبابرة و لو لا ذلك لشالت بي الخشب . قال شيخنا أبو جعفر الإسكافي رحمه الله تعالى و وجدته أيضا في كتاب الغارات لإبراهيم بن هلال الثقفي و قد كان بالكوفة من فقهائها من يعادي عليا و يبغضه مع غلبة التشيع على الكوفة فمنهم مرة الهمداني .

و روى أبو نعيم الفضل بن دكين عن فطر بن خليفة قال سمعت مرة يقول لأن يكون علي جملا يستقى عليه أهله خير له مما كان عليه . و روى إسماعيل بن بهرام عن إسماعيل بن محمد عن عمرو بن مرة قال قيل لمرة الهمداني كيف تخلفت عن علي قال سبقنا بحسناته و ابتلينا بسيئاته . قال إسماعيل بن بهرام و قد روينا عنه أنه قال أشد فحشا من هذا و لكنا نتورع عن ذكره . و روى الفضل بن دكين عن الحسن بن صالح قال لم يصل أبو صادق على مرة الهمداني . قال الفضل بن دكين و سمعت أن أبا صادق قال في أيام حياة مرة و الله لا يظلني و إياه سقف بيت أبدا . قال و لما مات لم يحضره عمرو بن شرحبيل قال لا أحضره لشي ء كان في قلبه على علي بن أبي طالب . قال إبراهيم بن هلال فحدثنا المسعودي عن عبد الله بن نمير بهذا الحديث قال ثم كان عبد الله بن نمير يقول و كذلك أنا و الله لو مات رجل في نفسه شي ء على علي ع لم أحضره و لم أصل عليه . و منهم الأسود بن يزيد و مسروق بن الأجدع روى سلمة بن كهيل أنهما كانا يمشيان إلى بعض أزواج رسول الله ص فيقعان في علي ع فأما الأسود فمات على ذلك و أما مسروق فلم يمت حتى كان لا يصلى لله تعالى صلاة

إلا صلى بعدها على علي بن أبي طالب ع لحديث سمعه من عائشة في فضله . و روى أبو نعيم الفضل بن دكين عن عبد السلام بن حرب عن ليث بن أبي سليم قال كان مسروق يقول كان علي كحاطب ليل قال فلم يمت مسروق حتى رجع عن رأيه هذا . و روى سلمة بن كهيل قال دخلت أنا و زبيد اليمامي على امرأة مسروق بعد موته فحدثتنا قالت كان مسروق و الأسود بن يزيد يفرطان في سب علي بن أبي طالب ثم ما مات مسروق حتى سمعته يصلي عليه و أما الأسود فمضى لشأنه . قال فسألناها لم ذلك قالت شي ء سمعه من عائشة ترويه عن النبي ص فيمن أصاب الخوارج . و روى أبو نعيم عن عمرو بن ثابت عن أبي إسحاق قال ثلاثة لا يؤمنون على علي بن أبي طالب مسروق و مرة و شريح . و روي أن الشعبي رابعهم . و روي عن هيثم عن مجالد عن الشعبي أن مسروقا ندم على إبطائه عن علي بن أبي طالب ع .

و روى الأعمش عن إبراهيم التيمي قال قال علي ع لشريح و قد قضى قضية نقم عليه أمرها و الله لأنفينك إلى بانقيا شهرين تقضي بين اليهود

قال ثم قتل علي ع و مضى دهر فلما قام المختار بن أبي عبيد قال لشريح ما قال لك أمير المؤمنين ع يوم كذا قال إنه قال لي كذا قال فلا و الله لا تقعد حتى تخرج إلى بانقيا تقضي بين اليهود فسيره إليها فقضى بين اليهود شهرين .

و منهم أبو وائل شقيق بن سلمة كان عثمانيا يقع في علي ع و يقال إنه كان يرى رأي الخوارج و لم يختلف في أنه خرج معهم و أنه عاد إلى علي ع منيبا مقلعا . روى خلف بن خليفة قال قال أبو وائل خرجنا أربعة آلاف فخرج إلينا علي فما زال يكلمنا حتى رجع منا ألفان . و روى صاحب كتاب الغارات عن عثمان بن أبي شيبة عن الفضل بن دكين عن سفيان الثوري قال سمعت أبا وائل يقول شهدت صفين و بئس الصفوف كانت . قال و قد روى أبو بكر بن عياش عن عاصم بن أبي النجود قال كان أبو وائل عثمانيا و كان زر بن حبيش علويا . و من المبغضين القالين أبو بردة بن أبي موسى الأشعري ورث البغضة له لا عن كلالة . و روى عبد الرحمن بن جندب قال قال أبو بردة لزياد أشهد أن حجر بن عدي قد كفر بالله كفرة أصلع قال عبد الرحمن إنما عنى بذلك نسبة الكفر إلى علي بن أبي طالب ع لأنه كان أصلع . قال و قد روى عبد الرحمن المسعودي عن ابن عياش المنتوف قال رأيت أبا بردة قال لأبي العادية الجهني قاتل عمار بن ياسر أ أنت قتلت عمار بن ياسر قال نعم قال ناولني يدك فقبلها و قال لا تمسك النار أبدا .

و روى أبو نعيم عن هشام بن المغيرة عن الغضبان بن يزيد قال رأيت أبا بردة قال لأبي العادية قاتل عمار بن ياسر مرحبا بأخي هاهنا فأجلسه إلى جانبه . و من المنحرفين عنه ع أبو عبد الرحمن السلمي القارئ روى صاحب كتاب الغارات عن عطاء بن السائب قال قال رجل لأبي عبد الرحمن السلمي أنشدك بالله إن سألتك لتخبرني قال نعم فلما أكد عليه قال بالله هل أبغضت عليا إلا يوم قسم المال في الكوفة فلم يصلك و لا أهل بيتك منه بشي ء قال أما إذ أنشدتني بالله فلقد كان كذلك . قال و روى أبو عمر الضرير عن أبي عوانة قال كان بين عبد الرحمن بن عطية و بين أبي عبد الرحمن السلمي شي ء في أمر علي ع فأقبل أبو عبد الرحمن على حيان فقال هل تدري ما جرأ صاحبك على الدماء يعني عليا قال و ما جرأه لا أبا لغيرك

قال حدثنا أن رسول الله ص قال لأهل بدر اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم

أو كلاما هذا معناه . و كان عبد الله بن عكيم عثمانيا و كان عبد الرحمن بن أبي ليلى علويا فروى موسى الجهني عن ابنة عبد الله بن عكيم قالت تحدثا يوما فسمعت أبي يقول لعبد الرحمن أما إن صاحبك لو صبر لأتاه الناس . و كان سهم بن طريف عثمانيا و كان علي بن ربيعة علويا فضرب أمير الكوفة على الناس بعثا و ضرب على سهم بن طريف معهم فقال سهم لعلي بن ربيعة اذهب إلى الأمير فكلمه في أمري ليعفيني فأتى علي بن ربيعة الأمير فقال أصلحك الله

إن سهما أعمى فأعفه قال قد أعفيته فلما التقيا قال قد أخبرت الأمير أنك أعمى و إنما عنيت عمى القلب . و كان قيس بن أبي حازم يبغض عليا ع روى وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال أتيت عليا ع ليكلم لي عثمان في حاجة فأبى فأبغضته . قلت و شيوخنا المتكلمون رحمهم الله يسقطون روايته

عن النبي ص إنكم لترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر

و يقولون إنه كان يبغض عليا ع فكان فاسقا و نقلوا عنه

أنه قال سمعت عليا ع يخطب على المنبر و يقول انفروا إلى بقية الأحزاب

فدخل بغضه في قلبي . و كان سعيد بن المسيب منحرفا عنه ع و جبهه عمر بن علي ع في وجهه بكلام شديد . روى عبد الرحمن بن الأسود عن أبي داود الهمداني قال شهدت سعيد بن المسيب و أقبل عمر بن علي بن أبي طالب ع فقال له سعيد يا ابن أخي ما أراك تكثر غشيان مسجد رسول الله ص كما يفعل إخوتك و بنو أعمامك فقال عمر يا ابن المسيب أ كلما دخلت المسجد أجي ء فأشهدك فقال سعيد ما أحب أن تغضب

سمعت أباك يقول إن لي من الله مقاما لهو خير لبني عبد المطلب مما على الأرض من شي ء

فقال عمر و أنا سمعت أبي يقول ما كلمة حكمة

في قلب منافق فيخرج من الدنيا حتى يتكلم بها

فقال سعيد يا ابن أخي جعلتني منافقا قال هو ما أقول لك ثم انصرف . و كان الزهري من المنحرفين عنه ع .

و روى جرير بن عبد الحميد عن محمد بن شيبة قال شهدت مسجد المدينة فإذا الزهري و عروة بن الزبير جالسان يذكران عليا ع فنالا منه فبلغ ذلك علي بن الحسين ع فجاء حتى وقف عليهما فقال أما أنت يا عروة فإن أبي حاكم أباك إلى الله فحكم لأبي على أبيك و أما أنت يا زهري فلو كنت بمكة لأريتك كبر أبيك

. و قد روي من طرق كثيرة أن عروة بن الزبير كان يقول لم يكن أحد من أصحاب رسول الله ص يزهو إلا علي بن أبي طالب و أسامة بن زيد . و روى عاصم بن أبي عامر البجلي عن يحيى بن عروة قال كان أبي إذا ذكر عليا نال منه . و قال لي مرة يا بني و الله ما أحجم الناس عنه إلا طلبا للدنيا لقد بعث إليه أسامة بن زيد أن ابعث إلي بعطائي فو الله إنك لتعلم أنك لو كنت في فم أسد لدخلت معك فكتب إليه أن هذا المال لمن جاهد عليه و لكن لي مالا بالمدينة فأصب منه ما شئت . قال يحيى فكنت أعجب من وصفه إياه بما وصفه به و من عيبه له و انحرافه عنه . و كان زيد بن ثابت عثمانيا شديدا في ذلك و كان عمرو بن ثابت عثمانيا من أعداء علي ع و مبغضيه و عمرو بن ثابت هو الذي روى عن أبي أيوب الأنصاري حديث ستة أيام من شوال .

روي عن عمرو أنه كان يركب و يدور القرى بالشام و يجمع أهلها و يقول أيها الناس إن عليا كان رجلا منافقا أراد أن ينخس برسول الله ص ليلة العقبة فالعنوه فيلعنه أهل تلك القرية ثم يسير إلى القرية الأخرى فيأمرهم بمثل ذلك و كان في أيام معاوية . و كان مكحول من المبغضين له ع روى زهير بن معاوية عن الحسن بن الحر قال لقيت مكحولا فإذا هو مطبوع يعني مملوءا بغضا لعلي ع فلم أزل به حتى لان و سكن . و روى المحدثون عن حماد بن زيد أنه قال أرى أن أصحاب علي أشد حبا له من أصحاب العجل لعجلهم و هذا كلام شنيع . و روي عن شبابة بن سوار أنه ذكر عنده ولد علي ع و طلبهم الخلافة فقال و الله لا يصلون إليها أبدا و الله ما استقامت لعلي و لا فرح بها يوما فكيف تصير إلى ولده هيهات هيهات لا و الله لا يذوق طعم الخلافة من رضي بقتل عثمان . و قال شيخنا أبو جعفر الإسكافي كان أهل البصرة كلهم يبغضونه و كثير من أهل الكوفة و كثير من أهل المدينة و أما أهل مكة فكلهم كانوا يبغضونه قاطبة و كانت قريش كلها على خلافه و كان جمهور الخلق مع بني أمية عليه .

و روى عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال سمعت عليا ع و هو يقول ما لقي أحد من الناس ما لقيت ثم بكى ع

و روى الشعبي عن شريح بن هانئ قال قال علي ع اللهم إني أستعديك

على قريش فإنهم قطعوا رحمي و أصغوا إنائي و صغروا عظيم منزلتي و أجمعوا على منازعتي

و روى جابر عن أبي الطفيل قال سمعت عليا ع يقول اللهم إني أستعديك على قريش فإنهم قطعوا رحمي و غصبوني حقي و أجمعوا على منازعتي أمرا كنت أولى به ثم قالوا إن من الحق أن نأخذه و من الحق أن تتركه

و روى المسيب بن نجبة الفزاري قال قال علي ع من وجدتموه من بني أمية في ماء فغطوا على صماخه حتى يدخل الماء في فيه

. و روى عمرو بن دينار عن ابن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة قال لقي عبد الرحمن بن عوف عمر بن الخطاب فقال أ لم نكن نقرأ من جملة القرآن قاتلوهم في آخر الأمر كما قاتلتموهم في أوله قال بلى و لكن ذاك إذا كان الأمراء بني أمية و الوزراء بني مخزوم .

و روى أبو عمر النهدي قال سمعت علي بن الحسين يقول ما بمكة و المدينة عشرون رجلا يحبنا

و روى سفيان الثوري عن عمرو بن مرة عن أبي البختري قال أثنى رجل على علي بن أبي طالب في وجهه و كان يبغضه فقال علي أنا دون ما تقول و فوق ما في نفسك

و روى أبو غسان النهدي قال دخل قوم من الشيعة على علي ع في الرحبة و هو على حصير خلق فقال ما جاء بكم قالوا حبك يا أمير المؤمنين قال أما إنه من أحبني رآني حيث يحب أن يراني و من أبغضني رآني حيث يكره أن يراني ثم قال ما عبد الله أحد قبلي إلا نبيه ع و لقد هجم أبو طالب علينا و أنا و هو ساجدان فقال أ و فعلتموها ثم قال لي و أنا غلام ويحك انصر ابن عمك ويحك لا تخذله

و جعل يحثني على مؤازرته و مكانفته فقال له رسول الله ص أ فلا تصلي أنت معنا يا عم فقال لا أفعل يا ابن أخي لا تعلوني استي ثم انصرف

و روى جعفر بن الأحمر عن مسلم الأعور عن حبة العرني قال قال علي ع من أحبني كان معي أما إنك لو صمت الدهر كله و قمت الليل كله ثم قتلت بين الصفا و المروة أو قال بين الركن و المقام لما بعثك الله إلا مع هواك بالغا ما بلغ إن في جنة ففي جنة و إن في نار ففي نار

و روى جابر الجعفي عن علي ع أنه قال من أحبنا أهل البيت فليستعد عدة للبلاء

و روى أبو الأحوص عن أبي حيان عن علي ع يهلك في رجلان محب غال و مبغض قال

و روى حماد بن صالح عن أيوب عن كهمس أن عليا ع قال يهلك في ثلاثة اللاعن و المستمع المقر و حامل الوزر و هو الملك المترف الذي يتقرب إليه بلعنتي و يبرأ عنده من ديني و ينتقص عنده حسبي و إنما حسبي حسب رسول الله ص و ديني دينه و ينجو في ثلاثة من أحبني و من أحب محبي و من عادى عدوي فمن أشرب قلبه بغضي أو ألب على بغضي أو انتقصني فليعلم أن الله عدوه و خصمه و الله عدو للكافرين

و روى محمد بن الصلت عن محمد بن الحنفية قال من أحبنا نفعه الله بحبنا و لو كان أسيرا بالديلم

و روى أبو صادق عن ربيعة بن ناجد عن علي ع قال قال لي رسول الله ص إن فيك لشبها من عيسى ابن مريم أحبته النصارى حتى أنزلته بالمنزلة التي ليست له و أبغضته اليهود حتى بهتت أمه

و روى صاحب كتاب الغارات حديث البراءة على غير الوجه المذكور في كتاب نهج البلاغة

قال أخبرنا يوسف بن كليب المسعودي عن يحيى بن سليمان العبدي عن أبي مريم الأنصاري عن محمد بن علي الباقر ع قال خطب علي ع على منبر الكوفة فقال سيعرض عليكم سبي و ستذبحون عليه فإن عرض عليكم سبي فسبوني و إن عرض عليكم البراءة مني فإني على دين محمد ص و لم يقل فلا تبرءوا مني

و قال أيضا حدثني أحمد بن مفضل قال حدثني الحسن بن صالح عن جعفر بن محمد ع قال قال علي ع و الله لتذبحن على سبي و أشار بيده إلى حلقه ثم قال فإن أمروكم بسبي فسبوني و إن أمروكم أن تبرءوا مني فإني على دين محمد ص و لم ينههم عن إظهار البراءة

و روى شيخنا أبو القاسم البلخي رحمه الله تعالى عن سلمة بن كهيل عن المسيب بن نجبة قال بينا علي ع يخطب إذ قام أعرابي فصاح وا مظلمتاه فاستدناه علي ع فلما دنا قال له إنما لك مظلمة واحدة و أنا قد ظلمت عدد المدر و الوبر

قال و في رواية عباد بن يعقوب إنه دعاه فقال له ويحك و أنا و الله مظلوم أيضا هات فلندع على من ظلمنا

و روى سدير الصيرفي عن أبي جعفر محمد بن علي قال اشتكى علي ع شكاة فعاده أبو بكر و عمر و خرجا من عنده فأتيا النبي ص فسألهما من أين جئتما قالا عدنا عليا قال كيف رأيتماه قال رأيناه يخاف عليه مما به فقال كلا إنه لن يموت حتى يوسع غدرا و بغيا و ليكونن في هذه الأمة عبرة يعتبر به الناس من بعده

و روى عثمان بن سعيد عن عبد الله بن الغنوي أن عليا ع خطب بالرحبة فقال أيها الناس إنكم قد أبيتم إلا أن أقولها و رب السماء و الأرض إن من عهد النبي الأمي إلي أن الأمة ستغدر بك بعدي

و روى هيثم بن بشير عن إسماعيل بن سالم: مثله و قد روى أكثر أهل الحديث هذا الخبر بهذا اللفظ أو بقريب منه .

و روى أبو جعفر الإسكافي أيضا أن النبي ص دخل على فاطمة ع فوجد عليا نائما فذهبت تنبهه فقال دعيه فرب سهر له بعدي طويل و رب جفوة لأهل بيتي من أجله شديدة فبكت فقال لا تبكي فإنكما معي و في موقف الكرامة عندي

و روى الناس كافة أن رسول الله ص قال له هذا وليي و أنا وليه عاديت من عاداه و سالمت من سالمه

أو نحو هذا اللفظ .

و روى أيضا محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن زيد بن علي بن الحسين ع قال قال رسول الله ص لعلي ع عدوك عدوي و عدوي عدو الله عز و جل

و روى يونس بن حباب عن أنس بن مالك قال كنا مع رسول الله ص و علي بن أبي طالب معنا فمررنا بحديقة فقال علي يا رسول الله أ لا ترى ما أحسن هذه الحديقة فقال إن حديقتك في الجنة أحسن منها حتى مررنا بسبع حدائق يقول علي ما قال و يجيبه رسول الله ص بما أجابه ثم إن رسول الله ص وقف فوقفنا فوضع رأسه على رأس علي و بكى فقال علي ما يبكيك يا رسول الله قال ضغائن في صدور قوم لا يبدونها لك حتى يفقدوني

فقال يا رسول الله أ فلا أضع سيفي على عاتقي فأبيد خضراءهم قال بل تصبر قال فإن صبرت قال تلاقي جهدا قال أ في سلامة من ديني قال نعم قال فإذا لا أبالي

و روى جابر الجعفي عن محمد بن علي ع قال قال علي ع ما رأيت منذ بعث الله محمدا ص رخاء لقد أخافتني قريش صغيرا و أنصبتني كبيرا حتى قبض الله رسوله فكانت الطامة الكبرى وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ

و روى صاحب كتاب الغارات عن الأعمش عن أنس بن مالك قال سمعت رسول الله ص يقول سيظهر على الناس رجل من أمتي عظيم السرم واسع البلعوم يأكل و لا يشبع يحمل وزر الثقلين يطلب الإمارة يوما فإذا أدركتموه فابقروا بطنه قال و كان في يد رسول الله ص قضيب قد وضع طرفه في بطن معاوية

. قلت هذا الخبر مرفوع مناسب لما قاله علي ع في نهج البلاغة و مؤكد لاختيارنا أن المراد به معاوية دون ما قاله كثير من الناس إنه زياد و المغيرة .

و روى جعفر بن سليمان الضبعي عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال ذكر رسول الله ص يوما لعلي ما يلقى بعده من العنت فأطال فقال له ع أنشدك الله و الرحم يا رسول الله لما دعوت الله أن يقبضني إليه قبلك قال كيف أسأله في أجل مؤجل قال يا رسول الله فعلام أقاتل من أمرتني بقتاله قال على الحدث في الدين

و روى الأعمش عن عمار الدهني عن أبي صالح الحنفي عن علي ع قال

قال لنا يوما لقد رأيت الليلة رسول الله ص في المنام فشكوت إليه ما لقيت حتى بكيت فقال لي انظر فنظرت فإذا جلاميد و إذا رجلان مصفدان قال الأعمش هما معاوية و عمرو بن العاص قال فجعلت أرضخ رءوسهما ثم تعود ثم أرضخ ثم تعود حتى انتبهت

و روى نحو هذا الحديث عمرو بن مرة عن أبي عبد الله بن سلمة عن علي ع قال رأيت الليلة رسول الله ص فشكوت إليه فقال هذه جهنم فانظر من فيها فإذا معاوية و عمرو بن العاص معلقين بأرجلهما منكسين ترضخ رءوسهما بالحجارة أو قال تشدخ

و روى قيس بن الربيع عن يحيى بن هانئ المرادي عن رجل من قومه يقال له رياد بن فلان قال كنا في بيت مع علي ع نحن شيعته و خواصه فالتفت فلم ينكر منا أحدا فقال إن هؤلاء القوم سيظهرون عليكم فيقطعون أيديكم و يسملون أعينكم فقال رجل منا و أنت حي يا أمير المؤمنين قال أعاذني الله من ذلك فالتفت فإذا واحد يبكي فقال له يا ابن الحمقاء أ تريد اللذات في الدنيا و الدرجات في الآخرة إنما وعد الله الصابرين

و روى زرارة بن أعين عن أبيه عن أبي جعفر محمد بن علي ع قال كان علي ع إذا صلى الفجر لم يزل معقبا إلى أن تطلع الشمس فإذا طلعت اجتمع إليه الفقراء و المساكين و غيرهم من الناس فيعلمهم الفقه و القرآن و كان له وقت يقوم فيه من مجلسه ذلك فقام يوما فمر برجل فرماه بكلمة هجر قال لم يسمه محمد بن علي ع فرجع عوده على بدئه حتى صعد المنبر و أمر فنودي الصلاة جامعة فحمد الله و أثنى عليه و صلى على نبيه ثم قال أيها الناس إنه ليس شي ء أحب إلى الله و لا أعم نفعا من

حلم إمام و فقهه و لا شي ء أبغض إلى الله و لا أعم ضررا من جهل إمام و خرقه ألا و إنه من لم يكن له من نفسه واعظ لم يكن له من الله حافظ ألا و إنه من أنصف من نفسه لم يزده الله إلا عزا ألا و إن الذل في طاعة الله أقرب إلى الله من التعزز في معصيته ثم قال أين المتكلم آنفا فلم يستطع الإنكار فقال ها أنا ذا يا أمير المؤمنين فقال أما إني لو أشاء لقلت فقال إن تعف و تصفح فأنت أهل ذلك قال قد عفوت و صفحت فقيل لمحمد بن علي ع ما أراد أن يقول قال أراد أن ينسبه

و روى زرارة أيضا قال قيل لجعفر بن محمد ع إن قوما هاهنا ينتقصون عليا ع قال بم ينتقصونه لا أبا لهم و هل فيه موضع نقيصة و الله ما عرض لعلي أمران قط كلاهما لله طاعة إلا عمل بأشدهما و أشقهما عليه و لقد كان يعمل العمل كأنه قائم بين الجنة و النار ينظر إلى ثواب هؤلاء فيعمل له و ينظر إلى عقاب هؤلاء فيعمل له و إن كان ليقوم إلى الصلاة فإذا قال وجهت وجهي تغير لونه حتى يعرف ذلك في وجهه و لقد أعتق ألف عبد من كد يده كل منهم يعرق فيه جبينه و تحفى فيه كفه و لقد بشر بعين نبعت في ماله مثل عنق الجزور فقال بشر الوارث بشر ثم جعلها صدقة على الفقراء و المساكين و ابن السبيل إلى أن يرث الله الأرض و من عليها ليصرف الله النار عن وجهه و يصرف وجهه عن النار

و روى القناد عن أبي مريم الأنصاري عن علي ع لا يحبني كافر و لا ولد زنا

. و روى جعفر بن زياد عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال كنا بنور إيماننا نحب علي بن أبي طالب ع فمن أحبه عرفنا أنه منا

فصل في معنى قول علي فسبوني فإنه لي زكاة

المسألة الثالثة في معنى قوله ع فسبوني فإنه لي زكاة و لكم نجاة فنقول إنه أباح لهم سبه عند الإكراه لأن الله تعالى قد أباح عند الإكراه التلفظ بكلمة الكفر فقال إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ و التلفظ بكلمة الكفر أعظم من التلفظ بسب الإمام . فأما قوله فإنه لي زكاة و لكم نجاة فمعناه أنكم تنجون من القتل إذا أظهرتم ذلك و معنى الزكاة يحتمل أمرين أحدهما ما ورد في الأخبار النبوية أن سب المؤمن زكاة له و زيادة في حسناته . و الثاني أن يريد به أن سبهم لي لا ينقص في الدنيا من قدري بل أزيد به شرفا و علو قدر و شياع ذكر و هكذا كان فإن الله تعالى جعل الأسباب التي حاول أعداؤه بها الغض منه عللا لانتشار صيته في مشارق الأرض و مغاربها . و قد لمح هذا المعنى أبو نصر بن نباته فقال للشريف الجليل محمد بن عمر العلوي

  • و أبوك الوصي أول من شادمنار الهدى و صام و صلى
  • نشرت حبله قريش فأعطته إلى صبحة القيامة فتلا

. و احتذيت أنا حذوه فقلت لأبي المظفر هبة الله بن موسى الموسوي رحمه الله تعالى في قصيده أذكر فيها أباه

  • أمك الدرة التي أنجبت منجوهر المجد راضيا مرضيا
  • و أبوك الإمام موسى كظيم الغيظ حتى يعيده منسيا
  • و أبوه تاج الهدى جعفر الصادقوحيا عن الغيوب وحيا
  • و أبوه محمد باقر العلم مضى لنا هاديا مهديا
  • و أبوه السجاد أتقى عبادالله لله مخلصا و وفيا
  • و الحسين الذي تخير أن يقضي عزيزا و لا يعيش دنيا
  • و أبوه الوصي أول منطاف و لبى سبعا و ساق الهديا
  • طامنت مجده قريش فأعطته إلى سدرة السماء رقيا
  • أخملت صيته فطار إلى أنملأ الأفق ضجة و دويا
  • و أبو طالب كفيل أبي القاسم كهلا و يافعا و فتيا
  • و لشيخ البطحاء تاج معدشيبة الحمد هل علمت سميا
  • و أبو عمر العلا هاشم الجودو من مثل هاشم بشريا
  • و أبوه الهمام عبد منافقل تقل صادقا و تبدي بديا
  • ثم زيد أعني قصي الذي لم يك عن ذروة العلاء قصيا
  • نسب إن تلفع النسب المحضلفاعا كان السليب العريا
  • و إذا أظلمت مناسخة الأحساب يوما كان المنير الجليا
  • يا له مجدة على قدم الدهرو قد يفضل العتيق الطريا

. و ذكرنا هاهنا ما قبل المعنى و ما بعده لأن الشعر حديث و الحديث كما قيل يأخذ بعضه برقاب بعض و لأن ما قبل المعنى و ما بعده مكمل له و موضح مقصده . فإن قلت أي مناسبة بين لفظ الزكاة و انتشار الصيت و السمع . قلت لأن الزكاة هي النماء و الزيادة و منه سميت الصدقة المخصوصة زكاة لأنها تنمي المال المزكى و انتشار الصيت نماء و زيادة

فصل في اختلاف الرأي في معنى السب و البراءة

المسألة الرابعة أن يقال كيف قال ع فأما السب فسبوني فإنه لي زكاة و لكم نجاة و أما البراءة فلا تبرءوا مني و أي فرق بين السب و البراءة و كيف أجاز لهم السب و منعهم عن التبرؤ و السب أفحش من التبرؤ . و الجواب أما الذي يقوله أصحابنا في ذلك فإنه لا فرق عندهم بين سبه و التبرؤ منه في أنهما حرام و فسق و كبيرة و أن المكره عليهما يجوز له فعلهما عند خوفه على نفسه كما يجوز له إظهار كلمة الكفر عند الخوف . و يجوز ألا يفعلهما و إن قتل إذا قصد بذلك إعزاز الدين كما يجوز له أن يسلم نفسه للقتل و لا يظهر كلمة الكفر إعزازا للدين و إنما استفحش ع البراءة لأن هذه اللفظة ما وردت في القرآن العزيز إلا عن المشركين أ لا ترى إلى قوله تعالى بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ و قال تعالى أَنَّ اللَّهَ بَرِي ءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَ رَسُولُهُ فقد صارت بحسب العرف الشرعي مطلقة على المشركين خاصة فإذن يحمل هذا النهي على ترجيح تحريم لفظ البراءة على لفظ السب و إن كان حكمهما واحدا أ لا ترى إن إلقاء المصحف في القذر أفحش من إلقاء المصحف في دن الشراب و إن كانا جميعا محرمين و كان حكمهما واحدا .

فأما الإمامية فتروي عنه ع أنه قال إذا عرضتم على البراءة منا فمدوا الأعناق

و يقولون إنه لا يجوز التبرؤ منه و إن كان الحالف صادقا و إن عليه الكفارة .

و يقولون إن حكم البراءة من الله تعالى و من الرسول و منه ع و من أحد الأئمة ع حكم واحد . و يقولون إن الإكراه على السب يبيح إظهاره و لا يجوز الاستسلام للقتل معه و أما الإكراه على البراءة فإنه يجوز معه الاستسلام للقتل و يجوز أن يظهر التبرؤ و الأولى أن يستسلم للقتل

فصل في معنى قول علي إني ولدت على الفطرة

المسألة الخامسة أن يقال كيف علل نهيه لهم على البراءة منه ع بقوله فإني ولدت على الفطرة فإن هذا التعليل لا يختص به ع لأن كل أحد يولد على الفطرة

قال النبي ص كل مولود يولد على الفطرة و إنما أبواه يهودانه و ينصرانه

و الجواب أنه ع علل نهيه لهم عن البراءة منه بمجموع أمور و علل و هي كونه ولد على الفطرة و كونه سبق إلى الإيمان و الهجرة و لم يعلل بآحاد هذا المجموع و مراده هاهنا بالولادة على الفطرة أنه لم يولد في الجاهلية لأنه ولد ع لثلاثين عاما مضت من عام الفيل و النبي ص أرسل لأربعين سنة مضت من عام الفيل و قد جاء في الأخبار الصحيحة أنه ص مكث قبل الرسالة سنين عشرا يسمع الصوت و يرى الضوء و لا يخاطبه أحد و كان ذلك إرهاصا لرسالته ع فحكم تلك السنين العشر حكم أيام رسالته ص فالمولود فيها إذا كان في حجره و هو المتولي لتربيته مولود في أيام كأيام النبوة و ليس بمولود في جاهلية محضة ففارقت حاله حال من يدعى له من الصحابة مماثلته في الفضل و قد روي أن السنة التي ولد فيها علي

ع هي السنة التي بدئ فيها برسالة رسول الله ص فأسمع الهتاف من الأحجار و الأشجار و كشف عن بصره فشاهد أنوارا و أشخاصا و لم يخاطب فيها بشي ء و هذه السنة هي السنة التي ابتدأ فيها بالتبتل و الانقطاع و العزلة في جبل حراء فلم يزل به حتى كوشف بالرسالة و أنزل عليه الوحي و كان رسول الله ص يتيمن بتلك السنة و بولادة علي ع فيها و يسميها سنة الخير و سنة البركة و قال لأهله ليلة ولادته و فيها شاهد ما شاهد من الكرامات و القدرة الإلهية و لم يكن من قبلها شاهد من ذلك شيئا

لقد ولد لنا الليلة مولود يفتح الله علينا به أبوابا كثيرة من النعمة و الرحمة

و كان كما قال ص فإنه ع كان ناصره و المحامي عنه و كاشف الغماء عن وجهه و بسيفه ثبت دين الإسلام و رست دعائمه و تمهدت قواعده . و في المسألة تفسير آخر و هو أن يعني

بقوله ع فإني ولدت على الفطرة

أي على الفطرة التي لم تتغير و لم تحل و ذلك أن معنى

قول النبي ص كل مولود يولد على الفطرة

أن كل مولود فإن الله تعالى قد هيأه بالعقل الذي خلقه فيه و بصحة الحواس و المشاعر لأن يعلم التوحيد و العدل و لم يجعل فيه مانعا يمنعه عن ذلك و لكن التربية و العقيدة في الوالدين و الإلف لاعتقادهما و حسن الظن فيهما يصده عما فطر عليه و أمير المؤمنين ع دون غيره ولد على الفطرة التي لم تحل و لم يصد عن مقتضاها مانع لا من جانب الأبوين و لا من جهة غيرهما و غيره ولد على الفطرة و لكنه حال عن مقتضاها و زال عن موجبها . و يمكن أن يفسر بأنه ع أراد بالفطرة العصمة و أنه منذ ولد لم يواقع قبيحا

و لا كان كافرا طرفة عين قط و لا مخطئا و لا غالطا في شي ء من الأشياء المتعلقة بالدين و هذا تفسير الإمامية

فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام

المسألة السادسة أن يقال كيف قال و سبقت إلى الإيمان و قد قال قوم من الناس إن أبا بكر سبقه و قال قوم إن زيد بن حارثة سبقه . و الجواب أن أكثر أهل الحديث و أكثر المحققين من أهل السيرة رووا أنه ع أول من أسلم و نحن نذكر كلام أبي عمر يوسف بن عبد البر المحدث في كتابه المعروف بالإستيعاب . قال أبو عمر في ترجمة علي ع المروي عن سلمان و أبي ذر و المقداد و خباب و أبي سعيد الخدري و زيد بن أسلم أن عليا ع أول من أسلم و فضله هؤلاء على غيره . قال أبو عمر و قال ابن إسحاق أول من آمن بالله و بمحمد رسول الله ص علي بن أبي طالب ع و هو قول ابن شهاب إلا أنه قال من الرجال بعد خديجة .

قال أبو عمر و حدثنا أحمد بن محمد قال حدثنا أحمد بن الفضل قال حدثنا محمد بن جرير قال حدثنا علي بن عبد الله الدهقان قال حدثنا محمد بن صالح عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال لعلي ع أربع خصال ليست

لأحد غيره هو أول عربي و عجمي صلى مع رسول الله ص و هو الذي كان معه لواؤه في كل زحف و هو الذي صبر معه يوم فر عنه غيره و هو الذي غسله و أدخله قبره

قال أبو عمر و روي عن سلمان الفارسي أنه قال أول هذه الأمة ورودا على نبيها ص الحوض أولها إسلاما علي بن أبي طالب

و قد روي هذا الحديث مرفوعا

عن سلمان عن النبي ص أنه قال أول هذه الأمة ورودا علي الحوض أولها إسلاما علي بن أبي طالب

. قال أبو عمر و رفعه أولى لأن مثله لا يدرك بالرأي . قال أبو عمر فأما إسناد المرفوع

فإن أحمد بن قاسم قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن الحارث بن أبي أسامة قال حدثني يحيى بن هاشم قال حدثنا سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن أبي صادق عن حنش بن المعتمر عن عليم الكندي عن سلمان الفارسي قال قال رسول الله ص أولكم واردا علي الحوض أولكم إسلاما علي بن أبي طالب

قال أبو عمر و روى أبو داود الطيالسي قال حدثنا أبو عوانة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس أنه قال أول من صلى مع النبي ص بعد خديجة علي بن أبي طالب

قال أبو عمر و حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير بن حرب قال حدثنا الحسن بن حماد قال حدثنا أبو عوانة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس قال كان علي أول من آمن من الناس بعد خديجة

. قال أبو عمر هذا الإسناد لا مطعن فيه لأحد لصحته و ثقة نقلته و قد عارض

ما ذكرنا في باب أبي بكر الصديق

عن ابن عباس و الصحيح في أمر أبي بكر أنه أول من أظهر إسلامه

كذلك قاله مجاهد و غيره قالوا و منعه قومه . قال أبو عمر اتفق ابن شهاب و عبد الله بن محمد بن عقيل و قتادة و ابن إسحاق على أن أول من أسلم من الرجال علي و اتفقوا على أن خديجة أول من آمن بالله و رسوله و صدقه فيما جاء به ثم علي بعد . و روي عن أبي رافع مثل ذلك . قال أبو عمر و حدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا عبد السلام بن صالح قال حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال حدثنا عمر مولى غفرة قال سئل محمد بن كعب القرظي عن أول من أسلم علي أم أبي بكر فقال سبحان الله علي أولهما إسلاما و إنما شبه على الناس لأن عليا أخفى إسلامه من أبي طالب و أسلم أبو بكر فأظهر إسلامه . قال أبو عمر و لا شك عندنا أن عليا أولهما إسلاما ذكر عبد الرزاق في جامعه عن معمر عن قتادة عن الحسن و غيره قالوا أول من أسلم بعد خديجة علي بن أبي طالب ع .

و روى معمر عن عثمان الجزري عن مقسم عن ابن عباس قال أول من أسلم علي بن أبي طالب

قال أبو عمر و روى ابن فضيل عن الأجلح عن حبة بن جوين العرني قال سمعت عليا ع يقول لقد عبدت الله قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة خمس سنين

قال أبو عمر و روى شعبة عن سلمة بن كهيل عن حبة العرني قال سمعت عليا يقول إنا أول من صلى مع رسول الله ص

قال أبو عمر و قد روى سالم بن أبي الجعد قال قلت لابن الحنفية أبو بكر كان أولهما إسلاما قال لا . قال أبو عمر و روى مسلم الملائي عن أنس بن مالك قال استنبئ النبي ص يوم الإثنين و صلى علي يوم الثلاثاء . قال أبو عمر و قال زيد بن أرقم أول من آمن بالله بعد رسول الله ص علي بن أبي طالب . قال و قد روي حديث زيد بن أرقم من وجوه ذكرها النسائي و أسلم بن موسى و غيرهما منها ما حدثنا به عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا علي بن الجعد قال حدثنا شعبة قال أخبرني عمرو بن مرة قال سمعت أبا حمزة الأنصاري قال سمعت زيد بن أرقم يقول أول من صلى مع رسول الله ص علي بن أبي طالب . قال أبو عمر و حدثنا عبد الوارث حدثنا قاسم حدثنا أحمد بن زهير بن حرب حدثنا أبي قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال حدثنا ابن إسحاق قال حدثنا يحيى بن أبي الأشعث عن إسماعيل بن إياس بن عفيف الكندي عن أبيه عن جده قال كنت امرأ تاجرا فقدمت الحج فأتيت العباس بن عبد المطلب لأبتاع منه بعض التجارة و كان امرأ تاجرا فو الله إني لعنده بمنى إذ خرج رجل من خباء قريب منه فنظر إلى الشمس فلما رآها قد مالت قام يصلي ثم خرجت امرأة من ذلك الخباء الذي خرج منه ذلك الرجل فقامت خلفه تصلي ثم خرج غلام حين راهق الحلم من ذلك الخباء فقام معه يصلي فقلت للعباس ما هذا يا عباس قال هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن أخي قلت من هذه المرأة

قال امرأته خديجة بنت خويلد قلت ما هذا الفتى قال علي بن أبي طالب ابن عمه قلت ما هذا الذي يصنع قال يصلي و هو يزعم أنه نبي و لم يتبعه على أمره إلا امرأته و ابن عمه هذا الغلام و هو يزعم أنه سيفتح على أمته كنوز كسرى و قيصر قال فكان عفيف الكندي يقول و قد أسلم بعد ذلك و حسن إسلامه لو كان الله رزقني الإسلام يومئذ كنت أكون ثانيا مع علي . قال أبو عمر و قد ذكرنا هذا الحديث من طرق في باب عفيف الكندي من هذا الكتاب .

قال أبو عمر و لقد قال علي ع صليت مع رسول الله ص كذا و كذا لا يصلي معه غيري إلا خديجة

. فهذه الروايات و الأخبار كلها ذكرها أبو عمر يوسف بن عبد البر في الكتاب المذكور و هي كما تراها تكاد تكون إجماعا . قال أبو عمر و إنما الاختلاف في كمية سنه ع يوم أسلم ذكر الحسن بن علي الحلواني في كتاب المعرفة له قال حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثنا الليث بن سعد عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن أنه بلغه أن عليا و الزبير أسلما و هما ابنا ثماني سنين كذا يقول أبو الأسود يتيم عروة و ذكره أيضا ابن أبي خيثمة عن قتيبة بن سعيد عن الليث بن سعد عن أبي الأسود و ذكره عمر بن شبة عن الحزامي عن أبي وهب عن الليث عن أبي الأسود قال الليث و هاجرا و هما ابنا ثمان عشرة سنة . قال أبو عمر و لا أعلم أحدا قال بقول أبي الأسود هذا . قال أبو عمر و روى الحسن بن علي الحلواني قال حدثنا عبد الرزاق قال حدثنا معمر عن قتادة عن الحسن قال أسلم علي و هو ابن خمس عشرة سنة

قال أبو عمر و أخبرنا أبو القاسم خلف بن قاسم بن سهل قال حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن إسماعيل الطوسي قال أخبرنا أبو العباس محمد بن إسحاق بن إبراهيم السراج قال حدثنا محمد بن مسعود قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة عن الحسن قال أسلم علي و هو أول من أسلم و هو ابن خمس عشرة سنة أو ست عشرة سنة . قال أبو عمر قال ابن وضاح و ما رأيت أحدا قط أعلم بالحديث من محمد بن مسعود و لا بالرأي من سحنون . قال أبو عمر قال ابن إسحاق أول ذكر آمن بالله و رسوله علي بن أبي طالب ع و هو يومئذ ابن عشر سنين . قال أبو عمر و الروايات في مبلغ سنه ع مختلفة قيل أسلم و هو ابن ثلاث عشرة سنة و قيل ابن اثنتي عشرة سنة و قيل ابن خمس عشرة سنة و قيل ابن ست عشرة و قيل ابن عشر و قيل ابن ثمان . قال أبو عمر و ذكر عمر بن شبة عن المدائني عن ابن جعدة عن نافع عن ابن عمر قال أسلم علي و هو ابن ثلاث عشرة سنة . قال و أخبرنا إبراهيم بن المنذر الحرامي قال حدثنا محمد بن طلحة قال حدثني جدي إسحاق بن يحيى عن طلحة قال كان علي بن أبي طالب ع و الزبير بن العوام و طلحة بن عبيد الله و سعد بن أبي وقاص أعمارا واحدة . قال و أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال حدثنا إسماعيل بن علي الخطبي قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا حجين أبو عمر قال حدثنا حبان عن معروف عن أبي معشر قال كان علي ع و طلحة و الزبير في سن واحدة .

قال و روى عبد الرزاق عن الحسن و غيره أن أول من أسلم بعد خديجة علي بن أبي طالب ع و هو ابن خمس عشرة سنة أو ست عشرة . قال أبو عمر و روى أبو زيد عمر بن شبة قال حدثنا شريح بن النعمان قال حدثنا الفرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن ابن عمر قال أسلم علي و هو ابن ثلاث عشرة سنة و توفي و هو ابن ثلاث و ستين سنة . قال أبو عمر هذا أصح ما قيل في ذلك و الله أعلم . انتهى حكاية كلام أبي عمر في كتاب الإستيعاب . و اعلم أن شيوخنا المتكلمين لا يكادون يختلفون في أن أول الناس إسلاما علي بن أبي طالب ع إلا من عساه خالف في ذلك من أوائل البصريين فأما الذي تقررت المقالة عليه الآن فهو القول بأنه أسبق الناس إلى الإيمان لا تكاد تجد اليوم في تصانيفهم و عند متكلميهم و المحققين منهم خلافا في ذلك . و اعلم أن أمير المؤمنين ع ما زال يدعي ذلك لنفسه و يفتخر به و يجعله في أفضليته على غيره و يصرح بذلك و قد قال غير مرة أنا الصديق الأكبر و الفاروق الأول أسلمت قبل إسلام أبي بكر و صليت قبل صلاته . و روى عنه هذا الكلام بعينه أبو محمد بن قتيبة في كتاب المعارف و هو غير متهم في أمره .

و من الشعر المروي عنه ع في هذا المعنى الأبيات التي أولها

  • محمد النبي أخي و صهريو حمزة سيد الشهداء عمي

و من جملتها

  • سبقتكم إلى الإسلام طراغلاما ما بلغت أوان حلمي

و الأخبار الواردة في هذا الباب كثيرة جدا لا يتسع هذا الكتاب لذكرها فلتطلب من مظانها . و من تأمل كتب السير و التواريخ عرف من ذلك ما قلناه . فأما الذاهبون إلى أن أبا بكر أقدمهما إسلاما فنفر قليلون و نحن نذكر ما أورده ابن عبد البر أيضا في كتاب الإستيعاب في ترجمة أبي بكر . قال أبو عمر حدثني خالد بن القاسم قال حدثنا أحمد بن محبوب قال حدثنا محمد بن عبدوس قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا شيخ لنا قال أخبرنا مجالد عن الشعبي قال سألت ابن عباس أو سئل أي الناس كان أول إسلاما فقال أ ما سمعت قول حسان بن ثابت

  • إذا تذكرت شجوا من أخي ثقةفاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا
  • خير البرية أتقاها و أعدلهابعد النبي و أوفاها بما حملا
  • و الثاني التالي المحمود مشهدهو أول الناس منهم صدق الرسلا

و يروى أن النبي ص قال لحسان هل قلت في أبي بكر شيئا قال نعم و أنشده هذه الأبيات و فيها بيت رابع

  • و ثاني اثنين في الغار المنيف و قدطاف العدو به إذ صعدوا الجبلا

فسر بذلك رسول الله ص و قال أحسنت يا حسان و قد روي فيها بيت خامس

  • و كان حب رسول الله قد علموامن البرية لم يعدل به رجلا

و قال أبو عمر و روى شعبة عن عمرو بن مرة عن إبراهيم النخعي قال أول من أسلم أبو بكر . قال و روى الجريري عن أبي نصر قال قال أبو بكر لعلي ع أنا أسلمت قبلك في حديث ذكره فلم ينكره عليه . قال أبو عمر و قال فيه أبو محجن الثقفي

  • و سميت صديقا و كل مهاجرسواك يسمى باسمه غير منكر
  • سبقت إلى الإسلام و الله شاهدو كنت جليسا بالعريش المشهر
  • و بالغار إذ سميت خلا و صاحباو كنت رفيقا للنبي المطهر

. قال أبو عمر و روينا من وجوه عن أبي أمامة الباهلي قال حدثني عمرو بن عبسة قال أتيت رسول الله ص و هو نازل بعكاظ فقلت يا رسول الله ص من اتبعك على هذا الأمر فقال حر و عبد أبو بكر و بلال قال فأسلمت عند ذلك

و ذكر الحديث . هذا مجموع ما ذكره أبو عمر بن عبد البر في هذا الباب في ترجمة أبي بكر و معلوم أنه لا نسبة لهذه الروايات إلى الروايات التي ذكرها في ترجمة علي ع الدالة على سبقه و لا ريب أن الصحيح ما ذكره أبو عمر أن عليا ع كان هو السابق و أن أبا بكر هو أول من أظهر إسلامه فظن أن السبق له . و أما زيد بن حارثة فإن أبا عمر بن عبد البر رضي الله تعالى عنه ذكر في كتاب الإستيعاب أيضا في ترجمة زيد بن حارثة قال ذكر معمر بن شبة في جامعه عن الزهري أنه قال ما علمنا أحدا أسلم قبل زيد بن حارثة .قال عبد الرزاق و ما أعلم أحدا ذكره غير الزهري . و لم يذكر صاحب الإستيعاب ما يدل على سبق زيد إلا هذه الرواية و استغربها فدل مجموع ما ذكرناه أن عليا ع أول الناس إسلاما و أن المخالف في ذلك شاذ و الشاذ لا يعتد به

فصل فيما ذكر من سبق علي إلى الهجرة

المسألة السابعة أن يقال كيف قال إنه سبق إلى الهجرة و معلوم أن جماعة من المسلمين هاجروا قبله منهم عثمان بن مظعون و غيره و قد هاجر أبو بكر قبله لأنه هاجر في صحبة النبي ص و تخلف علي ع عنهما فبات على فراش رسول الله ص و مكث أياما يرد الودائع التي كانت عنده ثم هاجر بعد ذلك . و الجواب أنه ع لم يقل و سبقت كل الناس إلى الهجرة و إنما قال و سبقت فقط و لا يدل ذلك على سبقه للناس كافة و لا شبهة أنه سبق معظم المهاجرين إلى الهجرة و لم يهاجر قبله أحد إلا نفر يسير جدا . و أيضا فقد قلنا إنه علل أفضليته و تحريم البراءة منه مع الإكراه بمجموع أمور منها ولادته على الفطرة و منها سبقه إلى الإيمان و منها سبقه إلى الهجرة و هذه الأمور الثلاثة لم تجتمع لأحد غيره فكان بمجموعها متميزا عن كل أحد من الناس . و أيضا فإن اللام في الهجرة يجوز ألا تكون للمعهود السابق بل تكون للجنس و أمير المؤمنين ع سبق أبا بكر و غيره إلى الهجرة التي قبل هجرة المدينة فإن النبي ص هاجر عن مكة مرارا يطوف على أحياء العرب و ينتقل من

أرض قوم إلى غيرها و كان علي ع معه دون غيره . أما هجرته إلى بني شيبان فما اختلف أحد من أهل السيرة أن عليا ع كان معه هو و أبو بكر و أنهم غابوا عن مكة ثلاثة عشر يوما و عادوا إليها لما لم يجدوا عند بني شيبان ما أرادوه من النصرة . و روى المدائني في كتاب الأمثال عن المفضل الضبي أن رسول الله ص لما خرج عن مكة يعرض نفسه على قبائل العرب خرج إلى ربيعة و معه علي ع و أبو بكر فدفعوا إلى مجلس من مجالس العرب فتقدم أبو بكر و كان نسابة فسلم فردوا عليه السلام فقال ممن القوم قالوا من ربيعة قال أ من هامتها أم من لهازمها قالوا من هامتها العظمى فقال من أي هامتها العظمى أنتم قالوا من ذهل الأكبر قال أ فمنكم عوف الذي يقال له لا حر بوادي عوف قالوا لا قال أ فمنكم بسطام ذو اللواء و منتهى الأحياء قالوا لا قال أ فمنكم جساس حامي الذمار و مانع الجار قالوا لا قال أ فمنكم الحوفزان قاتل الملوك و سالبها أنفسها قالوا لا قال أ فمنكم المزدلف صاحب العمامة الفردة قالوا لا قال أ فأنتم أخوال الملوك من كندة قالوا لا قال فلستم إذن ذهلا الأكبر أنتم ذهل الأصغر فقام إليه غلام قد بقل وجهه اسمه دغفل فقال

  • إن على سائلنا أن نسألهو العب ء لا تعرفه أو تحمله

يا هذا إنك قد سألتنا فأجبناك و لم نكتمك شيئا فممن الرجل قال من قريش قال بخ بخ أهل الشرف و الرئاسة فمن أي قريش أنت قال من تيم بن مرة قال أمكنت و الله الرامي من الثغرة أ منكم قصي بن كلاب الذي جمع القبائل من فهر فكان يدعى مجمعا قال لا قال أ فمنكم هاشم الذي هشم لقومه الثريد قال لا قال أ فمنكم شيبة الحمد مطعم طير السماء قال لا قال أ فمن المفيضين بالناس أنت قال لا قال أ فمن أهل الندوة أنت قال لا قال أ فمن أهل الرفادة أنت قال لا قال أ فمن أهل الحجابة أنت قال لا قال أ فمن أهل السقاية قال لا قال فاجتذب أبو بكر زمام ناقته و رجع إلى رسول الله ص هاربا من الغلام فقال دغفل

صادف درء السيل درء يصدعه

. أما و الله لو ثبت لأخبرتك أنك من زمعات قريش فتبسم رسول الله ص

و قال علي ع لأبي بكر لقد وقعت يا أبا بكر من الأعرابي على باقعة

قال أجل إن لكل طامة طامة و البلاء موكل بالمنطق فذهبت مثلا . و أما هجرته ص إلى الطائف فكان معه علي ع و زيد بن

حارثة في رواية أبي الحسن المدائني و لم يكن معهم أبو بكر و أما رواية محمد بن إسحاق فإنه قال كان معه زيد بن حارثة وحده و غاب رسول الله ص عن مكة في هذه الهجرة أربعين يوما و دخل إليها في جوار مطعم بن عدي . و أما هجرته ص إلى بني عامر بن صعصعة و إخوانهم من قيس عيلان فإنه لم يكن معه إلا علي ع وحده و ذلك عقيب وفاة أبي طالب أوحي إليه ص أخرج منها فقد مات ناصرك فخرج إلى بني عامر بن صعصعة و معه علي ع وحده فعرض نفسه عليهم و سألهم النصر و تلا عليهم القرآن فلم يجيبوه فعادا ع إلى مكة و كانت مدة غيبته في هذه الهجرة عشرة أيام و هي أول هجرة هاجرها ص بنفسه . فأما أول هجرة هاجرها أصحابه و لم يهاجر بنفسه فهجرة الحبشة هاجر فيها كثير من أصحابه ع إلى بلاد الحبشة في البحر منهم جعفر بن أبي طالب ع فغابوا عنه سنين ثم قدم عليه منهم من سلم و طالت أيامه و كان قدوم جعفر عليه عام فتح خيبر

فقال ص ما أدري بأيهما أنا أسر أ بقدوم جعفر أم بفتح خيبر

شرح نهج البلاغه منظوم

و من كلام لّه عليه السّلام لأصحابه:

اما انّه سيظهر عليكم بعدى رجل رّحب البلعوم، مندحق البطن، يأكل ما يجد، و يطلب ما لا يجد، فاقتلوه و لن تقتلوه، الا و انّه سيأمركم بسبّى و البراءة منّى، امّا السّبّ فسبّونى، فانّه لى زكاة و لكم نجاة، و امّا البراءة فلا تتبرّؤا منّى، فانّى ولدت على الفطرة، و سبقت الى الأيمان و الهجرة.

ترجمه

از سخنان آن حضرت عليه السّلام است كه در آن اهل كوفه را از سختى هايى كه بآنان روى خواهد داد آگاهى داده فرمايد: (اى اهل كوفه) آگاه باشيد زود است كه پس از من بر شما چيره گردد مردى گشاده گلو برآمده شكم، كه هرچه بيابد بخورد، و هرچه نيابد بجويد (مقصود حضرت از اين كس معاويه ابن ابى سفيان است كه بقدرى غذا مى خورد كه خسته شده و مى گفت برداريد خسته شدم و سير نگشتم و او در اثر نفرين حضرت رسول صلّى اللّه عليه و آله باين مرض مبتلا شده بود زيرا روزى حضرت دو مرتبه كس بطلب او فرستاده گفتند غذا مى خورد حضرت فرمود اللّهمّ لا تشبع بطنه خدايا شكم او را سير مفرماى و معاويه بطورى در پرخورى ضرب المثل شده كه يكى از شعرا گويد لى صاحب وّ بطنه كالهاوية كانّ فى احشائه معاويه مرا يارى است كه شكمش از حيث پرخورى مانند هاويه و تو گوئى معاويه در احشاء او جاى گرفته) پس (اگر دست پيدا كرديد) او را بكشيد اگر چه هرگز او را كشتن نتوانيد، آگاه باشيد زودا كه آن مرد شما را بدشنام گفتن و بيزارى جستن از من امر ميكند، امّا دشنام پس اگر ناچار شديد مرا دشنام گوئيد زيرا كه ناسزا گفتن بر من مرا سبب بلندى مقام و شما را باعث رهائى (از چنگال ستم او) است اما بيزارى پس از من بيزارى مجوئيد، زيرا كه من بفطرت اسلامى متولّد شده و در ايمان و هجرت (با رسول خدا) بر همه پيشى گرفته ام (و بيزارى جستن از چنين كسى سبب عذاب آخرت و بدبختى دو جهانى است).

نظم

  • الا زودا كه بعد از من نمايانشود مردى وسيع الحلق و بطنان
  • درون او بسان گاو پرواربود بر هر علوفه كان و انبار
  • خورد از خوردنيها هرچه يابدنيابد هرچه روى از آن نتابد
  • چو آن گاو شكم پرداز خيره شماها را مسلّط گشت و چيره
  • تواند گر كسى كه از تنش پوستكشد كارى بسى خوبست و نيكو است
  • ولى مقتول او هرگز نگردداساس دين ببايد در نوردد
  • كند او امر كاندر صبح و در شاممرا گوئيد سبّ و شتم و دشنام
  • ز من يكباره بيزارى بجوئيدبمنبر لعن بسيارم بگوئيد
  • اگر چه ناسزا بر من سزا نيستز لعن دشمنان باكى مرا نيست
  • مرا سبّ باعث جاه و مقام است شما را هم نجات از انتقام است
  • ولى هر كس ز من گرديد بيزارشود بيزار از او يزدان قهّار
  • نبايد كس ز من جويد تبّراكه ذات من ز كفر آمد مبرّا
  • بدور دين مرا زائيده مادرمكيدم شير ز انگشت پيمبر
  • قماط من بريدند اندر اسلام هميشه بوده ام بيزار ز اصنام
  • باحمد بوده ام در جنگ ياوربهجرت همسر و يار و برادر
  • ز اقران من بايمان برده سبقت كشيدم بيشتر رنج طريقت
  • هميشه ياور دين بوده ام منره توحيد را پيموده ام من
  • ز چون من كس هر آن كس جست دورى بود ناز جحيم او را ضرورى

منبع:پژوهه تبلیغ

این موضوعات را نیز بررسی کنید:

جدیدترین ها در این موضوع

نگاهی به رفتارشناسی اهل نفاق از دیدگاه قرآن

نگاهی به رفتارشناسی اهل نفاق از دیدگاه قرآن

نقش منافقان در جامعه اسلامی، نقشی بسیار مخرب و زیانبار است. حساسیت قرآن به این دسته از شهروندان به خوبی نشان می‌دهد که نمی‌توان به صرف شهروندی با همه افراد جامعه یکسان برخورد کرد و حقوق یکسانی را برای همگان به طور مطلق قائل شد؛ بلکه می‌بایست ملاحظاتی در نحوه تعامل با دسته‌هایی از افراد جامعه اعمال کرد.
مجالست با بدان در فضای مجازی

مجالست با بدان در فضای مجازی

فضاي مجازي هرچند که به نظر مي رسد که مجاز باشد و حقيقت نيست، ولي اگر دقت شود معلوم مي شود که حقيقت است نه مجاز؛ زيرا فضايي که امروز از آن به مجازي ياد مي شود، جلوه اي از دنياي حقيقي و واقعي است.
نقل 80 حدیث مُسلّم از ائمه اطهار(ع)

نقل 80 حدیث مُسلّم از ائمه اطهار(ع)

حجت‌الاسلام ناصر رفیعی نکات و مصادیق برجسته‌ای از بُعد ولایتمداری و جایگاه علمی حضرت عبدالعظیم الحسنی(ع)بیان کرده است که در ذیل می‌آید.
نسبت عدالت و آزادی در انديشه شهيد مطهری

نسبت عدالت و آزادی در انديشه شهيد مطهری

نسبت ميان دو واژه «آزادي» و «عدالت» و شيوه اعمال توازن بين اين دو مفهوم همواره از بحث‌هاي مناقشه برانگيز در ميان انديشمندان سياسي طول تاريخ بوده است.
قرآن و جریان نفوذ

قرآن و جریان نفوذ

نفوذ به معنای رخنه است.

پر بازدیدترین ها

No image

ذكر مصیبت امیرالمومنین علی علیه السلام : وصیت امیرالمؤمنین(ع) بر غسل و دفن شبانه وی

ذکر مصیبت امیرالمومنین علی علیه السلام با موضوع وصیت امیرالمؤمنین(ع) بر غسل و دفن شبانه وی
No image

نحوه های مختلف شـروع کلاس توسط مربی

در این بخش "شـروع ها" در جهت آموزش کلاسداری مطرح می شود.
No image

ذكر مصیبت امام حسین علیه السلام : امام حسین(ع) تنها در صحرای کربلا

ذکر مصیبت امام حسین علیه السلام با موضوع امام حسین(ع) تنها در صحرای کربلا
No image

ذكر مصیبت امیرالمومنین علی علیه السلام : ذکر مصیبت امیرالمؤمنین(ع)

ذکر مصیبت امیرالمومنین علی علیه السلام با موضوع ذکر مصیبت امیرالمؤمنین(ع)
Powered by TayaCMS