44 و من كتاب له ع إلى زياد بن أبيه
و قد بلغه أن معاوية كتب إليه يريد خديعته باستلحاقه- : وَ قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَيْكَ- يَسْتَزِلُّ لُبَّكَ وَ يَسْتَفِلُّ غَرْبَكَ- فَاحْذَرْهُ فَإِنَّمَا هُوَ الشَّيْطَانُ- يَأْتِي الْمَرْءَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ- وَ عَنْ يَمِينِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ- لِيَقْتَحِمَ غَفْلَتَهُ وَ يَسْتَلِبَ غِرَّتَهُ- وَ قَدْ كَانَ مِنْ أَبِي سُفْيَانَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَلْتَةٌ- مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ- وَ نَزْغَةٌ مِنْ نَزَغَاتِ الشَّيْطَانِ- لَا يَثْبُتُ بِهَا نَسَبٌ وَ لَا يُسْتَحَقُّ بِهَا إِرْثٌ- وَ الْمُتَعَلِّقُ بِهَا كَالْوَاغِلِ الْمُدَفَّعِ وَ النَّوْطِ الْمُذَبْذَبِ- فَلَمَّا قَرَأَ زِيَادٌ الْكِتَابَ قَالَ- شَهِدَ بِهَا وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ- وَ لَمْ تَزَلْ فِي نَفْسِهِ حَتَّى ادَّعَاهُ مُعَاوِيَةُ قال الرضي رحمه الله تعالى- قوله ع الواغل- هو الذي يهجم على الشرب- ليشرب معهم و ليس منهم- فلا يزال مدفعا محاجزا- و النوط المذبذب هو ما يناط برحل الراكب- من قعب أو قدح أو ما أشبه ذلك- فهو أبدا يتقلقل إذا حث ظهره و استعجل سيره يستزل لبك يطلب زلله و خطأه- أي يحاول أن تزل- و اللب العقل- و يستفل غربك يحاول أن يفل حدك أي عزمك- و هذا من باب المجاز- ثم أمره أن يحذره و قال إنه يعني معاوية- كالشيطان يأتي المرء من كذا و من كذا- و هو مأخوذ من قول الله تعالى- ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ- وَ عَنْ أَيْمانِهِمْ وَ عَنْ شَمائِلِهِمْ وَ لا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ- قالوا في تفسيره من بين أيديهم- يطمعهم في العفو و يغريهم بالعصيان- و من خلفهم يذكرهم مخلفيهم و يحسن لهم جمع المال و تركه لهم- و عن أيمانهم يحبب إليهم الرئاسة و الثناء- و عن شمائلهم يحبب إليهم اللهو و اللذات- . و قال شقيق البلخي- ما من صباح إلا قعد لي الشيطان على أربعة مراصد- من بين يدي و من خلفي و عن يميني و عن شمالي- أما من بين يدي فيقول- لا تخف فإن الله غفور رحيم- فأقرأ وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ- وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى - و أما من خلفي فيخوفني الضيعة على مخلفي- فأقرأ وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها- و أما من قبل يميني فيأتيني من جهة الثناء- فأقرأ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ- و أما من قبل شمالي فيأتيني من قبل الشهوات- فأقرأ وَ حِيلَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ ما يَشْتَهُونَ- . فإن قلت لم لم يقل و من فوقهم و من تحتهم- قلت لأن جهة فوق جهة نزول الرحمة- و مستقر الملائكة و مكان العرش- و الأنوار الشريفة و لا سبيل له إليها- و أما من جهة تحت فلأن الإتيان منها يوحش- و ينفر عنه لأنها الجهة المعروفة بالشياطين- فعدل عنها إلى ما هو أدعى إلى قبول وساوسه و أضاليله- . و قد فسر قوم المعنى الأول فقالوا- مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ من جهة الدنيا- و مِنْ خَلْفِهِمْ من جهة الآخرة- و عَنْ أَيْمانِهِمْ الحسنات- و عَنْ شَمائِلِهِمْ أي يحثهم على طلب الدنيا- و يؤيسهم من الآخرة و يثبطهم عن الحسنات- و يغريهم بالسيئات- . قوله ليقتحم غفلته أي ليلج و يهجم عليه و هو غافل- جعل اقتحامه إياه- اقتحاما للغرة نفسها لما كانت غالبة عليه- . و يستلب غرته ليس المعنى باستلابه الغرة- أن يرفعها و يأخذها لأنه لو كان كذلك- لصار ذلك الغافل المغتر فاقدا للغفلة و الغرة- و كان لبيبا فطنا فلا يبقى له سبيل عليه- و إنما المعنى بقوله و يستلب غرته- ما يعنيه الناس بقولهم أخذ فلان غفلتي و فعل كذا- . و معنى أخذها هنا أخذ ما يستدل به على غفلتي- . و فلتة أمر وقع من غير تثبت و لا روية- . و نزغة كلمة فاسدة من نزغات الشيطان- أي من حركاته القبيحة التي يستفسد بها مكلفين- و لا يثبت بها نسب و لا يستحق بها إرث- لأن المقر بالزناء لا يلحقه النسب- و لا يرثه المولود
لقوله ص الولد للفراش و للعاهر الحجر
نسب زياد بن أبيه و ذكر بعض أخباره و كتبه و خطبه
فأما زياد فهو زياد بن عبيد و من الناس من يقول- عبيد بن فلان و ينسبه إلى ثقيف- و الأكثرون يقولون إن عبيدا كان عبدا- و إنه بقي إلى أيام زياد فابتاعه و أعتقه- و سنذكر ما ورد في ذلك و نسبة زياد لغير أبيه لخمول أبيه- و الدعوة التي استلحق بها- فقيل تارة زياد بن سمية و هي أمه- و كانت أمة للحارث بن كلدة بن عمرو بن علاج الثقفي- طبيب العرب و كانت تحت عبيد- . و قيل تارة زياد بن أبيه و قيل تارة زياد بن أمه- و لما استلحق قال له أكثر الناس- زياد بن أبي سفيان- لأن الناس مع الملوك الذين هم مظنة الرهبة و الرغبة- و ليس أتباع الدين بالنسبة إلى أتباع الملوك- إلا كالقطرة في البحر المحيط- فأما ما كان يدعى به قبل الاستلحاق فزياد بن عبيد- و لا يشك في ذلك أحد- . و روى أبو عمر بن عبد البر في كتاب الإستيعاب- عن هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه- عن أبي صالح عن ابن عباس- أن عمر بعث زيادا في إصلاح فساد واقع باليمن- فلما رجع من وجهه خطب عند عمر خطبة لم يسمع مثلها- و أبو سفيان حاضر و علي ع و عمرو بن العاص- فقال عمرو بن العاص لله أبو هذا الغلام- لو كان قرشيا لساق العرب بعصاه- فقال أبو سفيان إنه لقرشي- و إني لأعرف الذي وضعه في رحم أمه- فقال علي ع و من هو قال أنا- فقال مهلا يا أبا سفيان فقال أبو سفيان-
- أما و الله لو لا خوف شخصيراني يا علي من الأعادي
- لأظهر أمره صخر بن حربو لم يخف المقالة في زياد
- و قد طالت مجاملتي ثقيفاو تركي فيهم ثمر الفؤاد
- عنى بقوله لو لا خوف شخص عمر بن الخطاب و روى أحمد بن يحيى البلاذري قال- تكلم زياد و هو غلام حدث- بحضرة عمر كلاما أعجب الحاضرين- فقال عمرو بن العاص لله أبوه- لو كان قرشيا لساق العرب بعصاه- فقال أبو سفيان أما و الله إنه لقرشي- و لو عرفته لعرفت أنه خير من أهلك- فقال و من أبوه قال أنا و الله وضعته في رحم أمه- فقال فهلا تستلحقه- قال أخاف هذا العير الجالس- أن يخرق علي إهابي- . و روى محمد بن عمر الواقدي قال قال أبو سفيان- و هو جالس عند عمر و علي هناك- و قد تكلم زياد فأحسن- أبت المناقب إلا أن تظهر في شمائل زياد- فقال علي ع من أي بني عبد مناف هو قال ابني- قال كيف قال أتيت أمه في الجاهلية سفاحا- فقال علي ع مه يا أبا سفيان- فإن عمر إلى المساءة سريع- قال فعرف زياد ما دار بينهما فكانت في نفسه- . و روى علي بن محمد المدائني قال لما كان زمن علي ع- ولى زيادا فارس أو بعض أعمال فارس- فضبطها ضبطا صالحا و جبى خراجها و حماها- و عرف ذلك معاوية فكتب إليه- أما بعد فإنه غرتك قلاع تأوي إليها ليلا- كما تأوي الطير إلى وكرها- و ايم الله لو لا انتظاري بك ما الله أعلم به- لكان لك مني ما قاله العبد الصالح- فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها- وَ لَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً وَ هُمْ صاغِرُونَ- و كتب في أسفل الكتاب شعرا من جملته-
- تنسى أباك و قد شالت نعامتهإذ يخطب الناس و الوالي لهم عمر
- . فلما ورد الكتاب على زياد قام فخطب الناس و قال- العجب من ابن آكلة الأكباد و رأس النفاق- يهددني و بيني و بينه ابن عم رسول الله ص- و زوج سيدة نساء العالمين و أبو السبطين- و صاحب الولاية و المنزلة و الإخاء في مائة ألف-
من المهاجرين و الأنصار و التابعين لهم بإحسان- أما و الله لو تخطى هؤلاء أجمعين إلي- لوجدني أحمر مخشا ضرابا بالسيف- ثم كتب إلى علي ع و بعث بكتاب معاوية في كتابه- .
فكتب إليه علي ع و بعث بكتابه أما بعد فإني قد وليتك ما وليتك- و أنا أراك لذلك أهلا- و إنه قد كانت من أبي سفيان فلتة في أيام عمر- من أماني التيه و كذب النفس- لم تستوجب بها ميراثا و لم تستحق بها نسبا- و إن معاوية كالشيطان الرجيم- يأتي المرء من بين يديه و من خلفه- و عن يمينه و عن شماله- فاحذره ثم احذره ثم احذره و السلام
- . و روى أبو جعفر محمد بن حبيب قال- كان علي ع قد ولى زيادا قطعة من أعمال فارس- و اصطنعه لنفسه- فلما قتل علي ع بقي زياد في عمله- و خاف معاوية جانبه و علم صعوبة ناحيته- و أشفق من ممالأته الحسن بن علي ع فكتب إليه- من أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان- إلى زياد بن عبيد أما بعد- فإنك عبد قد كفرت النعمة و استدعيت النقمة- و لقد كان الشكر أولى بك من الكفر- و إن الشجرة لتضرب بعرقها و تتفرع من أصلها- إنك لا أم لك بل لا أب لك قد هلكت و أهلكت- و ظننت أنك تخرج من قبضتي- و لا ينالك سلطاني هيهات- ما كل ذي لب يصيب رأيه- و لا كل ذي رأي ينصح في مشورته- أمس عبد و اليوم أمير- خطة ما ارتقاها مثلك يا ابن سمية- و إذا أتاك كتابي هذا فخذ الناس بالطاعة و البيعة- و أسرع الإجابة- فإنك أن تفعل فدمك حقنت- و نفسك تداركت و إلا اختطفتك بأضعف ريش- و نلتك بأهون سعي- و أقسم قسما مبرورا إلا أوتى بك إلا في زمارة- تمشي حافيا من أرض فارس إلى الشام- حتى أقيمك في السوق و أبيعك عبدا- و أردك إلى حيث كنت فيه و خرجت منه و السلام- . فلما ورد الكتاب على زياد غضب غضبا شديدا- و جمع الناس و صعد المنبر فحمد الله ثم قال- ابن آكلة الأكباد و قاتلة أسد الله- و مظهر الخلاف و مسر النفاق و رئيس الأحزاب- و من أنفق ماله في إطفاء نور الله- كتب إلي يرعد و يبرق عن سحابة جفل لا ماء فيها- و عما قليل تصيرها الرياح قزعا- و الذي يدلني على ضعفه تهدده قبل القدرة- أ فمن إشفاق علي تنذر و تعذر كلا- و لكن ذهب إلى غير مذهب- و قعقع لمن ربي بين صواعق تهامة- كيف أرهبه و بيني و بينه ابن بنت رسول الله ص- و ابن ابن عمه في مائة ألف من المهاجرين و الأنصار- و الله لو أذن لي فيه أو ندبني إليه- لأريته الكواكب نهارا و لأسعطته ماء الخردل- دونه الكلام اليوم و الجمع غدا- و المشورة بعد ذلك إن شاء الله ثم نزل- .
و كتب إلى معاوية أما بعد فقد وصل إلي كتابك يا معاوية- و فهمت ما فيه- فوجدتك كالغريق يغطيه الموج فيتشبث بالطحلب- و يتعلق بأرجل الضفادع طمعا في الحياة- إنما يكفر النعم- و يستدعي النقم من حاد الله و رسوله- و سعى في الأرض فسادا- فأما سبك لي فلو لا حلم ينهاني عنك- و خوفي أن أدعى سفيها- لأثرت لك مخازي لا يغسلها الماء- و أما تعييرك لي بسمية- فإن كنت ابن سمية فأنت ابن جماعة- و أما زعمك أنك تختطفني بأضعف ريش- و تتناولني بأهون سعي- فهل رأيت بازيا يفزعه صغير القنابر- أم هل سمعت بذئب أكله خروف- فامض الآن لطيتك و اجتهد جهدك- فلست أنزل إلا بحيث تكره- و لا أجتهد إلا فيما يسوؤك- و ستعلم أينا الخاضع لصاحبه الطالع إليه و السلام- . فلما ورد كتاب زياد على معاوية غمه و أحزنه- و بعث إلى المغيرة بن شعبة فخلا به و قال- يا مغيرة إني أريد مشاورتك في أمر أهمني- فانصحني فيه و أشر علي برأي المجتهد- و كن لي أكن لك فقد خصصتك بسري- و آثرتك على ولدي- قال المغيرة فما ذاك- و الله لتجدني في طاعتك أمضى من الماء إلى الحدور- و من ذي الرونق في كف البطل الشجاع- قال يا مغيرة إن زيادا قد أقام بفارس- يكش لنا كشيش الأفاعي- و هو رجل ثاقب الرأي ماضي العزيمة- جوال الفكر مصيب إذا رمى- و قد خفت منه الآن ما كنت آمنه- إذ كان صاحبه حيا و أخشى ممالأته حسنا- فكيف السبيل إليه و ما الحيلة في إصلاح رأيه- قال المغيرة أنا له إن لم أمت- إن زيادا رجل يحب الشرف و الذكر و صعود المنابر- فلو لاطفته المسألة و ألنت له الكتاب- لكان لك أميل و بك أوثق- فاكتب إليه و أنا الرسول- فكتب معاوية إليه- من أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان- إلى زياد بن أبي سفيان- أما بعد فإن المرء ربما طرحه الهوى في مطارح العطب- و إنك للمرء المضروب به المثل- قاطع الرحم و واصل العدو- و حملك سوء ظنك بي و بغضك لي- على أن عققت قرابتي و قطعت رحمي- و بتت نسبي و حرمتي حتى كأنك لست أخي- و ليس صخر بن حرب أباك و أبي- و شتان ما بيني و بينك- أطلب بدم ابن أبي العاص و أنت تقاتلني- و لكن أدركك عرق الرخاوة من قبل النساء- فكنت
- كتاركة بيضها بالعراءو ملحفة بيض أخرى جناحا
- . و قد رأيت أن أعطف عليك- و لا أؤاخذك بسوء سعيك و أن أصل رحمك- و أبتغي الثواب في أمرك- فاعلم أبا المغيرة إنك لو خضت البحر في طاعة القوم- فتضرب بالسيف حتى انقطع متنه- لما ازددت منهم إلا بعدا- فإن بني عبد شمس أبغض إلى بني هاشم- من الشفرة إلى الثور الصريع و قد أوثق للذبح- فارجع رحمك الله إلى أصلك و اتصل بقومك- و لا تكن كالموصول بريش غيره- فقد أصبحت ضال النسب- و لعمري ما فعل بك ذلك إلا اللجاج فدعه عنك- فقد أصبحت على بينة من أمرك- و وضوح من حجتك- فإن أحببت جانبي و وثقت بي فأمره بأمره- و إن كرهت جانبي و لم تثق بقولي- ففعل جميل لا علي و لا لي و السلام- . فرحل المغيرة بالكتاب حتى قدم فارس- فلما رآه زياد قربه و أدناه و لطف به- فدفع إليه الكتاب فجعل يتأمله و يضحك- فلما فرغ من قراءته وضعه تحت قدمه- ثم قال حسبك يا مغيرة- فإني أطلع على ما في ضميرك- و قد قدمت من سفرة بعيدة- فقم و أرح ركابك- قال أجل فدع عنك اللجاج يرحمك الله- و ارجع إلى قومك و صل أخاك- و انظر لنفسك و لا تقطع رحمك- قال زياد إني رجل صاحب أناة- و لي في أمري روية فلا تعجل علي- و لا تبدأني بشي ء حتى أبدأك- ثم جمع الناس بعد يومين أو ثلاثة- فصعد المنبر فحمد الله و أثنى عليه- ثم قال أيها الناس ادفعوا البلاء ما اندفع عنكم- و ارغبوا إلى الله في دوام العافية لكم- فقد نظرت في أمور الناس منذ قتل عثمان- و فكرت فيهم فوجدتهم كالأضاحي- في كل عيد يذبحون و لقد أفنى هذان اليومان- يوم الجمل و صفين ما ينيف على مائة ألف- كلهم يزعم أنه طالب حق و تابع إمام- و على بصيرة من أمره- فإن كان الأمر هكذا فالقاتل و المقتول في الجنة- كلا ليس كذلك- و لكن أشكل الأمر و التبس على القوم- و إني لخائف أن يرجع الأمر كما بدأ- فكيف لامرئ بسلامة دينه- و قد نظرت في أمر الناس فوجدت أحد العاقبتين العافية- و سأعمل في أموركم ما تحمدون عاقبته و مغبته- فقد حمدت طاعتكم إن شاء الله ثم نزل و كتب جواب الكتاب- أما بعد فقد وصل كتابك يا معاوية مع المغيرة بن شعبة- و فهمت ما فيه- فالحمد لله الذي عرفك الحق و ردك إلى الصلة- و لست ممن يجهل معروفا و لا يغفل حسبا- و لو أردت أن أجيبك بما أوجبته الحجة- و احتمله الجواب لطال الكتاب و كثر الخطاب- و لكنك إن كنت كتبت كتابك هذا- عن عقد صحيح و نية حسنة- و أردت بذلك برا فستزرع في قلبي مودة و قبولا- و إن كنت إنما أردت مكيدة و مكرا و فساد نية- فإن النفس تأبى ما فيه العطب- و لقد قمت يوم قرأت كتابك مقاما يعبأ به الخطيب المدره- فتركت من حضر لا أهل ورد و لا صدر- كالمتحيرين بمهمة ضل بهم الدليل- و أنا على أمثال ذلك قدير- و كتب في أسفل الكتاب-
- إذا معشري لم ينصفوني وجدتنيأدافع عني الضيم ما دمت باقيا
- و كم معشر أعيت قناتي عليهمفلاموا و ألفوني لدى العزم ماضيا
- و هم به ضاقت صدور فرجتهو كنت بطبي للرجال مداويا
- أدافع بالحلم الجهول مكيدةو أخفى له تحت العضاه الدواهيا
- فإن تدن مني أدن منك و إن تبنتجدني إذا لم تدن مني نائيا
- . فأعطاه معاوية جميع ما سأله- و كتب إليه بخط يده ما وثق به- فدخل إليه الشام فقربه و أدناه- و أقره على ولايته ثم استعمله على العراق- .
و روى علي بن محمد المدائني قال- لما أراد معاوية استلحاق زياد و قد قدم عليه الشام- جمع الناس و صعد المنبر- و أصعد زيادا معه فأجلسه بين يديه على المرقاة- التي تحت مرقاته- و حمد الله و أثنى عليه ثم قال- أيها الناس- إني قد عرفت نسبنا أهل البيت في زياد- فمن كان عنده شهادة فليقم بها- فقام ناس فشهدوا أنه ابن أبي سفيان- و أنهم سمعوا ما أقر به قبل موته- فقام أبو مريم السلولي و كان خمارا في الجاهلية- فقال أشهد يا أمير المؤمنين- أن أبا سفيان قدم علينا بالطائف- فأتاني فاشتريت له لحما و خمرا و طعاما- فلما أكل قال يا أبا مريم أصب لي بغيا- فخرجت فأتيت بسمية فقلت لها- إن أبا سفيان ممن قد عرفت شرفه و جوده- و قد أمرني أن أصيب له بغيا فهل لك- فقالت نعم يجي ء الآن عبيد بغنمه و كان راعيا- فإذا تعشى و وضع رأسه أتيته- فرجعت إلى أبي سفيان فأعلمته- فلم نلبث أن جاءت تجر ذيلها- فدخلت معه فلم تزل عنده حتى أصبحت- فقلت له لما انصرفت كيف رأيت صاحبتك- قال خير صاحبة لو لا ذفر في إبطيها- . فقال زياد من فوق المنبر يا أبا مريم- لا تشتم أمهات الرجال فتشتم أمك- . فلما انقضى كلام معاوية و مناشدته قام زياد- و أنصت الناس فحمد الله و أثنى عليه ثم قال- أيها الناس إن معاوية و الشهود قد قالوا ما سمعتم- و لست أدري حق هذا من باطله- و هو و الشهود أعلم بما قالوا- و إنما عبيد أب مبرور و وال مشكور- ثم نزل- . و روى شيخنا أبو عثمان أن زيادا مر- و هو والي البصرة بأبي العريان العدوي- و كان شيخا مكفوفا ذا لسن و عارضة شديدة- فقال أبو العريان ما هذه الجلبة- قالوا زياد بن أبي سفيان- قال و الله ما ترك أبو سفيان- إلا يزيد و معاوية و عتبة و عنبسة و حنظلة و محمدا- فمن أين جاء زياد- فبلغ الكلام زيادا و قال له قائل- لو سددت عنك فم هذا الكلب- فأرسل إليه بمائتي دينار فقال له رسول زياد- إن ابن عمك زيادا الأمير- قد أرسل إليك مائتي دينار لتنفقها- فقال وصلته رحم إي و الله ابن عمي حقا- ثم مر به زياد من الغد في موكبه- فوقف عليه فسلم و بكى أبو العريان- فقيل له ما يبكيك- قال عرفت صوت أبي سفيان في صوت زياد- فبلغ ذلك معاوية فكتب إلى أبي العريان-
- ما ألبثتك الدنانير التي بعثتأن لونتك أبا العريان ألوانا
- أمسى إليك زياد في أرومتهنكرا فأصبح ما أنكرت عرفانا
- لله در زياد لو تعجلهاكانت له دون ما يخشاه قربانا
- . فلما قرئ كتاب معاوية على أبي العريان قال- اكتب جوابه يا غلام-
- أحدث لنا صلة تحيا النفوس بهاقد كدت يا ابن أبي سفيان تنسانا
- أما زياد فقد صحت مناسبهعندي فلا أبتغي في الحق بهتانا
- من يسد خيرا يصبه حين يفعلهأو يسد شرا يصبه حيثما كانا
- . و روى أبو عثمان أيضا قال- كتب زياد إلى معاوية ليستأذنه في الحج- فكتب إليه إني قد أذنت لك و استعملتك على الموسم- و أجزتك بألف ألف درهم- فبينا هو يتجهز إذ بلغ ذلك أبا بكرة أخاه- و كان مصارما له- منذ لجلج في الشهادة على المغيرة بن شعبة- أيام عمر- لا يكلمه قد لزمته أيمان عظيمة ألا يكلمه أبدا- فأقبل أبو بكرة يدخل القصر يريد زيادا- فبصر به الحاجب فأسرع إلى زياد قائلا- أيها الأمير هذا أخوك أبو بكرة قد دخل القصر- قال ويحك أنت رأيته- قال ها هو ذا قد طلع- و في حجر زياد بني يلاعبه- و جاء أبو بكرة حتى وقف عليه- فقال للغلام كيف أنت يا غلام- إن أباك ركب في الإسلام عظيما- زنى أمه و انتفى من أبيه- و لا و الله ما علمت سمية رأت أبا سفيان قط- ثم أبوك يريد أن يركب ما هو أعظم من ذلك- يوافي الموسم غدا- و يوافي أم حبيبة بنت أبي سفيان- و هي من أمهات المؤمنين- فإن جاء يستأذن عليها فأذنت له- فأعظم بها فرية على رسول الله ص و مصيبة- و إن هي منعته فأعظم بها على أبيك فضيحة- ثم انصرف- فقال جزاك الله يا أخي عن النصيحة خيرا- ساخطا كنت أو راضيا- ثم كتب إلى معاوية إني قد اعتللت عن الموسم- فليوجه إليه أمير المؤمنين من أحب- فوجه عتبة بن أبي سفيان- . فأما أبو عمر بن عبد البر في كتاب الإستيعاب- فإنه قال لما ادعى معاوية زيادا في سنة أربع و أربعين- و ألحقه به أخا- زوج ابنته من ابنه محمد بن زياد- ليؤكد بذلك صحة الاستلحاق- و كان أبو بكرة أخا زياد لأمه أمهما جميعا سمية- فحلف ألا يكلم زيادا أبدا- و قال هذا زنى أمه و انتفى من أبيه- و لا و الله ما علمت سمية رأت أبا سفيان قبل- ويله ما يصنع بأم حبيبة أ يريد أن يراها- فإن حجبته فضحته و إن رآها فيا لها مصيبة- يهتك من رسول الله ص حرمة عظيمة- . و حج زياد مع معاوية- و دخل المدينة فأراد الدخول على أم حبيبة- ثم ذكر قول أبي بكرة فانصرف عن ذلك- و قيل إن أم حبيبة حجبته- و لم تأذن له في الدخول عليها- و قيل إنه حج و لم يرد المدينة من أجل قول أبي بكرة- و إنه قال جزى الله أبا بكرة خيرا- فما يدع النصيحة في حال- و روى أبو عمر بن عبد البر في هذا الكتاب قال- دخل بنو أمية و فيهم عبد الرحمن بن الحكم على معاوية- أيام ما استلحق زيادا- فقال له عبد الرحمن يا معاوية- لو لم تجد إلا الزنج لاستكثرت بهم علينا قلة و ذلة- يعني على بني أبي العاص- فأقبل معاوية على مروان و قال أخرج عنا هذا الخليع- فقال مروان إي و الله إنه لخليع ما يطاق- فقال معاوية و الله لو لا حلمي و تجاوزي- لعلمت أنه يطاق- أ لم يبلغني شعره في و في زياد- ثم قال مروان أسمعنيه فأنشد-
- ألا أبلغ معاوية بن حربلقد ضاقت بما يأتي اليدان
- أ تغضب أن يقال أبوك عفو ترضى أن يقال أبوك زان
- فأشهد أن رحمك من زيادكرحم الفيل من ولد الأتان
- و أشهد أنها حملت زياداو صخر من سمية غير دان
- . ثم قال و الله لا أرضى عنه- حتى يأتي زيادا فيترضاه و يعتذر إليه- فجاء عبد الرحمن إلى زياد معتذرا- يستأذن عليه فلم يأذن له- فأقبلت قريش إلى زياد تكلمه في أمر عبد الرحمن- فلما دخل سلم فتشاوس له زياد بعينه- و كان يكسر عينه- فقال له زياد أنت القائل ما قلت- قال عبد الرحمن ما الذي قلت قال قلت ما لا يقال- قال أصلح الله الأمير- إنه لا ذنب لمن أعتب و إنما الصفح عمن أذنب- فاسمع مني ما أقول قال هات فأنشده-
- إليك أبا المغيرة تبت مماجرى بالشام من خطل اللسان
- و أغضبت الخليفة فيك حتىدعاه فرط غيظ إن هجاني
- و قلت لمن لحاني في اعتذاريإليك اذهب فشأنك غير شأني
- عرفت الحق بعد ضلال رأييو بعد الغي من زيغ الجنان
- زياد من أبي سفيان غصنتهادى ناضرا بين الجنان
- أراك أخا و عما و ابن عمفما أدري بعيب ما تراني
- و إن زيادة في آل حربأحب إلي من وسطي بناني
- ألا أبلغ معاوية بن حربفقد ظفرت بما تأتي اليدان
فقال زياد أراك أحمق صرفا شاعرا ضيع اللسان- يسوغ لك ريقك ساخطا و مسخوطا- و لكنا قد سمعنا شعرك و قبلنا عذرك- فهات حاجتك- قال تكتب إلى أمير المؤمنين بالرضا عني قال نعم- ثم دعا كاتبه فكتب له بالرضا عنه- فأخذ كتابه و مضى حتى دخل على معاوية- فلما قرأه قال لحا الله زيادا لم يتنبه لقوله-
و إن زيادة في آل حرب
- . ثم رضي عن عبد الرحمن و رده إلى حالته- . و أما أشعار يزيد بن مفرغ الحميري- و هجاؤه عبيد الله و عبادا- ابني زياد بالدعوة فكثيرة مشهورة نحو قوله-
- أ عباد ما للؤم عنك تحولو لا لك أم من قريش و لا أب
- و قل لعبيد الله ما لك والدبحق و لا يدري امرؤ كيف تنسب
- . و نحو قوله
- شهدت بأن أمك لم تباشرأبا سفيان واضعة القناع
- و لكن كان أمر فيه لبسعلى حذر شديد و ارتياع
- إذا أودى معاوية بن حربفبشر شعب قعبك بانصداع
- . و نحو قوله-
- إن زيادا و نافعا و أبا بكرةعندي من أعجب العجب
- هم رجال ثلاثة خلقوافي رحم أنثى و كلهم لأب
- ذا قرشي كما تقول و ذامولى و هذا بزعمه عربي
- كان عبيد الله بن زياد يقول- ما شجيت بشي ء أشد علي من قول ابن مفرغ-
- فكر ففي ذاك إن فكرت معتبرهل نلت مكرمة إلا بتأمير
- عاشت سمية ما عاشت و ما علمتأن ابنها من قريش في الجماهير
- . و يقال إن الأبيات النونية المنسوبة- إلى عبد الرحمن بن أم الحكم ليزيد بن مفرغ- و إن أولها-
- أ لا أبلغ معاوية بن حربمغلغلة من الرجل اليماني
- . و نحو قوله- و قد باع برد غلامه- لما حبسه عباد بن زياد بسجستان-
- يا برد ما مسنا دهر أضر بنامن قبل هذا و لا بعنا له ولدا
- لامتني النفس في برد فقلت لهالا تهلكي إثر برد هكذا كمدا
- لو لا الدعي و لو لا ما تعرض بيمن الحوادث ما فارقته أبدا
- . و نحو قوله-
- أبلغ لديك بني قحطان مألكةعضت بأير أبيها سادة اليمن
- أضحى دعي زياد فقع قرقرةيا للعجائب يلهو بابن ذي يزن
و روى ابن الكلبي أن عبادا استلحقه زياد- كما استلحق معاوية زيادا كلاهما لدعوة- قال لما أذن لزياد في الحج تجهز- فبينا هو يتجهز و أصحاب القرب يعرضون عليه قربهم- إذ تقدم عباد و كان خرازا- فصار يعرض عليه و يحاوره و يجيبه- فقال زياد ويحك من أنت قال أنا ابنك- قال ويحك و أي بني- قال قد وقعت على أمي فلانة- و كانت من بني كذا فولدتني- و كنت في بني قيس بن ثعلبة و أنا مملوك لهم- فقال صدقت و الله إني لأعرف ما تقول- فبعث فاشتراه و ادعاه و ألحقه- و كان يتعهد بني قيس بن ثعلبة بسببه و يصلهم- و عظم أمر عباد- حتى ولاه معاوية سجستان بعد موت زياد- و ولى أخاه عبيد الله البصرة- فتزوج عباد الستيرة ابنة أنيف بن زياد الكلبي- فقال الشاعر يخاطب أنيفا و كان سيد كلب في زمانه-
- أبلغ لديك أبا تركان مألكةأ نائما كنت أم بالسمع من صمم
- أنكحت عبد بني قيس مهذبةآباؤها من عليم معدن الكرم
- أ كنت تجهل عبادا و محتدهلا در درك أم أنكحت من عدم
- أ بعد آل أبي سفيان تجعلهصهرا و بعد بني مروان و الحكم
- أعظم عليك بذا عارا و منقصةما دمت حيا و بعد الموت في الرحم
- . و قال الحسن البصري ثلاث كن في معاوية- لو لم تكن فيه إلا واحدة منهن لكانت موبقة- انتزاؤه على هذه الأمة بالسفهاء حتى ابتزها أمرها- و استلحاقه زيادا مراغمة
لقول رسول الله الولد للفراش و للعاهر الحجر
- و قتله حجر بن عدي- فيا ويله من حجر و أصحاب حجر- .
و روى الشرقي بن القطامي قال- كان سعيد بن سرح مولى حبيب بن عبد شمس- شيعة لعلي بن أبي طالب ع- فلما قدم زياد الكوفة طلبه و أخافه- فأتى الحسن بن علي ع مستجيرا به- فوثب زياد على أخيه و ولده و امرأته فحبسهم- و أخذ ماله و نقض داره-
فكتب الحسن بن علي ع إلى زياد أما بعد فإنك عمدت إلى رجل من المسلمين- له ما لهم و عليه ما عليهم- فهدمت داره و أخذت ماله- و حبست أهله و عياله- فإن أتاك كتابي هذا فابن له داره- و اردد عليه عياله و ماله- و شفعني فيه فقد أجرته و السلام
- . فكتب إليه زياد- من زياد بن أبي سفيان إلى الحسن بن فاطمة- أما بعد فقد أتاني كتابك تبدأ فيه بنفسك قبلي- و أنت طالب حاجة و أنا سلطان و أنت سوقة- و تأمرني فيه بأمر المطاع المسلط على رعيته- كتبت إلي في فاسق آويته- إقامة منك على سوء الرأي و رضا منك بذلك- و ايم الله لا تسبقني به و لو كان بين جلدك و لحمك- و إن نلت بعضك غير رفيق بك و لا مرع عليك- فإن أحب لحم علي أن آكله- للحم الذي أنت منه- فسلمه بجريرته إلى من هو أولى به منك- فإن عفوت عنه لم أكن شفعتك فيه- و إن قتلته لم أقتله إلا لحبه أباك الفاسق- و السلام- . فلما ورد الكتاب على الحسن ع قرأه و تبسم- و كتب بذلك إلى معاوية- و جعل كتاب زياد عطفه و بعث به إلى الشام- و كتب جواب كتابه كلمتين لا ثالثة لهما-
من الحسن بن فاطمة إلى زياد بن سمية أما بعد فإن رسول الله ص قال- الولد للفراش و للعاهر الحجر- و السلام
- . فلما قرأ معاوية كتاب زياد إلى الحسن ضاقت به الشام- و كتب إلى زياد- أما بعد فإن الحسن بن علي بعث إلي بكتابك إليه- جوابا عن كتاب كتبه إليك في ابن سرح- فأكثرت العجب منك و علمت أن لك رأيين- أحدهما من أبي سفيان و الآخر من سمية- فأما الذي من أبي سفيان فحلم و حزم- و أما الذي من سمية فما يكون من رأي مثلها- من ذلك كتابك إلى الحسن تشتم أباه- و تعرض له بالفسق و لعمري إنك الأولى بالفسق من أبيه- فأما أن الحسن بدأ بنفسه ارتفاعا عليك- فإن ذلك لا يضعك لو عقلت- و أما تسلطه عليك بالأمر- فحق لمثل الحسن أن يتسلط- و أما تركك تشفيعه فيما شفع فيه إليك- فحظ دفعته عن نفسك إلى من هو أولى به منك- فإذا ورد عليك كتابي فخل ما في يديك لسعيد بن أبي سرح- و ابن له داره و اردد عليه ماله و لا تعرض له- فقد كتبت إلى الحسن أن يخيره- إن شاء أقام عنده و إن شاء رجع إلى بلده- و لا سلطان لك عليه لا بيد و لا لسان- و أما كتابك إلى الحسن باسمه و اسم أمه- و لا تنسبه إلى أبيه- فإن الحسن ويحك من لا يرمى به الرجوان- و إلى أي أم وكلته لا أم لك- أ ما علمت أنها فاطمة بنت رسول الله ص- فذاك أفخر له لو كنت تعلمه و تعقله- و كتب في أسفل الكتاب شعرا من جملته-
- أما حسن فابن الذي كان قبلهإذا سار سار الموت حيث يسير
- و هل يلد الرئبال إلا نظيرهو ذا حسن شبه له و نظير
- و لكنه لو يوزن الحلم و الحجابأمر لقالوا يذبل و ثبير
و روى الزبير بن بكار في الموفقيات- أن عبد الملك أجرى خيلا فسبقه عباد بن زياد- فأنشد عبد الملك-
- سبق عباد و صلت لحيتهو كان خرازا تجود قربته
- . فشكا عباد قول عبد الملك إلى خالد بن يزيد بن معاوية- فقال له أما و الله لأنصفنك منه بحيث يكره- فزوجه أخته فكتب الحجاج إلى عبد الملك- يا أمير المؤمنين إن مناكح آل أبي سفيان قد ضاعت- فأخبر عبد الملك خالدا بما كتب به الحجاج- فقال خالد يا أمير المؤمنين- ما أعلم امرأة منا ضاعت و نزلت- إلا عاتكة بنت يزيد بن معاوية فإنها عندك- و لم يعن الحجاج غيرك- قال عبد الملك بل عنى الدعي ابن الدعي عبادا- قال خالد يا أمير المؤمنين ما أنصفتني- أدعي رجلا ثم لا أزوجه- إنما كنت ملوما لو زوجت دعيك- فأما دعيي فلم لا أزوجه- . فأما أول ما ارتفع به زياد- فهو استخلاف ابن عباس له على البصرة- في خلافة علي ع- و بلغت عليا عنه هنات فكتب إليه يلومه و يؤنبه- فمنها الكتاب الذي ذكر الرضي رحمه الله بعضه- و قد شرحنا فيما تقدم ما ذكر الرضي منه- و كان علي ع أخرج إليه سعدا مولاه- يحثه على حمل مال البصرة إلى الكوفة- و كان بين سعد و زياد ملاحاة و منازعة- و عاد سعد و شكاه إلى علي ع و عابه-
فكتب علي ع إليه أما بعد فإن سعدا ذكر أنك شتمته ظلما- و هددته و جبهته تجبرا و تكبرا- فما دعاك إلى التكبر و قد قال رسول الله ص- الكبر رداء الله- فمن نازع الله رداءه قصمه- و قد أخبرني أنك تكثر من الألوان المختلفة في الطعام- في اليوم الواحد-
و تدهن كل يوم فما عليك لو صمت لله أياما- و تصدقت ببعض ما عندك محتسبا- و أكلت طعامك مرارا قفارا- فإن ذلك شعار الصالحين- أ فتطمع و أنت متمرغ في النعيم- تستأثر به على الجار و المسكين و الضعيف و الفقير- و الأرملة و اليتيم- أن يحسب لك أجر المتصدقين- و أخبرني أنك تتكلم بكلام الأبرار و تعمل عمل الخاطئين- فإن كنت تفعل ذلك فنفسك ظلمت و عملك أحبطت- فتب إلى ربك يصلح لك عملك و اقتصد في أمرك- و قدم إلى ربك الفضل ليوم حاجتك و ادهن غبا- فإني سمعت رسول الله ص يقول- ادهنوا غبا و لا تدهنوا رفها
- . فكتب إليه زياد أما بعد يا أمير المؤمنين- فإن سعدا قدم علي فأساء القول و العمل- فانتهرته و زجرته- و كان أهلا لأكثر من ذلك- و أما ما ذكرت من الإسراف و اتخاذ الألوان- من الطعام و النعم- فإن كان صادقا فأثابه الله ثواب الصالحين- و إن كان كاذبا فوقاه الله أشد عقوبة الكاذبين- و أما قوله إني أصف العدل و أخالفه إلى غيره- فإني إذن من الأخسرين- فخذ يا أمير المؤمنين بمقال قلته في مقام قمته- الدعوى بلا بينة كالسهم بلا نصل- فإن أتاك بشاهدي عدل- و إلا تبين لك كذبه و ظلمه- . و من كلام زياد تأخير جزاء المحسن لؤم- و تعجيل عقوبة المسي ء طيش- . و كتب إليه معاوية أما بعد- فاعزل حريث بن جابر عن العمل- فإني لا أذكر مقاماته بصفين إلا كانت حزازة في صدري- فكتب إليه زياد- أما بعد فخفض عليك يا أمير المؤمنين- فإن حريثا قد سبق شرفا لا يرفعه معه عمل- و لا يضعه معه عزل- .
و قال لابنه عبيد الله عليك بالحجاب- و إنما اجترأت الرعاة على السباع بكثرة نظرها إليها- . و من كلامه أحسنوا إلى أهل الخراج- فإنكم لا تزالون سمانا ما سمنوا- . قدم رجل خصما له إلى زياد في حق له عليه و قال- أيها الأمير- إن هذا يدل بخاصة ذكر أنها له منك- قال زياد صدق- و سأخبرك بما ينفعه عندي من خاصته و مودته- إن يكن له الحق عليك آخذك به أخذا عنيفا- و إن يكن الحق لك قضيت عليه ثم قضيت عنه- . و قال ليس العاقل من يحتال للأمر إذا وقع فيه- لكن العاقل من يحتال للأمر ألا يقع فيه- .
و قال في خطبة له- إلا رب مسرور بقدومنا لا نسره و خائف ضرنا لا نضره- . كان مكتوبا في الحيطان الأربعة- في قصر زياد كتابة بالجص- أربعة أسطر أولها- الشدة في غير عنف و اللين في غير ضعف- و الثاني المحسن مجازى بإحسانه و المسي ء يكافأ بإساءته- و الثالث العطيات و الأرزاق في إبانها و أوقاتها- و الرابع لا احتجاب عن صاحب ثغر و لا عن طارق ليل- . و قال يوما على المنبر- إن الرجل ليتكلم بالكلمة يشفي بها غيظه- لا يقطع بها ذنب عنز فتضره- لو بلغتنا عنه لسفكنا دمه- . و قال ما قرأت كتاب رجل قط إلا عرفت عقله منه- . و قال في خطبة استوصوا بثلاثة منكم خيرا- الشريف و العالم و الشيخ- فو الله لا يأتيني وضيع بشريف يستخف به إلا انتقمت منه- أو شاب بشيخ يستخف به إلا أوجعته ضربا- و لا جاهل بعالم يستخف به إلا نكلت به- .
و قيل لزياد ما الحظ- قال أن يطول عمرك و ترى في عدوك ما يسرك- . قيل كان زياد يقول- هما طريقان للعامة الطاعة و السيف- . و كان المغيرة يقول- لا و الله حتى يحملوا على سبعين طريقا غير السيف- . و قال الحسن البصري لرجل- أ لا تحدثني بخطبتي زياد و الحجاج حين دخلا العراق- قال بلى أما زياد فلما قدم البصرة- حمد الله و أثنى عليه ثم قال أما بعد- فإن معاوية غير مخوف على قومه- و لم يكن ليلحق بنسبة من ليس منه- و قد شهدت الشهود بما قد بلغكم- و الحق أحق أن يتبع- و الله حيث وضع البينات كان أعلم- و قد رحلت عنكم و أنا أعرف صديقي من عدوي- ثم قدمت عليكم و قد صار العدو صديقا مناصحا- و الصديق عدوا مكاشحا- فليشتمل كل امرئ على ما في صدره- و لا يكونن لسانه شفرة تجري على أوداجه- و ليعلم أحدكم إذا خلا بنفسه أني قد حملت سيفي بيدي- فإن أشهره لم أغمده و إن أغمده لم أشهره- ثم نزل- و أما الحجاج فإنه قال- من أعياه داؤه فعلي دواؤه- و من استبطأ أجله فعلي أن أعجله- ألا إن الحزم و العزم استلبا مني سوطي- و جعلا سوطي سيفي- فنجاده في عنقي و قائمه بيدي- و ذبابه قلادة لمن اغتر بي- .
فقال الحسن البؤس لهما ما أغرهما بربهما- اللهم اجعلنا ممن يعتبر بهما- . و قال بعضهم ما رأيت زيادا كاسرا إحدى عينيه- واضعا إحدى رجليه على الأخرى- يخاطب رجلا إلا رحمت المخاطب- . و من كلامه نعم الشي ء الإمارة- لو لا قعقعة لجام البريد و تسنم ذروة المنبر- . قال لحاجبه يا عجلان- إني قد وليتك هذا الباب و عزلتك عن أربعة- المنادي إذا جاء يؤذن بالصلاة- فإنها كانت كتابا موقوتا- و رسول صاحب الثغر- فإنه إن أبطأ ساعة فسد تدبير سنة- و طارق الليل فشر ما جاء به- و الطباخ إذا فرغ من الطعام- فإنه متى أعيد عليه التسخين فسد- . و كان حارثة بن بدر الغداني قد غلب على زياد- و كان حارثة مشتهرا بالشراب- فقيل لزياد في ذلك فقال- كيف بإطراح رجل هو يسايرني منذ قدمت العراق- فلا يصل ركابه ركابي- و لا تقدمني قط فنظرت إلى قفاه- و لا تأخر عني فلويت عنقي إليه- و لا أخذ علي الشمس في شتاء قط- و لا الروح في صيف قط- و لا سألته عن علم إلا ظننته لا يحسن غيره- . و من كلامه كفى بالبخل عارا أن اسمه لم يقع في حمد قط- و كفى بالجود فخرا أن اسمه لم يقع في ذم قط- . و قال ملاك السلطان الشدة على المريب- و اللين للمحسن و صدق الحديث و الوفاء بالعهد- . و قال ما أتيت مجلسا قط- إلا تركت منه ما لو أخذته لكان لي- و ترك ما لي أحب إلي من أخذ ما ليس لي- . و قال ما قرأت مثل كتب الربيع بن زياد الحارثي- ما كتب إلي كتابا قط إلا في اجترار منفعة- أو دفع مضرة- و لا شاورته يوما قط في أمر مبهم إلا و سبق إلى الرأي- .
و قال يعجبني من الرجل- إذا أتى مجلسا أن يعلم أين مكانه منه- فلا يتعداه إلى غيره- و إذا سيم خطة خسف أن يقول لا بمل ء فيه- . فأما خطبة زياد المعروفة بالبتراء- و إنما سميت بذلك لأنه لم يحمد الله فيها- و لا صلى على رسوله- فقد ذكرها علي بن محمد المدائني قال- قدم زياد البصرة أميرا عليها أيام معاوية- و الفسق فيها فاش جدا- و أموال الناس منتهبة و السياسة ضعيفة- فصعد المنبر فقال- أما بعد فإن الجاهلية الجهلاء و الضلالة العمياء- و الغي الموفد لأهله على النار- ما فيه سفهاؤكم و يشتمل عليه حلماؤكم- من الأمور العظام- ينبت فيها الصغير و لا يتحاشى منها الكبير- كأنكم لم تقرءوا كتاب الله- و لم تستمعوا ما أعد من الثواب الكثير لأهل طاعته- و العذاب الأليم لأهل معصيته- في الزمن السرمد الذي لا يزول- . أ تكونون كمن طرفت عينه الدنيا- و سدت مسامعه الشهوات و اختار الفانية على الباقية- لا تذكرون أنكم أحدثتم في الإسلام الحدث- الذي لم تسبقوا به- من ترككم الضعيف يقهر و يؤخذ ماله- و الضعيفة المسلوبة في النهار المبصر- هذا و العدد غير قليل- . أ لم يكن منكم نهاه تمنع الغواة- عن دلج الليل و غارة النهار- قربتم القرابة- و باعدتم الذين يعتذرون بغير العذر- و يعطون على المختلس- كل امرئ منكم يذب عن سيفه- صنيع من لا يخاف عاقبة و لا يرجو معادا- ما أنتم بالحلماء و قد اتبعتم السفهاء- فلم يزل بهم ما ترون من قيامكم دونهم- حتى انتهكوا حرمة الإسلام- ثم أطرقوا وراءكم كنوسا في مكانس الريب- حرم علي الطعام و الشراب- حتى أسويها بالأرض هدما و إحراقا- إني رأيت آخر هذا الأمر لا يصلح إلا بما صلح به أوله- لين في غير ضعف و شدة في غير عنف- و أنا أقسم بالله لآخذن الولي بالولي و الظاعن بالظاعن- و المقبل بالمدبر و الصحيح منكم في نفسه بالسقيم- حتى يلقى الرجل أخاه فيقول- انج سعد فقد هلك سعيد أو تستقيم لي قناتكم- . إن كذبة المنبر تلفى مشهورة- فإذا تعلقتم علي بكذبة فقد حلت لكم معصيتي- من نقب عليه منكم فأنا ضامن لما ذهب منه- فإياكم و دلج الليل فإني لا أوتى بمدلج إلا سفكت دمه- و قد أجلتكم بقدر ما يأتي الخبر الكوفة و يرجع إليكم- . إياكم و دعوى الجاهلية- فإني لا أجد أحدا دعا بها إلا قطعت لسانه- و قد أحدثتم أحداثا و قد أحدثنا لكل ذنب عقوبة- فمن غرق بيوت قوم غرقناه- و من حرق على قوم حرقناه- و من نقب على أحد بيتا نقبنا على قلبه- و من نبش قبرا دفناه فيه حيا- . كفوا عني أيديكم و ألسنتكم أكف عنكم يدي و لساني- و لا يظهرن من أحدكم خلاف ما عليه عامتكم فأضرب عنقه- و قد كانت بيني و بين أقوام إحن- فقد جعلت ذلك وراء أذني و تحت قدمي- فمن كان منكم محسنا فليزدد إحسانا- و من كان مسيئا فلينزع عن إساءته- إني لو علمت أن أحدكم قد قتله السلال من بغضي- لم أكشف عنه قناعا- و لم أهتك له سترا حتى يبدي لي صفحته- فإذا فعل لم أناظره- فاستأنفوا أموركم و أعينوا على أنفسكم- فرب مبتئس بقدومنا سيسر و مسرور بقدومنا سيبأس أيها الناس إنا أصبحنا لكم ساسة و عنكم ذادة- نسوسكم بسلطان الله الذي أعطاناه- و نذود عنكم بفي ء الله الذي خولناه- فلنا عليكم السمع و الطاعة فيما أحببنا- و لكم علينا العدل و الإنصاف فيما ولينا- فاستوجبوا عدلنا و فيئنا بمناصحتكم لنا- و اعلموا أني مهما قصرت عنه فلن أقصر عن ثلاث- لست محتجبا عن طالب حاجة منكم- و لا حابسا عطاء و لا مجمرا بعثا- فادعوا الله بالصلاح لأئمتكم- فإنهم ساستكم المؤدبون و كهفكم الذي إليه تأوون- و متى يصلحوا تصلحوا- فلا تشربوا قلوبكم بغضهم فيشتد لذلك غيظكم- و يطول لذلك حزنكم- و لا تدركوا حاجتكم- مع أنه لو استجيب لأحد منكم لكان شرا لكم- أسأل الله أن يعين كلا على كل- و إذا رأيتموني أنفذ فيكم الأمر فانفذوه على أذلاله- و ايم الله إن لي فيكم لصرعى كثيرة- فليحذر كل امرئ منكم أن يكون من صرعاي- . فقام عبد الله بن الأهتم فقال أشهد أيها الأمير- لقد أوتيت الحكمة و فصل الخطاب- . فقال كذبت ذاك نبي الله داود- . فقام الأحنف فقال إنما الثناء بعد البلاء- و الحمد بعد العطاء و إنا لا نثني حتى نبتلى- و لا نحمد حتى نعطى فقال زياد صدقت- فقام أبو بلال مرداس بن أدية يهمس و يقول- أنبأنا الله بغير ما قلت فقال- وَ إِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى- أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى - فسمعها زياد فقال يا أبا بلال- إنا لا نبلغ ما نريد بأصحابك- حتى نخوض إليهم الباطل خوضا- . و روى الشعبي قال- قدم زياد الكوفة لما جمعت له مع البصرة- فدنوت من المنبر لأسمع كلامه- فلم أر أحدا يتكلم فيحسن- إلا تمنيت أن يسكت مخافة أن يسي ء- إلا زيادا فإنه كان لا يزداد إكثارا إلا ازداد إحسانا- فكنت أتمنى ألا يسكت- .
و روى الشعبي أيضا قال- لما خطب زياد خطبته البتراء بالبصرة- و نزل سمع تلك الليلة أصوات الناس يتحارسون- فقال ما هذا قالوا إن البلد مفتونة- و إن المرأة من أهل المصر لتأخذها الفتيان الفساق- فيقال لها نادي ثلاث أصوات- فإن أجابك أحد و إلا فلا لوم علينا فيما نصنع- فغضب فقال ففيم أنا و فيم قدمت- فلما أصبح أمر فنودي في الناس- فاجتمعوا فقال أيها الناس- إني قد نبئت بما أنتم فيه و سمعت ذروا منه- و قد أنذرتكم و أجلتكم شهرا مسير الرجل إلى الشام- و مسيره إلى خراسان و مسيره إلى الحجاز- فمن وجدناه بعد شهر- خارجا من منزله بعد العشاء الآخرة فدمه هدر- فانصرف الناس يقولون- هذا القول كقول من تقدمه من الأمراء- فلما كمل الشهر دعا صاحب شرطته- عبد الله بن حصين اليريوعي- و كانت رجال الشرطة معه أربعة آلاف- فقال له هيئ خيلك و رجلك- فإذا صليت العشاء الآخرة- و قرأ القارئ مقدار سبع من القرآن- و رفع الطن القصب من القصر- فسر و لا تلقين أحدا عبيد الله بن زياد فمن دونه- إلا جئتني برأسه- و إن راجعتني في أحد ضربت عنقك- . قال فصبح على باب القصر تلك الليلة سبعمائة رأس- ثم خرج الليلة الثانية فجاء بخمسين رأسا- ثم خرج الليلة الثالثة فجاء برأس واحد- ثم لم يجي ء بعدها بشي ء- و كان الناس إذا صلوا العشاء الآخرة- أحضروا إلى منازلهم شدا حثيثا- و قد يترك بعضهم نعاله- . كتبت عائشة إلى زياد كتابا- فلم تدر ما تكتب عنوان نامه 44 نهج البلاغهه- إن كتبت زياد بن عبيد أو ابن أبيه أغضبته- و إن كتبت زياد بن أبي سفيان أثمت- فكتبت من أم المؤمنين إلى ابنها زياد- فلما قرأه ضحك و قال- لقد لقيت أم المؤمنين من هذا العنوان نامه 44 نهج البلاغه نصبا
( . شرح نهج البلاغه ابن ابی الحدید، ج16، ص 177-204)
|