و من وصية له عليه السّلام وصى بها جيشا بعثه الى العدو
و كلامه هذا هو المختار الحادى عشر من باب الكتب و الرسائل فإذا نزلتم بعدوّ أو نزل بكم فليكن معسكركم في قبل الأشراف أو سفاح الجبال، أو أثناء الأنهار كيما يكون لكم ردءا و دونكم مردّا. و لتكن مقاتلتكم من وجه واحد أو اثنين. و اجعلوا لكم رقباء في صياصي الجبال، و مناكب الهضاب لئلّا يأتيكم العدوّ من مكان مخافة أو أمن.
و اعلموا أنّ مقدّمة القوم عيونهم، و عيون المقدّمة طلائعهم. و إيّاكم و التّفرّق فإذا نزلتم فانزلوا جميعا، و إذا ارتحلتم فارتحلوا جميعا، و إذا غشيكم اللّيل فاجعلوا الرّماح كفّة و لا تذوقوا النّوم إلّا غرارا أو مضمضة.
سندها و نقلها على صورتها الكاملة على رواية نصرفى صفين، و الحسن بن على بن شعبة في تحف العقول
قد روى كلامه هذا نصر بن مزاحم المنقري الكوفي في كتابه في صفين مسندا (ص 66 من الطبع الناصري) و ما أتى به الرضيّ في النهج فملتقط ممّا أتى به نصر في صفين و أشرنا غير مرّة إلى أنّ عادة الرضيّ التقاط الفصيح و البليغ من كلامه عليه السّلام و إن كان هذا الكتاب على صورته الكاملة من محاسن كتبه عليه السّلام. و قد دريت في شروح الكتب السالفة أنّ نضرا في نفسه ثقة، و في نقله ثبت و أنّه كان يعيش قبل الرضيّ بمائتي سنة تقريبا فدونك الوصيّة على ما رواها نصر: نصر: عمر بن سعد، حدّثني يزيد بن خالد بن قطن أنّ عليّا عليه السّلام حين أراد المسير إلى النخيلة دعا زياد بن النضر و شريح بن هاني و كانا على مذحج و الأشعريين فقال: يا زياد اتّق اللّه في كلّ ممسى و مصبح و خفف على نفسك الدّنيا الغرور و لا تأمنها على حال من البلاء. و اعلم أنّك إن لم ترع نفسك عن كثير ممّا يجب مخافة مكروهة سمت بك الأهواء إلى كثير من الضرّ فكن لنفسك مانعا و ادعا من البغى و الظلم و العدوان فإنّي قد وليّتك هذا الجند فلا تستطيلنّ عليهم و إنّ خيركم عند اللّه أتقيكم، و تعلّم من عاملهم [علّم ] جاهلهم و احلم عن سفيههم فإنّك إنّما تدرك الخير بالحلم و كفّ الأذى و الجهد.
أقول: كلامه هذا مذكور في النهج المعنون بقول الرضيّ: و من وصيّة له عليه السّلام وصّى به شريح بن هاني لمّا جعله على مقدّمته إلى الشام: اتّق اللّه في كلّ صباح و مساء و خف على نفسك الدّنيا- إلخ. و هو المختار 56 من باب الكتب و الرسائل و بين النسختين أعني بين ما في النهج و كتاب صفين لنصر اختلاف في الجملة و سيأتي شرحها و تحقيقها في محلّها إن شاء اللّه تعالى، فلنرجع إلى ما أتى به نصر في كتاب صفين.
فقال زياد: أوصيت يا أمير المؤمنين حافظا لوصيّتك مؤدّبا بأدبك، يرى الرشد في نفاذ امرك، و الغيّ في تضييع عهدك.
فأمرهما أن يأخذا في طريق واحد و لا يختلفا. و بعثهما في اثنى عشر ألفا، على مقدّمته شريح بن هاني على طائفة من الجند و زياد على جماعة. فأخذ شريح يعتزل بمن معه من أصحابه على حدة و لا يقرب بزياد بن النضر. فكتب زياد مع غلام له أو مولى يقال له شوذب:
كتاب زياد بن النضر الى أمير المؤمنين على عليه السلام
لعبد اللّه عليّ أمير المؤمنين من زياد بن النضر سلام عليك فانّي أحمد إليك اللّه الّذي لا إله إلّا هو أمّا بعد فانّك ولّيتني أمر النّاس و انّ شريحا لا يرى لي عليه طاعة و لا حقّا و ذلك من فعله بي استخفافا بأمرك و تركا لعهدك.
كتاب شريح بن هانى اليه عليه السلام
و كتب شريح بن هاني- إليه عليه السّلام- سلام عليك فإنّي أحمد إليك اللّه الّذي لا إله إلّا هو أمّا بعد فانّ زياد بن النضر حين أشركته في أمرك و ولّيته جندا من جنودك تنكّر و استكبر و مال به العجب و الخيلاء و الزهو إلى ما لا يرضاه الربّ تبارك و تعالى من القول و الفعل فان رأى أمير المؤمنين أن يعزله عنّا و يبعث مكانه من يحبّ فليفعل فإنّا له كارهون و السلام.
كتابه عليه السلام الى زياد بن النضر و شريح بن هانى في جواب كتابهما
و هذا الكتاب هو الذى أتى به الرضى في النهج و عنونه بقوله و من وصية له عليه السلام وصى بها جيشا بعثه الى العدو أعنى تلك الوصية التي نحن بصدد شرحها الان على صورته الكاملة على رواية نصر فكتب إليهما عليّ عليه السّلام: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، من عبد اللّه علىّ أمير المؤمنين إلى زياد بن النضر و شريح بن هاني، سلام عليكما فإنّي أحمد إليكما اللّه الّذي لا إله إلّا هو أمّا بعد فانّي قد ولّيت مقدمتى زياد بن النضر و أمّرته عليها و شريح على طائفة منها أمير، فان أنتما جمعكهما بأس فزياد بن النضر على الناس، و إن افترقتما فكلّ واحد منكما أمير على الطائفة الّتي وليّناه أمرها.
فاعلما أنّ مقدّمة القوم عيونهم، و عيون المقدمة طلائعهم. فإذا أنتما خرجتما من بلاد كما فلا تسأما من توجيه الطّلائع، من نقض (نفض- ظ) الشعاب و الشجر و الخمر في كلّ جانب كيلا يغترّ كما عدوّ، أو يكون لهم كمين.
و لا تسيّرنّ الكتائب إلّا من لدن الصباح إلى المساء إلّا على تعبية فإن دهمكم دهم، أو غشيكم مكروه كنتم قد تقدّمتم في التعبية.
و إذا نزلتم بعدوّ أو نزل بكم فليكن معسكر كم في قبل الأشراف أو سفاح الجبال أو أثناء الأنهار كي ما يكون ذلك لكم ردءا، و تكون مقاتلتكم من وجه أو اثنين.
و اجعلوا رقباءكم في صياصي الجبال، و بأعالى الأشراف، و مناكب الأنهار يرون لكم لئلا يأتيكم عدوّ من مكان مخافة أو أمن.
و إيّاكم و التفرّق فإذا نزلتم فانزلوا جميعا، و إذا رحلتم فارحلوا جميعا و إذا غشيكم ليل فنزلتم فحفّوا عسكركم بالرماح و الأترسة (و الترسة) و رماتكم يلون ترستكم و رماحكم و ما أقمتم فكذلك فافعلوا كيلا تصاب لكم غفلة، و لا تلفى لكم غرة فما قوم حفّوا عسكرهم برماحهم و ترستهم من ليل أو نهار إلّا كانوا كأنّهم في حصون.
و احرسا عسكر كما بأنفسكما، و إيّاكما أن تذوقا نوما حتّى تصبحا إلّا غرارا أو مضمضة، ثمّ ليكن ذلك شأنكما و دأبكما حتّى تنتهيا إلى عدوّ كما، و ليكن عندي كلّ يوم خبر كما، و رسول من قبلكما فانّي و لا شي ء إلّا ما شاء اللّه حثيث السير في آثاركما، عليكما في حربكما بالتّؤدة، و إيّاكم و العجلة إلّا أن تمكّنكم فرصة بعد الإعذار و الحجّة، و إيّاكما أن تقاتلا حتى أقدم عليكما إلّا أن تبديا، أو يأتيكما أمرى إن شاء اللّه و السّلام.
صورة الكتاب على رواية ابن شعبة
قد رواه أيضا الشيخ العالم الجليل أبو محمّد الحسن بن عليّ بن شعبة الحرّاني المتوفّى 332 ه في تحف العقول عن آل الرسول (ص 44 طبع ايران 1303 ه) لكنّه رحمه اللّه نقل أنّ هذا الكتاب كتبه إلى زياد بن النضر فقط فانّه بعد ما أتى بالوصيّة الّتي وصىّ بها زياد بن النضر حين أنفذه على مقدّمته إلى صفين و هي قوله عليه السّلام: اتّق اللّه في كل ممسى و مصبح- إلى قوله: و كفّ الأذى و الجهد- كما رواها نصر قال: ثمّ أردفه بكتاب يوصيه فيه و يحذّره.
اعلم أنّ مقدّمة القوم عيونهم، و عيون المقدّمة طلائعهم، فإذا أنت خرجت من بلادك، و دنوت من عدوّك فلا تسأم من توجيه الطلائع في كلّ ناحية و في بعض الشعاب و الشجر و الخمر و في كلّ جانب حتّى لا يغيّركم عدوّكم و يكون لكم كمين، و لا تسير الكتائب و القنابل من لدن الصباح إلى المساء إلّا تعبية، فان دهمكم أمر أو غشيكم مكروه كنتم قد تقدّمتم في التعبية، و إذا نزلتم بعدوّ فليكن معسكركم في اقبال الاشراف، أو في سفاح الجبال، أو أثناء الأنهار كى ما تكون لكم ردءا و دونكم مردا. و لتكن مقاتلتكم من وجه واحد و اثنين، و اجعلوا رقباءكم في صياصى الجبال، و بأعلى الأشراف، و بمناكب الأنهار يريئون لكم لئلّا يأتيكم عدوّ من مكان مخافة أو أمن، و إذا نزلتم فانزلوا جميعا، و إذا رحلتم فارحلوا جميعا. و إذا غشيكم اللّيل فنزلتم فحفّوا عسكركم بالرماح و الترسة، و اجعلوا رماتكم يلون ترستكم كيلا تصاب لكم غرّة، و لا تلقى لكم غفلة. و احرس عسكرك بنفسك. و إيّاك أن ترقد أو تصبح إلّا غرارا أو مضمضة، ثمّ ليكن ذلك شأنك و دأبك حتّى تنتهي إلى عدوّك. و عليك بالتأنّي في حربك. و إيّاك و العجلة إلّا أن تمكنك فرصة. و إيّاك أن تقاتل إلّا أن يبدءوك أو يأتيك أمري و السّلام عليك و رحمة اللّه.
ثمّ إنّ كتابه هذا على رواية تحف العقول منقول في أبواب الجهاد من البحار (ص 98 ج 21 من الطبع الكمباني و في ص 627 ج 8 منه أيضا) و على رواية صفين لنصر منقول في باب بغي معاوية و امتناع أمير المؤمنين عليه السّلام تأميره من البحار (ص 477 ج 8 من ذلك الطبع).
اللغة
«أحمد إليكما اللّه» قال المرزوقيّ في شرح الحماسة 93: الحمد: الثناء على الرجل بما فيه من الخصال المرتضاة، و بهذا المعنى فارق الشّكر، لأنّ الشكر لا يكون إلّا على صنيعة، انتهى.
أقول: الظاهر من قوله و بهذا المعنى فارق الشكر أنّه أراد أن يبيّن مورد افتراق معنيي الحمد و الشكر و إلّا فالحمد أعمّ من الشكر لأنّك تحمد الانسان على صفاته الذاتية و على عطائه و لا تشكره على صفاته.
و أمّا معنى قوله: أحمد إليكما اللّه فقال: ابن الأثير في النهاية: و في كتابه عليه السّلام أمّا بعد فانّي أحمد إليك اللّه أي أحمده معك فأقام إلى مقام مع. و قيل: معناه أحمد إليك نعمة اللّه بتحديثك إيّاها.
«ولّيت» من التولية يقال: ولّى الأمير فلانا الأمر إذا جعله واليا عليه.
و في صحاح الجوهريّ: ولّاه الأمير عمل كذا، و ولّاه بيع الشي ء و تولّى العمل أي تقلّد.
«مقدّمتي» في الصحاح: مقدّمة الجيش بكسر الدال: أوّله. و في النهاية الأثيريّة و في كتاب معاوية إلى ملك الروم: لأكوننّ مقدّمته إليك أي الجماعة الّتي يتقدّم الجيش من قدّم بمعنى تقدّم و قد استعيرت لكلّ شي ء فقيل: مقدّمة الكتاب و مقدّمة الكلام بكسر الدال و قد يفتح. «أمّرته عليها» أى جعلته أميرا عليها يقال: أمّره إذا ولّاه الإمارة و حكّمه.
«عيونهم» العيون واحد العين بفتح العين، و معناه ههنا: الجاسوس و الراصد و يقال بالفارسية ديدبان ففي الصحاح: العين: الديدبان و الجاسوس. و في النهاية الأثيريّة: و في الحديث أنّه بعث بسبسة عينا يوم بدر أي جاسوسا. و اعتان له إذا أتاه بالخبر و منه حديث الحديبيّة كان اللّه قد قطع عينا من المشركين أي كفى اللّه منهم من كان يرصدنا و يتجسّس علينا أخبارنا.
«طلائعهم» جمع طليعة و طليعة الجيش هم القوم الّذين يبعثون ليطّلعوا طلع العدوّ كالجواسيس. «لا تسأما» أي لا تملا، يقال سئم الشي ء يسئم سامة من باب علم أى ملّه و ضجر منه و السامة: الملل و الضجر.
«نقض» النقض بالقاف: الهدم، و لكنّي أرى أنّ النقض مصحّف و الصواب النقض بالفاء ففي صحاح الجوهريّ: و قد نقضت المكان و استنفضته و تنفّضته أى نظرت جميع ما فيه قال زهير:
- و تنقض عنها غيب كلّ حميلةو تخشى رماة الغوث من كلّ مرصد
و في النهاية الأثيريّة: و في حديث أبي بكر و الغار: أنا أنفض لك ما حولك أي أحرسك و أطوف هل ترى طلبا. يقال: نفضت المكان و استنفضته و تنفّضته إذا نظرت جميع ما فيه. و النفضة بفتح الفاء و سكونها، و النفيضة قوم يبعثون متحسّسين هل يرون عدوّا أو خوفا.
«الشعاب» بكسر الشين جمع الشعب بكسرها أيضا أي الطريق في الجبل.
و ما انفرج بين الجبلين، و مسيل الماء في بطن أرض.
«الخمر» بالتحريك كلّما سترك و واراك من الشجر و الجبال و نحوها قال ابن الأثير في النهاية: و منه حديث أبي قتادة فابغنا مكانا خمرا أي ساترا بتكاثف شجره. و في الصحاح: تقول: توارى الصيد منّي في خمر الوادي. و في البيان و التبيين للجاحظ ص 210 ج 3 قال الشاعر:
- ثمّ أرميكم بوجه بارزلست أمشي لعدوّي بخمر
«الكتائب» جمع الكتيبة من كتبت أي جمعت، تقول: فلان كتّب الكتائب تكتيبا أي عبّى كتيبة كتيبة، و تكتّبت الخيل أي تجمعّت فالكتيبة من الجيش ما جمع فلم ينتشر الحق الهاء بها لأنّه جعل اسما. و في النهاية الأثيريّة: في حديث السقيفة نحن أنصار اللّه و كتيبة الإسلام، الكتيبة: القطعة العظيمة من الجيش، و الجمع الكتائب.
قال الفرّار السّلمي (الحماسة 38):
- و كتيبة لبّستها بكتيبةحتّى إذا التبست نفضت لها يدي
من بين منعفر و آخر مسند
في شرح المرزوقي عليها: هذا يتبجّج بأنّه مهياج شرّ و أذى، و جمّاع بين كتائب شتّى تتقاتل من دونه، ثمّ يخرج هو من بينهم غير مبال بما يجرون إليه، و لا مفكّر فيما ينتج من الشّر فيهم، فيقول: ربّ كتيبة خلطتها بكتيبة.
فلما اختلطت نفضت يدي منهم و لهم و خلّيتهم و شأنهم.
«فان دهمكم دهم» دهمه أمر أي فاجأه و غشيه من بابي منع و علم و في الحماسة 71:
- و كم دهمتني من خطوب ملمّةصبرت عليها ثمّ لم أتخشّع
- جئنا بدهم يدهم الدّهومامجر كأنّ فوقه النجوما
«معسكر» على هيئة المفعول: موضع العسكر أي الجيش و يقال بالفارسية: لشكرگاه.
«قبل» في الصحاح: القبل- بضمّ القاف و سكون الباء- و القبل- بضمّهما- : نقيض الدّبر و الدّبر- كذلك و يقال: أنزل بقبل هذا الجبل أي بسفحه. انتهى قوله. و في النهاية: القبل: ما استقبلك من الشي ء، فقبل الأشراف ما استقبلك منها.
و جاء في بعض النسخ قبيل مصغّرا و في بعضها الاخر: قبل بكسر القاف و فتح الباء و لكن الأوّل هو الصواب.
«الأشراف» جمع الشرف محرّكة ففي الصحاح: الشّرف: العلوّ و المكان العالي. و قال الشاعر:
- آتي النديّ فلا يقرّب مجلسيو أقود للشّرف الرفيع حماري
«سفاح» بكسر أوّله جمع السفح بالفتح. و في الصحاح: سفح الجبل أسفله حيث يسفح فيه الماء و هو مضطجعه، و قال المرزوقيّ في شرح الحماسة 33:
- فلما أتينا السفح من بطن حائلبحيث تلاقي طلحها و سيالها
كأسد الشرى إقدامها و نزالها
ما هذا لفظه: و السفح أسفل الجبل و لاشتهاره بما وضع له أغنى عن إضافته إلى الجبل.
«أثناء الأنهار» منعطفاتها، جمع الثني بكسر الأوّل و سكون الثاني.
و في الصحاح: قال أبو عبيد: الثّني من الوادي و الجبل منعطفه.
«ردءا» الرّدء بالكسر فالسكون: العون و الناصر، تقول: ردأت الرجل ردءا من باب منع، و أردأته بمعنى أعنته. و أردأته بنفسي: إذا كنت له ردءا. و في القرآن الكريم: وَ أَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (القصص- 36) و جمع الردء أرداء.
«رقباء» جمع الرقيب، و الرقيب الحافظ و الراصد و الحارس تقول رقبه رقوبا من باب نصر إذا رصده و حرسه، و رقيب الجيش طليعتهم و عينهم أيضا.
«صياصي» جمع الصيصة و الصيصة و في الصحاح: الصيصة: شوكة الحائك الّتي يسوّى بها السداة و اللحمة و منه صيصة الديك الّتي في رجله، و صياصي البقر قرونها، و ربما كانت تركّب في الرماح مكان الأسنّة. و الصياصي: الحصون. انتهى.
و في النهاية الأثيريّة: فيه- يعني في الحديث- انه ذكر فتنة تكون في أقطار الأرض كأنّها صياصي بقر أي قرونها، واحدها صيصية بالتخفيف. و قيل: شبّه الرماح الّتي تشرع في الفتنة و ما يشبهها من سائر السلاح بقرون بقر مجتمعة و منه حديث أبي هريرة أصحاب الدّجال شواربهم كالصياصي يعني أنّها أطالوها و فتلوها حتّى صارت كأنّها قرون بقر، و الصيصة أيضا الوتد الّذي يقلع به التمر، و الصنارة الّتي يغزل بها و ينسج.
أقول: فبما ذكرنا من معاني الصياصي يمكن أن يكون معنى صياصى الجبال رؤوسها لأنّ أحد معانيها القرون و أحد معاني القرون رءوس الجبال، كما يمكن أن تكون الاضافة من قبيل لجين الماء أي الجبال الّتي كالحصون أو أنّها حصون لأنّه يمتنع بها كما أنّ ذا القرن يمتنع بقرنه.
«مناكب» جمع المنكب بفتح الميم و كسر الكاف، و في الصحاح: المنكب من الأرض: الموضع المرتفع.
«الهضاب» بكسر الهاء جمع الهضبة بفتحها، و في الصحاح: الهضبة: الجبل المنبسط على وجه الأرض و الجمع هضب و هضاب.
«الأترسة» الصواب الترسة، و الاولى مصحّفة. و الترسة جمع التّرس و هي صفحة من الفولاد تحمل للوقاية من السيف و نحوه و يقال بالفارسيّة: سپر، و في الصحاح: التّرس جمعه ترسة و تراس و أتراس و تروس قال يعقوب: و لا تقل أترسة. انتهى.
«رماتكم» الرّماة جمع الرامي كالمشاة جمع الماشي. و أصلها الرمية كالطلبة أبدلت ياؤها ألفا.
«لا تلفى» أي لا توجد. تقول: ألفيت الشي ء إذا وجدته. قال تعالى: وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَ وَ لَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَ لا يَهْتَدُونَ (البقرة- 167).
«كفّة» بكسر الكاف أي مستديرة بحيث تحفّ العسكر و تصير حصنا لهم.
و في الصحاح: كفّة القميص بالضمّ: ما استدار حول الذيل. و كان الأصمعي يقول: كلّ ما استطال فهو كفّة بالضمّ نحو كفّة الثوب و هي حاشيته، و كفّة الرّمل و جمعه كفاف و كلّ ما استدار فهو كفّة بالكسر نحو كفّة الميزان، و كفّة الصائد و هي حبالته، و كفّة اللثة و هي ما انحدر منها. قال: و يقال: كفّة الميزان أيضا بالفتح و الجمع كفف. انتهى.
و قال المرزوقي في شرح الحماسة 56:
- ملأت عليه الأرض حتّى كأنّهامن الضّيق في عينيه كفّة حابل
أقول: المراد منها ههنا أن يحفّوا العسكر بالرماح و الترسة حتّى تكون حصناء لهم كما بين في نسخة نصر و سيتّضح في المعنى أيضا. و قد غلط بعض الشراح حيث فسّر قوله عليه السّلام فاجعلوا الرّماح كفّة بقوله: ليكون الرماح حولكم ككفّة الميزان أي مجموعة.
«غرارا» الغرار بالكسر، أحد معانيه: النوم القليل، تقول العرب: ما نومه إلاغرار. و قال تأبّط شرّا كما في ديوان الحماسة من اختيار أبي تمّام (حماسة 165):
- و قالوا لها لا تنكحيه فإنّهلأوّل نصل أن تلاقى مجمعا
دم الثار أو يلقى كميّا مسفّعا
«مضمضة» ههنا كناية عن قلّة النوم، و الأصل في المضمضة: تحريك الماء في الفم و المضمضة في النوم أن تنام خفيفا ثمّ تستيقظ ثمّ تنام خفيفا و هكذا تشبّها بمضمضة الماء في الفم، و في الصحاح: يقال: ما مضمضت عيني بنوم أي ما نمت، و تمضمض النعاس في عينه، قال الراجز:
- و صاحب نبّهته لينهضاإذا الكرى في عينه تمضمضا
- إنّي امرؤ مكرم نفسي و متّئدمن أن اقاذعها حتّى اجازيها
مقدّمتي و زياد مفعولان لقوله ولّيت فإذا أنتما خرجتما، الفاء فصيحة، و في كلّ جانب متعلّق بكلّ واحد من التوجيه و النفض فإن دهمكم الفاء تعليلية لقوله إلّا على تعبية و ضمير يرون يرجع إلى الرقباء و الفاء في فإذا نزلتم فصيحة، فحفّوا جواب إذا الثالثة، و الفاء في فنزلتم تفريع على غشيكم فما قوم حفّوا الفاء تعليلية لقوله: فحفّوا عسكر كم بالرماح إلخ. و قوله عليه السّلام: كيلا تصاب- إلى قوله: غرّة، يمكن أن يكون تعليلا لقوله حفّوا كما يمكن أن يكون تعليلا لقوله: و ما أقمتم و إن كان بالأوّل أوفق، حثيث السير خبر إنّ، و قوله عليه السّلام و لا شي ء إلّا ما شاء اللّه جملة معترضة وقعت بين اسم إنّ و خبرها.
المعنى
كتابه هذا من محاسن كتبه عليه السّلام لفظا و معنى و يا ليت الشريف الرضيّ رضوان اللّه عليه أتى بصورته الكاملة في النهج من دون التقاط بعضه و رفض بعضه الاخر.
ثمّ إنّ الكتاب مشتمل على قوانين كليّة أصيلة لا بدّ لمن تولّى إمارة جيش أن يستعملها في الحرب كي يظفر على الخصم. و لا تختصّ تلك القوانين بعصر دون عصر بل تعمّ الأعصار و الدّهور فلا مجال لأحد في أن يقول: إنّ الكتاب يتضمّن على قوانين الحرب في تلك الأعصار السالفة دون هذه الأزمان غاية الأمر أنّ أدوات الحرب تغيّرت، و لو تأمّل في الكتاب من تدرب في فنون المحاربة يجد قائله بطلا محاميا و محاربا خرّيتا في فنون الحرب، و أميرا لم يكن له في طول دهره إلّا تعبية العساكر و تهيئة سلاح الحرب و تعليم فنون القتال، و اعمال الروية في كيفية مقابلة المقاتل في المعارك مع أنّه عليه السّلام كان في جميع الصفات الكماليّة إماما و قدوة، فدونك بما تضمّن الكتاب: قوله عليه السّلام: «و إن افترقتما فكلّ واحد منكما أمير على الطائفة الّتي وليّناه أمرها» و قد دريت أنّه عليه السّلام كتب إليهما هذا الكتاب بعد اعتزال شريح بن زياد و تنحّى زياد عنه، ثمّ إنّ الشركة في أمثال هذه الامور قلّما تتّفق على أنّ الاجتماع على راية واحدة و أمير واحد أقرب إلى الظفر على الخصم من التساند في الحرب و قد أجمعوا على أنّ الشركة ردّية في ثلاثة أشياء: في الملك، و الحرب و الزّوجة.
قوله عليه السّلام: «فاعلما أنّ مقدّمة القوم عيونهم- إلخ» قد أتى عليه السّلام في هذا الكتاب بأحد و عشرين دستورا ممّا لا بدّ أن يراعيها أمير الجيش طلبا للظفر على الخصم و هي ما يلي: الاول: أنّ القوم لا بدّ لهم من مقدّمة.
الثاني: أنّ المقدّمة لا بدّ من أن يكونوا أكياسا حذّاقا بصراء لأنّهم عيون القوم فالمقدّمة من القوم بمنزلة العين من الجسد و كما أنّ العين جاسوس للبدن تحفظه من المهالك و تراقبه عن المهاوي كذلك المقدّمة للقوم، ففي كتاب الحرب من عيون الأخبار لابن قتيبة الدينوريّ (ص 117 ج 1 طبع مصر): ذكر عبد الملك بن صالح الهاشمي أنّ خالد بن برمك حين فصل مع قحطبة من خراسان، بينا هو على سطح بيت في قرية قد نزلاها و هم يتغدّون نظر إلى الصحراء فرأى أقاطيع ظباء قد أقبلت من جهة الصحاري حتّى كادت تخالط العسكر، فقال لقحطبة: أيّها الأمير ناد في النّاس: يا خيل اللّه اركبي، فانّ العدوّ قد نهد إليك و حثّ، و غاية أصحابك أن يسرجوا و يلجموا قبل أن يروا سرعان الخيل، فقام قحطبة مذعورا فلم ير شيئا يروعه و لم يعاين غبارا، فقال لخالد: ما هذا الرأى فقال خالد: أيّها الأمير لا تتشاغل بي و ناد في النّاس، أما ترى أقاطيع الوحش قد أقبلت و فارقت مواضعها حتّى خالطت النّاس إنّ وراءها لجمعا كثيفا، قال: فواللّه ما أسرجوا و لا ألجموا حتّى رأوا ساطع الغبار فسلموا، و لو لا ذلك لكان الجيش قد اصطلم.
الثالث: أنّ للمقدّمة لا بدّ من طلائع.
الرابع: أنّ الطلائع عيون المقدّمة فالكلام في المقدّمة كالكلام في الطلائع بل الطلائع يجب أن يكونوا أكيس من المقدّمة لأنّهم عيون العيون.
الخامس: أن يوجّهوا الطلائع في كلّ جانب يظنّ فيه كمين مرّة بعد مرّة كما يستفاد من قوله عليه السّلام فلا تسأما أي لا تملّا من كثرة توجيه الطلائع.
السادس: أن يبعثوا النفيضة كرّة بعد كرّة كما يستفاد من قوله عليه السّلام فلا تسأما أيضا في كلّ جانب يظنّ فيه عدوّ في مكمن و اغترار لينظروا في الشعاب و في وراء الشجر و الخمر. و علّل هذين القسمين بقوله كيلا يغترّ كما عدوّ، أو يكون لهم كمين و هذان القسمان في الحقيقة متفرّعان على ما قبلهما و لذا أتى بفاء الفصيحة بعد قوله فاعلما أنّ مقدّمة القوم عيونهم و عيون المقدّمة طلائعهم.
السابع: أن لا تسيّر الكتائب في اللّيل لما في اللّيل من خوف الوقوع إلى التهلكة فحصر السير في النهار بقوله إلّا من لدن الصباح إلى المساء.
الثامن: أنّ سير الكتائب إذا كان في اللّيل فلا بدّ من أن يكونوا على تعية أي على تهيئة و تجهيز من قبل أن تسير الكتائب و علّل ذلك بقوله: فإن دهمكم دهم أو غشيكم مكروه كنتم قد تقدّمتم في التعبية.
التاسع: إذا نزلوا بعدوّ أو نزل العدوّ بهم فليكن المعسكر في قبل الأماكن العالية أو أسافل الجبال، أو منعطفات الأنهار و علّل ذلك بقوله كيما يكون لكم ردءا و دونكم مردّا.
العاشر: أن تكون المقاتلة من وجه واحد أو اثنين و ذلك لأنّ المقاتلة إذ، كانت من وجوه شتّى تشتّتت القوى فيتطرّق الوهن و الضعف في الجند فيستلزم ظفر الخصم عليهم. و الغرض من هذا الكلام أنّ الجيش ينبغي لهم أن يجعلوا معسكرهم في قبل الأشراف أو سفاح الجبال أو أثناء الأنهار كي لا يحمل عليهم الخصم من كلّ جانب بل من جانب واحد أو من جانبين و الجوانب الاخر تكون مصونة بالجبال و الأنهار. و إن لم توجد الجبال و الأنهار فيحفر الخندق حول العسكر كما فعله الامام سيّد الشهداء أبو عبد اللّه الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام في كربلاء.
الحادى عشر: لا بدّ للقوم من رقباء.
الثاني عشر: أن يجعل الرقباء في رءوس الجبال و التلال و نحوهما من موضع مرتفع بحيث يرون للقوم و السرّ في ذلك أنّهم إذا كانوا في مواضع مرتفعة على مرئى قومهم يرون الخصم عن بعيد فيخبرون قومهم فلا ينزل الخصم عليهم بغتة كما صرّح عليه السّلام بذلك لئلّا يأتيكم عدوّ من مكان مخافة أو أمن.
الثالث عشر: أن يحذروا من التفرّق لأنّ الاجتماع يوجب الهيبة و العظمة تجاه الخصم فيستلزم وهنه و انكساره. و في القرآن الكريم: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ (آخر الفتح). و فرّع على التحذير من التفرّق قوله: فاذا نزلتم و أتى بالفاء الفصيحة أي إذا كان التفرّق محذورا منه فانزلوا جميعا و ارحلوا جميعا.
الرابع عشر: أن يحفّ العسكر بالرماح و الترسة كي تصير الرماح و الترسة حصنا لهم و علّل ذلك بقوله فما قوم حفّوا عسكرهم برماحهم و ترستهم من ليل أو نهار إلّا كانوا كأنّهم في حصون.
الخامس عشر: أنّ الرّماة يلون الترسة و الرّماح. و المراد أنّ كلّ من تدرب في فنّ من فنون الحرب يلي أمره و لما أمرهم بأن يحفّوا العسكر بالرماح و الترسة أشار إلى أنّ الرماة يلون الترسة و الرماح لأنّ ذلك أربط للجاش و أتقن و آكد في الحراسة.
السادس عشر: إذا أقام الجيش في منزل و إن كانت الإقامة في النهار فكذلك عليهم أن يحفّوا العسكر بالترسة و الرماح و يجعلوا شأن الترسة و الرماح على الرماة و أشار إلى هذا الدستور بقوله و ما أقمتم فكذلك فافعلوا، و إنّما قيدنا الإقامة بالنّهار لأنّه عليه السّلام بعد ما أمر بعمله في اللّيل بقوله: و إذا غشيكم ليل- إلخ أتى بقوله: هذا و ما أقمتم- إلخ. ثمّ إنّه عليه السّلام بعد ذلك يقول: فما قوم حفّوا عسكرهم برماح و ترستهم من ليل أو نهار إلّا كانوا كأنّهم في حصون فأتى باللّيل و النهار على سبيل اللفّ و النشر المرتّبين فقوله: من ليل يشير إلى قوله: و إذا غشيكم ليل، و قوله عليه السّلام: أو نهار يشير إلى قوله: فما أقمتم فكذلك فافعلوا غاية الأمر أن يقال فما أقمتم يعمّ الجديدين. فلا ضير أيضا، ثمّ علّله بقوله كيلا تصاب لكم غفلة و لا تلفى لكم غرّة. و ذلك لأنّهم إذا اعتادوا أن يحفّوا العسكر بالرماح و الترسة مهما أقاموا لا تفوتهم الكفّة في اللّيل و لذا قال عليه السّلام: كيلا تصاب بكم غفلة و لا تلفى لكم غرّة، و ان جعل قوله عليه السّلام: كيلا تصاب دليلا لقوله فحفّوا عسكركم فالأمر أوضح.
السابع عشر: أن يحفظ الأمير قومهم بنفسه و لا يحمله على غيره لأنّه إذا جانب العسكر لا يراقبهم غيره من أفراد الجند كما ينبغي فربّما ينجرّ إلى فرار بعض أو استيلاء الخصم على غفلة و غيرهما من المفاسد.
و في نوادر الراونديّ بإسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السّلام قال: قال الحسن بن عليّ عليهما السّلام: كان عليّ عليه السّلام يباشر القتال بنفسه و لا يأخذ السلب (البحار الكمبانيّ ص 100 ج 21).
الثامن عشر: أن يجتنبوا من النوم الطويل بل من القليل أيضا إلّا غرارا أو مضمضة لئلّا يدهمهم الخصم و هم نيام.
التاسع عشر: أنّ عليهم التأنّي و الرفق في الحرب و التحذّر من العجلة.
ثمّ استثنى الحكم بالتأنّي بقوله إلّا أن تمكنكم فرصة بعد الاعذار و الحجّة.
العشرون: أن يقدّموا الإعذار و الحجّة و النصح قبل الحرب.
الواحد و العشرون: أنّ لا يقدّموا في الحرب و لا يبتدءوا فيه و سيجي ء الكلام في هذين الوجهين في المختارين 14 و 15 من هذا الباب إن شاء اللّه تعالى.
ثمّ إنّ في الفصل السابع و الثلاثين من الباب الثالث من مقدّمة ابن خلدون مطالب مفيدة في الحروب و سياستها و ما يتعلّق بها و مذاهب الامم فيها و أقسامها، و قال فيه: و انظر وصيّة عليّ رضي اللّه عنه و تحريضه لأصحابه يوم صفين تجد كثيرا من علم الحرب و لم يكن أحد أبصر بها منه قال في كلام له: فسوّوا صفوفكم كالبنيان المرصوص- إلخ. فمن شاء فليطلبها (ص 270 طبع مصر).
الترجمة
اين كتاب يازدهم از باب مختار كتب و رسائل أمير عليه السّلام است كه در آن لشكرى را كه بسوى دشمني گسيل داشت بدستورهايى وصيت كرده است.
أمير عليه السّلام أين نامه را به شريح بن هانى و زياد بن نضر نوشت گاهى كه آن دو را بر لشكرى امارت داد و در اثناى راه بمخالفت يكديگر اقدام كردند و هر يك نامه اى بأمير المؤمنين عليه السّلام نوشت و از مخالفت ديگري حضرتش را اعلام كرد. و زياد نامه نوشت كه شريح از طاعت من سر باز زد و براى من حقى روا نمى دارد و أمر أمير را سبك شمرده و پيمانش را ترك گفت، و شريح نامه نوشت كه زياد تكبّر نمود و بدخويى كرد و عجب و خودبينى و فخر او را به گفتار و كردارى كه خداوند از آن خرسند نيست كشانيد، و از أمير عليه السّلام عزلش را درخواست كرد. چون نامه آن دو بان بزرگوار رسيد در جوابشان مرقوم فرمود: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم از بنده خدا عليّ أمير المؤمنين به زياد بن نضر و شريح بن هانى درود بر شما، من با شما حمد ميكنم خدايى را كه نيست جز او خدايى أمّا بعد همانا كه توليت مقدّمه لشكر را به زياد برگزار كرده ام و او را أمير بر آنان گردانيدم. و شريح بر طائفه اى از ايشان أمير است. پس اگر كار شما به وفاق كشيد زياد بر مردم أمير است، و اگر به خلاف انجاميد هر يكى بر طائفه اى كه شما را بر آنها والى گردانيدم أمير خواهد بود.
بدانيد كه مقدّمه لشكر ديد بانشانند و طليعه ديدبان مقدّمه اند (مقدّمه گروهى هستند كه پيشاپيش لشكرند و جاسوسشان، و طليعه نفرى چند كه جاسوس مقدّمه اند) از اين روى چون از شهر خود بدر رفتيد از فرستادن طليعه ها بگوشه و كنار و اين سوى و آن سوى خوددارى نكنيد و از تفتيش و تجسّس در درّه ها و پشت درختها و كوهها و مانند آنها از هر سوى كوتاهى نكنيد و از كثرت اين كار ملال نگيريد كه مبادا دشمن در كمين باشد و ناگهان شما را بفريبد و غفلت گير كند.
و بايد كه سپاه از شبروى بر حذر باشند و فقط از بامداد تا شامگاه راه بپيمايند مگر اين كه اگر بخواهند شبروى كنند از پيش آمادگى داشته و خود را مجهّز كرده باشند كه اگر دشمن نابهنگام روى آورد شما نيز آماده و از پيش براى دفاع در تعبيه بوده و تهيّه ديده باشيد.
پس هر گاه بر سر دشمن فرود آييد يا دشمن بر شما فرود آيد بايد لشكرگاه شما در پيش جاهاى بلند يا دامنه كوهها يا در خم جويها باشد تا شما را از شرّ دشمنان مددى و در پيش رويتان از آنان سدّ و مانعى بود، و بايد كه كارزارتان از يك روى يا دو روى باشد (يعنى جهات ديگر بايد بكوه يا به نهر محفوظ باشد كه دشمن از هر طرف دست نيابد و حمله نكند).
و ديده بانها و پاسبانهاى لشكر را بر سر كوهها و بر بلندى پشته ها قرار دهيد تا دشمن از رهگذر خوف يا أمن بر سر شما ناگهان فرود نيايد.
و بايد كه از پراكندگى بپرهيزيد از اين روى هر گاه فرود مى آييد همگى يك بار فرود آييد، و اگر كوچ مى كنيد همگى يك بار كوچ كنيد.
و هر گاه شب فرا رسد و فرود آمديد نيزه ها و سپرها را در گرداگرد لشكر ديوار لشكر كنيد، و كار نيزه ها و سپرها را به تيراندازان واگذاريد. و اگر روز هم در جايى فرود آمديد همين كار كنيد تا مبادا كه در غفلت باشيد و ناگهان دشمن بر شما بتازد چه هيچ لشكرى خواه در شب جايى فرود آيند و خواه در روز گرداگرد خود را به نيزه ها و سپرها نگرفتند مگر اين كه گويى در ديوارى قرار گرفتند.
و بايد خودتان لشكر را بپاييد، و بپرهيزيد از خواب تا بيدارى شب بروز آوريد مگر اين كه خواب اندكى مضمضه كنيد. و بايد بدينسان كه گفته ام خوى كنيد و پايدار باشيد تا با دشمن روبروى شويد. و بايد هر روز از شما خبر داشته باشم. و من بخواست خدا بسرعت از پى شما خواهم آمد و بايد در جنگ تأنّي كنيد و از شتاب دورى جوييد مگر اين كه گاهي فرصت شما را بشتاب در جنگ پس از آنكه حجّت را بر خصم به پند و اندرز تمام كرده باشيد دست دهد. و مبادا تا من نيامدم اقدام بجنگ كنيد. مگر اين كه دشمن افتتاح و ابتداى به جنگ كند، يا اين كه دستور من بخواست خدا برسد. و السلام.
( . منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغه، ج17، ص 60-78)
|