المختار الخامس و الاربعون من كتبه عليه السّلام و من كتاب له عليه السّلام الى بعض عماله
أمّا بعد، فإنّك ممّن أستظهر به على إقامة الدّين، و أقمع به نخوة الأثيم، و أسدّ به لهاة الثغر المخوف، فاستعن باللّه على ما أهمّك، و أخلط الشّدّة بضغث من اللّين، و ارفق ما كان الرّفق أرفق، و اعتزم بالشّدّة حين لا يغني عنك إلّا الشّدّة و اخفض للرّعيّة جناحك، و ابسط لهم وجهك، و ألن لهم جانبك، و آس بينهم في اللّحظة و النّظرة و الإشارة و التّحيّة، حتّى لا يطمع العظماء في حيفك، و لا ييأس الضّعفاء من عدلك، و السّلام.
اللغة
(أستظهر): أجعلك كظهري أتقوّى بك، (النخوة): الكبر، (الأثيم): المخطئ المذنب، (اللهات): ما بين الفكّين الأعلى و الأسفل، و هى كناية عن هجوم العدوّ كالسبع فاتحا فاه لأخذ الصيد، (الضغث): النصيب من الشي ء يختلط بغيره.
الاعراب
ما كان الرفق: ما مصدريّة زمانيّة و كان صلتها، حتّى لا يطمع: لفظة حتّى تفيد التعليل.
المعنى
لم يشر الشراح إلى من كاتبه عليه السّلام بهذا الكتاب و إلى من خاطبه بهذه التوصيات الحكيمة، و لكن يستفاد من قوله عليه السّلام (و أسدّ به لهاة الثغر المخوف) أنّه كان من الأمراء و العمّال المرابطين في أحد الثغور الهامّة الهائلة، و الثغور الّتي لا بدّ من المراقبة منها في عصر حكومته على قسمين: منها ما كانت بين المسلمين و الكفار من ناحية المشرق و المغرب، و منها ما كان بين المؤمنين و الفسّاق في داخل البلاد الاسلاميّة كثغور الشام و العراق، فانّ معاوية يحكم في قطعة واسعة من البلاد الاسلاميّة تمتدّ من شمال الجزيرة إلى نواحي العراق، و كان يراقب الغرّة من المجاهدين المؤمنين الّذين يطيعون عليّا للفتك بهم و التسلّط على ما في يدهم كما فعله بحسّان بن حسّان البكري عامل عليّ عليه السّلام على أنبار، و ربما يشعر قوله عليه السّلام (و اقمع به نخوة الأثيم) على الوجه الثاني كما أنّ قوله عليه السّلام «لهاة الثغر المخوف» لا يخلو من ايماء إلى ذلك فانّ الثغور الداخليّة حينئذ كانت أخوف من الثغور الخارجيّة المجاورة مع الكفّار، و قد ارتكب معاوية أيّام الهدنة المضروبة طيلة سنة في قضيّة الحكمين من العيث و الفساد في نواحي العراق و الحجاز ما لا يرتكبه الكفّار في الثغور الاسلاميّة الخارجيّة.
و قد أمر عليّ عليه السّلام عامله على محافظة امور ثلاثة: 1- الاعانة على إقامة الدين الّذي هو برنامج تربية المسلمين مادّة و معنا.
2- قمع العصاة و المخالفين الّذين يريدون الفساد و الافساد في حوزة المسلمين.
3- المراقبة على الثغر الاسلامى و الدفاع عن هجوم الأعداء، و أمر عامله بالاستعانة على ما يهمّه من اللّه تعالى و الاستمداد من سياسة ذات جهتين مخلوطة و مركّبة من الرفق و الشدّة و اللين و الضغط، بحسب ما يعترضه من الحوادث و العوارض تجاه العدوّ و المخالف، فانّ مدار التدبير و السياسة على الانذار و التبشير و الاحسان و التقتير كما قال الشاعر:
فوضع الندى في موضع السيف بالعلا مضرّ كوضع السيف في موضع الندى و وصّاه في معاملته مع الرعايا المطيعين بمراعاة أربعة امور: 1- التواضع لهم و خفض الجناح تجاههم لحفظ حرمتهم و عدم إظهار الكبرياء في وجوههم كما أمر اللّه نبيّه صلّى اللّه عليه و آله في السلوك مع المؤمنين فقال تعالى: «و اخفض جناحك للمؤمنين 88- الحجر».
2- لقائهم بالبشر و البشاشة و الفرح للدلالة على مودّتهم و لتحكيم الرابطة الاخوية معهم 3- الاستيناس بهم و التلطف معهم ليطمئنوا برحمة الحكومة و يخلصوا لها ايمانهم بها.
4- المواساة بينهم و رفع التبعيض بحيث ينسلكون في نظم الأخوّة الاسلامية كملا، و لا يطمع العظماء و أرباب الثروة و النفوذ في سوء الاستفادة من الحاكم في الظلم على الضعفاء، و لا ييئس الضعفاء من عدل الحاكم و الشكاية عن الظالم.
الترجمة
در نامه اى بيكى از كارگزاران خود چنين مى نويسد: أمّا بعد، تو يكى از كسانى هستى كه من براى پايدار كردن دين بدانها پشت گرم هستم، و سر بزرگى گنهكار را بوسيله آنها مى كوبم، و مرز معرض هجوم و بيمناك را مسدود مى سازم، از خدا در كارهائى كه بعهده تو است يارى بجو، سخت گيرى را با اندكى نرمش در آميز، تا آنجا كه نرمش براى پيشرفت كارت هموارتر است نرمش كن، و چون جز سخت گيرى چاره اى نماند بر دشمن سخت گير.
در برابر رعيّت فرمانبر تواضع پيشه كن و بزرگى بدانها مفروش، با خوشروئى با آنها روبرو شو، و آنانرا بخود راه بده و مأنوس كن، و مساوات و برابرى كامل را ميان آنها رعايت كن تا آنجا كه نگاه و توجّه و إشاره و درود را ميان همه پخش كنى و برابرى را رعايت كنى تا آنكه بزرگان و أرباب نفوذ در طرفدارى و ستم تو طمع نورزند و بوسيله تقرّب بتو بر ديگران ستم نكنند و بينوايان از عدالت و داد خواهيت نوميد نگردند، و از شكايت ستمكاران دم در نبندند.
( . منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغه، ج17، ص 126-128)
|