196- و قال عليه السّلام: ثلاث عشر كلمة:
الْجُودُ حَارِسُ الْأَعْرَاضِ- وَ الْحِلْمُ فِدَامُ السَّفِيهِ- وَ الْعَفْوُ زَكَاةُ الظَّفَرِ- وَ السُّلُوُّ عِوَضُكَ مِمَّنْ غَدَرَ- وَ الِاسْتِشَارَةُ عَيْنُ الْهِدَايَةِ- وَ قَدْ خَاطَرَ مَنِ اسْتَغْنَى بِرَأْيِهِ- وَ الصَّبْرُ يُنَاضِلُ الْحِدْثَانَ- وَ الْجَزَعُ مِنْ أَعْوَانِ الزَّمَانِ- وَ أَشْرَفُ الْغِنَى تَرْكُ الْمُنَى- وَ كَمْ مِنْ عَقْلٍ أَسِيرٍ تَحْتَ عِنْدَ هَوَى أَمِيرٍ- وَ مِنَ التَّوْفِيقِ حِفْظُ التَّجْرِبَةِ- وَ الْمَوَدَّةُ قَرَابَةٌ مُسْتَفَادَةٌ وَ لَا تَأْمَنَنَّ مَلُولًا
إحداها: الجود حارس الأعراض
و استعار له لفظ الحارس باعتبار أنّ الجود يقي عرض صاحبه من السبّ كالحارس.
الثانية: و الحلم فدام السفيه.
و الفدام: ما يسدّ به المجوسي فمه. و استعار لفظه للحلم باعتبار أنّ الحليم إذا قابل السفيه بحمله عن عقوبته سكت عنه و أقلع عن سفه في حقّه فأشبه الفدام له.
الثالثة: و العفو زكاة الظفر.
استعار لفظ الزكاة للعفو باعتبار أنّه فضيلة تستلزم زيادة الثواب في الآخرة. و لحظ في ذلك شبه الظفر بالمال الواجبة زكاته. و هو ترغيب في العفو.
الرابعة: و السلوّ عوضك ممّن غدر.
و هو أمر للإنسان بالسلوّ عن الهمّ بسبب غدر من يطلب وفاه. و رغّب فيه بكونه عوضا منه و نعم العوض.
الخامسة. و الاستشارة عين الهداية.
الاستشارة طلب أصلح الآراء في الأمر و هى مستلزمة للهداية إليها، و جعلها عينها تأكيدا لقوّة استلزامها لها.
السادسة: و قد خاطر من استغنى برأيه
أى أشرف على الهلاك من استبدّ برأيه لأنّ ذلك مظنّة الخطأ المستلزم للهلاك. و قد مرّ مثله.
السابعة: و الصبر يناضل الحدثان.
استعار لفظ المناضلة للصبر باعتبار دفعه الهلاك عن الجزع في المصائب.
الثامنة: و الجزع من أعوان الزمان.
الزمان معدّ للهرم و الفناء، و الجزع معدّ لذلك فكان معينا له.
التاسعة: و أشرف الغنى ترك المنى.
لأنّ أشرف الغنى غنى النفس بالكمالات النفسانيّة من الحكمة و مكارم الأخلاق و هو مستلزم لترك المنى و إلّا لجاز اجتماعه مع المنى المستلزم للحمق إذ هو إشغال النفس بما لا ينبغي عمّا ينبغي و للإفراط في محبّة الدنيا مع كثير من الرذائل كالحرص و الحسد و الشره و نحوها. فيلزم من ذلك اجتماع الضدّين الفضيلة و الرذيلة.
العاشرة: و كم من عقل أسير تحت هوى أمير.
العقل إمّا أن يقوى على قهر النفس الأمّارة بالسوء و بصرفها حسب ما يراه، أو يقاومها كالمصارع لها فمرّة له و مرّة عليه، أو يكون مقهورا و مغلوبا لها. و الأوّل هو العقل المطيع للّه القوىّ بأمره و يلحقه الثاني من وجه، و أمّا الثالث فهو العاصي بانقياده لهواه فهو كالأسير له و هو القسم الأكثر في عالم الإنسان لحضور اللذّات الحسّيّة دون العقليّة فلذلك أخبر عنه بكم.
الحادية عشر: و من التوفيق حفظ التجربة
أي لزومها و مداومتها لغاية الانتفاع بها، و ظاهر أنّ ذلك من توفيق الله: أى تسهيله لأسبابها و تقديره لتوافقها في حقّ العبد.
الثانية عشر: و المودّة قرابة مستفادة
لأنّ القرابة اسم من القرب و هو إمّا أن يكون أصليّا كقرب النسب أو مستفادة اكتسب كقرب الصداقة و المودّة.
الثالثة عشر: و لا تأمننّ ملولا.
لأنّ الملول يصرفه ملاله عن الثبات على الصداقة و العهد و كتمان السرّ و نحوها. فمن الحزم إذن أن لا يؤمن على شي ء من ذلك.
( شرح ابن میثم، ج 5 ص 350 و 351)
|