دانشنامه پژوهه بزرگترین بانک مقالات علوم انسانی و اسلامی

خطبه 91 نهج البلاغه بخش 3 : وصف پروردگار در آفرينش موجودات گوناگون

خطبه 91 نهج البلاغه بخش 3 موضوع "وصف پروردگار در آفرينش موجودات گوناگون" را بررسی می کند.
No image
خطبه 91 نهج البلاغه بخش 3 : وصف پروردگار در آفرينش موجودات گوناگون

موضوع خطبه 91 نهج البلاغه بخش 3

متن خطبه 91 نهج البلاغه بخش 3

ترجمه مرحوم فیض

ترجمه مرحوم شهیدی

ترجمه مرحوم خویی

شرح ابن میثم

ترجمه شرح ابن میثم

شرح مرحوم مغنیه

شرح منهاج البراعة خویی

شرح لاهیجی

شرح ابن ابی الحدید

شرح نهج البلاغه منظوم

موضوع خطبه 91 نهج البلاغه بخش 3

3 وصف پروردگار در آفرينش موجودات گوناگون

متن خطبه 91 نهج البلاغه بخش 3

و منها

قَدَّرَ مَا خَلَقَ فَأَحْكَمَ تَقْدِيرَهُ وَ دَبَّرَهُ فَأَلْطَفَ تَدْبِيرَهُ وَ وَجَّهَهُ لِوِجْهَتِهِ فَلَمْ يَتَعَدَّ حُدُودَ مَنْزِلَتِهِ وَ لَمْ يَقْصُرْ دُونَ الِانْتِهَاءِ إِلَى غَايَتِهِ وَ لَمْ يَسْتَصْعِبْ إِذْ أُمِرَ بِالْمُضِيِّ عَلَى إِرَادَتِهِ فَكَيْفَ وَ إِنَّمَا صَدَرَتِ الْأُمُورُ عَنْ مَشِيئَتِهِ الْمُنْشِئُ أَصْنَافَ الْأَشْيَاءِ بِلَا رَوِيَّةِ فِكْرٍ آلَ إِلَيْهَا وَ لَا قَرِيحَةِ غَرِيزَةٍ أَضْمَرَ عَلَيْهَا وَ لَا تَجْرِبَةٍ أَفَادَهَا مِنْ حَوَادِثِ الدُّهُورِ وَ لَا شَرِيكٍ أَعَانَهُ عَلَى ابْتِدَاعِ عَجَائِبِ الْأُمُورِ فَتَمَّ خَلْقُهُ بِأَمْرِهِ وَ أَذْعَنَ لِطَاعَتِهِ وَ أَجَابَ إِلَى دَعْوَتِهِ لَمْ يَعْتَرِضْ دُونَهُ رَيْثُ الْمُبْطِئِ وَ لَا أَنَاةُ الْمُتَلَكِّئِ فَأَقَامَ مِنَ الْأَشْيَاءِ أَوَدَهَا وَ نَهَجَ حُدُودَهَا وَ لَاءَمَ بِقُدْرَتِهِ بَيْنَ مُتَضَادِّهَا وَ وَصَلَ أَسْبَابَ قَرَائِنِهَا وَ فَرَّقَهَا أَجْنَاساً مُخْتَلِفَاتٍ فِي الْحُدُودِ وَ الْأَقْدَارِ وَ الْغَرَائِزِ وَ الْهَيْئَاتِ بَدَايَا خَلَائِقَ أَحْكَمَ صُنْعَهَا وَ فَطَرَهَا عَلَى مَا أَرَادَ وَ ابْتَدَعَهَا

ترجمه مرحوم فیض

قسمتى سوم از اين خطبه است (در بيان كيفيّت و چگونگى خلقت اشياء و اينكه خداوند سبحان از صفات مخلوقات منزّه و مبرّى است):

خداوند متعال بقاء و هستى آنچه آفريده تعيين نموده و آنرا محكم و استوار گردانيده (بطوريكه بيش و كم نخواهد شد) پس از روى لطف (حكمت و مصلحت) آنرا منظّم ساخته، و هر يك را اختصاص داده بآنچه كه براى آن خلق شده (مانند خورشيد براى نور افشانى و ابر براى باريدن و زنبور براى عسل) پس (هيچيك از آفريده ها) از حدودى كه برايش تعيين گشته تجاوز نكرده و به رسيدن بمقصود كوتاهى ننموده (به وظيفه خود رفتار كرده) وقتى كه مأمور شده براى انجام اراده و خواست او مأموريّت را دشوار نشمرده (سركشى نكرده) و چگونه تواند سركشى كند كه همه اشياء به مشيّت و اراده او بوجود آمده (پس اوامر تكوينيّه او را فرمان برده طوق خضوع و فروتنى را به گردن انداخته اند) او است خداوند ايجاد كننده انواع مخلوقات بدون اينكه انديشه اى بكار اندازد، و بى آنكه قبلا تصوّر كرده بعد بيافريند، و بى تجربه و آزمايشى كه از پيش آمدهاى روزگار استفاده كند، و بى شريك و همتائى كه او را در آفريدن مخلوقات شگفت آور كمك و همراهى نمايد، پس طبق فرمانش تمام گشت خلقت و آفرينش او (بسبب مشيّت و اراده او مخلوقات بوجود آمدند) و طاعت او را قبول كرده دعوتش را پذيرفتند، آفريده اى نبوده كه در امرش درنگ و سستى نموده انجام فرمانش را بتأخير اندازد (چنانكه در قرآن كريم س 2 ى 117 مى فرمايد: بَدِيعُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ يعنى او است پديد آورنده آسمانها و زمين كه هر گاه آفريدن چيزى را اراده كند و بفرمايد موجود شو، بى درنگ موجود مى گردد) پس اعوجاج و كجى اشياء را راست گردانيد (آنها را از روى حكمت آفريد) و حدودشان را واضح و روشن قرار داد (آنچه كه سزاوارشان بود بآنها افاضه نمود) و به قدرت و توانائى ميان اضداد گوناگون آنها را (مانند عناصر چهار گانه: صفراء و بلغم و خون و سوداء در يك مزاج) التيام داده جمع گردانيد، و آنها را بهم پيوست كه از هم جدا نگردند، و در حدود و اندازه ها و خويها و صفات مختلفه (كه هر يك از ديگرى امتياز دارد) قرار داد (و آنچه آفريده) مخلوقات شگفت آورى است كه خلقت آنها را محكم و استوار گردانيد و بر طبق اراده و خواست خود ايجاد و اختراع نمود.

ترجمه مرحوم شهیدی

و از اين خطبه است:

آنچه آفريد، سنجيد و نيكش استوار كرد،

و پايان كارش را نگريست، پس به لطف تدبيرش برآورد،

و بدانچه برايش آفريده شد، گسيلش داشت،

چنانكه از حدّ خويش گامى فراتر نتوانست گذاشت،

و در رسيدن بدانجا كه بايد رسد، قصورى روا نداشت،

و مأموريتى كه بدو واگذاشته بود، دشوار نينگاشت،

و چگونه- نپذيرد- كه كارها به خواست خدا انجام گيرد،

كه پديدآورنده گونه گون چيزهاست، بى آنكه او را انديشه و فكرى باشد كه بدان روى آرد،

و يا غريزه و طبيعت نهفته اى كه از آن سود بردارد.

نه تجربه اى كه از گذشت روزگار گرفته باشد،

يا در پديد آوردن اين پديده هاى شگفت، شريكى را يار گرفته باشد.

پس آفرينش آن- مخلوق- كامل گشت

و به طاعت- خالق- شتافت.

دعوتش را پذيرفت

و روى بر نتافت. نه چون كند كاران چيزى را بهانه ساخت،

و نه درنگى كرد و فرمان را واپس انداخت.

پس، كجيهاى هر چيز را راست كرد،

و مرزهاى هر يك را برابر آورد.

و ناهماهنگها را به قدرت خود هماهنگ ساخت.

و طرح هر يك را در آنچه مناسب آن بود، انداخت،

و آن را جنسهايى كرد- از شماره برون- در حدّ و اندازه

و غريزه و هيئتهاى گونه گون.

پديده هايى كه آفرينش آنها را استوار كرد،

و هر يكى را به سرشتى كه خود خواست در آورد.

ترجمه مرحوم خویی

بعضى ديگر از آن خطبه شريفه اينست كه فرموده: تقدير كرده خداوند تعالى هر چيزى را كه آفريده پس محكم گردانيده اندازه و تقدير آنرا و تدبير نموده هر چيزى را كه خلق فرموده، پس لطيف گردانيده تدبير آنرا و توجيه نموده هر شي ء را بسوى جهت خود، پس تجاوز ننمود آن شي ء از حدّ و سدّ مكان خود، و قاصر نشد نزد منتهى نشدن بغايت خود، و صعب و دشوار نشمرد آنچه كه ايجاد فرمود مضى بر وفق اراده او را وقتى كه مأمور شد باين، و چه طور ميباشد كه دشوار شمارد و حال آنكه جميع امور صادر شده از مشيّة قاهره خداوندى كه انشاء و ايجاد فرموده أصناف و احساس اشياء را بدون روية و فكرى كه رجوع نمايد بآن، و بدون استنباط طبيعتى كه اضمار نمايد و بغايت برسد در آن، و بدون تجربه كه استفاده نموده باشد آن را از حوادثات روزگار و بيشتر يك و معاونى كه اعانت و يارى نمايد او را بر ايجاد عجائب امورات.

پس تمام شد مخلوق او سبحانه و گردن نهاد بفرمان بردارى او، و اجابت نمود بسوى دعوت او در حالتى كه حايل نشد نزد نفاذ امر او دير كردن دير كننده، و نه توقف نمودن توقف نماينده، پس راست فرمود از اشياء كجى آن ها را، و روشن نمود حدود آنها را، و الفت داد با قدرت خويش در ميان اضداد آنها، و متصل ساخت اسباب نفوس آن ها را، و متفرّق نمود آن ها را بأقسام مختلفه گوناگون در نهايات و مقادير و در طبيعتها و هيئتها، عجايب مخلوقاتى كه محكم گردانيد صنعت آن ها را و آفريد آنها را بر وجهى كه اراده كرده، و ابداع فرموده آنها را از كتم عدم با قدرت كامله و حكمت شامله.

شرح ابن میثم

الفصل الثالث:

و منها- قَدَّرَ مَا خَلَقَ فَأَحْكَمَ تَقْدِيرَهُ وَ دَبَّرَهُ فَأَلْطَفَ تَدْبِيرَهُ- وَ وَجَّهَهُ لِوِجْهَتِهِ فَلَمْ يَتَعَدَّ حُدُودَ مَنْزِلَتِهِ- وَ لَمْ يَقْصُرْ دُونَ الِانْتِهَاءِ إِلَى غَايَتِهِ- وَ لَمْ يَسْتَصْعِبْ إِذْ أُمِرَ بِالْمُضِيِّ عَلَى إِرَادَتِهِ- فَكَيْفَ وَ إِنَّمَا صَدَرَتِ الْأُمُورُ عَنْ مَشِيئَتِهِ-

الْمُنْشِئُ أَصْنَافَ الْأَشْيَاءِ بِلَا رَوِيَّةِ فِكْرٍ آلَ إِلَيْهَا- وَ لَا قَرِيحَةِ غَرِيزَةٍ أَضْمَرَ عَلَيْهَا- وَ لَا تَجْرِبَةٍ أَفَادَهَا مِنْ حَوَادِثِ الدُّهُورِ- وَ لَا شَرِيكٍ أَعَانَهُ عَلَى ابْتِدَاعِ عَجَائِبِ الْأُمُورِ- فَتَمَّ خَلْقُهُ بِأَمْرِهِ وَ أَذْعَنَ لِطَاعَتِهِ وَ أَجَابَ إِلَى دَعْوَتِهِ- لَمْ يَعْتَرِضْ دُونَهُ رَيْثُ الْمُبْطِئِ وَ لَا أَنَاةُ الْمُتَلَكِّئِ- فَأَقَامَ مِنَ الْأَشْيَاءِ أَوَدَهَا وَ نَهَجَ حُدُودَهَا- وَ لَاءَمَ بِقُدْرَتِهِ بَيْنَ مُتَضَادِّهَا- وَ وَصَلَ أَسْبَابَ قَرَائِنِهَا وَ فَرَّقَهَا أَجْنَاساً- مُخْتَلِفَاتٍ فِي الْحُدُودِ وَ الْأَقْدَارِ وَ الْغَرَائِزِ وَ الْهَيْئَاتِ- بَدَايَا خَلَائِقَ أَحْكَمَ صُنْعَهَا وَ فَطَرَهَا عَلَى مَا أَرَادَ وَ ابْتَدَعَهَا

اللغة

أقول: آل: رجع. و أذعن: خضع و ذلّ. و الريث: البطؤ و كذلك الأناة. و المتلكّى التباطؤ عن الأمر و التوقّف فيه. و الأود: الاعوجاج، و بدايا: جمع بدية و هى الخلقة العجيبة.

المعنى

فقوله: قدّر ما خلق فأحكم تقديره.

فقوله: قدّر ما خلق فأحكم تقديره. إشارة إلى أنّ كلّ مصنوع قدرّة في الوجود فعلى وفق حكمته بحيث لو زاد على ذلك المقدار أو نقص منه لاختلّت مصلحة ذلك المقدّر و تغيّرت منفعته.

و قوله: و دبّره فألطف تدبيره

و قوله: و دبّره فألطف تدبيره إيجاده على وفق المصلحة و لطفه في ذلك تصرّفه في جميع الذوات و الصفات تصرّفات كلّيّة و جزئيّة من غير شعور غيره بذلك.

و قوله: و وجّهه لوجهته. إلى قوله: إلى غايته

و قوله: و وجّهه لوجهته. إلى قوله: إلى غايته: أى ألهم كلّا و يسّره لما خلق له و لما كتب له في اللوح فلم يتجاوز مرسوم تلك المنزلة المعلومة له: أى لم يعبرها و لم يقصر دونها و إلّا لزم التغيّر في علمه سبحانه و إنّه محال.

و قوله: و لم يستعصب إذ امر بالمضىّ على إرادته

و قوله: و لم يستعصب إذ امر بالمضىّ على إرادته: أى لمّا أمر المخلوق بالتوجّه إلى وجهه على وفق إرادة اللّه و ساقت الحكمة الإلهيّة كلّا إلى غايته لم يمكن تخلّفه

و استصعابه عن ذلك الأمر، و أمره له إشارة إلى توجيه أسبابه بحسب القضاء الإلهىّ عليه بذلك.

و قوله: و كيف و إنّما صدرت الامور عن مشيئته

و قوله: و كيف و إنّما صدرت الامور عن مشيئته: أى و كيف يستعصب. ثمّ أشار إلى علّة عدم استصعابه و سرعة طوعه و انقياده بذكر علّته و هو استناد جميع الآثار إلى مشيئته. إذ كلّ أثر فهو واجب عن مؤثّره و الكلّ منته في سلسلة الحاجة إلى إرادته واجب عنها و قد علم ذلك في العلم الإلهىّ.

و قوله: المنشى ء أصناف الأشياء. إلى قوله: عجائب الامور.

و قوله: المنشى ء أصناف الأشياء. إلى قوله: عجائب الامور. قد سبق في الخطبة الاولى بيان أنّ الرويّة و الفكر و التجربة ممّا يلحق الإنسان و يخصّه و أنّ البارى سبحانه منزّه عن شي ء منها في كيفيّة إبداعه لخلقه، و أمّا الشريك فمنزّه عنه ببرهان الوحدانيّة كما سبقت الإشارة إليه أيضا. و قريحة الغريزة قوّة الفكر للعقل.

و قوله: فأتمّ [فتمّ خ ] خلقه و أذعن لطاعته و أجاب إلى دعوته.

و قوله: فأتمّ [فتمّ خ ] خلقه و أذعن لطاعته و أجاب إلى دعوته. تمام مخلوقاته من جهة جوده بإفادتها ما ينبغي لها فإن عرض لشي ء منها فوت كمال فلعدم استعداده و قبوله لذلك و إذعانه ذلّته في رقّ الحاجة و الإمكان و تصريف القدرة و إجابته إلى دعوته كونه في الوجود عن قوله: لكِنْ.

و قوله: و لم يعترض دونه ريث المبطئ و لا أناة المتلكّى ء.

و قوله: و لم يعترض دونه ريث المبطئ و لا أناة المتلكّى ء. تنزيه لفعله تعالى و أمره أن يعرض في طاعة الأشياء له شي ء من هذه الكيفيّات إذ كلّ شي ء في قهره و على غايه من السرعة إلى إجابة أمره و لما كان تعالى إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ، و في قوله كن هبة ما ينبغي لذلك المأمور و ما يعدّه لإجابة أمره بالكون في الوجود و يجب عنه فكيف يمكن أن يعرض له في إجابة الأمر بطوء أو تلكّى ء بل يكون كلمح البصر كما قال تعالى وَ ما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ و يحتمل أن يكون ذلك تنزيها له تعالى أن يعرض له من جهة ما هو فاعل شي ء من هذه الكيفيّات فإنّ البطؤ و الأناة و التلكّى ء من عوارض الحركة الّتى هى من عوارض الجسم، و اعتراضها فيمن يفعل بالآلة و تشتدّ حركته و تضعف، و قد علمت تنزيه اللّه تعالى عن

جميع ذلك.

و قوله: فأقام من الأشياء أودها. إلى قوله: و الهيئات.

و قوله: فأقام من الأشياء أودها. إلى قوله: و الهيئات. إقامته لأودها رفعه لاعوجاج كلّ شي ء بإعداده لما ينبغي له و إفاضة كماله، و نهجه لجددها أو لحدودها على الروايتين هو ايضاحه لكلّ شي ء و جهته و غايته الّتى تيسّرها له، و ملائمته بين متضادّها كجمعه العناصر الأربعة على تضادّ كيفيّاتها في مزاج واحد و قد سبق بيانه، و وصله لأسباب قرائنها إشارة إلى أنّ الموجودات لا تنفكّ عن أشياء تقترن بها من هيئة أو شكل أو غريزة و نحوها و اقتران الشيئين لا محالة مستلزم لاقتران أسبابهما و اتّصالهما لاستحالة قيام الموجود بدون أسبابه، و ذلك الوصل مستند إلى كمال قدرته إذ هو مسبّب الأسباب. و قال بعض الشارحين: أراد بالقرائن النفوس. و على هذا يحتمل أن يكون معنى وصله لأسبابها هدايتها إلى عبادته و ما هو الأولى بها في معاشها و معادها و سوقها إلى ذلك إذ المفهوم من قول القائل: وصل الملك أسباب فلان. إذا علّقه عليه و وصله إلى برّه و إنعامه، و الأوّل أظهر.

و قوله و فرّقها أجناسا مختلفات في الحدود و الأقدار و الغرائز و الهيئات.

و قوله. و فرّقها أجناسا مختلفات في الحدود و الأقدار و الغرائز و الهيئات. لا يريد بالأجناس و الحدود ما اصطلح عليه قوم في عرفهم بل ما اختلف بالامور المذكورة كلّها أو بعضها فهو مختلف الجنس لغة، و حدّ الشي ء منتهاه و ما يحيط به، و الأقدار المقادير و الأشكال أيضا، و الغرائز القوى النفسانيّة و الأخلاق و الهيئات و الصفات. و إن حملنا الحدود على ما هو المتعارف كان حسنا فإنّ حكمة الخالق سبحانه اقتضت تميّز بعض الموجودات عن غيرها بحدودها و حقايقها و بعضها بأشكالها و هيئاتها و مقاديرها و غرائزها و أخلاقها كما يقتضيه نظام الوجود و أحكام الصنع و حكم الإرادة الإلهيّة.

و قوله: بدا يا خلايق أحكم صنعها و فطرها على ما أراد و ابتدعها.

و قوله: بدا يا خلايق أحكم صنعها و فطرها على ما أراد و ابتدعها. أى هى بدايا: أى عجائب مخلوقات أحكم صنعها على وفق إرادته. و باللّه التوفيق.

ترجمه شرح ابن میثم

بخش سوم خطبه اشباح كه در باره خلقت و اندازه گيرى و تدبير امور بحث مى كند

قَدَّرَ مَا خَلَقَ فَأَحْكَمَ تَقْدِيرَهُ وَ دَبَّرَهُ فَأَلْطَفَ تَدْبِيرَهُ- وَ وَجَّهَهُ لِوِجْهَتِهِ فَلَمْ يَتَعَدَّ حُدُودَ مَنْزِلَتِهِ- وَ لَمْ يَقْصُرْ دُونَ الِانْتِهَاءِ إِلَى غَايَتِهِ- وَ لَمْ يَسْتَصْعِبْ إِذْ أُمِرَ بِالْمُضِيِّ عَلَى إِرَادَتِهِ- فَكَيْفَ وَ إِنَّمَا صَدَرَتِ الْأُمُورُ عَنْ مَشِيئَتِهِ- الْمُنْشِئُ أَصْنَافَ الْأَشْيَاءِ بِلَا رَوِيَّةِ فِكْرٍ آلَ إِلَيْهَا- وَ لَا قَرِيحَةِ غَرِيزَةٍ أَضْمَرَ عَلَيْهَا- وَ لَا تَجْرِبَةٍ أَفَادَهَا مِنْ حَوَادِثِ الدُّهُورِ- وَ لَا شَرِيكٍ أَعَانَهُ عَلَى ابْتِدَاعِ عَجَائِبِ الْأُمُورِ- فَتَمَّ خَلْقُهُ بِأَمْرِهِ وَ أَذْعَنَ لِطَاعَتِهِ وَ أَجَابَ إِلَى دَعْوَتِهِ- لَمْ يَعْتَرِضْ دُونَهُ رَيْثُ الْمُبْطِئِ وَ لَا أَنَاةُ الْمُتَلَكِّئِ- فَأَقَامَ مِنَ الْأَشْيَاءِ أَوَدَهَا وَ نَهَجَ حُدُودَهَا- وَ لَاءَمَ بِقُدْرَتِهِ بَيْنَ مُتَضَادِّهَا- وَ وَصَلَ أَسْبَابَ قَرَائِنِهَا وَ فَرَّقَهَا أَجْنَاساً- مُخْتَلِفَاتٍ فِي الْحُدُودِ وَ الْأَقْدَارِ وَ الْغَرَائِزِ وَ الْهَيْئَاتِ- بَدَايَا خَلَائِقَ أَحْكَمَ صُنْعَهَا وَ فَطَرَهَا عَلَى مَا أَرَادَ وَ ابْتَدَعَهَا

لغات

آل: بازگشت، رجوع كرد.

اذعن: خاضع شد، خوار شد.

ريث: آرامى، آهستگى.

اناة: درنگ كردن.

متلكّى: باز ايستادن از كار، توقف كردن در انجام عمل.

اود: كجى، اعوجاج.

بدايا: جمع بديه: آفرينش عجيب، خلقت شگفت آور.

ترجمه

«خداوند متعال بقا و هستى آنچه آفريده تعيين كرده و آن را محكم و استوار گردانيده است. و سپس از روى لطف و مهر آنها را منظم كرده است، و هر يك را به آنچه براى آن خلق شده اختصاص داده و مخصوص گردانيده، بنا بر اين هيچ يك از آفريده ها از جايگاه خويش قدم فراتر ننهاده، از رسيدن به نهايت مقصود مقرّر، كوتاهى نورزيده است (وظيفه خود را به بهترين وجهى بانجام رسانده) و مأموريّتى كه از جانب خداوند بوى محوّل گرديده سخت و دشوار ندانسته، و مطابق اراده و خواست حق تعالى، عمل كرده و از وظيفه سر برنتافته است. چگونه مى تواند سركشى كند با وجودى كه تمام اشيا به مشيّت و اراده او به وجود آمده و اوامر تكوينيّه او را فرمان برده، طوق بندگى و خضوع در برابر خداوند را برگردن افكنده اند.

خداوندى كه بدون به كار افتادن انديشه و بى آن كه قبلا پيش بينى كرده و از تجربه ها و پيشامدهاى روزگار استفاده كند و يا اين كه در اختراع كارهاى شگفت انگيز جهان نياز به شريك و انبازى پيدا كرده باشد، موجودات را ايجاد و آفرينش را بيافريد. پس همين كه كار خلقت پايان يافت، طاعتش را قبول كرده ودعوتش را پذيرفتند. آفريده اى نبود كه در آفرينش درنگ و سستى كند و انجام فرمانش را به تأخير اندازد. خداوند كجى و اعوجاج اشيا را راست گردانيد و حدودشان را واضح و روشن قرار داد. با قدرت قادر بيچون ميان اضداد الفت افتاد (بطورى به هم پيوستند كه گسستنى در كارشان نيست) در ميان انواع گوناگون آفريدگان كه از حيث حدّ و اندازه، غريزه و هيئت (خلق و خوى، هيكل) با هم مختلف بودند، آن اسباب (عشق و ميل و جذب) را بر قرار كرد (تا بدينوسيله حيات و نظام اجتماع تشكيل) وه كه چه شگفت و محكم است صنعت خلقت خلايق كه آفريدگار جهان آنها را طبق ميل و اراده خويش ابداع و ايجاد كرد»

شرح

فقوله عليه السلام: قدرّ ما خلق فأحكم تقديره

اين جمله امام (ع) اشاره به اين است كه هر مصنوعى و مخلوقى در وجود برابر حكمت الهى اندازه گيرى دقيق شده است، بدان حد كه اگر از مقدار معيّن فزونى گيرد و يا نقصان پيدا كند در مصلحت آن شيئى خللى پديد مى آيد و منفعت مقرّر بر وجود آن دگرگون مى شود.

قوله عليه السلام: و دبّره فألطف تدبيره:

هر شيئى را برابر ارزش و مصلحت وجودى اش بيافريد، و با ظرافت و باريك بينى خاصّى در همه ذاتيّات و اوصاف آن تصرّف كرد، و بدون آن كه كسى جز خداوند بر آن آگاهى و اطّلاعى داشته باشد، تمام تغييرات لازم كلّى و جزئى را در باره آن موجود بانجام رساند.

قوله عليه السلام: و وجّهه لوجهته الى قوله الى غايته:

تمام استعداد شي ء موجود را به وى افاضه كرد، و براى هدفى كه آن را آفريده بود آماده اش ساخت و چون سرنوشت معيّنى در لوح محفوظ برايش رقم خورده بود، از جايگاه معلومى كه مقرّر بود بدان برسد تجاوز نكرد. يعنى نه از سر منزل معلوم و مقصود فراتر گام نهاد و نه در كمتر از آن حد توقّف كرد. چه اگر غير از اين انجام مى گرفت در علم خداوند دگرگونى بوجود مى آمد و اين أمر محالى است.

قوله عليه السلام: و لم يستصعب إذ امر بالمضّى على إرادته:

چون خداوند آفريده را امر كرده است تا در جهت رسيدن به كمال مطلوب وجوديش برابر اراده وى حركت كند و حكمت الهى نيز او را به سمت نهايت مطلوبش به پيش مى برد، تخلّف پديده از حركت در غير آن جهت ممكن نيست و سرپيچى از دستور و فرمان محال است.

امر كردن خداوند به پديده، اشاره به اين است كه اسباب كمال يافتن آن را مطابق قضاى الهى تا رسيدن به مطلوب آماده مى سازد.

قوله عليه السلام: و كيف و إنّما صدرت الأمور عن مشيئته:

تقدير كلام حضرت چنين است «اى و كيف يستصعب» يعنى، چگونه پديده از فرمان خداوند سرپيچى مى كند (هرگز نمى تواند تخلّف و سرپيچى نمايد) پس از بيان عدم امكان سرپيچى و تخلّف آفريده از دستورات الهى، به علت عدم امكان سرپيچى و فرمانبردارى سريع و تسليم بودن در برابر فرمان حق متعال اشاره كرده، و دليل آن را مستند بودن تمام آثار مخلوق به مشيّت پروردگار مى داند. زيرا هر اثرى لزوما از مؤثّر خود تبعيّت مى كند، و تمام پديده ها در سلسله نياز و حاجت به اراده حق تعالى متّكى هستند، و وجوبا از آنجا مدد مى گيرند، حقيقت اين موضوع خطبه 91 نهج البلاغه بخش 3 در علم الهى باثبات رسيده است.

قوله عليه السلام: المنشى ء اصناف الأشياء إلى قوله عجائب الأمور:

پيش از اين در شرح خطبه اول توضيح اين مطلب كه: روش، فكر و انديشه و تجربه، از چيزهائى است كه بانسان مربوط بوده و بوى اختصاص دارد، گذشت. و اين كه بارى تعالى از تمام اين ويژگيها در زمينه ايجاد و آفرينش پديده ها پاك و مبرّا است.

(يعنى خداوند بدون الگو و مدل، فكر و انديشه و تجربه موجودات را آفريده است) در خلقت و آفرينش از شريك داشتن نيز بدليل برهان توحيد چنان كه گذشت پاك و منزه مى باشد. (در آفرينش به دستيار و معين نيازمند نيست، چه او از همه جهت يگانه است، يكتا و بى همتا است) مقصود از «قريحة الغريزه» نيروى انديشه براى عقل مى باشد.

قوله عليه السلام: فأتمّ [فتمّ خ ] خلقه و أذعن لطاعته و اجاب الى دعوته.

خداوند به تمام مخلوقات و آفريده هايش به لحاظ جود و بخشندگى، آنچه نيازشان بوده افاده فرموده است، پس اگر از كسى يا شيئى كمالى فوت گردد، از جهت نداشتن استعداد و عدم پذيرش است، (بدين معنا كه فيض دهنده بخلى ندارد، نقص در فيض گيرنده است) آفريده ها و مخلوقات در نيازمندى محض، و جنبه امكانى كه دارند، بخوارى و ندارى خود، مقر و معترفند، در دگرگونى، مغلوب قدرت اويند و دعوت او را اجابت مى كنند، يعنى هنگامى كه كلمه «كن» وجودى القا شود فورا اجابت كرده، وجود مى يابند (به محض اين كه خداوند بگويد باشيد بلا درنگ وجود پيدا مى كنند).

قوله عليه السلام: و لم يعترض دونه ريث المبطئ و لا أناة المتلكّى ء:

اين جمله امام (ع) براى منزّه دانستن فعل و امر خداوند از تخلّف آورده شده است، بدين معنى كه اشيا در اطاعت فرمان و دستور خداوند، سستى، كندى و درنگى ندارند.

امر خداوند را بدون توقّف و درنگ اطاعت مى كنند. تمام اشياء مغلوب اراده حق تعالى هستند و در اجابت فرمان او نهايت سرعت را به كار مى گيرند.

إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ«».

در امر خداوند متعال يعنى كلمه «كُن» افاضه هر آن چيزى است كه در مأمور لازم بوده، و آمادگى كامل در اجابت وجود دارد، زيرا با فرمان «باش» شيئى وجوب وجود مى يابد، يعنى قادر بر وجود يافتن نيست، چه رسد به اين كه در اجابت امر و اطاعت و فرمانبردارى، سستى و كندى و سهل انگارى كند، بلكه همچون چشم برهم زدن كار سريع انجام مى گيرد. چنان كه خداوند متعال مى فرمايد: وَ ما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ«».

ما در شرح كلام امام (ع) «بطوء، و اناة و تلكّى» را صفت آفريده ها گرفته و چنين توضيح داديم كه اشيا در پذيرش و انجام دستورات خداوند، بدون درنگ و توقّف انجام وظيفه مى كنند. احتمال ديگر اين است كه بگوييم فعل خداوند از اين جهت كه مستند بخداوند مى باشد، منزه است از درنگ و توقّف، (يعنى كار خداوند متّصف به كندى، توقّف و درنگ نمى شود) زيرا كندى، سستى، توقّف و درنگ از عوارض حركت و حركت از عوارض جسم است. اين صفات بر فعل كسى عارض مى شوند، كه كارهايش را با وسيله انجام دهد، و كارهايش متّصف به حركت شديد، و ضعيف گردد، و چنان كه دانسته و آگاهى خداوند از تمام اين ويژگيها و خصوصيات منزّه و پاك مى باشد.

قوله عليه السلام: فاقام من الاشياء أودها إلى قوله و الهيئات.

مقصود از «أقام... اودها» بر طرف كردن ناهموارى اشياست، تا هر چيزى آماده پذيرش لازمه وجودى خويش گرديده، كمالى كه از جانب حق بوى افاضه مى شود، دريافت دارد و منظور از «نهجه لجددها «لحدودها»، يا «لحدودها» مطابق هر دو عبارت، روشن كردن سمت هدف حركت هر چيزى است كه به مقصد نهايى وجودى اش برسد و به آن دست يابد.

سخن امام (ع) كه فرمود: ملائمته...

«ميان امور گوناگون متفاوت و متضاد رابطه و اتّصال بر قرار كرد» بدين معنى است كه خداوند، ميان عناصر چهار گانه (آب و آتش و باد و خاك)- كه در اصطلاح قدما طبايع چهارگانه مى ناميدند- با وجودى كه در چگونگى صفات متضاد هستند در مزاج واحد انسانى جمع آورى كرده است. ما در باره اين موضوع خطبه 91 نهج البلاغه بخش 3، قبلا به تفصيل سخن گفته ايم.

عبارت و وصله لأسباب قرائنها، اشاره به اين است كه موجودات از امورى كه لازمه وجودى شان باشد، (مانند هيأت، شكل و غريزه و...) جدا نيستند و بخوبى روشن است كه نزديكى دو چيز مستلزم نزديكى و اتصال اسباب وجودى آنهاست، چه محال است كه موجود، بدون اسباب تحقق وجودى اش، استحكام و استوارى يابد. اتصال و استناد اشياء متّكى به كمال قدرت خداوند است، زيرا او سبب ساز همه سببهاست.

بعضى از شارحان نهج البلاغه، مقصود از «قرائن» را نفوس دانسته اند، با توجّه به اين احتمال معناى اتصال اسباب بوسيله خداوند، ارشاد خلق است به پرستش حق تعالى و آنچه لازمه معاش آدمى و جهت دادن او به سوى كمال مى باشد زيرا به مثل اگر كسى بگويد: «وصل الملك اسباب فلان» از اين جمله چنين فهميده مى شود كه، پادشاه ارتباط شخص مورد اشاره را با خود بر قرار كرده و او را به پاداش و نعمت دادن، مورد نوازش قرار داده است.

معناى احتمالى دوّم هر چند احتمال بدى نيست. امّا معناى احتمالى اوّل ظاهر و روشن تر است.

قوله عليه السلام: و فرّقها أجناسا مختلفات فى الحدود و الأقدار و الغرائز....

مقصود از جنس و حدّ آن چيزى نيست كه «اهل منطق» آن را در عرف خود اصطلاح كرده اند، بلكه منظور از اختلاف، اختلاف كلّى و جزئى است كه قبلا متذكر شديم (اختلاف در عناصر، هيأت، شكل و غريزه و...) در لغت به اين نوع اختلاف هم اختلاف در جنسيّت مى گويند. «حدّ شيئى» به نهايت و آنچه بر آن احاطه دارد، اطلاق مى شود. منظور از «اقدار» اندازه هاست و به شكل نيز مقدار گفته شده است.

مقصود از غرائز در كلام امام (ع) قواى نفسانى، اخلاق، هيأت و صفات مى باشند. و اگر كلمه «حدود» را در عبارت حضرت، بر معناى عرفى اش «حدّ كامل يا ناقص» حمل كنيم معناى زيبايى است، زيرا حكمت آفريدگار پاك و منزّه ايجاب مى كند كه بعضى از موجودات از بعضى ديگر، با حدود و حقايقشان تميز داده شوند و برخى با شكل و هيأت و بعضى ديگر با غرايز و اخلاقشان، برابر آنچه كه نظام وجود و دستور آفرينش و اراده الهى حكم مى كند.

قوله عليه السلام: بدايا خلايق احكم صنعها و فطرها على ما اراد و أبتدعها:

يعنى اين كه بر شمرديم شگفتيهاى آفرينش در باره مخلوقات بود كه برابر اراده خداوند خلقت و صنعشان استوار گرديده است.

بخش چهارم خطبه اشباح كه در صفت آسمان ايراد شده است.

شرح مرحوم مغنیه

قدّر ما خلق فأحكم تقديره، و دبّره فألطف تدبيره و وجّهه لوجهته فلم يتعدّ حدود منزلته، و لم يقصّر دون الانتهاء إلى غايته و لم يستصعب إذ أمر بالمضيّ على إرادته. و كيف و إنّما صدرت الأمور عن مشيئته. المنشى ء أصناف الأشياء بلا رويّة فكر آل إليها و لا قريحة غريزة أضمر عليها، و لا تجربة أفادها من حوادث الدّهور، و لا شريك أعانه على ابتداع عجائب الأمور فتمّ خلقه و أذعن لطاعته. و أجاب إلى دعوته و لم يعترض دونه ريث المبطئ، و لا أناة المتلكّى ء، فأقام من الأشياء أودها، و نهج حدودها، و لاءم بقدرته بين متضادّها، و وصل أسباب قرائنها، و فرّقها أجناسا مختلفات في الحدود و الأقدار و الغرائز و الهيئات. بدايا خلائق أحكم صنعها، و فطرها على ما أراد و ابتدعها.

اللغة:

لوجهته- بكسر الواو- لجهته و غايته. و لم يستصعب: انقاد بسهولة. و الغريزة: الطبيعة، و قريحتها قدرتها على الفهم. و الريث: المهل. و الأناة: التؤدة مع الروية. و التباطؤ: التأخير. و الأولاد: الاعوجاج. و نهج: عيّن و رسم. و بدايا: جمع بدى ء أي مصنوع، أو جمع بديئة أي النشأة و أول الحال. و فطرها: خلقها.

الإعراب:

فاعل يستصعب ضمير مستتر يعود الى ما خلق، فكيف محلها النصب على الحال، و العامل بها محذوف، و هو من باب حذف الثاني لدلالة الأول عليه أي على أية حال يستصعب، و المنشى ء خبر لمبتدأ محذوف أي هو المنشى ء، و أجناسا نصب بنزع الحافض، و قيل: حال، و بدايا صفة لأجناس، أو خبر لمبتدأ محذوف أي هي بدايا

المعنى:

(قدر ما خلق فأحكم تقديره). أراد سبحانه أن يوجد الخلائق على وضع معين، فوجدت كما أراد، و على أحسن وجه و أكمله: «فتبارك اللّه أحسن الخالقين- 14 المؤمنون». و في رواية: إن سائلا قال للإمام الرضا (ع): ما معنى قدر قال: تقدير الشي ء من طوله و عرضه. قال السائل: ما معنى قضى قال الإمام: اذا قضى أمضاه، فذلك الذي لا مرد له. (و دبره فألطف تدبيره). التدبير حسن التصرف، و لطفه أعلى مراتب الحسن، و المعنى ما من شي ء في الكون من صغير أو كبير إلا و تشمله عناية اللّه و لطفه في التدبير و السير على قانون ثابت و حكيم الى غاية معينة، و معنى هذا ان كل كائن جزئيات كان أم كليا فهو مفتقر اليه سبحانه تماما كما هو مفتقر اليه في أصل وجوده. (و وجهه- الى- مشيئته). كل شي ء خاضع لمشيئة اللّه و ارادته، و هي تسير به على نظام، و الى غاية، و يتجلى نظام الكواكب في بعد بعضها عن بعض بنسب معينة، و في مقادير ضوئها و حرارتها و ضغطها.. و الكائنات الحية تنتقل من طور الى طور حسب خطة مرسومة، و أخيرا الى الموت.. أما الغاية من ذلك فهي في الفلسفة الهندية إبراز عظمة اللّه في قالب حي من صور الخليقة. و قال جماعة من علماء الكلام: إن المصلحة تعود الى المخلوقات بالذات. (المنشى ء أصناف- الى- أناة المتلكى ء). كما ان ذاته تعالى- بما هي- سبب كاف لوجودها فهي أيضا سبب تام للفيض و الايجاد، يريد سبحانه فيوجد المراد بلا توسط شي ء على الاطلاق، سواء أ كان الشي ء من نوع الفكر و القريحة أم من نوع التجربة و الصنع، أم غير ذلك.. كيف و هل يستعين بشي ء من يخلق الأشياء من لا شي ء.

(فأقام من الأشياء أودها، و نهج حدودها). أنشأ سبحانه الموجودات كاملة، و على مقتضى الحكمة من جلب المنافع للخلق، و دفع المفاسد عنهم. (و لاءم بقدرته بين متضادها) كالتلاؤم بين النفس و البدن، و تأثير كل منهما في الآخر على ما بينهما من التباعد و التفاوت طبيعة و آثارا، بل لاءم سبحانه بين الحب و البغض، و الرأفة و القسوة، و الحزن و الفرح بالنظر الى انها صفات لموصوف واحد (و وصل أسباب قرائنها). القرائن جمع قرين، و يطلق على النفس و العشير و المقارن، و قال الشيخ محمد عبده و غيره: ان المراد بالقرائن هنا النفوس، و هي من عالم النور، و قد وصل سبحانه بينها و بين الأبدان التي هي من عالم الظلمة.. و الذي نراه ان المراد بها الأشباه و النظائر، و المعنى انه، جلت قدرته، هو الذي أوجد المقارنة و المشابهة بين الأشياء، كما أوجد الملاءمة بين الأضداد في جهة من الجهات. (و فرجها أجناسا مختلفات في الحدود و الأقدار و الغرائز و الهيئات). لا عد و لا حصر للكائنات ما انقرض منها، و ما بقي، و هي على أجناس و أنواع، و كل جنس يختلف عن غيره شكلا و طبيعة، و عمرا و حياة، و حركة و سكونا، و نورا و ظلاما (بدايا خلائق أحكم صنعها). انه تعالى يخلق النواة و البيضة و النطفة، و من النطفة يوجد الحيوان، و من البيضة يوجد الطير، و من النواة يوجد الشجرة، توجد هذه و غيرها على أكمل وجه، و أبدع ما ينبغي أن تكون، ثم يمدها سبحانه بعونه حتى تؤدي الغاية المطلوبة (و فطرها على ما أراد و ابتدعها).

شرح منهاج البراعة خویی

الفصل الثالث

منها قدّر ما خلق فأحكم تقديره، و دبّره فألطف تدبيره، و وجّهه لوجهته فلم يتعدّ حدود منزلته، و لم يقصر دون الانتهاء إلى غايته، و لم يستصعب إذ أمر بالمضيّ على إرادته، و كيف و إنّما صدرت الامور عن مشيّة المنشي ء أصناف الأشياء بلا رويّة فكر آل إليها، و لا قريحة غريزة أضمر عليها، و لا تجربة أفادها من حوادث الدّهور، و لا شريك أعانه على ابتداع عجائب الامور، فتمّ خلقه و أذعن لطاعته، و أجاب إلى دعوته، و لم يعترض دونه ريث المبطى، و لا أناة المتلكِّي، فأقام من الأشياء أودها، و نهج حدودها، و لائم بقدرته بين متضادّها، و وصل أسباب قرائنها، و فرّقها أجناسا مختلفات، في الحدود و الأقدار و الغرائز و الهيئات، بدايا (برايا خ ل) خلايق أحكم صنعها، و فطرها على ما أراد و ابتدعها.

اللغة

(التدبير) في الامور النّظر إلى ما يؤل إليه عاقبتها و (وجهة) الشي ء بالكسر جهة الشّي ء يتوجّه اليها قال تعالى: وَ لِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها.

و (قصر) السهم عن الهدف إذا لم يبلغه و قصرت عن الشي ء أى عجزت عنه و (دون) الشّي ء أى قريبا منه و قبل الوصول إليه و (آل) إليه رجع و (الغريزة) الطبيعة و (قريحة الغريزة) ما يستنبطه الذّهن.

قال الجوهريّ: القريحة أوّل ما يستنبط من البئر و منه قولهم: لفلان قريحة جيّدة يراد استنباط العلم بجودة الطبع و (أضمر عليها) أى بلغ الغاية و استقصى عليها من الاضمار بمعنى الاستقصاء، و قيل: من الاضمار بمعنى الاخفاء و ليس بشي ء لتعدّيه بنفسه يقال أضمره و أخفاه و لا يقال: أخفى و أضمر عليه و (الافادة) الاستفادة و (اعترض) الشي ء دون الشي ء حال، و اعترض صار كالخشبة المعترضة في النهر و (الريث) الابطاء و (الاناة) كقتاة: الحلم و الوقار مأخوذ من تأنّي في الأمر أى تثبّت و (تلكّاء) عليه اعتلّ و عنه أبطأ و (الاود) محركة الاعوجاج و (قرائنها) جمع القرينة و هي الأنفس و يحتمل أن يراد بها مقارنات الأشياء كما تطلع عليه.

قال الشّارح المعتزلي: و (بدايا) ههنا جمع بدية و هي الحالة العجيبة بدأ الرّجل إذا جاء بالأمر البدى ء أى المعجب و البدية أيضا الحالة المبتكرة المبتدئة و منه قولهم فعله بادى بدي ء على وزن فعل أي أوّل كلّ شي ء.

الاعراب

قوله: و كيف استفهام على سبيل الانكار و إنما صدرت جملة حالية و العامل محذوف أى كيف يستصعب و إنّما صدرت الامور، و جملة لم يعترض حال أيضا من فاعل المصدر أعني دعوته، قوله: أجناسا حال من مفعول فرّق أو منصوب بنزع الخافض أي فرّقها بأجناس أو على أجناس مختلفة، و قوله: بدايا خلايق خبر لمبتدأ محذوف أى هي بدايا خلايق، و اضافة بدايا إلى خلايق من باب اضافة الصّفة إلى موصوفها، قال الشّارح المعتزلي: و يجوز أن لا يكون بدايا إضافة إليها بل يكون بدلا من اجناسا.

أقول: فعلى هذا الاحتمال تكون بدايا صفة ثانية لأجناسا و ما ذكرناه أظهر فتدبّر.

المعنى

اعلم أنّ هذا الفصل من الخطبة متضمن لتنزيه اللَّه سبحانه في كيفية ايجاده للأشياء و خلقه لها عن صفات المصنوعين، و فيه تنبيه على كون المخلوقين مذلّين لانقياد حكمه، مطيعين لأمره، ماضين على ارادته، غير متمرّدين عن طاعته كما قال عليه السّلام: (قدّر ما خلق فأحكم تقديره) يعني أنّ كلّ مخلوق قدّره في الوجود فعلى وفق حكمته بحيث لو زاد على ذلك المقدار أو نقص منه لاختلّت مصلحة ذلك المقدّر و تغيّرت جهة المنفعة فيه (و دبّره فألطف تدبيره) يعني أنّه أوجد الأشياء على وفق المصلحة و نظام الخير فتصرّف فيها تصرّفات كلّية و جزئيّة من غير شعور غيره ذلك.

(و وجّهه لوجهته فلم يتعدّ حدود منزلته و لم يقصر دون الانتهاء إلى غايته) أراد أنّه سبحانه وجّه كلّ ما خلق إلى الجهة التي وجّهه إليها، و ألهم كلّا و يسّره لما خلق له، كالسحاب للمطر و الحمار للحمل و النّحل للشمع و العسل و هكذا فلم يتجاوز شي ء منها مرسوم تلك المنزلة المحدودة له المعيّنة في حقّه، و لم يقصر دون الانتهاء إلى الغاية التي كتبت له في اللّوح المحفوظ و إلّا لزم التّغيّر في علمه و عدم النفاذ في أمره و هما محالان.

(و لم يستصعب إذ أمر بالمضيّ على إرادته) أى لم يستصعب أحد من المخلوق التّوجّه إلى الجهة التي وجّهه إليها، و لم يمكنه التّخلّف من المضيّ اليها على وفق إرادته و حكمته بعد أمره له بذلك أمر تكوين لا تشريع. (و كيف) يستصعب و يتخلّف (و إنّما صدرت الامور عن مشيّة المنشي أصناف الأشياء) يعني أنّ جميع الآثار مستند إلى مشيّة إذ كلّ أثر فهو واجب عن مؤثّره و الكلّ منته في سلسلة الحاجة إلى إرادته فهو واجب عنها.

و يدلّ عليه ما رواه في الكافي عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمر بن اذينة عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال: خلق اللَّه المشيّة بنفسها ثمّ خلق الأشياء بالمشيّة.

و سيأتي تحقيق الكلام في ذلك بعد الفراغ من شرح الفصل، هذا و قوله عليه السّلام (بلا رويّة فكر آل إليها و لا قريحة غريزة أضمر عليها و لا تجربة أفادها من حوادث الدّهور و لا شريك أعانه على ابتداع عجائب الامور) إشارة إلى تنزّهه في ايجاد المخلوقات عن الافتقار إلى هذه الامور، و أنّ ذاته بذاته مصدر جميع الامور و أنّ خلقه سبحانه لها غير موقوف على شي ء منها.

أمّا رويّة الفكر فلأنها عبارة عن حركة القوّة المفكّرة في تحصيل المطالب من المبادي و انتقالها منها إليها و هي محال على اللَّه سبحانه: «أمّا أوّلا» فلكون القوّة المفكّرة من خواصّ نوع الانسان «و أمّا ثانيا» فلأنّ فايدتها تحصيل المطالب المجهولة من المعلومات و الجهل محال في حقه تعالى و أمّا قريحة الغريزة فلانّها على ما عرفت عبارة عن استنباط العلم بجودة الذهن، و استحالته على اللَّه واضحة إذ العلم عين ذاته و هو تعالى غير فاقد له حتّى يكون محتاجا إلى التّعمق و الاستنباط و النظر في موارده و مصادره و الاستقصاء عليه و بلوغ الغاية فيه و أمّا التجربة فلأنّها عبارة عن حكم العقل بأمر على أمر بواسطة مشاهدات متكرّرة معدّة لليقين بسبب انضمام قياس خفيّ إليها، و هو أنّه لو كان هذا الأمر اتفاقيّا لما كان دائما أو أكثريّا و استحالتها على اللَّه من وجهين: أحدهما أنّها، مركبة من مقتضى الحسّ و العقل، و ذلك أنّ الحسّ يشاهد وقوع الاسهال مثلا عقيب شرب الدّواء مرّة بعد مرّة فينتزع العقل من تلك المشاهدة حكما كلّيا بأنّ ذلك الدّواء مسهل و معلوم أنّ اجتماع الحسّ و العقل من خصايص نوع الانسان و ثانيهما أنّ التّجربة إنما تفيد علما لم يكن قبل فالمحتاج إلى التجربة لاستفادة العلم بها ناقص بذاته مستكمل بها و المستكمل بالغير محتاج إليه فيكون ممكنا و أمّا الشريك المعين فلانتفاء الشريك أوّلا كما مرّ في شرح الفصل الرابع من فصول الخطبة الاولى، و لانتفاء مبدء الاستعانة ثانيا لأنّ مبدئها هو العجز من الفعل و العجز عبارة عن تناهي القوّة و القدرة، و قدس الحقّ منزّه عن ذلك.

فقد وضح و اتّضح بذلك كلّ الوضوح أنّ اللَّه سبحانه غير محتاج في ابداع الخلايق و ايجادها إلى الفكر و الرّوية، و لا قريحة الطّبيعة و لا تجربة و لا مشاركة و إنّما مستند الايجاد نفس الارادة و المشيّة و أنّه سبحانه إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ.

(فتمّ خلقه) بمشيّته (و أذعن) الكلّ (لطاعته) بمقتضا امكانه و حاجته (و أجاب) الجميع (إلى دعوته) حيث دعاهم إلى بساط الوجود بمقتضا عموم الافاضة و الجود (و) الحال انّه (لم يعترض دونه ريث المبطئ و لا أناة المتلكّى) أى لم يحل دون نفاذ أمره إبطاء المبطئ و لا تثبّت المتوقّف المعتلّ بل انقاد له جميع الأشياء و أسرعوا إلى أمره عند الدّعاء من غير تعلّل و لا إبطاء لكون الكلّ مقهورا تحت قدرته أذلّة تحت عزّته كما قال عزّ من قائل: بَدِيعُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ.

يعنى أنّه إذا أراد فعله و خلقه يقول له ذلك بلا لفظ و لا نطق بلسان و لا همة و لا تفكّر، فقوله كن اشارة إلى هبة ما ينبغي لذلك المأمور و بذل ما يعدّه لاجابة أمره بالكون في الوجود، و قوله: فيكون إشارة إلى وجوده، و الفاء المقتضية للتعقيب بلا مهلة دليل على اللّزوم و عدم التأخّر، هذا.

و يحتمل أن يكون المراد بنفي اعتراض الرّيث و الاناة نفي اعتراضهما بالنّظر إلى ذاته من حيث فاعليته، فيكون المقصود بذلك تنزيهه من أن يعرض له شي ء من هذه الكيفيّات كما يعزض على أحدنا إذا أردنا فعل شي ء من حيث قصور قدرتنا و ضعف قوّتنا (فأقام من الأشياء أودها) و اعوجاجها، و إقامتها كناية عن اعداده ما ينبغي لها و إفاضته الكمال بالنسبة إليها (و نهج حدودها) و غاياتها أراد به ايضاحه لكلّ شي ء وجهته و تيسيرها له (و لائم بقدرته بين متضادّها) كما جمع بين العناصر الأربعة على تضادّ كيفيّتها في مزاج واحد (و وصل أسباب قرائنها) و نفوسها بتعديل أمزجتها لأنّ اعتدال المزاج سبب بقائها.

قال الشارح البحراني: و يحتمل أن يكون معنى الوصول لأسبابها هدايتها إلى عبادته و ما هو الأولى بها في معاشها و معادها و سوقها إلى ذلك، إذ المفهوم من قول القائل: وصل الملك أسباب فلان إذا علّقه عليه و وصله إلى برّه و انعامه، هذا إن جعلنا القراين بمعنى الأنفس و إن كانت بمعنى مقارنات الشي ء فهو إشارة إلى أنّ الموجودات لا تنفكّ عن أشياء يقترن بها من هيئة أو شكل أو غريزة و نحوها، و اقتران الشيئين لا محالة مستلزم لاقتران أسبابهما، لاستحالة قيام الموجود بدون أسبابه، و ذلك الاقتران و الاتّصال مستند إلى كمال قدرته إذ هو مسبب الأسباب.

(و فرّقها أجناسا مختلفات في الحدود و الاقدار و الغرايز و الهيئات) أى جعلها أقساما مختلفة النهايات و المقادير متفاوتة الطبايع و الصفات، فجعل بعضها طويلا و بعضها قصيرا و بعضها صغيرا و بعضها كبيرا، و جعل سجيّة بعضها شجاعا و بعضها جبانا و بعضها شحيحة و بعضها كريمة و هيئة بعضها حسنة و بعضها قبيحة و هكذا، هذا ان كان الحدود في كلامه عليه السّلام بمعنى النهايات قال الشارح البحرانيّ: و إن حملنا الحدود على ما هو المتعارف كان حسنا، فانّ حكمة الخالق سبحانه اقتضت تميّز بعض الموجودات عن بعض بحدودها و حقايقها، و بعضها بأشكالها و هيئاتها و مقاديرها و غرائزها و اخلاقها كما يقتضيه نظام الوجود و أحكام الصّنع و حكم الارادة الالهيّة.

(بدايا خلايق أحكم صنعها و فطرها على ما أراد و ابتدعها) أى هي مخلوقات عجيبة أو مبتكرة غير محتذى بها حذو خالق سابق، جعل صنعها محكما متقنا، و أوجدها على وفق ارادته و أبدعها من العدم المحض إلى الوجود من دون أن تكون لها مادّة أصلا لها كما زعمت الفلاسفة من أنّ الأجسام لها أصل أزلىّ هي المادّة فهو المخترع للممكنات بما فيها من المقادير و الأشكال و الهيآت، و المبتدع للموجودات بمالها من الحدود و الغايات و النّهايات بمحض القدرة على وفق الارادة و مقتضى الحكمة.

تنبيه

اعلم أنّه لما جرى في هذا الفصل ذكر حديث صدور الأشياء عن مشيّته سبحانه أحببت تنقيح ذلك المرام و عزمت على تحقيق الكلام في هذا المقام لكونه من مزالّ الأقدام.

فأقول: و باللّه التكلان و هو المستعان إنّ الكلام في هذا الباب يقع في مقامات ثلاثة.

المقام الاول

في معنى المشيّة، و قد فسّرها أهل اللغة بالارادة قال في القاموس: شئته إشائه شيئا و مشيئة و مشائة و مشائية أرادته، و في مجمع البحرين: و المشيّة الارادة من شاء زيد يشاء من باب قال أراد، و في المصباح شاء زيد الأمر يشائه شيئا من باب قال أراده، و المشيئة اسم منه بالهمز، و الادغام غير سايغ إلّا على قياس من يحمل الأصلى على الزّايد لكنّه غير منقول و نحوها في ساير كتب اللغة.

و أما في الأخبار و أحاديث أئمّتنا الأبرار الأخيار فتارة اطلقتا على معنى واحد مثل ما رواه الطريحي عن الرّضا عليه السّلام ان الابداع و المشية و الارادة معناها واحد و الأسماء ثلاثة، و اخرى و هو الأكثر على معنيين مختلفين يجعل مرتبة المشية متقدّمة على مرتبة الارادة و كون نسبتها إليها نسبة القوّة إلى الضعف.

و يدلّ عليه ما رواه المحدّث المجلسيّ من المحاسن للبرقي قال: حدثني أبي عن يونس عن أبي الحسن الرّضا عليه السّلام قال: قلت: لا يكون إلّا ما شاء اللَّه و أراد و قضى فقال عليه السّلام: لا يكون إلّا ما شاء اللَّه و قدّر و قضى، قلت: فما معنى شاء قال: ابتداء الفعل، قلت: فما معنى أراد قال عليه السّلام: الثبوت عليه، قلت: فما معنى قدّر قال: تقدير الشي ء من طوله و عرضه، قلت: فما معنى قضى قال عليه السّلام: إذا قضى أمضاه فذلك الذي لا مردّ له.

و رواه في الكافي مسندا عن عليّ بن إبراهيم الهاشمي عن أبي الحسن موسى ابن جعفر عليهما السّلام نحوه إلّا أنّه ليس فيه قوله: قلت: فما معنى أراد قال الثبوت عليه، و لعلّه سقط من الكتاب و الظّاهر أنّ مراده منه هو ما ذكرنا كما فهمه شرّاح الحديث.

قال في مرآت العقول: قوله عليه السّلام: ابتداء الفعل أى أوّل الكتابة في اللّوح المحفوظ أو أوّل ما يحصل من جانب الفاعل و يصدر عنه ممّا يؤدّي إلى وجود المعلول و على ما في المحاسن يدلّ على أنّ الارادة تأكّد المشيّة و في اللَّه سبحانه تكون عبارة عن الكتابة في الألواح و تسبيب أسباب وجوده، و قوله: تقدير الشي ء، أى تعيين خصوصيّاته في اللّوح أو تعيين بعض الأسباب المؤدّية إلى تعيين المعلول و تحديده و خصوصيّاته إذا قضى أمضاه، أى إذا أوجبه باستكمال شرايط وجوده و جميع ما يتوقّف عليه المعلول أوجده، و ذلك الذي لا مردّ له لاستحالة تخلّف المعلول عن الموجب التّام.

و قال الصّالح المازندراني في شرحه على أصول الكافي: لما كان قوله عليه السّلام: لا يكون شي ء إلّا ما شاء اللَّه، دالّا بحسب الظاهر على أنّ المعاصي تقع بمشيّته تعالى و إرادته و هذا لا يستقيم على المذهب الحقّ، سأل السائل عن معنى المشيّة حتى يظهر له وجه الاستقامة، فأجاب عليه السّلام بأنّ المشيّة ابتداء الفعل و أوله، و لعلّ المراد بابتداء الفعل أنّ مشيّته تعالى أوّل فعل من الأفعال، و كلّ فعل غيرها يتوقّف عليها و يصدر بعدها كما يدلّ عليه ما عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال: خلق اللَّه المشيّة بنفسها ثمّ خلق الأشياء بالمشيّة، يعني خلق أفعاله بها و كذا خلق أفعال عباده لكن بتوسط مشيّة جازمة صادرة منهم، فاذا سلسلة جميع الأفعال منتهية إلى مشيّته تعالى، و المراد به أنّ مشيّته أوّل المشيئات، و كلّ مشيّة سواها تابعة لها، كما أنّه تعالى هو الفاعل الأوّل و كلّ فاعل بعدها فاعل ثانوى يسند فعله إليه بلا واسطة، و إلى الفاعل الأوّل بواسطة، و هذا معنى مشيّته تعالى لأفعال العباد و معنى اسناد فعلهم إلى مشيّته.

و في محاسن البرقي بعد هذا السؤال و الجواب قلت: فما معنى أراد قال: الثبوت عليه، يعنى على ابتداء الفعل و من ههنا فسرّ بعضهم الارادة تارة بأنّها عزيمة على المشيّة، و تارة بأنها الاتمام لها، و تارة بأنّها الجدّ عليها.

و قال صدر المتألّهين: نسبة المشيّة إلى الارادة كنسبة الضعف إلى القوّة و نسبة الظنّ إلى الجزم، فانّك ربما تشاء أشياء و لا تريده، فظهر أنّ المشيّة ابتداء العزم على الفعل هذا.

و في الكافي عن عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه و محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن سعيد و محمّد بن خالد جميعا عن فضالة بن أيوب عن محمّد بن عمارة عن حريز بن عبد اللَّه و عبد اللَّه بن مسكان جميعا عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال: لا يكون شي ء في الأرض و لا في السّماء إلّا بهذه الخصال السّبع: بمشيّة، و إرادة، و قدر، و قضاء، و اذن، و كتاب، و أجل، فمن زعم أنّه يقدر على نقص واحدة فقد كفر.

قال في مرآت العقول: يمكن حمل الخصال السبع على اختلاف مراتب التقدير في الألواح السّماويّة، أو اختلاف مراتب تسبب الأسباب السّماويّة و الأرضيّة، أو يكون بعضها في الامور التكوينيّة و بعضها في الأحكام التكليفيّة، أو كلّها في الامور التكوينيّة.

فالمشيّة و هي العزم و الارادة و هي تأكّدها في الأمور التكوينيّة ظاهرتان و أمّا في التكليفيّة فلعلّ عدم تعلّق الارادة الحتميّة بالترك عبّر عنه بارادة الفعل مجازا.

و الحاصل أنّ الارادة متعلّقة بالأشياء كلّها لكن تعلّقها بها على وجوه مختلفة إذ تعلّقها بأفعال نفسه بمعنى ايجادها و الرضا بها و الأمر بها، و بالمباحاة بمعنى الرّخصة بها، و بالمعاصي إرادة أن لا يمنع منها بالجبر لتحقّق الابتلاء و التكليف كما قال تعالى: وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكُوا.

أو يقال تعلّقها بأفعال العباد على سبيل التجوّز باعتبار ايجاد الآلة و القدرة عليها و عدم المنع منها فكانّه أرادها.

و بالقدر تقدير الموجودات طولا و عرضا و كيلا و وزنا و حدّا و وصفا و كمّا و كيفا، و بالقضاء الحكم عليها بالثواب و العقاب أو تسبيب أسبابه البعيدة كما مرّ و المراد بالاذن إما العلم أو الأمر في الطّاعات أو رفع الموانع، و بالكتاب الكتابة في الألواح السّماوية أو الفرض و الايجاب كما قال تعالى: كتب عليكم الصّيام، و كتب على نفسه الرّحمة، و بالأجل الأمد المعيّن و الوقت المقدّر عنده تعالى.

و في الكافي أيضا عن الحسين بن محمّد عن معلّى بن محمّد قال: سئل العالم عليه السّلام كيف علم اللَّه قال: علم و شاء و أراد و قدّر و قضى و أمضى، فأمضى ما قضى و قضى ما قدّر و قدّر ما أراد، فبعلمه كانت المشيّة، و بمشيّته كانت الارادة، و بارادته كان التقدير، و بتقديره كان القضاء، و بقضائه كان الامضاء الحديث.

قال صدر المتألّهين في شرحه: هذا السّائل سأله عليه السّلام عن كيفيّة علمه تعالى بالجزئيات الزّمانيّة و المكانيّة، فأجابه عليه السّلام عنها بما أفاده من المراتب السّتة المرتّب بعضها على بعض. أوّلها العلم، لأنه المبدأ الأوّل لجميع الأفعال الاختياريّة، فانّ الفاعل المختار لا يصدر عنه فعل إلّا بعد القصد و الارادة، و لا يصدر عنه القصد و الارادة إلّا بعد تصوّر ما يدعوه إلى ذلك الميل و تلك الارادة و التّصديق به تصديقا جازما أو ظنا راجحا، فالعلم مبدء مبادى الأفعال الاختياريّة، و اعلم أنّ المراد بهذا العلم المقدّم على المشيّة و الارادة و ما بعدهما بحسب الاعتبار أو التحقّق هو العلم الأزلىّ الذاتي الالهيّ أو القضائي المحفوظ عن التغيّر، فينبعث منه ما بعده و أشار إليه بقوله: علم، أى علم دائما عن غير زوال و تبدّل.

و ثانيها المشيّة، و المراد بها مطلق الارادة سواء بلغت حدّ العزم و الاجماع أم لا، و قد ينفكّ المشيّة فينا عن الارادة الجازمة كما نشتاق أو نشتهى شيئا و لا نعزم على فعله لمانع عقليّ أو شرعيّ و إليها أشار بقوله: و شاء و ثالثها الارادة، و هي العزم على الفعل أو الترك بعد تصوّره و تصوّر غاية المترتبة عليه من خير أو نفع أو لذّة، لكنّ اللَّه برى ء عن أن يفعل لأجل غرض يعود إلى ذاته و إليها الاشارة بقوله: أراد.

و رابعها التقدير، فانّ الفاعل لفعل جزئيّ من أفعال طبيعة واحدة مشتركة إذا عزم على تكوينه في الخارج كما إذا عزم الانسان على بناء بيت فلا بدّ قبل الشروع أن يعيّن مكانه الذي يبنى عليه، و زمانه الذي يشرع فيه، و مقداره الذي يكوّنه عليه من كبر أو صغر أو طول أو عرض، و شكله و وصفه و لونه و غير ذلك من صفاته و أحواله، و هذه كلّها داخلة في التقدير.

و خامسها القضاء، و المراد هنا ايجاب الفعل و اقتضاء الفعل من القوّة الفاعلة المباشرة، فانّ الشي ء ما لم يجب لم يوجد، و هذه القوّة الموجبة بوقوع الفعل منّا هي القوّة التي تقوم في العضلة و العصب من العضو الذي توقع القوّة الفاعلة فيها قبضا و تشنّجا أو بسطا و إرخاء أوّلا فيتبعه حركة العضو فتتبعه صورة الفعل في الخارج من كتابة أو بناء أو غيرهما، و الفرق بين هذا الايجاب و بين وجود الفعل في العين كالفرق بين الميل الذي في المتحرّك و بين حركته، و قد ينفكّ الميل كما تحسّ يدك من الحجر المسكن باليد في الهواء، و معنى هذا الايجاب و الميل من القوّة المحرّكة أنه لو لا هناك اتفاق مانع أو دافع من خارج لوقعت الحركة ضرورة إذ لم يبق من جانب الفاعل شي ء منتظر فقوله عليه السّلام: و قضى، إشارة إلى هذا الاقتضاء و الايجاب الذي ذكرنا أنه لا بدّ من تحقّقه قبل الفعل قبليّة بالذّات لا بالزّمان إلّا أن يدفعه دافع من خارج، و ليس المراد منه القضاء الأزلي لأنه نفس العلم، و مرتبة العلم قبل المشيّة و الارادة و التقدير.

و سادسها نفس الايجاد و هو أيضا متقدّم على وجود الشي ء المقدّر في الخارج و لهذا يعدّه أهل العلم و التحقيق من المراتب السّابقة على الوجود الممكن في الخارج فيقال أوجب فوجب. فأوجد فوجد.

فان قلت: أليس الايجاد و الوجود و كذا الايجاب و الوجوب متضايفين و المتضايفان معان في الوجود قلت: المتضايفان و إن كانا من حيث مفهوميهما الاضافيّين و من حيث اتّصاف الذاتين بهما معا كما ذكرت، لكنّ المراد ههنا ليس حال المفهومين، فانّ كلّا من الموجد بالفعل أو المقتضى أو المحرّك قد يراد به المعنى الاضافي و المفهوم النّسبي و حكمه كما ذكرت من كون تحقّقه مع تحقّق ما اضيف إليه من حيث إنه اضيف إليه، و قد يراد به كون الشي ء بحيث يكون وجوده مستتبعا لوجود شي ء آخر و هذا الكون لا محالة متقدّم على كون شي ء آخر هو تابعه و مقتضاه الموجود بسبب هذا الاقتضاء أو الايجاد.

كما في تحريك اليد بحركتها للمفتاح، تقول: تحرّك اليد فتحرّك المفتاح فانّ الفاء يدلّ على الترتيب و إن كانا معا في الزّمان و ربما يتقدّم المقتضي على المقتضي زمانا في عالم الاتفاقات إذا كان هناك مانع من خارج كما في المثال الذي ذكرناه و كما في اقتضاء الشمس لاضائة ما يحاذيها من وجه الأرض فحال بينهما حائل، فعدم استضاءة ذلك الموضع ليس لأجل فتور أو نقصان في جانب المقتضي، لأنّ حاله في الاقتضاء و الاضائة لم يتغيّر عما كان، و إنّما التخلّف في الاستضائة لأجل شي ء من جانب القابل، فقوله عليه السّلام: فأمضى، اشارة إلى هذا الايجاد الذي بيّنا أنه قبل الوجود و الصدور.

المقام الثاني

في تحقيق أنّ المشية و الارادة من صفات الفعل لا من صفات الذات، و توضيح ذلك موقوف على رسم مقدّمة متضمنة لقاعدة كلّية بها يعرف الفرق بين صفات الذات و صفات الفعل، و قد أشار إليها ثقة الاسلام الكليني عطّر اللَّه مضجعه في الكافي أيضا و هي: أنّ الفرق بينهما من وجوه ثلاثة: الأوّل أنّ كلّ صفة وجودية لها مقابل وجوديّ فهي من صفات الفعل لا من صفات الذات، لأنّ صفاته الذاتية كلّها عين ذاته و ذاته مما لا ضدّ له، فكذلك كلّما هو عين ذاته، مثال ذلك أنّك تقول: إنّ اللَّه سبحانه رضي و سخط و أحبّ و أبغض و أحيى و أمات، و هكذا و لا يجوز أن تقول: علم و جهل و قدر و عجز و عزّ و ذلّ، فبذلك يعرف أنّ الحبّ و الاحياء و الرّضا من صفات الفعل لأنّ البغض و الاماتة و السّخط مقابلاتها ناقضات لها، فلو كانت من صفات الذّات لزم أن يكون مقابلاتها ناقضات للذّات الأحدية و هو محال، لأنّه لا ضدّ له كما لا ندّ له فاتصاف ذاته بصفتين ذاتيّتين متقابلتين محال.

الثّاني أنّ كلّ صفة صحّ تعلّق القدرة بها فهي من صفات الفعل و كلّما لا تصحّ تعلّقها بها فهي صفة الذات، و ذلك لأنّ القدرة صفة ذاتيّة تتعلّق بالممكنات لا غير، فلا تتعلّق بالواجب و لا بالممتنع، فكلّ ما هو صفة الذات فهو أزليّ غير مقدور و كلّما هو صفة الفعل فهو ممكن مقدور فيصح أن تقول: يقدر أن يخلق و أن لا يخلق و يقدر أن يميت و يحيى و أن يثيب و يعاقب و هكذا، و لا يصحّ أن تقول: يقدر أن يعلم و أن لا يعلم، لأنّ علمه بالأشياء ضروريّ واجب بالذّات، و عدم علمه بها محال ممتنع بالذات و مصحّح المقدوريّة هو الامكان، و مثله صفة الملك و العزّة و العظمة و الكبرياء و الجلال و الجمال و الجبروت و أمثالها. الثّالث أنّ كلّ صفة صحّ تعلّق الارادة بها فهي صفة فعل، و ما لا يصحّ تعلّقها بها فهي صفة الذّات، و ذلك لأنّ الارادة من توابع القدرة إذ هي عبارة عن اختيار أحد طرفي المقدور و العزم عليه لأجل تحقّق الدّاعي، فما لا يكون مقدورا لا يكون مرادا، و أيضا الارادة صفة فعل حادثة و الحادث لا يؤثر في القديم.

إذا عرفت هذه المقدّمة الشريفة فأقول:

إنّ الارادة كما حقّقه صدر المتألّهين في شرح الكافي تطلق على معنيين:

أحدهما ما يفهمه الجمهور

و هو الذي ضدّه الكراهة، و هي التي قد تحصل فينا عقيب تصوّر الشي ء الملايم و عقيب التردّد حتى يترجّح عندنا الأمر الداعي إلى الفعل أو الترك فيصدر أحدهما منا، و هذا المعنى فينا من الصفات النفسانية، و هى و الكراهة فينا كالشهوة و الغضب فينا، و هذا المعنى لا يجوز على اللَّه سبحانه، بل ارادته نفس صدور الأفعال الحسنة منه من جهة علمه بوجه الخير و كراهته عدم صدور الفعل القبيح من جهة علمه بقبحه.

كما قال المفيد (ره): إنّ الارادة من اللَّه جلّ اسمه نفس الفعل و من الخلق الضمير و أشباهه مما لا يجوز إلّا على ذوى الحاجة و النقص و ذلك لأنّ العقول شاهدة بأنّ القصد لا يكون إلّا بقلب كما لا تكون الشهوة و المحبّة إلّا لذي قلب و لا تصحّ النيّة و الضمير و العزم إلّا على ذيخاطر يضطرّ معه في الفعل الذى يقلب عليه إلى الارادة له و النّية فيه و العزم و لما كان اللَّه تعالى يجلّ عن الحاجات و يستحيل عليه الوصف بالجوارح و الأدوات و لا يجوز عليه الدّواعى و الخطرات، بطل أن يكون محتاجا في الأفعال إلى القصود و العزمات، و ثبت أنّ وصفها بالارادة مخالف في معناه لوصف العباد و أنها نفس فعله الأشياء و بذلك جاء الخبر عن أئمة الهدى.

ثمّ اورد رواية صفوان بن يحيى قال: قلت لأبي الحسن عليه السّلام: أخبرني عن الارادة من اللَّه و من الخلق قال: فقال عليه السّلام: الارادة من الخلق الضمير«» و ما يبدو لهم بعد ذلك من الفعل، و أما من اللَّه تعالى فارادته إحداثه لا غير ذلك، لأنّه تعالى لا يروّي و لا يتفكّر و لا يهمّ و هذه الصّفات منتفية عنه و هي صفات الخلق فارادة اللَّه تعالى الفعل يقول له كن فيكون بلا لفظ و لا نطق بلسان و لا همة و لا تفكر و لا كيف لذلك كما لا كيف له تعالى.

المعنى الثاني للارادة

كون ذاته سبحانه بحيث يصدر عنه الأشياء لأجل علمه بنظام الخير فيها التابع لعلمه بذاته، لا كاتباع الضؤ للمضي ء و السخونة للمسخن، و لا كفعل الطبايع لا عن علم و شعور، و لا كفعل المجبورين و المسّخرين، و لا كفعل المختارين بقصد زايد أو ارادة ظنيّة يحتمل الطرف المقابل.

و قد تحقّقت أنّ قيّوم الكلّ إنّما يفعل الكلّ عن علم هو نفس ذاته العليم الذي هو أتمّ العلوم، فاذا هو سبحانه فاعل للأشياء كلّها بارادة ترجع إلى علمه بذاته المستتبع لعلمه بغيره المقتضى لوجود غيره في الخارج لا لغرض زايد و جلب منفعة أو طلب محمدة أو ثناء أو التخلّص من مذمّة، بل غاية فعله محبة ذاته فهذه الأشياء الصادرة عنه كلّها مرادة لأجل ذاته لأنها من توابع ذاته و علمه بذاته، فلو كنت تعشق شيئا لكان جميع ما يصدر عنه معشوقا لك لأجل ذلك الشّي ء.

و إليه الاشارة بما ورد في الحديث الالهي عن نفسه: كنت كنزا مخفيّا فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق لأعرف.

و إذا ظهر لك ذلك اتّضح عندك أنّ الارادة بالمعنى الثاني لا غبار على كونها من صفات الذّات لكونها عبارة اخرى للعلم بالأصلح و النّظام الخير و العلم صفة ذات له سبحانه، و بالمعنى الأول هي صفة فعل و لذلك صحّ سلبها عنه سبحانه.

و يشهد به ما رواه في الكافي باسناده عن عاصم بن حميد عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال: قلت: لم يزل اللَّه مريدا قال: إنّ المريد لا يكون إلّا المراد معه، لم يزل اللَّه عالما قادرا ثم أراد.

فانّه كما ترى يدلّ على كونها من الصّفات الاضافيّة المتجدّدة كخالقيّته تعالى و رازقيّته، و يشهد به أخبار اخر أيضا لا حاجة إلى إيرادها بعد وضوح المراد.

المقام الثالث

في تحقيق الحديث المعروف المرويّ في الكافي عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمر بن اذينة عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال: خلق اللَّه المشيّة بنفسها ثمّ خلق الأشياء بالمشيّة.

و قد ذكروا في تأويله وجوها أشار إليها المحدّث العلّامة المجلسيّ طاب رمسه في مرآت العقول.

الأوّل أن لا يكون المراد بالمشيّة الارادة بل احدى مراتب التّقديرات التي اقتضت الحكمة جعلها من أسباب وجود الشّي ء، كالتّقدير في اللّوح مثلا و الاثبات فيه، فانّ اللّوح و ما أثبت فيه لم يحصل بتقدير اخر فى لوح سوى ذلك اللّوح و إنما وجد ساير الأشياء بما قدّر في ذلك اللّوح و ربما يلوح هذا المعنى من بعض الأخبار، و على هذا المعنى يحتمل أن يكون الخلق بمعنى التقدير.

الثّاني أن يكون خلق المشيّة بنفسها كناية عن كونها لازمة لذاته تعالى غير متوقّفه على تعلّق إرادة اخرى بها، فيكون نسبة الخلق إليها مجازا عن تحقّقها بنفسها منتزعة عن ذاته تعالى بلا توقّف على مشيّة اخرى، أو أنه كناية عن أنّه اقتضى علمه الكامل و حكمته الشّاملة كون جميع الأشياء حاصلة بالعلم بالأصلح، فالمعنى أنه لما اقتضى كمال ذاته أن لا يصدر عنه شي ء إلّا على الوجه الأصلح و الأكمل فلذا لا يصدر شي ء عنه تعالى إلّا بارادته المقتضية لذلك.

الثالث ما ذكره السيّد داماد قدّس اللَّه روحه و هو: أنّ المراد بالمشيّة هنا مشيّة العباد لأفعالهم الاختيارية، لتقدّسه تعالى عن مشيّة مخلوقة زايدة على ذاته عزّ و جلّ و بالأشياء أفاعيلهم المترتّب وجودها على تلك المشيّة، و بذلك تنحلّ شبهة ربما اوردت ههنا، و هي: أنه لو كانت أفعال العباد مسبوقة بارادتهم لكانت الارادة مسبوقة بارادة اخرى و تسلسلت الارادات لا إلى نهاية.

الرّابع ما ذكره بعض الأفاضل و هو: أنّ للمشيّة معنيين أحدهما متعلّق بالشّائى و هي صفة كمالية قديمية هي نفس ذاته سبحانه، و هي كون ذاته سبحانه بحيث يختار ما هو الخير و الصّلاح و الاخر يتعلّق بالمشي ء و هو حادث بحدوث المخلوقات لا تتخلّف المخلوقات عنه، و هو ايجاده سبحانه إيّاها بحسب اختياره، و ليست صفة زايدة على ذاته عزّ و جلّ و على المخلوقات بل هي نسبة بينهما تحدث بحدوث المخلوقات لفرعيّتها على المنتسبين معا فنقول إنه لما كان ههنا مظنّة شبهة هي: أنه إن كان اللَّه عزّ و جلّ خلق الأشياء بالمشيّة فبم خلق المشيّة أبمشيّة اخرى فيلزم أن تكون قبل كلّ مشيّة مشيّة إلى ما لا نهاية له، فأفاد الامام عليه السّلام أنّ الأشياء مخلوقة بالمشيّة و أما المشيّة نفسها فلا يحتاج خلقها إلى مشيّة اخرى، بل هي مخلوقة بنفسها لأنها إضافة و نسبة بين الشائي و المشى ء تتحصّل بوجوديهما العيني و العلمي، و لذا أضاف خلقها إلى اللَّه سبحانه لأنّ كلّ الوجودين له و فيه و منه، و في قوله: بنفسها، دون أن يقول بنفسه إشارة لطيفة إلى ذلك، نظير ذلك ما يقال: إنّ الأشياء إنما توجد بالوجود و أما الوجود نفسه فلا يفتقر على وجود آخر بل إنما يوجد بنفسه.

الخامس ما ذكره بعض المحقّقين بعد ما حقّق: أنّ إرادة اللَّه المتحقّقه المتجدّدة هي نفس أفعاله المتجدّدة الكائنة الفاسدة، فارادته لكلّ حادث بالمعنى الاضافي يرجع إلى ايجاده، و بمعنى المراديّة ترجع إلى وجوده.

قال: نحن إذا فعلنا شيئا بقدرتنا و اختيارنا فاردناه أوّلا ثمّ فعلناه بسبب الارادة فالارادة نشأت من أنفسنا بذاتها لا بارادة اخرى و إلّا لتسلسل الأمر لا إلى نهاية فالارادة مرادة لذاتها و الفعل مراد بالارادة، و كذا الشهوة في الحيوان مشتهاة لذاتها لذيذة بنفسها و ساير الأشياء مرغوبة بالشهوة.

فعلى هذا المثال حال مشيّة اللَّه المخلوقة و هي وجودات الأشياء، فانّ الوجود خير و مؤثر لذاته و مجعول بنفسه و الأشياء بالوجود موجودة و الوجود مشي ء بالذات و الأشياء مشيئة بالوجود، و كما أنّ الوجود حقيقة واحدة متفاوتة بالشدّة و الضعف و الكمال و النقص، فكذا الخيرية و المشيئة، و ليس الخير المحض الذي لا يشوبه شرّ إلّا الوجود البحت الذى لا يمازجه عدم و نقص، و هو ذات الباري جلّ مجده فهو المراد الحقيقى إلى آخر ما حقّقه.

قال المحدّث المجلسيّ (ره) بعد ايراد هذه الوجوه: و الأوفق بأصولنا هو الوجه الأوّل.

أقول: بل ما سوى الوجه الأخير كلّها أوفق و إن كانت متفاوتة بالقرب و البعد، و إنما الوجه الأخير الذى مرجعه إلى القول بوحدة الوجود مخالف للأخبار و اصول الأئمة الأطهار سلام اللَّه عليهم ما تعاقب اللّيل و النّهار، و اللَّه العالم بحقايق صفاته و المتعالى عن مجانسة مخلوقاته.

شرح لاهیجی

منها

قدّر ما خلق فاحكم تقديره و دبّره فالطف تدبيره و وجّهه لوجهته فلم يتعدّ حدود منزلته و لم يقصر دون الانتهاء الى غايته و لم يستصعب اذ امر بالمضىّ على ارادته و كيف و انّما صدرت الامور عن مشيّته يعنى قرارداد از براى جميع مخلوقات قدر معيّنى از بقاء و محكم گردانيد تقدير و تعيين انها را يعنى گردانيد انقدر معيّن را لازم غير منفكّ از او و نگاه كرد مآل و عاقبت امر او را پس با رفق و منفعت گردانيد مآل و عاقبت امر او را و متوجّه گردانيد او را بجهة مطلوب و غايت او پس تجاوز نمى كند نهايات منزلت و مقدار خود را و نمى ايستند بدون منتهى شدن بغايت و مقصود خود و دشوار نمى گرداند امرى را در وقتى كه امر كرد بچيزى بگذشتن بر نهج و اراده او و چگونه دشوار باشد و حال آن كه البتّه صادر است امور از مجرّد مشيّت او و تخلّف از مشيّت او نمى كند المنشى ء اصناف الاشياء بلا رويّة فكر ال اليها و لا قريحة غريزة اضمر عليها و لا تجربة افادها من حوادث الدّهور و لا شريك اعانه على ابتداع عجائب الامور يعنى ابتداء كننده ايجاد انواع چيزها بدون انديشه و تامّل در فكرى كه راجع گردد بسوى انها و نه قوّه فكريّه طبيعيّه كه در ضمير گرفته باشد خلقت چيزها را بجهة ان و نه علم تجربه كه حاصل كرده باشد از حوادث زمانه و روزگار و نه شريكى كه اعانت و كمك كرده باشد او را بر اختراع كردن امور عجيبه فتمّ خلقه و اذعن لطاعته و اجاب الى دعوته لم يعترض دونه ريث المبطئ و لا اناه الملتكى يعنى پس تمام شد مخلوق او و قبول كرد مر طاعت او را و جواب داد خواندن او را ظاهر نشد در نزد او كندى كند سازنده و نه درنگ تأخير اندازنده فاقام من الاشياء اودها و نهج حدودها و لئام بقدرته بين متضادّها و وصل اسباب قرائنها و فرّقها اجناسا مختلفات فى الحدود و الاقدار و الغرائز و الهيئات يعنى پس راست گردانيد از چيزها كجى انها را و واضح ساخت غايات و نهايات انها را و التيام داد بقدرت خود ميان اضداد انها و متّصل گردانيد اسباب عوارض انها را و پراكنده گردانيد او را در جنسهاى مختلفه در اشكال و مقادير و اخلاق و صفات بدايا خلائق احكم صنعها و فطرها على ما اراد و ابتدعها يعنى آن چيزها عجائب مخلوقاتى باشند كه محكم گردانيد خلقت انها را و ابتدا كرد ايجاد انها را بر نهج اراده خود و اختراع كرد انها را و منها فى صفة السّماء يعنى و بعضى از آن خطبه در صفت آسمانست

شرح ابن ابی الحدید

وَ مِنْهَا- قَدَّرَ مَا خَلَقَ فَأَحْكَمَ تَقْدِيرَهُ وَ دَبَّرَهُ فَأَلْطَفَ تَدْبِيرَهُ- وَ وَجَّهَهُ لِوِجْهَتِهِ فَلَمْ يَتَعَدَّ حُدُودَ مَنْزِلَتِهِ- وَ لَمْ يَقْصُرْ دُونَ الِانْتِهَاءِ إِلَى غَايَتِهِ- وَ لَمْ يَسْتَصْعِبْ إِذْ أُمِرَ بِالْمُضِيِّ عَلَى إِرَادَتِهِ- فَكَيْفَ وَ إِنَّمَا صَدَرَتِ الْأُمُورُ عَنْ مَشِيئَتِهِ- الْمُنْشِئُ أَصْنَافَ الْأَشْيَاءِ بِلَا رَوِيَّةِ فِكْرٍ آلَ إِلَيْهَا- وَ لَا قَرِيحَةِ غَرِيزَةٍ أَضْمَرَ عَلَيْهَا- وَ لَا تَجْرِبَةٍ أَفَادَهَا مِنْ حَوَادِثِ الدُّهُورِ- وَ لَا شَرِيكٍ أَعَانَهُ عَلَى ابْتِدَاعِ عَجَائِبِ الْأُمُورِ- فَتَمَّ خَلْقَهُ بِأَمْرِهِ وَ أَذْعَنَ لِطَاعَتِهِ وَ أَجَابَ إِلَى دَعْوَتِهِ- لَمْ يَعْتَرِضْ دُونَهُ رَيْثُ الْمُبْطِئِ وَ لَا أَنَاةُ الْمُتَلَكِّئِ- فَأَقَامَ مِنَ الْأَشْيَاءِ أَوَدَهَا وَ نَهَجَ حُدُودَهَا- وَ لَاءَمَ بِقُدْرَتِهِ بَيْنَ مُتَضَادِّهَا- وَ وَصَلَ أَسْبَابَ قَرَائِنِهَا وَ فَرَّقَهَا أَجْنَاساً- مُخْتَلِفَاتٍ فِي الْحُدُودِ وَ الْأَقْدَارِ وَ الْغَرَائِزِ وَ الْهَيْئَاتِ- بَدَايَا خَلَائِقَ أَحْكَمَ صُنْعَهَا وَ فَطَرَهَا عَلَى مَا أَرَادَ وَ ابْتَدَعَهَا

الوجهة بالكسر الجهة التي يتوجه نحوها- قال تعالى وَ لِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها- .

و الريث البطء و المتلكئ المتأخر- و الأود الاعوجاج و لاءم بين كذا و كذا أي جمع- و القرائن هنا الأنفس واحدتها قرونة و قرينة- يقال سمحت قرينته و قرونته أي أطاعته نفسه و ذلت- و تابعته على الأمر و بدايا هاهنا جمع بدية- و هي الحالة العجيبة أبدأ الرجل إذا جاء بالأمر البدي ء- أي المعجب و البدية أيضا الحالة المبتدأة المبتكرة- و منه قولهم فعله بادئ ذي بدي ء على وزن فعيل- أي أول كل شي ء- و يمكن أن يحمل كلامه أيضا على هذا الوجه- . و أما خلائق فيجوز أن يكون أضاف بدايا إليها- و يجوز إلا يكون أضافه إليها- بل جعلها بدلا من أجناسا- و يروى برايا جمع برية- يقول ع إنه تعالى قدر الأشياء التي خلقها- فخلقها محكمة على حسب ما قدر- و ألطف تدبيرها أي جعله لطيفا- و أمضى الأمور إلى غاياتها و حدودها المقدرة لها- فهيأ الصقرة للاصطياد و الخيل للركوب و الطراد- و السيف للقطع و القلم للكتابة- و الفلك للدوران و نحو ذلك- و في هذا إشارة إلى

قول النبي ص كل ميسر لما خلق له

- فلم تتعد هذه المخلوقات حدود منزلتها- التي جعلت غايتها و لا قصرت دون الانتهاء إليها- يقول لم تقف على الغاية و لا تجاوزتها- ثم قال و لا استصعبت و امتنعت- إذا أمرها بالمضي إلى تلك الغاية- بمقتضى الإرادة الإلهية و هذا كله من باب المجاز- كقوله تعالى فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً- قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ- . و خلاصة ذلك الإبانة عن نفوذ إرادته و مشيئته- . ثم علل نفي الاستصعاب- فقال و كيف يستصعب و إنما صدرت عن مشيئته- يقول إذا كانت مشيئته هي- المقتضية لوجود هذه المخلوقات- فكيف يستصعب عليه بلوغها إلى غاياتها- التي جعلت لأجلها و أصل وجودها إنما هو مشيئته- فإذا كان أصل وجودها بمشيئته- فكيف يستصعب عليه توجيهها لوجهتها- و هو فرع من فروع وجودها و تابع له- . ثم أعاد معاني القول الأول- فقال إنه أنشأ الأشياء بغير روية و لا فكرة و لا غريزة- أضمر عليها خلق ما خلق عليها و لا تجربة أفادها- أي استفادها من حوادث مرت عليه من قبل- كما تكسب التجارب علوما لم تكن- و لا بمساعدة شريك أعانه عليها فتم خلقه بأمره- إشارة إلى قوله و لم يستصعب إذ أمر بالمضي- فلما أثبت هناك كونها أمرت أعاد لفظ الأمر هاهنا- و الكل مجاز و معناه نفوذ إرادته- و أنه إذا شاء أمرا استحال ألا يقع- و هذا المجاز هو المجاز المستعمل في قوله تعالى- إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ- تعبيرا بهذا اللفظ عن سرعة مواتاة الأمور له- و انقيادها تحت قدرته- . ثم قال ليس كالواحد منا يعترض دون مراده ريث و بطء- و تأخير و التواء ثم قال و أقام العوج و أوضح الطريق- و جمع بين الأمور المتضادة- أ لا ترى أنه جمع في بدن الحيوانات و النبات- بين الكيفيات المتباينة المتنافرة- من الحرارة و البرودة و الرطوبة و اليبوسة- و وصل أسباب أنفسها بتعديل أمزجتها- لأن اعتدال المزاج أو القرب من الاعتدال- سبب بقاء الروح- و فرقها أجناسا مختلفات الحدود و الأقدار- و الخلق و الأخلاق و الأشكال- أمور عجيبة بديعة مبتكرة الصنعة- غير محتذ بها حذو صانع سابق بل مخلوقة على غير مثال- قد أحكم سبحانه صنعها و خلقها على موجب ما أراد- و أخرجها من العدم المحض إلى الوجود- و هو معنى الابتداع- فإن الخلق في الاصطلاح النظري على قسمين- أحدهما صورة تخلق في مادة و الثاني ما لا مادة له- بل يكون وجود الثاني من الأول فقط من غير توسط المادة- فالأول يسمى التكوين و الثاني يسمى الإبداع- و مرتبة الإبداع أعلى من مرتبة التكوين

شرح نهج البلاغه منظوم

القسم الثالث (منها:)

قدّر ما خلق فأحكم تقديره، و دبّره فألطف تدبيره، و وجّهه لوجهته فلم يتعدّ حدود منزلته، و لم يقصر دون الانتهاء الى غايته، و لم يستصعب إذا أمر بالمضىّ على ارادته، و كيف و انّما صدرت الأمور عن مشيّته المنشى ء أصناف الأشياء بلا رويّة فكر آل إليها، و لا قريحة غريزة أضمر عليها، و لا تجربة أفادها من حوادث الدّهور، و لا شريك أعانه على ابتداع عجائب الأمور، فتمّ خلقه بأمره، و أذعن لطاعته، و أجاب الى دعوته، لم يعترض دونه ريث المبطئ و لا أناة المتلكّى ء، فاقام من الأشياء أودها، و نهج حدودها، و لاءم بقدرته بين متضآدّها، و وصل اسباب قرائنها، و فرّقها أجناسا مختلفات فى الحدود و الأقدار و الغرائز و الهيئات، و بدايا خلائق أحكم صنعها و فطرها على ما أراد و ابتدعها.

ترجمه

قسمتى از اين خطبه در بيان كيفيّت خلقت اشياء و اوصاف ذات حق تعالى است: خداوند تعالى براى آنچه آفريده است، اندازه معيّن فرموده، و آن اندازه را محكم و متين قرار داده (بطورى كه عمرها و روزيهاى خلايق ذرّه كم و بيش نخواهد شد) پس از روى مهر (بر طبق صلاح و صواب أمور) آنها را منظّم كرده، و هر يك را بخاصّيتى كه براى آن خلق شده بود مخصوص و متوجّه ساخت (مانند اين كه سپهر مى چرخد، خورشيد مى تابد، ابر مى گريد، چمن مى خندد) پس هيچيك از آنها از جايگاه خويش قدم فراتر ننهاده، و از رسيدن بانتهاء مقصد خود كوتاهى نورزيده (وظيفه خويش را بخوبى انجام مى دهند) و مأموريّتى كه طبق اراده خداوند تعالى بهر يك از آنها واگذار شده دشوار نشمرده (و با كمال افتادگى بانجامش سرگرم است) چگونه سر گرم نباشد در صورتى كه تمام كارها از مشيّت و قدرت او صادر مى گردد (و كائنات طبق اراده او حركت مى نمايند) خداوندى كه بدون بكار افتادن انديشه و بدون اين كه قبلا پيش بينى كرده و از تجربها و پيش آمدهاى روزگار استفاده نموده، و يا اين كه در اختراع كارهاى شگفت انگيز جهان نياز بشريك و انبازى پيدا كرده باشد، موجودات را ايجاد و آفرينش را بيافريد، پس همين كه كار خلقت بامرش پايان يافت، آفرينش فرمانش را پذيرفت، و دعوتش را پاسخ داد، آفريده (را زهره و ياراى آن) نبود كه در امرش كندى و در فرمانش سستى كند (چرخ منظّم آفرينش قشنگ بكار افتاد) كجى اشياء براستى گرائيد، هر شي ء راه خود را پيمودن گرفت، و بقدرت قادر بيچون ميان اضداد الفت افتاد، و بطورى بهم پيوستند، كه گسستنى در كارشان نيست (صفرا و سودا و خون و بلغم در يك بدن دست اتّحاد بسوى هم دراز كرد تا شر را براه انداختند، و هيچگاه هيچيك از اينها دست از عمليّات محوّله بخود بر نخواهد داشت) و در ميان انواع گوناگون آفريدگان كه از حيث حدّ و اندازه، غريزه، و هيئت (خلق و خوى و هيكل) با هم مختلف بودند آن اسباب (عشق و ميل و جذبه) را بر قرار كرد (تا بدينوسيله حيات و نظام اجتماع تشكيل شد) وه كه چه شگفت و محكم است صنعت خلقت خلايق كه خلّاق عالم آنها را طبق ميل و اراده خويش ابداع و ايجاد فرموده.

نظم

  • خداوند جهان از لطف تدبيرمقدّر كرده بر مخلوق تقدير
  • توجّه داد او را سوى غايات كه يابد راه در كنه نهايات
  • نسازد تا كه مقصد را تصرّفبجائى نيستش حدّ توقّف
  • بهر مركز دلش گرديد مايل در آن مركز كند مأوا و منزل
  • مر او را سرنوشتى كرد تعيينكه غير منفك آن تعيين شد از اين
  • خدا را هيچ امرى نيست دشواراراده تا كند ختم است آن كار
  • بر او چون كارها دشوار باشدكه خود مركز بهر پرگار باشد
  • امورات از مشيّتهاش خيزدچسان صنعت بصالع مى ستيزد
  • بدون فكر و انديشه در اشياءبامرى كرد اشياء جمله انشاء
  • نه صورت كرد در خاطر مصوّرنه نقشى در درون فرمود مضمر
  • نبرد از گردش گيتى افادتنه از دور گذشته استفادت
  • نبود او را شريك و يار و ياورخداوند و شريك اللّه اكبر
  • شگفتيها پديد آورد آسانكه حيران عمرى اندر هر يك انسان
  • چو ز امرش كار خلق آمد باتمامنمود اذعان بطاعاتش سرانجام
  • جواب دعوتش را گفت لبيّك ز پاسخ كرد بر مقصد روان پيك
  • بدون رنج و زحمت بطؤ و كندىپديد آورد گيتى را به تندى
  • نه كس در راه او بنهاد سنگى نه اندر كار او آمد درنگى
  • كجيها را تمامى راست گرداندبجاى خويشتن هر چيز بنشاند
  • بهم اضداد را فرمود اندادصلاى وصل در داد او باعداد
  • غرائز را بحدّ و قدر و مقدارگرفت اندازه آن خلّاق دادار
  • دو صد ضدّيكه خلقش مختلف كردبجسمى جمع كرد و مؤتلف كرد
  • بسى صنعت لطيف و نيك و محكمپديد آورد آن صانع به يك دم
  • بدون فكر و شكّ و ترديد و ارجاع بدلخواه اين بدايع كرد ابداع

منبع:پژوهه تبلیغ

این موضوعات را نیز بررسی کنید:

جدیدترین ها در این موضوع

رفتار و منش امام خمینی (ره) با دختران

رفتار و منش امام خمینی (ره) با دختران

در همۀ جوامع بشری، تربیت فرزندان، به ویژه فرزند دختر ارزش و اهمیت زیادی دارد. ارزش‌های اسلامی و زوایای زندگی ائمه معصومین علیهم‌السلام و بزرگان، جایگاه تربیتی پدر در قبال دختران مورد تأکید قرار گرفته است. از آنجا که دشمنان فرهنگ اسلامی به این امر واقف شده‌اند با تلاش‌های خود سعی بر بی‌ارزش نمودن جایگاه پدر داشته واز سویی با استحاله اعتقادی و فرهنگی دختران و زنان (به عنوان ارکان اصلی خانواده اسلامی) به اهداف شوم خود که نابودی اسلام است دست یابند.
تبیین و ضرورت‌شناسی مساله تعامل مؤثر پدری-دختری

تبیین و ضرورت‌شناسی مساله تعامل مؤثر پدری-دختری

در این نوشتار تلاش شده با تدقیق به اضلاع مسئله، یعنی خانواده، جایگاه پدری و دختری ضمن تبیین و ابهام زدایی از مساله‌ی «تعامل موثر پدری-دختری»، ضرورت آن بیش از پیش هویدا گردد.
فرصت و تهدید رابطه پدر-دختری

فرصت و تهدید رابطه پدر-دختری

در این نوشتار سعی شده است نقش پدر در خانواده به خصوص در رابطه پدری- دختری مورد تدقیق قرار گرفته و راهبردهای موثر عملی پیشنهاد گردد.
دختر در آینه تعامل با پدر

دختر در آینه تعامل با پدر

یهود از پیامبری حضرت موسی علیه‌السلام نشأت گرفت... کسی که چگونه دل کندن مادر از او در قرآن آمده است.. مسیحیت بعد از حضرت عیسی علیه‌السلام شکل گرفت که متولد شدن از مادری تنها بدون پدر، در قرآن کریم ذکر شده است.
رابطه پدر - دختری، پرهیز از تحمیل

رابطه پدر - دختری، پرهیز از تحمیل

با اینکه سعی کرده بودم، طوری که پدر دوست دارد لباس بپوشم، اما انگار جلب رضایتش غیر ممکن بود! من فقط سکوت کرده بودم و پدر پشت سر هم شروع کرد به سرزنش و پرخاش به من! تا اینکه به نزدیکی خانه رسیدیم.
Powered by TayaCMS