دانشنامه پژوهه بزرگترین بانک مقالات علوم انسانی و اسلامی

خطبه 86 نهج البلاغه بخش 3 : ياد آورى ارزش‏هاى اخلاقى

خطبه 86 نهج البلاغه بخش 3 موضوع "ياد آورى ارزش‏هاى اخلاقى" را بررسی می کند.
No image
خطبه 86 نهج البلاغه بخش 3 : ياد آورى ارزش‏هاى اخلاقى

موضوع خطبه 86 نهج البلاغه بخش 3

متن خطبه 86 نهج البلاغه بخش 3

ترجمه مرحوم فیض

ترجمه مرحوم شهیدی

ترجمه مرحوم خویی

شرح ابن میثم

ترجمه شرح ابن میثم

شرح مرحوم مغنیه

شرح منهاج البراعة خویی

شرح لاهیجی

شرح ابن ابی الحدید

شرح نهج البلاغه منظوم

موضوع خطبه 86 نهج البلاغه بخش 3

ياد آورى ارزش هاى اخلاقى

متن خطبه 86 نهج البلاغه بخش 3

عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ أَنْصَحَ النَّاسِ لِنَفْسِهِ أَطْوَعُهُمْ لِرَبِّهِ وَ إِنَّ أَغَشَّهُمْ لِنَفْسِهِ أَعْصَاهُمْ لِرَبِّهِ وَ الْمَغْبُونُ مَنْ غَبَنَ نَفْسَهُ وَ الْمَغْبُوطُ مَنْ سَلِمَ لَهُ دِينُهُ وَ السَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ وَ الشَّقِيُّ مَنِ انْخَدَعَ لِهَوَاهُ وَ غُرُورِهِ وَ اعْلَمُوا أَنَّ يَسِيرَ الرِّيَاءِ شِرْكٌ وَ مُجَالَسَةَ أَهْلِ الْهَوَى مَنْسَاةٌ لِلْإِيمَانِ وَ مَحْضَرَةٌ لِلشَّيْطَانِ جَانِبُوا الْكَذِبَ فَإِنَّهُ مُجَانِبٌ لِلْإِيمَانِ الصَّادِقُ عَلَى شَفَا مَنْجَاةٍ وَ كَرَامَةٍ وَ الْكَاذِبُ عَلَى شَرَفِ مَهْوَاةٍ وَ مَهَانَةٍ وَ لَاتَحَاسَدُوا فَإِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الْإِيمَانَ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ وَ لَا تَبَاغَضُوا فَإِنَّهَا الْحَالِقَةُ وَ اعْلَمُوا أَنَّ الْأَمَلَ يُسْهِي الْعَقْلَ وَ يُنْسِي الذِّكْرَ فَأَكْذِبُوا الْأَمَلَ فَإِنَّهُ غُرُورٌ وَ صَاحِبُهُ مَغْرُورٌ

ترجمه مرحوم فیض

قسمت دوم خطبه

بندگان خدا، پند دهنده ترين مردم بخود كسى است كه پروردگارش را بيشتر اطاعت و بندگى نمايد (زيرا مقصود پند دهنده نفع رساندن بديگرى است و بزرگترين نفعها بدست آوردن سعادت هميشگى است و تحصيل آن مستلزم طاعت و فرمانبردارى از حقّ تعالى، پس هر كس پروردگارش را بيشتر عبادت و بندگى نمايد بيشتر سعادت بدست آورد و كسيكه بيشتر سعادت بدست آرد بيشتر از پند دهندگان خود را پند داده است) و فريب دهنده ترين مردم خود را كسى است كه بيشتر از آنها پروردگارش را معصيت و نافرمانى كند (زيرا مقصود هر فريب دهنده اى زيان رساندن بديگرى است و بزرگترين زيانها بدست آوردن بيچارگى هميشگى است و يافتن آن مستلزم معصيت و نافرمانبردارى است، پس هر كس پروردگارش را از ديگران بيشتر معصيت كند، بيشتر بيچارگى بدست آورده و كسيرا كه بيشتر بيچارگى فرا گيرد، بيشتر از فريب دهندگان خود را فريب داده است) و فريب خورده كسى است كه زيان بخود روا دارد (خود را هلاك و تباه نموده كارى كند كه مستوجب عذاب الهىّ گردد) و خرسند و خوشحال كسى است كه دين او به سلامت باشد (بر وفق احكام الهيّه رفتار كند تا ديگران باو غبطه برده مقام او را آرزو كنند) و خوشبخت كسى است كه از ديگر كسان پند گيرد (در راه نيكوكاران قدم نهاده از كردار زشت بد كاران دورى نمايد) و بد بخت كسى است كه از خواهش نفس و نادرستيهاى خويش فريب خورد (از هواى نفس پيروى كرده از خطر آن غافل گردد) و بدانيد اندك رئاء و خود نمائى (در عبادت و بندگى) شرك است (زيرا هر كه در عبادت خدا غيرى را در نظر گيرد، البتّه او را شريك خدا دانسته) و همنشينى با هوا پرستان (معصيت كاران) باعث فراموشى ايمان و حضور شيطان است (زيرا بر اثر غفلت از ذكر خدا و ياد آخرت نور ايمان از دل گناهكاران بيرون مى رود و شيطان براى اضلال و گمراهى در مجالشان حاضر ميشود، و به فرموده پيغمبر اكرم: «المرء على دين خليله و قرينه يعنى مرد پيرو دين و آئين دوست و همنشين خود مى باشد» نشست و برخاست با هوا پرستان در شخص تأثير خواهد نمود) از دروغ دورى كنيد كه آن از ايمان دور است (زيرا ايمان مجمع فضايلى است كه از جمله آنها راستى است و دروغ از جمله رذائل و صفات ناپسنديده مى باشد، و به اين جهت ميان آن با ايمان تباين و جدائى است) راستگو مشرف به نجات و رهائى (از عذاب) و رستگارى است، و دروغگو بر جاى بلندى است كه نزديك به افتادن در گودال هلاكت و ذلّت و خوارى است، و بر يكديگر حسد نبريد (زوال مقام ديگرى را آرزومند نباشيد) زيرا حسد ايمان را مى خورد (مضمحلّ و نابود مى نمايد) چنانكه آتش هيزم را مى خورد (سوزانده و خاكستر ميكند) و با همديگر دشمنى نكنيد، زيرا دشمنى باعث (قطع رحم و) زوال هر خير و بركتى است (مانند تيغ كه مو را از سر زائل مى گرداند) و بدانيد كه آرزو موجب بغلط و اشتباه انداختن عقل و فراموشى از ذكر خدا مى گردد، پس (با ياد مرگ و هول و وحشت روز رستخيز) آرزو را دروغ انگاريد، زيرا آرزو فريب دهنده است (به چيزى كه حقيقتى ندارد) و آرزومند فريب خورده است.

ترجمه مرحوم شهیدی

بندگان خدا

فرمانبردارترين مردم از خداوند، خيرخواه ترين آنان براى خويش است، و خيانتكارترين آنان به خود، كسى است كه در نافرمانى خدا از همه پيش است. فريفته، آن كه خود را بفريباند، و رشك برده آن كه دينش براى وى بى آسيب ماند. خوشبخت كسى است كه از- آنچه بر- جز او- رود- پند گيرد. و بدبخت آن كس كه فريب هواى نفس خويش پذيرد. بدانيد كه اندك ريا شرك است و همنشينى پيروان هوا فراموش كردن ايمان، و جاى حاضر شدن شيطان. از دروغ دورى گزينيد كه از ايمان به دور است- و چراغ او بى نور- . راستگو بر كنگره هاى رستگارى و بزرگوارى است و دروغگو كناره مغاك و خوارى. بر هم حسد مبريد كه حسد ايمان را مى خورد - چنانكه آتش هيزم را- و با يكديگر دشمنى مكنيد كه آن پيوند خويشاوندى را مى برد. و بدانيد كه آرزوهاى نفسانى خرد را به غفلت وادارد، و ياد خدا را به فراموشى سپارد. پس آرزوى نفسانى را دروغزن دانيد كه- آنچه خواهد- فريب است و اميد بيهوده، و خداوند آرزو فريفته است- و در خواب غفلت غنوده- .

ترجمه مرحوم خویی

اى بندگان خدا بدرستى كه نصيحت كننده ترين خلق بر نفس سركش خود اطاعت كننده ترين ايشانست پروردگار خود را، و بدرستى كه فريب دهنده ترين خلق نفس خود را عاصى ترين ايشان است بر آفريدگار خود، و زيان كار كسى است كه زيان رساند نفس خود را، و سودمند كسى است كه سالم شود از براى او دين او، و صاحب سعادت آن كسى است كه پند گيرد بحال غير خود، و صاحب شقاوت آن كسى است كه فريب خورد بهوا و غرور خود.

و بدانيد كه اندكى از ريا شركست بخدا، و همنشينى أهل معصيت و هوا محل فراموشى ايمانست و مكان حضور شيطان، و كناره جوئى كنيد از كذب و بهتان كه آن بيگانه است از ايمان، راستگو بر كناره نجاتست و بزرگوارى، و دروغ گو بر گوشه هوس است و خوارى، و بر يكديگر حسد مبريد، پس بدرستى كه مى خورد حسد دين را همچنان كه مى خورد آتش هيزم را.

بيت

  • هر كه را پيشه بود حقد و حسدهرگز از آتش دوزخ نرهد
  • كينه از سينه خود بيرون كنزين عمل قدر و شرف افزون كن
  • بيخ حقد و حسد از دل بر كنبر فلك ساز چه عيسى مسكن

و دشمنى نكنيد بر يكديگر پس بدرستى كه عداوت تراشنده ايمان است و بدانيد كه آرزوى دور و دراز باعث سهو عقل مى شود و سبب نسيان ذكر، پس تكذيب نمائيد آرزوى خود را از جهت اين كه آمال و امانى دروغ است و فريب، و صاحب آن مغرور است و مفتون.

شرح ابن میثم

عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ أَنْصَحَ النَّاسِ لِنَفْسِهِ أَطْوَعُهُمْ لِرَبِّهِ- وَ إِنَّ أَغَشَّهُمْ لِنَفْسِهِ أَعْصَاهُمْ لِرَبِّهِ- وَ الْمَغْبُونُ مَنْ غَبَنَ نَفْسَهُ وَ الْمَغْبُوطُ مَنْ سَلِمَ لَهُ دِينُهُ- وَ السَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ- وَ الشَّقِيُّ مَنِ انْخَدَعَ لِهَوَاهُ وَ اعْلَمُوا أَنَّ يَسِيرَ الرِّيَاءِ شِرْكٌ- وَ مُجَالَسَةَ أَهْلِ الْهَوَى مَنْسَاةٌ لِلْإِيمَانِ وَ مَحْضَرَةٌ لِلشَّيْطَانِ- جَانِبُوا الْكَذِبَ فَإِنَّهُ مُجَانِبٌ لِلْإِيمَانِ- الصَّادِقُ عَلَى شَرَفِ مَنْجَاةٍ وَ كَرَامَةٍ- وَ الْكَاذِبُ عَلَى شَرَفِ مَهْوَاةٍ وَ مَهَانَةٍ- وَ لَا تَحَاسَدُوا- فَإِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الْإِيمَانَ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ- وَ لَا تَبَاغَضُوا فَإِنَّهَا الْحَالِقَةُ- وَ اعْلَمُوا أَنَّ الْأَمَلَ يُسْهِي الْعَقْلَ- وَ يُنْسِي الذِّكْرَ فَأَكْذِبُوا الْأَمَلَ- فَإِنَّهُ غُرُورٌ وَ صَاحِبُهُ مَغْرُورٌ

المعنى

و قوله: عباد اللّه. إلى آخره إخبارات في معنى الأوامر و النواهى

و قوله: عباد اللّه. إلى آخره إخبارات في معنى الأوامر و النواهى و أوامر و نواهى صريحة مشتملة على جواذب إلى طاعة اللّه و لزوم دينه.

فالأوّل: قوله: إنّ أنصح الناس لنفسه أطوعهم لربّه

و بيانه أنّه لمّا كان غرض الناصح إنّما هو جلب الخير و المنفعة إلى المنصوح، و كان أجّل خير و منفعة هو السعادة الباقية الأبديّة و مشاهدة الحضرة الربوبيّة، و كانت تلك السعادة إنّما تنال بطاعة اللّه تعالى فكلّ من كانت طاعته للّه أتمّ فكان هو أنصح الناس لنفسه بمبالغته في طاعته.

الثاني: قوله: و إنّ أغشّهم لنفسه أعصاهم لربّه

و هو ظاهر ممّا قرّرناه فإنّه لمّا كانت غاية الغشّ إنّما هو جلب الشرّ و المضرّة إلى المغشوش، و كان أعظم شرّ و ضرر يلحق العبد هو الشقاوة الأبديّة في قرار الجحيم، و كانت تلك إنّما يحصل الإنسان عليها بمعصية اللّه تعالى فكلّ من كانت معصيته أتمّ كانت شقاوته أتمّ فكانت هو أغشّ الناس لنفسه بمبالغته في معصيته. و حاصل القضيّة الاولى الأمر بالطاعة أتمّ ما يمكن و الثانية النهى عن المعصية أتمّ ما يمكن. و رغّب في الطاعات بذكر نصيحة النفس لما أنّ النصيحة محبوبة و نفّر عن المعصية بذكر غشها.

الثالث: قوله: و المغبون من غبن نفسه

و المراد من غبنها بالمعصية المستلزمة لدخول النار فكأنّ الإنسان بمتابعة شيطانه خادع لنفسه، و قد بخسها ما تستحقّه من ثواب اللّه،

و لمّا كانت السعادة الاخرويّة أعظم ما يتنافس فيه لا جرم كان أعظم مغبون من لم يفز بها فلذلك حصر المغبون فيه على طريق المبالغة و هو خبر في معنى النهى عن المعصية، و نفّر عنها بذكر غبن النفس.

الرابع: قوله: و المغبوط من سلم له دينه

و الغبطة أن يتمنّى الإنسان مثل ما لغيره من حال أو مال مع قطع النظر عن تمنّى زوال تلك الحال عمّن هى له، و بهذا القيد يتميّز عن الحسد، و القضيّة ظاهرة ممّا قبلها فإنّه لمّا كان من سلم دينه فائزا بالسعادة الكبرى الباقية مع كونها أجلّ ما يغبط به و يتنافس فيه لا جرم كان هو أعظم مغبوط و لذلك حصر المغبوط فيه مبالغة، و رغّب في المحافظة على الدين بكون من سلم له مغبوطا.

الخامس: قوله: و السعيد من وعظ بغيره

و قد صارت هذه القضيّة في معنى المثل: أى السعيد في الآخرة من اعتبر حال غيره فشاهد بعين بصيرته مصير الظالمين فخاف عاقبتهم فعدل عن طريقهم و تذكّر حال المتّقين فمال إلى جادّتهم و سلك مسالكهم و رغّب في الاتّعاظ بالغير بذكر استلزامه للسعادة.

السادس: و كذلك الشقىّ في الآخرة

من انخدع لهواه و غروره و نفّر عن اتّباع الهوى بذكر الخداع و الغرور.

السابع: التنبيه على أنّ يسير الرياء شرك

و قد سبق منّا بيان أنّ الرياء في العبادة و إن قلّ التفات مع اللّه إلى غيره و إدخال له بالقصد بالعمل و الطاعة و ذلك في الحقيقة شرك خفىّ اتّفقت عليه أرباب القلوب.

الثامن: قوله: و مجالسة أهل الهوى منساة للايمان و محضرة للشيطان

أراد بأهل الهوى الفسّاق المنقادين لدواعى الشيطان إلى الشهوات الخارجة عن حدود اللّه، و نفّر عن مجالستهم بأنّها محلّ للأمرين: أحدهما: نسيان الإيمان و هو ظاهر فإنّ أهل الهوى أبدا مشغولون بذكر ما هم فيه من لعب و لهو خائضون في أصناف الباطل و. أنواعه فمجالستهم عن رغبة مظنّة الغفلة عن ذكر اللّه و الانجذاب إلى ما هم عليه عن الأعمال الصالحة و تلك أركان الإيمان و قواعده، و قد علمت أنّ كثرة الغفلات عن الشي ء تؤول إلى نسيانه و انمحائه عن لوح الخيال و الذكر، و ربّما يتجوّز في مطلق الغفلة عن أوقات العبادة و

الذكر بالنسيان تسمية للشي ء باسم ما يؤول إليه. الثاني: كونها محلّا لحضور الشيطان، و قد علمت معنى الشيطان و أنّ كلّ محلّ عصى اللّه فيه فهو محضر للشيطان و موطن له.

التاسع: الأمر بمجانبة الكذب

و نفّر عنه بقوله: فإنّه مجانب للإيمان، و هو حديث نبويّ، و معنى المجانبة كون كلّ منهما في جانب فإن كانت الأعمال الصالحة داخلة في مسمّى الايمان فالصدق من جملتها و مضادّ الصدق مضادّ للايمان و أحد الضدين مجانب للآخر فالكذب مجانب للايمان، و إن لم يكن كذلك قلنا: إنّ الكذب أعظم الرذائل الموبقة، و الايمان أعظم الفضايل المنقذة، و بين الفضايل و الرذائل منافاة ذاتيّة فالكذب مناف للايمان و مجانب له، و يحتمل أن يكون معنى مجانبته له كونه غير لايق أن يجامعه في محلّ واحد و غير مناسب له. و بالجملة كونه ليس منه في شي ء، و قد بيّنا ما يشتمل عليه الكذب من المضارّ المهلكة، ثمّ أردف ذلك بالترغيب في الصدق بكون الصادق على شرف منجاة: أى مشارف لنجاة و كرامة أو لمحلّهما و هو الجنّة إذ الصدق باب من أبوابها ثمّ بالتنفير عن الكذب بكون الكاذب على شرف مهواة و مهانة: أى هوى و هوان أو محلّهما و هو حضيض الجحيم الّذى هو محلّ الهوان إذ الكذب باب من أبوابها، و من انتهى إلى الباب فقد شارف الدخول، و عن الرسول صلى اللّه عليه و آله و سلّم: إيّاكم و الكذب فإنّه يهدى إلى الفجور، و إنّ الفجور يهدى إلى النار، و إنّ الرجل ليكذب حتّى يكتب عند اللّه كذّابا، و عليكم بالصدق فإنّ الصدق يهدى إلى البرّ و إنّ البرّ يهدى إلى الجنّة و إنّ الرجل ليتحرّى الصدق حتّى يكتب عند اللّه مصداقا، و قال صلى اللّه عليه و آله و سلّم: الكذب رأس النفاق. و هو ظاهر فإنّ مدار النفاق على المصانعة بالقول الغير المطابق لما في نفس الأمر و هو حقيقة الكذب.

العاشر: النهى عن الحسد

و قد اتّفق أرباب القلوب على أنّه من أعظم أبواب الشيطان الّتى يدخل بها على القلب و هو أحد العوارض الرديئة للنفس و يتولّد من اجتماع البخل و الشريّة في النفس، و أعنى بالشرير من تلتذّ طباعها بمضارّ تقع بالناس و يكره ما يوافقهم و إن كانوا ممّن لا يرونه و لم يسيئوا إليه، و قد علمت أنّ من هذه صفته مستحقّ للمقت من اللّه عزّ و جلّ و ذلك أنّه مضادّ لإرادته إذ هو تعالى المتفضّل على المزيد للخير

المطلق للكلّ. و قد رسّم الحسد بأنّه اغتمام الإنسان بخير يناله غيره من حيث لا مضرّة منه عليه، و قد يوجد الحسد ممّن له نفع ما من المحسود، و يسمّى الحسد البالغ. و أمّا تعليله وجوب تركه بأنّه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب: فاعلم أنّ العلماء قد اتّفقوا على أنّ الحسد مضرّ بالنفس و الجسد: أمّا بالنفس فلأنّه يذهلها و يغرق فكرها بالاهتمام بأمر المحسود حتّى لا يفرغ للتصرّف فيما يعود نفعه عليها بل و ينسى ما حصلت عليه من الملكات الخيريّة الّتى هى الحسنات المنقوشة في جوهرها و يضمحلّ على طول تعوّد الحسد و اشتغال الفكر فيه و طول الحزن و الهمّ لأنّ نعم اللّه على عباده أكثر من أن تحصى فإذا كان الحسد بها دام فانقطع وقت الحاسد به عن تحصيل الحسنات، و أمّا بالجسد فلأنّه يعرض له عند حدوث هذه الأعراض للنفس طول السهر و سوء الاغتذاء و يعقّب ذلك رداءة اللون و سوء السجيّة و فساد المزاج.

إذا عرفت ذلك فنقول: إنّه قد استعار هاهنا لفظ الأكل لكون الحسد ماحيا لما في النفس من الخواطر الخيريّة الّتى هى الحسنات و مانعا من صيرورتها ملكات و ذلك بسبب استغراقها في حال المحسود و اشتغالها به، و شبّه ذلك بأكل النار الحطب. و وجه الشبه ما يشترك فيه الحسد و النار من إفناء الحسنات و الحطب و استهلاكهما.

الحادى عشر: النهى عن التباغض

و تعليله ذلك بأنّها الحالقة، و اعلم أنّه لمّا كان أمر العالم لا ينتظم إلّا بالتعاون و التضافر، و كان التعاون إنّما يتمّ بالالفة و كان أقوى أسباب الالفة هو المودّة و المؤاخاة بين الخلق كانت المودّة من المطالب المهمّة للشارع، و لذلك آخا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم، بين أصحابه لتخلص محبّتهم و تصفو الفتهم و يصدق بينهم التعاون و التضافر و الاتّحاد في الدين، و قال صلى اللّه عليه و آله و سلّم: المرء كبير بأخيه و لا خير فى صحبة من لا يرى لك من الحقّ مثل ما ترى له. فلذلك كان التباغض بينهم منهيّا عنه مكروها في الشريعة لما يستلزمه من التقاطع بينهم و عدم تعاونهم و تضافرهم، و بسبب ذلك تتخطّف كلّا منهم أيدى حاسديه و تتحكّم فيه أهواء أعاديه فلم تسلم له نعمة و لا تصفو له مدّة بل يكون بذلك بواره و اضمحلال النوع و هلاكه، و لذلك قال عليه السّلام: فإنّها الحالقة. و أصل هذا اللفظ مستعار ممّا يحلق الشعر كالموسى و نحوها للدواهى و

أسباب الشرّ ثمّ صار مثلا و قد وقع هاهنا موقعه من الاستعارة، و وجه المشابهة أنّ الموسى مثلا كما أنّها سبب لحلق الشعر و استيصاله كذلك التباغض سبب لاستيصال الخلق بعضهم بعضا.

الثاني عشر: التنبيه على مضارّ الأمل للدنيا

تنفيرا عنه و الأمر بتكذيبه المستلزم للنهى عنه. فأمّا مضارّه: فأحدها: أنّه يوجب سهو العقل: أى عمّا هو الأولى بالإنسان في معاشه و معاده و هو ظاهر فإنّ الآمل أبدا مشغول الفكر بما يأمله و يرجوه و في كيفيّة تحصيله و كيفيّة العمل به بعد حصوله و شغله بذلك يستلزم إعراضه عن غيره إذ ما جعل اللّه لرجل من قلبين في جوفه. الثانية: أنّه ينسى الذكر: أى ذكر اللّه تعالى بعد الموت من أحوال الآخرة، و ذلك باستغراقه فيما يأمله من أحوال الدنيا كما مرّ. الثالثة: أنّه غرور و صاحبه مغرور، و روى بفتح الغين من غرور و ضمّها، و وجه الفتح أنّ الأمل ليس هو نفس الغفلة عن الذكر و غيره بل مستلزم لها فلذلك صدقت نسبة الغرور إليه، و وجه الضمّ أنّه مجاز من باب إطلاق اسم اللازم على ملزومه، و أمّا تكذيبه فبذكر الموت و دوام إخطاره بالبال و ملاحظة المرجع و المعاد، و إنّما سمىّ ردّ الأمل تكذيبا له لأنّ النفس حال توقّعها للمأمول تكون حاكمة حكما و هميّا ببلوغه و نيله فإذا رجعت إلى صرف العقل و ملاحظة الموت و جواز الانقطاع به عن بلوغ مارجته كان تجويزها ذلك مكذّبا لما جزم به الوهم من الأحكام و رادّا له. و باللّه التوفيق

ترجمه شرح ابن میثم

عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ أَنْصَحَ النَّاسِ لِنَفْسِهِ أَطْوَعُهُمْ لِرَبِّهِ- وَ إِنَّ أَغَشَّهُمْ لِنَفْسِهِ أَعْصَاهُمْ لِرَبِّهِ- وَ الْمَغْبُونُ مَنْ غَبَنَ نَفْسَهُ وَ الْمَغْبُوطُ مَنْ سَلِمَ لَهُ دِينُهُ- وَ السَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ- وَ الشَّقِيُّ مَنِ انْخَدَعَ لِهَوَاهُ وَ غُرُورِهِ- وَ اعْلَمُوا أَنَّ يَسِيرَ الرِّيَاءِ شِرْكٌ- وَ مُجَالَسَةَ أَهْلِ الْهَوَى مَنْسَاةٌ لِلْإِيمَانِ وَ مَحْضَرَةٌ لِلشَّيْطَانِ- جَانِبُوا الْكَذِبَ فَإِنَّهُ مُجَانِبٌ لِلْإِيمَانِ- الصَّادِقُ عَلَى شَفَا مَنْجَاةٍ وَ كَرَامَةٍ- وَ الْكَاذِبُ عَلَى شَرَفِ مَهْوَاةٍ وَ مَهَانَةٍ- وَ لَا تَحَاسَدُوا- فَإِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الْإِيمَانَ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ- وَ لَا تَبَاغَضُوا فَإِنَّهَا الْحَالِقَةُ- وَ اعْلَمُوا أَنَّ الْأَمَلَ يُسْهِي الْعَقْلَ- وَ يُنْسِي الذِّكْرَ فَأَكْذِبُوا الْأَمَلَ- فَإِنَّهُ غُرُورٌ وَ صَاحِبُهُ مَغْرُورٌ

ترجمه

اى بندگان خدا، پند دهنده ترين مردمان بخودش كسى است، كه فرمانبردارترين آنها نسبت به دستورات پروردگارش باشد و فريب دهنده ترين انسانها بخودش آن انسانى است كه معصيت كارترين آنها نسبت به پروردگارش باشد. بنا بر اين گول خورده كسى است كه خود را فريب دهد. و خوشحال و سود برنده شخصى است كه خود را فريب ندهد و دينش را سالم نگاهدارد. خوشبخت كسى است كه از ديگرى پند گيرد، و بدبخت كسى كه فريب هواى نفسش را بخورد. بدانيد كه كمترين ريا (در عمل) شرك شمرده مى شود، و همنشين با هواپرستان فراموشى از ايمان و حضور شيطان را در پى دارد. از دروغ بپرهيزيد كه انسان را از داشتن ايمان دور مى كند راستگو، بر كرانه نجات و رستگارى قرار دارد و دروغگو بر پرتگاه خوارى و هلاكت ايستاده است. بر يكديگر حسد نورزيد، زيرا حسد و بدخواهى (چنان كه آتش هيزم را سوخته و از بين برد) ايمان انسان را خورده و نابود مى كند. با يكديگر دشمنى نكرده و نسبت به هم خشمناك نباشيد، زيرا دشمنى مانند تيغ سلمانى كه موها را مى تراشد، خيرات و صله رحم را زدوده و از بين مى برد. بدانيد كه آرزوى طولانى، عقل را دچار اشتباه و ياد خدا را بفراموشى مى سپارد پس آرزوهاى طولانى دنيا را دروغ پنداريد، زيرا آرزو فريب و آرزومند فريب خورده اى بيش نيست.»

شرح

قوله عليه السلام: عباد اللّه الى آخره...

اين فراز از كلام امام (ع) از معنى اوامر و نواهى حق تعالى خبر مى دهد و داراى جاذبه هايى است كه انسانها را به شرح زير ملزم به فرمانبردارى و رعايت دستورات خداوند مى كند.

1- قوله عليه السلام: انّ انصح الناس لنفسه اطوعهم لربّه.

هدف از نصيحت كردن ناصح اين است كه به شخص مورد نصيحت خود، خير و منفعت برساند، و مى دانيم كه برترين خير و منفعت، سعادت پايدار ابدى و مشاهده رحمت حضرت ربوبى است. و اين چنين سعادتى جز به فرمانبردارى خداوند متعال حاصل نمى شود. بنا بر اين، هر كس فرمانبردارى و اطاعتش نسبت به خداوند بيشتر باشد، نصيحت كننده ترين انسان نسبت به خود محسوب مى شود، چون نهايت فرمانبردارى را به كار بسته است.

2- قوله عليه السلام: و انّ اغشّهم لنفسه اعصاهم لربه.

معنى اين فراز از آنچه در فراز قبل گفتيم بخوبى روشن گرديد چه نهايت غشّ و خيانت انسان نسبت به كسى كه در باره اش خيانت مى كند. شرّ و ضررى است كه به او مى رساند. و بالاترين بدى و ضررى كه نسبت به بنده اى قابل تصوّر مى باشد، بدبختى دايمى و دخول در جهنّم است. گرفتار عقاب و كيفر خداوند شدن، براى كسى حاصل نمى شود مگر به انجام معصيت الهى بنا بر اين هر كس گناهكاريش از همگان بيش باشد، شقاوت و بدبختيش فزونتر خواهد بود پس چنان كسى خيانت كارترين فرد نسبت به خود مى باشد، بدليل زياده رويى كه در معصيت كرده است.

خلاصه كلام امام (ع) در فراز اوّل و دوّم امر به فرمانبردارى و نهى از معصيت و گناهكارى انسانهاست تا حدّى كه در توان دارند، و برايشان ميسور و مقدور مى باشد. با عبارت نصيحت نفس، به فرمانبردارى ترغيب كرده است، چون نصيحت نفس براى هر كسى مطلوب و محبوب مى باشد و خيانت به نفس براى تمام اشخاص نفرت انگيز است.

3- قوله عليه السلام: و المغبون من غبن نفسه.

مقصود از «غبن» داشتن نفس بر اثر معصيت اين است كه موجب دخول در جهنم مى شود. گويا انسان به پيروى از شيطان، خود را فريب داده است، و آنچه از پاداشهاى اخروى و ثواب خداوندى بهره اش بوده از دست داده و زيان كرده است. با توجّه به اين كه سعادت آخرت با ارزش ترين چيزى است، كه مورد رقابت قرار مى گيرد، محروم از آن، بالاترين زيان را برده است. براى بيان همين منظور امام (ع) كلام را به صورت حصر و مبالغه ذكر كرده است. هر چند كلام شكل خبرى دارد، ولى مفهوم آن نهى از معصيت بوده، و با بيان غبن نفس، گناه كردن را امرى نفرت انگيز جلوه مى دهد.

4- قوله عليه السلام: و المغبوط من سلم له دينه

معنى «غبطه» اين است كه انسان آرزو كند، مانند ديگران داراى مال و منال، ثروت و سلامت باشد، بدون آن كه از بين رفتن نعمت ديگران، مورد خواست و آرزويش باشد با همين ويژگى كه بيان شد غبطه، از حسد جدا مى شود «يعنى غبطه خورنده كسى است كه مى خواهد مانند ديگران ثروتمند باشد و شخص حسود آرزويش اين است كه ديگران مانند خود او بدون مال و ثروت شوند زوال نعمت ديگران آرزوى شخص حسود و بدخواه مى باشد. با توضيح فوق روشن مى شود، چگونه شخص صالحى كه دينش را سالم نگاهداشته است باز هم نسبت به مقام برتر ديگران غبطه مى خورد.

زيرا آن كه دين خود را از آفات و غرامت شيطان سالم نگه دارد، هر چند به سعادت بزرگ جاويدان نائل گرديده است، در عين حال نسبت به مقامات عاليه بهشت كه مورد رقابت مؤمنان است، بزرگترين حسرت و اندوه را دارد. بنا بر اين صادق است كه گفته شود، داراى بزرگترين اندوه و غبطه مى باشد، نظر به اهميّت بيان اين موضوع خطبه 86 نهج البلاغه بخش 3 كلام را بصورت حصر و مبالغه آورده است. و ترغيب مى نمايد كه بندگان خدا در حفظ ديانت خود بكوشند، زيرا آنهايى كه دينشان را سالم دارند، روز قيامت به حال و مقام مؤمنان غبطه مى خورند چه رسد به كسانى كه در جهت حفظ ديانت خود كوششى به خرج نداده باشند

5- قوله عليه السلام: و السّعيد من وعظ بغيره.

اين جمله از كلام امام (ع) چندان تكرار شده، كه بصورت ضرب المثل در آمده است.

يعنى سعادتمند در آخرت كسى است، كه از مطالعه در وضع ديگران عبرت بگيرد، با ديده دل راهى كه ستمگران رفته اند در نظر داشته باشد. و از عاقبت بد آنها بترسد و روش آنها را ترك كند. از طرف ديگر حال پرهيزگاران را بياد آورد و مسير آنها را بپيمايد، و به پند گرفتن از ديگران كه لازمه اش سعادت اخروى است رغبت نشان دهد.

6- با توجّه به توضيح فوق بدبخت در عالم آخرت، كسى است كه فريب هواى نفسش را بخورد.

در اينجا امام (ع) براى ايجاد نفرت از پيروى هواى نفس به بيان خدعه و غرور اكتفا كرده است.

7- امام (ع) توجّه مى دهد كه رياى اندك هم شرك است. پيش از اين توضيح داده ايم كه، ريا، در عبادت هر چند اندك باشد، توجّه بغير خدا است و در نيّت و طاعت تأثير مى گذارد. تمام عرفا و اهل دل بر اين موضوع خطبه 86 نهج البلاغه بخش 3 اتفاق نظر دارند كه ريا، هر چند ناچيز است، شرك خفى به حساب مى آيد.

8- قوله عليه السلام: و مجالسته اهل الهواء منساة للأيمان و محضرة للشيطان.

مقصود امام (ع) از اهل «هوى» در عبارت فوق بدكارانى است كه تسليم خواسته هاى شيطانى و شهواتى كه بيرون از حدود شرعى است شده اند.

نفرت داشتن از همنشينى با اهل هوى به لحاظ دو امر مى باشد: الف: مجالست با اهل باطل موجب به فراموشى سپردن ايمان مى شود.

اين امر واضحى است، زيرا هوا پرستان همواره سرگرم لهو و لعب و غرق در كارهاى بيهوده و باطل و ضد حق مى باشند. بنا بر اين به احتمال قوى همنشينى با آنها از روى ميل و رغبت، موجب غفلت و بى خبرى از ياد خدا مى شود و انسان را از انجام اعمال شايسته باز مى دارد، و بتدريج به روش اهل باطل در مى آورد با اين كه اركان و قواعد ايمان انجام دادن كارهاى شايسته و اعمال صالح مى باشد، بخوبى روشن است كه غفلت منجر بفراموشى، و از بين رفتن ياد شيئى از لوح ذهن مى شود. چه بسا كه غفلت زياد سبب فراموشى اوقات عبادت و ياد خدا شود.

اين كه امام (ع) فراموشى را به جاى علت فراموشى به كار برده اند از باب نامگذارى سبب به جاى مسبب مى باشد.

ب: همنشينى با فاسقان و فاجران بدين لحاظ مذموم است كه محل آنها جايگاه حضور شياطين است.

ما پيش از اين معنى شيطان را توضيح داده ايم. قاعده كلّى اين است، هر جائى كه معصيت و نافرمانى خداوند صورت گيرد، محلّ حضور شيطان و لانه اوست.

9- امام (ع) دستور مى دهد كه مردم از دروغ گفتن دورى كنند و نسبت به آن نفرت داشته باشند، كه دروغ ضدّ ايمان است. اين فرموده امام (ع) مفهوم حديث پيامبر است.

معنى «مجانب» بودن دروغ نسبت به ايمان اين است كه: راست و دروغ مجانب يكديگراند بدين شرح كه اگر كارهاى شايسته داخل در مفهوم ايمان باشند، پس راستگويى هم از جمله كارهاى شايسته داخل در مفهوم ايمان خواهد بود و چون دروغگويى با راستگويى ضديّت دارد پس با ايمان هم ضديّت دارد. زيرا هر ضدّى اصطلاحا با ضد خود مجانبت و دورى دارد بنا بر اين دروغ: ضدّ و مجانب ايمان شمرده مى شود. امّا اگر كارهاى شايسته را در مفهوم ايمان داخل ندانيم مى گوييم: دروغ از بزرگترين رزائل باز دارنده از حق و ايمان از بزرگترين فضايل نجات دهنده است. چون ميان رذايل و فضايل ذاتا منافات است. پس دروغ با ايمان منافات داشته و مجانب آن مى باشد.

محتمل است كه معنى «مجانبت» كذب با ايمان، در عبارت حضرت اين باشد، كه دروغ و راست هيچ گاه با هم جمع نمى شوند و با يكديگر تناسبى ندارند. خواه اين معنى و يا معنى اوّل، مجانبت را به هر معنى كه بگيريم، دروغ با ايمان داشتن معارض است. و چنان كه قبلا توضيح داده ايم، دروغ زيانهاى جبران ناپذير و هلاك كننده اى نيز دارد.

امام (ع) پس از آن كه دروغ را «مجانب» ايمان معرّفى مى كند، آن گاه مردم را به راستگويى تشويق مى نمايد. بدين شرح كه راستگو در مسير نجات و رستگارى قرار دارد، يعنى در آستانه رستگارى و كرامت يا جايگاه رستگارى و كرامت «يعنى بهشت» قرار دارد، چه راستگويى درى از درهاى بهشت است. و سپس براى ايجاد نفرت از دروغ مى فرمايد: دروغگو در پرتگاه پست هلاكت و يا جايگاه اين دو يعنى ورطه هولناك دوزخ واقع است، زيرا جهنّم جايگاه بدبختى وجودى است و دروغ درى از درهاى جهنّم است، و هر كس بر در بهشت يا دوزخ رسد، در زمينه ورود قرار گرفته است.

از رسول خدا (ص) در باره مدح و نكوهش راست و دروغ روايتى نقل شده است كه فرمود: از دروغ بپرهيزيد كه انسان را به فسق و فجور مى كشاند، و فسق و فجور آدمى را به دوزخ مى اندازد و شخص آن قدر دروغ مى گويد: تا خداوند در باره او مى نويسد «كذّاب» و لازم است كه همواره راستگو باشيد، چه راست گفتن به نيكى و نيكى به بهشت راهنمايى مى كند. شخص آن قدر رعايت راستگوئى را مى نمايد تا خداوند در باره او مى نويسد (مصداقا) يعنى كسى كه هميشه راست مى گويد و باز فرموده است: دروغ گفتن در رأس نفاق قرار دارد دليل فرمايش رسول خدا (ص) روشن است، زيرا محور نفاق بر دو رنگى و دورويى در گفتار و بيان خلاف واقع است. خلاف واقع سخن گفتن، حقيقت دروغگويى است.

10- امام (ع) از حسد ورزيدن نهى مى كند. عرفا بر اين موضوع خطبه 86 نهج البلاغه بخش 3 اتفاق نظر دارند، كه حسد از بزرگترين درهايى است كه شيطان از آن وارد قلب انسان مى شود، و آن يكى از خلقهاى پست نفسانى است كه از جمع شدن، بخل و بدخواهى پديد مى آيد. و بدخواهى عبارت از اين است كه شخص از جهت نعمتى كه بديگران مى رسد غمگين و از زيان ديدن ديگران خوشحال مى شود. هر چند آن ديگران نه او را ديده باشند و نه به او آزارى رسانده باشند. كسى كه داراى چنين خلق نكوهيده اى باشد، معلوم است كه سزاوار خشم خداوند بلند مرتبه قرار مى گيرد. بدخواهى مخالف اراده حق تعالى است.

زيرا او همواره، خير بندگان خود را در نظر دارد و براى همگان فيّاض مطلق است.

بعضى ديگر حسد را چنين تعريف كرده اند: حسد صفت شخصى است كه از رسيدن خير بديگران اندوهناك شود، با اين كه ضررى از آنان متوجّه حسود نشده باشد. گاهى حسد تا بدين درجه مى رسد، كه شخص با وجود شركت داشتن در نعمت ديگران، باز هم بر آنها حسد مى ورزد. اين حدّ اعلاى بدخواهى و حسادت است كه انسان از خوشحالى ديگران و نعمتى كه خود هم در آن سهيم است بد حال شود اين را حسد بالغ مى گويند.

علّتى كه امام (ع) براى ترك حسد آورده، اين است كه حسد، نيكيها را مى خورد، چنان كه آتش هيزم را از ميان مى برد. دانشمندان در اين مسئله كه حسد به جسم و جان زيان مى رساند اتفاق نظر دارند، زيان جانى حسد اين است كه فراموشى ايجاد كرده، و فكر حسود را مشغول داشته، تا حدّى كه حسود را از انديشه در باره امورى كه براى خود او نافع است باز مى دارد.

صفات نيك و ملكات خيرى كه مى تواند كسب كند از يادش مى برد. بدين جهت شخص حسود همواره فكرش مغشوش، و مشغول و گرفتار است، و مدام دچار حزن و اندوه مى باشد. با اين كه نعمت خداوند، نسبت به بندگان فراوان و غير قابل شمارش است، شخص حسود به دليل فرو رفتن در انديشه حسد، وقتى براى انجام كارهاى نيك ندارد. «تاكنون آنچه گفتيم مربوط به ضرر روانى و جانى شخص حسود بود امّا زيان جسمى حسود اين است كه حسادت موجب بيدار خوابى و سوء تغذيه مى شود و در نهايت، پريدگى رنگ، ضعف جسمى و فساد مزاج را به دنبال دارد.

با توضيح مطلب فوق روشن شد كه امام (ع) لفظ «اطل» را براى حسد، به اين دليل كه تمام انديشه هاى خير و نيكيها را از نفس انسان مى زدايد و مانع صفات ثابت نفسانى مى گردد، استعاره به كار برده است، خوردن حسد نيكيها را بدين سبب است كه شخص حسود مدام، غرق در حالات و نعمتهاى شخص مورد حسد مى باشد. اين حالت حسود را به از بين بردن هيزم به وسيله آتش تشبيه كرده اند، زيرا حسد و آتش، از اين جهت كه حسنات و هيزم را از بين مى برند شبيه يكديگرند.

11- حضرت مردم را از دشمنى و خشم نسبت به يكديگر نهى مى كند، و دليلى كه براى زشتى كينه توزى آورده است. تفرقه و جدايى است زيرا چنان كه مى دانيم نظم امور جهان بر همكارى و هميارى است. همكارى، بوسيله انس گرفتن و رفت و آمد ميسور است و از بزرگترين اسباب انس، دوستى و برادرى ميان مردم مى باشد. دوستى از امور مهمى است كه در شريعت اسلام مقرر شده است و بهمين دليل بود كه رسول خدا (ص) ميان اصحاب خود برادرى بر قرار كرد، تا دوستى آنها خالص، و انس و الفت شان، بى غش و همكارى و هميارى و وحدتشان در دين از روى صداقت باشد.

پيامبر خدا (ص) فرموده است: «انسان بوسيله برادر دينى اش بزرگوارى مى يابد، در رفاقت با كسى كه براى تو صلاح نمى داند آنچه براى خود، روا مى شمارد، خيرى نيست.» به همين دليل كينه و دشمنى ميان برادران ايمانى در شريعت نهى شده و مورد كراهت شديد است. چون موجب قطع رابطه و عدم همكارى و هميارى مى شود و براى برهم زدن وحدت مسلمين، بدخواهان جديّت و تلاش مى كنند، و انديشه دشمنان اسلام براى تحميل تفرقه مدام نقشه مى كشد. بديهى است كه با تفرقه و خصومت نعمتى بر قرار نماند و صفا و الفت، ديرى نپايد و از اين بدتر آن كه هلاكت و از بين رفتن، از نتايج دشمنى و خصومت است. بدين لحاظ امام (ع) فرمود: دشمنى «حالقه» است. لفظ حالقه استعاره است از جدا شدن و تفرقه و از هم پاشى، زيرا اين واژه در اصل، از «يحلق الشعر» گرفته شده است، يعنى آنچه موى سر را مى تراشد، مانند تيغ سلمانى و يا شبيه آن، و كنايه از مشكلات بزرگ و اسباب شر مى باشد. و سپس ضرب المثل شده و براى امورى كه موجب تفرقه و جدايى مى گردد بعنوان خطبه 86 نهج البلاغه بخش 3 استعاره به كار مى رود. وجه شباهت اين است: چنان كه تيغ سلمانى سبب بريدن موها و پراكندگى آنها در اطراف مى گردد. دشمنى و عداوت هم موجب تفرقه و درماندگى انسانها مى شود.

12- به آرزوهاى دور و دراز داشتن در دنيا توجّه داده، تا نسبت به آنها در دل انسانها نفرت ايجاد كند، از اين رو دستور مى دهد كه مردم آرزوها را تكذيب كنند لازمه تكذيب كردن آروزها نهى از پيروى آرزوهاست. زيان آرزوهاى طولانى عبارت است از: الف- عقل دچار سهو و اشتباه مى شود. آرزوى طولانى موجب مى شود كه انسان نسبت به امورى كه لازمه معاش و معادش مى باشد، غفلت ورزد بخوبى روشن است، شخصى كه آرزوهاى طولانى دارد، همواره فكرش به اميد و آرزوهايش معطوف است كه چگونه آنها را بر آورده سازد و يا به اميدواريهايش دست پيدا كند.

گرفتارى مدام به تحصيل آروزها سبب مى شود كه از جهات خير غافل بماند زيرا خداوند براى يك انسان، دو دل در درونش قرار نداده است.

ب- آرزوهاى طولانى، ياد خدا را به فراموشى مى سپارد. يعنى انسان از ياد خداوند كه در آخرت چه خواهد كرد و پس از مرگ چه پيش خواهد آمد، به علّت آرزوهاى طولانى فراموش مى كند، زيرا كه چنين انسانى در زندگى دنيا غرق شده، و بكلّى از عالم آخرت بى خبر مى ماند.

ج- آرزوى طولانى داشتن غرور ايجاد مى كند، و دارنده چنين آرزويى خود مغرور است.

بعضى از شارحان لفظ «غرور» را به فتح «غ» يعنى «غرور» خوانده اند در اين صورت معنى جمله اين است. كه آرزوى طولانى خود بى خبرى از ياد خدا و امور خير نيست بلكه سبب فراموشى از ياد خدا مى شود. پس مى توان فراموشى را بوى نسبت داد.

بعضى ديگر كلمه «غرور» را با ضمّه تلفّظ كرده اند «غرور» در اين صورت استعمال غرور بجاى شخص مغرور مجاز است، يعنى اطلاق لازم بر ملزوم شده است، آرزوى طولانى داشتن فريب نيست بلكه سبب فريب خوردگى است، لازمه آرزوى طولانى داشتن اين است كه شخص فريب بخورد و به كارهاى مفيد و سعادت بخش نرسد.

تكذيب كردن آرزوى طولانى چنان كه امام (ع) دستور مى دهد بدين گونه است كه همواره مرگ را به يادآورى و در قلب متوجّه مرگ، رجوع به سوى خداوند و معاد باشى. در باره اين كه چرا امام (ع) كنار گذاشتن آرزوهاى طولانى را «تكذيب» تعبير كرده اند. بدين جهت است كه شخص آرزومند، به آنچه دل مى بندد و آرزو پيدا مى كند. به خيال واهى خود، آن را برآورده مى بيند، ولى اگر به عقلش مراجعه كند، و فرا رسيدن مرگ و قطع آرزوها را در نظر بگيرد، بخود اجازه خواهد داد، كه احكام خيالى خود را كه آرزويى واهى بيش نيست تكذيب و رد كند.

شرح مرحوم مغنیه

عباد اللّه إنّ أنصح النّاس لنفسه أطوعهم لربّه، و إن أغشّهم لنفسه أعصاهم لربّه، و المغبون من غين نفسه و المغبوط من سلم له دينه، و السّعيد من وعظ بغيره و الشّقيّ من انخدع لهواه. و اعلموا أنّ يسير الرّياء شرك و مجالسة أهل الهوى منساة للإيمان، و محضرة للشّيطان. جانبوا الكذب فإنّه مجانب للإيمان. الصّادق على شرف منجاة و كرامة، و الكاذب على شفا مهواة و مهانة. و لا تحاسدوا فإنّ الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النّار الحطب، و لا تباغضوا فإنّها الحالقة، و اعلموا أنّ الأمل يسهي العقل و ينسي الذّكر فأكذبوا الأمل فإنّه غرور، و صاحبه مغرور.

اللغة:

المنساة: ما يدعو الى النسيان. و الشفا: طرف كل شي ء، و المراد به هنا القرب. و الحالقة: الماحية.

المعنى:

(عباد اللّه ان أنصح- الى- شرك). للانسان ميول و رغبات فردية، كميله الى المأكل و المشرب و الجنس و الراحة و الصحة و ما اليها من لذة و متعة، و لا شي ء من ذلك محرم في دين اللّه، و النقيض هو الصحيح على شرط اللّه و رسوله، و في حدود الكتاب و السنة، و انما المحرم هو التبذير و الإسراف، و التضاهي و التباهي، و إشباع الشهوات على حساب الآخرين، قال سبحانه: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ- 32 الأعراف.

و اضافة الزينة اليه تعالى تومئ الى شرطه و حدوده كما أشرنا.

و ما دام الأمر على هذا فمن اقتنع بالحلال من رزق اللّه و زينته و طيباته فقد أخلص لربه، و نصح لنفسه و أراحها و استراح من غضب اللّه و عذابه، و عاش سعيدا كريما في دنياه و آخرته، و من اندفع وراء شهواته، و تجاوز حدود اللّه و شريعته- فقد هلك و أهلك، و عاش في الجهل و الغرور في دنياه، و الشقاء و البلاء في آخرته (و اعلموا ان يسير الرياء شرك). المرائي يضمر شرا، و يظهر خيرا، و المراد بالشرك هنا العمل لغير اللّه، و قال الإمام الصادق (ع): «كل رياء شرك.. انه من عمل للناس كان ثوابه على الناس، و من عمل للّه كان ثوابه على اللّه». هذا، الى ان المرائي لن تطول به الحال حتى يفتضح و يتكشف على حقيقته.. و من علاماته- كما في بعض الروايات- انه ينشط اذا كان الناس عنده، و يكسل اذا كان وحده، و يحب أن يحمد بما لم يفعل.

(و مجالسة أهل الهوى منساة للايمان، و محضرة للشيطان). للعدوى قوة و سيطرة على ضعاف النفوس، و تنفذ اليها من عدة مسالك، منها المعشر و الكتب و الصحف و الاستماع الى الاذاعات و الجلوس الى التلفزيون، و كلما زادت وسائل النشر تجاوبت و تداخلت العزائم، و الشاهد أخبار الجرائد عن الجرائم و المجرمين، و قال الرسول الأعظم (ص): المرء على دين خليله و قرينه، و في الأمثال: قل لي من تعاشر أقول لك من أنت.

(جانبوا الكذب فإنه مجانب للإيمان). أي لا يسلم للمرء دين و لا إيمان إلا إذا ابتعد عن الكذب، و من أقوال الإمام: لا يجد عبد طعم الإيمان حتى يترك الكذب جده و هزله. و قلت في المجلة الرابع من كتاب «التفسير الكاشف»ص 554: ان الكاذب يعامل في الدنيا معاملة المسلم إذا نطق بالشهادتين، و يعامل في الآخرة معاملة الكافر، لقوله تعالى: إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ- 105 النحل. و قول الرسول الأكرم (ص): المؤمن لا يكذب.

و صرف الكلام عن ظاهره خلاف الأصل.

(الصادق على شرف منجاة و كرامة) أي ان الصادق المخلص في قصده و سلوكه قريب من اللّه و جنته و مرضاته، و في عقيدتي انه المثل الأعلى للإنسانية (و الكاذب على شفا مهواة و مهانة). أي مشرف على الهلاك و الهوان (و لا تحاسدوا فإن الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب) لأنه يقود الى الافتراء و البغي، و الفرق بين الحسود و المعجب بنفسه أن الحسود ساخط على اللّه و الناس أجمعين، و المعجب يرى نفسه فوق الناس أجمعين.. و على أية حال فمن ابتلي بالحسد فليمسك لسانه عن الباطل، فإن الحسد من حيث هو ليس بمحرم، و المحرم منه ما كان وسيلة الى الحرام كالغيبة و الكذب و النميمة، و لذا قال الرسول الأعظم (ص): إذا حسدت فلا تبغ، و لم يقل: لا تحسد، حتى و لو نهى عن الحسد فإن مراده النهي عن أثره، لأن التكليف بتركه من حيث هو تكليف بما لا يطاق.

(و لا تباغضوا فإنها- أي البغضاء- الحالقة) للدين تماما كما تحلق الموسى الشعر، و المعنى افشوا السلام بينكم، و تعاونوا على ما فيه خيركم، قال سبحانه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً- 208 البقرة. (و اعلموا أن الأمل يسهي إلخ..) الأمل من حيث هو لا يذم و لا يمدح، بل ينظر الى نتائجه و آثاره، و يحكم عليه بحسبها، فالأمل في الحياة و طولها مع التقوى و عمل الخير ممدوح، و هو مع الشره و الحرص على الأموال كغاية مذموم لأنه يعمى العقل عن الصواب، و يبعث في النفوس الغرور، و يصرفها عن التفكير في مصيرها، قال سبحانه في ذم اليهود: وَ لَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ- 96 البقرة.

شرح منهاج البراعة خویی

عباد اللّه إنّ أنصح النّاس لنفسه أطوعهم لربّه، و إنّ أغشّهم لنفسه أعصاهم لربّه، و المغبون من غبن نفسه، و المغبوط من سلم له دينه، و السّعيد من وعظ بغيره، و الشّقيّ من انخدع لهواه، و اعلموا أنّ يسير الرّياء شرك، و مجالسة أهل الهوى منسأة للإيمان، و محضرة للشّيطان جانبوا الكذب فإنّه مجانب للإيمان، الصّادق على شفا منجاة و كرامة، و الكاذب على شرف مهواة و مهانة، و لا تحاسدوا فإنّ الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النّار الحطب، و لا تباغضوا فإنّها الحالقة، و اعلموا أنّ الأمل يسهى العقل، و ينسى الذّكر، فأكذبوا الأمل فإنّه غرور، و صاحبه مغرور.

اللغه

(المنساة) و (المحضرة) محلّ النسيان و الحضور، و التاء فيهما للتكثير كما يقال أرض مسبعة أى كثير فيها السّباع و (الشفا) طرف كلّ شي ء و (الشرف) محركة المكان العالى و (المهواة) محلّ السقوط و (المهانة) الذلة و الحقارة و (الحالقة) الخصلة التي فيها حلق اى شؤم قال في القاموس: و الحالق المشئوم كالحالقة فالتاء للمبالغة و في القاموس أيضا الحالقة قطيعة الرّحم و التي تحلق رأسها في المصيبة، قال شارح القاموس و منه الحديث دبّ اليكم داء الامم البغضاء الحالقة، و هى قطيعة الرّحم انتهى.

و أمّا تفسير الحالقة بالمستأصلة للشعر كما في شرح المعتزلي و البحراني فلم أجده في كتب اللّغة و كذلك لم أجد تفسير الحالق بما يحلق به الشّعر بل المستفاد من القاموس خلافه حيث ذكر للحالق معاني و لم يذكر ذلك فيها، و قال: المحلق كمنبر الموسى فيفهم منه أن ما يحلق به الشعر و يستأصل به على وزن مفعل لا على وزن الفاعل و الفاعلة.

الاعراب

نفسه بالنّصب مفعول غبن، و دينه بالرفع فاعل سلم.

المعنى

(عباد اللَّه إنّ أنصح النّاس لنفسه أطوعهم لربّه) و ذلك لأنّه لما كان مقصود النّاصح بنصحه ايصال المنفعة إلى المنتصح و كان أعظم المنافع و أجلّها هو السّعادة الأبدية و العناية السّرمدية المستفادة من طاعة الحضرة الرّبوبيّة، لا جرم كان أنصح النّاس لنفسه أكثرهم طاعة لربّه.

(و إنّ أغشّ النّاس لنفسه أعصاهم لربّه) و الغشّ خلاف النّصح و هو عبارة عن عدم الخلوص و عن اظهار خلاف ما يضمر، و لما كان غرض الغاشّ من غشّه ايصال الضّرر إلى المستغشّ و كان أعظم المضارّ هو الشّقاوة الأبديّة و العقوبة الدّائمة الناشية من عصيان الحضرة الالهيّة، لا جرم كان أغشّ النّاس لنفسه أكثرهم معصية لربّه.

و في هاتين الجملتين من الأمر بالطاعة و التحذير عن المعصية ما لا يخفى، إذ أحبّ الأشياء إلى الانسان نفس الانسان فهو دائما طالب لمحابّها و منافعها.

هارب عن مضارّها و مكارهها، فيلزم له الاتيان بالطّاعة و الحذر عن المعصية لكون الاولى جالبة للمحبوب و الأخرى كاسبة للمكروه.

(و المغبون من غبن نفسه) أصل الغبن هو الخداع فالغابن خادع و المغبون مخدوع و الغبن في البيع هو بيع الكثير بالقليل، و لمّا كانت الشّهوات الدّنيوية و اللّذايذ العاجلة زهيدة قليلة في جنب الثّمرات الأخرويّة و المنافع الآجلة، و كان المشتغل باللّذات الدّنية و الصّارف عمره في الشّهوات الخسيسة قد فوّت على نفسه المنافع الكثيرة و النّعم الخطيرة، فكأنّه قد باع الكثير بالقليل و فوّت على نفسه الخطير بالحقير، لا جرم كان هو غابنا لنفسه و خادعا لها حيث بخسها ما تستحقّه من ثواب اللَّه و رضوانه، و منه قوله تعالى: يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ.

قال الطبرسي في تفسيره: هو تفاعل من الغبن و هو أخذ شرّ و ترك خير أو أخذ خير و ترك شرّ فالمؤمن ترك حظه من الدّنيا و أخذ حظه من الآخرة فترك ما هو شرّ له و أخذ ما هو خير له فكان غابنا، و الكافر ترك حظّه من الآخرة و أخذ حظّه من الدّنيا فترك الخير و أخذ الشرّ فيكون مغبونا، فيظهر في ذلك اليوم الغابن و المغبون هذا.

و لما كان السعادات الاخرويّة أنفس متاع لا متاع فوقه، و الغبن فيها أعظم غبن لا غبن مثلّه، لذلك حصر عليه السّلام المغبون فيمن غبن في ذلك و قال: المغبون من غبن نفسه على طريق المبالغة، و مثله قوله عليه السّلام (و المغبوط من سلم له دينه) فان سلامة الدّين لما كانت أعظم نعمة لا نعمة فوقها كان المنعم بذلك أحقّ بأن يغبط و يتمنّي مثل ماله من غير أن تريد زواله، و بهذا القيد يفترق الغبطة من الحسد حسبما ستعرف.

(و السعيد من وعظ بغيره) أى السّعيد في الآخرة من لاحظ حال الغير فاتّعظ به بأن ينظر إلى حال الصّالحين و ما لهم و ما أعدّ اللَّه لهم و بشّرهم به في كتابه الكريم من الجنان و الغلمان و الحور العين و الشراب من الكوثر و التّسنيم فيحذو حذوهم و يسلك مسالكهم و يلاحظ مصير المجرمين و مقرّهم و ما هيّأ اللَّه لهم و أنذهم به من الجحيم و ظلّ من يحموم و شراب من الزّقوم و الحميم فيعدل عن جادّتهم و يتنحّى عن قدّتهم.

(و الشّقىّ من انخدع لهواه) و غروره كما قال سبحانه: وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ» و قال أيضا: وَ مَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ أي الخداع الذي لا حقيقة له و هو المتاع الرّدي الذي يدلّس به على طالبه حتّى يشتريه ثمّ يتبيّن له ردائته و الشّيطان هو المدلّس (و اعلموا أنّ يسير الرّيا سرك) فكيف بكثيره كما مضى تفصيلا في شرح الخطبة الثالثة و العشرين بما لا مزيد عليه (و مجالسة أهل الهوى منساة للايمان و محضرة للشّيطان) أراد بمجالسة أهل الهوى مجالسة أهل المعاصي و قد مضى بعض الأخبار النّاهية عنها في شرح كلامه الثالث عشر.

و أقول هنا: إنّ كون مجالسة أهل المعصية و مخالطتهم موجبة لنسيان الايمان و لحضور الشّيطان واضح، لأنّ الفساق باقبالهم إلى اللّعب و اللّهو و الفسق و الفجور و السيّئآت بما فيهم من دواعي الهوى و الشّهوات يسوّد ألواح خاطرهم و يرين وجه قلوبهم فيغفلون بذلك عن ذكر الحقّ و تذكّر الآخرة و يزيد الغفلة شيئا فشيئا و يشتدّ فيخرج نور الايمان من قلوبهم و يضمحلّ و يمحو و يحضر الشيطان في مجالسهم لاغوائهم و إضلالهم، فمن جالس معهم و خالطهم يكون المجالسة و المخالطة لا محالة مؤثّرة فيه، إذ المرء على دين خليله و قرينه فيقتدى بهم و يحذو حذوهم و يعمل عملهم فيكون ناسي الايمان و قرين الشّيطان مثلهم.

و يدلّ على ذلك الأخبار المستفيضة بل المتواترة ففي الوسائل عن الكلينيّ مسندا عن غياث بن إبراهيم عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام في حديث قال: ما اجتمع ثلاثة من الجاحدين إلّا حضرهم عشرة أضعافهم من الشّياطين، فان تكلّموا تكلّم الشّياطين بنحو كلامهم، و إذا ضحكوا ضحكوا معهم، فاذا نالوا من أولياء اللَّه نالوا معهم، فمن ابتلى من المؤمنين بهم فاذا خاضوا في ذلك فليقم و لا يكن شرك شيطان و لا جليسه، فانّ غضب اللَّه لا يقوم له شي ء و لعنته لا يردّها شي ء ثمّ قال: فان لم يستطع فلينكر بقلبه و ليقم و لو حلب شاة أو فواق ناقة.

و عن عمرو بن يزيد عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام أنّه قال: لا تصحبوا أهل البدع و لا تجالسوهم فتصيروا عند النّاس كواحد منهم قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: المرء على دين خليله و قرينه.

و عن أبي حمزة عن عليّ بن الحسين عليه السّلام في حديث طويل إيّاكم و صحبة العاصين و معونة الظّالمين و مجاورة الفاسقين، احذروا فتنتهم و تباعدوا من ساحتهم.

و فيه من علل الشرائع مسندا عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عن أبيه عليه السّلام قال: قال عليّ بن الحسين عليه السّلام ليس لك أن تقعد مع من شئت لأنّ اللَّه تبارك و تعالى يقول: وَ إِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَ إِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ الحديث.

و من كتاب صفات الشيعة معنعنا عن محمّد بن قيس عن أبي جعفر عن آبائه عن عليّ سلام اللَّه عليه و عليهم قال: مجالسة الأشرار تورث سوء الظّن بالأخيار، و مجالسة الأخيار تلحق الأشرار بالأخيار، و مجالسة الفجّار للأبرار تلحق الفجّار بالأبرار فمن اشتبه عليكم أمره و لم تعرفوا دينه فانظروا إلى خلطائه، فان كانوا أهل دين اللَّه فهو على دين اللَّه، و إن لم يكن على دين اللَّه فلا حظّ لهم في دين اللَّه، إنّ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم كان يقول: من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فلا يواخينّ كافرا و لا يخالطنّ فاجرا، و من آخى كافرا أو خالط فاجرا كان فاجرا كافرا و لنعم ما قيل في هذا المعنى:

  • عن المرء لا تسأل و سل عن قرينهفكلّ قرين بالمقارن يقتدي

و من مجالس الشّيخ حسن ابن شيخنا الطّوسي قدّس اللَّه رمسهما مسندا عن أبي الخير قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله: أربعة مفسدة للقلوب: الخلوة بالنّساء، و الاستمتاع منهنّ، و الأخذ برأيهنّ، و مجالسة الموتى فقيل: يا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم و ما مجالسة الموتى قال: كلّ ضالّ عن الايمان و جائر «حائر ظ» عن الأحكام، و الأخبار في هذا المعنى كثيرة و لا حاجة إلى الزّيادة.

ثمّ أمر بمجانبة الكذب بقوله: (جانبوا الكذب) و قد مرّ الكلام في قبحه عقلا و شرعا في شرح كلامه الثالث و الثمانين و يأتي تفصيل أقسامه في التذنيب الآتي، و علّل عليه السّلام قبحه هنا بقوله: (فانّه مجانب للايمان) و أراد عليه السّلام بذلك أنّ كلّا من الكذب و الايمان مجانب من الآخر و أن بينهما تباعدا و تجانبا.

و ذلك على القول بكون الايمان عبارة عن مجموع المعرفة و ما يتبعها من الأعمال الصّالحة واضح، لأنّ الصّدق على ذلك جزء للايمان و الكذب مضادّ له فيكون مضادّا للايمان، و أمّا على كونه عبارة عن نفس المعرفة فلأنّ الايمان من أعظم الفضايل المنجية و الكذب من أخس الرّذايل المهلكة و التباعد بين الفضيلة و الرّذيلة و الانجاء و الاهلاك أيضا ظاهر.

كما أشار إلى ذلك و أوضحه بقوله: (الصّادق على شفا منجاة و كرامة) أى على طرف من النجاة و الكرامة و مشارف عليهما أو على طرف من محلّ النّجاة و قريب منها يكاد أن يقع فيها و في الكرامة الدنيوية و الاخروية (و الكاذب على شرف مهواة و مهانة) أى على مكان عال من الهوى و الهوان أو مشارف لمحلّ السقوط و الذّلّة يكاد أن يسقط منها إلى الجحيم و يقع في العذاب الأليم قال الشّاعر:

  • لا يكدب المرء إلّا من مهانتهأو عادة السّوء أو من قلّة الأدب
  • لعفن جيفة كلب خير رايحةمن كذبة المرء في جدّ و في لعب

ثمّ نهى عن الحسد بقوله: (و لا تحاسدوا) و هو من أعظم الموبقات على ما ستعرف تفصيلا في التذنيب الآتي إنشاء اللَّه، و علّله بقوله (فانّ الحسد يأكل الايمان كما تأكل النّار الحطب) و هذا التعليل ممّا تظافرت الأخبار به عن النّبي صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم و أولاده المعصومين سلام اللَّه عليهم.

و قد اتّفق الأخبار ككلام علمائنا الأبرار على أنّ الحسد مضرّ بالنّفس و الجسد.

أمّا بالنّفس فقد قال الصّادق عليه السّلام: الحاسد مضرّ بنفسه قبل أن يضرّ بالمحسود كابليس لعنه اللَّه أورث بحسده له اللّعنة و لآدم عليه السّلام الاجتباء و الهدى و الرّفع إلى محلّ حقايق العهد و الاصطفاء، فكن محسودا و لا تكن حاسدا، فانّ ميزان الحاسد أبدا خفيف يثقل ميزان المحسود، و الرّزق مقسوم فما ذا ينفع الحسد الحاسد و ما ذا يضرّ المحسود الحسد و قال العلماء: إنّ الحسد يذهل نفس الحاسد و يغرق فكره بالاهتمام بأمر المحسود حتّى لا يبقى له فراغ بتحصيل المنافع العايدة إليها بل و يمحو ما حصلت لها من الملكات الخيريّة و الحسنات المنقوشة في جوهرها بطول تعوّد الحسد و تمادى اشتغال الفكر فيه و كثرة الحزن و الهمّ، لأنّ نعم اللَّه سبحانه على عباده غير معدودة، و فيوضاته غير متناهية، فاذا كان حسد الحاسد على الخلق بتلك الآلاء و النعم دام عليه الهمّ و الغمّ فيضيق وقته بل ينقطع عن اتيان الحسنات و يلقي نفسه في المهلكات و هو معنى قولهم عليهم السّلام: إنّه يأكل الايمان كما تأكل النّار الحطب، أى يستأصله و يفنيه و يبطله مثل استيصال النّار للحطب و إفنائها له.

و أمّا بالجسد فقد قال أمير المؤمنين عليه السّلام فيما يرويه السيّد «ره» في الكتاب: صحّة الجسد من قلّة الحسد.

و سرّه أنّ الحسود إذا دام عليه الحزن و الغمّ بتواتر الآلاء و النعم على المنعم أورث ذلك له طول السهر و تمادى الفكر و ضيق العيش و ضنك المعيشة و قلّة الراحة و مضيق الباحة، فينقطع عنه الابتهاج و يؤدّي ذلك إلى فساد المزاج.

ثمّ نهى عن العداوة و البغضاء بقوله (و لا تباغضوا فانّها الحالقة) أى البغضاء خصلة مشؤمة كما أنّ المحبة و الالفة ميمونة، أو أنّها موجبة لقطيعة الرّحم، و على تفسير الخالقة بما تحلق الشّعر و تستأصله من موسى و نحوه كما في شرحي المعتزلي و البحراني و إن لم أجده في كتب اللّغة فالكلام مبنيّ على الاستعارة، يعني أنها مستأصلة للخلق أو للدّين أو كليهما كما أنّ موسى مستأصلة للشّعر.

نعم يدلّ على تفسيرهما ما رواه الغزالي في كتاب إحياء العلوم في باب ذمّ الحسد عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم قال: و قال: دبّ إليكم داء الامم قبلكم الحسد و البغضاء و البغضة هي الحالقة لا أقول حالقة الشّعر و لكن حالقة الدّين و الذي نفس محمّد بيده لا تدخلون الجنّة حتّى تؤمنوا، و لن تؤمنوا حتّى تحابّوا ألا أنبئكم بما يثبت ذلك لكم أفشوا السّلام بينكم.

و مثله في الكافي باسناده عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم في حديث: ألا إنّ في التباغض الحالقة لا أعنى حالقه الشّعر و لكن حالقة الدّين.

و كيف كان فيدلّ على كراهة هذه الصّفة و شؤمها و إيجابها للقطيعة و لاستيصال النفوس و الدّين و الايمان أنّ نوع الانسان مدنيّ بالطّبع يحتاج في انتظام أمر معاشه و معاده إلى الاجتماع و الايتلاف و التعاون و التظافر، و كان أقوى أسباب الاجتماع و التعاون هو المودّة و المحبّة و المؤاخاة، و لذلك آخا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله بين الأصحاب و حثّ على الجمعة و الجماعة لتصفو الالفة و تخلص المحبّة، و نهى عن التباغض لما يستلزمه من التقاطع و عدم التعاون و تسلّط أيادي الحاسدين عليهم و تحكم آراء المعاندين و أهوائهم فيهم، بل ربما ينجرّ إلى حسد بعضهم بعضا و بغى بعضهم على بعض، فلا تسلم لهم نعمة و لا تصفو لهم لذّة، و لا يكون لهم فراغ العبادة، بل يكون بذلك بوارهم و هلاكهم في الدّنيا و الآخرة.

و لذلك ورد في غير واحد من الأخبار النّهي عنها و الحثّ على التّحابّ و الالفة.

مثل ما رواه الغزالي قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: سيصيب امّتي داء الامم، قالوا: و ما داء الامم قال عليه السّلام: الأشر و البطر و التكاثر و التّنافس في الدّنيا و التباعد و التحاسد حتّى يكون البغى ثمّ الهرج.

و في الكافي باسناده عن مالك بن أعين الجهني عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ المؤمنين إذا التقيا فتصافحا أدخل اللَّه عزّ و جلّ يده بين أيديهما و أقبل بوجهه على أشدّهما حبّا لصاحبه، فاذا أقبل اللَّه بوجهه عليهما تحاتت عنهما الذّنوب كما يتحات الورق من الشّجر.

و عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله: من زار أخاه في بيته قال اللَّه عزّ و جلّ: أنت ضيفي و زائري علىّ قراك و قد أوجبت لك الجنّة بحبّك إيّاه.

و عن عدّة من أصحابنا عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: المؤمن مألوف لا خير فيمن لا يألف و لا يؤلف.

و عن حبيب الخثعمي عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم فاضلكم أحسنكم أخلاقا الموطئون اكنافا الّذين يألفون و يؤلفون و توطأ رحالهم.

و عن أبي بصير عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: المتحابّون في اللَّه يوم القيامة على منابر من نور قد أضاء نور وجوههم و نور أجسادهم و نور منابرهم كلّ شي ء حتى يعرفوا به فيقال: هولاء المتحابّون في اللَّه.

و عن سماعة بن مهران عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال: إنّ المسلمين يلتقيان فأفضلهما أشدّهما حبّا لصاحبه.

و عن أبي عبد الجارود عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: المتحابّون في اللَّه يوم القيامة على أرض زبرجدة خضراء في ظلّ عرشه عن يمينه و كلتا يديه يمين، وجوههم أشدّ بياضا و أضوء من الشّمس الطالعة، يغبطهم بمنزلتهم كلّ ملك مقرّب و كلّ نبيّ مرسل يقول النّاس: من هؤلاء فيقال: هؤلاء المتحابّون في اللَّه.

و عن أبي حمزة الثمالي عن عليّ بن الحسين عليه السّلام قال: إذا جمع اللَّه الأوّلين و الآخرين فنادى مناد يسمع النّاس فيقول: أين المتحابّون في اللَّه قال: فيقوم عنق من النّاس فيقال لهم: اذهبوا إلى الجنّة بغير حساب، قال: فتلقّيهم الملائكة فيقولون: إلى أين فيقولون: إلى الجنّة بغير حساب، قال: فيقولون: فأىّ ضرب أنتم من النّاس فيقولون: نحن المتحابّون في اللَّه، قال: فيقولون: و أىّ شي ء كانت أعمالكم قالوا: كنا نحبّ في اللَّه و نبغض في اللَّه قال عليه السّلام: فيقولون: نعم أجر العاملين.

و عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إذا أردت أن تعلم أنّ فيك خيرا فانظر إلى قلبك، فان كان يحبّ أهل طاعة اللَّه و يبغض أهل معصيته ففيك خير و اللَّه يحبّك، و إذا كان يبغض أهل طاعة اللَّه و يحبّ أهل معصيته فليس فيك خير و اللَّه يبغضك و المرء مع من أحبّ، هذا.

و بهذه الأخبار يعلم أنّ المقصود بالحبّ و البعض في الأخبار المطلقة الآمرة بالأوّل و الناهية عن الثّاني هو حبّ المؤمن و بغضه، فيجب تقييد اطلاقها بذلك و إلّا فقد علمت أنّ بغض المنافق و الكافر و العاصي مطلوب كحبّ المؤمن و بغضه منهىّ عنه كحبّهم، فالمدار في الحبّ و البغض على ما كان للّه و في اللَّه.

ثمّ إنّه نبّه على مفاسد طول الأمل و نهى عنه بقوله (و اعلموا أنّ) طول (الأمل) في الدّنيا (يسهى العقل) و يغفله عمّا يجذبه إلى اللَّه (و ينسى الذكر) أى يوجب نسيان ذكر الموت و الآخرة و ما هو نافع فيها.

و ذلك لأنّ طويل الأمل لافتتانه بالدّنيا و لذّاتها و شهواتها و حبّه لها و تمنّيه طول البقاء فيها يكون أوقاته مستغرقة في ذكرها و حديثها، و همّته مصروفة إلى تهيّة مقتضيات هواه، و نظره مقصورا في تحصيل مآربه و مناه، فيوجب ذلك غفلة العقل و نسيان الذكر إذ من أحبّ شيئا كره الفكر فيما يضادّه و يعانده و مضادّة العقل للهوى و ذكر الآخرة لذكر الدّنيا واضح لاغبار عليها كما قد مضى مفصّلا في شرح الخطبة الثّانية و الأربعين.

(فاكذبوا الأمل) بكثرة ذكر الموت و دوام اخطاره بالبال في الأيام و اللّيال، و ملاحظة أهوال المعاد و شدايد يوم التّناد، فانّ ذلك يوجب ردّ الأمل و تكذيبه.

و إنّما سمّى ردّ الأمل تكذيبا له، لأنّ النفس حال تمنّيها للمأمول تحكم حكما و هميّا بنيله و إدراكه، فاذا رجعت إلى صرف العقل و جوّزت بحكمه إمكان نزول الأجل قبل بلوغ الأمل كان تجويزها ذلك مكذّبا لما جزم به الوهم من الأحكام ورادّا له عن ذلك.

و علّل تكذيبه بقوله (فانّه غرور و صاحبه مغرور) يعني أنّ الأمل موجب للغرور و الغفلة و لا أصل له و لا حقيقة إذ ربّ شي ء تأمله النّفس تنقطع دونه فهو في الحقيقة و نفس الأمر: كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَ وَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ وَ اللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ.

تذنيبان

الاول فى الكذب

و قد مرّ شطر من الكلام في قبحه عقلا و شرعا مع طائفة من الأخبار الواردة فيه في شرح الكلام الثالث و الثمانين، و أردنا هنا اشباع الكلام فيه و في تفصيل أقسامه و أحكامه.

فأقول: إنّ الكذب من قبايح الذّنوب و فواحش العيوب و يترتّب عليه من المفاسد الدّينية و الدّنيويّة ما لا يحصى، مثل كونه خرّابا للايمان، و جلّا بالسخط الرّحمن، و موجبا لاهراق الدّماء و انتهاب الأموال، و باعثا على تحليل الفرج الحرام و تحريم فرج الحلال.

إذ من دنائة الكذب أنّه يردّ شهادة صاحبه و إن كان صادقا، و من شرافة الصّدق أنّه يقبل شهادة المتّصف به و إن كان كاذبا، و منشأ الكذب دنائة الهمّة و قلّة المروّة و غلبة الحرص و الخسّة، و منشأ الصّدق ارتفاع الهمّة و غلبة المروّة و كمال الفتوّة و الكذب شعار خلق، و مورد رنق، و أدب سيّي ء، و خلق رديّ، و عادة خسيسة، و صفة خبيثة، و قلّ ما يجلب به الالفة، و قلّ من ألفه إلّا أتلفه، و الصّدق لباس بهيّ و جوهر درّي و صفة و صيفة، و حالة شريفة، جالبة للالفة، كاسبة للمودّة، خدمته القلوب بالمحبّة، لحظته العيون بالمهابة.

و كفى لقبحه شرعا لو لم يرد به خبر إلّا قول أمير المؤمنين في رواية الكافي عن أصبغ بن نباتة عنه عليه السّلام لا يجد عبد طعم الايمان حتى يترك الكذب هزله و جدله «جدّه ظ» و كيف بذلك و الأخبار الواردة فيه فوق حدّ الاستفاضة كما مضى سابقا.

و يزيد على ساير المعاصي بأنّ أصحاب الكباير ربّما يلحقهم الحياء و الخجل من سوء عملهم، و يرجعون عن عملهم القبيح و يتوبون عنه، و أمّا الكاذب فلا يستحيى من كذبه لكونه كثير الاستعمال و مأنوسا مرفوع القبح عن نظره، و من تعوّد نفسه بذلك قلّ أن يرتدع عنه.

و من هنا قيل رأيت شريب خمر نزع، و لصّا أقلع، و صاحب فواحش ارتدع و ما رأيت كاذبا رجع.

إذا عرفت ذلك فنقول: إنّ الكذب على قسمين: شرعىّ و غير شرعيّ، و أعنى بالشّرعي ما يجوز في الشّرع جوازا بالمعنى الأعم، و بالغير الشرعي خلافه و أعني به الحرام و

هو على قسمين جليّ و خفيّ

أما الجلى فهو على قسمين.

أحدهما الكذب في حقّ النّاس

أو في حقّ نفسه أو غيرهما، بأن يقول: وعدني فلان كذا مع أنّه لم يعده بشي ء أو يقول أعطيت فلانا كذا مع أنّه لم يعطه شيئا، أو أنّي عالم بكذا مع أنّه جاهل به، أو نحو ذلك.

و محصّله أن يخبر عن نفسه أو عن الغير كائنا ما كان بخبر مخالف للواقع، و أكثر الأخبار الواردة فيه محمول على هذا القسم و يزيد شناعته بأن يكذب ثمّ يروّج كذبه بالحلف باللّه، و هو الّذي بارز اللَّه بالمحاربة و يمينه هذه تذر الدّيار بلاقع من أهلها و تثقل الرّحم و توجب انقطاع النّسل و تدخل النّار و تبعث غضب الجبّار كما ورد في غير واحد من الأخبار، و قد عقد في الوسائل بابا عليها.

و ثانيهما الكذب على اللَّه و رسوله و الأئمّة

قال تعالى: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَ وَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ.

و من هذا القسم الأخبار الموضوع خطبه 86 نهج البلاغه بخش 3ة و الأحاديث المجعولة في زمن النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و بعده في زمن بني اميّة و بني العبّاس لعنهم اللَّه.

قال أمير المؤمنين عليه السّلام في رواية الكافي الطّويلة: و قد كذب على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله في عهده حتّى قام خطيبا فقال: أيّها النّاس قد كثرت علىّ الكذّابة فمن كذب علىّ متعمّدا فليتبوّء مقعده من نار، هذا.

و أوّل من فتح باب هذا الكذب بعد النبيّ هم المتخلّفون الثلاثة حيث إنّهم قالوا إنّ النبيّ مات و لم يوص في الخلافة بشي ء فاغتصبوا بذلك الخلافة و رووا حديثا مجعولا من النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم فنهبوا حقّ فاطمة سلام اللَّه عليها و غصبوا فدك و لحقهم التابعون و حذوا حذوهم.

و من عجيب ما روى أنّ علم الهدى (قده) وقع بينه و بين علماء العامّة مناظرة فانجرّ الكلام إلى الأخبار التي وضعوها في فضايل مشايخهم قال (ره): إنّ هذه الأخبار كلّها موضوع خطبه 86 نهج البلاغه بخش 3ة فقالوا من يقدر أن يكذب على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله فقال لهم: قد ورد في الرواية عنه أنه صلّى اللَّه عليه و آله قال في حياته: ستكثر علىّ الكذّابة بعد موتى فمن كذب علىّ متعمّدا فليتبوء مقعده من النّار، فهذا الحديث إمّا صدق أو كذب و على التّقديرين يثبت المطلوب.

و كيف كان فأكثر من ابتلاء بهذا القسم من الكذب العلماء السّوء، و يلحق به ما اعتاده الناس في محاوراتهم من أنّهم يكذبون ثمّ يقولون: اللَّه و رسوله أعلم.

روى في الوسائل من الكافي باسناده عن وهب بن عبد ربّه عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال: من قال: اللَّه يعلم فيما لا يعلم اهتزّ لذلك عرشه إعظاما له.

و عن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السّلام: إذا قال العبد: علم اللَّه و كان كاذبا قال اللَّه: و ما وجدت أحدا تكذب عليه غيري.

و هذا القسم من الكذب أعنى الكذب على اللَّه و رسوله و الأئمّة صلوات اللَّه و سلامه عليهم ممّا ورد في الأخبار أنّه ينقض الوضوء و الصّوم.

أمّا نقضه الصّوم فهو المشهور بين علمائنا الأخيار.

و أمّا نقضه الوضوء فليس بذلك، و حملها الشّيخ قدّس اللَّه روحه على نقضه الفضل و الكمال و الوجه الذي يستحقّ به الثواب، و بعض من قال بإبطاله الصّوم ربّما عمّمه بكونه في الدّنيا و الدّين سواء كان في الأحكام أو في الفتاوى، و سواء أسنده إلى اللَّه و إليهم عليه السّلام أم لا، و سواء كان الإخبار بالقول أم بالكتابة أم الاشارة و التفصيل في كتب الفقه.

و أما الكذب الخفى

فهو أن تخبر عن نفسك أو تخاطب ربّك بما لا حقيقة له و لا أصل أو تقول شيئا و أنت تعمل بخلافه مثل أن تقول: أستغفر اللَّه و أتوب إليه فانّك تظهر التّوبة و أنت غير راجع عن الخطيئة و لا قالع عن المعصية.

و لذلك روى عن ربيع بن خثيم أنّه قال: لا تقل أستغفر اللَّه و أتوب إليه، فانه كذب بل قل أستغفر اللَّه و أسأله التّوبة.

أو تقوم بين يدي ربّك في كلّ يوم و ليلة و تقرء فاتحة الكتاب في صلواتك و أقلّه عشر مرّات و تقول لربّك الحمد و الثّناء لك أيّها المربّي لنا الرّحمن الرّحيم بنا المالك لأمورنا في يوم وفودنا عليك فنحن نخصّك بالعبادة لا نعبد سواك، فإنّا لو رجعنا إلى أنفسنا و أنصفنا نعرف أنّنا كاذب في ذلك المقال و خاطئ في تلك الدّعوى، و كيف نكون صادقا مع ما نحن عليه من إطاعة الشّيطان و عبادته و انقياد أمره و نهيه و انفاذ حكمه و العمل بما يريده، و من إطاعة النّفس الأمّارة و القيام بما تهويه و تشتهيه مضافا إلى الرّيا و الشّرك الّذي نخفيه.

و نعم ما قال ابن عبّاس في تفسير قوله تعالى: لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ.

إنّه تعالى نهاك عن الاثنين و أنت اتّخذت الألوف فما أقلّ حياؤك و قال تعالى: أَ رَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَ فَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا.

فقد جعل سبحانه إرادة النّفس و امنيّاتها الباطلة إلها، و إذا كان هذه حالنا فكيف يصحّ منّا دعوى تخصيصه تعالى بالعبادة، و كيف نجترى ء على مواجهته بذلك الخطاب الكاذب مع علمه بما في الصّدور و الضّماير و إحاطته بالبواطن و السّراير، فكأنه ظننّا أنه سبحانه أعجز من جميع الالهة حتّى خصّصناه بالكذب.

و مثله قولنا: إيّاك نستعين، على طريق الحصر فانّا إذا رجعنا إلى وجداننا و لاحظنا حالنا عرفنا أنّا نستعين في أمورنا من كلّ من سواه سبحانه نعم إذا آيسنا من الخلق رجعنا إلى الخالق فكيف نخصّصه بالاستعانة و نطلب منه الاعانة و لو تأمّلنا في هذا الكذب الخفىّ وجدناه أضرّ بأحوالنا من الكذب الجليّ لمانعيّته من قبول الطّاعات و من التأهّل للقيام على بساط المناجاة، و إيراثه الحسرة و الندامة و ملامة النّفس اللوّامة يوم القيامة.

فوا حسرتاه على ما فرّطنا في جنب اللَّه، و و أطول كربتاه على ما استخففنا في عبادة اللَّه. أيّها النّفس الخاطئ و القلب الجاهل القاسي بأنّك لو واجهت أحدا من النّاس و قلت له: إنّى لا أتردّد إلّا إلى بيتك، و لا ثقة لي إلّا بك، و لا عون لي سواك، و لا رجاء لي غيرك، و لا صديق لي دونك، مع علمك بأنه يعلم أنّك تتردّد إلى كلّ أحد و تثق بكلّ أحد و تستعين من غيره أكثر من التردّد و الوثوق و الاستعانة منه، و لك أصدقاء كثيرون سواه، لاستحييت من عندك و كنت خجلا من هذا الكذب الذي واجهته به و تنفعل من ملاقاته و المراجعة إليه إلّا بعد زمان طويل و مدّة متطاولة و أنت هنا إذ كان أوّل النّهار قلت إيّاك نستعين، ثمّ إذا جاء الظّهر قلت مثل ذلك، و هكذا مع أنّك تعمل بين هذين القولين و فيهما و بعدهما بخلاف ما قلت و تستعين الخلق و تأملهم و ترجو منهم.

أفلا تعلم أنّ من توجّه بحاجته إلى الخلق أو جعله سبب نجحها فقد تعرّض للحرمان و استحقّ من عنده سبحانه الخسران و فوات الاحسان.

فان شئت أن تعرف ذلك بعين اليقين فانظر إلى موسى بن عمران فانّه توسّل بالفقر إلى الحقّ و قال: رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ.

فقيّض اللَّه له شعيبا عليه السّلام حتّى دعاه و آواه و زوّجه بنته و أعطاه العصا و اليد البيضاء و بلغ أمره إلى ما بلغ.

و انظر إلى يوسف بن يعقوب كيف خاب حيث استعان من المخلوق.

وَ قالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ.

روى في الكافي عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام أنه قرء في بعض الكتب انّ اللَّه تعالى يقول: و عزّتي و جلالي و مجدي و ارتفاعي على عرشي لاقطعنّ أمل كلّ مؤمّل من الناس أمل غيري باليأس، و لأكسونّه ثوب المذلّة عند النّاس، و لا نحينّه من قربى، و لابعدّنه من و صلي أيؤمّل غيري في الشّدايد و الشّدايد بيدي، و يرجو غيري و يقرع بالكفر باب غيري و بيدي مفاتيح الأبواب و هي مغلقة و بابي مفتوح لمن دعاني، فمن ذا الّذي أمّلني لنوائبه فقطعته دونها، و من ذا الّذي رجاني لعظيمة فقطعت رجائه منّي، جعلت آمال عبادي عندي محفوظة فلم يرضوا بحفظي، و ملأت سماواتي ممّن لا يملّ من تسبيحي، و أمرتهم أن لا يغلقوا الأبواب بيني و بين عبادي، فلم يثقوا بقولي ألم يعلم من طرقته نائبة من نوائبي أنّه لا يملك كشفها أحد غيري إلّا من بعد إذني، فمالي أراه لاهيا عنّي أعطيته بجودي ما لا يسألني ثمّ انتزعته عنه فلم يسألني ردّه و سأل غيري، أ فيراني أبدأ بالعطاء قبل المسألة ثمّ اسأل فلا أجيب سائلي أ بخيل أنا فيبخلني عبدي، أو ليس الجود و الكرم لي أو ليس العفو و الرحمة بيدى أو ليس أنا محلّ الآمال فمن يقطعها دوني أفلا يخشى المؤمّلون أن يؤمّلوا غيري فلو أنّ أهل سماواتي و أهل أرضي أمّلوا جميعا ثمّ اعطيت كلّ واحد منهم مثل ما أمّل الجميع ما انتقص من ملكي مثقال ذرّة، و كيف ينقص ملك أنا قيّمه فيا بؤسا للقانطين من رحمتي، و يا بؤسا لمن عصاني و لم يراقبني هذا.

و بقي الكلام في الكذب الشرعي و أعنى ما هو سايغ في الشرع المطّهر و تحقيقه يحتاج إلى تمهيد مقدّمة و هي: إنا قد حقّقنا في الأصول أنّ الأحكام الشّرعية تابعة للمصالح و المفاسد الواقعيّة و بيّنا هناك أنّ حكم الشّارع المقدّس بوجوب شي ء أو حرمته من جهة أنه أدرك فيه حسنا ملزما واقعيا فحكم بوجوبه، أو قبحا ملزما واقعيّا فحكم بحرمته، خلافا للأشاعرة القائلين بأنّ الحسن و القبح إنّما هو تابع للأمر و النّهى و بأنّ الصّلاة مثلا إنّما هي حسنة لتعلّق الأمر بها و الكذب قبيح لتعلّق النّهى عليه، و أنّه لو نهى الشارع عن الأولى و أمر بالثّاني لكان الأولى قبيحة و الثّاني حسنا، و قد حقّقنا بطلان هذا المذهب و فساد هذا القول في الأصول بما لا مزيد عليه.

إذا عرفت ذلك فنقول: إنّ حرمة الكذب إنّما هي من أجل ما فيه من المفسدة الواقعيّة، كالضّرر على المخاطب أو غيره أو نحو ذلك ممّا قدّمنا، و أقلّ درجات تلك المفسدة هو إلقاء المخاطب في بيداء الجهالة و اعتقاده للشي ء على خلاف ما هو عليه، فتلك المفسدة فيه صارت مقتضية لحرمته.

فلو فرضنا أنّ هذه المفسدة الواقعيّة كانت متعارضة بجهة حسن و مصلحة في الظاهر متداركة بها تلك المفسدة كالكذب المتضمّن لانجاء نفس محترمة من القتل مثلا ارتفعت الحرمة قطعا، لانتفاء سببها.

و مثله المصلحة الواقعيّة الّتي في الصّدق، فانها اقتضت وجوبها، فلو فرضنا معارضتها لمفسدة ظاهريّة راجحة عليها كالصدق المتضمّن لقتل نبيّ مثلا تبدّل حكم الوجوب فيه بالحرمة فيكون الصدق حينئذ حراما.

ثم أقول: إنّ جهات المفسدة الواقعية في الكذب لو كانت مساوية لجهات المصلحة الظاهرية فيه كان الكذب حينئذ مباحا، لتساوي مقتضيات الحسن و القبح، و ذلك كالكذب في الوعد للأهل و الأولاد على ما سيأتي في الأخبار، و لو كانت جهة المفسدة راجحة فهو حينئذ باق على حرمته.

و لو كانت جهة المصلحة راجحة فامّا أن تكون ملزمة له فيكون حينئذ واجبا كالكذب و الخديعة في الحرب توصّلا إلى قتل الكافر الواجب و إمّا أن لا تكون ملزمة فيكون حينئذ مستحبّا كالكذب لاصلاح ذات البين.

و إذا ظهر لك ذلك فاعلم أنّه قد رخّص لنا أهل البيت الأطهار سلام اللَّه و صلواته عليهم ما تعاقب اللّيل و النّهار في بعض أقسام الكذب في أخبارهم المأثورة و لا بأس بالاشارة إليها.

فأقول: روى ثقة الاسلام الكلينيّ في الكافي عن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد ابن عيسى عن أبي يحيى الواسطي عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال: الكلام ثلاثة: صدق و كذب و إصلاح بين الناس، قال: قيل له: جعلت فداك ما الاصلاح بين النّاس قال: تسمع من الرّجل كلاما يبلغه فيخبث نفسه فتلقاه فتقول قد سمعت منّ فلان قال فيك من الخير كذا و كذا خلاف ما سمعت منه.

و عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن صفوان عن أبي مخلد السّراج عن عيسى بن حسان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: كلّ كذب مسئول عنه صاحبه يوما إلّا كذبا في ثلاثة: رجل كايد في حربه فهو موضوع خطبه 86 نهج البلاغه بخش 3 عنه، و رجل أصلح بين اثنين يلقي هذا بغير ما يلقي به هذا يريد بذلك الاصلاح بينهما، و رجل وعد أهله شيئا و هو لا يريد أن يتمّ لهم.

بل المستفاد من الأخبار الأخر جواز الحلف باليمين الكاذبة لدفع ظلم الظّالم عن نفسه أو ماله أو نفس أخيه المؤمن أو ماله.

مثل ما رواه في الوسائل عن الصدوق باسناده عن ابن بكير عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: نمرّ بالمال على العشّار فيطلبون منّا أن نحلف لهم فيخلّون سبيلنا و لا يرضون منّا إلّا بذلك، قال عليه السّلام فاحلف لهم فهو أحلى «أحلّ خ» من التمر و الزّبد، قال: و قال أبو عبد اللَّه عليه السّلام: التّقية في كلّ ضرورة و صاحبها أعلم بها حين تنزل.

و عنه باسناده عن الحلبيّ أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام: عن الرّجل يحلف لصاحب العشور يحرز بذلك ماله، قال: نعم.

قال: و قال الصّادق عليه السّلام: اليمين على وجهين إلى أن قال: فأمّا الذي يوجر عليها الرّجل إذا حلف كاذبا و لم تلزمه الكافرة فهو أن يحلف الرّجل في خلاص امرء مسلم أو خلاص ماله من متعدّ يتعدّى عليه من لصٌ أو غيره.

و فيه عن الشّيخ باسناده عن السّكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: احلف باللّه كاذبا و نجّ أخاك من القتل.

إلى غيره مما رواه فيه و عقد عليه بابا، و اللّه الهادي و هو العاصم من هفوات الجنان و سقطات اللّسان.

الثاني فى الحسد

و هو من أعضل الدّاء و أكبر المعاصي و أفسدها للقلب و جرح لا يبرء، و الكلام فيه في مقامات:

المقام الاول فى حده

و قد عرّف بأنه انبعاث القوّة الشهوية إلى تمنّي مال الغير و حاله التي هو عليها و زوالها عن ذلك الغير، و هو مستلزم لحركة القوّة الغضبيّة و عرّفه الغزالي في احياء العلوم بأنّه كراهة النّعمة و حبّ زوالها من المنعم عليه، و يقابله الغبطة و هو أن لا تحبّ زوال النعمة و لا تكره وجودها و دوامها و لكن تشتهى لنفسك مثلها، و الثاني أعمّ من الأول لشموله ما لو أحبّ زوال النّعمة عن المنعم عليه و إن كان لا يتمنّاها لنفسه، و هو ناش عن غاية خبث الطّينة و سوء السّريرة و أشدّ مما لو أحبّ زوالها عنه و انتقالها إليه فالحدّ الثّاني أولى

الثاني في الآيات و الأخبار الواردة فيه

فأقول قال سبحانه: وَ مِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ.

فقد أمر نبيّه صلّى اللّه عليه و آله بالاستعاذة من شرّ الحاسد بعد أن أمره بالاستعاذة من شرّ السّاحر فأنزله منزلته، و قال في معرض التوبيخ: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ و قال: إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَ إِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها».

فانّ مسائتهم من إصابة الحسنة و فرحهم باصابة السّيّئة دليل على حسدهم و قال: وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ.

و في الكافي عن داود الرّقي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: اتّقوا اللّه و لا يحسد بعضكم بعضا إنّ عيسى بن مريم عليه السّلام كان من شرايعه السيح في البلاد فخرج في بعض سيحه و معه رجل من أصحابه قصير و كان كثير اللّزوم لعيسى عليه السّلام فلما انتهى عيسى إلى البحر قال: بسم اللّه، بصحّة يقين منه فمشى على ظهر الماء، فقال الرّجل القصير حين نظر إلى عيسى عليه السّلام جازه: بسم اللّه بصحّة يقين منه فمشى على الماء و لحق بعيسى عليه السّلام فدخل العجب بنفسه فقال: هذا عيسى عليه السّلام روح اللّه يمشي على الماء و أنا أمشى على الماء فما فضله علىّ قال: فرمس فى الماء فاستغاث بعيسى عليه السّلام فتناوله من الماء فأخرجه ثمّ قال عليه السّلام له: ما قلت يا قصير.

قال: قلت: هذا روح اللّه يمشى على الماء و أنا أمشى على الماء فدخلنى من ذلك عجب فقال له عيسى عليه السّلام: لقد وضعت نفسك في غير الموضع الذي وضعك اللّه فيه فمقتك اللّه على ما قلت فتب إلى اللّه عزّ و جلّ ممّا قلت قال عليه السّلام: فتاب الرّجل و عاد إلى مرتبته الّتي وضعه اللّه فيها فاتّقوا اللّه و لا يحسدنّ بعضكم بعضا.

و عن معاوية بن وهب قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام آفة الدّين الحسد و العجب و الفخر.

و عن داود الرقّي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلّم: قال اللّه تعالى لموسى بن عمران: لا تحسدنّ النّاس على ما آتيتهم من فضلي و لا تمدّنّ عينيك إلى ذلك و لا تتبعه نفسك فانّ الحاسد ساخط لنعمي صاد لقسمي الّذي قسمت بين عبادي و من كان كذلك فلست منه و ليس منّي.

و عن فضيل بن عياض عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ المؤمن يغبط و لا يحسد و المنافق يحسد و لا يغبط.

و عن محمّد بن مسلم قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ الرّجل ليأتي بأدنى بادرة فيكفر و إنّ الحسد ليأكل الايمان كما تأكل النّار الحطب.

و في الوسايل من المجالس مسندا عن أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه الصّادق عليه السّلام أصول الكفر ثلاثة: الحرص، و الاستكبار، و الحسد.

و في الأنوار النّعمانيّة للسيّد المحدّث الجزايري قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ستّة يدخلون النّار قبل الحساب بستّة: الأمراء بالجور، و العرب بالعصبيّة و الدّهاقين بالكبر، و التجار بالخيانة، و أهل الرّستاق بالجهالة، و العلماء بالحسد قال و في حديث آخر إنّ الحسد عشرة أجزاء منها تسعة بين العلماء و واحد في النّاس و لهم من ذلك الجزء الحظّ الأوفر، و روى ما رواه أولا الغزالي في احياء العلوم عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله مثله إلى غير هذه ممّا وردت فيه.

و قد استفيد منها و من الآيات السّابقة حرمته و كونه من أعظم الموبقات مضافا إلى اجماع علماء الاسلام عليه.

فان قلت: فكيف التّوفيق بين هذه الأدلّة و بين حديث رفع التسعة المعروف بين الفريقين، و المرويّ في الوسايل عن الصّدوق في التّوحيد و الخصال بسند صحيح عن حريز بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: رفع عن أمتي تسعة أشياء: الخطاء، و النسيان، و ما اكرهوا عليه، و ما لا يعلمون، و ما لا يطيقون و ما اضطرّو إليه، و الحسد، و الطيرة، و التّفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطقوا بشفة، فانّ المراد برفع تلك الأمور إمّا رفع جميع آثارها التي منها المؤاخذة عليها، أو رفع خصوص المؤاخذة، و على التقديرين فيدلّ على رفع المؤاخذة على الحسد و عدم كونه معصية فينا في الأدلّة السابقة.

قلت: قد جمع بينهما شيخنا العلّامة المرتضى الأنصاري (قد) في الرّسائل بحمله على ما لم يظهر الحاسد أثر حسده بلسان أو غيره بجعل عدم النطق باللّسان قيدا له.

قال (ره): و يؤيّده تأخير الحسد عن الكلّ في مرفوعة الهندي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام المرويّة في أواخر أبواب الكفر و الايمان من أصول الكافي قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: وضع عن أمّتي تسعة أشياء: الخطاء، و النسيان، و ما لا يعلمون و ما لا يطيقون، و ما اضطرّوا إليه، و ما استكرهوا عليه، و الطيرة، و الوسوسة في التفكّر في الخلق، و الحسد ما لم يظهر بلسان أويد الحديث.

قال (ره): و لعلّ الاقتصار في النبويّ الأوّل على قوله ما لم ينطق لكونه أدنى مراتب الاظهار.

قال: و روى ثلاثة لا يسلم منها أحد: الطيرة، و الحسد، و الظّن، قيل: فما نصنع قال: إذا تطيّرت فامض، و إذا حسدت فلا تبغ، و إذا ظننت فلا تحقّق، و البغى عبارة عن استعمال الحسد.

قال: و لأجل ذلك عدّ في الدّروس من الكبائر في باب الشّهادات إظهار الحسد لا نفسه، و في الشرائع إنّ الحسد معصية و كذا بغض المؤمن و التظاهر بذلك قادح في العدالة، ثمّ قال: و الانصاف أنّ في كثير من أخبار الحسد إشارة إلى ذلك انتهى كلامه رفع مقامه.

أقول: أمّا استشهاده بكلام صاحب الشّريع ففيه ما لا يخفى لصراحتها في كون نفس الحسد معصية، و كون التظاهر به قادحا في العدالة إنّما هو لأجل كونه طريقا إليه لا من حيث موضوع خطبه 86 نهج البلاغه بخش 3يّته فيه، و لعلّ ذلك أيضا مراد الشّهيد في الدّروس فانظر ما ذا ترى.

و أمّا ما قاله من أنّ في كثير من أخبار الحسد إشارة إلى ذلك فهو صحيح و من جملة تلك الأخبار، ما رواه في الوسائل من مجالس الشّيخ حسن ابن شيخنا الطوسي (ره) معنعنا عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عن أبيه عن جدّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ذات يوم لأصحابه: ألا إنّه قد دبّ اليكم داء الامم من قبلكم و هو الحسد ليس بحالق الشعر لكنه حالق الدّين و ينجى فيه أن يكفّ الانسان يده و يخزن لسانه و لا يكون ذا غمر على أخيه المؤمن.

قال صاحب الوسائل بعد روايته: و تقدّم ما يدلّ على العفو عن الحسد الّذي لا يظهر أثره.

و فيه من الكافي باسناده عن حمزة بن حمران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ثلاثة لم ينج منها نبيّ فمن دونه: التّفكّر في الوسوسة في الخلق، و الطيرة، و الحسد إلّا أنّ المؤمن لا يستعمل حسده هذا.

و قال شيخنا السيّد قدّس اللّه روحه في مجلس الدّرس: الأقرب حمل رفع المؤاخذة على الحسد في حديث رفع التّسعة على ما كان من قبيل الخطرات القلبيّة الزائلة بسرعة و حمل ما دلّ على حرمته و كونه من الكباير على ما عداه ممّا اشتدّ و تأكّد.

الثالث فى اسباب الحسد

و هي كثيرة و حصرها الغزالي في إحياء العلوم في سبعة: العداوة، و التعزّز و التكبّر، و التعجّب، و الخوف من فوت المقاصد المحبوبة، و حبّ الرياسة، و خبث النّفس.

أمّا العداوة و هى أشدّ الأسباب و معناها أن تكره النّعمة على غيرك لكونه عدوّا لك و كونك مبغضا له فانّ البغض إذا رسخ في النّفس يقتضي التشفّي و الانتقام و ربما يعجز المبغض عن أن يتشفى بنفسه فيتمنّى زوال النعمة من المبغوض و يكون زوالها منه موجبا لفرحه كما أنّه يفرح إذا ابتلى ببليّة أو أصابته مصيبة و يكون ذلك تشفّيا لخاطره، و قد وصف اللّه سبحانه الكفار بهذه الصّفة في قوله: وَدُّوا ما عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَ ما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ و قوله: إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَ إِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها.

و هذا القسم من الحسد ربما يفضى إلى القتال و الجدال و استغراق العمر في إزالة النعمة بالحيل و السّعاية و طلب أسباب زوالها على كلّ حال.

و أمّا التعزّز فهو أن يثقل عليه ترفّع غيره عليه فاذا أصاب بعض نظرائه و أمثاله ولاية أو علما أو مالا خاف من تكبّره عليه و هو يشقّ عليه ذلك و لا يسمح نفسه تحمّل ذلك فلا يرضى بكونه منعما عليه بتلك النّعمة حذرا من ذلك، و محصّله الخوف من تفاخر الغير عليه لا حبّ تفاخره على الغير و ربما يرضى بمساواته له.

و أمّا التّكبّر فهو أن يكون في طبعه أن يتكبّر على الغير و يترفّع عليه و يكون الغير منقادا له مطيعا لأمره و نهيه صاغرا عنده، فاذا نال نعمة خاف من عدم إطاعته و انقياده له و عدم إمكان ترفّعه عليه كما كان أو ترقّيه إلى مقام يترفّع هو عليه فيكون مطيعا بعد ما كان مطاعا، و متكبّرا عليه بعد ما كان متكبّرا، و من هذا الباب كان حسد كفّار قريش في حقّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذا قالوا كيف يتقدّم علينا غلام يتيم و يكون رسولا علينا و نكون مطيعا له كما حكى اللَّه عنهم بقوله: وَ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ و أرادوا بذلك نزوله على الوليد بن المغيرة لعنه اللّه أو أبي مسعود عروة بن مسعود الثقفي أو غيرهما لأجل كون هؤلاء من رؤساء القبايل و ذوي الأموال الجسيمة و عظيم المنزلة عندهم لا يثقل عليهم التّواضع و الطاعة لهم كما كان يثقل عليهم طاعته صلّى اللّه عليه و آله.

و أمّا التّعجب فهو أن تكون النّعمة عظيمة و المنصب جليلا فيتعجّب من فوز مثله بمثل تلك النعمة كما حكى اللّه سبحانه عن الامم السّابقة بقوله.

إِذْ قالُوا ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وَ قالُوا أَ نُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا وَ لَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ.

فتعجّبوا من أن يفوز برتبة الرسالة و الوحى و الزلفى من اللّه بشر مثلهم فحسدوا و أحبّوا زوال النبوّة عنهم إشفاقا من أن يفضل عليهم من هو مثلهم في البشريّة و لم يكن مقصودهم إظهار كبر و لا طلب رياسة و لابينهم سابقة عداوة أو نحو ذلك من ساير أسباب الحسد.

و أمّا الخوف من فوت المقاصد العظيمة فهو يختصّ بمتزاحمين على مقصود واحد، فانّ كلّ واحد منهما يحسد صاحبه و يريد انفراده بذلك المقصود، و من هذا الباب تحاسد الضرّات في مقاصد الزّوجية و تحاسد الاخوة من أجل تزاحمهم على نيل المنزلة في قلب الأبوين للتوصّل إلى مقاصد الكرامة و الشرافة أو المال و العزّة كما وقع من اخوة يوسف عليه السّلام في حقّه و من قابيل في حقّ هابيل، و منه أيضا تحاسد الواعظين و الرّاثين و نحوهما.

و أمّا حبّ الرّياسة فمنشأه حبّ الاختصاص بنعمة لا يشاركه فيها غيره، و حبّ ثناء النّاس له و فرحه بتفرّده بها، فاذا رأى مشاركا له فيها سائه ذلك، و هو غالب في العلماء السّوء فانّهم يحبّون أن يكونوا مرجعا للنّاس و ملجئا، و يكون تردّدهم إليهم و لا يرضون بمشاركة الغير لهم.

و من هذا الباب كان حسد علماء اليهود لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فانّهم كانوا ينكرون معرفته و لا يؤمنون به خيفة من أن تبطل رياستهم و استتباعهم مهما نسخ علمهم.

و منه أيضا كان حسد الخلفاء الثلاثة لأمير المؤمنين عليه السّلام مضافا إلى العداوة و البغضاء التي كانت فيهم و غير ذلك من الأسباب السابقة، إذ لا امتناع في اجتماع الأسباب المتعدّدة.

و الفرق بين هذا القسم و سابقه اشتراط التّزاحم على المقصود في السّابق دون ذلك، إذ ربّما ترى عالما أو صانعا يختصّ بفنّ مخصوص من العلم أو الصّناعة يمدحه النّاس بأنه فريد دهره و وحيد عصره في ذلك الفنّ أو الصّناعة، فانّه لو سمع في أقصى البلاد بنظير له فيه لساءه ذلك و أحبّ موته أو زوال النّعمة عنه.

و أمّا خبث النّفس فالحسد بذلك خارج عن جميع الأقسام السّابقة، فانّك ترى من النّاس من ليس غرضه في رياسة و لا تعزّز و لا تكبّر إذا وصف عنده حال عبد من عباد اللّه فيما أنعم اللّه به عليه يشقّ عليه ذلك و إذا وصف له اضطراب أمور النّاس و إدبارهم يفرح بذلك، فهو دائما يحبّ الادبار لغيره و يبخل بنعم اللّه على عباده كانّهم يأخذونها من ملكه و خزانته، و ليس لذلك سبب ظاهر إلّا خبث النّفس و شقائها و رذالة الطبع و دنائته و معالجته شديدة إذ الحسد الثابت بساير الأسباب أسبابه عارضة يتصوّر زوالها و يرجى إزالته، و هذا ناش من خبث الطّينة و سوء السريرة فيعسر زواله و إلى ذلك ينظر ما قيل.

  • كلّ العداوة قد ترجى إماطتها إلّا عداوة من عاداك من حسد

و هذه هي أسباب الحسد و قد يجتمع بعضها أو أكثرها أو جميعها في شخص فيشتدّ حسده و يتضاعف، و أكثر المحاسدات تجتمع فيها جملة من هذه الأسباب و قلّما يتجرّد سبب واحد منها، نعوذ باللّه من شرور النفس و شحّ الأنفس.

الرابع

في بيان سبب كثرة الحسد بين العلماء على ما أخبر به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من أنّه عشرة أجزاء منها تسعة بين العلماء و واحد في النّاس و لهم من ذلك الجزء الحظّ الأوفر.

فأقول: العلماء إمّا علماء الدّنيا أو علماء الآخرة، و المراد بالأوّل من كان غرضه من العلم هو الدّنيا و تحصيل رياستها و حبّ شهواتها و قنياتها و طلب الوقع في قلوب النّاس و ابتغاء إقبالهم إليه، و بالثّاني هم العارفون باللّه و الراغبون في الآخرة و الزّاهدون في الدّنيا المعرضون عنها.

و الحسد إنّما هو بين الطائفة الاولى، و سببه تزاحمهم على غرض واحد إذ كلّ منهم يريد الفضل لنفسه دون صاحبه، و يتمنّى الاشتهار و المرجعيّة و الرّياسة و صداء النّعلين و نحو ذلك، و يريد ذلك بعينه غيره من أبناء جنسه فيتزاحمان على غرض واحد.

و من أجل التّزاحم أيضا ينشأ الحسد بين أفراد جنس واحد و أبناء نوع واحد كالتّاجر للتّاجر، و الواعظ للواعظ، و البزّاز للبزّاز و هكذا، فانّ الغالب أنّ البزّاز يحسد للبزّاز دون العطار و دون الواعظ، و العالم يحسد العالم دون الصّانع و لما ذكرناه ترى الحسد بين علماء بلدة واحدة أكثر مما بين علماء بلدتين و ما بين البلدتين القريبتين أكثر ممّا بين البلدتين النائيتين لزيادة التزاحم في الأولى على الثّانية، و منشأ ذلك كلّه هو حبّ الدّنيا، فانّ الدّنيا هي الّتي تضيق على المتزاحمين.

و أمّا علماء الآخرة العارفون باللّه و المبتهجون بمعرفته سبحانه فلا يكون بينهم تحاسد، لأنّ غرضهم هو الآخرة و مقصدهم هو المعرفة و لا ضيق في شي ء منهما كالدّنيا ألا ترى أنّ من أحبّ معرفته سبحانه و معرفة صفاته و أفعاله من عجائب ملكوت سمائه و أرضه لا يعادي و لا يبغض غيره ممّن كان يحبّ معرفة ذلك أيضا و ذلك لسعة بحر المعرفة و عدم الضّيق فيه، بل المعلوم الواحد يعلمه ألف ألف عالم و يفرح بمعرفته و يلتذّ به و لا ينتقص لذّة أحدهم بسبب غيره، بل يحصل بكثرة العارفين ثمرة الافادة و الاستفادة و الانس و الصّحبة، و غرضهم إنّما هو تحصيل المنزلة عند اللّه و الزّلفى لديه و ما عند اللّه أعظم من أن يضيق على الطّالبين و لا يسع الرّاغبين، إذ البحر لا ينفد بالقطر، و الشّمس لا ينقص بالذّر، و ليس كمال الدّنيا إذا وقع في يد أحد خلت عنه يد الآخر أو كجاهها إذا اتّصف به شخص حرم عنه غيره، إذا لجأه عبارة عن ملك القلوب و مهما امتلاء قلب شخص بتعظيم عالم انصرف عن تعظيم الآخر أو نقص عنه لا محالة فيكون سببا للمحاسدة.

و بالجملة فنعمة العارف و جنّته معرفته الّتي هي صفة ذاته، و هو دائما يجنى ثمارها و يغتذي بفواكهها، و هي فاكهة غير مقطوعة و لا ممنوعة بل قطوفها دانية و إن غمض العين الظاهرة فروحه ترتع كلّ الأوقات في جنّة عالية و رياض زاهرة و كثرتهم لا يوجب تحاسدهم بل كانوا كما قال ربّ العالمين: وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ و هذا حالهم و هم في الدّنيا فما ظنّك بهم إذا انكشف عنهم الغطاء و شاهدوا المحبوب في العقبى فأهل العرفان و اليقين برآء من الحسد في الدّنيا و الآخرة جميعا، بل الحسد من صفات المبعدين عن سعة علّيين إلى ضيق سجّين، و لذلك و سم به الشّيطان اللّعين، حيث أظهر الحسد و البغضاء لما رأى اختصاص آدم بالخلافة و الاحتباء و لمّا دعى إلى السجود استكبر و أبى، و تمرّد و عصى، فاستحقّ الجحيم و قيل له: قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ.

و إذا عرفت أنّ منشأ الحسد هو التّوارد على مقصود يضيق عن الوفاء لمن ابتغى فعليك بمقصد لا تزاحم فيه أصلا و لذّة لانفاد لها و نعمة لا زحمة فيها و لا يوجد ذلك في الدّنيا إلّا في معرفة الحقّ تعالى و معرفة صفاته العلياء و إن لم تكن تشتاق. إلى ذلك و لا تجد لذّة لذلك فأنت في ذلك معذور لأنّك في يد هواك مغمور مقهور و الصّبي لا يعرف لذّة الملك و السّلطنة، و إنّما لذّته في اللّهو و اللّعبة، فانّ هذه لذّة يختص بإدراكها الرّجال دون الصّبيان و الأطفال، و المعرفة مختصّة بأهل الكمال و هم الّذين لا غرض لهم إلّا اللَّه و هم رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ.

و لا يشتاق إلى هذه اللّذة غيرهم، لأنّ الشّوق بعد الذّوق، و من لم يذق لم يعرف و من لم يعرف لم يشتق، و من لم يشتق لم يطلب، و من لم يطلب لم يدرك، و من لم يدرك بقى مع المحرومين في أسفل السّافلين.

وَ مَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ.

الخامس

في معالجة الحسد الّذي هو من موبقات الذّنوب و من الأمراض العظيمة للقلوب، و الدّواء النّافع له هو أن تعرف أنّه مضرّ عليك في الدّنيا و الدّين و غير مضرّ بالمحسود في الدّنيا و الدّين، بل نافع له فيهما، و مهما عرفت هذا عن بصيرة و كنت صديقا لنفسك شفيقا لها و لم تكن عدوّا و مبغضا لها فارقت الحسد لا محالة.

أمّا كونه مضرّا عليك في الدّين فلما مرّ في الأخبار السّابقة من كونه سببا لسخط الجبّار و آكلا للايمان أكل الحطب للنّار، بل الحاسد في الحقيقة ساخط لقضاء اللَّه و غضبان على قدر اللَّه كاره للنّعم الّتي قسّمت بين عباد اللَّه، و حسده في الحقيقة اعتراض على الخالق فيما منحه على الخلايق و ايراد على الحكمة و جناية على حدقة التّوحيد، و فيه متابعة الشّيطان اللّعين و أوليائه من الكفّار و المنافقين حيث إنّه حسد و قال: أ أسْجُدُ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ طينٍ فَ أَبى وَ اسْتَكْبَرَ وَ كانَ مِنَ الْكافِرِينَ

و كذلك أولياؤه لم يزالوا حاسدين معاندين للمؤمنين، مبغضين لهم و بعداوتهم معلنين متألّمين بفرحهم و بتألّمهم مسرورين، فمن كان حاسدا فهو للشّيطان و أوليائه قرين، و هو معهم في أسفل السّافلين.

و أمّا كونه مضرّا عليك في الدّنيا فلأنّك تتألّم بحسدك فيها و تتعذّب به دائما و لا تزال في همّ و غمّ، إذ نعم اللَّه سبحانه في الدّنيا في حقّ البرّ و الفاجر و المؤمن و الكافر غير معدودة، و فيوضاته غير متناهية و أنت كلّما رأيت تنعّم المحسود بنعمة تألّمت و تأثّرت، فلا يحصل لك خلاص من الحزن و الألم لعدم انقطاع الآلاء و النّعم، و لا يكون لك فراغ من الكفر و يطول عليك الهجود و السّهر فليطرق عليك النّصب و الآلام، و يتراكم عليك الأوصاب و الأسقام، لسراية المرض من القلب إلى البدن و من الخلد إلى الجسد.

و لذلك قال أمير المؤمنين عليه السّلام: صحّة الجسد من قلّة الحسد، و قيل الحسد يضرّ بنفس الحاسد قبل إضراره بالمحسود.

و قد روي أنّ رجلا كان يغشي بعض الملوك فيقوم بحذاء الملك فيقول: أحسن إلى المحسن باحسانه فانّ المسي ء سيكفيكه إسائته، فحسده رجل على ذلك المقام و الكلام فسعى به إلى الملك فقال: إنّ هذا الذي يقوم بحذائك و يقول ما يقول يزعم أنّ الملك أبخر، فقال الملك و كيف يصحّ ذلك عندي قال: تدعوه إليك فانّه إذا دنا منك وضع يده على أنفه لئلّا يشمّ ريح البخر فقال له: انصرف حتّى أنظر.

فخرج من عند الملك فدعى الرّجل إلى منزله فأطعمه طعاما فيه ثوم، فخرج الرّجل من عنده فقام بحذاء الملك على عادته فقال: أحسن إلى المحسن باحسانه فانّ المسي ء سيكفيكه إسائته، فقال له الملك: ادن منّي، فدنا منه فوضع يده على فيه حذرا من أن يشمّ الملك منه رايحة الثّوم فقال الملك: ما أرى فلانا إلّا قد صدق و كان الملك لا يكتب بخطّه إلّا بجايزة أوصلة، فكتب له كتابا بخطّه إلى عامل من عمّاله: إذا أتاك حامل كتابي هذا فاذبحه و اسلخه و حشّ جلده تبنا و ابعث به إلىّ، فأخذ الكتاب و خرج، فلقاه الرّجل الذي سعى به فقال: ما هذا الكتاب قال: خطّ الملك لي بجايزة، فقال: هبه لي فوهبه له، فأخذه و مضى إلى العامل فقال العامل في كتابك أن أذبحك و أسلخك، قال: إنّ الكتاب ليس هو لي فاللّه اللَّه في أمرى حتّى تراجع الملك، فقال: ليس لكتاب الملك مراجعة، فذبحه و سلخه و حشي جلده تبنا و بعث به.

ثمّ عاد الرّجل كعادته إلى الملك و قال مثل قوله، فتعجّب الملك و قال: ما فعلت الكتاب فقال لقاني فلان فاستوهبه منّي فوهبته له، قال الملك: إنّه ذكر لي أنّك تزعم أنّي أبخر، قال: ما قلت ذلك، قال: فلم وضعت يدك على فيك قال: لأنّه أطعمني طعاما فيه ثوم فكرهت أن تشمّه، قال: صدقت ارجع إلى مكانك فقد كفاك المسي ء إسائته.

و أمّا عدم كونه مضرّا بالمحسود في الدّنيا و الدّين فواضح.

أمّا الدّنيا فلأنّ النعمة لا تزول عنه بحسدك، بل ما قدّره اللَّه في حقّه من النعمة و الاقبال و من طيب العيش و حسن الحال لا بدّ أن يدوم إلى أجل معلوم، لارادّ لحكمه و لا دافع لقضائه، إذ كلّ شي ء عنده بمقدار، و لكلّ أجل كتاب و مهما لم تزل النعمة بالحسد لم يكن على المحسود ضرر.

و لعلّك تقول: ليت النعمة كانت تزول عن المحسود بحسدي فهذا غاية الجهالة و السفاهة لأنّه بلاء تشتهيه أوّلا لنفسك، فانّك أيضا لا تخلو من حاسد يحسدك فلو كانت النعمة تزول بالحسد للزم أن تنقطع عنك النعم و عن كلّ أحد بل يزول الايمان عن المؤمنين لأنّ الكفّار حاسدون لهم في ذلك محبّون ارتفاعه عنهم كما قال سبحانه: وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ.

و ان اشتهيت أن تزول النعمة عن محسودك بحسدك و لا تزول عنك بحسد حاسدك، فهذا غاية الغباوة و الحماقة، لأنّ كلّ واحد من الحسّاد يشتهى الاختصاص بهذا الخاصيّة فأىّ ترجيح لك على غيرك فان قلت: سلّمنا هذا كلّه و لكن ما تقول فيما رواه في الكافي عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن النّوفلي عن السّكوني عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: كاد الفقر أن يكون كفرا و كاد الحسد أن يغلب القدر، فانّ المستفاد من هذه الرّواية أنّ الحسد له تأثير في زوال النعمة.

قلت: هذه لا تكافي ء الأدلّة السّابقة، لعدم سلامة سندها و قلّتها بالنسبة إليها، مع إمكان الجمع بينهما بأن يقال بتأثير الحسد في الجملة كالعين الصائبة إلّا أنه لا يوجب زوال النعمة بالمرّة فيمكن أن يزول النعمة التي صارت سببا لحسد الحاسد عن المحسود ثمّ ينتقل المحسود إلى نعمة أخرى أشرف و أجل ممّا زالت منه، لما قد روي في الأخبار من أنّ الرّزق مقسوم، و من قوله صلّى اللَّه عليه و آله لن تموت نفس حتّى تستكمل رزقها فاتّقوا اللَّه و أجملوا في الطلب فتأمّل.

و أمّا عدم كونه مضرّا بالمحسود في الدّين فواضح مستغن عن البيان.

و أمّا انتفاعه به في الدّين و الدّنيا فظاهر أيضا.

أمّا الدّين فلأنّه مظلوم من جهتك و أنت ظالم له و ميزانه ثقيل و ميزانك خفيف كما مرّ في الأخبار، و أيضا فانّه بصبره و تحمّله على أذاك يفوز فوزا عظيما و يدرك ما أعدّ اللَّه من عظيم الأجر للصّابرين كما يشهد به ما في الوسائل عن الصّدوق باسناده عن معاوية بن وهب عن الصّادق جعفر بن محمّد عليه السّلام قال: اصبر على أعداء النّعم فانّك لن تكافى ء من عصى اللَّه فيك بأفضل من أن تطيع اللَّه فيه، و مثله رواية عمّار بن مروان عن أبي الحسن الأوّل عليه السّلام و نحوهما أخبار اخر.

و أمّا انتفاعه به في الدّنيا فهو إنّ أهمّ أغراض الخلق مسائة الأعداء و ألذّ عيشهم أن يكون أعداؤهم معذّبين، و لا عذاب أشد ممّا أنت فيه من ألم الحسد و غاية أماني أعدائك أن يكونوا في نعمة و أن تكون في غمّ و حسرة بسببهم، و قد فعلت بنفسك ما هو مرادهم، و لذلك لا يشتهي عدوّك موتك بل يشتهى طول حياتك لتنظر ما أنعم اللَّه به عليه و ينقطع نياط قلبك حسدا كلّما رأيته، و لذلك قيل:

  • لا مات أعداؤك بل خلّدواحتّى يروا فيك الّذي يكمد
  • لا زلت محسودا على نعمةفانّما الكامل من يحسد

و إن شئت زيادة وضوح إضرار الحاسد بنفسه و انتفاع المحسود بحسده فاختبر ذلك بقصّة يوسف عليه السّلام و اخوته حيث حسدوه و قالوا: اقْتُلُوهُ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ فَ قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ لا وَ شَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ.

فأدركه العناية الأزليّة و الرّحمة الالهيّة و اعطي بمحسوديّته الملك و المملكة و العزّ و السّلطنة و ابتلوا بحاسديّتهم بالفقر و الفاقة و الضّر و المسكنة حتّى صاروا محتاجين إليه بسوء الأعمال فدخلوا عليه و نادوه بلسان الابتهال: يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَ أَهْلَنَا الضُّرُّ و سوء الحال فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَ تَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ فاصبحوا بفضله مذعنين و عن علوّ شأنه مفصحين بقوله: تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا وَ إِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ...، وَ خَرُّوا لَهُ سُجَّداً بعد أن كانوا له حسّدا و أنت أيّها النّاقد البصير و الذّكيُّ الخبير إذا أحطت خبرا بما تلوناه عليك و عرفت مضارّ الحسد و مفاسده فراقب الانصاف و جانب الاعتساف و لاحظ نفسك و امحض لها نصحك و لا تكسب لها الخسارة في الحال و لا تجلب لها الشّقاوة في المآل، و لا تبخس حظّك عند الخالق، و لا تسقط وقعك من قلوب الخلايق، و نعمة المحسود دائمة شئت أم أبيت، باقية كرهت أم رضيت، فلا تكن للشّيطان وليّا و لا لنفسك عدوّا و لا للمؤمنين خصيما، فلا تفت على نفسك فوايد المحبّة، و لا تحرمها من منافع الالفة و المودّة، و لا توقعها في مضارّ البغضاء و العداوة، أ فما دريت في شرح هذه الخطبة أنّها حالقة للدّين و الايمان، ساخطة للرّحمن، و باللّه أستعيذ من خبث النفس و شرور الأنفس، و به أعتصم من مكايد الشّيطان و موبقات الايمان، و منه التوفيق و عليه التكلان و هو المستعان.

شرح لاهیجی

عباد اللّه انّ انصح النّاس لنفسه اطوعهم لربّه يعنى اى بندگان خدا بتحقيق كه نصيحت كننده ترين مردم مر نفس خود را اطاعت كننده ترين ايشانست مر پروردگار خود را زيرا كه از اطاعت پروردگار محافظت كرده است او را از عذاب و رسانده است او را بثواب و انّ اغشّهم لنفسه اعصاهم لربّه يعنى فريب دهنده ترين مردم مر نفس خود را عصيان كننده ترين ايشانست مر پروردگار خود را بتقريب آن كه او را بهلاكت انداخته است و المغبون من غبن نفسه و المغبوط من سلم له دينه و السّعيد من وعظ بغيره و الشّقىّ من انخدع لهواه و غروره يعنى مغبون كسى است كه مكر كرده باشد با نفس خود و او را بمهلكه انداخته باشد و مسرور و خوشحال كسى است كه سالم مانده باشد از براى او دين او زيرا كه سرمايه تعيّش و خوش گذراندن از براى او مانده است و نيكبخت كسى است كه پند گرفته باشد بسبب نكتهاى غير و بدبخت كسى است كه فريب خورده باشد از خواهش نفسانى و غرور خود و اعلموا انّ يسير الرّياء شرك يعنى بدانيد كه اندك از ريا شركست بخدا زيرا كه هر كه عبادت كند از براى غير خدا البتّه انغير را شريك خدا دانسته در تاثير و مجالسة اهل الهواء منساة للايمان و مخضرة للشّيطان يعنى همنشينى با اهل خواهش نفسانى سبب است از براى فراموشى ايمان و سبب است از براى حضور شيطان در قلب زيرا كه مجالست مؤثّر است و اخلاق جليس مسرى است و چنانچه در صاحب هواء نفس ايمان فراموش است و با شيطان كه شدّت قوّت شهويّه باشد هم آغوش پس در جليس او نيز فراموش و هم آغوش باشد جانبوا الكذب فانّه مجانب للايمان يعنى دورى كنيد از دروغ گفتن كه دروغ دوركننده و سبب دورى ايمانست زيرا كه دروغ گو امن از گفتن دروغ بر خدا و رسول (صلی الله علیه وآله) نيست و دروغ بر خدا و رسول (صلی الله علیه وآله) مخرج از ايمانست پس بتحقيق دروغ معدّ و سبب خروج از ايمان باشد الصّادق على شفا منجاة و كرامة و الكاذب على شرف مهواة و مهانة يعنى راستگو نشسته است بر كنار نجاة و رستگارى از درياى هلاكت و نشسته است بر كرامت و دروغگو ايستاده است بر جائى كه مشرفست بر اوفتادن در چاه هلاكت و ايستاده است بر مهانت و خوارى و لا تحاسدوا فانّ الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النّار الحطب يعنى حسد بر يكديگر نبريد از جهة اين كه حسد مفنى ايمانست يعنى سبب و معدّ فناء ايمانست چنانچه اتش مفنى هيزم است و لا تباغضوا فانّها الحالقة يعنى دشمنى نورزيد زيرا كه دشمنى مثل تيغ تند سرتراش است يعنى سبب و معدّ است از براى قتل و جراحت و اعلموا انّ الامل يسهى العقل و ينسى الذّكر يعنى بدانيد كه آرزوهاى دنيا مى اندازد عقل را در نسيان و غلط و فراموش مى گرداند ذكر اخرت را فاكذبوا الامل فانّه غرور و صاحبه مغرور يعنى كاذب و دروغگو بدانيد ارزو را بسبب اين كه فريب دهنده است و صاحب او فريب خورده شده اوست

شرح ابن ابی الحدید

عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ أَنْصَحَ النَّاسِ لِنَفْسِهِ أَطْوَعُهُمْ لِرَبِّهِ- وَ إِنَّ أَغَشَّهُمْ لِنَفْسِهِ أَعْصَاهُمْ لِرَبِّهِ- وَ الْمَغْبُونُ مَنْ غَبَنَ نَفْسَهُ وَ الْمَغْبُوطُ مَنْ سَلِمَ لَهُ دِينُهُ- وَ السَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ- وَ الشَّقِيُّ مَنِ انْخَدَعَ لِهَوَاهُ وَ غُرُورِهِ- وَ اعْلَمُوا أَنَّ يَسِيرَ الرِّيَاءِ شِرْكٌ- وَ مُجَالَسَةَ أَهْلِ الْهَوَى مَنْسَاةٌ لِلْإِيمَانِ وَ مَحْضَرَةٌ لِلشَّيْطَانِ- جَانِبُوا الْكَذِبَ فَإِنَّهُ مُجَانِبٌ لِلْإِيمَانِ- الصَّادِقُ عَلَى شَفَا مَنْجَاةٍ وَ كَرَامَةٍ- وَ الْكَاذِبُ عَلَى شَرَفِ مَهْوَاةٍ وَ مَهَانَةٍ- وَ لَا تَحَاسَدُوا- فَإِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الْإِيمَانَ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ- وَ لَا تَبَاغَضُوا فَإِنَّهَا الْحَالِقَةُ- وَ اعْلَمُوا أَنَّ الْأَمَلَ يُسْهِي الْعَقْلَ- وَ يُنْسِي الذِّكْرَ فَأَكْذِبُوا الْأَمَلَ- فَإِنَّهُ غَرُورٌ وَ صَاحِبُهُ مَغْرُورٌ

قوله إن أنصح الناس لنفسه أطوعهم لربه- لأنه قد صانها عن العقاب و أوجب لها الثواب- و ذلك غاية ما يمكن من نصيحتها و نفعها- . قوله و إن أغش الناس لنفسه أعصاهم لربه- لأنه ألقاها في الهلاك الدائم- و ذلك أقصى ما يمكن من غشها و الإضرار بها- . ثم قال و المغبون من غبن نفسه- أي أحق الناس أن يسمى مغبونا من غبن نفسه- يقال غبنته في البيع غبنا بالتسكين أي خدعته- و قد غبن فهو مغبون- و غبن الرجل رأيه بالكسر غبنا بالتحريك فهو غبين- أي ضعيف الرأي و فيه غبانة- و لفظ الغبن يدل على أنه من باب غبن البيع و الشراء- لأنه قال و المغبون و لم يقل و الغبين- . و المغبوط الذي يتمنى مثل حاله- و الذي يتمنى زوال حاله و انتقالها هو الحاسد- و الحسد مذموم و الغبطة غير مذمومة- يقال غبطته بما نال أغبطه غبطا و غبطة فاغتبط هو- كقولك منعته فامتنع و حبسته فاحتبس قال الشاعر-

  • و بينما المرء في الأحياء مغتبطإذ صار في الرمس تعفوه الأعاصير

هكذا أنشدوه بكسر الباء- و قالوا فيه مغتبط أي مغبوط- . قوله و السعيد من وعظ بغيره مثل من الأمثال النبوية- . و قد ذكرنا فيما تقدم- ما جاء في ذم الرياء و تفسير كونه شركا- . و قوله ع منسأة للإيمان- أي داعية إلى نسيان الإيمان و إهماله- و الإيمان الاعتقاد و العمل- . و محضرة للشيطان موضع حضوره- كقولك مسبعة أي موضع السباع و مفعاة أي موضع الأفاعي- . ثم نهى عن الكذب و قال إنه مجانب للإيمان- و كذا ورد في الخبر المرفوع- . و شفا منجاة أي حرف نجاة و خلاص و شفا الشي ء حرفه- قال تعالى وَ كُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ- و أشفى على الشي ء و أشرف عليه بمعنى- و أكثر ما يقال ذلك في المكروه- يقال أشفى المريض على الموت- و قد استعمله هاهنا في غير المكروه- . و الشرف المكان العالي بفتح الشين- و أشرفت عليه أي اطلعت من فوق- . و المهواة موضع السقوط و المهانة الحقارة- . ثم نهى عن الحسد و قال- إنه يأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب- و قد ورد هذا الكلام في الأخبار المرفوعة- و قد تقدم منا كلام في الحسد و ذكرنا كثيرا مما جاء فيه- . ثم نهى عن المباغضة و قال إنها الحالقة- أي المستأصلة التي تأتي على القوم كالحلق للشعر- . ثم نهى عن الأمل و طوله- و قال إنه يورث العقل سهوا و ينسي الذكر- ثم أمر بإكذاب الأمل و نهى عن الاعتماد عليه- و السكون إليه فإنه من باب الغرور- . و قد ذكرنا في الأمل و طوله نكتا نافعة فيما تقدم- و يجب أن نذكر ما جاء في النهي عن الكذب

فصل في ذم الكذب و حقارة الكذابين

جاء في الخبر عن رسول الله ص إذا كذب العبد كذبة- تباعد الملك منه مسيرة ميل من نتن ما جاء به

و عنه ع إياكم و الكذب- فإن الكذب يهدي إلى الفجور و الفجور يهدي إلى النار- و إن الرجل ليكذب و يتحرى الكذب- فيكتب عند الله كاذبا- و عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر- و إن البر ليهدي إلى الجنة- و إن الرجل ليصدق و يتحرى الصدق فيكتب عند الله صادقا

و روي أن رجلا قال للنبي ص أنا يا رسول الله أستسر بخلال أربع- الزنا و شرب الخمر و السرق و الكذب- فأيتهن شئت تركتها لك قال دع الكذب- فلما ولى هم بالزنا- فقال يسألني فإن جحدت نقضت ما جعلت له- و إن أقررت حددت ثم هم بالسرق ثم بشرب الخمر- ففكر في مثل ذلك فرجع إليه- فقال قد أخذت على السبيل كله فقد تركتهن أجمع

قال العباس بن عبد المطلب لابنه عبد الله يا بني أنت أفقه مني و أنا أعقل منك- و إن هذا الرجل يدنيك يعني عمر بن الخطاب- فاحفظ عني ثلاثا لا تفشين له سرا و لا تغتابن عنده أحدا- و لا يطلعن منك على كذبة- قال عبد الله فكانت هذه الثلاث- أحب إلي من ثلاث بدرات ياقوتا

- قال الواثق لأحمد بن أبي داود رحمه الله تعالى- كان ابن الزيات عندي فذكرك بكل قبيح- قال الحمد لله الذي أحوجه إلى الكذب علي- و نزهني عن الصدق في أمره- . و كان يقال أمران لا يكاد أحدهما ينفك من الكذب- كثرة المواعيد و شدة الاعتذار- . و من الحكم القديمة- إنما فضل الناطق على الأخرس بالنطق- و زين المنطق الصدق فالكاذب شر من الأخرس- . قال الرشيد للفضل بن الربيع في كلام جرى بينهما كذبت- فقال يا أمير المؤمنين- وجه الكذوب لا يقابلك و لسانه لا يحاورك- . قيل في تفسير قوله تعالى وَ لَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ- هي في الكذابين فالويل لكل كاذب إلى يوم القيامة- . و من كلام بعض الصالحين- لو لم أترك الكذب تأثما لتركته تكرما- . أبو حيان الكذب شعار خلق- و مورد رنق و أدب سيئ و عادة فاحشة- و قل من استرسل معه إلا ألفه و قل من ألفه إلا أتلفه- و الصدق ملبس بهي و منهل غذي و شعاع منبث- و قل من اعتاده و مرن عليه إلا صحبته السكينة- و أيده التوفيق و خدمته القلوب بالمحبة- و لحظته العيون بالمهابة- . ابن السماك لا أدري- أوجر على ترك الكذب أم لا لأني أتركه أنفة- . يحيى بن خالد رأيت شريب خمر نزع و لصا أقلع- و صاحب فواحش ارتدع و لم أر كاذبا رجع- . قالوا في تفسير هذا- إن المولع بالكذب لا يكاد يصبر عنه- فقد عوتب إنسان عليه- فقال لمعاتبه يا ابن أخي لو تغرغرت به لما صبرت عنه- . و قيل لكاذب معروف بالكذب أ صدقت قط- قال لو لا أني أخاف أن أصدق لقلت لا- .

و جاء في بعض الأخبار المرفوعة قيل له يا رسول الله أ يكون المؤمن جبانا- قال نعم قيل أ فيكون بخيلا قال نعم- قيل أ فيكون كاذبا قال لا

و قال ابن عباس الحدث حدثان حدث من فيك و حدث من فرجك

- . و قال بعضهم من أسرع إلى الناس بما يكرهون- قالوا فيه ما لا يعلمون أخذه شاعر فقال-

  • و من دعا الناس إلى ذمهذموه بالحق و بالباطل

- . و كان يقال خذوا عن أهل الشرف فإنهم قلما يكذبون- . و قال بعض الصالحين لو صحبني رجل- فقال لي اشترط علي خصلة واحدة لا تزيد عليها- لقلت لا تكذب- . و كان يقال خصلتان لا يجتمعان الكذب و المروءة- . كان يقال من شرف الصدق أن صاحبه يصدق على عدوه- و من دناءة الكذب أن صاحبه يكذب و إن كان صادقا- .

و مثل هذا قولهم من عرف بالصدق جاز كذبه- و من عرف بالكذب لم يجز صدقه- .

و جاء في الخبر المرفوع أن في المعاريض لمندوحة عن الكذب

- . و قال ابن سيرين الكلام أوسع من أن يكذب ظريف- . و قالوا في قوله تعالى لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ لم ينس- و لكنه من معاريض الكلام- و كذلك قالوا في قول إبراهيم إِنِّي سَقِيمٌ- . و قال العتبي إني لأصدق في صغار ما يضرني- فكيف لا أصدق في كبار ما ينفعني- و قال بعض الشعراء-

  • لا يكذب المرء إلا من مهانتهأو عادة السوء أو من قلة الأدب
  • لعض جيفة كلب خير رائحةمن كذبة المرء في جد و في لعب

- . شهد أعرابي عند معاوية بشهادة فقال له كذبت- فقال الكاذب و الله المتزمل في ثيابك- فقال معاوية هذا جزاء من عجل- . و قال معاوية يوما للأحنف و حدثه حديثا أ تكذب- فقال له الأحنف و الله ما كذبت- منذ علمت أن الكذب يشين أهله- . و دخل عبد الله بن الزبير يوما على معاوية- فقال له اسمع أبياتا قلتها و كان واجدا على معاوية- فقال هات فأنشده-

  • إذا أنت لم تنصف أخاك وجدتهعلى طرف الهجران إن كان يعقل
  • و يركب حد السيف من أن تضيمه إذا لم يكن عن شفرة السيف مزحل

- . فقال معاوية لقد شعرت بعدنا يا أبا بكر- ثم لم يلبث معاوية أن دخل عليه معن بن أوس المزني- فقال أ قلت بعدنا شيئا قال نعم و أنشده-

  • لعمرك لا أدري و إني لأوجلعلى أينا تعدو المنية أول

- . حتى صار إلى الأبيات التي أنشدها ابن الزبير- فقال معاوية يا أبا بكر- أ ما ذكرت آنفا أن هذا الشعر لك- فقال أنا أصلحت المعاني و هو ألف الشعر و بعد- فهو ظئري و ما قال من شي ء فهو لي- . و كان عبد الله بن الزبير مسترضعا في مزينة- . و روى أبو العباس المبرد في الكامل- أن عمر بن عبد العزيز كتب- في إشخاص إياس بن معاوية المزني- و عدي بن أرطاة الفزاري أمير البصرة و قاضيها إليه- فصار عدي إلى إياس- و قدر أنه يمزنه عند عمر بن عبد العزيز و يثني عليه- فقال له يا أبا وائلة إن لنا حقا و رحما- فقال إياس أ على الكذب تريدني- و الله ما يسرني أن كذبت كذبة يغفرها الله لي- و لا يطلع عليها هذا و أومأ إلى ابنه- و لي ما طلعت عليه الشمس- . و روى أبو العباس أيضا- أن عمرو بن معديكرب الزبيدي كان معروفا بالكذب- . و قيل لخلف الأحمر- و كان مولى لهم و شديد التعصب لليمن- أ كان عمرو بن معديكرب يكذب- قال يكذب في المقال و يصدق في الفعال- .

قال أبو العباس فروي لنا أن أهل الكوفة الأشراف- كانوا يظهرون بالكناسة- فيركبون على دوابهم حتى تطردهم الشمس- فوقف عمرو بن معديكرب الزبيدي- و خالد بن الصقعب النهدي و عمرو لا يعرفه- إنما يسمع باسمه فأقبل عمرو يحدثه- فقال أغرنا مرة على بني نهد- فخرجوا مسترعفين بخالد بن الصقعب فحملت عليه- فطعنته فأذريته ثم ملت عليه بالصمصامة فأخذت رأسه- فقال خالد بن الصقعب حلا أبا ثور- إن قتيلك هو المحدث- فقال عمرو يا هذا إذا حدثت فاستمع- فإنما نتحدث بمثل ما تستمع- لنرهب به هذه المعدية- . قوله مسترعفين أي مقدمين له- و قوله حلا أبا ثور أي استثن- يقال حلف و لم يتحلل أي لم يستثن- و المعدية مضر و ربيعة و أياد بنو معد بن عدنان- و هم أعداء اليمن في المفاخرة و التكاثر

شرح نهج البلاغه منظوم

القسم الثاني (و منها)

عباد اللّه، إنّ أنصح النّاس لنفسه أطوعهم لربّه، و انّ أغشّهم لنفسه أعصاهم لربّه، و المغبون من غبن نفسه، و المغبوط من سلم له، دينه و السّعيد من وّعظ بغيره، و الشّقى من النخدع لهواه و عروره، و اعلموا أنّ يسيرا الرّيآء شرك، وّ مجالسة أهل الهوى منسأة للأيمان، و محضرة للّشيطان.

جانبوا الكذب فانّه مجانب للأيمان، الصّادق على شفا منجاة وّ كرامة، وّ الكاذب على شرف مهواة وّ مهانة. و لا تحاسد و فانّ الحد يأكل الأيمان كما تأكل النّار الحطب، و لا تباغضوا فانّها الحالقة، و اعلموا انّ الأمل يسهى العقل، و ينسى الذّكر،: فاكذبوا الأمل فانّه غرور وّ صاحبه مغرور.

ترجمه

بندگان خداى پند دهنده ترين مردمان بخودش كسى است كه فرمانبردارترين ايشان از پروردگارش باشد، و فريب دهنده ترين مردمان بخودش كسى است كه نافرمان ترين مردمان از پروردگارش باشد (چون نافرمانى و فريفتن مردم و فرمانبردارى و پند گرفتن از مردم سود و زيانش در آخرت عايد خودش شخص گشته، و باعث سعادت و شقاوت او ميشوند بنا بر اين) زيانكار كسى است كه بخود زيان وارد آورد، و خورسند كسى است كه (مردم را نفريفته و) دين خود را سالمن نگه دارد، خوشبخت كسى است كه از ديگرى پند گيرد، بدبخت كسى است كه از هوا هوس خود فريب خورد، دانسته باشيد ريا و خودنمائى (در عبادت دين) كمش هم شرك بخدا است، و هم نشينى با اهل هوا و عصيان، باعث نسيان ايمان، و حضور شيطان است زيرا كه انسان هنگامى كه با پيروان شيطان نشست البته شيطان در دل او هم رخنه پيدا ميكند) از كذب و دورى مى كند 7 كه او دو ر كننده ايمان است (مؤمن هرگز دروغگو نيست، اگر دروغ گفت ايمان ندارد) راستگو (از درياى هلاك) بر كرانه نجات و رستگارى و دروغگو مشرف بر پرتگاه خوارى و نيستى است بر يكديگر حسد نبريد، زيرا همانطورى كه آتش هيزم را مى سوزاند، حسد ايمان را نابود ميكند، و با هم دشمنى منائيد، كه آن همچون تيغ تيزى است كه مو را مى تراشد (خيرات و بركات و صله رحم را از بين مبريد) و بدانى كه كه آرزوهاى دنيا رهزن عقل و فراموش سازنده ياد آخرت اند پس آرزوها را دروغ پنداريد كه آن فريبنده و شخص آرزومند فريب خورده است (انسان وقتى كه عاشق و دلباخته رنگ و بوهاى اين سراى فريب گرديد قهرا از ياد خدا و آخرت دور شده و بعذاب ابدى دچار خواهد شد).

نظم

  • بنفس خويش ناصحتر شد آن كسكه طاعت بيشتر كرد از حق و بس
  • خدا را هر كه نيكوتر عبادت كند گردد نصيب وى سعادت
  • چو از تيه شقاوت خود رهانده استپس او بهتر خودش را پند داده است
  • وز اين سود هر كه عصيان بيشتر كردفريب خويشتن داد و ضرر كرد
  • به پيش از ديگران بيجاره خود ساختچهى كند و در آن خود را بينداخت
  • هر آن كس نفس خود را كرد مبغون زيان او بود ز اشخاص افزون
  • هر آن مرديكه دينش ماند محفوظبود مغبوط و از دينا است محفوظ
  • هر آن كس پند نيك خود پذيردسعيد است و ز كشته خود خوشه گيرد
  • شقى آن كس بود كز خواهش نفسكند طغيان بجويد كاهش نفس
  • ريا و خودنماى شرك باشدكمش ايمان چو كوه از هم بپاشد
  • بدانيد از ريا چيزى بتر نيست شريك طاعت يزدان بشر نيست
  • مشو با معصيت كاران مصاحبكه چون آنان شوى در دين ملاغب
  • برند اهل هوا از خاطر ايمان رئيس بزم آنان است شيطان
  • ز ياد حق چو دلها او بپرداختبصدر بزم جاى خويشتن ساخت
  • ز كذب و افترا دورى گزينيدمگر از باغ ايمان خوشه چينيد
  • هر آن مرديكه باشد راست گفتاردرخت آرزويش آورد بار
  • شود جانش قرين رستگارى رها گردد تنش از ذلّ و خوارى
  • وليك آن كس كه قلبش بى فروغ استسخنهايش همه كذب و دروغ است
  • مكان و منزلش جائى بلند است كز افتادنش بر جانش گزند است
  • هميشه مشرف بر پرتگاه استچو لغزد پاى سر در تيره چاه است
  • ز دل بايد بدر كردن حسد راشكستن بايد اين روئينه سدّ را
  • چنان هيزم كز آتش برفروزدحسد اين گونه ايمان را بسوزد
  • نكون همواره حاسد درد و نار است دلش سوزنده اندر دو شرار است
  • يكى نار حسد در دار دنيا استيكى از عقاب وى بعقبى است
  • ز بغض و دشمنى جوئيد دورى كه حبّ و دوستى باشد ضرورى
  • چنانكه تيغ مو از سر تراشدو يا داسى كه زرع از هم بپاشد
  • چنين خصمى ميان خير حائل شود رحمت كند از شخص زائل
  • كند ارحام و خويشاوند را دورشود انسان ميان خلق منفور
  • بدانيد آرزوها تيره و تارنمايندى درون عقل هشيار
  • زند آمال راه ديده و هوشز دل ياد خدا سازد فراموش
  • أمل را زير پا بايست بگذاشت مواعيدش تمامى كذب انگاشت
  • بشر را آرزو بازى دهنده استاز او راه حقيقت را زننده است
  • بميعادش هر آن كس گشت مغرورفريبى خورد و شد از راه حق دور

منبع:پژوهه تبلیغ

این موضوعات را نیز بررسی کنید:

جدیدترین ها در این موضوع

پرسش و پاسخ چگونگی یاری کردن اهل بیت(ع) بخش اول

پرسش و پاسخ چگونگی یاری کردن اهل بیت(ع) بخش اول

در آموزه‌های اهل بیت(ع) به ویژه ائمه اطهار(ع) طلب یاری کردن توسط آن بزرگواران مطرح شده است.
پیامدهای تصویب لایحه انجمن های ایالتی و ولایتی چه بود؟

پیامدهای تصویب لایحه انجمن های ایالتی و ولایتی چه بود؟

دوره پهلوی را می‌توان دوره رشد و گسترش بهائیت دانست. بسیاری از چهره‌های شاخص بهائیت در این دوره، با بهره‌مندی از حمایت‌های ویژه شاه، سمت‌های سیاسی و اقتصادی متعددی را به دست آوردند.
چگونه عاشورا مسیر اسلامِ شیعی و شیعیانِ ایرانی را تغییر داد؟

چگونه عاشورا مسیر اسلامِ شیعی و شیعیانِ ایرانی را تغییر داد؟

درباره عوامل گرایش ایرانیان به علویان و مذهب تشیع، مورخان و پژوهشگران نظرات متفاوتی بیان کرده‌اند.
چگونگی متخلق شدن به اخلاق فاضله(کیمیای اخلاق)

چگونگی متخلق شدن به اخلاق فاضله(کیمیای اخلاق)

انسان چگونه خودش را به اخلاق فاضله متخلق کند و از رذایل اخلاقی دوری نماید؟ چگونه این معنا را در مرحله عمل پیاده کند؟ علمای اخلاق می‌گویند: ابتدا انسان باید حالت موجود نفس را حفظ کند و سپس به تهذیب رذایل و جبران ضررهای گذشته بپردازد.

پر بازدیدترین ها

راههای رسیدن به آرامش روانی از نگاه قرآن

راههای رسیدن به آرامش روانی از نگاه قرآن

قرآن کریم که بزرگترین معجزه پیامبراکرم(ص) است و تمام آنچه را که بشر برای هدایت نیاز داشته ودر آن آمده است، کاملترین نسخه برای آرامش روح است.
رساله حقوق امام سجاد(ع)

رساله حقوق امام سجاد(ع)

اشاره: برخی محققان میراث علمی امام سجاد(ع) را به سه بخش تقسیم کرده‌اند: روایات، ادعیه (به‌ویژه در صحیفه سجادیه)و رساله حقوق.
فلسفه چیست؟

فلسفه چیست؟

فلسفه حوزه‌ای از دانش بشری است که به پرسش و پاسخ درباره مسائل بسیار کلی و جایگاه انسان در آن می‌پردازد؛ مثلاً این که آیا جهان و ترکیب و فرآیندهای آن به طور کامل مادی است؟
محبوب ها و مأموریت های امام حسین(ع)

محبوب ها و مأموریت های امام حسین(ع)

حسین از من و من از حسینم
رابطه علم و عمل

رابطه علم و عمل

علم و دانش بشری زمانی برای جامعه و مردم سودمند و مفید است که با عمل و اجرا همراه گردد یعنی عالم به علم و دانسته‌های خود عمل کرده و آن را با اشتیاق به دیگران نیز بیاموزد.
Powered by TayaCMS