407: إِنَّ لِلْوَالِدِ عَلَى الْوَلَدِ حَقّاً- وَ إِنَّ لِلْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ حَقّاً- فَحَقُّ الْوَالِدِ عَلَى الْوَلَدِ- أَنْ يُطِيعَهُ فِي كُلِّ شَيْ ءٍ إِلَّا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ- وَ حَقُّ الْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ- أَنْ يُحَسِّنَ اسْمَهُ وَ يُحَسِّنَ أَدَبَهُ وَ يُعَلِّمَهُ الْقُرْآنَ أما صدر الكلام فمن قول الله سبحانه- أَنِ اشْكُرْ لِي وَ لِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ- وَ إِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ- فَلا تُطِعْهُما
طرائف حول الأسماء و الكنى
و أما تعليم الوالد الولد القرآن و الأدب فمأمور به- و كذلك القول في تسميته باسم حسن- و قد جاء
في الحديث تسموا بأسماء الأنبياء- و أحب الأسماء إلى الله عبد الله و عبد الرحمن- و أصدقها حارث و همام- و أقبحها حرب و مرة
و روى أبو الدرداء عن النبي ص أنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم و أسماء آبائكم- فأحسنوا أسماءكم
و قال ع إذا سميتم فعبدوا
- أي سموا بنيكم عبد الله- و نحوه من أسماء الإضافة إليه عز اسمه و كان رسول الله ص يغير بعض الأسماء- سمى أبا بكر عبد الله- و كان اسمه في الجاهلية عبد الكعبة- و سمى ابن عوف عبد الرحمن و كان اسمه عبد الحارث- و سمى شعب الضلالة شعب الهدى- و سمى يثرب طيبة- و سمى بني الريبة بني الرشدة- و بني معاوية بني مرشدة- . كان سعيد بن المسيب بن حزن المخزومي- أحد الفقهاء المشهورين-
أتى جده رسول الله ص فقال له ما اسمك- قال حزن قال لا بل أنت سهل- فقال لا بل أنا حزن عاوده فيها ثلاثا- ثم قال لا أحب هذا الاسم- السهل يوطأ و يمتهن- فقال فأنت حزن- فكان سعيد يقول- فما زلت أعرف تلك الحزونة فينا
و روى جابر عنه ع ما من بيت فيه أحد اسمه محمد إلا وسع الله عليه الرزق- فإذا سميتموهم به فلا تضربوهم و لا تشتموهم- و من ولد له ثلاثة ذكور- و لم يسم أحدهم أحمد أو محمدا فقد جفاني
أبو هريرة عنه ع أنه نهى أن يجمع بين اسمه و كنيته لأحد
و روي أنه أذن لعلي بن أبي طالب ع في ذلك- فسمى ابنه محمد بن الحنفية محمدا و كناه أبا القاسم
و قد روي أن جماعة من أبناء الصحابة- جمع لهم بين الاسم و الكنية- . و قال الزمخشري قد قدم الخلفاء و غيرهم من الملوك- رجالا بحسن أسمائهم- و أقصوا قوما لشناعة أسمائهم- و تعلق المدح و الذم بذلك في كثير من الأمور- .
و في رسالة الجاحظ إلى أبي الفرج نجاح بن سلمة- قد أظهر الله في أسمائكم و أسماء آبائكم- و كناكم و كنى أجدادكم من برهان الفأل الحسن- و نفي طيرة السوء ما جمع لكم صنوف الأمل- و صرف إليكم وجوه الطلب- فأسماؤكم و كناكم بين فرج و نجاح- و سلامة و فضل- و وجوهكم و أخلاقكم و وفق أعراقكم و أفعالكم- فلم يضرب التفاوت فيكم بنصيب- . أراد عمر الاستعانة برجل- فسأله عن اسمه و اسم أبيه- فقال سراق بن ظالم- فقال تسرق أنت و يظلم أبوك فلم يستعن به- . سأل رجل رجلا ما اسمك فقال بحر- قال أبو من قال أبو الفيض- قال ابن من قال ابن الفرات- قال ما ينبغي لصديقك أن يلقاك إلا في زورق- . و كان بعض الأعراب اسمه وثاب- و له كلب اسمه عمرو- فهجاه أعرابي آخر فقال-
و لو هيأ له الله من التوفيق أسبابا
لسمى نفسه عمرا
و سمى الكلب وثابا
- . قالوا و كلما كان الاسم غريبا- كان أشهر لصاحبه و أمنع من تعلق النبز به- قال رؤبة
قد رفع العجاج ذكري فادعني باسمي إذا الأسماء طالت تكفني
- . و من هاهنا أخذ المعري قوله- يمدح الرضي و المرتضى رحمهما الله-
أنتم ذوو النسب القصير فطولكم باد على الكبراء و الأشراف
و الراح إن قيل ابنة العنب اكتفت
بأب عن الأسماء و الأوصاف
- .و سأل النسابة البكري رؤبة- عن نسبه و لم يكن يعرفه- قال أنا ابن العجاج- قال قصرت و عرفت- . صاح أعرابي بعبد الله بن جعفر يا أبا الفضل- قيل ليست كنيته- قال و إن لم تكن كنيته فإنها صفته- نظر عمر إلى جارية له سوداء تبكي- فقال ما شأنك- قالت ضربني ابنك أبو عيسى- قال أ و قد تكنى بأبي عيسى علي به فأحضروه- فقال ويحك أ كان لعيسى أب فتكنى به- أ تدري ما كنى العرب- أبو سلمة أبو عرفطة أبو طلحة أبو حنظلة ثم أدبه- . لما أقبل قحطبة بن شبيب نحو ابن هبيرة- أراد ابن هبيرة أن يكتب إلى مروان بخبره- و كره أن يسميه فقال اقلبوا اسمه- فوجدوه هبط حق فقال دعوه على هيئته- . قال برصوما الزامر لأمه- ويحك أ ما وجدت لي اسما تسميني به غير هذا- قالت لو علمت أنك تجالس الخلفاء و الملوك- سميتك يزيد بن مزيد- . قيل لبعض صبيان الأعراب ما اسمك- قال قراد- قيل لقد ضيق أبوك عليك الاسم- قال إن ضيق الاسم لقد أوسع الكنية- قال ما كنيتك قال أبو الصحاري- . نظر المأمون إلى غلام حسن الوجه في الموكب- فقال له يا غلام ما اسمك قال لا أدري- قال أ و يكون أحد لا يعرف اسمه- فقال يا أمير المؤمنين اسمي الذي أعرف به لا أدري- فقال المأمون
و سميت لا أدري لأنك لا تدري بما فعل الحب المبرح في صدري
- . ولد لعبد الله بن جعفر بن أبي طالب ولد ذكر- فبشر به و هو عند معاوية
بن أبي سفيان- فقال له معاوية سمه باسمي و لك خمسمائة ألف درهم- فسماه معاوية فدفعها إليه و قال اشتر بها لسميي ضيعة- . و
من حديث علي ع عن النبي ص إذا سميتم الولد محمدا فأكرموه- و أوسعوا له في المجلس و لا تقبحوا له وجها
و عنه ص ما من قوم كانت لهم مشورة- فحضر معهم عليها من اسمه محمدا أو أحمد- فأدخلوه في مشورتهم إلا خير لهم- و ما من مائدة وضعت- فحضر عليها من اسمه محمدا أو أحمد- إلا قدس ذلك المنزل في كل يوم مرتين
- . من أبيات المعاني-
و حللت من مضر بأمنع ذروة منعت بحد الشوك و الأحجار
- قالوا يريد بالشوك أخواله- و هم قتادة و طلحة و عوسجة و بالأحجار أعمامه- و هم صفوان و فهر و جندل و صخر و جرول- . سمى عبد الملك ابنا له الحجاج- لحبه الحجاج بن يوسف و قال فيه
سميته الحجاج بالحجاج الناصح المكاشف المداجي
- . استأذن الجاحظ و الشكاك و هو من المتكلمين- على رئيس فقال الخادم لمولاه الجاحد و الشكاك- فقال هذان من الزنادقة لا محالة- فصاح الجاحظ ويحك- ارجع قل الحدقي بالباب و به كان يعرف- فقال الخادم الحلقي بالباب- فصاح الجاحظ ويلك ارجع إلى الجاحد- . جمع ابن دريد ثمانية أسماء في بيت واحد فقال-
فنعم أخو الجلى و مستنبط الندى و ملجأ مكروب و مفزع لاهث
عياذ بن عمرو بن الجليس بن جابر
بن زيد بن منظور بن زيد بن وارث
- .قال محمد بن صدقة المقرئ ليموت بن المزرع- صدق الله فيك اسمك- فقال له أحوجك الله إلى اسم أبيك- . سأل رجل أبا عبيدة عن اسم رجل من العرب فلم يعرفه- فقال كيسان غلامه أنا أعرف الناس به- هو خراش أو خداش أو رياش أو شي ء آخر- فقال أبو عبيدة ما أحسن ما عرفته يا كيسان- قال إي و الله و هو قرشي أيضا- قال و ما يدريك به- قال أ ما ترى كيف احتوشته الشينات من كل جانب- قال الفرزدق
و قد تلتقي الأسماء في الناس و الكنى كثيرا و لكن ميزوا في الخلائق
- . رأى الإسكندر في عسكره رجلا- لا يزال ينهزم في الحرب فسأله عن اسمه- فقال اسمي الإسكندر- فقال يا هذا إما أن تغير اسمك و إما أن تغير فعلك- . قال شيخنا أبو عثمان لو لا أن القدماء من الشعراء- سمت الملوك و كنتها في أشعارها- و أجازت و اصطلحت عليه- ما كان جزاء من فعل ذلك إلا العقوبة- على أن ملوك بني سامان- لم يكنها أحد من رعاياها قط- و لا سماها في شعر و لا خطبة- و إنما حدث هذا في ملوك الحيرة- و كانت الجفاة من العرب لسوء أدبها و غلظ تركيبها- إذا أتوا النبي ص خاطبوه باسمه و كنيته- فأما أصحابه فكانت مخاطبتهم له يا رسول الله- و هكذا يجب أن يقال للملك في المخاطبة- يا خليفة الله و يا أمير المؤمنين- . و ينبغي للداخل على الملك أن يتلطف في مراعاة الأدب- كما حكى سعيد بن مرة الكندي- دخل على معاوية فقال أنت سعيد- فقال أمير المؤمنين السعيد و أنا ابن مرة- . و قال المأمون للسيد بن أنس الأزدي أنت السيد- فقال أنت السيد يا أمير المؤمنين و أنا ابن أنس- .
شاعر
لعمرك ما الأسماء إلا علامة منار و من خير المنار ارتفاعها
- .كان قوم من الصحابة يخاطبون رسول الله ص- يا نبي ء الله بالهمزة- فأنكر ذلك و قال- لست بنبي ء الله و لكني نبي الله
- . و كان البحتري إذا ذكر الخثعمي الشاعر يقول- ذاك الغث العمي- . و كان صاحب ربيع يتشيع- فارتفع إليه خصمان- اسم أحدهما علي و الآخر معاوية- فانحنى على معاوية فضربه مائة سوط- من غير أن اتجهت عليه حجة- ففطن من أين أتي فقال- أصلحك الله سل خصمي عن كنيته- فإذا هو أبو عبد الرحمن- و كانت كنية معاوية بن أبي سفيان- فبطحه و ضربه مائة سوط- فقال لصاحبه ما أخذته مني بالاسم- استرجعته منك بالكنية
( . شرح نهج البلاغه (ابن ابی الحدید) ج 19، ص 365 - 371)
|