12: أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ اكْتِسَابِ الْإِخْوَانِ- وَ أَعْجَزُ مِنْهُ مَنْ ضَيَّعَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ مِنْهُمْ قد ذكرنا قطعة صالحة من الإخوانيات فيما تقدم- و
في الحديث المرفوع أن النبي ص بكى لما قتل جعفر بمؤتة- و قال المرء كثير بأخيه
و
قال جعفر بن محمد ع لكل شي ء حلية و حلية الرجل أوداؤه
- . و أنشد ابن الأعرابي
لعمرك ما مال الفتى بذخيرة و لكن إخوان الصفاء الذخائر
- . و كان أبو أيوب السختياني يقول- إذا بلغني موت أخ كان لي فكأنما سقط عضو مني- . و كان يقال الإخوان ثلاث طبقات- طبقة كالغذاء لا يستغني عنه- و طبقة كالدواء يحتاج إليه عند المرض- و طبقة كالداء لا يحتاج إليه أبدا- . و كان يقال صاحبك كرقعة في قميصك- فانظر بما ترقع قميصك- .
و كان يونس بن عبيد يقول- اثنان ما في الأرض أقل منهما- و لا يزدادان إلا قلة- درهم يوضع في حق و أخ يسكن إليه في الله- . و قال الشاعر
أخاك أخاك إن من لا أخا له كساع إلى الهيجا بغير سلاح
و إن ابن عم المرء فاعلم جناحه
و هل ينهض البازي بغير جناح
- . و قال آخر
و لن تنفك تحسد أو تعادى فأكثر ما استطعت من الصديق
و بغضك للتقي أقل ضرا
و أسلم من مودة ذي الفسوق
- . و أوصى بعضهم ابنه فقال يا بني- إذا نازعتك نفسك إلى مصاحبة الرجال- فاصحب من إذا صحبته زانك و إذا خدمته صانك- و إذا عرضت لك مؤنة أعانك و إن قلت صدق قولك- و إن صلت شد صولك و إن مددت يدك لأمر مدها- و إن بدت لك عورة سدها و إن رأى منك حسنة عدها- و إن سألته أعطاك و إن سكت ابتدأك- و إن نزلت بك ملمة واساك من لا تأتيك منه البوائق- و لا تحتار عليك منه الطرائق- و لا يخذلك عند الحقائق- . و
من الشعر المنسوب إلى علي ع
إن أخاك الحق من كان معك و من يضر نفسه لينفعك
و من إذا ريب الزمان صدعك
شتت فيك شمله ليجمعك و من الشعر المنسوب إليه ع أيضا
أخوك الذي إن أجرضتك ملمة من الدهر لم يبرح لها الدهر واجما
و ليس أخوك بالذي إن تشعبت
عليك أمور ظل يلحاك لائما
- . و قال بعض الحكماء- ينبغي للإنسان أن يوكل بنفسه كالئين- أحدهما يكلؤه من أمامه و الآخر يكلؤه من ورائه- و هما عقله الصحيح و أخوه النصيح- فإن عقله و إن صح فلن يبصره من عيبه- إلا بمقدار ما يرى الرجل من وجهه في المرآة- و يخفى عليه ما خلفه- و أما أخوه النصيح فيبصره ما خلفه و ما أمامه أيضا- . و كتب ظريف إلى صديق له- أني غير محمود على الانقياد إليك- لأني صادقتك من جوهر نفسي- و النفس يتبع بعضها بعضا- . و
في الحديث المرفوع إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه
- . و قال الأحنف- خير الإخوان من إذا استغنيت عنه لم يزدك ودا- و إن احتجت إليه لم ينقصك- . و قال أعشى باهلة يرثي المنتشر بن وهب-
إما سلكت سبيلا كنت سالكها فاذهب فلا يبعدنك الله منتشر
من ليس في خيره شر ينكده
على الصديق و لا في صفوه كدر
- . و قال آخر يرثي صديقا له-
أخ طالما سرني ذكره و أصبحت أشجى لدى ذكره
و قد كنت أغدو إلى قصره
فأصبحت أغدو إلى قبره
و كنت أراني غنيا به عن الناس لو مد في عمره
إذا جئته طالبا حاجة
فأمري يجوز على أمره
- . رأى بعض الحكماء مصطحبين لا يفترقان- فسأل عنهما فقيل صديقان- قال فما بال أحدهما غنيا و الآخر فقيرا
( شرح نهج البلاغة(ابن أبي الحديد)، ج 18 ، صفحه ى 112-114)
|