الثانية و الاربعون بعد المائتين من حكمه عليه السّلام
(242) و قال عليه السّلام: فرض اللَّه الإيمان تطهيرا من الشّرك و الصّلاة تنزيها عن الكبر، و الزّكاة تسبيبا للرّزق، و الصّيام ابتلاء لإخلاص الخلق، و الحجّ تقربة [تقوية] للدّين، و الجهاد عزّا للإسلام، و الأمر بالمعروف مصلحة للعوامّ، و النّهى عن المنكر ردعا للسّفهاء، و صلة الرّحم منماة للعدد، و القصاص حقنا للدّماء، و إقامة الحدود إعظاما للمحارم، و ترك شرب الخمر تحصينا للعقل، و مجانبة السّرقة إيجابا للعفّة، و ترك الزّنا تحصينا للنّسب، و ترك اللّواط تكثيرا للنّسل، و الشّهادات [ة] استظهارا على المجاحدات، و ترك الكذب تشريفا للصّدق، و السّلام أمانا من المخاوف، و الإمامة نظاما للأمّة، و الطّاعة تعظيما للإمامة.
اللغة
(التقربة) مصدر بمعنى التقريب. (منماة): مصدر ميمي من النمو. (حقنا):
من حقنت دمه خلاف هدّرته. و (الجحود) هو الانكار مع العلم يقال: جحد حقّه جحدا و جحودا: أى أنكره مع علمه بثبوته- مجمع البحرين.
الاعراب
قوله: تطهيرا من الشرك: مفعول له لقوله: فرض، و هكذا نظائره إلى آخر الكلام.
المعنى
في كلامه عليه السّلام مباحث عميقة مفصّلة نلخّصها فيما يلي: 1- الفرض يطلق على معان: منها ما يقابل النفل فيقال: فريضة الظهر و نافلة الظهر، فيدلّ على الوجوب و منها ما يقابل السنّة كقول الصادق عليه السّلام في حديث بكير «السنّة لا تنقض الفريضة» فيدلّ على الواجب الأهمّ و ما يسمّيه الفقهاء ركنا.
و منها ما أطلقوه في باب المواريث فقالوا: يرث بالفرض، و يقابله الارث بالرّدّ و المقصود من الفرض السهام المنصوص عليها في القرآن أو السنّة، و من الردّ ما يدلّ عليه عموم آيات الارث و أدلّته، و منه أخذوا الفرائض كعنوان لمسائل الارث.
و قد استعمل الفرض في كلامه عليه السّلام بمعناه اللغوى البحت و هو التقرير و التثبيت بقول مطلق، فقوله: (فرض اللَّه) أى قرّر اللَّه كذا و كذا فيعمّ بمفهومه جميع المعاني المتقدمة، و يشمل الواجب و المندوب و الفرائض و السّنن المقرّرة في الشريعة الاسلاميّة من الاصول و الفروع، و الواجب و المندوب، فالايمان واجب اصولي، و الصّلاة فريضة فرعيّة واجبة، و السّلام سنّة مؤكّدة مندوبه.
و قد خفي ذلك على الشارح المعتزلي فحمل كلامه على ردّ السّلام ليكون واجبا فقال: و شرع ردّ السّلام أمانا من المخاوف، لأنّ تفسير قول القائل: سلام عليكم أى لا حرب بيني و بينكم، بل بيني و بينكم السّلام، و هو الصلح انتهى.
و حمله ابن ميثم على الاسلام فقال: السابعة عشر: الاسلام و من غاياته الأمن من مخاوف الدّنيا، لصولة الاسلام على سائر الأديان، و من مخاوف الاخرة و هو ظاهر، و روى السّلام و لما كان سببا للتودّد إلى الخلق كان أمنا من مخاوفهم.
أقول: و العبارة فيما رأيناه من النسخ أثبت الجملة بلفظ السّلام و لم نطلع على ما رواه، و السرّ في تنظيمه عليه السّلام هذه الجملة في ضمن الفرائض الهامة أنه كان منها في صدر الاسلام لأنّ محيط جزيرة العرب عهدئذ محيط الغارة و القتل و الغزو، و لا يلتقى اثنان لا يكون بينهما تواثق قبلي يعرف أحدهما الاخر أولا يعرفه إلّا أنه يأخذهما الخوف و الوحشة من اغتيال أحدهما للاخر، فكلّ أعرابي يأخذ سلاحه و يدور في طلب الصّيد و لا يبالى أن يصيد حيوانا يستمتع بلحمه و جلده، أو إنسانا يستمتع بلباسه و ما معه من سلاح و عتاد و متاع.
فشرع الاسلام السّلام و جعله صيغة عقد الأمان بين متلاقيين، فاذ ترادّ بينهما هذه الصيغة تعهّد كلّ منهما ترك التعرّض للاخر فكان أهميّته عهدئذ كأهميّة الصّلاة و سائر الفرائض.
و قد نزل في شأن السّلام آيات بليغة فى القرآن فقال تعالى بعد الأمر بالقتال فى «86- النّساء- : «وَ إِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها» و قال تعالى فى «94- النّساء- : «وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا».
2- قد بيّن عليه السّلام فى صدر ما فرض اللَّه الايمان، و علّله بأنه للتطهير من الشّرك، فكان المقصود من الايمان هو الاعتقاد باللّه الأحد الواحد، و مرجعه إلى فرض عقيدة التوحيد، و هو من اصول الدّين بل أصل اصولها.
و قد قرّر المتكلّمون و الفقهاء أنّ التوحيد واجب عقلىّ و لا يصحّ أن يكون واجبا شرعيّا و فرضا إلهيّا، فانه يستلزم الدّور الواضح و لم أجد من ذهب إلى أنّ التوحيد واجب شرعي و فريضة إلهيّة و إن ذهب بعض إلى أنّ النبوّة واجب شرعي كابن خلدون في مقدّمته.
فلا بدّ من حمل قوله عليه السّلام: فرض اللَّه، على معنى أعمّ من الارشادي و التعبدي المولوي، و هل يجمعهما مفهوم واحد فتدبّر، أو يحمل على بعض الايمان فانّ الايمان قول و عمل كما ورد في بعض الأحاديث، و الايمان يزيد و ينقص كما في بعضها، و له عشر درجات كما في حديث آخر، و هل يستقيم ذلك مع قوله: تطهيرا للشّرك فتدبّر.
3- قد علّل عليه السّلام في هذا الكلام من مهامّ المقرّرات في شريعة الاسلام إلى أن بلغ تسع عشرة، فهل تكون العلل التي ذكرها كما يظهر من إطلاق الكلام عللا تامّة فيستفاد من كلامه تسع عشر كبرى فقهيّة تقرّر هكذا: كلّ مطهر من الشرك فريضة، كلّ منزه عن الكبر فريضة، كلّ تسبيب للرّزق فريضة، كلّ ابتلاء لاخلاص الخلق فريضة، و على هذا النّمط.
فانّ ظاهر التعليل يقتضي اندراج موضوع الحكم الصغروى تحت هذه الكلّية التي علّل بها و تكون كبرى لها، فيسرى الحكم إلى سائر الموضوعات و الموارد الغير المنصوصة المشتركة مع المنصوص في الاندراج تحت هذه الكبرى التي علّلت به الحكم في هذا الموضوع الخاص، و اصطلح عليه علماء الاصول بالقياس المنصوص العلّة و جعلوه حجّة كقياس الأولويّة، و استثنوا من كبرى بطلان القياس في فقه الشيعة الإمامية بل أخرجوهما منه موضوعا بأنّ الحكم في الفرع منصوص مستفاد من عموم العلّة و من ظهور اللّفظ في قياس الأولوية.
و لكن لو جعلت هذه الكبريات التسع عشرة كلّيات عامّة فقهيّة يستلزم فقه جديد و لا أظنّ الفقهاء يلتزمون بها، فتحمل على بيان الحكمة في هذه الأحكام و الحكمة لا تسري الحكم عن الموضوع المنصوص إلى غيره.
و قد ورد روايات كثيرة في بيان حكمة الأحكام الشرعيّة قد جمعها الشيخ المتقدّم الصّدوق رضوان اللَّه عليه في كتابه علل الأحكام فصار كتابا ضخما.
و لكن لا يستند الفقهاء في إثبات الأحكام إلى كلّيات هذه العلل المرويّة مضافا إلى ما ذكرنا من أنّ المقصود من الفرض في كلامه هذا أعمّ من الحكم الارشادي و المولوي و من الوجوب و الندب، فلا يستفاد منها حكم الوجوب في غير المورد المنصوص.
4- قد اختلف علماء الاصول في أنّ الداعي في تشريع الأحكام المصالح و المفاسد المنظورة في موضوعاتها، فكان الأحكام الشرعيّة كنسخة الطبيب في بيان دواء المريض، أو المصلحة في نفس جعل الحكم و التشريع، و يظهر من كلامه عليه السّلام تأييد القول الأوّل، و لا يسع المقام لتفصيل هذا البحث هنا.
الترجمة
فرمود: مقرّر داشت خداوند بر بندگان خود ايمان را براى پاك كردن دلها از آلودگى شرك، و نماز را براى شستشوى جانها از تكبّر، و زكاة را براى فراهم شدن وسيله روزى، و روزه را براى آزمودن اخلاص آفريدگان، و حجّ را براى نزديك كردن مردم بديانت، و جهاد در راه حق را براى عزّت و سرفرازى إسلام و أمر بمعروف را براى إصلاح وضع عمومى همه مردم، و نهي از منكر را براى باز داشتن كم خردان از تبهكارى، و صله رحم را براى فزونى شماره مسلمانان و قصاص را براى حفظ و حرمت خونها، و إقامه حدود و مجازاتهاى إلهي را براى بزرگ شمردن خلاف در ارتكاب كارهاى حرام.
و ترك شرب خمر را براى نگهدارى و صيانت خرد، و بر كناري از دزدى را براى تثبيت پارسائى، و ترك زنا را براى حفظ و حمايت از نسب، و ترك لواط را براى بسيار شدن نسل، و گواه شدن و گواهى دادن را براى كشف حق در مورد انكار منكران حقّ حقداران، و ترك دروغ را براى احترام و تشويق براستگوئي و درود و سلام را براى آرايش از هراسها، و إمامت بر امّت را براى حفظ نظام ملّت اسلام، و فرمانبرى از خدا و رسول و امام را براى تعظيم و بزرگداشت مقام رهبرى و إمامت.
- گفت على: فرض نموده خدا بر همه ايمان كه نمايد رها
- از بت و بتساز بشر يكسرهأرض بشويد ز بت و بتكده
- فرض نماز است براى نياز تا كه بشر را كند از كبر باز
- فرض زكاتست سبب ساختنروزى از اين راه بپرداختن
- روزه ز اخلاص بود تجربه كو ز رياضت ننمايد گله
- حج بكشاند بديانت بشرعزت اسلام جهادى بفرّ
- أمر بمعروف صلاح عوام نهي ز منكر بسفيهان زمام
- خويش نوازى بفزايد عددريختن خون ز قصاص است سدّ
- كيفر بدكار نمايد عظيم در نظر خلق جنايت ز بيم
- ترك مى از بهر حفاظ خردمنع ز دزديت عفاف آورد
- ترك زنا حفظ نسب ميكند ترك لواط است مزيد عدد
- مانع انكار شهادت بوددرك شرافت بصداقت بود
- فرض سلام از پى أمن از هراس أمر إمامت پى تنظيم ناس
- فرض شده طاعت و فرمانبرىاز پى تعظيم امام أر برى
( منهاج البراعه فی شرح نهج البلاغه(الخوئی) ج 21 ص318-323)
|