الثلاثون من حكمه عليه السّلام
القسم الأول
(30) و سئل عليه السّلام عن الإيمان، فقال: الإيمان على أربع دعائم: على الصّبر و اليقين و العدل و الجهاد. و الصّبر منها على أربع شعب: على الشّوق، و الشّفق، و الزّهد، و التّرقّب: فمن اشتاق إلى الجنّة سلاعن الشّهوات، و من أشفق من النّار اجتنب المحرّمات، و من زهد في الدّنيا استهان بالمصيبات، و من اتقب الموت سارع إلى الخيرات. و اليقين منها على أربع شعب: على تبصرة الفطنة، و تأوّل الحكمة، و موعظة العبرة، و سنّة الأوّلين: فمن تبصّر في الفطنة تبيّنت له الحكمة، و من تبيّنت له الحكمة عرف العبرة، و من عرف العبرة فكأنّما كان في الأوّلين. و العدل منها على أربع شعب: على غائص الفهم، و غور العلم، و زهرة الحكم، و رساخة الحلم، فمن فهم علم غور العلم و من علم غور العلم صدر عن شرائع الحكم، و من حلم لم يفرّط في أمره و عاش في النّاس حميدا. و الجهاد منها على أربع شعب: على الامر بالمعروف، و النّهى عن المنكر، و الصّدق في المواطن، و شنئان الفاسقين، فمن أمر بالمعروف شدّ ظهور المؤمنين، و من نهى عن المنكر. رغم أنوف المنافقين، و من صدق في المواطن قضى ما عليه و من شنى ء الفاسقين و غضب للّه غضب اللَّه له و أرضاه يوم القيامة.
اللغة
(الدّعامة) جمع دعائم: عماد البيت، (شفق) شفقا من الأمر: خاف (ترقب) انتظره، (سلا) عن الشي ء: ذهل عن ذكره و هجره (الشعبة) الطائفة من الشي ء (الفطنة) فطن في الأمر و به و إليه: أدركه، فهمه و حذق فيه (أوّل) الكلام: فسّره و قدّره (غاص) على المعاني: بلغ غايته القصوى، (غار) غورا: دقّق النظر فيه (رسخ) رسوخا: ثبت في موضعه (فرّط) في الشي ء قصّر و أظهر العجز فيه (شنى ء) شنئانا: أبغضه مع عداوة و سوء خلق- المنجد.
الاعراب
على أربع دعائم، جار و مجرور متعلّق بفعل مقدّر خبر لقوله: الإيمان على الصبر بدل الجزء من الكلّ لأربع دعائم، فمن اشتاق إلى الجنّة شرطيّة، و جملة سلاعن الشهوات جزاؤها، الإضافة في موعظة العبرة بيانيّة، الإضافة في غائص الفهم من إضافة الصفة إلى الموصوف، و في غور العلم من إضافة المصدر إلى المفعول و في رساخة الحلم من إضافة المصدر إلى الفاعل، و في شنئان الفاسقين من إضافة المصدر إلى المفعول، لفظة ما، في قضى ما عليه موصولة، و جملة الظرف صلتها.
المعنى
روى هذا الحديث في الاصول من الكافي في باب صفة الإيمان بالاسناد الأوّل عن ابن محبوب، عن يعقوب السرّاج، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السّلام- و الاسناد الأوّل هو عليّ بن ابراهيم، عن أبيه، و محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى و عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد جميعا عن الحسن بن محبوب- إلخ.
قال المجلسي رحمه اللَّه في شرحه: و هو صحيح و هو من تتمّة الخبر السابق، و هو مرويّ في الكتب الثلاثة بتغيير نشير إلى بعضه، قال في النّهج: سئل عليّ عليه السّلام عن الإيمان، فقال: الإيمان على أربع دعائم.
قال ابن الميثم: أما الايمان فاعلم أنه أراد الايمان الكامل، و ذلك له أصل و له كمالات بها يتمّ أصله، فأصله لهو التصديق بوجود الصانع تعالى و ماله من صفات الكمال و نعوت الجلال- إلخ.
أقول: الاسلام حقيقة مركّبة قولا و فعلا، أمّا بالنظر إلى القول فهو مركّب من الشهادتين: التوحيد و النبوّة كلمتي أشهد أن لا إله إلّا اللَّه، و أشهد أنّ محمّد رسول اللَّه، و أمّا فعلا فهو فروع الدّين المقررة فله سبعة أسهم كما في الحديث.
أمّا الايمان فهو حقيقة بسيطة و عقيدة جازمة قلبيّة و نور يتشعشع من باطن الانسان و ينبسط على مشاعره و أعضائه، فله قوّة و ضعف و يعتبر له بهذا النظر درجات اشير إلى أنها عشر درجات في بعض الأخبار.
ففي الكافي عن عبد العزيز القراطيسى قال: قال لي أبو عبد اللَّه عليه السّلام: يا عبد العزيز الإيمان عشر درجات بمنزلة السّلّم يصعد منه مرقاة بعد مرقاة فلا يقولنّ صاحب الواحدة لصاحب الاثنين: لست على شي ء حتى ينتهي إلى العاشرة فلا تسقط من هو دونك فيسقطك من هو فوقك و إذا رأيت من هو أسفل منك بدرجة فارفعه اليك برفق و لا تحملن عليه ما لا يطيق فتكسّره فانّ من كسّر مؤمنا فعليه جبره.
و ما ذكره عليه السّلام في هذا الحديث من الدعائم و الشعب فهى باعتبار مباديه و آثاره و بسطه على المشاعر الانسانية و وجدان الانسان و أخلاقه، و بتعبير آخر فسّر عليه السّلام في هذا الكلام الايمان من وجهته الأخلاقية و العلمية و وصفه توصيفا بليغا.
و الظّاهر أنّ السؤال ليس ما هو الايمان بل كيف الإيمان أو على ما هو الايمان فأجاب عليه السّلام بأنّ الايمان على أربع دعائم، و ظاهره أنّ إقامة هذه الدعائم الأربعة شرط وجود الايمان، و لا يمكن اقامته على ثلاثة منها أو اثنتين منها، و قوّة الايمان و ضعفه يقاس بقوّة هذه الدعائم و ضعفها، لا بتمامها و نقصانها.
فأوّل الدعائم الصبر، و هو المقاومة تجاه المكاره و تحمّل المشاق لنيل المقاصد و يبدأ من الاشتياق نحو المقصد الأعلى، و الاشتياق يتضمّن فراق المحبوب و يستلزم تحمّل ألم وجدة ربما يصل إلى مقام العشق و الوله، فلا بدّ من الصّبر دون ذلك و أمّا الخوف و الزهد و الترقب الّذى فسّره بانتظار الموت و التهيّأ له فالام كلّها.
و فسّر الصبر في الاشتياق بأنّ الشوق إلى الجنّة و هو المقصد المتعارف لأهل الايمان ملازم لمفارقة كلّ الشهوات المادّية و الطبيعية و مزاولة الرياضات، فيحتاج إلى صبر ثابت و أكيد فهو أشدّ ألما من الخوف و الاشفاق الّذي يلازم اجتناب المحرّمات فحسب، لأنه ليس كلّ محرّم من الشهوات، كما أنّ كلّ الشهوات ليست من المحرّمات.
فالصّبر هو ما يعبّر عنه في لسان أرباب الحكمة بالعفّة و اعتبروها أحد الأركان الأربعة لاستكمال النّفس و هي: الحكمة، و العفّة، و الشّجاعة، و العدالة و فسّروا العدالة بأنها الامساك عن الشره في فنون الشهوات المحسوسة و عدم الانقياد للشهوة و قهرها و تصريفها بحسب الرأى الصحيح و مقتضى الحكمة المذكورة، فالعفّة عند الحكماء صورة حاصلة للنفس الانسانية بتعديل القوّة الشهوية و تقييدها بما حكم به العقل الصحيح و قرّره الشرع الصريح، و لكنّ الصبر على ما فسّره عليه السّلام بين شعبه أعمّ و أتمّ ممّا ذكره الحكماء في هذا المقام.
و أمّا اليقين الّذى هو الحكمة المتعالية النظرية عند الفلاسفة، فيحتاج إلى فطنة بصيرة و نظر ثاقب في العواقب يخرق حجاب المادّة و ينفذ إلى ما وراء العالم المحسوس المحدود، و وجدان تيقّظ يتأثر من الامور و دراسة لأحوال الامم السالفة الناجية منها و الهالكة، و هذه كلّها دروس القيت في ضمن آيات القرآن الكريمة.
و قد رتّب عليه السّلام هذه الامور و جعلها درجات متتالية يصعد السالك فيها من درجة إلى درجة عليا، فمهما لم يتحصّل للانسان فطنة بصيرة وقّادة لا يتبيّن له الحكمة و لا يقدر أن يقدر الموازين الصحيحة للحقائق و الدلالة على حصول هذه الدرجة هو العبرة و التأثر عن أحوال الماضين، فقوّة الايمان و ضعفه يدور مدار قوّة العقل و ضعفه، فقد ورد في باب العقل و الجهل أخبار كثيرة في ذلك نذكر شطرا منها: 1- سيف بن عميرة عن إسحاق بن عمار قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السّلام: من كان عاقلا كان له دين، و من كان له دين دخل الجنّة.
2- عن محمّد بن سليمان الديلمى، عن أبيه قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السّلام: فلان من عبادته و دينه و فضله كذا، فقال: كيف عقله قلت: لا أدرى، فقال: إنّ الثواب على قدر العقل، إنّ رجلا من بنى إسرائيل كان يعبد اللَّه في جزيرة من جزائر البحر خضراء نضرة كثيرة الشجر ظاهرة الماء، و أنّ ملكا من الملائكة مرّ به فقال: يا ربّ أرني ثواب عبدك هذا، فأراه اللَّه ذلك فاستقلّه الملك، فأوحى اللَّه إليه أن اصحبه، فأتاه الملك في صورة إنسيّ فقال له: من أنت قال: أنا رجل عابد بلغنى مكانك و عبادتك في هذا المكان فأتيتك لأعبد اللَّه معك، فكان معه يومه ذلك فلما أصبح قال له الملك: إنّ مكانك لنزه و ما يصلح إلّا للعبادة، فقال له العابد: لمكاننا هذا عيب، فقال له: و ما هو قال: ليس لربنا بهيمة فلو كان له حمار لرعيناه في هذا الموضع فانّ هذا الحشيش يضيع، فقال له الملك: ليس لربك حمار، فقال: لو كان له حمار ما كان يضيع مثل هذا الحشيش، فأوحى اللَّه إلى الملك إنما اثيبه على قدر عقله.
كما أنّ العدل يحتاج إلى فهم القوانين الصحيحة و الاحاطة بحقائقها مقرونا بحسن إجرائها و الدّفة في تطبيقها على مواردها، فلا بدّ من فهم غوّاص و علم غوار للحقائق و احكام قضائية زاهرة صريحة، و حلم ثابت في مقام إجرائها بين الخليقة، و قد أشار عليه السّلام إلى شخصية قاض عادل و حاكم ربانىّ بأنه لا يقصّر في اموره و يعيش بين النّاس محمود الخصائل و الفضائل، و نذكر هنا أخبارا في القاضي و القضاء: 1- روى في الكافى في كتاب القضاء في باب أنّ الحكومة إنما هي للامام عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال: اتّقوا الحكومة فانّ الحكومة إنما هي للامام العالم بالقضاء العادل في المسلمين لنبيّ أو وصيّ نبيّ.
2- عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام لشريح: يا شريح قد جلست مجلسا لا يجلسه إلّا نبيّ أو وصيّ نبيّ أو شقيّ.
3- عن سعيد بن أبي خضيب البجلي قال: كنت مع ابن أبي ليلى مزامله حتّى جئنا إلى المدينة فبينا نحن في مسجد الرسول صلّى اللَّه عليه و آله إذ دخل جعفر بن محمّد فقلت لابن أبي ليلى: تقوم بنا إليه، قال: و ما نصنع عنده فقلت: نسائله و نحدّثه، فقال: قم، فقمنا إليه فسائلني عن نفسي و أهلى ثمّ قال: من هذا معك فقلت: ابن أبي ليلى قاضي المسلمين، فقال: أنت ابن أبي ليلى قاضي المسلمين فقال: نعم قال: تأخذ مال هذا فتعطيه هذا و تقتل و تفرّق بين المرء و زوجه لا تخاف في ذلك أحدا قال: نعم، قال عليه السّلام: فبأىّ شي ء تقضى قال: بما بلغني عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله و عن عليّ و عن أبي بكر و عمر، قال: فبلغك من رسول اللَّه أنه قال إنّ عليّا أقضاكم قال: نعم، قال: فكيف تقضي بغير قضاء عليّ و قد بلغك هذا- إلخ.
و الركن الرابع للايمان الجهاد، فلا بدّ للمؤمن أن يكون دائما مشمّر الذّيل يجاهد في سبيل الحقّ و يكافح الجاهلين و المعاندين يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر و يصدق في المعارك و ميادين النضال و المبارزة القائمة بين فئتي الحقّ و الباطل في كلّ حال، و يحتاج المبارزة و النضال إلى وجدان حقّانيّ يبغض المنافق و الفاسق فيقدر المؤمن أن يكافحه و يقوم في وجهه و يقاتله و يستأصله، فمن لم يبغض الباطل و يشنئه لا يقدر على دفعه بما يقتضيه الحال، فالأمر بالمعروف يقوي جامعة أهل الايمان، كما أنّ النهي عن المنكر يهزم فئة الأعداء المنافقين الّذين هم أشدّ نكاية على أهل الايمان من الكفّار المحاربين علنا في الميدان.
و نذكر هنا قصّة من صور الصدق في المواطن و المقاومة على وجه الباطل من الشرح لابن أبى الحديد و نترجمها في ذيل التّرجمة فانها مفيدة جدا، قال الشارح المعتزلي في الجزء «18 ص 144»: و روى ابن قتيبة في كتاب «عيون الأخبار» قال: بينما المنصور يطوف ليلا بالبيت سمع قائلا يقول: اللّهم إليك أشكو ظهور البغي و الفساد و ما يحول بين الحق و أهله من الطمع، فخرج المنصور فجلس ناحية من المسجد، و أرسل إلى الرّجل رسولا يدعوه، فصلّى ركعتين، و استلم الركن، و أقبل على المنصور و سلّم عليه بالخلافة، فقال المنصور: ما الّذي سمعتك تقوله من ظهور البغي و الفساد في الأرض و ما يحول بين الحقّ و أهله من الطمع فو اللَّه لقد حشوت مسامعى ما أرمضني، فقال يا أمير المؤمنين إن أمنتنى على نفسي أنبأتك بالامور من اصولها، و إلّا احتجزت منك، و اقتصرت على نفسي فلي فيها مشاغل، قال: أنت آمن على نفسك فقل فقال: إنّ الّذى دخله الطمع حتّى حال بينه و بين إصلاح ما ظهر من البغى و الفساد لأنت، قال: ويحك، و كيف يدخلني الطمع و الصفراء و البيضاء في قبضتي و الحلو و الحامض عندي، قال: و دخل أحد من الطمع ما دخلك إذ اللَّه عزّ و جلّ استرعاك المسلمين و أموالهم، فأغفلت امورهم، و اهتممت بجمع أموالهم، و جعلت بينك و بينهم حجبا من الجصّ و الاجر، و أبوابا من الحديد، و حجبة مع السّلاح، ثمّ سجنت نفسك فيها منهم، و بعثت عمّا لك في جباية الأموال و جمعها، و قويتهم بالسّلاح و الرجال و الكراع، و أمرت بأن لا يدخل عليك إلّا فلان و فلان، نفر سميتهم، و لم تأمر بايصال المظلوم و الملهوف، و لا الجائع و الفقير، و لا الضّعيف و العارى، و لا أحد ممن له في هذا المال حقّ، فما زال هؤلاء النفر الّذين استخلصتهم لنفسك و آثرتهم على رعيتك و أمرت أن لا يحجبوا عنك يحبون الأموال و يجمعونها و يحجبونها و قالوا: هذا رجل قد خان اللَّه، فما لنا لا نخونه، و قد سخرنا فائتمروا على أن لا يصل إليك من أخبار النّاس شي ء إلّا ما أرادوا، و لا يخرج لك عامل فيخالف أمرهم إلّا بغّضوه عندك و بغوه الغوائل، حتّى تسقط منزلته و يصغر قدره، فلمّا انتشر ذلك عنك و عنهم أعظمهم النّاس و هابوهم و كان أوّل من صانعهم عمّا لك بالهدايا و الأموال ليقووا بها على ظلم رعيتك، ثمّ فعل ذلك ذو و القدرة و الثروة من رعيتك لينالوا ظلم من دونهم، فامتلأت بلاد اللَّه بالطمع بغيا و فسادا و صار هؤلاء القوم شركاؤك في سلطنتك و أنت غافل، فان جاء متظلّم حيل بينه و بين دخول دارك، و إن أراد رفع قصة إليك عند ظهورك وجدك و قد نهيت عن ذلك، و وقفت للنّاس رجلا ينظر في مظالمهم، فان جاءك المتظلم إليه أرسلوا إلى صاحب المظالم أن لا يرفع إليك قصّته، و لا يكشف لك حاله، فيجيبهم خوفا منك، فلا يزال المظلوم يختلف نحوه، و يلوذ به، و يستغيث إليه و هو يدفعه، و يعتلّ عليه، و إذا اجهد و احرج و ظهرت أنت لبعض شأنك صرخ بين يديك، فيضرب ضربا مبرحا ليكون نكالا لغيره و أنت تنظر و لا تنكر، فما بقاء الاسلام على هذا.
فقد كنت أيام شبيبتي اسافر إلى الصّين، فقدمتها مرّة و قد اصيب ملكها بسمعه، فبكى بكاء شديدا، فحداه جلساؤه على الصبر، فقال: أما أني لست أبكي على البلية النازلة، و لكن أبي للمظلوم بالباب يصرخ فلا أسمع صوته، ثمّ قال: أما إذ ذهب سمعي فانّ بصري لم يذهب، نادوا في النّاس أن لا يلبس ثوبا أحمر إلّا مظلوم، ثمّ كان يركب الفيل طرفي نهاره ينظر هل يرى مظلوما.
فهذا مشرك باللّه غلبت رأفته بالمشركين على شحّ نفسه، و أنت مؤمن باللّه من أهل بيت نبيّه لا تغلبك رأفتك بالمسلمين على شحّ نفسك، فان كنت إنما تجمع المال لولدك فقد أراك اللَّه تعالى عبرا في الطّفل يسقط من بطن امّه ما له على الأرض مال، و ما من مال يومئذ إلّا و دونه يد شحيحة تحويه، فلا يزال اللَّه يلطف بذلك الطفل حتّى تعظم رغبة النّاس إليه، لست بالّذي تعطي، و لكنّ اللَّه يعطي من يشاء ما يشاء.
و اذ قلت: إنّما أجمع المال لتشييد السلطان، فقد أراك اللَّه عبرا في بني اميّة ما أغنى عنهم ما جمعوا من الذّهب و الفضة و أعدّوا من الرّجال و السّلاح و الكراع حين أراد اللَّه بهم ما أراد.
و إن قلت: أجمع المال لطلب غاية هي أجسم من الغاية الّتي أنا فيها، فو اللَّه ما فوق ما أنت فيه إلّا منزلة لا تدرك إلّا بخلاف ما أنت عليه، انظر هل تعاقب من عصاك بأشدّ من القتل قال: لا، قال: فانّ الملك الّذى خولك ما خولك لا يعاقب من عصاه بالقتل، بل بالخلود في العذاب الأليم، و قد رأى ما قد عقدت عليه قلبك و عملته جوارحك، و نظر إليه بصرك، و اجترحته يداك، و مشت إليه رجلاك، و انظر هل يغني عنك ما شححت عليه من أمر الدّنيا إذا انتزعه من يدك و دعاك إلى الحساب على ما منحك.
فبكى المنصور، و قال: ليتني لم اخلق، ويحك فكيف احتال لنفسي فقال: إنّ للنّاس أعلاما يفزعون إليهم في دينهم، و يرضون بقولهم، فاجعلهم بطانتك يرشدونك، و شاورهم في أمرك يسدّدوك قال: قد بعثت إليهم فهربوا، قال: نعم خافوا أن تحملهم على طريقك، و لكن افتح بابك، و سهل حجابك، و انظر المظلوم و اقمع الظالم، خذ الفى ء و الصدقات ممّا حلّ و طاب، و اقسمه بالحقّ و العدل على أهله، و أنا الضامن عنهم أن يأتوك و يسعدوك على صلاح الامّة.
و جاء المؤذّنون فسلّموا عليه و نادوا بالصّلاة، فقام و صلّى و عاد إلى مجلسه فطلب الرّجل فلم يوجد.
الترجمة
سؤال شد علي عليه السّلام از ايمان، در پاسخ فرمود: ايمان بر چهار پايه استوار است: بر صبر، و يقين، و عدالت، و جهاد.
و از آن جمله صبر بر چهار شعبه است: بر اشتياق، و بيم، و زهد، و مراقبت هر كس مشتاق بهشت است از همه شهوات بدور است، و هر كس از دوزخ بهراسد از همه محرّمات بر كنار است، و هر كسى در دنيا زهد ورزد از هيچ مصيبت نلرزد و هر كسى مراقب مرگ است بهر كار خيرى بشتابد.
و از آن جمله يقين بر چهار شعبه است: بر بينائى هوش، و عاقبت سنجى درست و پندآموزى از عبرت، و توجّه بروش گذشتگان، هر كه هوش بينا دارد عاقبت سنجى او روشن است، و هر كس بدرستى عاقبت را سنجيده عبرت آموخته، و هر كه عبرت آموخته گويا با گذشتگان بوده و تجربه اندوخته.
عدالت از آن جمله بر چهار شعبه است: فهم رسا، و دانش مو شكاف و عميق و حكم شكوفان و درست، و حلم ثابت و پابرجا، هر كه فهم دارد دانش مو شكاف بدست آرد، و هر كه دانش مو شكاف بدست آرد از سرچشمه أحكام درست سرشار باشد و هر كس حلم ورزد در كار خود كوتاهى نكند، در ميان مردم ستوده زندگى كند.
جهاد را چهار شعبه است: أمر بمعروف، نهي از منكر، صدق و وفا در ميدانهاى مبارزه و نبرد، و بد داشتن مردمان فاسق و فاسد، هر كه أمر بمعروف كند پشت مؤمنان را نيرومند ساخته، و هر كس بنهى از منكر بپردازد بينى منافقان را بخاك ماليده، و هر كس در ميدان مبارزه براه صدق و وفا رود هر چه بر عهده او است انجام داده، و هر كس فاسقان را بد دارد و براى خدا خشم آرد خدا براي او خشم آرد و روز قيامت او را خوشنود سازد.
- از علي شد سؤال از ايمان گفت بر چار پايه باشد آن
- صبر باشد يقين و عدل و جهادصبر را چار شعبه گشت عماد
- شوق و اشفاق و زهد و خودپائى كه بيارد بمرد بينائى
- هر كه شوق بهشتش اندر سربايد از شهوتش بريد نظر
- هر كه از نار بيم جان دارد دست از هر حرام بردارد
- هر كه را زهد مى شود پيشهاز مصائب ندارد انديشه
- هر كه در انتظار مرگ بود او شتابان بكار خير رود
- شد يقين را چهار شعبه ستونهوشمندى و حكمتى موزون
- پند عبرت مدار رسم كهن كه بياموزدش هزاران فن
- هر كه باهوش و تيزبين گرددحكمت روشنش قرين گردد
- هر كه با عبرت گرفت و پند گزيد وضع پيشينيان بخوبى ديد
- عدل بر چار شعبه شد ستوارفهم غواص و دانش غوار
- گل احكام و حلم پابرجا كه معطر شود از آن دلها
- هر كه فهمد بغور علم رسدو ز تك علم حكم شرع برد
- شخص با حلم كى كند تقصير بين مردم بزندگى است بصير
- چار شعبه جهاد را پايه استامر معروف و نهى ناشايست
- مردى اندر برابر دشمن كينه جوئى ز فاسقان زمن
- هر كه را شيوه امر بمعروفپشت مؤمن قوى كند بوقوف
- هر كه را نهي منكر است شعار هر منافق از و بخاك دمار
- هر كه مردى كند بگاه نبردهر چه بر عهده دارد ايفاء كرد
- هر كه با فاسقان بود دشمن خشم كرد است در ره ذو المنّ
- خشم گيرد خدا بدشمن اودر قيامت از او شود دلجو
ترجمة القصة
ابن قتيبه در كتاب عيون الاخبارش چنين آورده گويد: منصور شبى در طواف خانه كعبه بود گوينده ئى را شنيد كه چنين مى ناليد: بار خدايا بدرگاه تو شكايت آرم از ظهور ستم و تباهى و از طمعى كه ميان مردم و حق سايه افكنده، منصور از طوافگاه بدر آمد و در گوشه اى از مسجد بنشست و بدنبال آن مرد فرستاد و او را بار داد، آن مرد دوگانه بپرداخت و پس از استلام حجر نزد وى شتافت و سلام خلافت را تسليم كرد.
منصور بدو گفت: اين فرياد كه از ظهور ستم و بيدادت از تو بگوشم رسيد چه بود و مقصودت از طمع كار حائل ميان مردم و حق كه بود بخدا هر چه گوش دادم از درد و ألم بياگندى، گفت: يا أمير المؤمنين اگر بر جانم أمان بخشى از ريشه هر كارت آگاه سازم و گرنه از اظهار حقيقت دريغ نمايم و خود را نگهدارم كه با خود كارها دارم، منصور گفت: جان تو در امانست هر چه دارى بگو، در پاسخ گفت: آنكه طمعش ميان مردم و حق حائل است و از اصلاح ستم و تباهى مانع، خودت هستى، منصور گفت: واى بر تو چگونه طمع بمن در آيد كه همه سيم و زر جهان در دست دارم، و هر ترش و شيرينم فراهم است در پاسخ گفت: هيچ كس را چون تو طمع در نگرفته، خداوند عزّ و جلّ تو را سرپرست جان و مال مسلمانان ساخته، و تو از كارهاى آنان بغفلت اندرى، و بچپاول اموالشان چيره و خودسر، در اين ميان پرده ها از گچ و آجر بر آوردى، و درهاى آهنين بر آنها نهادى، و دربانان مسلح بر گماشتى و خويش را در درون آن زندانى ساختى و كارمندانت را بگرد آوردن اموال و انباشتن آن گسيل نمودى، و با اسلحه و دژبانان وسائل نقليه نيرومندشان ساختى، و دستور دادى جز فلان و فلان كه نامبرده اى به حضورت نرسند و از پذيرش ستم ديده و درمانده و گرسنه و درويش و ضعيف و برهنه دريغ داري، و اينان كه حق در بيت المال دارند دور نگه داشتى.
هميشه آن چند نفر مخصوصانت كه از همه رعيت برگزيده داشتى و حجاب از پيش آنان برداشتى، أموال را بگيرند و گرد كنند و انباشته و پس انداز خويش سازند.
گويند: اين مرد خود بخدا خائن است چرا ما بدو خيانت نكنيم با اين كه مسخر او شديم، اينان ميان خود سازش كردند نگزارند وضع مردم و أحوال آنان بتو گوش زد شود مگر آنچه را بخواهند و بسود خود دانند، و هر كارگزارى از درت برآيد و با آنان مخالفت آغازد او را پيش تو مبغوض سازند و از در برانند و براي او پرونده بسازند تا از نظر بيفتد و خوار گردد، چون اين وضع ميان تو و آنان گوشزد همگان شده مردم آنان را بزرگ شمارند و از آنها بهراسند و نخستين دسته اى كه كه سازش با آنها بشتابند كارگزاران تو باشند كه بدانها هديه برند و رشوه دهند تا دست ستمشان بر سر رعايا باز باشد، و سپس مردم با نفوذ و ثروتمند از طبقه رعيت با آنها سازش كنند تا بر ديگران ستم نمايند و سراسر بلاد خدا پر از طمع و ستم و تباهى شود، اين چند نفر با تو شريك سلطنت شده و تو در غفلت اندرى اگر دادخواهى بدرگاه آيد نگذارند بر تو در آيد، اگر خواهد هنگام خروج از خانه ات بتو شكايت برد مانع گماشتي ببهانه اى كه براى مردم بازرس مظالم مقرر داشتى، و چون متظلمى آيد هم آنان ببازرسى مظالم فرستند كه بشكايت او گوش ندهد و عرض حالش را بتو نرساند و بازرس از بيم آنان و ترس تو بپذيرد و پيوسته مظلوم بيچاره نزد او رفت و آمد كند و بدو پناه برد و استغاثه نمايد و او امروز و فردا كند و بهانه بتراشد و چون بجان آيد و تو بيرون آئى برابرت فرياد كشد و ناله سر دهد دربانانت او را بسختى بزنند و برانند تا عبرت ديگران شود، و تو بچشم بنگرى و مانع نشوى با اين وضع چگونه مسلماني بيايد.
داستانى در داستانى
من در روزگار جوانى بچين مسافرت مى كردم، در يك سفري پادشاهشان بكرى دچار شده بود و سخت مى گريست، نديمانش او را دلدارى مى دادند و بشكيبائى مى كشانيدند گفت: من از درد خود گريه ندارم ولى بر مظلومان دربارم گريه ميكنم كه مى نالند و آواز ناله شان را نمى شنوم، سپس گفت: اگر گوشم رفته چشمم بر جا است ميان مردم جار بزنيد كه جز مظلوم جامه سرخ نپوشد، و هماره بامداد و پسين بر فيل سوار مى شد و گردش ميكرد تا مظلومى را بچشم خود بيند و دادخواهى كند.
اين مرديست مشكر بخدا كه با مشركان چنين مهربانست و از خود دريغمند و نگران، تو مردى هستى خداپرست و از خاندان نبوت، مهر تو بر مسلمانان جلو خودخواهيت را نبايد بگيرد اگر براى فرزندانت مال جمع مى كني خدا بتو نموده است كه كودكى از شكم مادر در افتد در روى زمين پشيزى ندارد و بر هر مالى دست بخيلى گذاشته است كه نگهش دارد، ولى خدا پيوسته لطف خود را شامل حال كودك سازد تا مردم را بدو راغب كند، تو نيستى كه عطا ميكنى ولى خدا است كه هر چه بهر كه خواهد عطا ميكند، و اگر بگوئى جمع مال براى تقويت سلطنت تواست خدا براي تو وسيله عبرت از بني اميّه فراهم كرده كه جمع زر و سيم و آماده كردن ساز و برگ و لشكر و اسب و استر و شتر در برابر إراده إلهي بزوال ملكشان فائده نداشت، و اگر بگوئى جمع مال براي يك هدف عالى تر از مقامى است كه دارى بخدا بالاتر از مقام تو مقامي هست ولى ادراك آن ميسر نيست مگر از راهى كه مخالف راه تو است (يعني زهد و قطع طمع از دنيا).
تو نگاه كن آيا مخالف خود را ببدتر از كشتن مجازات توانى كرد گفت نه، در پاسخ گفت: آن پادشاهى كه بتو عطا كرده است آنچه عطا كرده، گنه كار را بكشتن شكنجه ندهد، بلكه با عذابى دردناك و مخلد، او بخوبى ميداند چه در دل دارى و در چه كارى چشمت بكجا است و دستت چه كار ميكند و پايت بچه سوى مى رود بنگر كه هر آنچه از دنيا را خاص خود كردى چون از دستت گرفت چه فائده اى برايت دارد در موقعى كه تو را پاى حساب كشيد.
منصور گريست و گفت: كاش آفريده نبودم، واى بر تو، چگونه چاره كار خود كنم گفت: همه مردم را رهبرانيست كه در ديانت خود بدانها پناهند و بگفتارشان رضا دهند، تو آنانرا محرمان خود ساز تا راه بتو بنمايند و در كارهايت با آنها مشورت كن، منصور گفت: من بدنبال آنان فرستادم از من گريختند، گفت: آرى، ترسيدند آنها را براه خودت ببري، ولى در خانه ات را باز گزار و حجاب را بردار و هموار ساز مظلوم را باش و ظالم را از بن برانداز و في ء و صدقات از راه حلال و پاك بگير و بحق و عدالت بر مستحقانش پخش كن، در اين صورت من ضامنم كه رهبران حق و مخلص نزد تو آيند و در اصلاح كار امّت بر معاونت دهند.
مؤذّنان سر رسيدند و سلامش دادند و اعلام بنماز كردند، برخواست نماز گزارد و بجاي خود برگشت و هر چه آن مرد را جستند نيافتند- پايان ترجمه قصّه- .
از تأمل در اين داستان مطالبي درك مى شود كه براي اين زمان هم بى نتيجه نيست.
بقية الثلاثون من حكمه عليه السّلام
و الكفر على أربع دعائم: على التّعمّق، و التنازع، و الزّيغ و الشّقاق: فمن تعمّق لم ينب إلى الحقّ، و من كثر نزاعه بالجهل دام عماه عن الحقّ، و من زاغ ساءت عنده الحسنة، و حسنت عنده السّيّئة و سكر سكر الضّلالة، و من شاقّ و عرت عليه طرقه، و أعضل عليه أمره، و ضاق عليه مخرجه. و الشّكّ على أربع شعب: على التّماري، و الهول، و التّردّد و الاستسلام: فمن جعل المراء ديدنا لم يصبح ليله، و من هاله ما بين يديه نكص على عقبيه، و من تردّد في الرّيب وطئته سنابك الشياطين و من استسلم لهلكة الدّنيا و الاخرة هلك فيهما. قال الرّضيّ: و بعد هذا كلام تركنا ذكره خوف الاطالة و الخروج عن الغرض المقصود في هذا الكتاب.
اللغة
(التعمّق) تعمّق في الأمر: بالغ فيه و تشدّد طالبا أقصى غاياته و في كلامه تنطّع- اى تفصح فيه- (التنازع) تنازع القوم: اختلفوا (الزيغ) الميل عن الحق الشكّ (الشقاق) شاق شقاقا و مشاقة: خالفه و عاداه (الوعر) المكان المخيف الوحش (أعضل الأمر) اشتدّ و استغلق (التمارى) مارى مراء و مماراة: جادل و نازع و لاجّ- المنجد- . (الديدن) الدأب و العادة (النكوص) الاحجام عن الشي ء يقال: نكص على عقبيه أى رجع- صحاح- (السنبك) جمع: سنابك طرف الحافر- المنجد.
الاعراب
سكر سكر الضلالة مصدر نوعيّ منصوب على أنه مفعول مطلق، طرقه فاعل و عرت و هو فعل لازم، ديدنا مفعول ثان لقوله جعل، عقبيه تثنية عقب مجرور بحذف النون.
المعنى
الايمان نور يتشعشع في قلب الإنسان و يضي ء على جميع حواسّه و أعضائه فيلمع من كلّ منها ما يقتضيه، فالعقل يتنوّر به و يفهم الحقائق الالهية و المسائل الكونية، و الوهم و الخيال ينكمشان من الصور الزائغة و الأباطيل، و أعضاء البدن تشتغل بالأعمال الخيرية الّتي تشع على الجامعة الانسانية بالفوائد و السرور و الراحة و الازدهار و يتجلّي الانسان في ضوئه ملكا روحانيّا سماويّا و إن كان جثمانا أرضيّا مادّيا و بيّن عليه السّلام سعة افقه و مدّ أضوائه إلى ما وراء الحسّ و المادّة و ما وراء أشعّة فوق بنفش.
فالكفر يقابله من جميع نواحيه لأنّ الكفر في الحقيقة فقدان هذا النّور الساطع و ظلمات بعضها فوق بعض و لا امتياز في الظلمة و العدم إلّا باعتبار درك ما يقابله من النّور، فالكفر
بجميع دعائمه و شعبه اعدام ملكات يدرك من ناحية عدم النّور اللائق في محلّه كما يعين على فهم النّور الّذي يقابله، فلو لم يكن في العالم ظلمة أصلا كان فهم الضوء و النور صعبا جدّا لو لم يكن متعذّرا رأسا.
فتدعيم الكفر على هذه الدعائم و تشعبه بهذه الشعب عرضي باعتبار الملكات النورية الايمانية، فالتعمق و التنازع و الزيغ و الشقاق، تقابل الصبر و اليقين و العدل و الجهاد الّتي هي دعائم الإيمان بوجه ما، فيقال: المراد من التعمّق هنا عدم الثبات و الاستقامة على ما هو مقتضى الفطرة من الاعتقاد بالصانع و الانقياد له بالعبودية و الطاعة الّذي عليه مدار دعوه الرّسل فالمتعمّقون هم المعاندون لدعوة الرّسل و المقترحون عليهم ما لا ينبغي، كما أنّ المشركون يواجهون النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله بقولهم «وَ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا لَوْ لا» 21- الفرقان» أو بقولهم: «لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ...- أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ قَبِيلًا» و كما أنّ عامة المنكرين للمعاد و ما يعرض للعباد بعد الموت يقولون: لم نر ميّتا قام من مرقده معذّبا، و حكى عن نجز احد كبار الالمان المنكر للمبدأ بأنه لو كان وجود لإله حيّ قادر كما اعتقده الإلهيّون أعلن نفسه
بتعليق لوح مكتوب معلّق بين السّماء و الأرض.
كما أنّ التنازع ناش عن فقدان اليقين الموجب للاطمينان و الاعتماد على الحقيقه، فمن يؤمن باللّه يهدأ قلبه و لكن لفاقد للإيمان قلب مظلم متزلزل دائما بين صدره و حنجرته كما في الحديث، فيفور و يثور و ينفث بالتّنازع في الحقّ مع أهله.
و الزيغ يقابل العدل كملا، لأنّ العدل استقامة في الفكر و التعقل و العمل لا ميل فيه و لا انحراف، و لكن الفاقد للعدل في تعقّله و تفكيره يميل قلبه المتزلزل إلى الباطل، و ينحرف إلى الأباطيل.
و الشقاق فتّ عضد الاجتماع بالضوضاء و الجدل لأغراض شخصية أو قبلية باطلة، فيقابل الجهاد الّذى هو الاستقامة و النضال لأجل الحق و صيانة الملة و الأمّة.
فالمتعمّق المعاند لا ينيب إلى الحقّ و لا يهتدي إلى سبيل الرّشد كرجال القريش المعاندين للنبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و القرآن.
و الجاهل المتنازع يتخبّط في عماه حتّى يدرك منيته قبل درك مناه.
و القلب الزائغ عن الحق متعاكس و منكوس يدرك الحسنة سيئة فيجتنب منها و السيّئة حسنة فيرغب إليها، و لا يلمس الحقيقة كالسكران.
و من شاقّ اللَّه فقد فارق جماع الشعب و الأمّة، فهو كالتائه في طريق و عر أينما يتوجّه يقابله عقبة صعبة كأداء و عقدة معقدة لا يهتدي لحلّها فضاق عليه المخرج و يقع دائما في حرج.
و الشاكّ يماري الحق و يحس بهول و مخافة و يتردّد في طيّ طريق السعادة فيرجع قهقرى إلى أسفل دركات الطبيعة، و يفقد شخصية و يستسلم لجيوش الباطل فيقع تحت أقدام الشياطين، و يصير من الخاسرين الهالكين.
قوله: (و بعد هذا كلام تركناه) ورد في الكافي في باب دعائم الكفر و شعبه حديثا طويلا يظهر أنه تتمة الحديث الّذي أرسله المصنف رحمه اللَّه و أشار إلى بقيته، و قطعه صاحب الكافي و قسّمه على باب صفة الإيمان و باب دعائم الكفر و باب صفة النّفاق و المنافق، و لكن المروىّ في باب دعائم الكفر يخالف مع ما روى في باب صفة الايمان سندا و مع ذكره الرّضي رحمه اللَّه متنا، فقد رواه هنا عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن عمر بن اذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليمان بن قيس الهلالي، عن أمير المؤمنين عليه السّلام و عدّ المجلسيّ في شرحه السّند مختلفا فيه من حيث الصّحة و الضّعف.
قال عليه السّلام: بني الكفر على أربع دعائم: الفسق، و الغلوّ، و الشكّ، و الشّبهة.
و الفسق على أربع شعب: على الجفاء، و العماء، و الغفلة، و العتوّ، فمن جفا احتقر الخلق و مقت الفقهاء و أصرّ على الحنث العظيم، و من عمى عن الحق نسي الذّكر و اتّبع الظنّ و بارز خالقه و ألحّ عليه الشيطان و طلب المغفرة بلا توبة و لا استكانة و لا غفلة، و من غفل جنى على نفسه و انقلب على ظهره و حسب غيّه رشدا و غرّته الأمانيّ و أخذته الحسرة و الندامة إذا قضى الأمر و انكشف عنه الغطاء و بدا له ما لم يكن يحتسب، و من عتا عن أمر اللَّه شكّ و من شكّ تعالى اللَّه عليه فأذلّه بسلطان و صغّره بجلاله كما اغترّ بربه الكريم و فرط في أمره.
و الغلوّ على أربع شعب: على التّعمق بالرّأى، و التنازع فيه، و الزّيغ و الشقاق، فمن تعمّق لم ينب إلى الحقّ و لم يزدد إلّا غرقا في الغمرات و لم تنحسر عنه فتنة إلّا غشيته اخرى و انخرق دينه فهو في أمر مريج، و من نازع في الرّأى و خاصم شهر بالعثل من طول اللّجاج، و من زاغ قبحت عنده الحسنة و حسنت عنده السيئة، و من شاقّ اعورت عليه طرقه و اعترض عليه أمره فضاق مخرجه إذا لم يتبع سبيل المؤمنين.
و الشكّ على أربع شعب: على المرية، و الهوى، و التردّد، و الاستسلام و هو قول اللَّه «فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى » و في رواية اخرى: على المرية، و الهول من الحقّ، و التردّد، و الاستسلام للجهل و أهله، فمن هاله ما بين يديه نكص على عقبيه و من امترى في الدّين تردّد في الرّيب و سبقه الأوّلون من المؤمنين و أدركه الاخرون و وطئته سنابك الشيطان، و من استسلم لهلكة الدّنيا و الاخرة هلك فيما بينهما، و من نجا من ذلك فمن فضل اليقين و لم يخلق اللَّه خلقا أقلّ من اليقين.
و الشبهة على أربع شعب: إعجاب بالزينة، و تسويل النّفس، و تأوّل العوج و لبس الحق بالباطل، و ذلك بأنّ الزينة تصدف عن البينة، و إنّ تسويل النفس يقحم على الشهوة، و إنّ العوج يميل بصاحبه ميلا عظيما، و إنّ اللبس ظلمات بعضها فوق بعض، فذلك الكفر و دعائمه و شعبه.
أقول: قد شرحنا و ترجمنا هذا الحديث في شرح اصول الكافي و ترجمته «ج 3» فمن أراد مزيد الاطلاع فليرجع هنالك.
الترجمة
در دنباله توصيف دعائم ايمان فرمود عليه السّلام: كفر بر چهار ستون استوار است: بر تعمق و تنازع و كج دلى و تفرقه اندازى هر كه راه تعمق پيش گيرد بسوى حق باز نگردد، و هر كه از روى نادانى ستيزه جوئي را پيشه كند چشم دلش هميشه از ديدار حق نابينا بماند، و هر كس دلى كج دارد نيكى را بد شمارد و بد كردارى را نيك پندارد و در مستى گمراهى بسر برد، و هر كس تفرقه اندازد و تك روى پيشه سازد براههاى سخت و ناشناخته و هراسناك افتد و كارها بر او پيچيده و غير قابل حلّ گردد، و در تنگنائى افتد كه نتواند از آن بيرون آيد.
شك بر چهار شعبه تقسيم شود: بر خودنمائى در بحث و بر هراس و دودلي و خودباختگى، هر كس مراء را شيوه خود ساخت شب تارش بروز روشن مبدّل نشود، و هر كس از آنچه در پيش دارد بهراس باشد بعقب برگردد و از پيشروى باز ماند، و هر كس در باره حقيقت دودلى دارد و حس تشخيص ندارد زير سم شياطين پايمال شود.
- كفر بر چار پايه شد ستوار بر تعمق، تنازع دشوار
- كج دلي و شقاق در دنبالبهر كفرند پايه در هر حال
- هر كه دارد تعمق اندر حق نگرايد بسوي حق مطلق
- هر كه از جهل پر نزاع بوددائما كور دل بسر ببرد
- دل كج نيك را بدى بيند ور بدى بهر نيك مى چيند
- مست گمراهى است و لا يعقلنيست او را شعوري اندر دل
- هر كه تك رو شود جدا ز خدا راه سختى به پيش دارد، ها
- كار او مشكل است و پيچيدهو اندرين تنگنا است رنجيده
- شك، بر چار شعبه قائم شد بر مراء و هراس و شد و نشد
- چارمش را شمار استسلامكه نه اميد ماند و نه مرام
- هر كه را شيوه شد مراء و جدال شب او را نه پى نه صبح زوال
- بهراسد از آنچه در پيش استدر عقب گرد پر ز تشويش است
- ور بترديد و ريب تمكين است پايمال سم شياطين است
( منهاج البراعه فی شرح نهج البلاغه(الخوئی) ج 21 ص47-66)
|