451 وَ قَالَ ع : لَيْسَ بَلَدٌ بِأَحَقَّ بِكَ مِنْ بَلَدٍ خَيْرُ الْبِلَادِ مَا حَمَلَكَ هذا المعنى قد قيل كثيرا و من ذلك قول الشاعر-
لا يصدفنك عن أمر تحاوله فراق أهل و أحباب و جيران
تلقى بكل ديار ما حللت بها
أهلا بأهل و أوطانا بأوطان
- . و قال شيخي أبو جعفر يحيى بن أبي زيد نقيب البصرة-
أنسيتني بلدي و أرض عشيرتي و نزلت من نعماك أكرم منزل
و أخذت فيك مدائحي فكأنها
في آل شماس مدائح جرول
- . أبو عبادة البحتري-
في نعمة أوطأتها و أقمت في أكنافها فكأنني في منبج
- و منبج هي مدينة البحتري- أبو تمام-
كل شعب كنتم به آل وهب فهو شعبي و شعب كل أديب
إن قلبي لكم لكالكبد الحرى و قلبي لغيركم كالقلوب
- . و قد ذهب كثير من الناس إلى غير هذا المذهب- فجعلوا بعض البلاد أحق بالإنسان من بعض- و هو الوطن الأول و مسقط الرأس- قال الشاعر-
أحب بلاد الله ما بين منبج إلي و سلمى أن يصوب سحابها
بلاد بها نيطت علي تمائمي
و أول أرض مس جلدي ترابها
- . و كان يقال ميلك إلى مولدك من كرم محتدك- . و قال ابن عباس لو قنع الناس بأرزاقهم قناعتهم بأوطانهم- لما اشتكى أحد الرزق- . و كان يقال كما أن لحاضنتك حق لبنها- فلأرضك حرمة وطنها- . و كانت العرب تقول- حماك أحمى لك و أهلك أحفى بك- . و قال الشاعر-
و كنا ألفناها و لم تك مألفا و قد يؤلف الشي ء الذي ليس بالحسن
كما تؤلف الأرض التي لم يطب بها
هواء و لا ماء و لكنها وطن
- . أعرابي- رملة حضنتني أحشاؤها و أرضعتني أحساؤها- . كانت العرب إذا سافرت- حملت معها من تربة أرضها ما تستنشق ريحه- و تطرحه في الماء إذا شربته- و كذلك كانت فلاسفة يونان تفعل- . و قال الشاعر في هذا المعنى-
نسير على علم بكنه مسيرنا بعفة زاد في بطون المزاود
و لا بد في أسفارنا من قبيصة من الترب نسقاها لحب الموالد
- . و قالت الهند حرمة بلدك عليك كحرمة أبويك- كان غذاؤك منهما و أنت جنين و كان غذاؤهما منك- . و من الكلام القديم- لو لا الوطن و حبه لخرب بلد السوء- . ابن الرومي-
و حبب أوطان الرجال إليهم مآرب قضاها الشباب هنالكا
إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم
عهود الصبا فيها فحنوا لذلكا
( . شرح نهج البلاغه (ابن ابی الحدید) ج 20، ص 90 - 92)
|