دانشنامه پژوهه بزرگترین بانک مقالات علوم انسانی و اسلامی

خطبه 135 نهج البلاغه : شناخت دشمنان امام عليه السّلام

خطبه 135 نهج البلاغه به موضوع "شناخت دشمنان امام عليه السّلام" می پردازد.
No image
خطبه 135 نهج البلاغه : شناخت دشمنان امام عليه السّلام

موضوع خطبه 135 نهج البلاغه

متن خطبه 135 نهج البلاغه

ترجمه مرحوم فیض

ترجمه مرحوم شهیدی

ترجمه مرحوم خویی

شرح ابن میثم

ترجمه شرح ابن میثم

شرح مرحوم مغنیه

شرح منهاج البراعة خویی

شرح لاهیجی

شرح ابن ابی الحدید

شرح نهج البلاغه منظوم

موضوع خطبه 135 نهج البلاغه

شناخت دشمنان امام عليه السّلام

متن خطبه 135 نهج البلاغه

و من كلام له (عليه السلام) و قد وقعت مشاجرة بينه و بين عثمان فقال المغيرة بن الأخنس لعثمان أنا أكفيكه، فقال علي (عليه السلام) للمغيرة

يَا> ابْنَ اللَّعِينِ الْأَبْتَرِ وَ الشَّجَرَةِ الَّتِي لَا أَصْلَ لَهَا وَ لَا فَرْعَ أَنْتَ تَكْفِينِي فَوَ اللَّهِ مَا أَعَزَّ اللَّهُ مَنْ أَنْتَ نَاصِرُهُ وَ لَا قَامَ مَنْ أَنْتَ مُنْهِضُهُ اخْرُجْ عَنَّا أَبْعَدَ اللَّهُ نَوَاكَ ثُمَّ ابْلُغْ جَهْدَكَ فَلَا أَبْقَى اللَّهُ عَلَيْكَ إِنْ أَبْقَيْتَ

ترجمه مرحوم فیض

از سخنان آن حضرت عليه السّلام است هنگاميكه بين آن بزرگوار و عثمان جدالى رخ داد، و مغيرة ابن اخنس بعثمان گفت: من در برابر او براى دفاع از تو كافى هستم (كينه مغيرة با امام عليه السّلام از اين جهت بود كه برادرش ابو الحكم ابن اخنس در جنگ احد بدست حضرت كشته شده بود) پس امير المؤمنين عليه السّلام باو فرمود:

اى پسر رانده شده از رحمت خدا كه بعد از او فرزندى باقى نمانده (خير و نيكوئى به يادگار ننهاده و بودن فرزند شرّى مثل تو چنانست كه فرزندى نداشته، و اينكه امام عليه السّلام اخنس را ملعون ناميد براى آن بود كه او از بزرگان منافقين بود و لعن بر منافق جائز است، چنانكه در شرح خطبه نوزده باين نكته اشاره شد) و اى پسر شجره بى اصل و فرع (حسب و نسب لايق) تو خود را برابر من وا مى دارى سوگند بخدا كام روا و فيروز نمى گرداند خدا كسيرا كه تو ياورش باشى و نمى ايستد كسى كه تو او را بر پا دارى، از مجلس ما بيرون شو خدا خير و نيكوئى را از تو دور گرداند، پس تمام كن كوشش (و دشمنى) خود را خدا ترا مشمول رحمتش نگرداند اگر (با من) مهربانى كنى.

ترجمه مرحوم شهیدی

و از سخنان آن حضرت است

[ميان او و عثمان نزاعى رخ داد مغيره پسر اخنس، عثمان را گفت: من او را از تو كفايت مى كنم: امير المؤمنين على (ع) مغيره را فرمود:] فرزند لعين ابتر، و درخت بى ريشه و بر، تو مرا كفايت مى كنى به خدا سوگند، كسى را كه تو ياور باشى خدايش نيرومند نگرداند، و آن كه تواش برخيزانى بر پا نماند. از نزد ما بيرون شو، خدايت خير ندهاد، پس هر كار خواهى بكن. كه اگر زنده مانى خدايت از رحمت دور كناد.

ترجمه مرحوم خویی

از جمله كلام آن امام أنام است و بتحقيق كه واقع شده بود منازعه ميان او و ميان عثمان پس گفت مغيرة بن اخنس عثمان را من كفاية ميكنم از تو او را يعنى نمى گذارم از أمير المؤمنين صدمه و آسيبى بتو برسد پس فرمود أمير المؤمنين بمغيرة: اى پسر ملعون بى منفعت و درختى كه نه ريشه دارد مر او را و نه شاخ، تو كفايت ميكنى مرا، پس قسم بخدا كه عزيز و غالب نگردانيد خدا كسى را كه تو يارى دهنده اوئى، و بر نخواست كسى كه تو برخيزاننده اوئى، بيرون برو از خانه ما دور گرداند خداوند تعالى مقصد تو را، پس از آن برس بنهايت سعى خود، پس رحمت نكند و رعايت نكند تو را خدا اگر مهرباني كنى تو با من.

شرح ابن میثم

و من كلام له عليه السّلام

قد وقعت مشاجرة بينه و بين عثمان فقال المغيرة ابن أخنس لعثمان: أنا أكفيكه. فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: يَا ابْنَ اللَّعِينِ الْأَبْتَرِ وَ الشَّجَرَةِ الَّتِي لَا أَصْلَ لَهَا وَ لَا فَرْعَ أَنْتَ تَكْفِينِي فَوَ اللَّهِ مَا أَعَزَّ اللَّهُ مَنْ أَنْتَ نَاصِرُهُ وَ لَا قَامَ مَنْ أَنْتَ مُنْهِضُهُ اخْرُجْ عَنَّا أَبْعَدَ اللَّهُ نَوَاكَ ثُمَّ ابْلُغْ جَهْدَكَ فَلَا أَبْقَى اللَّهُ عَلَيْكَ إِنْ أَبْقَيْتَ أقول: هذه المشاجرة كانت في زمن ثوران الفتنة على عثمان في خلافته، و كان الناس يستسفرونه عليه السّلام إليه.

اللغة

و الأبتر: كلّ أمر انقطع من الخير أثره. و النوى: المقصد الّذي ينويه المسافر من قرب أو بعد. و النوى: لغة في النأى: و هو البعد.

المعنى

و قد ذمّ المغيرة بسقوط الأصل، و لعنه. و استعار لبيته لفظ الشجرة، و كنّى بنفى أصلها و فرعها عن سقوط بيته و دناءته و حقارته في الناس. ثمّ استفهمه عمّا ادّعى من الكفاية له استفهاما على سبيل الإنكار و الاستحقار له، و أقسم أنّ اللّه لا يعزّ من هو ناصره، و إنّما يعزّ اللّه من نصره أولياء اللّه و أهل عنايته، و من لم يعزّ اللّه لم يقم من نهضته كقوله تعالى «إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَ إِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ» . ثمّ دعا عليه بإبعاد اللّه مقصده. و قوله: أبلغ جهدك. أى في الأذى فلا أبقى اللّه عليك إن أبقيت، أى لارعاك و لا رحمك إن راعيتنى.

يقال: أبقيت على فلان إذا راعيته و رحميته.

ترجمه شرح ابن میثم

از سخنان آن حضرت عليه السّلام است.

يَا> ابْنَ اللَّعِينِ الْأَبْتَرِ وَ الشَّجَرَةِ الَّتِي لَا أَصْلَ لَهَا وَ لَا فَرْعَ أَنْتَ تَكْفِينِي فَوَ اللَّهِ مَا أَعَزَّ اللَّهُ مَنْ أَنْتَ نَاصِرُهُ وَ لَا قَامَ مَنْ أَنْتَ مُنْهِضُهُ اخْرُجْ عَنَّا أَبْعَدَ اللَّهُ نَوَاكَ ثُمَّ ابْلُغْ جَهْدَكَ فَلَا أَبْقَى اللَّهُ عَلَيْكَ إِنْ أَبْقَيْتَ

لغات

أبتر: هر چيزى كه اثر خوبى از آن به جا نمانده باشد.

نوى: مقصدى كه مسافر از دور يا نزديك، در نظر مى گيرد و نوى از نأى كه به معناى دورى است نيز مى آيد.

ترجمه

هنگامى كه ميان آن بزرگوار و عثمان مشاجره اى در گرفته بود، مغيرة بن اخنس به عثمان گفت، من براى دفاع از تو، او را بس خواهم بود، امام (علیه السلام) به مغيرة فرمود: «اى فرزند ملعون بلا عقب و اى زاده همان درختى كه نه ريشه اى دارد و نه شاخه اى، تو مرا بس خواهى بود به خدا سوگند خداوند كسى را كه تو ياورش باشى عزيز نمى گرداند، و كسى كه تو دستگيرش باشى از جاى بر نخواهد خاست، خداوند خوبى را از تو دور فرمايد، از نزد ما بيرون شو، هر كارى كه مى توانى بكن، خداوند رحمتش را از تو دريغ بدارد اگر در انجام دادن آنچه از دستت بر مى آيد دريغ كنى.»

شرح

اين منازعه ميان امام (علیه السلام) و عثمان در زمانى واقع شد، كه آتش فتنه بر ضدّ عثمان بالا گرفته بود، و مردم از امام (علیه السلام) درخواست مى كردند، كه به نمايندگى آنها با عثمان گفتگو كند.

امام (علیه السلام) مغيره را به نداشتن ريشه و تبار نكوهش كرده و همچنين او را مورد لعنت قرار داده، و براى خاندانش واژه شجره را استعاره فرموده و بدين وسيله او را زاده درختى بى شاخ و بن و فاقد حسب و نسب خوانده، و پستى و زبونى او را يادآور شده است، سپس در باره ادّعايش كه از جانب عثمان او را بس است، به گونه انكار و تحقير، وى را مورد پرسش قرار مى دهد و سوگند مى خورد كسى را كه او يار و ياورش باشد، خداوند عزيز نمى گرداند، بلكه خداوند نصرت را نصيب كسى مى كند كه دوستان و خاصّان او يار و ياورش باشند، و بى شكّ كسى را كه خدا دستگيرى و يارى نكند از جاى بر نخواهد خاست چنان كه خداوند متعال فرموده است: «إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَ إِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ » سپس امام (علیه السلام) به او نفرين مى كند و از خدا مى خواهد كه او را به آرزوى خود نرساند.

فرموده است: ابلغ جهدك.

يعنى: كوشش خود را در اذيّت و آزار به كار ببر، فلا أبقى اللّه عليك إن أبقيت يعنى: خداوند تو را حافظ و نگه دار نباشد، و مورد ترحّم قرار ندهد اگر در اين مورد رعايت و كوتاهى كنى، گفته مى شود: أبقيت على فلان يعنى: او را مورد رعايت و ترحّم قرار دادى.

شرح مرحوم مغنیه

يا ابن اللعين الأبتر، و الشّجرة الّتي لا أصل لها و لا فرع، أنت تكفيني و اللّه ما أعزّ اللّه من أنت ناصره، و لا قام من أنت منهضه. اخرج عنّا أبعد اللّه نواك، ثمّ أبلغ جهدك فلا أبقى اللّه عليك إن أبقيت.

اللغة:

الأبتر: من لا عقب له، أو القصير، أو الخبيث الذي لا خير فيه. و أبعد اللّه نواك: أبعد سفرك او دارك. و الجهد- بفتح الجيم- الغاية.

الإعراب:

و الشجرة عطف على اللعين أي و يا ابن الشجرة، و لا فرع يجوز فتح «فرع» لتركيبه مع «لا» العاملة عمل «ان» و يجوز نصبه عطفا على محل اسم «لا» الأولى، و يجوز رفعه بالابتداء و الخبر محذوف أي و لا فرع لها.

المعنى:

في تعليق الشيخ محمد عبده ما نصه: «قالوا: كان نزاع بين أمير المؤمنين- أي علي- و بين عثمان، فقال المغيرة بن الأخنس لعثمان: أنا أكفيكه. فقال علي: يا ابن اللعين إلخ.. و إنما قال ذلك لأن أباه الأخنس كان من رءوس المنافقين».

و في شرح ابن أبي الحديد: «كان الأخنس ابو المغيرة من أكابر المنافقين، ذكره أصحاب الحديث كلهم في المؤلفة قلوبهم الذين أسلموا يوم الفتح بألسنتهم دون قلوبهم.. و كان الإمام (علیه السلام) قد قتل يوم أحد في الحرب أبا الحكم بن الأخنس، و هو أخو المغيرة، و الحقد الذي في قلبه على الإمام من هذه الجهة، و إنما قال الإمام يا ابن الأبتر، لأن من كان عقبه ضالا خبيثا فهو كمن لا عقل له، بل من لا عقب له خير منه».

قتل الإمام (علیه السلام) أخا المغيرة بن الأخنس على الكفر، أما أبو المغيرة فهو من رءوس المنافقين و أكابرهم كما أشرنا، و كل منافق فهو بطبعه عدو الإيمان و المؤمنين، فإذا عطفنا على نفاق الأب كفر الأخ الذي قتله الإمام تراكمت الأحقاد على أمير المؤمنين في قلب المغيرة.. و لكن لا أثر لأحقاد الجاهلية إلا على حاملها.

قال الشريف الرضي و الشيخ محمد عبده: كان النزاع بين علي و عثمان. و قال أصحاب السير و التاريخ في سبب هذا النزاع: ان عليا و غيره من الصحابة نقموا على عثمان لأنه أباح لأقاربه و عماله و أنصاره ما ليس بمباح. و قال العقاد في عبقرية الإمام: «ان جاءت صيحة الاصلاح و التغيير عن طريق الدين فعلي كان إمام العلم و القراءة، و أحق من يتكلم بتفقيه و تفسير، و ان كانت الصيحة من الفقراء أو من تهافت الولاة على المال فعلي يبغض هذا التهافت عن زهد في المال لا عن قلة الوسائل اليه، فما شكا شاك قط إلا و علي شريكه في شكواه.

(و الشجرة التي لا أصل لها و لا فرع). المراد بالأصل هنا ثقيف، لأن المغيرة بن الأخنس ثقفي، أما الفرع فما بين كافر كأخي المغيرة و منافق كأبيه.. قال ابن أبي الحديد: ان ثقيفا في نسبها طعن، و في رواية عن رسول اللّه: أنه لعن ثلاثة بيوت: بني أمية، و بني المغيرة، و ثقيفا، و في ثانية: لو لا عروة ابن مسعود للعنت ثقيفا (ما أعز اللّه من أنت ناصره) من كان ناصره المغيرة ابن الأخنس فهو ذليل حتى و لو كان خليفة المسلمين (ثم أبلغ جهدك) افعل ما بدا لك الى غايتك (فلا أبقى اللّه عليك ان أبقيت) أي ان أبقيتني حيا، أو استطعت أن تفعل بي مكروها و لم تفعل.

شرح منهاج البراعة خویی

و من كلام له عليه السّلام و هو المأة و الخامس و الثلاثون من المختار فى باب الخطب

و رواه الشّارح المعتزلي باختلاف يسير تطلع عليه. قال السيد (ره) و قد وقعت مشاجرة بينه و بين عثمان، فقال المغيرة بن الأخنس أنا أكفيكه، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام للمغيرة: يابن اللّعين الابتر و الشّجرة الّتي لا أصل لها و لا فرع أنت تكفيني فو اللّه ما أعزّ اللّه من أنت ناصره، و لا قام من أنت منهضه، اخرج عنّا أبعد اللّه نواك، ثمّ ابلغ جهدك فلا أبقى اللّه عليك إن أبقيت.

اللغة

(الأبتر) المنقطع عن الخير و قيل الأبتر الّذي لا عقب له و منه الحمار الأبتر الّذي لا ذنب له، قوله: (و لا قام) في بعض النسخ و لا أقام بالهمزة و (النّوى) القصد الّذي ينويه المسافر من قرب أو بعد هكذا في شرح البحراني، و قال الطريحى: النّوى بالفتح البعد و منه حديث علىّ للمغيرة بن الأخنس أبعد اللّه نواك من قولهم بعدت نواهم إذا بعدوا بعدا شديدا، و في بعض النسخ أبعد اللّه نوأك بفتح النّون و سكون الواو و بعدها همزة و هو النّجم و جمعه أنواء و هى النّجوم الّتي كانت العرب تنسب اليها و كانوا إذا دعوا على إنسان قالوا أبعد اللّه نوأك، أى خيرك.

قال أبو عبيدة في محكيّ كلامه: هى أى الأنواء ثمانية و عشرون نجما معروفة المطالع في أزمنة السّنة يسقط منها في كلّ ثلاث عشرة ليلة نجم في المغرب مع طلوع الفجر و يطلع الآخر مقابله من ساعته، و انقضاء هذه الثمانية و العشرين مع انقضاء السّنة و كانت العرب في الجاهليّة إذا سقط منها نجم و طلع الآخر قالوا لا بدّ أن يكون عند ذلك مطر فينسبون كلّ غيث يكون عند ذلك إلى النّجم و يقولون و مطرنا بنوء كذا قال: و يسمّى نوءا لأنّه إذا سقط الساقط منها بالمغرب نأى الطالع بالمشرق، و ذلك النهوض هو النّوء فسمّى النّجم به.

و قوله: (ثمّ ابلغ جهدك) أمر من افعل أو فعل و كلاهما مروىّ، و الجهد بالضمّ الطّاقة و بالفتح المشقّة و هما مرويّان أيضا و (أبقيت) على فلان أى راعيته و رحمته الاعراب

قوله أنت تكفيني، جملة استفهاميّة محذوفة الأداة، و جملة ما أعزّ اللّه آه تحتمل الخبر و الدّعاء، و قوله إن أبقيت متعلّقه محذوف بقرينة سابقة أى إن أبقيت علىّ.

المعنى

قال الشّارح المعتزلي: اعلم أنّ هذا الكلام لم يكن بحضرة عثمان و لكن أعوانه روى عن إسماعيل بن خالد عن الشّعبي أنّ عثمان لمّا كثرت شكايته من عليّ عليه السّلام أقبل لا يدخل إليه من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلّا شكا إليه عليّا، فقال زيد بن ثابت الانصارى و كان من شيعته و خاصّته، أفلا أمشي إليه فاخبره بموجدتك فيما يأتي إليك قال: بلى، فأتاه زيد و معه المغيرة بن الأخنس بن شريق الثقفي و عداده في بني زهرة و امه عمّة عثمان بن عفّان في جماعة، فدخلوا فحمد زيد اللّه و أثنى عليه ثمّ قال: أمّا بعد فانّ اللّه قدّم لك سلفا صالحا في الاسلام و جعلك من الرّسول بالمكار الّذى أنت به فأنت للخير كلّ الخير أهل، و أمير المؤمنين عثمان ابن عمّك و وليّ هذه الامّة فله عليك حقّان: حقّ الولاية، و حقّ القرابة، و قد شكاك إلينا أنّ عليا يعرض و يردّ أمرى علىّ، و قد مشينا إليك نصيحة لك و كراهيّة أن يقع بينك و بين ابن عمّك أمر نكرهه لكما، قال: فحمد عليّ عليه السّلام و أثنى عليه و صلّى على رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ثمّ قال: أمّا بعد فو اللّه ما أحبّ الاعتراض و لا الرّد عليه إلّا أن يأبي حقّا للّه لا يسعني أن أقول فيه إلّا بالحقّ، و واللّه لأكفّن فيه ما وسعنى الكفّ.

فقال المغيرة بن الأخنس و كان رجلا و قاصا و كان من شيعة عثمان و خلصائه إنّك و اللّه لتكفنّ عنه أو لتكفّن عنه فانّه أقدر عليك منك عليه و إنّما أرسل هؤلاء القوم من المسلمين إعذارا ليكون الحجّة عندهم عليك.

فقال له عليّ عليه السّلام يابن اللّعين الأبتر و الشجرة التي لا أصل لها و لا فرع أنت تكفّني فواللّه ما أعزّ اللّه امرأ من أنت ناصره، اخرج أبعد اللّه نواك ثمّ اجهد جهدك فلا أبقى اللّه عليك و لا على أصحابك إن ابقيتم.

فقال له زيد: إنّا و اللّه ما جئناك لتكون عليك شهودا و لا ليكون مشينا إليك حجّة، و لكن مشينا فيما بينكما التماس الأجر و أن يصلح اللّه ذات بينكما و يجمع كلمتكما، ثمّ دعا له و لعثمان و قام فقاموا معه، إذا عرفت هذا فلنرجع إلى شرح ما أورده السّيّد (ره) فأقول: قوله عليه السّلام للمغيرة: (يابن اللّعين الأبتر) لأجل أنّ أباه و هو الأخنس بن شريق كان من أكابر المنافقين ذكره أصحاب الحديث كلّهم في المؤلّفة قلوبهم الّذين أسلموا يوم الفتح بألسنتهم دون قلوبهم و أعطاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مأئة من الابل من غنائم حنين يتألّف بها قلبه، و ابنه أبو الحكم بن الأخنس قتله أمير المؤمنين عليه السّلام يوم احد كافرا في الحرب، و هو أخو المغيرة و الحقد الذي كان في قلب المغيرة إنّما كان من هذه الجهة.

و أمّا وصفه بالأبتر كوصف العاص بن وائل به في قوله سبحانه: انّ شانئك هو الأبتر، فلانقطاعه عن الخير كلّه فيكون إطلاقه عليه حقيقة، أو لأنّ من كان عقبه ضالّا خبيثا فهو كمن لا عقب له بل من لا عقب له خير منه فيكون اطلاقه عليه على سبيل الاستعارة.

و كذلك قوله (و الشجرة الّتي لا أصل لها و لا فرع) استعار له لفظ الشجرة الموصوفة بما ذكر إشارة إلى حقارته و دنائته، لأنّ الشّجرة الّتي ليس لها فرع و لا قرار ساقطة عن درجة الاعتبار حقيرة في الأنظار، و لذلك ضربت مثلا للكلمة الخبيثة في الآية الشّريفة: و مثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثّت من فوق الأرض مالها من قرار.

و يحتمل أن يكون المراد بالوصفين نفى صفة الكمال، بمعنى أنّها ليس لها أصل ثابت و لا فرع مثمر فيلا حظ ذلك في المستعار له و يكون عدم ثبوت أصله اشارة إلى الطعن في نسبه، فقد قال جمع من النّسابين إنّ في نسب ثقيف طعنا، و قد فصّله الشّارح المعتزلي في الشّرح و يكون عدم ثبوت فرعه إشارة إلى أنّ عقبه ضالّ خبيث عادم الخير و النّفع.

ثمّ استفهم على سبيل الانكار و الاستحقار فقال (أنت تكفيني) قال الشارح المعتزلي بعد ما أورد الرواية المتقدّمة: و هذا الخبر يدلّ على أنّ اللّفظة أنت تكفّني و ليست كما ذكره الرّضي أنت تكفيني، لكن الرّضي طبق هذه اللّفظة على ما قبلها و هو قوله: أنا أكفيكه، و لا شبهة أنّها رواية اخرى (فو اللّه ما أعزّ اللّه من أنت ناصره و لا قام من أنت منهضه) أى مقيمه و ذلك لأنّ العزّة و القوّة للّه سبحانه و النّصرة و الخذلان بيد اللّه، فمن أعزّه اللّه فهو المنصور. و من أذّله فهو المقهور، و إن ينصركم اللّه فلا غالب لكم و إن يخذلكم فمن ذا الّذى ينصركم من بعده.

ثمّ طرده و أبعده و دعا عليه بقوله: (اخرج عنّا أبعد اللّه نواك) أى مقصدك أو خيرك أو طالعك (ثمّ ابلغ جهدك) أى غايتك و طاقتك في الأذى (فلا أبقى اللّه عليك إن أبقيت) علىّ أى لا رعاك و لا رحمك إن أشفقت علىّ.

تنبيه

ينبغي أن نذكر ههنا طرفا من مشاجرة أمير المؤمنين عليه السّلام مع عثمان اللّعين ممّا أورده المخالف و المؤالف: فأقول: روى المحدّث العلّامة المجلسي (ره) في البحار من الامالي باسناده عن عبد اللّه بن أسعد بن زرارة عن عبد اللّه بن أبي عمرة الأنصاري قال: لمّا قدم أبو ذر على عثمان قال: أخبرني أىّ البلاد أحبّ إليك قال: مهاجرى، قال: لست بمجاورى، قال: فالحق بحرم اللّه فأكون فيه، قال: لا، قال: فالكوفة أرض بها أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، قال: لا، قال: فلست بمختار غيرهنّ، فأمره بالمسير إلى الرّبذة فقال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال لي اسمع و أطع و انفذ حيث قادوك و لو لعبد حبشي مجدع، فخرج إلى الرّبذة فأقام هنا مدّة. ثمّ دخل المدينة فدخل على عثمان و النّاس عنده سماطين فقال: إنّك أخرجتني من أرض إلى أرض ليس بها زرع و لا ضرع إلّا شويهات و ليس لي خادم إلّا همررة و لا ظلّ إلّا ظلّ شجرة، فأعطنى خادما و غنيمات أعيش فيها، فتحوّل وجهه عنه إلى السّماط الآخر فقال مثل ذلك فقال له حبيب بن سلمة: لك عندى يا أبا ذر ألف درهم و خادم و خمسمائة شاة، قال أبو ذر: أعط خادمك و ألفك و شويهاتك من هو أحوج إلى ذلك منّى، فانّى إنّما أسأل حقّي في كتاب اللّه، فجاء عليّ عليه السّلام فقال له عثمان: ألا تغنى عنها سفيهك هذا قال: أىّ سفيه قال: أبو ذر، قال عليّ عليه السّلام: ليس بسفيه سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول ما أظلّت الخضراء و لا أقلّت الغبراء على أصدق لهجة من أبي ذر، أنزله بمنزلة مؤمن آل فرعون إن يك كاذبا فعليه كذبه و إن يك صادقا يصبكم بعض الذى يعدكم قال عثمان: التراب في فيك، قال عليّ: عليه السّلام بل التّراب في فيك، انشد باللّه من سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول ذلك لأبي ذر، فقام أبو هريرة و عشرة فشهدوا بذلك قول عليّ عليه السّلام قال ابن عبّاس: كنت عند أبي على العشاء بعد المغرب إذ جاء الخادم فقال: هذا أمير المؤمنين بالباب، فدخل عثمان فجلس فقال له العبّاس تعشّ، قال: تعشّيت فوضع يده فلما فرغنا من العشاء قام من كان عنده و جلست و تكلّم عثمان فقال: يا خال أشكو اليك ابن أخيك يعنى عليّا فانّه أكثر في شتمى و نطق في عرضى و أنا أعوذ باللّه في ظلمكم بني عبد المطلب إن يكن هذا الأمر لكم فقد سلّمتموه إلى من هو أبعد منّي و إن لا يكن لكم فحقّى أخذت، فتكلّم العبّاس فحمد اللّه و أثنى عليه و صلّى على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و ذكر ما خصّ اللّه به قريشا منه و ما خصّ به بني عبد المطلب خاصّة ثمّ قال: أما بعد فما حمدتك لابن أخي و لا حمدت ابن أخى فيك، و ما هو وحده فقد نطق غيره فلو أنّك هبطت ممّا صعدت و صعدوا ممّا هبطوا لكان ذلك أقرب، فقال: أنت ذلك يا خال، فقال: أتكلّم بذلك عنك قال: نعم أعطهم عنّي ما شئت، و قام عثمان فخرج، فلم يلبث أن رجع فسلّم و هو قائم ثمّ قال: يا خال لا تعجل بشي ء حتّى أعود إليك، فرفع العبّاس يديه و استقبل القبلة فقال: اللّهم اسبق لي ما لا خير لي في إدراكه، فما مضت الجمعة حتّى مات.

و روى الشّارح المعتزلي نحوه عن الزّبير بن بكار في الموفقيات و زاد فيه بعد قوله لا تعجل يا خال حتّى اوذنك، فنظرنا فاذا مروان بن الحكم جالسا بالباب ينتظره حتّى خرج فهو الذي فشاه عن رأيه الأوّل فأقبل على أبي فقال يا بنيّ ما إلى هذه من أمره شي ء ثمّ قال يا بني أمسك عليك لسانك حتّى نرى ما لا بدّ منه.

و روى الشّارح أيضا عن الموفقيات عن رجال أسند بعضهم عن بعض عن عليّ ابن أبي طالب عليه السّلام قال: أرسل إلىّ عثمان في الهاجرة فتقنّعت بثوبي و أتيته فدخلته و هو على سريره و في يده قضيب و بين يديه مال دثر صبرتان من ورق و ذهب، فقال: دونك خذ من هذا حتّى تملأ بطنك فقد أحرقتنى، فقلت وصلتك رحم إن كان هذا المال ورثته، أو أعطاكه معط، أو اكتسبته من تجارة كنت أحد رجلين: إمّا أخذ و شكر، أو أوفر و أجهد، و إن كان من مال اللّه و فيه حقّ المسلمين و اليتيم و ابن السّبيل فو اللّه ما لك أن تعطيه و لا لى أن آخذه، فقال: أبيت و اللّه، إلّا ما أبيت ثمّ قال: إلىّ بالقضيب، فضربني فو اللّه ما ارّد يده حتّى قضى حاجته، فتقنّعت بثوبي و رجعت إلى منزلي و قلت: اللّه بيني و بينك إن كنت أمرتك بمعروف و نهيتك عن منكر.

أقول: و الأخبار في هذا المعنى كثيرة و دلالتها على معاداة عثمان لأمير المؤمنين عليه السّلام و إنزاله له منزلة العدوّ صريحة جليّة، و كفى بذلك له أليم العقاب و سوء المآب.

شرح لاهیجی

و من كلام له (علیه السلام) و قد وقعت مشاجرة بينه و بين عثمان فقال المغيرة بن الاخنس لعثمان انا اكفيكه يعنى از كلام امير المؤمنين عليه السّلام است در وقتى كه واقع شد منازعه ميان او (علیه السلام) و عثمان پس گفت مغيرة بن الاخنس بعثمان كه من كفايت تو ميكنم از او و كافى باشم او را در محاربه از جانب تو فقال امير المؤمنين (علیه السلام) للمغيرة يا بن اللّعين الابتر و الشّجرة الّتى لا اصل لها و لا فرع انت تكفينى يعنى پس گفت امير المؤمنين عليه السّلام بمغيرة كه اى پسر ملعون دم بريده يعنى پسر دور از رحمت خدا و پسر كسى كه بعد از او خيرى در نسل او نبود و پسر درخت آن چنانى كه نه بيخ از براى او بود يعنى نجابت نداشت و نه شاخ يعنى انصار و اعوان نداشت تو كفايت ميكنى مرا در محاربه و خود را در برابر من و اميدوارى فو اللّه ما اعزّ اللّه من انت ناصره و لا قام من انت منهضه اخرج عنّا ابعد اللّه نواك ثمّ ابلغ جهدك فلا ابقى اللّه عليك ان ابقيت يعنى پس سوگند بخدا كه هرگز غلبه نخواهد داد خدا كسى را كه تو ياور او باشى و هرگز برپا نخواهد شد كسى كه تو برخيزاننده او باشى بيرون رو از مجلس ما دور گرداند خدا مقصود تو را از تو پس برسان بنهايت تلاش و كوشش تو را بر دشمنى من و خدا باقى نگذارد بر تو نكال و عقوبتى را اگر تو باقى بگذارى جدّ و جهد تو در دشمنى با من

شرح ابن ابی الحدید

و من كلام له ع و قد وقعت بينه و بين عثمان مشاجرة

فقال المغيرة بن الأخنس لعثمان أنا أكفيكه فقال أمير المؤمنين ع للمغيرة : يَا ابْنَ اللَّعِينِ الْأَبْتَرِ وَ الشَّجَرَةِ الَّتِي لَا أَصْلَ لَهَا وَ لَا فَرْعَ أَنْتَ تَكْفِينِي فَوَاللَّهِ مَا أَعَزَّ اللَّهُ مَنْ أَنْتَ نَاصِرُهُ وَ لَا قَامَ مَنْ أَنْتَ مُنْهِضُهُ اخْرُجْ عَنَّا أَبْعَدَ اللَّهُ نَوَاكَ ثُمَّ ابْلُغْ جَهْدَكَ فَلَا أَبْقَى اللَّهُ عَلَيْكَ إِنْ أَبْقَيْتَ هو المغيرة بن الأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب بن علاج بن أبي سلمة الثقفي حليف بني زهرة و إنما قال له أمير المؤمنين ع يا ابن اللعين لأن الأخنس بن شريق كان من أكابر المنافقين ذكره أصحاب الحديث كلهم في المؤلفة قلوبهم الذين أسلموا يوم الفتح بألسنتهم دون قلوبهم و أعطاه رسول الله ص مائة من الإبل من غنائم حنين يتألف بها قلبه و ابنه أبو الحكم بن الأخنس قتله أمير المؤمنين ع يوم أحد كافرا في الحرب و هو أخو المغيرة هذا و الحقد الذي في قلب المغيرة عليه من هذه الجهة و إنما قال له يا ابن الأبتر لأن من كان عقبة ضالا خبيثا فهو كمن لا عقب له بل من لا عقب له خير منه و يروى و لا أقام من أنت منهضه بالهمزة و يروى أبعد الله نوءك من أنواء النجوم التي كانت العرب تنسب المطر إليها و كانوا إذا دعوا على إنسان قالوا أبعد الله نوءك أي خيرك و الجهد بالفتح الغاية و يقال قد جهد فلان جهده بالفتح لا يجوز غير ذلك أي انتهى إلى غايته و قد روي أن رسول الله ص لعن ثقيفا و روي أنه ع قال لو لا عروة بن مسعود للعنت ثقيفا

و روى الحسن البصري أن رسول الله ص لعن ثلاث بيوت بيتان من مكة و هما بنو أمية و بنو المغيرة و بيت من الطائف و هم ثقيف و

في الخبر المشهور المرفوع و قد ذكر ثقيفا بئست القبيلة يخرج منها كذاب و مبير

فكان كما قال ص الكذاب المختار و المبير الحجاج و اعلم أن هذا الكلام لم يكن بحضرة عثمان و لكن عوانة روى عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي أن عثمان لما كثرت شكايته من علي ع أقبل لا يدخل إليه من أصحاب رسول الله ص أحد إلا شكا إليه عليا فقال له زيد بن ثابت الأنصاري و كان من شيعته و خاصته أ فلا أمشي إليه فأخبره بموجدتك فيما يأتي إليك قال بلى فأتاه زيد و معه المغيرة بن الأخنس بن شريق الثقفي و عداده في بني زهرة و أمه عمة عثمان بن عفان في جماعة فدخلوا عليه فحمد زيد الله و أثنى عليه ثم قال أما بعد فإن الله قدم لك سلفا صالحا في الإسلام و جعلك من الرسول بالمكان الذي أنت به فأنت للخير كل الخير أهل و أمير المؤمنين عثمان ابن عمك و والي هذه الأمة فله عليك حقان حق الولاية و حق القرابة و قد شكا إلينا أن عليا يعرض لي و يرد أمري علي و قد مشينا إليك نصيحة لك و كراهية أن يقع بينك و بين ابن عمك أمر نكرهه لكما قال فحمد علي ع الله و أثنى عليه و صلى على رسوله ثم قال أما بعد فو الله ما أحب الاعتراض و لا الرد عليه إلا أن يأبى حقا لله لا يسعني أن أقول فيه إلا بالحق و و الله لأكفن عنه ما وسعني الكف فقال المغيرة بن الأخنس و كان رجلا وقاحا و كان من شيعة عثمان و خلصائه إنك و الله لتكفن عنه أو لتكفن فإنه أقدر عليك منك عليه و إنما أرسل هؤلاء القوم من المسلمين إعزازا لتكون له الحجة عندهم عليك فقال له علي ع يا ابن اللعين الأبتر و الشجرة التي لا أصل لها و لا فرع أنت تكفني فو الله ما أعز الله امرأ أنت ناصره اخرج أبعد الله نواك ثم اجهد جهدك فلا أبقى الله عليك و لا على أصحابك إن أبقيتم فقال له زيد إنا و الله ما جئناك لنكون عليك شهودا و لا ليكون ممشانا إليك حجة و لكن مشينا فيما بينكما التماس الأجر أن يصلح الله ذات بينكما و يجمع كلمتكما ثم دعا له و لعثمان و قام فقاموا معه و هذا الخبر يدل على أن اللفظة أنت تكفني و ليست كما ذكره الرضي رحمه الله أنت تكفيني لكن الرضا طبق هذه اللفظة على ما قبلها و هو قوله أنا أكفيكه و لا شبهة أنها رواية أخرى

فصل في نسب ثقيف و طرف من أخبارهم

و إنما قال له و الشجرة التي لا أصل لها و لا فرع لأن ثقيفا في نسبها طعن فقال قوم من النسابين إنهم من هوازن و هو القول الذي تزعمه الثقفيون قالوا هو ثقيف و اسمه قسي بن منبه بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر و على هذا القول جمهور الناس و يزعم آخرون أن ثقيفا من إياد بن نزار بن معد بن عدنان و أن النخع أخوه لأبيه و أمه ثم افترقا فصار أحدهما في عداد هوازن و الآخر في عداد مذحج بن مالك بن زيد بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبإ بن يشجب بن يعرب بن قحطان و قد روى أبو العباس المبرد في الكامل لأخت الأشتر مالك بن الحارث النخعي تبكيه

  • أ بعد الأشتر النخعي نرجو مكاثرة و نقطع بطن واد
  • و نصحب مذحجا بإخاء صدق و أن ننسب فنحن ذرا إياد
  • ثقيف عمنا و أبو أبينا و إخوتنا نزار أولو السداد

قال أبو العباس و هجا يحيى بن نوفل و كان هجاء خبيث اللسان العريان بن الهيثم بن الأسود النخعي و قد كان العريان تزوج امرأة اسمها زباد مبني على الكسر و الزاي مفتوحة بعدها باء منقوطة بواحدة و هي من ولد هانئ بن قبيصة الشيباني و كانت قبله تحت الوليد بن عبد الملك بن مروان فطلقها فأنكحها إياه أخ لها يقال له زياد فقال يحيى بن نوفل

  • أ عريان ما يدري امرؤ سيل عنكم أ من مذحج تدعون أم من إياد
  • فإن قلتم من مذحج إن مذحجا لبيض الوجوه غير جد جعاد
  • و أنتم صغار الهام حدل كأنما وجوهكم مطلية بمداد
  • و إن قلتم الحي اليمانون أصلنا و ناصرنا في كل يوم جلاد
  • فأطول بأير من معد و نزوة نزت بإياد خلف دار مراد
  • ضللتم كما ضلت ثقيف فما لكم و لا لهم بين القبائل هاد
  • لعمر بني شيبان إذ ينكحونه زباد لقد ما قصروا بزباد
  • أ بعد وليد أنكحوا عبد مذحج كمنزية عيرا خلاف جواد
  • و أنكحها لا في كفاء و لا غنى زياد أضل الله سعي زياد

قال أبو العباس و كان المغيرة بن شعبة و هو والي الكوفة صار إلى دير هند بنت النعمان بن المنذر و هي فيه عمياء مترهبة فاستأذن عليها فقيل لها أمير هذه المدرة بالباب قالت قولوا له من ولد جبلة بن الأيهم أنت قال لا قالت أ فمن ولد المنذر بن ماء السماء أنت قال لا قالت فمن أنت قال أنا المغيرة بن شعبة الثقفي قالت فما حاجتك قال جئت خاطبا قالت لو كنت جئتني لجمال أو حال لأطلبنك و لكن أردت أن تتشرف بي في محافل العرب فتقول نكحت ابنة النعمان بن المنذر و إلا فأي خير في اجتماع أعور و عمياء فبعث إليها كيف كان أمركم قالت سأختصر لك الجواب أمسينا و ليس في الأرض عربي إلا و هو يرهبنا أو يرغب إلينا و أصبحنا و ليس في الأرض عربي إلا و نحن نرهبه و نرغب إليه قال فما كان أبوك يقول في ثقيف قالت أذكر و قد اختصم إليه رجلان منهم أحدهما ينتهي إلى إياد و الآخر إلى هوازن فقضى للإيادي و قال

  • إن ثقيفا لم تكن هوازنا و لم تناسب عامرا أو مازنا

فقال المغيرة أما نحن فمن بكر بن هوازن فليقل أبوك ما شاء ثم انصرف و قال قوم آخرون إن ثقيفا من بقايا ثمود من العرب القديمة التي بادت و انقرضت .

قال أبو العباس و قد قال الحجاج على المنبر يزعمون أنا من بقايا ثمود فقد كذبهم الله بقوله وَ ثَمُودَ فَما أَبْقى و قال مرة أخرى و لئن كنا من بقايا ثمود لما نجا مع صالح إلا خيارهم و قال الحجاج يوما لأبي العسوس الطائي أي أقدم أ نزول ثقيف الطائف أم نزول طيئ الجبلين فقال له أبو العسوس إن كانت ثقيف من بكر بن هوازن فنزول طيئ الجبلين قبلها و إن كانت من بقايا ثمود فهي أقدم فقال الحجاج اتقني فإني سريع الخطفة للأحمق المتهور فقال أبو العسوس قال أبو العباس و كان أعرابيا قحا إلا أنه لطيف الطبع و كان الحجاج يمازحه

يؤدبني الحجاج تأديب أهله فلو كنت من أولاد يوسف ما عدا

و إني لأخشى ضربة ثقفية يقد بها ممن عصاه المقلدا

على أنني مما أحاذر آمن إذا قيل يوما قد عصى المرء و اعتدى

و قتل المغيرة بن الأخنس مع عثمان يوم الدار و قد ذكرنا مقتله فيما تقدم

ذكر أطراف مما شجر بين علي و عثمان في أثناء خلافته

و اعلم أن هذا الكتاب يستدعي منا أن نذكر أطرافا مما شجر بين أمير المؤمنين ع و عثمان أيام خلافته إذ كان هذا الكلام الذي شرحناه من ذلك النمط و الشي ء يذكر بنظيره و عادتنا في هذا الشرح أن نذكر الشي ء مع ما يناسبه و يقتضي ذكره قال أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب أخبار السقيفة حدثني محمد بن منصور الرمادي عن عبد الرزاق عن معمر عن زياد بن جبل عن أبي كعب الحارثي و هو ذو الإداوة قال أبو بكر أحمد بن عبد العزيز و إنما سمي ذا الإداوة لأنه قال إني خرجت في طلب إبل ضوال فتزودت لبنا في إداوة ثم قلت في نفسي ما أنصفت ربي فأين الوضوء فأرقت اللبن و ملأتها ماء فقلت هذا وضوء و شراب و طفقت أبغي إبلي فلما أردت الوضوء اصطببت من الإداوة ماء فتوضأت ثم أردت الشرب فلما اصطببتها إذا لبن فشربت فمكثت بذلك ثلاثا فقالت له أسماء النحرانية يا أبا كعب أ حقينا كان أم حليبا قال إنك لبطالة كان يعصم من الجوع و يروي من الظمأ أما إني حدثت بهذا نفرا من قومي منهم علي بن الحارث سيد بني قنان فلم يصدقني و قال ما أظن الذي تقول كما قلت فقلت الله أعلم بذلك و رجعت إلى منزلي فبت ليلتي تلك فإذا به صلاة الصبح على بابي فخرجت إليه فقلت رحمك الله لم تعنيت ألا أرسلت إلي فآتيك فإني لأحق بذلك منك قال ما نمت الليلة إلا أتاني آت فقال أنت الذي تكذب من يحدث بما أنعم الله عليه قال أبو كعب ثم خرجت حتى أتيت المدينة فأتيت عثمان بن عفان و هو الخليفة يومئذ فسألته عن شي ء من أمر ديني و قلت يا أمير المؤمنين إني رجل من أهل اليمن من بني الحارث بن كعب و إني أريد أن أسألك فأمر حاجبك ألا يحجبني فقال يا وثاب إذا جاءك هذا الحارثي فأذن له قال فكنت إذا جئت فقرعت الباب قال من ذا فقلت الحارثي فيقول ادخل فدخلت يوما فإذا عثمان جالس و حوله نفر سكوت لا يتكلمون كأن على رءوسهم الطير فسلمت ثم جلست فلم أسأله عن شي ء لما رأيت من حالهم و حاله فبينا أنا كذلك إذ جاء نفر فقالوا إنه أبى أن يجي ء قال فغضب و قال أبى أن يجي ء اذهبوا فجيئوا به فإن أبى فجروه جرا

قال فمكثت قليلا فجاءوا و معهم رجل آدم طوال أصلع في مقدم رأسه شعرات و في قفاه شعرات فقلت من هذا قالوا عمار بن ياسر فقال له عثمان أنت الذي تأتيك رسلنا فتأبى أن تجي ء قال فكلمه بشي ء لم أدر ما هو ثم خرج فما زالوا ينفضون من عنده حتى ما بقي غيري فقام فقلت و الله لا أسأل عن هذا الأمر أحدا أقول حدثني فلان حتى أدري ما يصنع فتبعته حتى دخل المسجد فإذا عمار جالس إلى سارية و حوله نفر من أصحاب رسول الله ص يبكون فقال عثمان يا وثاب علي بالشرط فجاءوا فقال فرقوا بين هؤلاء ففرقوا بينهم ثم أقيمت الصلاة فتقدم عثمان فصلى بهم فلما كبر قالت امرأة من حجرتها يا أيها الناس ثم تكلمت و ذكرت رسول الله ص و ما بعثه الله به ثم قالت تركتم أمر الله و خالفتم عهده... و نحو هذا ثم صمتت و تكلمت امرأة أخرى بمثل ذلك فإذا هما عائشة و حفصة قال فسلم عثمان ثم أقبل على الناس و قال إن هاتين لفتانتان يحل لي سبهما و أنا بأصلهما عالم فقال له سعد بن أبي وقاص أ تقول هذا لحبائب رسول الله ص فقال و فيم أنت و ما هاهنا ثم أقبل نحو سعد عامدا ليضربه فانسل سعد فخرج من المسجد فاتبعه عثمان فلقي عليا ع بباب المسجد فقال له ع أين تريد قال أريد هذا الذي كذا و كذا يعني سعدا يشتمه فقال له علي ع أيها الرجل دع عنك هذا قال فلم يزل بينهما كلام حتى غضبا فقال عثمان أ لست الذي خلفك رسول الله ص له يوم تبوك فقال علي أ لست الفار عن رسول الله ص يوم أحد قال ثم حجز الناس بينهما قال ثم خرجت من المدينة حتى انتهيت إلى الكوفة فوجدت أهلها أيضا وقع بينهم شر و نشبوا في الفتنة و ردوا سعيد بن العاص فلم يدعوه يدخل إليهم فلما رأيت ذلك رجعت حتى أتيت بلاد قومي و روى الزبير بن بكار في كتاب الموفقيات عن عمه عن عيسى بن داود عن رجاله قال قال ابن عباس رحمه الله لما بنى عثمان داره بالمدينة أكثر الناس عليه في ذلك فبلغه فخطبنا في يوم جمعة ثم صلى بنا ثم عاد إلى المنبر فحمد الله و أثنى عليه و صلى على رسوله ثم قال أما بعد فإن النعمة إذا حدثت حدث لها حساد حسبها و أعداء قدرها و إن الله لم يحدث لنا نعما ليحدث لها حساد عليها و منافسون فيها و لكنه قد كان من بناء منزلنا هذا ما كان إرادة جمع المال فيه و ضم القاصية إليه فأتانا عن أناس منكم أنهم يقولون أخذ فيئنا و أنفق شيئنا و استأثر بأموالنا يمشون خمرا و ينطقون سرا كأنا غيب عنهم و كأنهم يهابون مواجهتنا معرفة منهم بدحوض حجتهم فإذ غابوا عنا يروح بعضهم إلى بعض يذكرنا و قد وجدوا على ذلك أعوانا من نظرائهم و مؤازرين من شبابهم فبعدا بعدا و رغما رغما ثم أنشد بيتين كأنه يومئ فيهما إلى علي ع

  • توقد بنار أينما كنت و اشتعل فلست ترى مما تعالج شافيا
  • تشط فيقضي الأمر دونك أهله وشيكا و لا تدعى إذا كنت نائيا

ما لي و لفيئكم و أخذ مالكم أ لست من أكثر قريش مالا و أظهرهم من الله نعمة أ لم أكن على ذلك قبل الإسلام و بعده و هبوني بنيت منزلا من بيت المال أ ليس هو لي و لكم أ لم أقم أموركم و إني من وراء حاجاتكم فما تفقدون من حقوقكم شيئا فلم لا أصنع في الفضل ما أحببت فلم كنت إماما إذا ألا و إن من أعجب العجب أنه بلغني عنكم أنكم تقولون لنفعلن به و لنفعلن فبمن تفعلون لله آباؤكم أ بنقد البقاع أم بفقع القاع أ لست أحراكم إن دعا أن يجاب و أقمنكم إن أمر أن يطاع

لهفي على بقائي فيكم بعد أصحابي و حياتي فيكم بعد أترابي يا ليتني تقدمت قبل هذا لكني لا أحب خلاف ما أحبه الله لي عز و جل إذا شئتم فإن الصادق المصدق محمدا ص قد حدثني بما هو كائن من أمري و أمركم و هذا بدء ذلك و أوله فكيف الهرب مما حتم و قدر أما إنه ع قد بشرني في آخر حديثه بالجنة دونكم إذا شئتم فلا أفلح من ندم قال ثم هم بالنزول فبصر بعلي بن أبي طالب ع و معه عمار بن ياسر رضي الله عنه و ناس من أهل هواه يتناجون فقال إيها إيها أ سرارا لا جهارا أما و الذي نفسي بيده ما أحنق على جرة و لا أوتى من ضعف مرة و لو لا النظر لي و لكم و الرفق بي و بكم لعاجلتكم فقد اغتررتم و أفلتم من أنفسكم ثم رفع يديه يدعو و يقول اللهم قد تعلم حبي للعافية فألبسنيها و إيثاري للسلامة فآتنيها قال فتفرق القوم عن علي ع و قام عدي بن الخيار فقال أتم الله عليك يا أمير المؤمنين النعمة و زادك في الكرامة و الله لأن تحسد أفضل من أن تحسد و لأن تنافس أجل من أن تنافس أنت و الله في حسبنا الصميم و منصبنا الكريم إن دعوت أجبت و إن أمرت أطعت فقل نفعل و ادع تجب جعلت الخيرة و الشورى إلى أصحاب رسول الله ص ليختاروا لهم و لغيرهم و إنهم ليرون مكانك و يعرفون مكان غيرك فاختاروك منيبين طائعين غير مكرهين و لا مجبرين ما غيرت و لا فارقت و لا بدلت و لا خالفت فعلام يقدمون عليك و هذا رأيهم فيك أنت و الله كما قال الأول

  • اذهب إليك فما للحسود إلا طلابك تحت العثار
  • حكمت فما جرت في خلة فحكمك بالحق بادي المنار
  • فإن يسبعوك فسرا و قد جهرت بسيفك كل الجهار

قال و نزل عثمان فأتى منزله و أتاه الناس و فيهم ابن عباس فلما أخذوا مجالسهم أقبل على ابن عباس فقال ما لي و لكم يا ابن عباس ما أغراكم بي و أولعكم بتعقب أمري أ تنقمون علي أمر العامة أتيت من وراء حقوقهم أم أمركم فقد جعلتهم يتمنون منزلتكم لا و الله لكن الحسد و البغي و تثوير الشر و إحياء الفتن و الله لقد ألقى النبي ص إلي ذلك و أخبرني به عن أهله واحدا واحدا و الله ما كذبت و لا أنا بمكذوب فقال ابن عباس على رسلك يا أمير المؤمنين فو الله ما عهدتك جهرا بسرك و لا مظهرا ما في نفسك فما الذي هيجك و ثورك إنا لم يولعنا بك أمر و لم نتعقب أمرك بشي ء أتيت بالكذب و تسوف عليك بالباطل و الله ما نقمنا عليك لنا و لا للعامة قد أوتيت من وراء حقوقنا و حقوقهم و قضيت ما يلزمك لنا و لهم فأما الحسد و البغي و تثوير الفتن و إحياء الشر فمتى رضيت به عترة النبي و أهل بيته و كيف و هم منه و إليه على دين الله يثورون الشر أم على الله يحيون الفتن كلا ليس البغي و لا الحسد من طباعهم فاتئد يا أمير المؤمنين و أبصر أمرك و أمسك عليك فإن حالتك الأولى خير من حالتك الأخرى لعمري إن كنت لأثيرا عند رسول الله و إن كان يفضي إليك بسره ما يطويه عن غيرك و لا كذبت و لا أنت بمكذوب اخسأ الشيطان عنك و لا يركبك و اغلب غضبك و لا يغلبك فما دعاك إلى هذا الأمر الذي كان منك قال دعاني إليه ابن عمك علي بن أبي طالب فقال ابن عباس و عسى أن يكذب مبلغك قال عثمان إنه ثقة قال ابن عباس إنه ليس بثقة من بلغ و أغرى قال عثمان يا ابن عباس آلله إنك ما تعلم من علي ما شكوت منه قال اللهم لا إلا أن يقول كما يقول الناس و ينقم كما ينقمون فمن أغراك به و أولعك بذكره دونهم فقال عثمان إنما آفتي من أعظم الداء الذي ينصب نفسه لرأس الأمر و هو علي ابن عمك و هذا و الله كله من نكده و شؤمه قال ابن عباس مهلا استثن يا أمير المؤمنين قل إن شاء الله فقال إن شاء الله ثم قال إني أنشدك يا ابن عباس الإسلام و الرحم فقد و الله غلبت و ابتليت بكم و الله لوددت أن هذا الأمر كان صار إليكم دوني فحملتموه عني و كنت أحد أعوانكم عليه إذا و الله لوجدتموني لكم خيرا مما وجدتكم لي و لقد علمت أن الأمر لكم و لكن قومكم دفعوكم عنه و اختزلوه دونكم فو الله ما أدري أ دفعوه عنكم أم دفعوكم عنه قال ابن عباس مهلا يا أمير المؤمنين فإنا ننشدك الله و الإسلام و الرحم مثل ما نشدتنا أن تطمع فينا و فيك عدوا و تشمت بنا و بك حسودا إن أمرك إليك ما كان قولا فإذا صار فعلا فليس إليك و لا في يديك و إنا و الله لنخالفن إن خولفنا و لننازعن إن نوزعنا و ما تمنيك أن يكون الأمر صار إلينا دونك إلا أن يقول قائل منا ما يقوله الناس و يعيب كما عابوا فأما صرف قومنا عنا الأمر فعن حسد قد و الله عرفته و بغي قد و الله علمته فالله بيننا و بين قومنا و أما قولك إنك لا تدري أ دفعوه عنا أم دفعونا عنه فلعمري إنك لتعرف أنه لو صار إلينا هذا الأمر ما زدنا به فضلا إلى فضلنا و لا قدرا إلى قدرنا و إنا لأهل الفضل و أهل القدر و ما فضل فاضل إلا بفضلنا و لا سبق سابق إلا بسبقنا و لو لا هدينا ما اهتدى أحد و لا أبصروا من عمى و لا قصدوا من جور

فقال عثمان حتى متى يا ابن عباس يأتيني عنكم ما يأتيني هبوني كنت بعيدا أ ما كان لي من الحق عليكم أن أراقب و أن أناظر بلى و رب الكعبة و لكن الفرقة سهلت لكم القول في و تقدمت بكم إلى الإسراع إلي و الله المستعان قال ابن عباس مهلا حتى ألقى عليا ثم أحمل إليك على قدر ما رأى قال عثمان افعل فقد فعلت و طالما طلبت فلا أطلب و لا أجاب و لا أعتب قال ابن عباس فخرجت فلقيت عليا و إذا به من الغضب و التلظي أضعاف ما بعثمان فأردت تسكينه فامتنع فأتيت منزلي و أغلقت بابي و اعتزلتهما فبلغ ذلك عثمان فأرسل إلي فأتيته و قد هدأ غضبه فنظر إلي ثم ضحك و قال يا ابن عباس ما أبطأ بك عنا إن تركك العود إلينا لدليل على ما رأيت عند صاحبك و عرفت من حاله فالله بيننا و بينه خذ بنا في غير ذلك قال ابن عباس فكان عثمان بعد ذلك إذا أتاه عن علي شي ء فأردت التكذيب عنه يقول و لا يوم الجمعة حين أبطأت عنا و تركت العود إلينا فلا أدري كيف أرد عليه و روى الزبير بن بكار أيضا في الموفقيات عن ابن عباس رحمه الله قال خرجت من منزلي سحرا أسابق إلى المسجد و أطلب الفضيلة فسمعت خلفي حسا و كلاما فتسمعته فإذا حس عثمان و هو يدعو و لا يرى أن أحدا يسمعه و يقول اللهم قد تعلم نيتي فأعني عليهم و تعلم الذين ابتليت بهم من ذوي رحمي و قرابتي فأصلحني لهم و أصلحهم لي قال فقصرت من خطوتي و أسرع في مشيته فالتقينا فسلم فرددت عليه فقال إني خرجت ليلتنا هذه أطلب الفضل و المسابقة إلى المسجد فقلت إنه أخرجني ما أخرجك فقال و الله لئن سابقت إلى الخير إنك لمن سابقين مباركين و إني لأحبكم و أتقرب إلى الله بحبكم فقلت يرحمك الله يا أمير المؤمنين إنا لنحبك و نعرف سابقتك و سنك و قرابتك و صهرك قال يا ابن عباس فما لي و لابن عمك و ابن خالي قلت أي بني عمومتي و بني أخوالك قال اللهم اغفر أ تسأل مسألة الجاهل

قلت إن بني عمومتي من بني خئولتك كثير فأيهم تعني قال أعني عليا لا غيره فقلت لا و الله يا أمير المؤمنين ما أعلم منه إلا خيرا و لا أعرف له إلا حسنا قال و الله بالحري أن يستر دونك ما يظهره لغيرك و يقبض عنك ما ينبسط به إلى سواك قال و رمينا بعمار بن ياسر فسلم فرددت عليه سلامه ثم قال من معك قلت أمير المؤمنين عثمان قال نعم و سلم بكنيته و لم يسلم عليه بالخلافة فرد عليه ثم قال عمار ما الذي كنتم فقد سمعت ذروا منه قلت هو ما سمعت فقال عمار رب مظلوم غافل و ظالم متجاهل قال عثمان أما إنك من شنائنا و أتباعهم و ايم الله إن اليد عليك لمنبسطة و إن السبيل إليك لسهلة و لو لا إيثار العافية و لم الشعث لزجرتك زجرة تكفي ما مضى و تمنع ما بقي فقال عمار و الله ما أعتذر من حبي عليا و ما اليد بمنبسطة و لا السبيل بسهلة إني لازم حجة و مقيم على سنة و أما إيثارك العافية و لم الشعث فلازم ذلك و أما زجري فأمسك عنه فقد كفاك معلمي تعليمي فقال عثمان أما و الله إنك ما علمت من أعوان الشر الحاضين عليه الخذلة عند الخير و المثبطين عنه فقال عمار مهلا يا عثمان فقد سمعت رسول الله ص يصفني بغير ذلك قال عثمان و متى قال يوم دخلت عليه منصرفه عن الجمعة و ليس عنده غيرك و قد ألقى ثيابه و قعد في فضله فقبلت صدره و نحره و جبهته فقال يا عمار إنك لتحبنا و إنا لنحبك و إنك لمن الأعوان على الخير المثبطين عن الشر فقال عثمان أجل و لكنك غيرت و بدلت قال فرفع عمار يده يدعو و قال أمن يا ابن عباس اللهم من غير فغير به ثلاث مرات

قال و دخلنا المسجد فأهوى عمار إلى مصلاه و مضيت مع عثمان إلى القبلة فدخل المحراب و قال تلبث علي إذا انصرفنا فلما رآني عمار وحدي أتاني فقال أ ما رأيت ما بلغ بي آنفا قلت أما و الله لقد أصعبت به و أصعب بك و إن له لسنه و فضله و قرابته قال إن له لذلك و لكن لا حق لمن لا حق عليه و انصرف و صلى عثمان و انصرفت معه يتوكأ علي فقال هل سمعت ما قال عمار قلت نعم فسرني ذلك و ساءني أما مساءته إياي فما بلغ بك و أما مسرته لي فحلمك و احتمالك فقال إن عليا فارقني منذ أيام على المقاربة و إن عمارا آتيه فقائل له و قائل فابدره إليه فإنك أوثق عنده منه و أصدق قولا فألق الأمر إليه على وجهه فقلت نعم و انصرفت أريد عليا ع في المسجد فإذا هو خارج منه فلما رآني تفجع لي من فوت الصلاة و قال ما أدركتها قلت بلى و لكني خرجت مع أمير المؤمنين ثم اقتصصت عليه القصة فقال أما و الله يا ابن عباس إنه ليقرف قرحة ليحورن عليه ألمها فقلت إن له سنه و سابقته و قرابته و صهره قال إن ذلك له و لكن لا حق لمن لا حق عليه قال ثم رهقنا عمار فبش به علي و تبسم في وجهه و سأله فقال عمار يا ابن عباس هل ألقيت إليه ما كنا فيه قلت نعم قال أما و الله إذا لقد قلت بلسان عثمان و نطقت بهواه قلت ما عدوت الحق جهدي و لا ذلك من فعلي و إنك لتعلم أي الحظين أحب إلي و أي الحقين أوجب علي

قال فظن علي أن عند عمار غير ما ألقيت إليه فأخذ بيده و ترك يدي فعلمت أنه يكره مكاني فتخلفت عنهما و انشعب بنا الطريق فسلكاه و لم يدعني فانطلقت إلى منزلي فإذا رسول عثمان يدعوني فأتيته فأجد ببابه مروان و سعيد بن العاص في رجال من بني أمية فأذن لي و ألطفني و قربني و أدنى مجلسي ثم قال ما صنعت فأخبرته بالخبر على وجهه و ما قال الرجل و قلت له و كتمته قوله إنه ليقرف قرحة ليحورن عليه ألمها إبقاء عليه و إجلالا له و ذكرت مجي ء عمار و بش علي له و ظن علي أن قبله غير ما ألقيت عليه و سلوكهما حيث سلكا قال و فعلا قلت نعم فاستقبل القبلة ثم قال اللهم رب السموات و الأرض عالم الغيب و الشهادة الرحمن الرحيم أصلح لي عليا و أصلحني له أمن يا ابن عباس فأمنت ثم تحدثنا طويلا و فارقته و أتيت منزلي و روى الزبير بن بكار أيضا في الكتاب المذكور عن عبد الله بن عباس قال ما سمعت من أبي شيئا قط في أمر عثمان يلومه فيه و لا يعذره و لا سألته عن شي ء من ذلك مخافة أن أهجم منه على ما لا يوافقه فإنا عنده ليلة و نحن نتعشى إذ قيل هذا أمير المؤمنين عثمان بالباب فقال ائذنوا له فدخل فأوسع له على فراشه و أصاب من العشاء معه فلما رفع قام من كان هناك و ثبت أنا فحمد عثمان الله و أثنى عليه ثم قال أما بعد يا خال فإني قد جئتك أستعذرك من ابن أخيك علي سبني و شهر أمري و قطع رحمي و طعن في ديني و إني أعوذ بالله منكم يا بني عبد المطلب إن كان لكم حق تزعمون أنكم غلبتم عليه فقد تركتموه في يدي من فعل ذلك بكم و أنا أقرب إليكم رحما منه و ما لمت منكم أحدا إلا عليا و لقد دعيت أن أبسط عليه فتركته لله و الرحم و أنا أخاف ألا يتركني فلا أتركه قال ابن عباس فحمد أبي الله و أثنى عليه ثم قال أما بعد يا ابن أختي فإن كنت لا تحمد عليا لنفسك فإني لا أحمدك لعلي و ما علي وحده قال فيك بل غيره فلو أنك اتهمت نفسك للناس اتهم الناس أنفسهم لك و لو أنك نزلت مما رقيت و ارتقوا مما نزلوا فأخذت منهم و أخذوا منك ما كان بذلك بأس قال عثمان فذلك إليك يا خال و أنت بيني و بينهم قال أ فأذكر لهم ذلك عنك قال نعم و انصرف فما لبثنا أن قيل هذا أمير المؤمنين قد رجع بالباب قال أبي ائذنوا له فدخل فقام قائما و لم يجلس و قال لا تعجل يا خال حتى أوذنك فنظرنا فإذا مروان بن الحكم كان جالسا بالباب ينتظره حتى خرج فهو الذي ثناه عن رأيه الأول فأقبل علي أبي و قال يا بني ما إلى هذا من أمره شي ء ثم قال يا بني أملك عليك لسانك حتى ترى ما لا بد منه ثم رفع يديه فقال اللهم اسبق بي ما لا خير لي في إدراكه فما مرت جمعة حتى مات رحمه الله و روى أبو العباس المبرد في الكامل عن قنبر مولى علي ع قال دخلت مع علي على عثمان فأحبا الخلوة فأومأ إلي علي ع بالتنحي فتنحيت غير بعيد فجعل عثمان يعاتبه و علي مطرق فأقبل عليه عثمان و قال ما لك لا تقول قال إن قلت لم أقل إلا ما تكره و ليس لك عندي إلا ما تحب

قال أبو العباس تأويل ذلك إن قلت اعتددت عليك بمثل ما اعتددت به علي فلذعك عتابي و عقدي ألا أفعل و إن كنت عاتبا إلا ما تحب و عندي فيه تأويل آخر و هو أني إن قلت و اعتذرت فأي شي ء حسنته من الأعذار لم يكن ذلك عندك مصدقا و لم يكن إلا مكروها غير مقبول و الله تعالى يعلم أنه ليس لك عندي في باطني و ما أطوي عليه جوانحي إلا ما تحب و إن كنت لا تقبل المعاذير التي أذكرها بل تكرهها و تنبو نفسك عنها و روى الواقدي في كتاب الشورى عن ابن عباس رحمه الله قال شهدت عتاب عثمان لعلي ع يوما فقال له في بعض ما قاله نشدتك الله أن تفتح للفرقة بابا فلعهدي بك و أنت تطيع عتيقا و ابن الخطاب طاعتك لرسول الله ص و لست بدون واحد منهما و أنا أمس بك رحما و أقرب إليك صهرا فإن كنت تزعم أن هذا الأمر جعله رسول الله ص لك فقد رأيناك حين توفي نازعت ثم أقررت فإن كانا لم يركبا من الأمر جددا فكيف أذعنت لهما بالبيعة و بخعت بالطاعة و إن كانا أحسنا فيما وليا و لم أقصر عنهما في ديني و حسبي و قرابتي فكن لي كما كنت لهما

فقال علي ع أما الفرقة فمعاذ الله أن أفتح لها بابا و أسهل إليها سبيلا و لكني أنهاك عما ينهاك الله و رسوله عنه و أهديك إلى رشدك و أما عتيق و ابن الخطاب فإن كانا أخذا ما جعله رسول الله ص لي فأنت أعلم بذلك و المسلمون و ما لي و لهذا الأمر و قد تركته منذ حين فإما ألا يكون حقي بل المسلمون فيه شرع فقد أصاب السهم الثغرة و إما أن يكون حقي دونهم فقد تركته لهم طبت به نفسا و نفضت يدي عنه استصلاحا و أما التسوية بينك و بينهما فلست كأحدهما إنهما وليا هذا الأمر فظلفا أنفسهما و أهلهما عنه و عمت فيه و قومك عوم السابح في اللجة فارجع إلى الله أبا عمرو و انظر هل بقي من عمرك إلا كظم ء الحمار فحتى متى و إلى متى أ لا تنهى سفهاء بني أمية عن أعراض المسلمين و أبشارهم و أموالهم و الله لو ظلم عامل من عمالك حيث تغرب الشمس لكان إثمه مشتركا بينه و بينك

قال ابن عباس فقال عثمان لك العتبى و افعل و اعزل من عمالي كل من تكرهه و يكرهه المسلمون ثم افترقا فصده مروان بن الحكم عن ذلك و قال يجترئ عليك الناس فلا تعزل أحدا منهم و

روى الزبير بن بكار أيضا في كتابه عن رجال أسند بعضهم عن بعض عن علي بن أبي طالب ع قال أرسل إلي عثمان في الهاجرة فتقنعت بثوبي و أتيته فدخلت عليه و هو على سريره و في يده قضيب و بين يديه مال دثر صبرتان من ورق و ذهب فقال دونك خذ من هذا حتى تملأ بطنك فقد أحرقتني فقلت وصلتك رحم إن كان هذا المال ورثته أو أعطاكه معط أو اكتسبته من تجارة كنت أحد رجلين إما آخذ و أشكر أو أوفر و أجهد و إن كان من مال الله و فيه حق المسلمين و اليتيم و ابن السبيل فو الله ما لك أن تعطينيه و لا لي أن آخذه فقال أبيت و الله إلا ما أبيت ثم قام إلي بالقضيب فضربني و الله ما أرد يده حتى قضى حاجته فتقنعت بثوبي و رجعت إلى منزلي و قلت الله بيني و بينك إن كنت أمرتك بمعروف أو نهيت عن منكر

و روى الزبير بن بكار عن الزهري قال لما أتي عمر بجوهر كسرى وضع في المسجد فطلعت عليه الشمس فصار كالجمر فقال لخازن بيت المال ويحك أرحني من هذا و اقسمه بين المسلمين فإن نفسي تحدثني أنه سيكون في هذا بلاء و فتنة بين الناس فقال يا أمير المؤمنين إن قسمته بين المسلمين لم يسعهم و ليس أحد يشتريه لأن ثمنه عظيم و لكن ندعه إلى قابل فعسى الله أن يفتح على المسلمين بمال فيشتريه منهم من يشتريه قال ارفعه فأدخله بيت المال و قتل عمر و هو بحاله فأخذه عثمان لما ولي الخلافة فحلى به بناته قال الزبير فقال الزهري كل قد أحسن عمر حين حرم نفسه و أقاربه و عثمان حين وصل أقاربه

قال الزبير و حدثنا محمد بن حرب قال حدثنا سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد قال جاء رجل إلى علي ع يستشفع به إلى عثمان فقال حمال الخطايا لا و الله لا أعود إليه أبدا فآيسه منه

و روى الزبير أيضا عن شداد بن عثمان قال سمعت عوف بن مالك في أيام عمر يقول: يا طاعون خذني فقلنا له لم تقول هذا و

قد سمعت رسول الله ص يقول إن المؤمن لا يزيده طول العمر إلا خيرا

قال إني أخاف ستا خلافة بني أمية و إمارة السفهاء من أحداثهم و الرشوة في الحكم و سفك الدم الحرام و كثرة الشرط و نشأ ينشأ يتخذون القرآن مزامير و روى الزبير عن أبي غسان عن عمر بن زياد عن الأسود بن قيس عن عبيد بن حارثة قال سمعت عثمان و هو يخطب فأكب الناس حوله فقال اجلسوا يا أعداء الله فصاح به طلحة إنهم ليسوا بأعداء الله لكنهم عباده و قد قرءوا كتابه و روى الزبير عن سفيان بن عيينة عن إسرائيل عن الحسن قال شهدت المسجد يوم جمعة فخرج عثمان فقام رجل فقال أنشد كتاب الله فقال عثمان اجلس أ ما لكتاب الله ناشد غيرك فجلس ثم قام آخر فقال مثل مقالته فقال اجلس فأبى أن يجلس فبعث إلى الشرط ليجلسوه فقام الناس فحالوا بينهم و بينه قال ثم تراموا بالبطحاء حتى يقول القائل ما أكاد أرى أديم السماء من البطحاء فنزل عثمان فدخل داره و لم يصل الجمعة

فصل فيما شجر بين عثمان و ابن عباس من الكلام بحضرة علي

و روى الزبير أيضا في الموفقيات عن ابن عباس رحمه الله قال صليت العصر يوما ثم خرجت فإذا أنا بعثمان بن عفان في أيام خلافته في بعض أزقة المدينة وحده فأتيته إجلالا و توقيرا لمكانه فقال لي هل رأيت عليا قلت خلفته في المسجد فإن لم يكن الآن فيه فهو في منزله قال أما منزله فليس فيه فابغه لنا في المسجد فتوجهنا إلى المسجد و إذا علي ع يخرج منه قال ابن عباس و قد كنت أمس ذلك اليوم عند علي فذكر عثمان و تجرمه عليه و قال أما و الله يا ابن عباس إن من دوائه لقطع كلامه و ترك لقائه فقلت له يرحمك الله كيف لك بهذا فإن تركته ثم أرسل إليك فما أنت صانع قال أعتل و أعتل فمن يقسرني قال لا أحد قال ابن عباس فلما تراءينا له و هو خارج من المسجد ظهر منه من التفلت و الطلب للانصراف ما استبان لعثمان فنظر إلي عثمان و قال يا ابن عباس أ ما ترى ابن خالنا يكره لقاءنا فقلت و لم و حقك ألزم و هو بالفضل أعلم فلما تقاربا رماه عثمان بالسلام فرد عليه فقال عثمان إن تدخل فإياك أردنا و إن تمض فإياك طلبنا فقال علي أي ذلك أحببت قال تدخل فدخلا و أخذ عثمان بيده فأهوى به إلى القبلة فقصر عنها و جلس قبالتها فجلس عثمان إلى جانبه فنكصت عنهما فدعواني جميعا فأتيتهما فحمد عثمان الله و أثنى عليه و صلى على رسوله ثم قال أما بعد يا بني خالي و ابني عمي فإذ جمعتكما في النداء فسأجمعكما في الشكاية عن رضاي على أحدكما و وجدي على الآخر إني أستعذركما من أنفسكما و أسألكما فيئتكما و أستوهبكما رجعتكما فو الله لو غالبني الناس ما انتصرت إلا بكما و لو تهضموني ما تعززت إلا بعزكما و لقد طال هذا الأمر بيننا حتى تخوفت أن يجوز قدره و يعظم الخطر فيه و لقد هاجني العدو عليكما و أغراني بكما فمنعني الله و الرحم مما أراد و قد خلونا في مسجد رسول الله ص و إلى جانب قبره و قد أحببت أن تظهرا لي رأيكما في و ما تنطويان لي عليه و تصدقا فإن الصدق أنجى و أسلم و أستغفر الله لي و لكما قال ابن عباس فأطرق علي ع و أطرقت معه طويلا أما أنا فأجللته أن أتكلم قبله و أما هو فأراد أن أجيب عني و عنه ثم قلت له أ تتكلم أم أتكلم عنك قال بل تكلم عني و عنك فحمدت الله و أثنيت عليه و صليت على رسوله ثم قلت أما بعد يا ابن عمنا و عمتنا فقد سمعنا كلامك لنا و خلطك في الشكاية بيننا على رضاك زعمت عن أحدنا و وجدك على الآخر و سنفعل في ذلك فنذمك و نحمدك اقتداء منك بفعلك فينا فإنا نذم مثل تهمتك إيانا على ما اتهمتنا عليه بلا ثقة إلا ظنا و نحمد منك غير ذلك من مخالفتك عشيرتك ثم نستعذرك من نفسك استعذارك إيانا من أنفسنا و نستوهبك فيئتك استيهابك إيانا فيئتنا و نسألك رجعتك مسألتك إيانا رجعتنا فإنا معا أيما حمدت و ذممت منا كمثلك في أمر نفسك ليس بيننا فرق و لا اختلاف بل كلانا شريك صاحبه في رأيه و قوله فو الله ما تعلمنا غير معذرين فيما بيننا و بينك و لا تعرفنا غير قانتين عليك و لا تجدنا غير راجعين إليك فنحن نسألك من نفسك مثل ما سألتنا من أنفسنا و أما قولك لو غالبتني الناس ما انتصرت إلا بكما أو تهضموني ما تعززت إلا بعزكما فأين بنا و بك عن ذلك و نحن و أنت كما قال أخو كنانة

  • بدا بحتر ما رام نال و إن يرميخض دونه غمرا من الغر رائمه
  • لنا و لهم منا و منهم على العدا مراتب عز مصعدات سلالمه

و أما قولك في هيج العدو إياك علينا و إغرائه لك بنا فو الله ما أتاك العدو من ذلك شيئا إلا و قد أتانا بأعظم منه فمنعنا مما أراد ما منعك من مراقبة الله و الرحم و ما أبقيت أنت و نحن إلا على أدياننا و أعراضنا و مروءاتنا و لقد لعمري طال بنا و بك هذا الأمر حتى تخوفنا منه على أنفسنا و راقبنا منه ما راقبت و أما مساءلتك إيانا عن رأينا فيك و ما ننطوي عليه لك فإنا نخبرك أن ذلك إلى ما تحب لا يعلم واحد منا من صاحبه إلا ذلك و لا يقبل منه غيره و كلانا ضامن على صاحبه ذلك و كفيل به و قد برأت أحدنا و زكيته و أنطقت الآخر و أسكته و ليس السقيم منا مما كرهت بأنطق من البري ء فيما ذكرت و لا البري ء منا مما سخطت بأظهر من السقيم فيما وصفت فإما جمعتنا في الرضا و إما جمعتنا في السخط لنجازيك بمثل ما تفعل بنا في ذلك مكايلة الصاع بالصاع فقد أعلمناك رأينا و أظهرنا لك ذات أنفسنا و صدقناك و الصدق كما ذكرت أنجى و أسلم فأجب إلى ما دعوت إليه و أجلل عن النقض و الغدر مسجد رسول الله ص و موضع قبره و اصدق تنج و تسلم و نستغفر الله لنا و لك

قال ابن عباس فنظر إلي علي ع نظر هيبة و قال دعه حتى يبلغ رضاه فيما هو فيه فو الله لو ظهرت له قلوبنا و بدت له سرائرنا حتى رآها بعينه كما يسمع الخبر عنها بأذنه ما زال متجرما منتقما و الله ما أنا ملقى على وضمة و إني لمانع ما وراء ظهري و إن هذا الكلام لمخالفة منه و سوء عشرة فقال عثمان مهلا أبا حسن فو الله إنك لتعلم أن رسول الله ص وصفني بغير ذلك يوم يقول و أنت عنده إن من أصحابي لقوما سالمين لهم و إن عثمان لمنهم إنه لأحسنهم بهم ظنا و أنصحهم لهم حبا فقال علي ع فتصدق قوله ص بفعلك و خالف ما أنت الآن عليه فقد قيل لك ما سمعت و هو كاف إن قبلت قال عثمان فتثق يا أبا الحسن قال نعم أثق و لا أظنك إلا فاعلا قال عثمان قد وثقت و أنت ممن لا يخفر صاحبه و لا يكذب لقيله

قال ابن عباس فأخذت بأيديهما حتى تصافحا و تصالحا و تمازحا و نهضت عنهما فتشاورا و تآمرا و تذاكرا ثم افترقا فو الله ما مرت ثالثة حتى لقيني كل واحد منهما يذكر من صاحبه ما لا تبرك عليه الإبل فعلمت أن لا سبيل إلى صلحهما بعدها و روى أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب أخبار السقيفة عن محمد بن قيس الأسدي عن المعروف بن سويد قال كنت بالمدينة أيام بويع عثمان فرأيت رجلا في المسجد جالسا و هو يصفق بإحدى يديه على الأخرى و الناس حوله و يقول وا عجبا من قريش و استئثارهم بهذا الأمر على أهل هذا البيت معدن الفضل و نجوم الأرض و نور البلاد و الله إن فيهم لرجلا ما رأيت رجلا بعد رسول الله ص أولى منه بالحق و لا أقضي بالعدل و لا آمر بالمعروف و لا أنهى عن المنكر فسألت عنه فقيل هذا المقداد فتقدمت إليه و قلت أصلحك الله من الرجل الذي تذكر فقال ابن عم نبيك رسول الله ص علي بن أبي طالب قال فلبثت ما شاء الله ثم إني لقيت أبا ذر رحمه الله فحدثته ما قال المقداد فقال صدق قلت فما يمنعكم أن تجعلوا هذا الأمر فيهم قال أبى ذلك قومهم قلت فما يمنعكم أن تعينوهم قال مه لا تقل هذا إياكم و الفرقة و الاختلاف قال فسكت عنه ثم كان من الأمر بعد ما كان و ذكر شيخنا أبو عثمان الجاحظ في الكتاب الذي أورد فيه المعاذير عن أحداث عثمان أن عليا اشتكى فعاده عثمان من شكايته فقال علي ع

و عائدة تعود لغير ود تود لو أن ذا دنف يموت

فقال عثمان و الله ما أدري أ حياتك أحب إلي أم موتك إن مت هاضني فقدك و إن حييت فتنتني حياتك لا أعدم ما بقيت طاعنا يتخذك رديئة يلجأ إليها فقال علي ع ما الذي جعلني رديئة للطاعنين العائبين إنما سوء ظنك بي أحلني من قبلك هذا المحل فإن كنت تخاف جانبي فلك علي عهد الله و ميثاقه أن لا بأس عليك مني ما بل بحر صوفة و إني لك لراع و إني عنك لمحام و لكن لا ينفعني ذلك عندك و أما قولك إن فقدي يهيضك فكلا أن تهاض لفقدي ما بقي لك الوليد و مروان فقام عثمان فخرج و قد روي أن عثمان هو الذي أنشد هذا البيت و قد كان اشتكى فعاده علي ع فقال عثمان

و عائدة تعود بغير نصح تود لو أن ذا دنف يموت

و روى أبو سعد الآبي في كتابه عن ابن عباس قال وقع بين عثمان و علي ع كلام فقال عثمان ما أصنع إن كانت قريش لا تحبكم و قد قتلتم منهم يوم بدر سبعين كأن وجوههم شنوف الذهب تصرع أنفهم قبل شفاههم و روى المذكور أيضا أن عثمان لما نقم الناس عليه ما نقموا قام متوكئا على مروان فخطب الناس فقال إن لكل أمة آفة و لكل نعمة عاهة و إن آفة هذه الأمة و عاهة هذه النعمة قوم عيابون طعانون يظهرون لكم ما تحبون و يسرون ما تكرهون طغام مثل النعام يتبعون أول ناعق و لقد نقموا علي ما نقموا على عمر مثله فقمعهم و وقمهم و إني لأقرب ناصرا و أعز نفرا فما لي لا أفعل في فضول الأموال ما أشاء و روى المذكور أيضا أن عليا ع اشتكى فعاده عثمان فقال ما أراك أصبحت إلا ثقيلا قال أجل قال و الله ما أدري أ موتك أحب إلي أم حياتك إني لأحب موتك و أكره أن أعيش بعدك فلو شئت جعلت لنا من نفسك مخرجا إما صديقا مسالما و إما عدوا مغالبا و إنك لكما قال أخو إياد

جرت لما بيننا حبل الشموس فلا يأسا مبينا نرى منها و لا طمعا

فقال علي ع ليس لك عندي ما تخافه و إن أجبتك لم أجبك إلا بما تكرهه و كتب عثمان إلى علي ع حين أحيط به أما بعد فقد جاوز الماء الزبى و بلغ الحزام الطبيين و تجاوز الأمر في قدره فطمع في من لا يدفع عن نفسه

فإن كنت مأكولا فكن خير آكل و إلا فأدركني و لما أمزق

و روى الزبير خبر العيادة على وجه آخر قال مرض علي ع فعاده عثمان و معه مروان بن الحكم فجعل عثمان يسأل عليا عن حاله و علي ساكت لا يجيبه فقال عثمان لقد أصبحت يا أبا الحسن مني بمنزلة الولد العاق لأبيه إن عاش عقه و إن مات فجعه فلو جعلت لنا من أمرك فرجا إما عدوا أو صديقا و لم تجعلنا بين السماء و الماء أما و الله لأنا خير لك من فلان و فلان و إن قتلت لا تجد مثلي فقال مروان أما و الله لا يرام ما وراءنا حتى تتواصل سيوفنا و تقطع أرحامنا فالتفت إليه عثمان و قال اسكت لا سكت و ما يدخلك فيما بيننا و

روى شيخنا أبو عثمان الجاحظ عن زيد بن أرقم قال سمعت عثمان و هو يقول لعلي ع أنكرت علي استعمال معاوية و أنت تعلم أن عمر استعمله قال علي ع نشدتك الله أ لا تعلم أن معاوية كان أطوع لعمر من يرفأ غلامه إن عمر كان إذا استعمل عاملا وطئ على صماخه و إن القوم ركبوك و غلبوك و استبدوا بالأمر دونك فسكت عثمان

أسباب المنافسة بين علي و عثمان

قلت حدثني جعفر بن مكي الحاجب رحمه الله قال سألت محمد بن سليمان حاجب الحجاب و قد رأيت أنا محمدا هذا و كانت لي به معرفة غير مستحكمة و كان ظريفا أديبا و قد اشتغل بالرياضيات من الفلسفة و لم يكن يتعصب لمذهب بعينه قال جعفر سألت عما عنده في أمر علي و عثمان فقال هذه عداوة قديمة النسب بين عبد شمس و بين بني هاشم و قد كان حرب بن أمية نافر عبد المطلب بن هاشم و كان أبو سفيان يحسد محمدا ص و حاربه و لم تزل الثنتان متباغضتين و إن جمعتهما المنافية ثم إن رسول الله ص زوج عليا بابنته و زوج عثمان بابنته الأخرى و كان اختصاص رسول الله ص لفاطمة أكثر من اختصاصه للبنت الأخرى و للثانية التي تزوجها عثمان بعد وفاة الأولى و اختصاصه أيضا لعلي و زيادة قربه منه و امتزاجه به و استخلاصه إياه لنفسه أكثر و أعظم من اختصاصه لعثمان فنفس عثمان ذلك عليه فتباعد ما بين قلبيهما و زاد في التباعد ما عساه يكون بين الأختين من مباغضة أو مشاجرة أو كلام ينقل من إحداهما إلى الأخرى فيتكدر قلبها على أختها و يكون ذلك التكدير سببا لتكدير ما بين البعلين أيضا كما نشاهده في عصرنا و في غيره من الأعصار و قد قيل ما قطع من الأخوين كالزوجتين ثم اتفق أن عليا ع قتل جماعة كثيرة من بني عبد شمس في حروب رسول الله ص فتأكد الشنئان و إذا استوحش الإنسان من صاحبه استوحش صاحبه منه ثم مات رسول الله ص فصبا إلى علي جماعة يسيرة لم يكن عثمان منهم و لا حضر في دار فاطمة مع من حضر من المخلفين عن البيعة و كانت في نفس علي ع أمور من الخلافة لم يمكنه إظهارها في أيام أبي بكر و عمر لقوة عمر و شدته و انبساط يده و لسانه فلما قتل عمر و جعل الأمر شورى بين الستة و عدل عبد الرحمن بها عن علي إلى عثمان لم يملك علي نفسه فأظهر ما كان كامنا و أبدى ما كان مستورا و لم يزل الأمر يتزايد بينهما حتى شرف و تفاقم و مع ذلك فلم يكن علي ع لينكر من أمره إلا منكرا و لا ينهاه إلا كما تقتضي الشريعة نهيه عنه و كان عثمان مستضعفا في نفسه رخوا قليل الحزم واهي العقدة و سلم عنانه إلى مروان يصرفه كيف شاء الخلافة له في المعنى و لعثمان في الاسم فلما انتقض على عثمان أمره استصرخ عليا و لاذ به و ألقى زمام أمره إليه فدافع عنه حيث لا ينفع الدفاع و ذب عنه حين لا يغني الذب فقد كان الأمر فسد فسادا لا يرجى صلاحه قال جعفر فقلت له أ تقول إن عليا وجد من خلافة عثمان أعظم مما وجده من خلافة أبي بكر و عمر فقال كيف يكون ذلك و هو فرع لهما و لولاهما لم يصل إلى الخلافة و لا كان عثمان ممن يطمع فيها من قبل و لا يخطر له ببال و لكن هاهنا أمر يقتضي في عثمان زيادة المنافسة و هو اجتماعهما في النسب و كونهما من بني عبد مناف و الإنسان ينافس ابن عمه الأدنى أكثر من منافسة الأبعد و يهون عليه من الأبعد ما لا يهون عليه من الأقرب قال جعفر فقلت له أ فتقول لو أن عثمان خلع و لم يقتل أ كان الأمر يستقيم لعلي ع إذا بويع بعد خلعه فقال لا و كيف يتوهم ذلك بل يكون انتقاض الأمور عليه و عثمان حي مخلوع أكثر من انتقاضها عليه بعد قتله لأنه موجود يرجى و يتوقع عوده فإن كان محبوسا عظم البلاء و الخطب و هتف الناس باسمه في كل يوم بل في كل ساعة و إن كان مخلى سربه و ممكنا من نفسه و غير محول بينه و بين اختياره لجأ إلى بعض الأطراف و ذكر أنه مظلوم غصبت خلافته و قهر على خلع نفسه فكان اجتماع الناس عليه أعظم و الفتنة به أشد و أغلظ قال جعفر فقلت له فما تقول في هذا الاختلاف الواقع في أمر الإمامة من مبدأ الحال و ما الذي تظنه أصله و منبعه فقال لا أعلم لهذا أصلا إلا أمرين أحدهما أن رسول الله ص أهمل أمر الإمامة فلم يصرح فيه بأحد بعينه و إنما كان هناك رمز و إيماء و كناية و تعريض لو أراد صاحبه أن يحتج به وقت الاختلاف و حال المنازعة لم يقم منه صورة حجة تغني و لا دلالة تحسب و تكفي و لذلك لم يحتج علي ع يوم السقيفة بما ورد فيه لأنه لم يكن نصا جليا يقطع العذر و يوجب الحجة و عادة الملوك إذا تمهد ملكهم و أرادوا العقد لولد من أولادهم أو ثقة من ثقاتهم أن يصرحوا بذكره و يخطبوا باسمه على أعناق المنابر و بين فواصل الخطب و يكتبوا بذلك إلى الآفاق البعيدة عنهم و الأقطار النائية منهم و من كان منهم ذا سرير و حصن و مدن كثيرة ضرب اسمه على صفحات الدنانير و الدراهم مع اسم ذلك الملك بحيث تزول الشبهة في أمره و يسقط الارتياب بحاله فليس أمر الخلافة بهين و لا صغير ليترك حتى يصير في مظنة الاشتباه و اللبس و لعله كان لرسول الله ص في ذلك عذر لا نعلمه نحن إما خشية من فساد الأمر أو إرجاف المنافقين و قولهم إنها ليس بنبوة و إنما هي ملك به أوصى لذريته و سلالته و لما لم يكن أحد من تلك الذرية في تلك الحال صالحا للقيام بالأمر لصغر السن جعله لأبيهم ليكون في الحقيقة لزوجته التي هي ابنته و لأولاده منها من بعده و أما ما تقوله المعتزلة و غيرهم من أهل العدل أن الله تعالى علم أن المكلفين يكونون على ترك الأمر مهملا غير معين أقرب إلى فعل الواجب و تجنب القبيح قال و لعل رسول الله ص لم يكن يعلم في مرضه أنه يموت في ذلك المرض و كان يرجو البقاء فيمهد للإمامة قاعدة واضحة و مما يدل على ذلك أنه لما نوزع في إحضار الدواة و الكتف ليكتب لهم ما لا يضلون بعده غضب و قال اخرجوا عني لم يجمعهم بعد الغضب ثانية و يعرفهم رشدهم و يهديهم إلى مصالحهم بل ارجأ الأمر إرجاء من يرتقب الإفاقة و ينتظر العافية

قال فبتلك الأقوال المحجمة و الكنايات المحتملة و الرموز المشتبهة مثل حديث خصف النعل و منزلة هارون من موسى و من كنت مولاه و هذا يعسوب الدين و لا فتى إلا علي و أحب خلقك إليك... و ما جرى هذا المجرى مما لا يفصل الأمر و يقطع العذر و يسكت الخصم و يفحم المنازع وثبت الأنصار فادعتها و وثب بنو هاشم فادعوها و قال أبو بكر بايعوا عمر أو أبا عبيدة و قال العباس لعلي امدد يدك لأبايعك و قال قوم ممن رعف به الدهر فيما بعد و لم يكن موجودا حينئذ إن الأمر كان للعباس لأنه العم الوارث و إن أبا بكر و عمر غصباه حقه فهذا أحدهما و أما السبب الثاني للاختلاف فهو جعل عمر الأمر شورى في الستة و لم ينص على واحد بعينه إما منهم أو من غيرهم فبقي في نفس كل واحد منهم أنه قد رشح للخلافة و أهل للملك و السلطنة فلم يزل ذلك في نفوسهم و أذهانهم مصورا بين أعينهم مرتسما في خيالاتهم منازعة إليه نفوسهم طامحة نحوه عيونهم حتى كان من الشقاق بين علي و عثمان ما كان و حتى أفضى الأمر إلى قتل عثمان و كان أعظم الأسباب في قتله طلحة و كان لا يشك أن الأمر له من بعده لوجوه منها سابقته و منها أنه ابن عم لأبي بكر و كان لأبي بكر في نفوس أهل ذلك العصر منزلة عظيمة أعظم منها الآن و منها أنه كان سمحا جوادا و قد كان نازع عمر في حياة أبي بكر و أحب أن يفوض أبو بكر الأمر إليه من بعده فما زال يفتل في الذروة و الغارب في أمر عثمان و ينكر له القلوب و يكدر عليه النفوس و يغري أهل المدينة و الأعراب و أهل الأمصار به و ساعده الزبير و كان أيضا يرجو الأمر لنفسه و لم يكن رجاؤهما الأمر بدون رجاء علي بل رجاؤهما كان أقوى لأن عليا دحضه الأولان و أسقطاه و كسرا ناموسه بين الناس فصار نسيا منسيا و مات الأكثر ممن يعرف خصائصه التي كانت في أيام النبوة و فضله و نشأ قوم لا يعرفونه و لا يرونه إلا رجلا من عرض المسلمين و لم يبق له مما يمت به إلا أنه ابن عم الرسول و زوج ابنته و أبو سبطيه و نسي ما وراء ذلك كله و اتفق له من بغض قريش و انحرافها ما لم يتفق لأحد و كانت قريش بمقدار ذلك البغض تحب طلحة و الزبير لأن الأسباب الموجبة لبغضهم لم تكن موجودة فيهما و كانا يتألفان قريشا في أواخر أيام عثمان و يعدانهم بالعطاء و الإفضال و هما عند أنفسهما و عند الناس خليفتان بالقوة لا بالفعل لأن عمر نص عليهما و ارتضاهما للخلافة و عمر متبع القول و مرضى الفعال موفق مؤيد مطاع نافذ الحكم في حياته و بعد وفاته فلما قتل عثمان أرادها طلحة و حرص عليها فلو لا الأشتر و قوم معه من شجعان العرب جعلوها في علي لم تصل إليه أبدا فلما فاتت طلحة و الزبير فتقا ذلك الفتق العظيم على علي و أخرجا أم المؤمنين معهما و قصدا العراق و أثارا الفتنة و كان من حرب الجمل ما قد علم و عرف ثم كانت حرب الجمل مقدمة و تمهيدا لحرب صفين فإن معاوية لم يكن ليفعل ما فعل لو لا طمعه بما جرى في البصرة ثم أوهم أهل الشام أن عليا قد فسق بمحاربة أم المؤمنين و محاربة المسلمين و أنه قتل طلحة و الزبير و هما من أهل الجنة و من يقتل مؤمنا من أهل الجنة فهو من أهل النار فهل كان الفساد المتولد في صفين إلا فرعا للفساد الكائن يوم الجمل ثم نشأ من فساد صفين و ضلال معاوية كل ما جرى من الفساد و القبيح في أيام بني أمية و نشأت فتنة ابن الزبير فرعا من فروع يوم الدار لأن عبد الله كان يقول إن عثمان لما أيقن بالقتل نص علي بالخلافة و لي بذلك شهود و منهم مروان بن الحكم أ فلا ترى كيف تسلسلت هذه الأمور فرعا على أصل و غصنا من شجرة و جذوة من ضرام هكذا يدور بعضه على بعض و كله من الشورى في الستة قال و أعجب من ذلك قول عمر و قد قيل له إنك استعملت يزيد بن أبي سفيان و سعيد بن العاص و معاوية و فلانا و فلانا من المؤلفة قلوبهم من الطلقاء و أبناء الطلقاء و تركت أن تستعمل عليا و العباس و الزبير و طلحة فقال أما علي فأنبه من ذلك و أما هؤلاء النفر من قريش فإني أخاف أن ينتشروا في البلاد فيكثروا فيها الفساد فمن يخاف من تأميرهم لئلا يطمعوا في الملك و يدعيه كل واحد منهم لنفسه كيف لم يخف من جعلهم ستة متساوين في الشورى مرشحين للخلافة و هل شي ء أقرب إلى الفساد من هذا و قد روي أن الرشيد رأى يوما محمدا و عبد الله ابنيه يلعبان و يضحكان فسر بذلك فلما غابا عن عينه بكى فقال له الفضل بن الربيع ما يبكيك يا أمير المؤمنين و هذا مقام جذل لا مقام حزن فقال أ ما رأيت لعبهما و مودة بينهما أما و الله ليتبدلن ذلك بغضا و شنفا و ليحتلسن كل واحد منهما نفس صاحبه عن قريب فإن الملك عقيم و كان الرشيد قد عقد الأمر لهما على ترتيب هذا بعد هذا فكيف من لم يرتبوا في الخلافة بل جعلوا فيها كأسنان المشط فقلت أنا لجعفر هذا كله تحكيه عن محمد بن سليمان فما تقول أنت فقال

إذا قالت حذام فصدقوها فإن القول ما قالت حذام

شرح نهج البلاغه منظوم

و من كلام له عليه السّلام

و قد وقعت مشاجرة بينه و بين عثمان، فقال المغيرة ابن الأخنس لعثمان: أنا أكفيكه فقال أمير المؤمنين عليه السّلام للمغيرة: يا ابن اللّعين الأبتر، و الشّجرة الّتى لا أصل لها و لا فرع، أنت تكفينى فو اللّه ما أعزّ اللّه من أنت ناصره، و لا قام من أنت منهضه، اخرج عنّا أبعد اللّه نواك، ثمّ أبلغ جهدك فلا أبقى اللّه عليك إن أبقيت.

ترجمه

از سخنان آن حضرت عليه السّلام است كه بمغيرة ابن الاخنس فرموده: وقتى بين آن حضرت و عثمان كار بمشاجره كشيد مغيرة بعثمان گفت من او را در دفاع از جانب تو كفايت ميكنم لذا باو فرمود: اى پسر ملعون و دور از رحمت خدا، كه در نسل او خيرى باقى نمانده، و اى فرزند درخت بى اصل و فرع (نانجيب و ناكس) تو دست مرا از او خواهى بر تافت، بخدا سوگند ارجمند نيست كسى كه تو او را يارى دهنده باشى، و پايدار نيست كسى كه تو او را پايدار خواهى، از مجلس ما بيرون شو، خدا خير تو را ببرّد، (و ترا از مقصودت دور سازد) آن گاه نيروى خود را در دشمنى من بكار انداز (تا ببينم چه ميكنى) خدا از عقوبت تو چيزى فرو گذار نكند، اگر آنچه از تو ساخته است (در باره من) فرو گذار كنى.

نظم

  • يكى روزى شه ملك ولايتز عثمان داشت در مجلس شكايت
  • سخن كم كم بسر حدّ جدل شدبتندى حرفها ردّ و بدل شد
  • يكى مردك كه كس نشمرديش كسبحق دشمن مغيره ابن اخنس
  • چو در جنگ احد از تيغ حيدرروان شد در سقر از وى برادر
  • درونش بود از دست شه دينچو كانونى شرار افروز و پر كين
  • بعثمان گفت از بهر تلافى من او را در دفاعم از تو كافى
  • توانم داد تو از روى ستاندنفرو آن آتش خشمت نشاندن
  • شه دين اين سخن از وى چو بشنفت بتندى بانگ زد بر وى چنين گفت
  • كه اى فرزند آن ملعون ابتركه او در دين منافق بود و كافر
  • درختت را نباشد ريشه و شاخ چرا هستى چنين بى شرم و گستاخ
  • تو با اين رتبه نا قابل پستاز او خواهى ز من بر تافتن دست
  • بحقّ سوگند هر كس را تو يارش شوى تيره است روى روزگارش
  • بود همواره قرن ذلّ و خوارىبرويش بسته راه رستگارى
  • بتحريك تو هر مردى بپا خواست فتاد از پاى و از عزّ و شرف كاست
  • از اين مجلس تو اى بى شرم و مغروربرون شو حقّ كند خيرش ز تو دور
  • پس آنگه آنچه از دستت بر آيدهر آن راهى كه شيطانت نمايد
  • بكن آن گار را تا مى توانىهلا اين گوى و اين ميدان تو دانى
  • خدا سازد ترا در مانده و خوارشوى گر از سر من دست بردار

منبع:پژوهه تبلیغ

این موضوعات را نیز بررسی کنید:

جدیدترین ها در این موضوع

رفتار و منش امام خمینی (ره) با دختران

رفتار و منش امام خمینی (ره) با دختران

در همۀ جوامع بشری، تربیت فرزندان، به ویژه فرزند دختر ارزش و اهمیت زیادی دارد. ارزش‌های اسلامی و زوایای زندگی ائمه معصومین علیهم‌السلام و بزرگان، جایگاه تربیتی پدر در قبال دختران مورد تأکید قرار گرفته است. از آنجا که دشمنان فرهنگ اسلامی به این امر واقف شده‌اند با تلاش‌های خود سعی بر بی‌ارزش نمودن جایگاه پدر داشته واز سویی با استحاله اعتقادی و فرهنگی دختران و زنان (به عنوان ارکان اصلی خانواده اسلامی) به اهداف شوم خود که نابودی اسلام است دست یابند.
تبیین و ضرورت‌شناسی مساله تعامل مؤثر پدری-دختری

تبیین و ضرورت‌شناسی مساله تعامل مؤثر پدری-دختری

در این نوشتار تلاش شده با تدقیق به اضلاع مسئله، یعنی خانواده، جایگاه پدری و دختری ضمن تبیین و ابهام زدایی از مساله‌ی «تعامل موثر پدری-دختری»، ضرورت آن بیش از پیش هویدا گردد.
فرصت و تهدید رابطه پدر-دختری

فرصت و تهدید رابطه پدر-دختری

در این نوشتار سعی شده است نقش پدر در خانواده به خصوص در رابطه پدری- دختری مورد تدقیق قرار گرفته و راهبردهای موثر عملی پیشنهاد گردد.
دختر در آینه تعامل با پدر

دختر در آینه تعامل با پدر

یهود از پیامبری حضرت موسی علیه‌السلام نشأت گرفت... کسی که چگونه دل کندن مادر از او در قرآن آمده است.. مسیحیت بعد از حضرت عیسی علیه‌السلام شکل گرفت که متولد شدن از مادری تنها بدون پدر، در قرآن کریم ذکر شده است.
رابطه پدر - دختری، پرهیز از تحمیل

رابطه پدر - دختری، پرهیز از تحمیل

با اینکه سعی کرده بودم، طوری که پدر دوست دارد لباس بپوشم، اما انگار جلب رضایتش غیر ممکن بود! من فقط سکوت کرده بودم و پدر پشت سر هم شروع کرد به سرزنش و پرخاش به من! تا اینکه به نزدیکی خانه رسیدیم.

پر بازدیدترین ها

No image

خطبه 27 نهج البلاغه بخش 3 : مظلوميّت امام عليه السّلام، و علل شكست كوفيان

خطبه 27 نهج البلاغه بخش 3 به تشریح موضوع "مظلوميّت امام عليه السّلام، و علل شكست كوفيان" می پردازد.
No image

خطبه 182 نهج البلاغه بخش 7 : ياد ياران شهيد

خطبه 182 نهج البلاغه بخش 7 به تشریح موضوع "ياد ياران شهيد" می پردازد.
No image

خطبه 228 نهج البلاغه : ويژگى‏ هاى سلمان فارسى

خطبه 228 نهج البلاغه موضوع "ويژگى‏ هاى سلمان فارسى" را مطرح می کند.
No image

خطبه 200 نهج البلاغه : سياست دروغين معاويه

خطبه 200 نهج البلاغه موضوع "سياست دروغين معاويه" را بیان می کند.
No image

خطبه 11 نهج البلاغه : آموزش نظامى

خطبه 11 نهج البلاغه موضوع "آموزش نظامى" را بررسی می کند.
Powered by TayaCMS