و من كلام له ع في وقت الشورى
لَنْ يُسْرِعَ أَحَدٌ قَبْلِي إِلَى دَعْوَةِ حَقٍّ وَ صِلَةِ رَحِمٍ وَ عَائِدَةِ كَرَمٍ فَاسْمَعُوا قَوْلِي وَ عُوا مَنْطِقِي عَسَى أَنْ تَرَوْا هَذَا الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِ هَذَا الْيَوْمِ تُنْتَضَى فِيهِ السُّيُوفُ وَ تُخَانُ فِيهِ الْعُهُودُ حَتَّى يَكُونَ بَعْضُكُمْ أَئِمَّةً لِأَهْلِ الضَّلَالَةِ وَ شِيعَةً لِأَهْلِ الْجَهَالَةِ هذا من جملة كلام قاله ع لأهل الشورى بعد وفاة عمر
من أخبار يوم الشورى و تولية عثمان
و قد ذكرنا من حديث الشورى فيما تقدم ما فيه كفاية و نحن نذكر هاهنا ما لم نذكره هناك و هو من رواية عوانة عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي في كتاب الشورى و مقتل عثمان و قد رواه أيضا أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في زيادات كتاب السقيفة قال لما طعن عمر جعل الأمر شورى بين ستة نفر علي بن أبي طالب و عثمان بن عفان و عبد الرحمن بن عوف و الزبير بن العوام و طلحة بن عبيد الله و سعد بن مالك و كان طلحة يومئذ بالشام و قال عمر إن رسول الله ص قبض و هو عن هؤلاء راض فهم أحق بهذا الأمر من غيرهم و أوصى صهيب بن سنان مولى عبد الله بن جدعان و يقال إن أصله من حي من ربيعة بن نزار يقال لهم عنزة فأمره أن يصلي بالناس حتى يرضى هؤلاء القوم رجلا منهم و كان عمر لا يشك أن هذا الأمر صائر إلى أحد الرجلين علي و عثمان و قال إن قدم طلحة فهو معهم و إلا فلتختر الخمسة واحدا منها و روي أن عمر قبل موته أخرج سعد بن مالك من أهل الشورى و قال الأمر في هؤلاء الأربعة و دعوا سعدا على حاله أميرا بين يدي الإمام ثم قال و لو كان أبو عبيدة بن الجراح حيا لما تخالجتني فيه الشكوك فإن اجتمع ثلاثة على واحد فكونوا مع الثلاثة و إن اختلفوا فكونوا مع الجانب الذي فيه عبد الرحمن و قال لأبي طلحة الأنصاري يا أبا طلحة فو الله لطالما أعز الله بكم الدين و نصر بكم الإسلام اختر من المسلمين خمسين رجلا فائت بهم هؤلاء القوم في كل يوم مرة فاستحثوهم حتى يختاروا لأنفسهم و للأمة رجلا منهم
ثم جمع قوما من المهاجرين و الأنصار فأعلمهم ما أوصى به و كتب في وصيته أن يولي الإمام سعد بن مالك الكوفة و أبا موسى الأشعري لأنه كان عزل سعدا عن سخطة فأحب أن يطلب ذلك إلى من يقوم بالأمر من بعده استرضاء لسعد قال الشعبي فحدثني من لا أتهمه من الأنصار و قال أحمد بن عبد العزيز الجوهري هو سهل بن سعد الأنصاري قال مشيت وراء علي بن أبي طالب حيث انصرف من عند عمر و العباس بن عبد المطلب يمشي في جانبه فسمعته يقول للعباس ذهبت منا و الله فقال كيف علمت قال أ لا تسمعه يقول كونوا في الجانب الذي فيه عبد الرحمن لأنه ابن عمه و عبد الرحمن نظير عثمان و هو صهره فإذا اجتمع هؤلاء فلو أن الرجلين الباقيين كانا معي لم يغنيا عني شيئا مع أني لست أرجو إلا أحدهما و مع ذلك فقد أحب عمر أن يعلمنا أن لعبد الرحمن عنده فضلا علينا لعمر الله ما جعل الله ذلك لهم علينا كما لم يجعله لأولادهم على أولادنا أما و الله لئن عمر لم يمت لأذكرته ما أتى إلينا قديما و لأعلمته سوء رأيه فينا و ما أتى إلينا حديثا و لئن مات و ليموتن ليجتمعن هؤلاء القوم على أن يصرفوا هذا الأمر عنا و لئن فعلوها و ليفعلن ليرونني حيث يكرهون و الله ما بي رغبة في السلطان و لا حب الدنيا و لكن لإظهار العدل و القيام بالكتاب و السنة قال ثم التفت فرآني وراءه فعرفت أنه قد ساءه ذلك فقلت لا ترع أبا حسن لا و الله لا يستمع أحد الذي سمعت منك في الدنيا ما اصطحبنا فيها فو الله ما سمعه مني مخلوق حتى قبض الله عليا إلى رحمته
قال عوانة فحدثنا إسماعيل قال حدثني الشعبي قال فلما مات عمر و أدرج في أكفانه ثم وضع ليصلى عليه تقدم علي بن أبي طالب فقام عند رأسه و تقدم عثمان فقام عند رجليه فقال علي ع هكذا ينبغي أن تكون الصلاة فقال عثمان بل هكذا فقال عبد الرحمن ما أسرع ما اختلفتم يا صهيب صل على عمر كما رضي أن تصلي بهم المكتوبة فتقدم صهيب فصلى على عمر قال الشعبي و أدخل أهل الشورى دارا فأقبلوا يتجادلون عليها و كلهم بها ضنين و عليها حريص إما لدنيا و إما لآخرة فلما طال ذلك قال عبد الرحمن من رجل منكم يخرج نفسه عن هذا الأمر و يختار لهذه الأمة رجلا منكم فإني طيبة نفسي أن أخرج منها و أختار لكم قالوا قد رضينا إلا علي بن أبي طالب فإنه اتهمه و قال أنظر و أرى فأقبل أبو طلحة عليه و قال يا أبا الحسن ارض برأي عبد الرحمن كان الأمر لك أو لغيرك فقال علي أعطني يا عبد الرحمن موثقا من الله لتؤثرن الحق و لا تتبع الهوى و لا تمل إلى صهر و لا ذي قرابة و لا تعمل إلا لله و لا تألو هذه الأمة أن تختار لها خيرها قال فحلف له عبد الرحمن بالله الذي لا إله إلا هو لأجتهدن لنفسي و لكم و للأمة و لا أميل إلى هوى و لا إلى صهر و لا ذي قرابة قال فخرج عبد الرحمن فمكث ثلاثة أيام يشاور الناس ثم رجع و اجتمع الناس و كثروا على الباب لا يشكون أنه يبايع علي بن أبي طالب و كان هوى قريش كافة ما عدا بني هاشم في عثمان و هوى طائفة من الأنصار مع علي و هوى طائفة أخرى مع عثمان و هي أقل الطائفتين و طائفة لا يبالون أيهما بويع
قال فأقبل المقداد بن عمرو و الناس مجتمعون فقال أيها الناس اسمعوا ما أقول أنا المقداد بن عمرو إنكم إن بايعتم عليا سمعنا و أطعنا و إن بايعتم عثمان سمعنا و عصينا فقام عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي فنادى أيها الناس إنكم إن بايعتم عثمان سمعنا و أطعنا و إن بايعتم عليا سمعنا و عصينا فقال له المقداد يا عدو الله و عدو رسوله و عدو كتابه و متى كان مثلك يسمع له الصالحون فقال له عبد الله يا ابن الحليف العسيف و متى كان مثلك يجترئ على الدخول في أمر قريش فقال عبد الله بن سعد بن أبي سرح أيها الملأ إن أردتم ألا تختلف قريش فيما بينها فبايعوا عثمان فقال عمار بن ياسر إن أردتم ألا يختلف المسلمون فيما بينهم فبايعوا عليا ثم أقبل على عبد الله بن سعد بن أبي سرح فقال يا فاسق يا ابن الفاسق أ أنت ممن يستنصحه المسلمون أو يستشيرونه في أمورهم و ارتفعت الأصوات و نادى مناد لا يدرى من هو فقريش تزعم أنه رجل من بني مخزوم و الأنصار تزعم أنه رجل طوال آدم مشرف على الناس لا يعرفه أحد منهم يا عبد الرحمن افرغ من أمرك و امض على ما في نفسك فإنه الصواب قال الشعبي فأقبل عبد الرحمن على علي بن أبي طالب فقال عليك عهد الله و ميثاقه و أشد ما أخذ الله على النبيين من عهد و ميثاق إن بايعتك لتعملن بكتاب الله و سنة رسوله و سيرة أبي بكر و عمر فقال علي ع طاقتي و مبلغ علمي و جهد رأيي و الناس يسمعون فأقبل على عثمان فقال له مثل ذلك فقال نعم لا أزول عنه و لا أدع شيئا منه ثم أقبل على علي فقال له ذلك ثلاث مرات و لعثمان ثلاث مرات في كل ذلك يجيب علي مثل ما كان أجاب به و يجيب عثمان بمثل ما كان أجاب به فقال ابسط يدك يا عثمان فبسط يده فبايعه و قام القوم فخرجوا و قد بايعوا إلا علي بن أبي طالب فإنه لم يبايع قال فخرج عثمان على الناس و وجهه متهلل و خرج علي و هو كاسف البال مظلم و هو يقول يا ابن عوف ليس هذا بأول يوم تظاهرتم علينا من دفعنا عن حقنا و الاستئثار علينا و إنها لسنة علينا و طريقة تركتموها فقال المغيرة بن شعبة لعثمان أ ما و الله لو بويع غيرك لما بايعناه فقال عبد الرحمن بن عوف كذبت و الله لو بويع غيره لبايعته و ما أنت و ذاك يا ابن الدباغة و الله لو وليها غيره لقلت له مثل ما قلت الآن تقربا إليه و طمعا في الدنيا فاذهب لا أبا لك فقال المغيرة لو لا مكان أمير المؤمنين لأسمعتك ما تكره و مضيا قال الشعبي فلما دخل عثمان رحله دخل إليه بنو أمية حتى امتلأت بهم الدار ثم أغلقوها عليهم فقال أبو سفيان بن حرب أ عندكم أحد من غيركم قالوا لا قال يا بني أمية تلقفوها تلقف الكرة فو الذي يحلف به أبو سفيان ما من عذاب و لا حساب و لا جنة و لا نار و لا بعث و لا قيامة قال فانتهره عثمان و ساءه بما قال و أمر بإخراجه قال الشعبي فدخل عبد الرحمن بن عوف على عثمان فقال له ما صنعت فو الله ما وفقت حيث تدخل رحلك قبل أن تصعد المنبر فتحمد الله و تثني عليه و تأمر بالمعروف و تنهى عن المنكر و تعد الناس خيرا قال فخرج عثمان فصعد المنبر فحمد الله و أثنى عليه ثم قال هذا مقام لم نكن نقومه و لم نعد له من الكلام الذي يقام به في مثله و سأهيئ ذلك إن شاء الله و لن آلو أمة محمد خيرا و الله المستعان ثم نزل
قال عوانة فحدثني يزيد بن جرير عن الشعبي عن شقيق بن مسلمة أن علي بن أبي طالب لما انصرف إلى رحله قال لبني أبيه يا بني عبد المطلب إن قومكم عادوكم بعد وفاة النبي كعداوتهم النبي في حياته و إن يطع قومكم لا تؤمروا أبدا و و الله لا ينيب هؤلاء إلى الحق إلا بالسيف قال و عبد الله بن عمر بن الخطاب داخل إليهم قد سمع الكلام كله فدخل و قال يا أبا الحسن أ تريد أن تضرب بعضهم ببعض فقال اسكت ويحك فو الله لو لا أبوك و ما ركب مني قديما و حديثا ما نازعني ابن عفان و لا ابن عوف
فقام عبد الله فخرج قال و أكثر الناس في أمر الهرمزان و عبيد الله بن عمر و قتله إياه و بلغ ما قال فيه علي بن أبي طالب فقام عثمان فصعد المنبر فحمد الله و أثنى عليه ثم قال أيها الناس إنه كان من قضاء الله أن عبيد الله بن عمر بن الخطاب أصاب الهرمزان و هو رجل من المسلمين و ليس له وارث إلا الله و المسلمون و أنا إمامكم و قد عفوت أ فتعفون عن عبيد الله ابن خليفتكم بالأمس قالوا نعم فعفا عنه فلما بلغ ذلك عليا تضاحك و قال سبحان الله لقد بدأ بها عثمان أ يعفو عن حق امرئ ليس بواليه تالله إن هذا لهو العجب قالوا فكان ذلك أول ما بدا من عثمان مما نقم عليه قال الشعبي و خرج المقداد من الغد فلقي عبد الرحمن بن عوف فأخذ بيده و قال إن كنت أردت بما صنعت وجه الله فأثابك الله ثواب الدنيا و الآخرة و إن كنت إنما أردت الدنيا فأكثر الله مالك فقال عبد الرحمن اسمع رحمك الله اسمع قال لا أسمع و الله و جذب يده من يده و مضى حتى دخل على علي ع فقال قم فقاتل حتى نقاتل معك قال علي فبمن أقاتل رحمك الله و أقبل عمار بن ياسر ينادي
يا ناعي الإسلام قم فانعه قد مات عرف و بدا نكر
أما و الله لو أن لي أعوانا لقاتلتهم و الله لئن قاتلهم واحد لأكونن له ثانيا
فقال علي يا أبا اليقظان و الله لا أجد عليهم أعوانا و لا أحب أن أعرضكم لما لا تطيقون
و بقي ع في داره و عنده نفر من أهل بيته و ليس يدخل إليه أحد مخافة عثمان قال الشعبي و اجتمع أهل الشورى على أن تكون كلمتهم واحدة على من لم يبايع فقاموا إلى علي فقالوا قم فبايع عثمان قال فإن لم أفعل قالوا نجاهدك قال فمشى إلى عثمان حتى بايعه و هو يقول صدق الله و رسوله فلما بايع أتاه عبد الرحمن بن عوف فاعتذر إليه و قال إن عثمان أعطانا يده و يمينه و لم تفعل أنت فأحببت أن أتوثق للمسلمين فجعلتها فيه فقال إيها عنك إنما آثرته بها لتنالها بعده دق الله بينكما عطر منشم .
قال الشعبي و قدم طلحة من الشام بعد ما بويع عثمان فقيل له رد هذا الأمر حتى ترى فيه رأيك فقال و الله لو بايعتم شركم لرضيت فكيف و قد بايعتم خيركم قال ثم عدا عليه بعد ذلك و صاحبه حتى قتلاه ثم زعما أنهما يطلبان بدمه قال الشعبي فأما ما يذكره الناس من المناشدة و
قول علي ع لأهل الشورى أ فيكم أحد قال له رسول الله ص كذا فإنه لم يكن يوم البيعة و إنما كان بعد ذلك بقليل دخل علي ع على عثمان و عنده جماعة من الناس منهم أهل الشورى و قد كان بلغه عنهم هنات و قوارص فقال لهم أ فيكم أ فيكم كل ذلك يقولون لا قال لكني أخبركم عن أنفسكم أما أنت يا عثمان ففررت يوم حنين و توليت يوم التقى الجمعان و أما أنت يا طلحة فقلت إن مات محمد لنركضن بين خلاخيل نسائه كما ركض بين خلاخيل نسائنا و أما أنت يا عبد الرحمن فصاحب قراريط و أما أنت يا سعد فتدق عن أن تذكر
قال ثم خرج فقال عثمان أ ما كان فيكم أحد يرد عليه قالوا و ما منعك من ذلك و أنت أمير المؤمنين و تفرقوا قال عوانة قال إسماعيل قال الشعبي فحدثني عبد الرحمن بن جندب عن أبيه جندب بن عبد الله الأزدي قال كنت جالسا بالمدينة حيث بويع عثمان فجئت فجلست إلى المقداد بن عمرو فسمعته يقول و الله ما رأيت مثل ما أتي إلى أهل هذا البيت و كان عبد الرحمن بن عوف جالسا فقال و ما أنت و ذاك يا مقداد قال المقداد إني و الله أحبهم لحب رسول الله ص و إني لأعجب من قريش و تطاولهم على الناس بفضل رسول الله ثم انتزاعهم سلطانه من أهله قال عبد الرحمن أما و الله لقد أجهدت نفسي لكم قال المقداد أما و الله لقد تركت رجلا من الذين يأمرون بالحق و به يعدلون أما و الله لو أن لي على قريش أعوانا لقاتلتهم قتالي إياهم ببدر و أحد فقال عبد الرحمن ثكلتك أمك لا يسمعن هذا الكلام الناس فإني أخاف أن تكون صاحب فتنة و فرقة قال المقداد إن من دعا إلى الحق و أهله و ولاة الأمر لا يكون صاحب فتنة و لكن من أقحم الناس في الباطل و آثر الهوى على الحق فذلك صاحب الفتنة و الفرقة قال فتربد وجه عبد الرحمن ثم قال لو أعلم أنك إياي تعني لكان لي و لك شأن قال المقداد إياي تهدد يا ابن أم عبد الرحمن ثم قام عن عبد الرحمن فانصرف قال جندب بن عبد الله فاتبعته و قلت له يا عبد الله أنا من أعوانك فقال رحمك الله إن هذا الأمر لا يغني فيه الرجلان و لا الثلاثة قال فدخلت من فوري ذلك على علي ع فلما جلست إليه قلت يا أبا الحسن و الله ما أصاب قومك بصرف هذا الأمر عنك فقال صبر جميل و الله المستعان
فقلت و الله إنك لصبور قال فإن لم أصبر فما ذا أصنع قلت إني جلست إلى المقداد بن عمرو آنفا و عبد الرحمن بن عوف فقالا كذا و كذا ثم قام المقداد فاتبعته فقلت له كذا فقال لي كذا فقال علي ع لقد صدق المقداد فما أصنع فقلت تقوم في الناس فتدعوهم إلى نفسك و تخبرهم أنك أولى بالنبي ص و تسألهم النصر على هؤلاء المظاهرين عليك فإن أجابك عشرة من مائة شددت بهم على الباقين فإن دانوا لك فذاك و إلا قاتلتهم و كنت أولى بالعذر قتلت أو بقيت و كنت أعلى عند الله حجة فقال أ ترجو يا جندب أن يبايعني من كل عشرة واحد قلت أرجو ذلك قال لكني لا أرجو ذلك لا و الله و لا من المائة واحد و سأخبرك أن الناس إنما ينظرون إلى قريش فيقولون هم قوم محمد و قبيله و أما قريش بينها فتقول إن آل محمد يرون لهم على الناس بنبوته فضلا و يرون أنهم أولياء هذا الأمر دون قريش و دون غيرهم من الناس و هم إن ولوه لم يخرج السلطان منهم إلى أحد أبدا و متى كان في غيرهم تداولته قريش بينها لا و الله لا يدفع الناس إلينا هذا الأمر طائعين أبدا فقلت جعلت فداك يا ابن عم رسول الله لقد صدعت قلبي بهذا القول أ فلا أرجع إلى المصر فأوذن الناس بمقالتك و أدعو الناس إليك فقال يا جندب ليس هذا زمان ذاك قال فانصرفت إلى العراق فكنت أذكر فضل علي على الناس فلا أعدم رجلا يقول لي ما أكره و أحسن ما أسمعه قول من يقول دع عنك هذا و خذ فيما ينفعك فأقول إن هذا مما ينفعني و ينفعك فيقوم عني و يدعني و زاد أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري حتى رفع ذلك من قولي إلى الوليد بن عقبة أيام ولينا فبعث إلي فحبسني حتى كلم في فخلى سبيلي و روى الجوهري قال نادى عمار بن ياسر ذلك اليوم يا معشر المسلمين إنا قد كنا و ما كنا نستطيع الكلام قلة و ذلة فأعزنا الله بدينه و أكرمنا برسوله فالحمد لله رب العالمين يا معشر قريش إلى متى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم تحولونه هاهنا مرة و هاهنا مرة ما أنا آمن أن ينزعه الله منكم و يضعه في غيركم كما نزعتموه من أهله و وضعتموه في غير أهله فقال له هاشم بن الوليد بن المغيرة يا ابن سمية لقد عدوت طورك و ما عرفت قدرك ما أنت و ما رأت قريش لأنفسها إنك لست في شي ء من أمرها و إماراتها فتنح عنها و تكلمت قريش بأجمعها فصاحوا بعمار و انتهروه فقال الحمد لله رب العالمين ما زال أعوان الحق أذلاء ثم قام فانصرف
|