دانشنامه پژوهه بزرگترین بانک مقالات علوم انسانی و اسلامی

خطبه 67 نهج البلاغه : ردّ استدلال انصار و قريش نسبت به امامت در سقيفه

خطبه 67 نهج البلاغه به موضوع "ردّ استدلال انصار و قريش نسبت به امامت در سقيفه" می پردازد.
No image
خطبه 67 نهج البلاغه : ردّ استدلال انصار و قريش نسبت به امامت در سقيفه

موضوع خطبه 67 نهج البلاغه

متن خطبه 67 نهج البلاغه

ترجمه مرحوم فیض

ترجمه مرحوم شهیدی

ترجمه مرحوم خویی

شرح ابن میثم

ترجمه شرح ابن میثم

شرح مرحوم مغنیه

شرح منهاج البراعة خویی

شرح لاهیجی

شرح ابن ابی الحدید

شرح نهج البلاغه منظوم

موضوع خطبه 67 نهج البلاغه

ردّ استدلال انصار و قريش نسبت به امامت در سقيفه

متن خطبه 67 نهج البلاغه

و من كلام له (عليه السلام) قالوا لما انتهت إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) أنباء السقيفة بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال (عليه السلام) ما قالت الأنصار قالوا قالت منا أمير و منكم أمير قال (عليه السلام)

فَهَلَّا احْتَجَجْتُمْ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم)وَصَّى بِأَنْ يُحْسَنَ إِلَى مُحْسِنِهِمْ وَ يُتَجَاوَزَ عَنْ مُسِيئِهِمْ قَالُوا وَ مَا فِي هَذَا مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ فَقَالَ (عليه السلام) لَوْ كَانَ الْإِمَامَةُ فِيهِمْ لَمْ تَكُنِ الْوَصِيَّةُ بِهِمْ ثُمَّ قَالَ (عليه السلام) فَمَا ذَا قَالَتْ قُرَيْشٌ قَالُوا احْتَجَّتْ بِأَنَّهَا شَجَرَةُ الرَّسُولِ (صلى الله عليه وسلم) فَقَالَ (عليه السلام) احْتَجُّوا بِالشَّجَرَةِ وَ أَضَاعُوا الثَّمَرَةَ

ترجمه مرحوم فیض

از سخنان آن حضرت عليه السّلام است در باره ادّعاى انصار (راجع بامر خلافت) گفته اند: پس از وفات رسول خدا «صلّى اللّه عليه و آله» چون اخبار سقيفه (بنى ساعده يعنى خانه اى كه جماعت انصار در مدينه براى حلّ و فصل قضا يا در آنجا گرد مى آمدند) به امير المؤمنين «عليه السّلام» رسيد (كه انصار سعد ابن عباده را كه بيمار بود به سقيفه آورده خواستند او را امير و خليفه نمايند، ابو بكر و عمر آگاه شده به آنجا شتافته با ايشان گفتگو آغاز كردند، انصار گفتند: ما بامر خلافت سزاوارتريم، اگر قبول نداريد شما براى خود و ما براى خويشتن اميرى تعيين مى نماييم، عمر گفت: دو شمشير در يك غلاف نشايد و عرب از شما اطاعت و پيروى نمى نمايد، و هر دسته از مهاجرين و انصار فضائل و مناقب و حقوق خود را و اسلام ياد كردند، پس از آن بشير ابن سعد خزرجى از روى حسد برخاسته قريش را ستود و با عمر و ابو عبيده بابى بكر بيعت نمودند و سعد ابن عباده را به منزلش بردند) حضرت فرمود: انصار چه گفتند پاسخ دادند كه آنها گفتند از ما اميرى باشد و از شما اميرى، فرمود: چرا حجّت و دليل براى ايشان نياورديد باينكه رسول خدا صلّى اللّه عليه و آله وصيّت كرده كه به نيكوكار آنها نيكوئى شود و از بد كردارشان در گذرند، گفتند: اين جمله بر انصار چگونه حجّت و دليلى است فرمود اگر امارت در ايشان مى بود (و لياقت خلافت را داشتند) حاجت به توصيه براى ايشان نبود (بلكه بايشان سفارش ديگران را مى فرمود) پس از آن فرمود: قريش (در مقابل احتجاج انصار) چه گفتند پاسخ دادند كه حجّت و دليل آوردند باينكه آنها شجره و درخت رسول (از يك اصل و نسب و سزاوارتر بخلافت) هستند، فرمود: به درخت احتجاج كردند و ميوه را ضائع و تباه ساختند (اگر آنان با شجره و درخت رسول خويشى دور دارند و به اين جهت خود را بامر خلافت سزاوار مى دانند، من خود ميوه آن درخت و پسر عموى آن حضرت، هستم، خلافت و امارت حقّ من است، و ديگرى را شايستگى آن نيست).

ترجمه مرحوم شهیدی

و از سخنان آن حضرت است در باره انصار [چون به امير المؤمنين (ع) خبر دادند كه پس از رسول اكرم در سقيفه چه گذشت، فرمود: «انصار چه گفتند» گفتند سخن آنان اين بود كه «از ما اميرى و از شما اميرى.» فرمود:] «چرا بر آنان حجّت نياورديد كه: رسول خدا (ص) سفارش فرمود با نيكوكاران انصار نيكى كنيد، و از گناهكارانشان در گذريد» [گفتند «در اين چه حجّتى است» فرمود:] اگر امارت از آن آنان مى بود، سفارش آنان را كردن، درست نمى نمود. [سپس پرسيد: «قريش چه گفتند» گفتند:]. [«حجّت آوردند كه آنان درخت رسولند.» فرمود:] حجّت آوردند كه درختند- و خلافت را بردند- و- خاندان رسول را كه- ميوه اند تباه كردند- و تيمار آن را نخوردند

ترجمه مرحوم خویی

از جمله كلام آن جناب عليه الصّلاة و السّلام است در خصوص أنصار، گفته اند راويان زمانى كه رسيد بأمير المؤمنين خبرهاى سقيفه بني ساعده و احتجاجات مهاجرين و انصار در باب خلافة بعد از وفات حضرت رسول مختار، فرمود آن حضرت كه چه گفتند انصار بمهاجرين عرض كردند كه چنين گفتند كه بايد از ما اميرى باشد و از شما اميرى فرمود: پس چرا احتجاج نكرديد بر ايشان باين كه رسول خدا وصيت فرمود در حقّ ايشان باين كه احسان بشود در حق نيكو كار ايشان و در گذرند از بد كردار ايشان، عرض كردند كه چگونه باشد در اين گفتار حجّة بر انصار پس فرمود آن حضرت كه اگر بود خلافت در ايشان نمى بود وصيت پيغمبر بايشان يعني لازم بود كه پيغمبر ديگران را بايشان بسپارد نه اين كه سفارش ايشان را بديگران بكند بعد از آن فرمود آن حضرت: پس قريش در مقام احتجاج چه گفتند بأنصار عرض كردند كه حجت آوردند با اين كه ايشان شجره رسول خدايند، پس فرمود كه: حجّة آوردند بشجره و ضايع كردند ثمره او را، يعنى بدرخت حجة مى آورند و ثمره او را كه آل محمّد عليه و على آله الصّلاة و السّلام هستند مهمل مى گذارند، اللهمّ وفقنا.

شرح ابن میثم

و من كلام له عليه السّلام فى معنى الأنصار

قالوا: لما انتهت إلى أمير المؤمنين عليه السّلام أنباه السقيفه بعد وفاة رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم. قال عليه السّلام: فَهَلَّا احْتَجَجْتُمْ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص وَصَّى بِأَنْ يُحْسَنَ إِلَى مُحْسِنِهِمْ وَ يُتَجَاوَزَ عَنْ مُسِيئِهِمْ قَالُوا وَ مَا فِي هَذَا مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ فَقَالَ ع لَوْ كَانَ الْإِمَامَةُ فِيهِمْ لَمْ تَكُنِ الْوَصِيَّةُ بِهِمْ ثُمَّ قَالَ ع فَمَا ذَا قَالَتْ قُرَيْشٌ قَالُوا احْتَجَّتْ بِأَنَّهَا شَجَرَةُ الرَّسُولِ ص فَقَالَ ع احْتَجُّوا بِالشَّجَرَةِ وَ أَضَاعُوا الثَّمَرَةَ

المعنى

أقول: الأنباء الّتى بلغته عليه السّلام هى أخبار ما جرى بين الأنصار و المهاجرين من المشاجرة في أمر الإمامة و ايقاعهم البيعة لأبى بكر، و خلاصة القصّة أنّه لمّا قبض رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم اجتمعت الأنصار في سقيفة بنى ساعدة: و هى صفّة كانوا يجتمعون بها فخطبهم سعد بن عبادة، و مدحهم في خطبته و أغراهم بطلب الإمامة. و قال: إنّ لكم سابقة في الإسلام ليست لقبيلة من العرب. إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم لبث في قومه بضع عشرة سنة يدعوهم إلى عبادة الرحمن فما آمن به من قومه إلّا قليل، و اللّه ما كانوا يقدرون أن يمنعوه و لا يدفعوا عنه ضيما حتّى أراد اللّه بكم خير الفضيلة، و ساق إليكم الكرامة، و رزقكم الايمان به و الإقرار بدينه. فكنتم أشدّ الناس على من تخلّف عنه منكم، و أثقله على عدوّه من غيركم حتّى استقاموا لأمره و دانت لأسيافكم العرب، و انجز اللّه لنبيّكم الوعد و توفّاه و هو عنكم راض. فشدّوا أيديكم لهذا الأمر. فأنتم أحقّ الناس به. فأجابوه جميعا إن وفّقت و أصبت لم نعد و أن نولّيك هذا الأمر. و أتى الخبر أبا بكر و عمر فجاء امسرعين إلى السقيفة فتكلّم أبو بكر فقال للأنصار: ألم تعلموا أنّا معاشر المهاجرين أوّل الناس إسلاما و نحن عشيرة رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم و أنتم أنصار الدين و وزراء رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم و إخواننا في كتاب اللّه، و أنتم المؤثرون على أنفسهم و أحقّ الناس بالرضاء بقضاء اللّه و التسليم لما ساق اللّه إلى إخوانكم، و أن لا يكون انتقاض هذا الدين على أيديكم، و أنا أدعوكم إلى بيعة أبى عبيدة أو عمر فكلاهما قد رضيت لهذا الأمر.

فقال عمرو أبو عبيدة: ما ينبغي لأحد من الناس أن يكون فوقك أنت صاحب الغار، و ثانى اثنين، و أمرك رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم بالصلوة.

فأنت أحقّ بهذا الأمر. فقالت الأنصار: نحن أنصار الدار و الايمان لم يعبد اللّه علانية إلّا عندنا و في بلادنا، و لا عرف الايمان إلّا من أسيافنا، و لا جمعت الصلاة إلّا في مساجدنا. فنحن أولى بهذا الأمر. فإن أبيتم فمنّا أمير و منكم أمير. فقال عمر: هيهات لا يجمع سيفان في غمد إنّ العرب لا ترضى أن تؤمّركم و بينها من غيركم. فقال الحباب بن المنذر: نحن و اللّه أحقّ بهذا الأمر إنّه قددان لهذا الأمر بأسيافنا من لم يكن يدين له و إن لم ترضوا اجليناكم عن بلادنا إنّا جذيلها المحلّك و عذيقها المرجّب إن شئتم لنعيدنّها جذعة. و اللّه لا يردّ علىّ أحد ما أقول إلّا حطمت أنفه بسيفى هذا. فقام بشر بن سعد الخزرجىّ و كان يحسد سعد بن عباده أن يصل إليه هذا الأمر و كان سيّدا في الخزرج و قال: إنّا لم نرد بجهادنا و إسلامنا إّ وجه ربّنا لا غرضا من الدنيا، و إنّ محمّدا رجل من قريش و قومه أحقّ بميراث أمره و اتّقو اللّه و لا تنازعوهم معشر الأنصار. فقام أبو بكر فقال: هذا عمرو أبو عبيدة بايعوا أيّهما شئتم فقالا: لا يتولّى هذا الأمر غيرك و أنت أحقّ به ابسط يدك فبسط يده فبايعاه و بايعه بشر بن سعد و بايعته الأوس كلّهم، و حمل سعد بن عبادة و هو مريض فأدخل منزله، و قيل: إنّه بقى ممتنعا من البيعة حتّى مات بحوران في طريق الشام.

و لنرجع إلى المتن فنقول: أمّا الخبر الّذي رواه عليه السّلام عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم حجّة عليهم فهو صحيح أخرجه مسلم و البخارى في مسنديهما عن أنس قال أبو بكر و العبّاس بمجلس من مجالس الأنصار في مرض رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم و هم يبكون فقالا: ما يبكيكم.

فقالوا: ذكرنا مجلس رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم فدخلا على الرسول فأخبراه بذلك فخرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم معصّبا على رأسه حاشية برد فصعد المنبر و لم يصعده بعد ذلك اليوم فحمد اللّه و أثنى عليه ثمّ قال: اوصيكم بالأنصار فإنّهم كرشى و عيبتى و قد قضوا الّذي عليهم و بقى الّذي لهم فاقيلوا من محسنهم و تجاوزوا عن مسيئهم. فأمّا وجه احتجاجه بهذا الخبر فهو في صورة شرطيّة متّصلة يستثنى فيها نقيض تاليها. و تقريرها: لو كانت الإمامة حقّا لهم لمّا كانت الوصيّة بهم لكنّها بهم فليست الإمامة لهم. بيان الملازمة أنّ العرف قاض بأنّ الوصيّة و الشفاعة و نحوها إنّما يكون إلى الرئيس في حقّ المرءوس من غير عكس، و أمّا بطلان التالى للخبر المذكور. و أمّا قوله: احتجّوا بالشجرة و أضاعوا الثمرة. فأشار بالثمرة إمّا إلى نفسه و أهل بيته فإنّهم ثمرة الغصن المورق المثمر لتلك الشجرة، و لمّا استعير لفظ الشجرة لقريش استعار لفظ الثمرة لنفسه. و قد عرفت فرعيّته عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم و كونه ثمرة. و إضاعتهم لها إهمالهم له من هذا الأمر، و يحتمل أن يريد بالثمرة الّتى أضاعوها سنّة اللّه الموجبة في اعتقاده استحقاقه لهذا لأمر و ظاهر كونها ثمرة الرسول صلى اللّه عليه و آله و سلّم و إهمالهم لها تركهم العمل بها فى حقّه، و هو كلام في قوّة احتجاج له على قريش بمثل ما احتجّوا به على الأنصار. و تقديره: أنّهم إن كانوا أولى من الأنصار لكونهم شجرة رسول اللّه فنحن أولى لكوننا ثمرة، و للثمرة اختصاص بالمثمر من وجهين: أحدهما: القرب و مزيّته ظاهرة. و الثاني: أنّ الثمرة هى المطلوبة بالذات من الشجرة و غرسها فإن كانت الشجرة معتبرة فبالأولى اعتبار الثمرة، و إن لم يلتفت إلى الثمرة فبالأولى لا التفات إلى الشجرة.

و يلزم من هذا الاحتجاج أحد أمرين: إمّا بقاء الأنصار على حجّتهم لقيام هذه المعارضة، أو كونه عليه السّلام أحقّ بهذا الأمر و هو المطلوب. و اللّه أعلم بالصواب.

ترجمه شرح ابن میثم

از سخنان آن حضرت (ع) است كه بر ردّ استدلال انصار و مهاجرين ايراد فرموده است وقتى كه پس از وفات پيامبر (ص) خبر اجتماع مردم در سقيفه بنى ساعده به آن حضرت رسيد پرسيد كه انصار در باره خلافت چه مى گفتند عرض كردند نظر انصار اين بود كه دو امير يكى از انصار و ديگرى از مهاجران باشد. حضرت فرمود:

فَهَلَّا احْتَجَجْتُمْ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص وَصَّى بِأَنْ يُحْسَنَ إِلَى مُحْسِنِهِمْ وَ يُتَجَاوَزَ عَنْ مُسِيئِهِمْ قَالُوا وَ مَا فِي هَذَا مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ فَقَالَ ع لَوْ كَانَ الْإِمَامَةُ فِيهِمْ لَمْ تَكُنِ الْوَصِيَّةُ بِهِمْ ثُمَّ قَالَ ع فَمَا ذَا قَالَتْ قُرَيْشٌ قَالُوا احْتَجَّتْ بِأَنَّهَا شَجَرَةُ الرَّسُولِ ص فَقَالَ ع احْتَجُّوا بِالشَّجَرَةِ وَ أَضَاعُوا الثَّمَرَةَ

ترجمه

«چرا بر عليه گفته آنها استدلال نكرديد كه پيامبر در باره آنها وصيّت كرده است كه نيكوكارشان مورد احسان و بدكارشان مورد عفو قرار گيرد.

پرسيدند وصيت پيامبر در باره انصار چه دليلى بر ردّ گفته آنها مى تواند باشد.

امام عليه السّلام فرمود اگر خلافت حق آنها بود، سفارش حمايت آنها را به ديگران نمى كرد (معمول اين است كه سفارش مرئوس را به رئيس مى كنند).

سپس فرمود: مهاجران (يعنى قريش) بر حقانيّت خود در امر خلافت چه استدلالى داشتند عرض كردند، آنها دليل آوردند، كه شجره رسول خدا (ص) هستند حضرت فرمود: به شجره بودنشان براى پيامبر استدلال كردند، امّا از ميوه درخت خاندان رسول يادشان رفته، آن را ناديده گرفتند و تباهش كردند

شرح

منظور از «أنباء» خبر مشاجره اى بود، كه بر سر خلافت، ميان مهاجر و انصار، در گرفت و به گوش حضرت رسيد. خلاصه داستان از اين قرار است.

پس از وفات پيامبر (ص) انصار در سقيفه بنى ساعده، كه محلّى براى اجتماع و سخنرانى بود، گرد آمدند. سعد بن عباده، براى انصار سخنرانى كرد، و آنها را ستود و براى به دست گرفتن خلافت، تحريك شان كرد و آنان را چنين مورد خطاب قرار داد: اى انصار سابقه اى كه شما در اسلام داريد، هيچ قبيله اى از عرب ندارد.

پيامبر خدا (ص) ده سال و اندى در مكّه، مردم را به عبادت رحمان دعوت كرده جز اندكى به او ايمان نياوردند. آن تعداد اندك، قادر به ياريش نبودند، و از رسول خدا مشكلى را نمى توانستند رفع كنند. خداوند اين فضيلت را نصيب شما كرده و اين كرامت را به شما ارزانى داشت، ايمان و اقرار به دين خود را روزى شما گردانيد.

شما در برابر مخالفان پيامبر (ص) سخت گيرترين و بر عليه دشمنانش سرسخت ترين افراد بوديد. سرانجام همه مخالفان پيامبر، فرمانبر وى شدند و شمشير شما عرب را به زانو در آورد. خداوند وعده خود را در باره پيامبر به انجام رسانيد و او را از دنيا به آخرت كوچ داد، در حالى كه از همه شما راضى و خوشنود بود. بنا بر اين خود را آماده عهده دار شدن امر خلافت سازيد. زيرا شما سزاوارترين افراد به اين امر هستيد.

انصار در پاسخ سعد بن عباده گفتند: اگر موافقت كنى و آماده باشى ما امرخلافت را به تو واگذار مى كنيم.

خبر اين جريان، به ابو بكر و عمر رسيد، شتابان به سقيفه بنى ساعده آمدند.

ابو بكر انصار حاضر در سقيفه را مورد خطاب قرار داد و چنين گفت: آيا شما نمى دانيد كه ما مهاجران اوّلين افرادى هستيم كه اسلام آورديم ما فاميل، عشيره و قبيله پيامبريم. شما به دستور كتاب خدا برادر دينى ما، ياور دين و مشاور رسول خدا (ص) بوديد. شما در ايثار و فداكارى ما را بر خود مقدّم داشتيد و خشنودترين افراد در برابر قضاى الهى، و در برابر برادران دينى خود تسليم فرمان خداوندى بوديد. حال چنين نباشيد كه دين خدا به دست شما نقض شود.

من شما را براى بيعت، با ابو عبيده و عمر دعوت مى كنم، و هر دو شايستگى خلافت را داشته و آن دو را براى عهده دارى اين امر مى پسندم.

در زمينه اين پيشنهاد ابو بكر، ابو عبيده و عمر باتفاق گفتند: ما هيچ فردى را در پذيرش امر خلافت به لياقت و شايستگى تو نمى دانيم، زيرا تو يار غار پيامبرى، و رسول خدا براى اداى نماز تو را به مسجد فرستاد بنا بر اين تو از هر كسى به خلافت و جانشينى سزاوارترى. در پاسخ ابو بكر، انصار چنين اظهار داشتند: ما ياران پيامبريم، به او ايمان آورديم و خانه خود را كه مدينه باشد مركز ايمان قرار داديم. خداوند تعالى جز در ديار ما آشكارا مورد پرستش قرار نگرفت، و ايمان جز به وسيله شمشيرهاى ما شناخته نشد. نماز جماعت جز در مساجد ما برپا نگرديد. با اين وصف، شايسته خلافت جز ما كسى نخواهد بود، و اگر آنچه كه گفتيم نپذيريد، از ما انصار يك امير و از مهاجرين نيز يك امير تعيين شود.

بدين هنگام عمر فرياد برداشت، كه اين غير ممكن است و دو شمشير در يك غلاف روا نيست. با وجودى كه مهاجران در ميان ما هستند، قوم عرب فرمانروايى شما را نمى پذيرند.حباب بن منذر در جواب عمر گفت: به خدا سوگند ما انصار در امر خلافت از شما سزاوارتريم چه آنها كه ديانت اسلام را نداشتند با شمشير ما دين را پذيرفتند. و اگر شما مهاجران اين حقيقت را نپذيريد از ديار خود آواره تان خواهيم كرد. ما همواره تكيه گاه شما بوده به منزله درختان خرماى پر ثمرى بوده ايم، و اگر بخواهيد چنين رفتار كنيد خرما به شما نخواهد رسيد. و هر كس آنچه كه گفتم قبول نكند، با همين شمشيرم أدبش مى كنم.

امّا اختلاف ميان انصار كفّه را به نفع مهاجران سنگين كرد. يكى از بزرگان قبيله خزرج به نام بشر بن سعد خزرجى كه نسبت به سعد بن عباده، كانديد خلافت، حسد مى ورزيد و مايل نبود كه وى به خلافت رسد، گفت: ما از جهاد و اسلاممان جز رضايت پروردگار را در نظر نداشته و مقصد ما امور دنيايى نبوده است. پيامبر (ص) مردى از قريش بود قوم وى در ميراث بردن خلافت از او سزاوارترند. اى گروه انصار از خدا بترسيد و با قريش نزاع نكنيد.

پس از اين سخنان «بشر» ابو بكر به پاخاست و گفت: با هر يك از اين دو نفر (ابو عبيده و عمر) كه مايليد بيعت كنيد. ابو عبيده و عمر خطاب به ابو بكر اظهار داشتند: خلافت را جز تو كسى قبول نخواهد كرد و تو از همه به اين امر لايقترى، دستت را براى بيعت با مردم جلو بياور. ابو بكر دستش را به عنوان خطبه 67 نهج البلاغه رضايت بر اين امر گشوده جلو آورد. ابو عبيده و عمر با او بيعت كردند. سپس بشر بن سعد از قبيله خزرج و تمام قبيله اوس با ابو بكر بيعت كردند. قضيّه انتخابات فيصله يافت. سعد بن عباده كه با حالت بيمارى در سقيفه حضور يافته بود به خانه اش بازگردانده شد. به روايتى تا هنگام وفاتش، كه در سرزمين حوران در مسير شام اتفاق افتاد«» از بيعت با ابو بكر خوددارى كرد.

پس از نقل جريان سقيفه و بيعت با ابو بكر بشرح كلام امام (ع) بازگرديم خبرى كه امام (ع) از رسول خدا (ص) بر عليه انصار نقل كرده است، خبر صحيحى است. بخارى و مسلم در كتابهاى مسندشان اين حديث را نقل كرده اند. از انس بن مالك نقل شده است كه گفت: ابو بكر و عبّاس هنگام بيمارى رسول خدا (ص) به مجلسى از مجالس انصار وارد شدند و آنها را در حال گريه و زارى ديدند پرسيدند چرا گريه مى كنيد انصار پاسخ دادند كه خاطره حضور و مجلس«» پيامبر ما را بگريه انداخته است عباس و ابو بكر بر پيامبر وارد شده جريان گريه انصار را براى رسول خدا نقل كردند. پيامبر با همان حالت بيمارى در حالى كه دستمالى بر سر بسته بود، به مسجد آمد و آن آخرين بارى بود كه به منبر رفت و پس از حمد و ثناى خداوند خطاب به اصحاب چنين فرمود: شما را در باره انصار كه مورد علاقه و رازداران من بودند، سفارش مى كنم آنها وظيفه خود را انجام دادند. باقى مانده است آنچه بايد از آن سودمند شوند. بنا بر اين نيكوكارشان را مورد عنايت قرار دهيد و از بدكارشان صرف نظر كنيد. اين بود سفارش پيامبر (ص) در باره انصار.

نوع استدلال امام (ع) به اين خبر به شكل قضيه شرطيه متّصله اى است كه نقيض تالى در آن استثنا شده است. شكل برهان چنين است.

1 اگر امامت حقّ انصار بود، كه به نفع آنها وصيّت نمى شد.

2 ولى به نفع آنها وصيت شده است 3 پس نمى توانند امام و رهبر ديگران باشند.

ملازمه ميان وصيّت در باره آنها و عدم جواز خلافتشان بدين شرح است: قضاوت عرف در چنين موردى اين است كه توصيه رعايت حال و شفاعت در حق مرئوس (افراد تحت سرپرست) به رئيس داده مى شود، هيچ گاه به رعيت و افراد تحت قيمومت و سرپرستى نمى گويند مراقب دولت و سرپرست خود باشيد.

بنا بر اين چون وصيّت در حق انصار شده است، امامت و خلافت حق آنها نيست.

و امّا قوله: احتجّوا بالشّجرة و اضاعوا الثّمرة

منظور حضرت از «ثمرة» خود و اهل بيتش مى باشد زيرا آنها ميوه شاخه هاى پر برگ درخت اسلام اند همان گونه كه لفظ «شجره» را براى قريش به كار برده، لفظ «ثمره» را به عنوان خطبه 67 نهج البلاغه استعاره در باره خود به كار گرفته است چگونگى فرع و ثمره بودن آن بزرگوار براى پيامبر را قبلا توضيح داده ايم.

و مقصود از تباه ساختن آن بزرگوار، سهل انگاريى بود كه در باره خلافت آن حضرت روا داشتند.

احتمال ديگر اين است كه منظور حضرت از ميوه اى كه مردم آن را ضايع كردند، سنت خدا باشد همان چيزى كه مطابق اعتقاد و باور آن حضرت، ذيحق بودن آن بزرگوار را براى خلافت واجب مى كرد. با اين توضيح روشن است كه سنت خدا ثمره پيامبر باشد، و اهمال كارى مردم، ترك وظيفه اى بوده، كه در رعايت حق امام كرده اند.

با اين تفصيل، سخن امام (ع) به منزله برهانى است بر عليه قريش به مانند برهانى كه بر عليه انصار اقامه كردند. توضيح برهان اين است: اگر قريش از انصار به امر خلافت سزاوارتر بوده اند به اين دليل بوده، كه خود را شجره پيامبر معرّفى كرده اند. و به همين دليل من بر قريش حق تقدّم دارم، چون من ثمره آن درخت هستم، ميوه درخت به دو دليل از درخت مهم تر است.

1 نزديكى، قرابت و مزيّت ميوه براى صاحب درخت بسيار روشن است.

2 منظور از كشت درخت و توليد آن در حقيقت ميوه است، چه اگردرخت اهميّت دارد صرفا بدليل ميوه مى باشد، و اگر توجّه به ميوه نباشد يقينا توجّه به درخت نخواهد بود.

استدلال حضرت مثبت يكى از دو امر زير نيز مى باشد.

1 در اين معارضه، حقّ اعتراض براى انصار نسبت به خلافت قريش همچنان باقى است.

2 و يا اين كه خلافت حق حضرت باشد. چه اگر شجره بودن قريش دليل معتبرى براى خلافت باشد، به همين دليل خلافت حقّ ثمره است، نه شجره، مقصود امام (ع) اين است كه خلافت حق اوست.

شرح مرحوم مغنیه

بين المهاجرين و الأنصار:

قبل أن تبرد جثة النبي (ص) اختلف رءوس المهاجرين و الأنصار على الحكم و السلطان من بعده، ثم قال الأنصار للمهاجرين: منا أمير، و منكم أمير.. و كان الإمام أمير المؤمنين (ع) و بعض أهله و صحبه الى جوار النبي (ص) يبكونه و يعدون العدة لدفنه، و حين أبلغ الإمام بخبر السقيفة، و بقول الأنصار: منا أمير و منكم أمير، قال: (فهلا احتججتم عليهم بأن رسول اللّه (ص) وصى بأن يحسن الى محسنهم، و يتجاوز عن مسيئهم).

قالوا: و ما في هذا من الحجة. قال: (لو كانت الإمامة فيهم لم تكن الوصية بهم) بل اليهم، لأن الإمام يوصى اليه بالغير، و لا يوصى به الى الغير.

ثم قال الإمام: فما ذا قالت قريش قالوا: احتجت بأنها شجرة رسول اللّه (ص). قال: (احتجوا بالشجرة، و أضاعوا الثمرة). و هي أهل البيت (ع) و في معناه قول العباس لأبي بكر: أما قولك نحن شجرة الرسول (ص) فإنكم جيرانها، و نحن أغصانها.

و تجدر الاشارة الى ان مراد الإمام (ع) من قوله هذا مجرد الرد على قريش، و إبطال قولهم بأنهم أولى بالنبي لقربهم منه نسبا و عشيرة.. و من أقوال الإمام: و اعجباه أتكون الخلافة بالصحابة و القرابة.. ان ولي محمد (ص) من أطاع اللّه و ان بعدت لحمته، و ان عدو محمد من عصى اللّه و ان قربت قرابته.

و من تتبع المناقشات التي دارت في السقيفة حول الخلافة يرى انه لا مصدر للاختلاف بين المهاجرين و الأنصار إلا المصلحة الشخصية و إلا الدنيا و زهرتها، فالمهاجر كان يحتج و يزهو بقرابة النبي (ص) و الأنصاري كان يحتج و يزهو بأنه آوى النبي (ص).. أما مصلحة الاسلام و المسلمين فما أشار اليها واحد من الجانبين.. و من أجل هذا عارض خلافة الخلفاء الذين لا يستطيعون العيش بحرية و كرامة إلا في ظل العدل و المساواة، و القرآن الكريم يطلق على هؤلاء كلمة المستضعفين، و قد أمر بقتال الأقوياء الطغاة من أجل تحريرهم من الظلم و البغي في الآية 75 من سورة النساء: وَ ما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ». و كان هؤلاء المستضعفون من الرواد الأوائل للاسلام و من أقوى و أصلب جنوده، و تحملوا في سبيله الكثير من العذاب و التنكيل كعمّار و سلمان و أبي ذر و غيرهم من العبيد و المستضعفين، و تطلق اليوم كلمة اليسار على من يمثل آمالهم و يطالب بالمساواة بينهم و بين الأقوياء.

و قال الأستاذ أحمد عباس صالح في مجلة «الكاتب» المصرية عدد كانون الثاني سنة 1965: «ان اليمين كله قد رحب بخلافة أبي بكر.. و ترحيب اليمين بهذه الخلافة و الاسراع بتأييدها ليس له إلا معنى واحد، و هو ان غالبية المسلمين كانوا مع الاتجاه اليساري الذي يمثله علي بن أبي طالب و أصحابه، أعني ان جماهير المسلمين العريصة كانت مع هذا الاتجاه، لأن النبي (ص) نفسه كان زعيمه و واضع مبادئه الأساسية، و أي اتجاه مضاد كان سيقابل بالعنف، و كان سيقضى عليه في المهد، و لذلك جاءت خلافة أبي بكر فرصة ليستجمع اليمين فيها قواه، و يرتب أمره للوثوب على الحكم بعد ان قضى النبي الذي لم يجرؤ أحد في حياته أن ينحرف بالدعوة الى اتجاه غير اتجاهها. لهذا وافق اليمين على البيعة لأبي بكر، بل رحب بها و عمل على نجاحها بينما عارضها اليسار، و على رأسه علي بن أبي طالب، معارضة صريحة».

و قال الأستاذ أحمد صالح في عدد آذار من السنة المذكورة: «ان بعض المسلمين الكبار الذين كانت أوضاعهم الاجتماعية قبل الاسلام و بعده أوضاعا ممتازة من حيث الثروة و المكانة لم يستطيعوا التخلص تماما من تأثير أوضاعهم عليهم.. فكان هواهم مع أحزاب اليمين، و كان اليمين يستغل شهرتهم أحسن استغلال في شدهم اليه، و ضمهم الى صفوفه».

شرح منهاج البراعة خویی

و من كلام له عليه السلام فى معنى الانصار

و هو السادس و الستون من المختار فى باب الخطب قالوا: لمّا انتهت إلى أمير المؤمنين أنباء السّقيفة بعد وفات رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال عليه السّلام ما قالت الانصار قالوا قالت: منّا أمير و منكم أمير قال عليه السّلام: فهلّا احتججتم عليهم بأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وصّى بأن يحسن إلى محسنهم، و يتجاوز عن مسيئهم قالوا: و ما في هذا من الحجّة عليهم قال عليه السّلام: لو كانت الإمارة فيهم لم تكن الوصيّة بهم، ثمّ قال: فما ذا قالت قريش قالوا: احتجّت بأنّها شجرة الرّسول صلّى اللّه عليه و آله فقال عليه السّلام: احتجّوا بالشّجرة و أضاعوا الثّمرة.

اللغة

(النّبأ) كالخبر لفظا و معنا و (السّقيفة) الصّفة و سقيفة بني ساعدة فعيلة بمعنى مفعولة و هي ظلّة كانت مجمع الأنصار و دار ندوتهم لفصل القضايا و (وصيت) الشّي بالشي ء أصيه من باب و عدو وصيته و وصيت إلى فلان توصية و أوصيته ايصاء و الاسم الوصاية بالكسر و الفتح لغة، و هو وصيّ فعيل بمعنى مفعول و الجمع الأوصياء و أوصيت له بمال جعلته له، و أوصيته بولده استعطفته عليه، و أوصيته بالصّلاة أمرته بها قال تعالى: ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.

الاعراب

هلّا من حروف التّحصيص، قال نجم الائمة الرّضي: و معناها إذا دخلت على الماضى التّوبيخ و اللوم على ترك الفعل، و في المضارع الحضّ على الفعل و الطلب له، فهي في المضارع بمعنى الأمر و لا يكون التّحضيض في الماضي الذي قد فات إلّا أنّها تستعمل كثيرا في لوم المخاطب على انّه ترك في الماضى شيئا يمكن تداركه في المستقبل، فكأنّها من حيث المعنى للتّحضيض على فعل مثل ما فات، قوله: فما ذا قالت، يحتمل أن يكون ذا موصولة و أن تكون زايدة كما في قولهم: ما ذا صنعت و من ذا رأيت.

المعنى

اعلم انّه (لما انتهت إلى أمير المؤمنين أنباء أهل السقيفة بعد وفات رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله) و مشاجرات المهاجرين و الأنصار و دعوى كل منهما استحقاق الخلافة لنفسه و احتجاج كلّ من الطرفين على الآخر بذكر المناقب و السّوابق (قال عليه السّلام ما قالت الانصار) المهاجرين (قالوا) انّهم (قالت منّا امير و منكم امير قال عليه السّلام فهلا احتججتم عليهم بانّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم وصى بان يحسن إلى محسنهم و يتجاوز عن مسيئهم) و قد مرّ تلك الوصيّة في المقدّمة الثالثة من مقدّمات الخطبة الشّقشقية في رواية الاحتجاج عن الشيباني و رواها الشّارح المعتزلي من صحيحى البخارى و مسلم في مسنديهما عن أنس بن مالك قال: مرّ ابو بكر و العباس بمجلس من الأنصار في مرض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هم يبكون، فقالا: ما يبكيكم قال: ذكرنا محاسن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فدخلا على النبي و أخبراه بذلك فخرج و قد عصب على رأسه حاشية برده، فصعد المنبر و لم يصعده بعد ذلك اليوم فحمد اللّه و أثنى عليه ثمّ قال: اوصيكم بالانصار فانّهم كرشي«» و عيبتي و قد قضوا الذي عليهم و بقى الذي لهم، فاقبلوا من محسنهم و تجاوزوا عن مسيئهم هذا. و لمّا لم يفهم المخاطبون كيفيّة حجيّة كلامه على الأنصار و دلالته على بطلان دعواهم استفهموا عنه عليه السّلام و (قالوا و ما في هذا) الكلام (من الحجة عليهم فقال عليه السّلام لو كانت الامارة فيهم لم تكن الوصية بهم) لكنّها بهم فليست الامارة لهم، بيان الملازمة أنّ العرف قاض بأنّ الوصية انما تكون إلى الرئيس في حقّ المرءوس لا بالعكس.

(ثمّ قال: فما ذا قالت قريش) في مقام الاحتجاج على الأنصار (قالوا احتجت بأنّها شجرة الرّسول) كونهم شجرة الرّسول باعتبار أنّه صلوات اللّه عليه و آله منهم، فهو و إياهم جميعا من أغصان أصل واحد و أولاد نضربن كنانة (فقال احتجّوا بالشّجرة و أضاعوا الثّمرة) الظاهر أنّه أراد بالثّمرة نفسه و أهل بيته و أراد باضاعتها إهمالهم له و لأولاده من هذا الأمر و المقصود بهذا الكلام الاحتجاج على قريش بمثل ما احتجوا به على الانصار.

بيان ذلك أنهم استدلّوا على أولويّتهم بأنّهم شجرة الرّسول فيكونون أقرب إليه من غيرهم و نحن نحتج عليهم بأنا ثمرة الرسول فنكون أقرب اليه منهم إذ للثّمرة اختصاص بالمثمر ليس للغير ذلك الاختصاص، بل المراد بالشجر ليس إلّا الثّمر فان كانت الشّجرة معتبرة فبالأولى اعتبار الثمرة و إن لم يلتفت إلى الثمرة فلا التفات إلى الشّجرة، و قد وقع مثل ذلك التشبيه في قوله سبحانه: أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَ فَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها وَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ.

روى في البحار من تفسير عليّ بن إبراهيم باسناده عن سلام بن مستنير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: الشّجرة رسول اللّه و نسبه ثابت في بني هاشم و فرع الشّجرة عليّ بن أبي طالب، و غصن الشجرة فاطمة و ثمرتها الأئمة، من ولد عليّ و فاطمة، و شيعتهم ورقها و ان المؤمن من شيعتنا ليموت فيسقط من الشجرة ورقة، و أنّ المؤمن ليولد فتورق الشجرة ورقة، قلت: أ رأيت قوله: تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها.

قال يعنى بذلك ما يفتون الأئمة شيعتهم في كلّ حجّ و عمرة من الحلال و الحرام.

تنبيهان

الاول

قد قدّمنا أخبار السقيفة في المقدّمة الثالثة من مقدّمات شرح الخطبة الشقشقية، و نزيد هنا على ما سبق ما رواه المحدّث المجلسى في البحار من الشيخ في تلخيص الشافي عن هشام بن محمّد عن أبى مخنف عن عبد اللّه بن عبد الرّحمن بن أبى عمر الأنصارى.

أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و اله و سلّم لما قبض اجتمعت الأنصار في سقيفة بنى ساعدة فقالوا: نولّي هذا الأمر من بعد محمّد سعد بن عبادة و أخرجوا سعدا إليهم و هو مريض، قال: فلما اجتمعوا قال لابنه أو لبعض بنى عمّه إنّى لا أقدر لشكواى اسمع القوم كلهم كلامى و لكن تلق منّى قولى فأسمعهم: فكان يتكلّم و يحفظ الرّجل قوله فيرفع به صوته و يسمع به أصحابه فقال بعد أن حمد اللّه و أثنى عليه: يا معاشر الانصار أنّ لكم سابقة في الدّين و فضيلة في الاسلام ليست لقبيلة من العرب، إنّ محمّدا صلّى اللّه عليه و اله و سلّم لبث عشر سنة في قومه يدعوهم إلى عبادة الرّحمن و خلع الأوثان، ما آمن به من قومه إلّا رجال قليل، و اللّه ما كانوا يقدرون على أن يمنعوا رسوله و يعززوا دينه و لا أن يدفعوا عن أنفسهم ضيما«» عموا حتّى اذا أراد بكم ربّكم الفضيلة و ساق إليكم الكرامة و خصّكم بالنعمة و رزقكم الايمان به و برسوله و المنع له و لأصحابه و الاعزاز له و لدينه و الجهاد لأعدائه.

و كنتم أشدّ النّاس على عدوّه منهم و أثقله على عدوّه من غيركم حتى استقامت العرب لأمر اللّه طوعا و كرها، و أعطى البعيد المقادة صاغرا و آخرا، و حتّى اثخن اللّه لرسوله بكم في الأرض و دانت بأسيافكم له العرب و توفاه اللّه تعالى إليه و هو عنكم راض و بكم قرير عين، استبدّوا بهذا الأمر دون النّاس فانّه لكم دون الناس. فأجابوه بأجمعهم بأن قد وفقت في الرّاى و أصبت في القول و لن نعدو ما رأيت نولّيك هذا الأمر دون الناس فانك فينا مقنع و لصالح المؤمنين رضى.

ثمّ انّهم ترادّوا الكلام فقالوا فان أبت مهاجرة قريش فقالوا نحن المهاجرون و صحابة رسول اللّه الأوّلون فعلام تنازعونا الأمر من بعده قالت طائفة منهم: فانا نقول إذن منّا أمير و منكم أمير و لن نرضى بدون هذا أبدا، فقال سعد بن عبادة حين سمعها هذا أوّل الوهن، و أتى عمر الخبر فأقبل إلى منزل النبيّ فأرسل إلى أبى بكر و أبو بكر في الدّار و عليّ بن أبي طالب دائب في جهاز النبيّ.

فأرسل إلى أبي بكر أن اخرج إلىّ فأرسل إليه أنّي مشتغل فأرسل إليه أن قد حدث أمر لا بدّ لك من حضوره، فخرج إليه فقال: أما علمت أنّ الأنصار قد اجتمعت في سقيفة بنى ساعدة يريدون أن يولوا هذا الأمر سعد بن عبادة، و أحسنهم مقالة من يقول منّا أمير و من قريش أمير، فمضيا مسرعين نحوهم فلقيا أبا عبيدة فتماشوا إليهم فلقاهم عاصم بن عديّ و عويمر بن ساعدة فقالوا لهم: ارجعوا فانه لا يكون إلّا ما تحبّون، فقالوا: لا نفعل، فجاءوا و هم مجتمعون.

فقال عمر بن الخطاب: أتيناهم و قد كنت زوّرت«» كلاما أردت أن اقوم به فيهم فلما اندفعت إليهم ذهبت لابتدء المنطق فقال لي أبو بكر: رويدا حتّى أتكلّم، ثمّ انطق بعد بما احببت، فنطق، فقال عمر: فما شي ء كنت اريد أن أقول به إلّا و قد أتى عليه.

قال عبد اللّه بن عبد الرّحمن: فبدء أبو بكر فحمد اللّه و أثنى عليه ثمّ قال: إنّ اللّه بعث محمّدا رسولا إلى خلقه و شهيدا على امّته ليعبدوا اللّه و يوحّدوه و هم يعبدون من دونه آلهة شتّى يزعمون أنّها لمن عبدها شافعة و لهم نافعة و إنما هى من حجر منحوت خشب و منجور ثمّ قرء: وَ يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَ لا يَنْفَعُهُمْ وَ يَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ وَ قالُوا ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى .

فعظم على العرب أن يتركوا دين آبائهم فخصّ اللّه المهاجرين الأولين من قومه بتصديقه و الايمان به و المواساة له و الصّبر معه على شدّة أذى قومهم لهم و تكذيبهم ايّاه، و كلّ الناس لهم مخالف و عليهم زار، فلم يستوحشوا لقلّة عددهم و تشذّب الناس عنهم و اجماع قومهم عليهم، فهم أوّل من عبد اللّه في الأرض و آمن باللّه و رسوله، و هم أولياؤه و عشيرته و أحقّ الناس بهذا الأمر من بعده، و لا ينازعهم في ذلك إلّا ظالم.

و أنتم يا معشر الأنصار من لا ينكر فضلهم في الدّين و لا سابقتهم العظيمة في الاسلام رضيكم اللّه أنصارا لدينه و رسوله و جعل إليكم هجرته و فيكم جلّة ازواجه و أصحابه، و ليس بعد المهاجرين الأولين عندنا بمنزلتكم، فنحن الأمراء و أنتم الوزراء لانفتات«» عليكم بمشورة، و لا نقضى دونكم الامور، فقام المنذر بن الحباب ابن الجموح.

هكذا روى الطبرى و الذي رواه غيره أنّ الحباب بن المنذر قال: يا معشر الأنصارا ملكوا على أيديكم، و ساق الحديث نحوا ممّا رواه ابن أبي الحديد عن الطبري إلى قوله فقاموا إليه فبايعوه.

أقول ما رواه ابن أبي الحديد عنه هكذا: فقام الحباب بن المنذر بن الجموح فقال: يا معشر الانصارا ملكوا عليكم أمركم فانّ النّاس في ظلكم و لن يجترى مجترئ على خلافكم، و لا يصدر أحد إلّا عن رأيكم، أنتم أهل العزّة و المنعة و اولو العدد و الكثرة و ذووا لبأس و النّجدة، و إنّما ينظر النّاس ما تصنعون فلا تختلفوا فتفسد عليكم اموركم، فان أبى هولاء إلّا ما سمعتم فمنّا أمير و منهم أمير.

فقال عمر: هيهات لا يجتمع سيفان في غمد واحد و اللّه لا ترضى العرب ان تؤمركم و بينها من غيركم، و لا تمنع العرب أن تؤتى أمرها من كانت النبوة معهم، من ينازعنا سلطان محمّد و نحن أولياؤه و عشيرته. فقال الحباب بن المنذر: يا معشر الأنصار املكوا أيديكم و لا تسمعوا مقالة هذا و أصحابه فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر، فان أبوا عليكم فاجلوا هذه من بلادكم فأنتم أحقّ بهذا الأمر منهم فانّه بأسيافكم و ان النّاس بهذا الدّين أنا جذيلها المحكّك و عذيقها المرجّب، أنا أبو شبل في عريسة الأسد، و اللّه إن شئتم لنعيدها جذعة.

فقال عمر: إذن يقتلك اللّه، فقال بل إيّاك يقتل، فقال أبو عبيدة: يا معشر الانصار انكم أوّل من نصر فلا تكونوا أوّل من بدّل و غيّر.

فقام بشير بن سعد والد النّعمان بن بشير فقال: يا معشر الأنصار ألا إنّ محمّدا من قريش و قومه أولى به و أيم اللّه لا يراني اللّه انازعهم هذا الأمر، فقال أبو بكر: هذا عمرو أبو عبيدة بايعوا أيّهما شئتم، فقالا: و اللّه لا نتولّى هذا الأمر عليك و أنت أفضل المهاجرين و خليفة رسول اللّه في الصّلاة و هى أفضل الدين ابسط يدك فلما بسط يده ليبايعاه سبقهما إليه بشير بن سعد فبايعه.

فناداه الحباب بن المنذر يا بشير (عفتك خ) عفاة أنفست على ابن عمك الامارة، فقال أسيد بن حصين رئيس الأوس لأصحابه: و اللّه لئن لم تبايعوا ليكونن للخزرج عليكم الفضيلة ابدا، فقاموا فبايعوا أبا بكر فانكسر على سعد بن عبادة و الخزرج ما اجتمعوا عليه، و أقبل النّاس يبايعون أبا بكر من كلّ جانب.

قال في البحار: قال الشّيخ قال هشام: قال أبو مخنف: و حدّثنى أبو بكر بن محمّد الخزاعي إنّ أسلم أقبلت بجماعتها حتّى تضايقت بهم السكك ليبايعوا ابا بكر، فقال عمر: ما هو إلّا أن رايت اسلم فأيقنت.

قال هشام: عن أبى مخنف قال: قال أبو عبد اللّه بن عبد الرّحمن و أقبل الناس من كلّ جانب يبايعون أبا بكر و كادوا يطئون سعد بن عبادة، فقال ناس من أصحاب سعد: اتقوا سعدا لا تطئوه، فقال عمر: اقتلوا سعدا قتله اللّه، ثمّ قام على رأسه فقال: لقد هممت أن أطأك حتى يندر عضوك، فأخذ قيس بن سعد بلحيته ثمّ قال: و اللّه لئن حصصت «حصفت خ ل» منه شعرة ما رجعت و في فيك واضحة، فقال أبو بكر مهلا يا عمر الرفق ههنا أبلغ فأعرض عنه.

و قال سعد: و اللّه لو أرى من قومى ما أقوى على النّهوض لسمعتم منّي بأقطارها و سككها زئيرا يحجزك و أصحابك، أما و اللّه إذن لألحقك بقوم كنت فيهم تابعا غير متبوع احملوني من هذا المكان، فحملوه فأدخلوه داره و ترك أيّا ما ثمّ بعث اليه أن اقبل فبايع فقد بايع النّاس و بايع قومك، فقال أما و اللّه حتّى أرميكم ما في كنانتي من نبل و اخضب منكم سنان رمحى و أضربكم بسيفي ما ملكته يدي، و اقاتلكم بأهل بيتي و من أطاعني من قومى، و لا أفعل و أيم اللّه لو أنّ الجنّ اجتمعت لكم مع الانس ما بايعتكم حتّى اعرض على ربّي و أعلم ما حسابي فلمّا اتى أبو بكر بذلك قال له عمر: لا تدعه حتّى يبايع، فقال بشير بن سعد إنّه قد لجّ و أبى فليس يبايعكم حتّى يقتل و ليس بمقتول حتّى يقتل معه ولده و أهل بيته و طائفة من عشيرته، فليس تركه بضاركم إنّما هو رجل واحد فتركوه، و قبلوا مشورة بشير بن سعد و استنصحوه لما بدا لهم منه.

و كان سعد لا يصلّى بصلاتهم و لا يجمع معهم و يحجّ و لا يحجّ معهم، و يفيض فلا يفيض معهم بافاضتهم فلم يزل كذلك حتى هلك أبو بكر.

أقول: روى الشّارح المعتزلي خبر السّقيفة من كتاب السّقيفة لأبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري نحوا ممّا روينا و زاد في آخره بعد قوله فلم يزل كذلك حتّى مات أبو بكر، ثمّ لقى عمر في خلافته و هو على فرس و عمر على بعير فقال له عمر: هيهات يا سعد فقال سعد: هيهات يا عمر، فقال: أنت صاحب من أنت صاحبه قال: نعم أنا ذاك، ثمّ قال لعمر و اللّه ما جاورني أحد هو أبغض إلىّ جورا منك و من أصحابك، فلم يلبث سعد بعد ذلك قليلا حتّى خرج إلى الشّام فخرج فيها، و لم يبايع لا لأبي بكر و لا لعمر و لا لغيرهما.

ثمّ قال: قال الرّاوي: و كثر النّاس على أبي بكر فبايعه معظم المسلمين في ذلك اليوم، و اجتمعت بنو هاشم إلى عليّ بن أبي طالب و معهم الزّبير و كان يعدّ نفسه رجلا من بني هاشم كان عليّ عليه السّلام يقول، ما زال الزّبير منّا أهل البيت حتّى نشا بنوه فصرفوه عنّا.

و اجتمعت بنو اميّة إلى عثمان بن عفّان و اجتمعت بنو زهرة إلى سعد و عبد الرحمن فأقبل عمر و أبو عبيدة فقال: ما لى أراكم متخلّفين، قوموا فبايعوا أبا بكر فقد بايع النّاس و بايعه الأنصار، فقام عثمان و من معه و قام سعد و عبد الرّحمن و من معهما فبايعوا أبا بكر، و ذهب عمر و معه عصابة إلى بيت فاطمة منهم أسيد بن حصين و سلم ابن أسلم فقال لهم: انطلقوا فبايعوا فأبوا عليه.

و خرج الزّبير بسيفه فقال عمر، عليكم الكلب فوثب عليه سلم بن أسلم فأخذ السّيف من يده فضرب بيده الجدار ثمّ انطلقوا به و بعليّ و معهما بنو هاشم و عليّ عليه السّلام يقول: أنا عبد اللّه و أخو رسول اللّه حتّى انتهوا به إلى أبي بكر فقيل له: بايع، فقال: أنا أحقّ بهذا الأمر منكم لا أبايعكم و أنتم أولى بالبيعة لي أخذتم هذا الأمر من الأنصار و احتججتم عليهم بالقرابة من رسول اللّه فاعطوكم و سلّموا إليكم الامارة، و أنا احتجّ عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار، فأنصفونا إن كنتم تخافون اللّه من أنفسكم و اعرفوا للنّاس الأمر مثل ما عرفت الأنصار لكم و إلّا فبوّؤا بالظلم و أنتم تعلمون فقال عمر إنّك لست متروكا حتّى تبايع فقال له عليّ عليه السّلام: احلب يا عمر حلبا لك شطره اشدد له اليوم أمره ليردّه عليك غدا، لا و اللّه لا أقبل قولك و لا ابايعه فقال له أبو بكر: فان لم تبايعني لا اكرهك فقال له أبو عبيدة: يا أبا الحسن إنّك حديث السّن و هؤلاء مشيخة قريش قومك ليس لك تجربتهم و معرفتهم بالامور و لا أرى أبا بكر إلّا أقوى على هذا الأمر منك و أشدّ احتمالا له و اضطلاعا به، فسلم له هذا الأمر و ارض به فانّك إن تعيش و يطل عمرك فأنت بهذا الأمر خليق و به حقيق في فضلك و قرابتك و سابقتك و جهادك.

قال عليّ عليه السّلام: يا معشر المهاجرين اللّه اللّه لا تخرجوا سلطان محمّد عن داره و بيته إلى بيوتكم و دوركم، و لا تدفعوا أهله عن مقامه في النّاس و حقّه، فو اللّه يا معشر المهاجرين لنحن أهل البيت أحقّ بهذا الأمر منكم، أما كان منّا القاري لكتاب اللّه الفقيه في دين اللّه العالم بالسّنة المضطلع بأمر الرّعيّة، و اللّه إنّه لفينا فلا تتّبعوا الهوى فتزدادوا من الحقّ بعدا فقال بشير بن سعد: لو كان هذا الكلام سمعته منك الأنصار يا عليّ قبل بيعتهم لأبي بكر ما اختلف عليك اثنان، و لكنّهم قد بايعوا، و انصرف عليّ إلى منزله و لم يبايع و لزم بيته حتّى ماتت فاطمة فبايع.

قال الشّارح: قلت: هذا الحديث يدلّ- على بطلان ما يدّعى من النّصّ على أمير المؤمنين و غيره، لأنّه لو كان هناك نصّ صريح لاحتجّ به و لم يجر للنّص ذكر و إنّما كان الاحتجاج منه و من أبي بكر و من الأنصار بالسّوابق و الفضايل و القرب، فلو كان هناك نصّ صريح على أمير المؤمنين و على أبي بكر لاحتجّ به أبو بكر على الأنصار و لاحتجّ به أمير المؤمنين على أبي بكر.

فانّ هذا الخبر و غيره من الأخبار المستفيضة يدلّ على أنّه قد كان كاشفهم و هتك القناع بينه و بينهم ألا تراه كيف نسبهم إلى التّعدّي عليه و ظلمه و تمنّع من طاعتهم و أسمعهم من الكلام أشدّه و أغلظه، فلو كان هناك نصّ لذكره أو ذكره من شيعته و حزبه لأنّه لا عطر بعد عروس.«» و هذا أيضا يدلّ على أنّ الخبر الذي في أبي بكر في صحيحي البخاري و مسلم غير صحيح، و هو ما روى من قوله صلّى اللّه عليه و اله و سلّم لعايشة في مرضه: ادعى إلىّ أباك و أخاك حتّى اكتب لأبي بكر كتابا، فانّي أخاف أن يقول قائل أو يتمنّي متمنّي، و يأبي اللّه و المؤمنون إلّا أبا بكر و هذا هو نصّ مذهب المعتزلة.

أقول من نظر إلى هذا الحديث بعين البصيرة و الاعتبار و لاحظ الانصاف و جانب حدّ الاعتساف، عرف منه ما فيه للناظرين معتبر و استفاد منه أشياء كلّ منها شاهد صدق على بطلان خلافة الثلاثة، و برهان واضح على فساد دعوى تابعيهم استحقاقهم لها و أهليّتهم للقيام بها.

منها خلوّه من احتجاج قريش على الأنصار جعل النبيّ الامامة فيهم، لانّه تتضمّن من احتجاجهم عليهم ما يخالف ذلك و أنّهم إنّما ادّعوا كونهم أحقّ بالأمر من حيث كون النبوّة فيهم و من حيث كونهم أقرب إلى النبيّ نسبا و أولاهم له أتباعا.

و منها أنّ الأمر إنما بني السّقيفة على المغالبة و المخالسة، و انّ كلّا منهم إنما كان يجذبه لنفسه بما اتّفق له و عنّ«» من حقّ و باطل و قويّ و ضعيف.

و منها أنّ سبب ضعف الأنصار و قوّة المهاجرين عليهم انحياز«» بشير بن سعد حسدا لسعد بن عبادة، و انحياز الأوس بانحيازه عن الأنصار.

و منها أنّ خلاف سعد و أهله كان باقيا لم يرجعوا عنه، و إنما أقعده عن الخلاف بالسّيف قلة الناصر.

و منها أنّه لو أراد أبو بكر الاجماع و اتّفاق الكلّ على بيعته حتّى من سعد و أصحابه انجرّ الأمر إلى قتل النّفوس و اهراق الدماء و فسدله الأمر.

و منها أن قول عمر في حقّ الزّبير: عليكم الكلب، دليل على بطلان خبر العشرة المبشرة إذ الكلب لا يكون في الجنّة.

و منها أنّ بيعة عمر لأبي بكر لم يكن لتأسيس أساس الاسلام و رعاية مصلحة الدين و حفظ شرع سيد المرسلين، و إنّما كان نظره في ذلك ليتولى أبو بكر الأمر و يوليه عليه بعده كما هو نصّ قوله عليه السّلام اشدد له اليوم أمره ليردّ عليك غدا. و منها أنّ حداثة السّنّ لو كان مانعا عن الخلافة كما قاله أبو عبيدة و أخذه منه أهل السّنة و الجماعة، لكان مانعا عن النبوة بطريق أولى و قد قال سبحانه: وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا.

فقد أتا النبوّة ليحيى و عيسى عليهما السّلام في حالة الصّباء.

و منها أن تجربة أبى بكر كما زعمه أبو عبيدة لو كان أزيد من أمير المؤمنين عليه السّلام لم يعز له النبيّ من البعث بسورة برائة و لم يخلّف عليّا مقامه و لو كان قوته أشدّ لسبق في يوم أحد و خيبر و لم يستأثر الفرّ على الكرّ.

و منها أنّ قول بشير بن سعد له لو كان هذا الكلام سمعته منك الأنصار قبل البيعة لما اختلف عليك اثنان، دليل على أنّ بيعتهم لأبي بكر لم يكن عن بصيرة و إنّما اقتحموا فيها من غير روية، و إنما كان اللّازم عليهم التّروّي و التثبيت و ملاحظة الأطراف و الجوانب، و التّفكر في العواقب و الدّقة في جهات الاستحقاق فكيف يكون بيعة هؤلاء الجهلة الغفلة الفسقة التّابعة لهوى أنفسهم الأمارة حجة شرعيّة لأهل الملّة.

و أمّا ما ذكره الشّارح من أنه لو كان هناك نصّ لاحتجّ به أمير المؤمنين و لما لم يحتج إلّا بالسّوابق و القرب علم أنّه لم يكن هناك نصّ عليه، ففساده أظهر من الشمس في رابعة النّهار، إذ قد عرفت أنّ أوّل من حضر في السقيفة هو الأنصار، و اوّل من ابتدء بالكلام فيها سعد بن عبادة، فذكر مناقب الأنصار و مآثرهم و كونهم انصارا لدين اللّه و ذابيّن عن رسول اللّه، فاحتجّ عليهم قريش بالقرب و النسب و السبق في التصديق و التّقدم في الايمان فحجّوهم بذلك، فاقتضى المقام بمقتضى آداب المناظرة أن يحتجّ أمير المؤمنين عليه السّلام بمثل ما احتجّت به قريش على الأنصار، إذ في ذلك من الالزام لهم ما ليس في غيره كما قال عليه السّلام فيما يذكره السّيد فى أواخر الكتاب.

  • فان كنت بالشورى ملكت أمورهمفكيف بهذا و المشيرون غيّب
  • و ان كنت بالقربى حججت خصيمهمفغيرك أولى بالنبيّ و أقرب

و كيف يدّعى عدم النص بعد حديث المنزلة و خبر الغدير و قوله صلّى اللّه عليه و اله و سلّم عليّ مع الحقّ و الحقّ مع عليّ يدور معه كيف دار إلى غير ذلك من الأخبار و الآيات التي قدّمناها في المقدّمة الثانية من مقدّمات الخطبة الشقشقية و غيرها، وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً يستضي ء به فَما لَهُ مِنْ نُورٍ، كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ.

الثاني

اعلم أنّ الشّارح المعتزلي قد روى في شرح هذا الكلام أخبارا من كتاب الجوهرى قدم رواية أكثرها في شرح الخطبة السادسة و العشرين، و نحن أيضا روينا بعضها هناك في شرح الفصل الثاني من فصول الخطبة المذكورة و نروى هنا بعض ما لم يتقدّم ذكره حذرا من التكرار كما وقع في شرح المعتزلي، و ليس غرضنا من إيرادها مجرّد الاقتصاص و إنّما المقصود بذلك إقامة الحجّة علي الطائفة الضالّة من الكلاب الممطورة، و الابانة عن ضلالة الشّارح و غفلته، و انّه مع روايته لتلك الأخبار و اعترافه بوثاقة راويها كيف لم يتنبّه من نومة الجهالة، و تاه في أودية الضّلالة.

فأقول: في الشّرح من كتاب السّقيفة لأحمد بن عبد العزيز الجوهري: قال: حدّثنا أبو سعيد عبد الرّحمن بن محمّد، قال: حدّثنا أحمد بن الحكم، قال حدّثنا عبد اللّه بن وهب، عن الليث بن سعد، قال تخلّف عليّ عليه السّلام عن بيعة أبي بكر فاخرج ملبّبا يمضى به رقصا، و هو يقول: معاشر المسلمين على م يضرب عنق رجل من المسلمين، لم يتخلّف لخلاف و إنما تخلّف لحاجة فما من مجلس من المجالس إلّا يقال له: اذهب فبايع.

أقول: هذا الحديث نصّ في أنه لو لم يبايع يضرب عنقه فيدلّ على انّه عليه السّلام لم يكن في البيعة مختارا، و هذا المعنى قد تضمّنته أخبار كثيرة عاميّة و خاصيّة بالغة حدّ الاستفاضة بل التواتر قد اورد طائفة منها السّيد (ره) في الشافي، و روى جملة كثيرة منها السّيد المحدّث البحرانى في كتاب غاية المرام، و قد روينا في شرح الخطبة السادسة و العشرين قول الصّادق عليه السّلام: و اللّه ما بايع عليّ حتّى رأى الدّخان قد دخل عليه بيته، و نقلنا قول السّيد هناك من أنّه أىّ اختيار لمن يحرق عليه بابه حتّى يبايع.

قال الجوهري: و حدّثنا أبو زيد عمرو بن شيبة باسناد رفعه إلى ابن عبّاس قال: إنّي لا ماشي عمر في سكّة من سكك المدينة يده في يدي، فقال يا بن عبّاس ما أظنّ صاحبك إلّا مظلوما فقلت في نفسي و اللّه ما يسبقني بها، فقلت يا أمير المؤمنين فاردد إليه ظلامته، فانتزع يده من يدي ثمّ مرّ يهمهم ساعة ثمّ وقف فلحقته فقال: يا ابن عبّاس ما أظنّ القوم منعهم من صاحبك إلّا أنّهم استصغروه، فقلت في نفسي هذه شرّ من الأولى، فقلت و اللّه ما استصغره اللّه حين أمره أن يأخذ سورة برائة من أبي بكر.

قال الجوهريّ: و حدّثني أبو زيد، قال حدّثني محمّد بن عبادة، قال حدّثني أخي سعيد بن عبادة، عن الليث بن سعد عن رجاله عن أبي بكر أنّه قال: ليتني لم اكشف بيت فاطمة و لو اغلق علىّ الحرب.

قال الشّارح: الصحيح عندى أنّها ماتت و هي واجدة على أبي بكر و عمرو أنّها أوصت أن لا يصليا عليها، و ذلك عند أصحابنا من الامور المغفورة لهما، و كان الاولى بهما اكرامها و احترام منزلها لكنّهما خافا الآفة و أشفقا من الفتنة ففعلا ما هو الأصلح بحسب ظنّهما، و كانا من الدّين و قوّة اليقين بمكان مكين لا شكّ في ذلك، الامور الماضية يتعذّر الوقوف على عللها و أسبابها و لا يعلم حقايقها إلّا من شاهدها و لا بسها بل لعلّ الحاضرين المشاهدين لها لا يعلمون باطن الأمر، فلا يجوز العدول عن حسن الاعتقاد فيهما بما جرى، و اللّه ولىّ المغفرة و العفو، فان هذا لو ثبت خطاء لم يكن كبيرة بل كان من باب الصّغاير التي لا يقتضى التّبرى و لا يوجب التّولى.

أقول: ما صحّحه من أنّها عليها السلام ماتت و هى واجدة غضبانة على الرّجلين فهو الصّحيح الذي لا ريب فيه و يشهد بذلك ملاحظة أخبار غصب فدك و غيرها ممّا مرّ في تضاعيف الشّرح و يأتي أيضا و أمّا ما اعتذر به من أنّ ذلك من الصّغاير المعفوّة ففاسد جدّا إذ كيف يكون ذلك من الصغائر مع ما روته العامة و الخاصة من قول النبيّ صلّى اللّه عليه و اله و سلّم لها: يا فاطمة إنّ اللّه يغضب بغضبك و يرضى لرضاك، و قوله فيها: يؤذيني ما أذاها.

و ما أخرجه أحمد بن حنبل و الحاكم على الميسور بن مخرمة مرفوعا: فاطمة بضعة منّي يغضبني ما يغضبها و يبسطنى ما يبسطها، و أنّ الانساب تنقطع يوم القيامة غير نسبى و سببي و صهري، فاذا انضمّ إلى ذلك قوله تعالى وَ مَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى و قوله: وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ يعلم من ذلك أنّ ما فعلاه في حقها من أكبر الكباير الموجب لكونهما في أسفل الدرك من الجحيم خالدين فيها و ذلك جزاء الظالمين.

و أما ما ذكره من انهما كانا من الدين و قوّة اليقين بمكان مكين ففيه انّك قد عرفت في شرح الخطبة الشقشقية و غيرها و ستعرف أيضا بعد ذلك انهما لم يكونا من الدّين في شي ء، و كيف يجسر المتديّن أن يدخل من غير إذن بيتا لم يكن يدخل فيها الملائكة إلّا باذن أو يحرق بابه أو يهتك ستره حتّى يطمع فيه من لم يكن يطمع.

و أما قوله: إنّ الامور الماضية يتعذّر الوقوف على عللها و لا يعلم حقايقها إلّا من قد شاهدها، ففيه انّ الوقوف عليها و الاطلاع على حقايقها يحصل بالنقل و السمع و لا حاجة في ذلك إلى الشّهود و الحضور، و قد حصل لنا في حقهما بطريق السمع و البيان ما هو مغن عن الحضور و العيان، و عرفنا أنّ الداعى لأفعالهما في جميع حركاتهما و سكناتهما لم يكن إلّا اتباع هوى النفس الامارة و إبطال الشريعة و الملّة و ترويج البدعة و تضييع السنة.

أما قوله: إنّ ذلك لا يقتضى التبرّى و لا يوجب التولى، فيه انهما إذا كانا ممن غضب اللّه عليه بمقتضى ما ذكرنا يجب التّبرّي عنهما و لا يجوز التّولي لقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ.

و أشدّ ممّا ذكرنا كلّه فظاعة و أظهر شناعة ما رواه الشّارح أيضا عن الجوهرى، قال حدّثنا الحسن بن الرّبيع، عن عبد الرّزاق، عن معمّر، عن الزّهرى، عن عليّ بن عبد اللّه بن العبّاس، عن أبيه قال: لما حضرت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم الوفات و في البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب، قال: رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: إيتونى بدواة و صحيفة اكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعدى، فقال عمر كلمة معناها: أنّ الوجع قد غلب على رسول اللّه، ثمّ قال: عندنا القرآن حسبنا كتاب اللّه، فمن قائل يقول: القول ما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و من قائل يقول: القول ما قال عمر، فلما أكثروا اللّفظ «اللغط ظ» و اللغو و الاختلاف غضب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: قوموا إنّه لا ينبغي لنبيّ أن يختلف عنده هكذا فقاموا فمات رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم في ذلك اليوم فكان ابن عباس يقول: إنّ الرّزية كلّ الرّزية ما حال بيننا و بين رسول اللّه يعنى الاختلاف و اللفظ «اللغط ظ».

قال الشّارح قلت: هذا الحديث قد خرّجه الشّيخان محمّد بن إسماعيل و مسلم بن الحجاج القشيرى في صحيحيهما و اتّفق المحدّثون كافّة على روايته.

أقول: هذه الرّواية كما ذكره الشّارح ممّا رواها الكلّ و الرّواية في الجميع عن ابن عباس، و قوله فقال العمر كلمة معناها أنّ الوجع قد غلب اه، الظاهر أنّ تلك الكلمة في أكثر تلك الرّوايات من قوله: إنّ الرّجل ليهجر، و في بعضها ما شأنه يهجر استفهموه، و في بعض الآخر ما شأنه هجر، و في غيرها ما يقرب من هذا اللفظ، و قد عدل الرّاوي عن رواية هذه اللفظة لكراهته نقلها إذ الهجر كما صرّح به غير واحد من اللغويين هو الهذيان و بذلك فسّر قوله تعالى: وَ قالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ. فبدّل الرّاوي هذه الكلمة بغيرها استحياء و استصلاحا لكلام عمر و لن يصلح العطار ما أفسد الدّهر.

فمن تأمّل في هذه الرّواية حقّ التّأمل عرف جفاوة الرّجل و فظاظته و خبث طينته و سوء سريرته و عناده و نفاقه من جهات عديدة: الاولى أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ما كان ينطق عن الهوى و إن كان كلامه لم يكن إلّا وحيا يوحى، فنسبه مع ذلك عمر إلى الهذيان.

الثانية أنّ قوله عندنا القرآن حسبنا كتاب اللّه ردّ على اللّه فضلا عن رسول اللّه و قد قال اللّه: وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَ مَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً و قال: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً.

الثالثة أنّ كتاب اللّه لو كان كافيا عمّا أراد صلوات اللّه عليه و آله كتابته لم يطلب ما يكتب أ تراه يطلب عبثا أم يريد لغوا و نقول لم لم يكف الكتاب و اختلّت أمر الامّة و انفصمت حبل الملّة و تهدّمت أركان الهدى و انطمست أعلام التّقى.

قال السّيد بن طاوس في محكيّ كلامه من كتاب الطرايف: من أعظم طرايف المسلمين أنّهم شهدوا جميعا أن نبيهم أراد عند وفاته أن يكتب لهم كتابا لا يضلّون بعده أبدا، و أنّ عمر بن الخطاب كان سبب منعه من ذلك الكتاب و سبب ضلال من ضلّ من امّته و سبب اختلافهم و سفك الدّماء بينهم و تلف الأموال و اختلاف الشّريعة و هلاك اثنين و سبعين فرقة من أصل فرق الاسلام و سبب خلود من يخلد في النّار منهم. و مع هذا كلّه فانّ أكثرهم أطاع عمر بن الخطاب الذي قد شهدوا عليه بهذه الأحوال في الخلافة و عظموه و كفّروا بعد ذلك من يطعن فيه، و هم من جملة الطاعنين، و ضللوا من يذمّه و هم من جملة الذّامين، و تبرّؤوا ممن يقبح ذكره و هم من جملة المقبحين.

الرّابعة انّ غيظ رسول اللّه و غضبه عليه و أمره له بالخروج من البيت و المتنازعين مع خلقه العظيم و عفوه الكريم و ملاحظته في الفظاظة و الغلظة انقضاض الخلق كما قال سبحانه: وَ لَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ.

لم يكن إلّا لشدّة اسائته الأدب و الوقاحة و بلوغه في أذى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الغاية بحيث لم يتحمّلها صلوات اللّه عليه و آله و قد قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً.

قال الجوهرى: و حدّثنا أحمد بن سيّار عن سعيد بن كثير الأنصاري عن عبد اللّه بن عبد اللّه بن الرّحمن أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في مرض موته أمّر اسامة بن زيد ابن حارثة على جيش فيه جلّة المهاجرين و الأنصار منهم أبو بكر و عمرو أبو عبيدة بن الجراح و عبد الرّحمن بن عوف و طلحة و الزبير و أمره أن يغير على موتة«» حيث قتل أبوه زيد و أن يغزى و ادى فلسطين، فتثاقل اسامة و تثاقل الجيش بتثاقله و جعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم يثقل و يخفّ و يؤكّد القول في تنفيذ ذلك البعث.

حتّى قال له اسامة: بأبى أنت و أمّى أ تأذن لى أن أمكث أيّاما حتّى يشفيك اللّه فقال: اخرج و سر على بركة اللّه، فقال: يا رسول اللّه إنّى إن خرجت و أنت على هذه الحال خرجت و في قلبي قرحة منك، فقال صلّى اللّه عليه و اله و سلّم سر على النّصر و العافية، فقال: يا رسول اللّه إنّى أكره أن أسأل عنك الركبان، فقال صلّى اللّه عليه و آله انفذ لما أمرتك به.

ثمّ اغمى على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم و قام اسامة فجهّز للخروج، فلما أفاق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم سأل عن اسامة و البعث، فاخبر أنّهم يتجهّزون، فجعل يقول انفذوا بعث اسامة لعن اللّه من تخلّف عنه و يكرّر ذلك.

فخرج اسامة و اللواء على رأسه و الصّحابة بين يديه، حتّى إذا كان بالجرف«» نزل و معه أبو بكر و عمر و أكثر المهاجرين، و من الأنصار أسيد بن حصين و بشير ابن سعد و غيرهم من الوجوه، فجائه رسول ام أيمن يقول له ادخل فانّ رسول اللّه يموت، فقام من فوره و دخل المدينة و اللواء معه فجاء به حتّى ركزه باب رسول اللّه و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قد مات في تلك السّاعة، قال: فلما «فماظ» كان أبو بكر و عمر يخاطبان اسامة إلى أن ماتا إلّا بالأمير.

أقول و نقل الشّارح بعث جيش اسامة قبل في شرح الخطبة الشّقشقية أيضا بتغيير يسير لما أورده هنا من الجوهري، و قال هناك بعد نقله ما هذه عبارته.

و تزعم الشّيعة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يعلم موته و أنّه سير أبا بكر و عمر في بعث اسامة لتخلو دار الهجرة منهما فيصفوا لأمر لعليّ عليه السّلام و يبايعه من تخلّف من المسلمين في مدينة على سكون و طمأنينة، فاذا جاءهما الخبر بموت رسول اللّه و بيعة النّاس لعليّ بعده كانا عن المنازعة و الخلاف أبعد لأنّ العرب كانت تلتزم باتمام تلك البيعة و تحتاج في نقضها إلى حروب شديدة، فلم يتمّ له ما قدّر و تثاقل بالجيش أيّا ما مع شدّة حثّ رسول اللّه على نفوذه و خروجه بالجيش حتّى مات و هما بالمدينة فسبقا عليا إلى البيعة و جرى ما جرى.

ثمّ قال: و هذا عندى غير منقدح لانّه إن كان يعلم موته فهو أيضا يعلم أنّ أبا بكر سيلي الخلافة و ما يعلمه لا يحترس منه، و إنّما يتمّ هذا و يصحّ إذا فرضنا أنّه صلّى اللّه عليه و آله كان يظنّ موته و لا يعلمه حقيقة و يظنّ أنّ أبا بكر و عمر يتمالان على ابن عمه و يخاف وقوع ذلك منهما و لا يعلمه حقيقة فيجوز إن كانت الحال هكذا أن ينقدح هذا التّوهم و يتطرق هذا الظن.

كالواحد منّا له ولد ان يخاف من أحدهما أن يتغلب بعد موته على جميع ماله و لا يوصل أخاه إلى شي ء من حقّه فانّه قد يخطر له عند مرضه الذي يتخوف أن يموت فيه أن يأمر الولد المخوف جانبه بالسّفر إلى بلد بعيد في تجارة يسلمها إليه يجعل ذلك طريقا إلى دفع تغلبه على الولد الآخر.

أقول: ما نسبه إلينا معاشر الشّيعة حقّ لا ريب فيه، و ما أورده علينا فظاهر الفساد إذ علم النبيّ بموته و بتولّى أبي بكر الخلافة لا ينافي الأمر ببعثه مع اسامة و إلّا لتوجّه هذا الاشكال في أوامر اللّه سبحانه، فانّه قد أمر العصاة بالاطاعة و الكفار بالاسلام مع علمه بانّهم لا يطيعون و أنّهم على كفرهم باقون، نعم هذا يناسب على اصول الأشاعرة القائلين بالجبر و الشّارح عدليّ المذهب لا مساس لما أورده على مذهبه.

و تحقيق الكلام أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يعلم موته و يعلم أنّ أبا بكر يغصب الخلافة و مع علمه بذلك بعثه في الجيش ليفهم الخلق و يعرّفهم انّه ليس راضيا بخلافته و ينبههم على خلافه و عظم جرمه و جريرته و مخالفته للحكم الالزاميّ المؤكد الذي كرّره صلوات اللّه عليه و آله مرّة بعد اخرى.

و ليعلمهم أيضا أنّه برجوعه إلى المدينة مستحقّ للّعن الدائم و العذاب الأليم مضافا إلى ما في ذلك البعث من نكتة اخرى، و هو «هى ظ» التّنبيه على مقام أبي بكر و عمر و الايماء إلى أنّ من كان محكوما عليه بحكم مثل اسامة و مامورا بأمره لا يكون له قابليّة و استعداد لأن يكون أميرا لجميع الامّة و اماما لهم.

و الحاصل أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و اله و سلّم كان عالما بموته و بأنّ ما قدّره و أراده في حقّ أمير المؤمنين عليه السّلام لا يتمّ له، و مع ذلك سيّر الرّجلين إعلاما للخلق بأنّه لا يرضى بهما خلافة و أنّهما غير قابلين لذلك، و إفهاما لهم بأنّ أمير المؤمنين عليه السّلام هو القابل له، و أنّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم أراد قيامه عليه السّلام مقامه صلّى اللّه عليه و آله، فحالوا بينه و بينه.

شرح لاهیجی

و من كلام له (علیه السلام) فى معنى الانصار يعنى از كلام امير المؤمنين عليه السّلام است در مقصد انصار قالوا لمّا انتهت الى امير المؤمنين (علیه السلام) انباء السّقيفة بعد وفاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه قال عليه السّلام ما قالت الانصار قالوا قالت منّا امير و منكم امير يعنى اصحاب كه در وقتى كه رسيد بامير المؤمنين عليه السّلام خبرهاى سقيفه بنى ساعده يعنى صفّه كه بنى ساعده هميشه در ان اجتماع مى كردند بعد از رحلت رسول خدا صلّى اللّه عليه و آله از دنيا و جمع شدن مهاجرين و انصار در ان صفّه و مشاجره كردن در امامت و بيعت با ابى بكر گفت عليه السّلام كه چه چيز گفتند جماعت انصار گفتند كه انصار گفتند كه از قبيله ما اميرى تعيين شود و از شما مهاجرين اميرى ديگر تعيين شود قال فهلّا احتججتم عليهم بانّ رسول اللّه (صلی الله علیه وآله) وصّى بان يحسن الى محسنهم و يتجاوز عن مسيئهم يعنى گفت (علیه السلام) پس چرا دليل و برهان نگفتيد بر انها باين كه رسول خدا صلّى اللّه عليه و آله وصيّت كرده است باين كه بايد احسان و نيكى كرده شود به نيكوكار ايشان و در گذشته شود از بد كردار ايشان قالوا و ما فى هذا من الحجّة عليهم فقال (علیه السلام) لو كانت الإمارة فيهم لم تكن الوصيّة بهم يعنى گفتند اصحاب و چه چيز است در اين كلام رسول اللّه (صلی الله علیه وآله) از حجّت بر انصار پس گفت (علیه السلام) كه اگر امير و خليفه انصار در انصار بود رسول اللّه (صلی الله علیه وآله) وصيّت ايشان را بديگران نمى كرد و حال آن كه در نزد انصار مسلّم است كه وصيّت احسان و مراعات نيكان ايشان را بصحابه كبار خصوصا بامير المؤمنين عليه السّلام ميكرد و حديث احسان بايشان مرويست در صحاحين بخارى و مسلم و وصيّت رئيس به مرءوس جايز نباشد پس ايشان صاحب امارت و خلافت نباشند ثمّ قال فما ذا قالت القريش قالوا احتجّت بانّها شجرة الرّسول صلّى اللّه عليه و آله فقال احتجّوا بالشّجرة و اضاعوا الثّمرة يعنى پس گفت (علیه السلام) پس چه چيز گفتند قريش كه حجّت و دليل گفتند بر احقّيت خود از براى خلافت باين كه ايشان شجره و عشيره رسول صلّى اللّه عليه و آله باشند چنانچه رسالت در قريش متحقّق شد پس بايد خلافت او نيز در قريش باشد پس او (علیه السلام) گفت كه قريش متمسّك شدند در احقيّت بشجره و ضايع و مهمل گذاشتند ثمره شجره نبوّت را كه اهلش باشند پس احقيّت هرگاه بتقريب عشيره بودن باشد پس اهليّت و قرابت احقّ خواهد بود پس تضييع حقّ انها كردن خلاف حقّ باشد يا اين كه ضايع كردند ثمره را يعنى سنّت و طريقه و قول او را از قبيل آيه تطهير و حديث منزله و نصّ روز غدير و هكذا

شرح ابن ابی الحدید

و من كلام له ع في معنى الأنصار قَالُوا: لَمَّا انْتَهَتْ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنْبَاءُ السَّقِيفَةِ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ص قَالَ ع مَا قَالَتِ الْأَنْصَارُ قَالُوا قَالَتْ مِنَّا أَمِيرٌ وَ مِنْكُمْ أَمِيرٌ قَالَ ع فَهَلَّا احْتَجَجْتُمْ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص وَصَّى بِأَنْ يُحْسَنَ إِلَى مُحْسِنِهِمْ وَ يُتَجَاوَزَ عَنْ مُسِيئِهِمْ قَالُوا وَ مَا فِي هَذَا مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ فَقَالَ ع لَوْ كَانَ الْإِمَامَةُ فِيهِمْ لَمْ تَكُنِ الْوَصِيَّةُ بِهِمْ ثُمَّ قَالَ ع فَمَا ذَا قَالَتْ قُرَيْشٌ قَالُوا احْتَجَّتْ بِأَنَّهَا شَجَرَةُ الرَّسُولِ ص فَقَالَ ع احْتَجُّوا بِالشَّجَرَةِ وَ أَضَاعُوا الثَّمَرَةَ

قد ذكرنا فيما تقدم طرفا من أخبار السقيفة فأما هذا الخبر الوارد في الوصية بالأنصار فهو خبر صحيح أخرجه الشيخان محمد بن إسماعيل البخاري و مسلم بن الحجاج القشيري في مسنديهما عن أنس بن مالك قال مر أبو بكر و العباس رضي الله تعالى عنهما بمجلس من الأنصار في مرض رسول الله ص و هم يبكون فقالا ما يبكيكم قالوا ذكرنا محاسن رسول الله ص فدخلا على النبي ص و أخبراه بذلك فخرج ص و قد عصب على رأسه حاشية برده فصعد المنبر و لم يصعده بعد ذلك اليوم فحمد الله و أثنى عليه ثم قال أوصيكم بالأنصار فإنهم كرشي و عيبتي و قد قضوا الذي عليهم و بقي الذي لهم فاقبلوا من محسنهم و تجاوزوا عن مسيئهم . فأما كيفية الاحتجاج على الأنصار فقد ذكرها علي ع و هي أنه لو كان ص ممن يجعل الإمامة فيهم لأوصى إليهم و لم يوص بهم . و إلى هذا نظر عمرو بن سعيد بن العاص و هو المسمى بالأشدق فإن أباه لما مات خلفه غلاما فدخل إلى معاوية فقال إلى من أوصى بك أبوك فقال إن أبي أوصى إلي و لم يوص بي فاستحسن معاوية منه ذلك فقال إن هذا الغلام لأشدق فسمي الأشدق . فأما قول أمير المؤمنين احتجوا بالشجرة و أضاعوا الثمرة فكلام قد تكرر منه ع أمثاله نحو قوله إذا احتج عليهم المهاجرون بالقرب من رسول الله ص كانت الحجة لنا على المهاجرين بذلك قائمة فإن فلجت حجتهم كانت لنا دونهم و إلا فالأنصار على دعوتهم . و نحو هذا المعنى قول العباس لأبي بكر و أما قولك نحن شجرة رسول الله ص فإنكم جيرانها و نحن أغصانها

يوم السقيفة

و نحن نذكر خبر السقيفة روى أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة قال أخبرني أحمد بن إسحاق قال حدثنا أحمد بن سيار قال حدثنا سعيد بن كثير بن عفير الأنصاري أن النبي ص لما قبض اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة فقالوا إن رسول الله ص قد قبض فقال سعد بن عبادة لابنه قيس أو لبعض بنيه إني لا أستطيع أن أسمع الناس كلامي لمرضي و لكن تلق مني قولي فأسمعهم فكان سعد يتكلم و يستمع ابنه و يرفع به صوته ليسمع قومه فكان من قوله بعد حمد الله و الثناء عليه أن قال إن لكم سابقة إلى الدين و فضيلة في الإسلام ليست لقبيلة من العرب أن رسول الله ص لبث في قومه بضع عشرة سنة يدعوهم إلى عبادة الرحمن و خلع الأوثان فما آمن به من قومه إلا قليل و الله ما كانوا يقدرون أن يمنعوا رسول الله و لا يعزوا دينه و لا يدفعوا عنه عداه حتى أراد الله بكم خير الفضيلة و ساق إليكم الكرامة و خصكم بدينه و رزقكم الإيمان به و برسوله و الإعزاز لدينه و الجهاد لأعدائه فكنتم أشد الناس على من تخلف عنه منكم و أثقله على عدوه من غيركم حتى استقاموا لأمر الله طوعا و كرها و أعطى البعيد المقادة صاغرا داخرا حتى أنجز الله لنبيكم الوعد و دانت لأسيافكم العرب ثم توفاه الله تعالى و هو عنكم راض و بكم قرير عين فشدوا يديكم بهذا الأمر فإنكم أحق الناس و أولاهم به . فأجابوا جميعا أن وفقت في الرأي و أصبت في القول و لن نعدو ما أمرت نوليك هذا الأمر فأنت لنا مقنع و لصالح المؤمنين رضا .

ثم إنهم ترادوا الكلام بينهم فقالوا إن أبت مهاجرة قريش فقالوا نحن المهاجرون و أصحاب رسول الله ص الأولون و نحن عشيرته و أولياؤه فعلام تنازعوننا هذا الأمر من بعده فقالت طائفة منهم إذا نقول منا أمير و منكم أمير لن نرضى بدون هذا منهم أبدا لنا في الإيواء و النصرة ما لهم في الهجرة و لنا في كتاب الله ما لهم فليسوا يعدون شيئا إلا و نعد مثله و ليس من رأينا الاستئثار عليهم فمنا أمير و منهم أمير . فقال سعد بن عبادة هذا أول الوهن . و أتى الخبر عمر فأتى منزل رسول الله ص فوجد أبا بكر في الدار و عليا في جهاز رسول الله ص و كان الذي أتاه بالخبر معن بن عدي فأخذ بيد عمر و قال قم فقال عمر إني عنك مشغول فقال إنه لا بد من قيام فقام معه فقال له إن هذا الحي من الأنصار قد اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة معهم سعد بن عبادة يدورون حوله و يقولون أنت المرجى و نجلك المرجى و ثم أناس من أشرافهم و قد خشيت الفتنة فانظر يا عمر ما ذا ترى و اذكر لإخوتك من المهاجرين و اختاروا لأنفسكم فإني انظر إلى باب فتنة قد فتح الساعة إلا أن يغلقه الله ففزع عمر أشد الفزع حتى أتى أبا بكر فأخذ بيده فقال قم فقال أبو بكر إني عنك مشغول فقال عمر لا بد من قيام و سنرجع إن شاء الله . فقام أبو بكر مع عمر فحدثه الحديث ففزع أبو بكر أشد الفزع و خرجا مسرعين إلى سقيفة بني ساعدة و فيها رجال من أشراف الأنصار و معهم سعد بن عبادة و هو مريض بين أظهرهم فأراد عمر أن يتكلم و يمهد لأبي بكر و قال خشيت أن يقصر أبو بكر عن بعض الكلام فلما نبس عمر كفه أبو بكر و قال على رسلك فتلق الكلام ثم تكلم بعد كلامي بما بدا لك فتشهد أبو بكر ثم قال .

إن الله جل ثناؤه بعث محمدا بالهدى و دين الحق فدعا إلى الإسلام فأخذ الله بقلوبنا و نواصينا إلى ما دعانا إليه و كنا معاشر المسلمين المهاجرين أول الناس إسلاما و الناس لنا في ذلك تبع و نحن عشيرة رسول الله ص و أوسط العرب أنسابا ليس من قبائل العرب إلا و لقريش فيها ولادة و أنتم أنصار الله و أنتم نصرتم رسول الله ص ثم أنتم وزراء رسول الله ص و إخواننا في كتاب الله و شركاؤنا في الدين و فيما كنا فيه من خير فأنتم أحب الناس إلينا و أكرمهم علينا و أحق الناس بالرضا بقضاء الله و التسليم لما ساق الله إلى إخوانكم من المهاجرين و أحق الناس ألا تحسدوهم فأنتم المؤثرون على أنفسهم حين الخصاصة و أحق الناس ألا يكون انتفاض هذا الدين و اختلاطه على أيديكم و أنا أدعوكم إلى أبي عبيدة و عمر فكلاهما قد رضيت لهذا الأمر و كلاهما أراه له أهلا . فقال عمر و أبو عبيدة ما ينبغي لأحد من الناس أن يكون فوقك أنت صاحب الغار ثاني اثنين و أمرك رسول الله بالصلاة فأنت أحق الناس بهذا الأمر . فقال الأنصار و الله ما نحسدكم على خير ساقه الله إليكم و لا أحد أحب إلينا و لا أرضى عندنا منكم و لكنا نشفق فيما بعد هذا اليوم و نحذر أن يغلب على هذا الأمر من ليس منا و لا منكم فلو جعلتم اليوم رجلا منكم بايعنا و رضينا على أنه إذا هلك اخترنا واحدا من الأنصار فإذا هلك كان آخر من المهاجرين أبدا ما بقيت هذه الأمة كان ذلك أجدر أن نعدل في أمة محمد ص فيشفق الأنصاري أن يزيغ فيقبض عليه القرشي و يشفق القرشي أن يزيغ فيقبض عليه الأنصاري .

فقام أبو بكر فقال إن رسول الله ص لما بعث عظم على العرب أن يتركوا دين آبائهم فخالفوه و شاقوه و خص الله المهاجرين الأولين من قومه بتصديقه و الإيمان به و المواساة له و الصبر معه على شدة أذى قومه و لم يستوحشوا لكثرة عدوهم فهم أول من عبد الله في الأرض و هم أول من آمن برسول الله و هم أولياؤه و عترته و أحق الناس بالأمر بعده لا ينازعهم فيه إلا ظالم و ليس أحد بعد المهاجرين فضلا و قدما في الإسلام مثلكم فنحن الأمراء و أنتم الوزراء لا نمتاز دونكم بمشورة و لا نقضي دونكم الأمور . فقام الحباب بن المنذر بن الجموح فقال يا معشر الأنصار املكوا عليكم أيديكم إنما الناس في فيئكم و ظلكم و لن يجترئ مجترئ على خلافكم و لا يصدر الناس إلا عن أمركم أنتم أهل الإيواء و النصرة و إليكم كانت الهجرة و أنتم أصحاب الدار و الإيمان و الله ما عبد الله علانية إلا عندكم و في بلادكم و لا جمعت الصلاة إلا في مساجدكم و لا عرف الإيمان إلا من أسيافكم فاملكوا عليكم أمركم فإن أبى هؤلاء فمنا أمير و منهم أمير . فقال عمر هيهات لا يجتمع سيفان في غمد إن العرب لا ترضى أن تؤمركم و نبيها من غيركم و ليس تمتنع العرب أن تولى أمرها من كانت النبوة فيهم و أولو الأمر منهم لنا بذلك الحجة الظاهرة على من خالفنا و السلطان المبين على من نازعنا من ذا يخاصمنا في سلطان محمد و ميراثه و نحن أولياؤه و عشيرته إلا مدل بباطل أو متجانف لإثم أو متورط في هلكة .

فقام الحباب و قال يا معشر الأنصار لا تسمعوا مقالة هذا و أصحابه فيذهبوا بنصيبكم من الأمر فإن أبوا عليكم ما أعطيتموهم فاجلوهم عن بلادكم و تولوا هذا الأمر عليهم فأنتم أولى الناس بهذا الأمر إنه دان لهذا الأمر بأسيافكم من لم يكن يدين له أنا جذيلها المحكك و عذيقها المرجب إن شئتم لنعيدنها جذعة و الله لا يرد أحد علي ما أقول إلا حطمت أنفه بالسيف . قال فلما رأى بشير بن سعد الخزرجي ما اجتمعت عليه الأنصار من تأمير سعد بن عبادة و كان حاسدا له و كان من سادة الخزرج قام فقال أيها الأنصار إنا و إن كنا ذوي سابقة فإنا لم نرد بجهادنا و إسلامنا إلا رضا ربنا و طاعة نبينا و لا ينبغي لنا أن نستطيل بذلك على الناس و لا نبتغي به عوضا من الدنيا إن محمدا ص رجل من قريش و قومه أحق بميراث أمره و ايم الله لا يراني الله أنازعهم هذا الأمر فاتقوا الله و لا تنازعوهم و لا تخالفوهم . فقام أبو بكر و قال هذا عمر و أبو عبيدة بايعوا أيهما شئتم فقالا و الله لا نتولى هذا الأمر عليك و أنت أفضل المهاجرين و ثاني اثنين و خليفة رسول الله ص على الصلاة و الصلاة أفضل الدين ابسط يدك نبايعك . فلما بسط يده و ذهبا يبايعانه سبقهما بشير بن سعد فبايعه فناداه الحباب بن المنذر يا بشير عقك عقاق و الله ما اضطرك إلى هذا الأمر إلا الحسد لابن عمك . و لما رأت الأوس أن رئيسا من رؤساء الخزرج قد بايع قام أسيد بن حضير و هو رئيس الأوس فبايع حسدا لسعد أيضا و منافسة له أن يلي الأمر فبايعت الأوس كلها لما بايع أسيد و حمل سعد بن عبادة و هو مريض فأدخل إلى منزله فامتنع من البيعة في ذلك اليوم و فيما بعده و أراد عمر أن يكرهه عليها فأشير عليه ألا يفعل و أنه لا يبايع حتى يقتل و أنه لا يقتل حتى يقتل أهله و لا يقتل أهله حتى يقتل الخزرج و إن حوربت الخزرج كانت الأوس معها . و فسد الأمر فتركوه فكان لا يصلي بصلاتهم و لا يجمع بجماعتهم و لا يقضي بقضائهم و لو وجد أعوانا لضاربهم فلم يزل كذلك حتى مات أبو بكر ثم لقي عمر في خلافته و هو على فرس و عمر على بعير فقال له عمر هيهات يا سعد فقال سعد هيهات يا عمر فقال أنت صاحب من أنت صاحبه قال نعم أنا ذاك ثم قال لعمر و الله ما جاورني أحد هو أبغض إلي جوارا منك قال عمر فإنه من كره جوار رجل انتقل عنه فقال سعد إني لأرجو أن أخليها لك عاجلا إلى جوار من هو أحب إلي جوارا منك و من أصحابك فلم يلبث سعد بعد ذلك إلا قليلا حتى خرج إلى الشام فمات بحوران و لم يبايع لأحد لا لأبي بكر و لا لعمر و لا لغيرهما . قال و كثر الناس على أبي بكر فبايعه معظم المسلمين في ذلك اليوم و اجتمعت بنو هاشم إلى بيت علي بن أبي طالب و معهم الزبير و كان يعد نفسه رجلا من بني هاشم كان علي يقول ما زال الزبير منا أهل البيت حتى نشأ بنوه فصرفوه عنا . و اجتمعت بنو أمية إلى عثمان بن عفان و اجتمعت بنو زهرة إلى سعد و عبد الرحمن فأقبل عمر إليهم و أبو عبيدة فقال ما لي أراكم ملتاثين قوموا فبايعوا أبا بكر فقد بايع له الناس و بايعه الأنصار فقام عثمان و من معه و قام سعد و عبد الرحمن و من معهما فبايعوا أبا بكر . و ذهب عمر و معه عصابة إلى بيت فاطمة منهم أسيد بن حضير و سلمة بن أسلم فقال لهم انطلقوا فبايعوا فأبوا عليه و خرج إليهم الزبير بسيفه فقال عمر عليكم الكلب فوثب عليه سلمة بن أسلم فأخذ السيف من يده فضرب به الجدار ثم انطلقوا به و بعلي و معها بنو هاشم و علي يقول أنا عبد الله و أخو رسول الله ص حتى انتهوا به إلى أبي بكر فقيل له بايع فقال أنا أحق بهذا الأمر منكم لا أبايعكم و أنتم أولى بالبيعة لي أخذتم هذا الأمر من الأنصار و احتججتم عليهم بالقرابة من رسول الله فأعطوكم المقادة و سلموا إليكم الإمارة و أنا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار فأنصفونا إن كنتم تخافون الله من أنفسكم و اعرفوا لنا من الأمر مثل ما عرفت الأنصار لكم و إلا فبوءوا بالظلم و أنتم تعلمون . فقال عمر إنك لست متروكا حتى تبايع فقال له علي احلب يا عمر حلبا لك شطره اشدد له اليوم أمره ليرد عليك غدا ألا و الله لا أقبل قولك و لا أبايعه فقال له أبو بكر فإن لم تبايعني لم أكرهك فقال له أبو عبيدة يا أبا الحسن إنك حديث السن و هؤلاء مشيخة قريش قومك ليس لك مثل تجربتهم و معرفتهم بالأمور و لا أرى أبا بكر إلا أقوى على هذا الأمر منك و أشد احتمالا له و اضطلاعا به فسلم له هذا الأمر و ارض به فإنك إن تعش و يطل عمرك فأنت لهذا الأمر خليق و به حقيق في فضلك و قرابتك و سابقتك و جهادك . فقال علي يا معشر المهاجرين الله الله لا تخرجوا سلطان محمد عن داره و بيته إلى بيوتكم و دوركم و لا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس و حقه فو الله يا معشر المهاجرين لنحن أهل البيت أحق بهذا الأمر منكم أ ما كان منا القارئ لكتاب الله الفقيه في دين الله العالم بالسنة المضطلع بأمر الرعية و الله إنه لفينا فلا تتبعوا الهوى فتزدادوا من الحق بعدا . فقال بشير بن سعد لو كان هذا الكلام سمعته منك الأنصار يا علي قبل بيعتهم لأبي بكر ما اختلف عليك اثنان و لكنهم قد بايعوا و انصرف علي إلى منزله و لم يبايع و لزم بيته حتى ماتت فاطمة فبايع . قلت هذا الحديث يدل على بطلان ما يدعى من النص على أمير المؤمنين و غيره لأنه لو كان هناك نص صريح لاحتج به و لم يجر للنص ذكر و إنما كان الاحتجاج منه و من أبي بكر و من الأنصار بالسوابق و الفضائل و القرب فلو كان هناك نص على أمير المؤمنين أو على أبي بكر لاحتج به أبو بكر أيضا على الأنصار و لاحتج به أمير المؤمنين على أبي بكر فإن هذا الخبر و غيره من الأخبار المستفيضة يدل على أنه قد كان كاشفهم و هتك القناع بينه و بينهم أ لا تراه كيف نسبهم إلى التعدي عليه و ظلمه و تمنع من طاعتهم و أسمعهم من الكلام أشده و أغلظه فلو كان هناك نص لذكره أو ذكره بعض من كان من شيعته و حزبه لأنه لا عطر بعد عروس . و هذا أيضا يدل على أن الخبر المروي في أبي بكر في صحيحي البخاري و مسلم غير صحيح و هو ما روي من قوله ع لعائشة في مرضه ادعي لي أباك حتى أكتب لأبي بكر كتابا فإني أخاف أن يقول قائل أو يتمنى متمن و يأبى الله و المؤمنون إلا أبا بكر و هذا هو نص مذهب المعتزلة . و قال أحمد بن عبد العزيز الجوهري أيضا حدثنا أحمد و قال حدثنا ابن عفير قال حدثنا أبو عوف عبد الله بن عبد الرحمن عن أبي جعفر محمد بن علي رضي الله عنهما أن عليا حمل فاطمة على حمار و سار بها ليلا إلى بيوت الأنصار يسألهم النصرة و تسألهم فاطمة الانتصار له فكانوا يقولون يا بنت رسول الله قد مضت بيعتنا لهذا الرجل لو كان ابن عمك سبق إلينا أبا بكر ما عدلنا به فقال علي أ كنت أترك رسول الله ميتا في بيته لا أجهزه و أخرج إلى الناس أنازعهم في سلطانه و قالت فاطمة ما صنع أبو حسن إلا ما كان ينبغي له و صنعوا هم ما الله حسبهم عليه و قال أبو بكر أحمد بن عبد العزيز و حدثنا أحمد قال حدثني سعيد بن كثير قال حدثني ابن لهيعة أن رسول الله ص لما مات و أبو ذر غائب و قدم و قد ولي أبو بكر فقال أصبتم قناعه و تركتم قرابه لو جعلتم هذا الأمر في أهل بيت نبيكم لما اختلف عليكم اثنان قال أبو بكر و أخبرنا أبو زيد عمر بن شبة قال حدثنا أبو قبيصة محمد بن حرب قال لما توفي النبي ص و جرى في السقيفة ما جرى تمثل علي

  • و أصبح أقوام يقولون ما اشتهواو يطغون لما غال زيدا غوائله

قصيدة أبي القاسم المغربي و تعصبه للأنصار على قريش

و حدثني أبو جعفر يحيى بن محمد بن زيد العلوي نقيب البصرة قال لما قدم أبو القاسم علي بن الحسين المغربي من مصر إلى بغداد استكتبه شرف الدولة أبو علي بن بويه و هو يومئذ سلطان الحضرة و أمير الأمراء بها و القادر خليفة ففسدت الحال بينه و بين القادر و اتفق لأبي القاسم المغربي أعداء سوء أوحشوا القادر منه و أوهموه أنه مع شرف الدولة في القبض عليه و خلعه من الخلافة فأطلق لسانه في ذكره بالقبيح و أوصل القول فيه و الشكوى منه و نسبه إلى الرفض و سب السلف و إلى كفران النعمة و أنه هرب من يد الحاكم صاحب مصر بعد إحسانه إليه . قال النقيب أبو جعفر رحمه الله تعالى فأما الرفض فنعم و أما إحسان الحاكم إليه فلا كان الحاكم قتل أباه و عمه و أخا من إخوته و أفلت منه أبو القاسم بخديعة الدين و لو ظفر به لألحقه بهم . قال أبو جعفر و كان أبو القاسم المغربي ينسب في الأزد و يتعصب لقحطان على عدنان و للأنصار على قريش و كان غاليا في ذلك مع تشيعه و كان أديبا فاضلا شاعرا مترسلا و كثير الفنون عالما و انحدر مع شرف الدولة إلى واسط فاتفق أن حصل بيد القادر كتاب بخطه شبه مجموع قد جمعه من خطه و شعره و كلامه مسود أتحفه به بعض من كان يشنأ أبا القاسم و يريد كيده فوجد القادر في ذلك المجموع قصيدة من شعره فيها تعصب شديد للأنصار على المهاجرين حتى خرج إلى نوع من الإلحاد و الزندقة لإفراط غلوه و فيها تصريح بالرفض مع ذلك فوجدها القادر تمرة الغراب و أبرزها إلى ديوان الخلافة فقرئ المجموع و القصيدة بمحضر من أعيان الناس من الأشراف و القضاة و المعدلين و الفقهاء و يشهد أكثرهم أنه خطه و أنهم يعرفونه كما يعرفون وجهه و أمر بمكاتبة شرف الدولة بذلك فإلى أن وصل الكتاب إلى شرف الدولة بما جرى اتصل الخبر بأبي القاسم قبل وصول الكتاب إلى شرف الدولة فهرب ليلا و معه بعض غلمانه و جارية كان يهواها و يتحظاها و مضى إلى البطيحة ثم منها إلى الموصل ثم إلى الشام و مات في طريقه فأوصى أن تحمل جثته إلى مشهد علي فحملت في تابوت و معها خفراء العرب حتى دفن بالمشهد بالقرب منه ع . و كنت برهة أسأل النقيب أبا جعفر عن القصيدة و هو يدافعني بها حتى أملأها علي بعد حين و قد أوردت هاهنا بعضها لأني لم أستجز و لم أستحل إيرادها على وجهها فمن جملتها و هو يذكر في أولها رسول الله ص و يقول إنه لو لا الأنصار لم تستقم لدعوته دعامة و لا أرست له قاعدة في أبيات فاحشة كرهنا ذكرها

  • نحن الذين بنا استجار فلم يضعفينا و أصبح في أعز جوار
  • بسيوفنا أمست سخينة بركافي بدرها كنحائر الجزار
  • و لنحن في أحد سمحنا دونهبنفوسنا للموت خوف العار
  • فنجا بمهجته فلو لا ذبناعنه تنشب في مخالب ضار
  • و حمية السعدين بل بحماية السدينيوم الجحفل الجرار
  • في الخندق المشهور إذ ألقى بهابيد و رام دفاعها بثمار
  • قالا معاذ الله إن هضيمهلم نعطها في سالف الأعصار
  • ما عندنا إلا السيوف و أقبلانحو الحتوف بها بدار بدار
  • و لنا بيوم حنين آثار متى تذكر فهن كرائم الآثار
  • لما تصدع جمعه فغدا بنامستصرخا بعقيرة و جؤار
  • عطفت عليه كماتنا فتحصنت منا جموع هوازن بفرار
  • و فدته من أبناء قيلة عصبةشروى النقير و جنة البقار
  • أ فنحن أولى بالخلافة بعده أم عبد تيم حاملو الأوزار
  • ما الأمر إلا أمرنا و بسعدنازفت عروس الملك غير نوار
  • لكنما حسد النفوس و شحهاو تذكر الأذحال و الأوتار
  • أفضى إلى هرج و مرج فانبرتعشواء خابطة بغير نهار
  • و تداولتها أربع لو لا أبوحسن لقلت لؤمت من إستار
  • من عاجز ضرع و من ذي غلظةجاف و من ذي لوثة خوار
  • ثم ارتدى المحروم فضل ردائهافغلت مراجل إحنة و نفار
  • فتأكلت تلك الجذى و تلمظتتلك الظبا و رقا أجيج النار
  • تالله لو ألقوا إليه زمامهالمشى بهم سجحا بغير عثار
  • و لو أنها حلت بساحة مجدهبادي بدا سكنت بدار قرار
  • هو كالنبي فضيلة لكن ذامن حظه كاس و هذا عار
  • و الفضل ليس بنافع أربابهإلا بمسعدة من الأقدار
  • ثم امتطاها عبد شمس فاغتدت هزؤا و بدل ربحها بخسار
  • و تنقلت في عصبة أمويةليسوا بأطهار و لا أبرار
  • ما بين مأفون إلى متزندقو مداهن و مضاعف و حمار

. فهذه الأبيات هي نظيف القصيدة التقطناها و حذفنا الفاحش و في الملتقط المذكور أيضا ما لا يجوز و هو قوله نحن الذين بنا استجار و قوله ألقى بها بيد و قوله فنجا بمهجته البيت و قوله عن أبي بكر عبد تيم و قوله لو لا علي لقلت في الأربعة أنهم إستار لؤم و ذكره الثلاثة رضي الله عنهم بما ذكرهم و نسبهم إليه و قوله إن عليا كالنبي في الفضيلة و قوله إن النبوة حظ أعطيه و حرمه علي ع . فأما قوله في بني أمية ما بين مأفون البيت فمأخوذ من قول عبد الملك بن مروان و قد خطب فذكر الخلفاء من بني أمية قبله فقال إني و الله لست بالخليفة المستضعف و لا بالخليفة المداهن و لا بالخليفة المأفون عنى بالمستضعف عثمان و بالمداهن معاوية و بالمأفون يزيد بن معاوية فزاد هذا الشاعر فيهم اثنين و هما المتزندق و هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك و الحمار و هو مروان بن محمد بن مروان

أمر المهاجرين و الأنصار بعد بيعة أبي بكر

و روى الزبير بن بكار في الموفقيات قال لما بايع بشير بن سعد أبا بكر و ازدحم الناس على أبي بكر فبايعوه مر أبو سفيان بن حرب بالبيت الذي فيه علي بن أبي طالب ع فوقف و أنشد

  • بني هاشم لا تطمعوا الناس فيكمو لا سيما تيم بن مرة أو عدي
  • فما الأمر إلا فيكم و إليكمو ليس لها إلا أبو حسن علي
  • أبا حسن فاشدد بها كف حازمفإنك بالأمر الذي يرتجى ملي
  • و أي امرئ يرمي قصيا و رأيهامنبع الحمى و الناس من غالب قصي

فقال علي لأبي سفيان إنك تريد أمرا لسنا من أصحابه و قد عهد إلي رسول الله ص عهدا فأنا عليه فتركه أبو سفيان و عدل إلى العباس بن عبد المطلب في منزله فقال يا أبا الفضل أنت أحق بميراث ابن أخيك امدد يدك لأبايعك فلا يختلف عليك الناس بعد بيعتي إياك فضحك العباس و قال يا أبا سفيان يدفعها علي و يطلبها العباس فرجع أبو سفيان خائبا . قال الزبير و ذكر محمد بن إسحاق أن الأوس تزعم أن أول من بايع أبا بكر بشير بن سعد و تزعم الخزرج أن أول من بايع أسيد بن حضير . قلت بشير بن سعد خزرجي و أسيد بن حضير أوسي و إنما تدافع الفريقان الروايتين تفاديا عن سعد بن عبادة و كراهية كل حي منهما أن يكون نقض أمره جاء من جهة صاحبه فالخزرج هم أهله و قرابته لا يقرون أن بشير بن سعد هو أول من بايع أبا بكر و أبطل أمر سعد بن عبادة و يحيلون بذلك على أسيد بن حضير لأنه من الأوس أعداء الخزرج و أما الأوس فتكره أيضا أن ينسب أسيد إلى أنه أول من نقض أمر سعد بن عبادة كي لا يرموه بالحسد للخزرج لأن سعد بن عبادة خزرجي فيحيلون بانتقاض أمره على قبيلته و هم الخزرج و يقولون إن أول من بايع أبا بكر و نقض دعوة سعد بن عبادة بشير بن سعد و كان بشير أعور . و الذي ثبت عندي أن أول من بايعه عمر ثم بشير بن سعد ثم أسيد بن حضير ثم أبو عبيدة بن الجراح ثم سالم مولى أبي حذيفة .

قال الزبير و قد كان مالأ أبا بكر و عمر على نقض أمر سعد و إفساد حاله رجلان من الأنصار ممن شهد بدرا و هما عويم بن ساعدة و معن بن عدي . قلت كان هذان الرجلان ذوي حب لأبي بكر في حياة رسول الله ص و اتفق مع ذلك بغض و شحناء كانت بينهما و بين سعد بن عبادة و لها سبب مذكور في كتاب القبائل لأبي عبيدة معمر بن المثنى فليطلب من هناك . و عويم بن ساعدة هو القائل لما نصب الأنصار سعدا يا معشر الخزرج إن كان هذا الأمر فيكم دون قريش فعرفونا ذلك و برهنوا حتى نبايعكم عليه و إن كان لهم دونكم فسلموا إليهم فو الله ما هلك رسول الله ص حتى عرفنا أن أبا بكر خليفة حين أمره أن يصلي بالناس فشتمه الأنصار و أخرجوه فانطلق مسرعا حتى التحق بأبي بكر فشحذ عزمه على طلب الخلافة . ذكر هذا بعينه الزبير بن بكار في الموفقيات . و ذكر المدائني و الواقدي أن معن بن عدي اتفق هو و عويم بن ساعدة على تحريض أبي بكر و عمر على طلب الأمر و صرفه عن الأنصار قالا و كان معن بن عدي يشخصهما إشخاصا و يسوقهما سوقا عنيفا إلى السقيفة مبادرة إلى الأمر قبل فواته . قال الزبير بن بكار فلما بويع أبو بكر أقبلت الجماعة التي بايعته تزفه زفا إلى مسجد رسول الله ص فلما كان آخر النهار افترقوا إلى منازلهم فاجتمع قوم من الأنصار و قوم من المهاجرين فتعاتبوا فيما بينهم فقال عبد الرحمن بن عوف يا معشر الأنصار إنكم و إن كنتم أولي فضل و نصر و سابقة و لكن ليس فيكم مثل أبي بكر و لا عمر و لا علي و لا أبي عبيدة فقال زيد بن أرقم إنا لا ننكر فضل من ذكرت يا عبد الرحمن و إن منا لسيد الأنصار سعد بن عبادة و من أمر الله رسوله أن يقرئه السلام و أن يأخذ عنه القرآن أبي بن كعب و من يجي ء يوم القيامة أمام العلماء معاذ بن جبل و من أمضى رسول الله ص شهادته بشهادة رجلين خزيمة بن ثابت و إنا لنعلم أن ممن سميت من قريش من لو طلب هذا الأمر لم ينازعه فيه أحد علي بن أبي طالب . قال الزبير فلما كان من الغد قام أبو بكر فخطب الناس و قال أيها الناس إني وليت أمركم و لست بخيركم فإذا أحسنت فأعينوني و إن أسأت فقوموني إن لي شيطانا يعتريني فإياكم و إياي إذا غضبت لا أوثر في أشعاركم و أبشاركم الصدق أمانة و الكذب خيانة و الضعيف منكم قوي حتى أرد إليه حقه و القوي ضعيف حتى آخذ الحق منه إنه لا يدع قوم الجهاد إلا ضربهم الله بالذل و لا تشيع في قوم الفاحشة إلا عمهم البلاء أطيعوني ما أطعت الله فإذا عصيت فلا طاعة لي عليكم قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله . قال ابن أبي عبرة القرشي

  • شكرا لمن هو بالثناء حقيقذهب اللجاج و بويع الصديق
  • من بعد ما زلت بسعد نعله و رجا رجاء دونه العيوق
  • حفت به الأنصار عاصب رأسهفأتاهم الصديق و الفاروق
  • و أبو عبيدة و الذين إليهم نفس المؤمل للقاء تتوق
  • كنا نقول لها علي و الرضاعمر و أولاهم بذاك عتيق
  • فدعت قريش باسمه فأجابهاإن المنوه باسمه الموثوق
  • قل للألى طلبوا الخلافة زلةلم يخط مثل خطاهم مخلوق
  • إن الخلافة في قريش ما لكم فيها و رب محمد معروق

و روى الزبير بن بكار قال روى محمد بن إسحاق أن أبا بكر لما بويع افتخرت تيم بن مرة قال و كان عامة المهاجرين و جل الأنصار لا يشكون أن عليا هو صاحب الأمر بعد رسول الله ص فقال الفضل بن العباس يا معشر قريش و خصوصا يا بني تيم إنكم إنما أخذتم الخلافة بالنبوة و نحن أهلها دونكم و لو طلبنا هذا الأمر الذي نحن أهله لكانت كراهة الناس لنا أعظم من كراهتهم لغيرنا حسدا منهم لنا و حقدا علينا و إنا لنعلم أن عند صاحبنا عهدا هو ينتهي إليه . و قال بعض ولد أبي لهب بن عبد المطلب بن هاشم شعرا

  • ما كنت أحسب أن الأمر منصرفعن هاشم ثم منها عن أبي حسن
  • أ ليس أول من صلى لقبلتكم و أعلم الناس بالقرآن و السنن
  • و أقرب الناس عهدا بالنبي و منجبريل عون له في الغسل و الكفن
  • ما فيه ما فيهم لا يمترون به و ليس في القوم ما فيه من الحسن
  • ما ذا الذي ردهم عنه فنعلمهها إن ذا غبننا من أعظم الغبن

. قال الزبير فبعث إليه علي فنهاه و أمره ألا يعود و قال سلامة الدين أحب إلينا من غيره .

قال الزبير و كان خالد بن الوليد شيعة لأبي بكر و من المنحرفين عن علي فقام خطيبا فقال أيها الناس إنا رمينا في بدء هذا الدين بأمر ثقل علينا و الله محمله و صعب علينا مرتقاه و كنا كأنا فيه على أوتار ثم و الله ما لبثنا أن خف علينا ثقله و ذل لنا صعبه و عجبنا ممن شك فيه بعد عجبنا ممن آمن به حتى أمرنا بما كنا ننهى عنه و نهينا عما كنا نأمر به و لا و الله ما سبقنا إليه بالعقول و لكنه التوفيق ألا و إن الوحي لم ينقطع حتى أحكم و لم يذهب النبي ص فنستبدل بعده نبيا و لا بعد الوحي وحيا و نحن اليوم أكثر منا أمس و نحن أمس خير منا اليوم من دخل في هذا الدين كان ثوابه على حسب عمله و من تركه رددناه إليه و إنه و الله ما صاحب الأمر يعني أبا بكر بالمسئول عنه و لا المختلف فيه و لا الخفي الشخص و لا المغموز القناة . فعجب الناس من كلامه و مدحه حزن بن أبي وهب المخزومي و هو الذي سماه رسول الله ص سهلا و هو جد سعيد بن المسيب الفقيه و قال

  • و قامت رجال من قريش كثيرهفلم يك منهم في الرجال كخالد
  • ترقي فلم يزاق به صدر نعله و كف فلم يعرض لتلك الأوابد
  • فجاء بها غراء كالبدر ضوءهافسميتها في الحسن أم القلائد
  • أ خالد لا تعدم لؤي بن غالب قيامك فيها عند قذف الجلامد
  • كساك الوليد بن المغيرة مجدهو علمك الأشياخ ضرب القماحد
  • تقارع في الإسلام عن صلب دينه و في الشرك عن أحساب جد و والد
  • و كنت لمخزوم بن يقظة جنةيعدك فيها ماجدا و ابن ماجد
  • إذا ما سما في حربها ألف فارس عدلت بألف عند تلك الشدائد
  • و من يك في الحرب المثيرة واحدافما أنت في الحرب العوان بواحد
  • إذا ناب أمر في قريش مخلج تشيب له رءوس العذارى النواهد
  • توليت منه ما يخاف و إن تغبيقولوا جميعا حظنا غير شاهد

. قال الزبير و حدثنا محمد بن موسى الأنصاري المعروف بابن مخرمة قال حدثني إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري قال لما بويع أبو بكر و استقر أمره ندم قوم كثير من الأنصار على بيعته و لام بعضهم بعضا و ذكروا علي بن أبي طالب و هتفوا باسمه و إنه في داره لم يخرج إليهم و جزع لذلك المهاجرون و كثر في ذلك الكلام . و كان أشد قريش على الأنصار نفر فيهم و هم سهيل بن عمرو أحد بني عامر بن لؤي و الحارث بن هشام و عكرمة بن أبي جهل المخزوميان و هؤلاء أشراف قريش الذين حاربوا النبي ص ثم دخلوا في الإسلام و كلهم موتور قد وتره الأنصار أما سهيل بن عمرو فأسره مالك بن الدخشم يوم بدر و أما الحارث بن هشام فضربه عروة بن عمرو فجرحه يوم بدر و هو فار عن أخيه و أما عكرمة بن أبي جهل فقتل أباه ابنا عفراء و سلبه درعه يوم بدر زياد بن لبيد و في أنفسهم ذلك . فلما اعتزلت الأنصار تجمع هؤلاء فقام سهيل بن عمرو فقال يا معشر قريش إن هؤلاء القوم قد سماهم الله الأنصار و أثنى عليهم في القرآن فلهم بذلك حظ عظيم و شأن غالب و قد دعوا إلى أنفسهم و إلى علي بن أبي طالب و علي في بيته لو شاء لردهم فادعوهم إلى صاحبكم و إلى تجديد بيعته فإن أجابوكم و إلا قاتلوهم فو الله إني لأرجو الله أن ينصركم عليهم كما نصرتم بهم . ثم قام الحارث بن هشام فقال إن تكن الأنصار تبوأت الدار و الإيمان من قبل و نقلوا رسول الله ص إلى دورهم من دورنا فآووا و نصروا ثم ما رضوا حتى قاسمونا الأموال و كفونا العمل فإنهم قد لهجوا بأمر إن ثبتوا عليه فإنهم قد خرجوا مما وسموا به و ليس بيننا و بينهم معاتبة إلا السيف و إن نزعوا عنه فقد فعلوا الأولى بهم و المظنون معهم . ثم قام عكرمة بن أبي جهل فقال و الله لو لا قول رسول الله ص الأئمة من قريش ما أنكرنا أمره الأنصار و لكانوا لها أهلا و لكنه قول لا شك فيه و لا خيار و قد عجلت الأنصار علينا و الله ما قبضنا عليهم الأمر و لا أخرجناهم من الشورى و إن الذي هم فيه من فلتات الأمور و نزغات الشيطان و ما لا يبلغه المنى و لا يحمله الأمل أعذروا إلى القوم فإن أبوا فقاتلوهم فو الله لو لم يبق من قريش كلها إلا رجل واحد لصير الله هذا الأمر فيه . قال و حضر أبو سفيان بن حرب فقال يا معشر قريش إنه ليس للأنصار أن يتفضلوا على الناس حتى يقروا بفضلنا عليهم فإن تفضلوا فحسبنا حيث انتهى بها و إلا فحسبهم حيث انتهى بهم و ايم الله لئن بطروا المعيشة و كفروا النعمة لنضربنهم على الإسلام كما ضربوا عليه فأما علي بن أبي طالب فأهل و الله أن يسود على قريش و تطيعه الأنصار . فلما بلغ الأنصار قول هؤلاء الرهط قام خطيبهم ثابت بن قيس بن شماس فقال يا معشر الأنصار إنما يكبر عليكم هذا القول لو قاله أهل الدين من قريش فأما إذا كان من أهل الدنيا لا سيما من أقوام كلهم موتور فلا يكبرن عليكم إنما الرأي و القول مع الأخيار المهاجرين فإن تكلمت رجال قريش و الذين هم أهل الآخرة مثل كلام هؤلاء فعند ذلك قولوا ما أحببتم و إلا فأمسكوا . و قال حسان بن ثابت يذكر ذلك

  • تنادي سهيل و ابن حرب و حارثو عكرمة الشاني لنا ابن أبي جهل
  • قتلنا أباه و انتزعنا سلاحه فأصبح بالبطحا أذل من النعل
  • فأما سهيل فاحتواه ابن دخشمأسيرا ذليلا لا يمر و لا يحلي
  • و صخر بن حرب قد قتلنا رجاله غداة لوا بدر فمرجله يغلي
  • و راكضنا تحت العجاجة حارثعلى ظهر جرداء كباسقه النخل
  • يقبلها طورا و طورا يحثهاو يعدلها بالنفس و المال و الأهل
  • أولئك رهط من قريش تبايعواعلى خطة ليست من الخطط الفضل
  • و أعجب منهم قابلو ذاك منهم كانا اشتملنا من قريش على ذحل
  • و كلهم ثان عن الحق عطفهيقول اقتلوا الأنصار يا بئس من فعل
  • نصرنا و آوينا النبي و لم نخف صروف الليالي و البلاء على رجل
  • بذلنا لهم أنصاف مال أكفناكقسمة أيسار الجزور من الفضل
  • و من بعد ذاك المال أنصاف دورناو كنا أناسا لا نعير بالبخل
  • و نحمي ذمار الحي فهر بن مالكو نوقد نار الحرب بالحطب الجزل
  • فكان جزاء الفضل منا عليهم جهالتهم حمقا و ما ذاك بالعدل

فبلغ شعر حسان قريشا فغضبوا و أمروا ابن أبي عزة شاعرهم أن يجيبه فقال

  • معشر الأنصار خافوا ربكمو استجيروا الله من شر الفتن
  • إنني أرهب حربا لاقحايشرق المرضع فيها باللبن
  • جرها سعد و سعد فتنةليت سعد بن عباد لم يكن
  • خلف برهوت خفيا شخصه بين بصرى ذي رعين و جدن
  • ليس ما قدر سعد كائناما جرى البحر و ما دام حضن
  • ليس بالقاطع منا شعرةكيف يرجى خير أمر لم يحن
  • ليس بالمدرك منها أبداغير أضغاث أماني الوسن

. قال الزبير لما اجتمع جمهور الناس لأبي بكر أكرمت قريش معن بن عدي و عويم بن ساعدة و كان لهما فضل قديم في الإسلام فاجتمعت الأنصار لهما في مجلس و دعوهما فلما أحضرا أقبلت الأنصار عليهما فعيروهما بانطلاقهما إلى المهاجرين و أكبروا فعلهما في ذلك فتكلم معن فقال يا معشر الأنصار إن الذي أراد الله بكم خير مما أردتم بأنفسكم و قد كان منكم أمر عظيم البلاء و صغرته العاقبة فلو كان لكم على قريش ما لقريش عليكم ثم أردتموهم لما أرادوكم به لم آمن عليهم منكم مثل من آمن عليكم منهم فإن تعرفوا الخطأ فقد خرجتم منه و إلا فأنتم فيه . قلت قوله و قد كان منكم أمر عظيم البلاء و صغرته العاقبة يعني عاقبة الكف و الإمساك يقول قد كان منكم أمر عظيم و هو دعوى الخلافة لأنفسكم و إنما جعل البلاء معظما له لأنه لو لم يتعقبه الإمساك لأحدث فتنة عظيمة و إنما صغره سكونهم و رجوعهم إلى بيعة المهاجرين . و قوله و كان لكم على قريش إلى آخر الكلام معناه لو كان لكم الفضل على قريش كفضل قريش عليكم و ادعت قريش الخلافة لها ثم أردتم منهم الرجوع عن دعواهم و جرت بينكم و بينهم من المنازعة مثل هذه المنازعة التي جرت الآن بينكم لم آمن عليهم منكم أن تقتلوهم و تقدموا على سفك دمائهم و لم يحصل لي من سكون النفس إلى حلمكم عنهم و صبركم عليهم مثل ما أنا آمن عليكم منهم فإنهم صبروا و حلموا و لم يقدموا على استباحة حربكم و الدخول في دمائكم . قال الزبير ثم تكلم عويم بن ساعدة فقال يا معشر الأنصار إن من نعم الله عليكم أنه تعالى لم يرد بكم ما أردتم بأنفسكم فاحمدوا الله على حسن البلاء و طول العافية و صرف هذه البلية عنكم و قد نظرت في أول فتنتكم و آخرها فوجدتها جاءت من الأماني و الحسد و احذروا النقم فوددت أن الله صير إليكم هذا الأمر بحقه فكنا نعيش فيه . فوثبت عليهما الأنصار فاغلظوا لهما و فحشوا عليهما و انبرى لهما فروة بن عمرو فقال أ نسيتما قولكما لقريش إنا قد خلفنا وراءنا قوما قد حلت دماؤهم بفتنتهم هذا و الله ما لا يغفر و لا ينسى قد تصرف الحية عن وجهها و سمها في نابها فقال معن في ذلك

  • و قالت لي الأنصار إنك لم تصبفقلت أ ما لي في الكلام نصيب
  • فقالوا بلى قل ما بدا لك راشدافقلت و مثلي بالجواب طبيب
  • تركتكم و الله لما رأيتكمتيوسا لها بالحرتين نبيب
  • تنادون بالأمر الذي النجم دونه ألا كل شي ء ما سواه قريب
  • فقلت لكم قول الشفيق عليكمو للقلب من خوف البلاء وجيب
  • دعوا الركض و اثنوا من أعنة بغيكم و دبوا فسير القاصدين دبيب
  • و خلوا قريشا و الأمور و بايعوالمن بايعوه ترشدوا و تصيبوا
  • أراكم أخذتم حقكم بأكفكمو ما الناس إلا مخطئ و مصيب
  • فلما أبيتم زلت عنكم إليهم و كنت كأني يوم ذاك غريب
  • فإن كان هذا الأمر ذنبي إليكمفلي فيكم بعد الذنوب ذنوب
  • فلا تبعثوا مني الكلام فإنني إذا شئت يوما شاعر و خطيب
  • و إني لحلو تعتريني مرارةو ملح أجاج تارة و شروب
  • لكل امرئ عندي الذي هو أهله أفانين شتى و الرجال ضروب

. و قال عويم بن ساعدة في ذلك

  • و قالت لي الأنصار أضعاف قولهملمعن و ذاك القول جهل من الجهل
  • فقلت دعوني لا أبا لأبيكم فإني أخوكم صاحب الخطر الفصل
  • أنا صاحب القول الذي تعرفونهأقطع أنفاس الرجال على مهل
  • فإن تسكتوا أسكت و في الصمت راحةو إن تنطقوا أصمت مقالتكم تبلي
  • و ما لمت نفسي في الخلاف عليكمو إن كنتم مستجمعين على عذلي
  • أريد بذاك الله لا شي ء غيره و ما عند رب الناس من درج الفضل
  • و ما لي رحم في قريش قريبةو لا دارها داري و لا أصلها أصلي
  • و لكنهم قوم علينا أئمةأدين لهم ما أنفذت قدمي نعلي
  • و كان أحق الناس أن تقنعوا بهو يحتملوا من جاء في قوله مثلي
  • لأني أخف الناس فيما يسركم و فيما يسوء لا أمر و لا أحلي

. قال فروة بن عمر و كان ممن تخلف عن بيعة أبي بكر و كان ممن جاهد مع رسول الله و قاد فرسين في سبيل الله و كان يتصدق من نخله بألف وسق في كل عام و كان سيدا و هو من أصحاب علي و ممن شهد معه يوم الجمل قال فذكر معنا و عويما و عاتبهما على قولهما خلفنا وراءنا قوما قد حلت دماؤهم بفتنتهم

  • ألا قل لمعن إذا جئتهو ذاك الذي شيخه ساعده
  • بأن المقال الذي قلتماخفيف علينا سوى واحده
  • مقالكم إن من خلفنامراض قلوبهم فاسده
  • حلال الدماء على فتنةفيا بئسما ربت الوالده
  • فلم تأخذا قدر أثمانهاو لم تستفيدا بها فائده
  • لقد كذب الله ما قلتماو قد يكذب الرائد الواعده

. قال الزبير ثم إن الأنصار أصلحوا بين هذين الرجلين و بين أصحابهما ثم اجتمعت جماعة من قريش يوما و فيهم ناس من الأنصار و أخلاط من المهاجرين و ذلك بعد انصراف الأنصار عن رأيها و سكون الفتنة فاتفق ذلك عند قدوم عمرو بن العاص من سفر كان فيه فجاء إليهم فأفاضوا في ذكر يوم السقيفة و سعد و دعواه الأمر فقال عمرو بن العاص و الله لقد دفع الله عنا من الأنصار عظيمة و لما دفع الله عنهم أعظم كادوا و الله أن يحلوا حبل الإسلام كما قاتلوا عليه و يخرجوا منه من أدخلوا فيه و الله لئن كانوا سمعوا قول رسول الله ص الأئمة من قريش ثم ادعوها لقد هلكوا و أهلكوا و إن كانوا لم يسمعوها فما هم كالمهاجرين و لا كأبي بكر و لا المدينة كمكة و لقد قاتلونا أمس فغلبونا على البدء و لو قاتلناهم اليوم لغلبناهم على العاقبة فلم يجبه أحد و انصرف إلى منزله و قد ظفر فقال

  • ألا قل لأوس إذا جئتهاو قل كلما جئت للخزرج
  • تمنيتم الملك في يثرب فأنزلت القدر لم تنضج
  • و أخدجتم الأمر قبل التمامو أعجب بذا المعجل المخدج
  • تريدون نتج الحيال العشارو لم تلقحوه فلم ينتج
  • عجبت لسعد و أصحابهو لو لم يهيجوه لم يهتج
  • رجا الخزرجي رجاء السراب و قد يخلف المرء ما يرتجي
  • فكان كمنح على كفهبكف يقطعها أهوج

. فلما بلغ الأنصار مقالته و شعره بعثوا إليه لسانهم و شاعرهم النعمان بن العجلان و كان رجلا أحمر قصيرا تزدريه العيون و كان سيدا فخما فأتى عمرا و هو في جماعة من قريش فقال و الله يا عمرو ما كرهتم من حربنا إلا ما كرهنا من حربكم و ما كان الله ليخرجكم من الإسلام بمن أدخلكم فيه إن كان النبي ص قال الأئمة من قريش فقد قال لو سلك الناس شعبا و سلك الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار و الله ما أخرجناكم من الأمر إذ قلنا منا أمير و منكم أمير و أما من ذكرت فأبو بكر لعمري خير من سعد لكن سعدا في الأنصار أطوع من أبي بكر في قريش فأما المهاجرون و الأنصار فلا فرق بينهم أبدا و لكنك يا ابن العاص وترت بني عبد مناف بمسيرك إلى الحبشة لقتل جعفر و أصحابه و وترت بني مخزوم بإهلاك عمارة بن الوليد ثم انصرف فقال

  • فقل لقريش نحن أصحاب مكةو يوم حنين و الفوارس في بدر
  • و أصحاب أحد و النضير و خيبرو نحن رجعنا من قريظة بالذكر
  • و يوم بأرض الشام أدخل جعفرو زيد و عبد الله في علق يجري
  • و في كل يوم ينكر الكلب أهله نطاعن فيه بالمثقفة السمر
  • و نضرب في نقع العجاجة أرؤساببيض كأمثال البروق إذا تسري
  • نصرنا و آوينا النبي و لم نخف صروف الليالي و العظيم من الأمر
  • و قلنا لقوم هاجروا قبل مرحباو أهلا و سهلا قد أمنتم من الفقر
  • نقاسمكم أموالنا و بيوتناكقسمة أيسار الجزور على الشطر
  • و نكفيكم الأمر الذي تكرهونهو كنا أناسا نذهب العسر باليسر
  • و قلتم حرام نصب سعد و نصبكم عتيق بن عثمان حلال أبا بكر
  • و أهل أبو بكر لها خير قائمو إن عليا كان أخلق بالأمر
  • و كان هوانا في علي و إنه لأهل لها يا عمرو من حيث لا تدري
  • فذاك بعون الله يدعو إلى الهدىو ينهى عن الفحشاء و البغي و النكر
  • وصي النبي المصطفى و ابن عمه و قاتل فرسان الضلالة و الكفر
  • و هذا بحمد الله يهدي من العمىو يفتح آذانا ثقلن من الوقر
  • نجي رسول الله في الغار وحده و صاحبه الصديق في سالف الدهر
  • فلو لا اتقاء الله لم تذهبوا بهاو لكن هذا الخير أجمع للصبر
  • و لم نرض إلا بالرضا و لربماضربنا بأيدينا إلى أسفل القدر

. فلما انتهى شعر النعمان و كلامه إلى قريش غضب كثير منها و ألفى ذلك قدوم خالد بن سعيد بن العاص من اليمن و كان رسول الله استعمله عليها و كان له و لأخيه أثر قديم عظيم في الإسلام و هما من أول من أسلم من قريش و لهما عبادة و فضل فغضب للأنصار و شتم عمرو بن العاص و قال يا معشر قريش إن عمرا دخل في الإسلام حين لم يجد بدا من الدخول فيه فلما لم يستطع أن يكيده بيده كاده بلسانه و إن من كيده الإسلام تفريقه و قطعه بين المهاجرين و الأنصار و الله ما حاربناهم للدين و لا للدنيا لقد بذلوا دماءهم لله تعالى فينا و ما بذلنا دماءنا لله فيهم و قاسمونا ديارهم و أموالهم و ما فعلنا مثل ذلك بهم و آثرونا على الفقر و حرمناهم على الغنى و لقد وصى رسول الله بهم و عزاهم عن جفوة السلطان فأعوذ بالله أن أكون و إياكم الخلف المضيع و السلطان الجاني . قلت هذا خالد بن سعيد بن العاص هو الذي امتنع من بيعة أبي بكر و قال لا أبايع إلا عليا و قد ذكرنا خبره فيما تقدم . و أما قوله في الأنصار و عزاهم عن جفوة السلطان فإشارة إلى قول النبي ص ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تقدموا علي الحوض

و هذا الخبر هو الذي يكفر كثير من أصحابنا معاوية بالاستهزاء به و ذلك أن النعمان بن بشير الأنصاري جاء في جماعة من الأنصار إلى معاوية فشكوا إليه فقرهم و قالوا لقد صدق رسول الله ص في قوله لنا ستلقون بعدي أثرة فقد لقيناها قال معاوية فما ذا قال لكم قالوا قال لنا فاصبروا حتى تردوا علي الحوض قال فافعلوا ما أمركم به عساكم تلاقونه غدا عند الحوض كما أخبركم و حرمهم و لم يعطهم شيئا . قال الزبير و قال خالد بن سعيد بن العاص في ذلك

  • تفوه عمرو بالذي لا نريدهو صرح للأنصار عن شنأة البغض
  • فإن تكن الأنصار زلت فإننانقيل و لا نجزيهم بالقرض
  • فلا تقطعن يا عمرو ما كان بينناو لا تحملن يا عمرو بعضا على بعض
  • أ تنسى لهم يا عمرو ما كان منهم ليالي جئناهم من النفل و الفرض
  • و قسمتنا الأموال كاللحم بالمدىو قسمتنا الأوطان كل به يقضي
  • ليالي كل الناس بالكفر جهرةثقال علينا مجمعون على البغض
  • فساووا و آووا و انتهينا إلى المنىو قر قرارانا من الأمن و الخفض

. قال الزبير ثم إن رجالا من سفهاء قريش و مثيري الفتن منهم اجتمعوا إلى عمرو بن العاص فقالوا له إنك لسان قريش و رجلها في الجاهلية و الإسلام فلا تدع الأنصار و ما قالت و أكثروا عليه من ذلك فراح إلى المسجد و فيه ناس من قريش و غيرهم فتكلم و قال إن الأنصار ترى لنفسها ما ليس لها و ايم الله لوددت أن الله خلى عنا و عنهم و قضى فيهم و فينا بما أحب و لنحن الذين أفسدنا على أنفسنا أحرزناهم عن كل مكروه و قدمناهم إلى كل محبوب حتى أمنوا المخوف فلما جاز لهم ذلك صغروا حقنا و لم يراعوا ما أعظمنا من حقوقهم . ثم التفت فرأى الفضل بن العباس بن عبد المطلب و ندم على قوله للخئولة التي بين ولد عبد المطلب و بين الأنصار و لأن الأنصار كانت تعظم عليا و تهتف باسمه حينئذ فقال الفضل يا عمرو إنه ليس لنا أن نكتم ما سمعنا منك و ليس لنا أن نجيبك و أبو الحسن شاهد بالمدينة إلا أن يأمرنا فنفعل . ثم رجع الفضل إلى علي فحدثه فغضب و شتم عمرا و قال آذى الله و رسوله ثم قام فأتى المسجد فاجتمع إليه كثير من قريش و تكلم مغضبا فقال يا معشر قريش إن حب الأنصار إيمان و بغضهم نفاق و قد قضوا ما عليهم و بقي ما عليكم و اذكروا أن الله رغب لنبيكم عن مكة فنقله إلى المدينة و كره له قريشا فنقله إلى الأنصار ثم قدمنا عليهم دارهم فقاسمونا الأموال و كفونا العمل فصرنا منهم بين بذل الغني و إيثار الفقير ثم حاربنا الناس فوقونا بأنفسهم و قد أنزل الله تعالى فيهم آية من القرآن جمع لهم فيها بين خمس نعم فقال وَ الَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَ الْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَ لا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ . ألا و إن عمرو بن العاص قد قام مقاما آذى فيه الميت و الحي ساء به الواتر و سر به الموتور فاستحق من المستمع الجواب و من الغائب المقت و إنه من أحب الله و رسوله أحب الأنصار فليكفف عمرو عنا نفسه . قال الزبير فمشت قريش عند ذلك إلى عمرو بن العاص فقالوا أيها الرجل أما إذا غضب علي فاكفف . و قال خزيمة بن ثابت الأنصاري يخاطب قريشا

  • أيا ل قريش أصلحوا ذات بينناو بينكم قد طال حبل التماحك
  • فلا خير فيكم بعدنا فارفقوا بناو لا خير فينا بعد فهر بن مالك
  • كلانا على الأعداء كف طويلةإذا كان يوم فيه جب الحوارك
  • فلا تذكروا ما كان منا و منكم ففي ذكر ما قد كان مشي التساوك

قال الزبير و قال علي للفضل يا فضل انصر الأنصار بلسانك و يدك فإنهم منك و إنك منهم فقال الفضل

  • قلت يا عمرو مقالا فاحشاإن تعد يا عمرو و الله فلك
  • إنما الأنصار سيف قاطعمن تصبه ظبة السيف هلك
  • و سيوف قاطع مضربهاو سهام الله في يوم الحلك
  • نصروا الدين و آووا أهلهمنزل رحب و رزق مشترك
  • و إذا الحرب تلظت نارهابركوا فيها إذا الموت برك

و دخل الفضل على علي فأسمعه شعره ففرح به و قال وريت بك زنادي يا فضل أنت شاعر قريش و فتاها فأظهر شعرك و ابعث به إلى الأنصار فلما بلغ ذلك الأنصار قالت لا أحد يجيب إلا حسان الحسام فبعثوا إلى حسان بن ثابت فعرضوا عليه شعر الفضل فقال كيف أصنع بجوابه إن لم أتحر قوافيه فضحني فرويدا حتى أقفو أثره في القوافي فقال له خزيمة بن ثابت اذكر عليا و آله يكفك عن كل شي ء فقال

  • جزى الله عنا و الجزاء بكفهأبا حسن عنا و من كأبي حسن
  • سبقت قريشا بالذي أنت أهله فصدرك مشروح و قلبك ممتحن
  • تمنت رجال من قريش أعزةمكانك هيهات الهزال من السمن
  • و أنت من الإسلام في كل موطن بمنزلة الدلو البطين من الرسن
  • غضبت لنا إذ قام عمرو بخطبةأمات بها التقوى و أحيا بها الإحن
  • فكنت المرجى من لؤي بن غالب لما كان منهم و الذي كان لم يكن
  • حفظت رسول الله فينا و عهدهإليك و من أولى به منك من و من
  • أ لست أخاه في الهدى و وصيه و أعلم منهم بالكتاب و بالسنن
  • فحقك ما دامت بنجد وشيجةعظيم علينا ثم بعد على اليمن

قال الزبير و بعثت الأنصار بهذا الشعر إلى علي بن أبي طالب فخرج إلى المسجد و قال لمن به من قريش و غيرهم يا معشر قريش إن الله جعل الأنصار أنصارا فأثنى عليهم في الكتاب فلا خير فيكم بعدهم إنه لا يزال سفيه من سفهاء قريش وتره الإسلام و دفعه عن الحق و أطفأ شرفه و فضل غيره عليه يقوم مقاما فاحشا فيذكر الأنصار فاتقوا الله و ارعوا حقهم فو الله لو زالوا لزلت معهم لأن رسول الله قال لهم أزول معكم حيثما زلتم فقال المسلمون جميعا رحمك الله يا أبا الحسن قلت قولا صادقا . قال الزبير و ترك عمرو بن العاص المدينة و خرج عنها حتى رضي عنه علي و المهاجرون قال الزبير ثم إن الوليد بن عقبة بن أبي معيط و كان يبغض الأنصار لأنهم أسروا أباه يوم بدر و ضربوا عنقه بين يدي رسول الله قام يشتم الأنصار و ذكرهم بالهجر فقال إن الأنصار لترى لها من الحق علينا ما لا نراه و الله لئن كانوا آووا لقد عزوا بنا و لئن كانوا آسوا لقد منوا علينا و الله ما نستطيع مودتهم لأنه لا يزال قائل منهم يذكر ذلنا بمكة و عزنا بالمدينة و لا ينفكون يعيرون موتانا و يغيظون أحياءنا فإن أجبناهم قالوا غضبت قريش على غاربها و لكن قد هون علي ذلك منهم حرصهم على الدين أمس و اعتذارهم من الذنب اليوم ثم قال

  • تباذخت الأنصار في الناس باسمهاو نسبتها في الأزد عمرو بن عامر
  • و قالوا لنا حق عظيم و منةعلى كل باد من معد و حاضر
  • فإن يك للأنصار فضل فلم تنلبحرمته الأنصار فضل المهاجر
  • و إن تكن الأنصار آوت و قاسمت معايشها من جاء قسمة جازر
  • فقد أفسدت ما كان منها بمنهاو ما ذاك فعل الأكرمين الأكابر
  • إذا قال حسان و كعب قصيدةبشتم قريش غنيت في المعاشر
  • و سار بها الركبان في كل وجهةو أعمل فيها كل خف و حافر
  • فهذا لنا من كل صاحب خطبةيقوم بها منكم و من كل شاعر
  • و أهل بأن يهجو بكل قصيدةو أهل بأن يرموا بنبل فواقر

. قال ففشا شعره في الناس فغضبت الأنصار و غضب لها من قريش قوم منهم ضرار بن الخطاب الفهري و زيد بن الخطاب و يزيد بن أبي سفيان فبعثوا إلى الوليد فجاء . فتكلم زيد بن الخطاب فقال يا ابن عقبة بن أبي معيط أما و الله لو كنت من الفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم و أموالهم يبتغون فضلا من الله و رضوانا لأحببت الأنصار و لكنك من الجفاة في الإسلام البطاء عنه الذين دخلوا فيه بعد أن ظهر أمر الله و هم كارهون إنا نعلم أنا أتيناهم و نحن فقراء فأغنونا ثم أصبنا الغنى فكفوا عنا و لم يرزءونا شيئا فأما ذكرهم ذلة قريش بمكة و عزها بالمدينة فكذلك كنا و كذلك قال الله تعالى وَ اذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فنصرنا الله تعالى بهم و آوانا إلى مدينتهم . و أما غضبك لقريش فإنا لا ننصر كافرا و لا نواد ملحدا و لا فاسقا و لقد قلت و قالوا فقطعك الخطيب و ألجمك الشاعر . و أما ذكرك الذي كان بالأمس فدع المهاجرين و الأنصار فإنك لست من ألسنتهم في الرضا و لا نحن من أيديهم في الغضب . و تكلم يزيد بن أبي سفيان فقال يا ابن عقبة الأنصار أحق بالغضب لقتلى أحد فاكفف لسانك فإن من قتله الحق لا يغضب له . و تكلم ضرار بن الخطاب فقال أما و الله لو لا أن رسول الله ص قال الأئمة من قريش لقلنا الأئمة من الأنصار و لكن جاء أمر غلب الرأي فاقمع شرتك أيها الرجل و لا تكن امرأ سوء فإن الله لم يفرق بين الأنصار و المهاجرين في الدنيا و كذلك الله لا يفرق بينهم في الآخرة . و أقبل حسان بن ثابت مغضبا من كلام الوليد بن عقبة و شعره فدخل المسجد و فيه قوم من قريش فقال يا معشر قريش إن أعظم ذنبنا إليكم قتلنا كفاركم و حمايتنا رسول الله ص و إن كنتم تنقمون منا منة كانت بالأمس فقد كفى الله شرها فما لنا و ما لكم و الله ما يمنعنا من قتالكم الجبن و لا من جوابكم العي إنا لحي فعال و مقال و لكنا قلنا إنها حرب أولها عار و آخرها ذل فأغضينا عليها عيوننا و سحبنا ذيولنا حتى نرى و تروا فإن قلتم قلنا و إن سكتم سكتنا . فلم يجبه أحد من قريش ثم سكت كل من الفريقين عن صاحبه و رضي القوم أجمعون و قطعوا الخلاف و العصبية . انتهى ما ذكره الزبير بن بكار في الموفقيات و نعود الآن إلى ذكر ما أورده أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة . قال أبو بكر حدثني أبو يوسف يعقوب بن شيبة عن بحر بن آدم عن رجاله عن سالم بن عبيد قال لما توفي رسول الله و قالت الأنصار منا أمير و منكم أمير أخذ عمر بيد أبي بكر و قال سيفان في غمد واحد إذا لا يصلحان ثم قال من له هذه الثلاث ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ من هما إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ من صاحبه إِنَّ اللَّهَ مَعَنا مع من ثم بسط يده إلى أبي بكر فبايعه فبايعه الناس أحسن بيعة و أجملها . قال أبو بكر حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي عن أبي بكر بن عياش عن زيد بن عبد الله قال إن الله تعالى نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد ع خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه و ابتعثه برسالته ثم نظر في قلوب الأمم بعد قلبه فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون عن دينه فما رأى المسلمون حسنا فهو عند الله حسن و ما رأى المسلمون سيئا فهو عند الله سيئ . قال أبو بكر بن عياش و قد رأى المسلمون أن يولوا أبا بكر بعد النبي ص فكانت ولايته حسنة . قال أبو بكر و حدثنا يعقوب بن شيبة قال لما قبض رسول الله ص و قال الأنصار منا أمير و منكم أمير قال عمر أيها الناس أيكم يطيب نفسا أن يتقدم قدمين قدمهما رسول الله ص في الصلاة رضيك الله لديننا أ فلا نرضاك لدنيانا قال أبو بكر و أخبرنا أبو زيد عمر بن شبة قال حدثني زيد بن يحيى الأنماطي قال حدثنا صخر بن جويرية عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه قال أخذ أبو بكر بيد عمر و يد رجل من المهاجرين يرونه أبا عبيدة حتى انطلقوا إلى الأنصار و قد اجتمعوا عند سعد في سقيفة بني ساعدة فقال عمر قلت لأبي بكر دعني أتكلم و خشيت جد أبي بكر و كان ذا جد فقال أبو بكر لا بل أنا أتكلم فما هو و الله إلا أن انتهينا إليهم فما كان في نفسي شي ء أريد أن أقوله إلا أتى أبو بكر عليه فقال لهم يا معشر الأنصار ما ينكر حقكم مسلم إنا و الله ما أصبنا خيرا قط إلا شركتمونا فيه لقد آويتم و نصرتم و آزرتم و واسيتم و لكن قد علمتم أن العرب لا تقر و لا تطيع إلا لامرئ من قريش هم رهط النبي ص أوسط العرب وشيجة رحم و أوسط الناس دارا و أعرب الناس ألسنا و أصبح الناس أوجها و قد عرفتم بلاء ابن الخطاب في الإسلام و قدمه هلم فلنبايعه . قال عمر بل إياك نبايع قال عمر فكنت أول الناس مد يده إلى أبي بكر فبايعه إلا رجلا من الأنصار أدخل يده بين يدي و يد أبي بكر فبايعه قبلي و وطئ الناس فراش سعد فقيل قتلتم سعدا فقال عمر قتل الله سعدا فوثب رجل من الأنصار فقال أنا جذيلها المحكك و عذيقها المرجب فأخذ و وطئ في بطنه و دسوا في فيه التراب . قال أبو بكر و حدثني يعقوب عن محمد بن جعفر عن محمد بن إسماعيل عن مختار اليمان عن عيسى بن زيد قال لما بويع أبو بكر جاء أبو سفيان إلى علي فقال أ غلبكم على هذا الأمر أذل بيت من قريش و أقلها أما و الله لئن شئت لأملأنها على أبي فصيل خيلا و رجلا و لأسدنها عليه من أقطارها فقال علي يا أبا سفيان طالما كدت الإسلام و أهله فما ضرهم شيئا أمسك عليك فإنا رأينا أبا بكر لها أهلا . قال أبو بكر و حدثنا يعقوب عن رجاله قال لما بويع أبو بكر تخلف علي فلم يبايع فقيل لأبي بكر إنه كره إمارتك فبعث إليه أ كرهت إمارتي قال لا و لكن القرآن خشيت أن يزاد فيه فحلفت ألا أرتدي رداء حتى أجمعه اللهم إلا إلى صلاة الجمعة .

فقال أبو بكر لقد أحسنت قال فكتبه ع كما أنزل بناسخه و منسوخه . قال أبو بكر حدثنا يعقوب عن أبي النضر عن محمد بن راشد عن مكحول أن رسول الله ص استعمل خالد بن سعيد بن العاص على عمل فقدم بعد ما قبض رسول الله ص و قد بايع الناس أبا بكر فدعاه إلى البيعة فأبى فقال عمر دعني و إياه فمنعه أبو بكر حتى مضت عليه سنة ثم مر به أبو بكر و هو جالس على بابه فناداه خالد يا أبا بكر هل لك في البيعة قال نعم قال فادن فدنا منه فبايعه خالد و هو قاعد على بابه . قال أبو بكر و حدثنا أبو يوسف يعقوب بن شيبة عن خالد بن مخلد عن يحيى بن عمر قال حدثني أبو جعفر الباقر قال جاء أعرابي إلى أبي بكر على عهد رسول الله ص و قال له أوصني فقال لا تأمر على اثنين ثم إن الأعرابي شخص إلى الربذة فبلغه بعد ذلك وفاة رسول الله ص فسأل عن أمر الناس من وليه فقيل أبو بكر فقدم الأعرابي إلى المدينة فقال لأبي بكر أ لست أمرتني ألا أتأمر على اثنين قال بلى قال فما بالك فقال أبو بكر لم أجد لها أحدا غيري أحق مني قال ثم رفع أبو جعفر الباقر يديه و خفضهما فقال صدق صدق . قال أبو بكر و قد روي هذا الخبر برواية أتم من هذه الرواية حدثنا يعقوب بن شيبة قال حدثنا يحيى بن حماد قال حدثنا أبو عوانة عن سليمان الأعمش عن سليمان بن ميسرة عن طارق بن شهاب عن رافع بن أبي رافع الطائي قال بعث رسول الله ص جيشا فأمر عليهم عمرو بن العاص و فيهم أبو بكر و عمر و أمرهم أن يستنفروا من مروا به فمروا علينا فاستنفرونا فنفرنا معهم في غزاة ذات السلاسل و هي التي تفخر بها أهل الشام فيقولون استعمل رسول الله ص عمرو بن العاص على جيش فيه أبو بكر و عمر قال فقلت و الله لأختارن في هذه الغزاة لنفسي رجلا من أصحاب رسول الله ص أستهديه فإني لست أستطيع إتيان المدينة فاخترت أبا بكر و لم آل و كان له كساء فدكي يخله عليه إذا ركب و يلبسه إذا نزل و هو الذي عيرته به هوازن بعد النبي ص و قالوا لا نبايع ذا الخلال قال فلما قضينا غزاتنا قلت له يا أبا بكر إني قد صحبتك و إن لي عليك حقا فعلمني شيئا أنتفع به فقال قد كنت أريد ذلك لو لم تقل لي تعبد الله لا تشرك به شيئا و تقيم الصلاة المكتوبة و تؤدي الزكاة المفروضة و تحج البيت و تصوم شهر رمضان و لا تتأمر على رجلين فقلت أما العبادات فقد عرفتها أ رأيت نهيك لي عن الإمارة و هل يصيب الناس الخير و الشر إلا بالإمارة فقال إنك استجهدتني فجهدت لك إن الناس دخلوا في الإسلام طوعا و كرها فأجارهم الله من الظلم فهم جيران الله و عواد الله و في ذمة الله فمن يظلم منكم إنما يحقر ربه و الله إن أحدكم ليأخذ شويهة جاره أو بعيره فيظل عمله بأسا بجاره و الله من وراء جاره قال فلم يلبث إلا قليلا حتى أتتنا وفاة رسول الله ص فسألت من استخلف بعده قيل أبو بكر قلت أ صاحبي الذي كان ينهاني عن الإمارة فشددت على راحلتي فأتيت المدينة فجعلت أطلب خلوته حتى قدرت عليها فقلت أ تعرفني أنا فلان بن فلان أ تعرف وصية أوصيتني بها قال نعم إن رسول الله قبض و الناس حديثو عهد بالجاهلية فخشيت أن يفتتنوا و أن أصحابي حملونيها فما زال يعتذر إلي حتى عذرته و صار من أمري بعد أن صرت عريفا . قال أبو بكر و أخبرنا أبو زيد عمر بن شبة عن رجاله عن الشعبي قال قام الحسن بن علي ع إلى أبي بكر و هو يخطب على المنبر فقال له انزل عن منبر أبي فقال أبو بكر صدقت و الله إنه لمنبر أبيك لا منبر أبي فبعث علي إلى أبي بكر إنه غلام حدث و إنا لم نأمره فقال أبو بكر صدقت إنا لم نتهمك . قال أبو بكر و روى أبو زيد عن حباب بن يزيد عن جرير عن المغيرة أن سلمان و الزبير و بعض الأنصار كان هواهم أن يبايعوا عليا بعد النبي ص فلما بويع أبو بكر قال سلمان للصحابة أصبتم الخير و لكن أخطأتم المعدن قال و في رواية أخرى أصبتم ذا السن منكم و لكنكم أخطأتم أهل بيت نبيكم أما لو جعلتموها فيهم ما اختلف منكم اثنان و لأكلتموها رغدا . قلت هذا الخبر هو الذي رواه المتكلمون في باب الإمامة عن سلمان أنه قال كرديد و نكرديد تفسره الشيعة فتقول أراد أسلمتم و ما أسلمتم و يفسره أصحابنا فيقولون معناه أخطأتم و أصبتم . قال أبو بكر و أخبرنا أبو زيد قال حدثنا محمد بن يحيى قال حدثنا غسان بن عبد الحميد قال لما أكثر في تخلف علي عن البيعة و اشتد أبو بكر و عمر في ذلك خرجت أم مسطح بن أثاثة فوقفت عند قبر النبي ص و نادته يا رسول الله

  • قد كان بعدك أنباء و هينمةلو كنت شاهدها لم تكثر الخطب
  • إنا فقدناك فقد الأرض وابلهافاختل قومك فاشهدهم و لا تغب

. قال أبو بكر أحمد بن عبد العزيز و سمعت أبا زيد عمر بن شبة يحدث رجلا بحديث لم أحفظ إسناده قال مر المغيرة بن شعبة بأبي بكر و عمر و هما جالسان على باب النبي حين قبض فقال ما يقعدكما قالا ننتظر هذا الرجل يخرج فنبايعه يعنيان عليا فقال أ تريدون أن تنظروا حبل الحبلة من أهل هذا البيت وسعوها في قريش تتسع .

قال فقاما إلى سقيفة بني ساعدة أو كلاما هذا معناه . قال أبو بكر و أخبرنا أبو جعفر محمد بن عبد الملك الواسطي عن يزيد بن هارون عن سفيان بن حسين عن الزهري عن أنس بن مالك قال لما مرض رسول الله مرضه الذي مات فيه أتاه بلال يؤذنه بالصلاة فقال بعد مرتين يا بلال قد أبلغت فمن شاء فليصل بالناس و من شاء فليدع . قال و رفعت الستور عن رسول الله فنظرنا إليه كأنه ورقة بيضاء و عليه خميصة له فرجع إليه بلال فقال مروا أبا بكر فليصل بالناس قال فما رأيناه بعد ذلك ع . و قال أبو بكر و حدثني أبو الحسن علي بن سليمان النوفلي قال سمعت أبيا يقول ذكر سعد بن عبادة يوما عليا بعد يوم السقيفة فذكر أمرا من أمره نسيه أبو الحسن يوجب ولايته فقال له ابنه قيس بن سعد أنت سمعت رسول الله ص يقول هذا الكلام في علي بن أبي طالب ثم تطلب الخلافة و يقول أصحابك منا أمير و منكم أمير لا كلمتك و الله من رأسي بعد هذا كلمة أبدا . قال أبو بكر و حدثني أبو الحسن علي بن سليمان النوفلي قال حدثني أبي قال حدثني شريك بن عبد الله عن إسماعيل بن خالد عن زيد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده قال قال علي كنت مع الأنصار لرسول الله ص على السمع و الطاعة له في المحبوب و المكروه فلما عز الإسلام و كثر أهله قال يا علي زد فيها على أن تمنعوا رسول الله و أهل بيته مما تمنعون منه أنفسكم و ذراريكم قال فحملها على ظهور القوم فوفى بها من وفى و هلك من هلك . قلت هذا يطابق ما رواه أبو الفرج الأصفهاني في كتاب مقاتل الطالبيين أن جعفر بن محمد ع وقف مستترا في خفية يشاهد المحامل التي حمل عليها عبد الله بن الحسن و أهله في القيود و الحديد من المدينة إلى العراق فلما مروا به بكى و قال ما وفت الأنصار و لا أبناء الأنصار لرسول الله ص بايعهم على أن يمعنوا محمدا و أبناءه و أهله و ذريته مما يمنعون منه أنفسهم و أبناءهم و أهلهم و ذراريهم فلم يفوا اللهم اشدد وطأتك على الأنصار قال أبو بكر و حدثنا أبو سعيد عبد الرحمن بن محمد قال حدثنا أحمد بن الحكم قال حدثنا عبد الله بن وهب عن ليث بن سعد قال تخلف علي عن بيعة أبي بكر فأخرج ملببا يمضى به ركضا و هو يقول معاشر المسلمين علام تضرب عنق رجل من المسلمين لم يتخلف لخلاف و إنما تخلف لحاجة فما مر بمجلس من المجالس إلا يقال له انطلق فبايع قال أبو بكر و حدثنا علي بن جرير الطائي قال حدثنا ابن فضل عن الأجلح عن حبيب بن ثعلبة بن يزيد قال سمعت عليا يقول أما و رب السماء و الأرض ثلاثا إنه لعهد النبي الأمي إلي لتغدرن بك الأمة من بعدي . قال أبو بكر و حدثنا أبو زيد عمر بن شبة بإسناد رفعه إلى ابن عباس قال إني لأماشي عمر في سكة من سكك المدينة يده في يدي فقال يا ابن عباس ما أظن صاحبك إلا مظلوما فقلت في نفسي و الله لا يسبقني بها فقلت يا أمير المؤمنين فاردد إليه ظلامته فانتزع يده من يدي ثم مر يهمهم ساعة ثم وقف فلحقته فقال لي يا ابن عباس ما أظن القوم منعهم من صاحبك إلا أنهم استصغروه فقلت في نفسي هذه شر من الأولى فقلت و الله ما استصغره الله حين أمره أن يأخذ سورة براءة من أبي بكر ذكر أمر فاطمة مع أبي بكر

فأما ما رواه البخاري و مسلم في الصحيحين من كيفية المبايعة لأبي بكر بهذا اللفظ الذي أورده عليك و لإسناد إلى عائشة أن فاطمة و العباس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من النبي ص و هما حينئذ يطلبان أرضه من فدك و سهمه من خيبر فقال لهما أبو بكر إني سمعت رسول الله ص يقول إنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة إنما يأكل آل محمد من هذا المال و إني و الله لا أدع أمرا رأيت رسول الله ص يصنعه إلا صنعته فهجرته فاطمة و لم تكلمه في ذلك حتى ماتت فدفنها علي ليلا و لم يؤذن بها أبا بكر و كان لعلي وجه من الناس في حياة فاطمة فلما توفيت فاطمة انصرفت وجوه الناس عن علي فمكثت فاطمة ستة أشهر ثم توفيت فقال رجل للزهري و هو الراوي لهذا الخبر عن عائشة فلم يبايعه على ستة أشهر قال و لا أحد من بني هاشم حتى بايعه علي فلما رأى ذلك ضرع إلى مبايعة أبي بكر فأرسل إلى أبي بكر أن ائتنا و لا يأت معك أحد و كره أن يأتيه عمر لما عرف من شدته فقال عمر لا تأتهم وحدك فقال أبو بكر و الله لآتينهم وحدي و ما عسى أن يصنعوا بي فانطلق أبو بكر حتى دخل على علي و قد جمع بني هاشم عنده

فقام علي فحمد الله و أثنى عليه بما هو أهله ثم قال أما بعد فإنه لم يمنعنا أن نبايعك يا أبا بكر إنكار لفضلك و لا منافسة لخير ساقه الله إليك و لكنا كنا نرى أن لنا في هذا الأمر حقا فاستبددتم به علينا و ذكر قرابته من رسول الله ص و حقه فلم يزل علي يذكر ذلك حتى بكى أبو بكر فلما صمت علي تشهد أبو بكر فحمد الله و أثنى عليه بما هو أهله ثم قال أما بعد فو الله لقرابة رسول الله ص أحب إلي أن أصلها من قرابتي و إني و الله ما آلوكم من هذه الأموال التي كانت بيني و بينكم إلا الخير و لكني سمعت رسول الله ص يقول لا نورث ما تركناه صدقة و إنما يأكل آل محمد في هذا المال و إني و الله لا أترك أمرا صنعه رسول الله ص إلا صنعته إن شاء الله قال علي موعدك العشية للبيعة فلما صلى أبو بكر الظهر أقبل على الناس ثم عذر عليا ببعض ما اعتذر به ثم قام علي فعظم من حق أبي بكر و ذكر فضله و سابقته ثم مضى إلى أبي بكر فبايعه فأقبل الناس إلى علي فقالوا أصبت و أحسنت و كان علي قريبا إلى الناس حين قارب الأمر بالمعروف . و روى أبو بكر أحمد بن عبد العزيز قال حدثني أبو زيد عمر بن شبة قال حدثني إبراهيم بن المنذر قال حدثنا ابن وهب عن ابن لهيعة عن أبي الأسود قال غضب رجال من المهاجرين في بيعة أبي بكر بغير مشورة و غضب علي و الزبير فدخلا بيت فاطمة معهما السلاح فجاء عمر في عصابة فيهم أسيد بن حضير و سلمة بن سلامة بن قريش و هما من بني عبد الأشهل فاقتحما الدار فصاحت فاطمة و ناشدتهما الله فأخذوا سيفيهما فضربوا بهما الحجر حتى كسروهما فأخرجهما عمر يسوقهما حتى بايعا . ثم قام أبو بكر فخطب الناس فاعتذر إليهم و قال إن بيعتي كانت فلتة وقى الله شرها و خشيت الفتنة و ايم الله ما حرصت عليها يوما قط و لا سألتها الله في سر و لا علانية قط و لقد قلدت أمرا عظيما ما لي به طاقة و لا يدان و لقد وددت أن أقوى الناس عليه مكاني .

فقبل المهاجرون و قال علي و الزبير ما غضبنا إلا في المشورة و إنا لنرى أبا بكر أحق الناس بها إنه لصاحب الغار و ثاني اثنين و إنا لنعرف له سنه و لقد أمره رسول الله ص بالصلاة و هو حي . قال أبو بكر و ذكر ابن شهاب بن ثابت أن قيس بن شماس أخا بني الحارث من الخزرج كان مع الجماعة الذين دخلوا بيت فاطمة . قال و روى سعد بن إبراهيم أن عبد الرحمن بن عوف كان مع عمر ذلك اليوم و أن محمد بن مسلمة كان معهم و أنه هو الذي كسر سيف الزبير . قال أبو بكر و حدثني أبو زيد عمر بن شبة عن رجاله قال جاء عمر إلى بيت فاطمة في رجال من الأنصار و نفر قليل من المهاجرين فقال و الذي نفسي بيده لتخرجن إلى البيعة أو لأحرقن البيت عليكم فخرج إليه الزبير مصلتا بالسيف فاعتنقه زياد بن لبيد الأنصاري و رجل آخر فندر السيف من يده فضرب به عمر الحجر فكسره ثم أخرجهم بتلابيبهم يساقون سوقا عنيفا حتى بايعوا أبا بكر . قال أبو زيد و روى النضر بن شميل قال حمل سيف الزبير لما ندر من يده إلى أبي بكر و هو على المنبر يخطب فقال اضربوا به الحجر قال أبو عمرو بن حماس و لقد رأيت الحجر و فيه تلك الضربة و الناس يقولون هذا أثر ضربة سيف الزبير . قال أبو بكر و أخبرني أبو بكر الباهلي عن إسماعيل بن مجالد عن الشعبي قال قال أبو بكر يا عمر أين خالد بن الوليد قال هو هذا فقال انطلقا إليهما يعني عليا و الزبير فأتياني بهما فانطلقا فدخل عمر و وقف خالد على الباب من خارج فقال عمر للزبير ما هذا السيف قال أعددته لأبايع عليا قال و كان في البيت ناس كثير منهم المقداد بن الأسود و جمهور الهاشميين فاخترط عمر السيف فضرب به صخرة في البيت فكسره ثم أخذ بيد الزبير فأقامه ثم دفعه فأخرجه و قال يا خالد دونك هذا فأمسكه خالد و كان خارج البيت مع خالد جمع كثير من الناس أرسلهم أبو بكر ردءا لهما ثم دخل عمر فقال لعلي قم فبايع فتلكأ و احتبس فأخذ بيده و قال قم فأبى أن يقوم فحمله و دفعه كما دفع الزبير ثم أمسكهما خالد و ساقهما عمر و من معه سوقا عنيفا و اجتمع الناس ينظرون و امتلأت شوارع المدينة بالرجال

و رأت فاطمة ما صنع عمر فصرخت و ولولت و اجتمع معها نساء كثير من الهاشميات و غيرهن فخرجت إلى باب حجرتها و نادت يا أبا بكر ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله و الله لا أكلم عمر حتى ألقى الله . قال فلما بايع علي و الزبير و هدأت تلك الفورة مشى إليها أبو بكر بعد ذلك فشفع لعمر و طلب إليها فرضيت عنه . قال أبو بكر و حدثني المؤمل بن جعفر قال حدثني محمد بن ميمون قال حدثني داود بن المبارك قال أتينا عبد الله بن موسى بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب ع و نحن راجعون من الحج في جماعة فسألناه عن مسائل و كنت أحد من سأله فسألته عن أبي بكر و عمر فقال أجيبك بما أجاب به جدي عبد الله بن الحسن فإنه سئل عنهما فقال كانت أمنا صديقة ابنة نبي مرسل و ماتت و هي غضبى على قوم فنحن غضاب لغضبها . قلت قد أخذ هذا المعنى بعض شعراء الطالبيين من أهل الحجاز أنشدنيه النقيب جلال الدين عبد الحميد بن محمد بن عبد الحميد العلوي قال أنشدني هذا الشاعر لنفسه و ذهب عني اسمه قال

  • يا أبا حفص الهوينى و ما كنتمليا بذاك لو لا الحمام

. يخاطب عمر و يقول له مهلا و رويدا يا عمر أي ارفق و اتئد و لا تعنف بنا و ما كنت مليا أي و ما كنت أهلا لأن تخاطب بهذا و تستعطف و لا كنت قادرا على ولوج دار فاطمة على ذلك الوجه الذي ولجتها عليه لو لا أن أباها الذي كان بيتها يحترم و يصان لأجله مات فطمع فيها من لم يكن يطمع ثم قال أ تموت أمنا و هي غضبى و نرضى نحن إذا لسنا بكرام فإن الولد الكريم يرضى لرضا أبيه و أمه و يغضب لغضبهما . و الصحيح عندي أنها ماتت و هي واجدة على أبي بكر و عمر و أنها أوصت ألا يصليا عليها و ذلك عند أصحابنا من الأمور المغفورة لهما و كان الأولى بهما إكرامها و احترام منزلها لكنهما خافا الفرقة و أشفقا من الفتنة ففعلا ما هو الأصلح بحسب ظنهما و كانا من الدين و قوة اليقين بمكان مكين لا شك في ذلك و الأمور الماضية يتعذر الوقوف على عللها و أسبابها و لا يعلم حقائقها إلا من قد شاهدها و لابسها بل لعل الحاضرين المشاهدين لها يعلمون باطن الأمر فلا يجوز العدول عن حسن الاعتقاد فيهما بما جرى و الله ولي المغفرة و العفو فإن هذا لو ثبت أنه خطأ لم يكن كبيرة بل كان من باب الصغائر التي لا تقتضي التبرؤ و لا توجب زوال التولي . قال أبو بكر و أخبرنا أبو زيد عمر بن شبة قال حدثنا محمد بن حاتم عن رجاله عن ابن عباس قال مر عمر بعلي و أنا معه بفناء داره فسلم عليه فقال له علي أين تريد قال البقيع قال أ فلا تصل صاحبك و يقوم معك قال بلى فقال لي علي قم معه فقمت فمشيت إلى جانبه فشبك أصابعه في أصابعي و مشينا قليلا حتى إذا خلفنا البقيع قال لي يا ابن عباس أما و الله إن صاحبك هذا لأولى الناس بالأمر بعد رسول الله ص إلا أنا خفناه على اثنين قال ابن عباس فجاء بكلام لم أجد بدا من مسألته عنه فقلت ما هما يا أمير المؤمنين قال خفناه على حداثة سنه و حبه بني عبد المطلب . قال أبو بكر و حدثني أبو زيد قال حدثني محمد بن عباد قال حدثني أخي سعيد بن عباد عن الليث بن سعد عن رجاله عن أبي بكر الصديق أنه قال ليتني لم أكشف بيت فاطمة و لو أعلن علي الحرب . قال أبو بكر و حدثنا الحسن بن الربيع عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن علي بن عبد الله بن العباس عن أبيه قال لما حضرت رسول الله ص الوفاة و في البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب قال رسول الله ص ائتوني بدواة و صحيفة أكتب لكم كتابا لا تضلون بعدي فقال عمر كلمة معناها أن الوجع قد غلب على رسول الله ص ثم قال عندنا القرآن حسبنا كتاب الله فاختلف من في البيت و اختصموا فمن قائل يقول القول ما قال رسول الله ص و من قائل يقول القول ما قال عمر فلما أكثروا اللغط و اللغو و الاختلاف غضب رسول الله فقال قوموا إنه لا ينبغي لنبي أن يختلف عنده هكذا فقاموا فمات رسول الله ص في ذلك اليوم فكان ابن عباس يقول إن الرزية كل الرزية ما حال بيننا و بين كتاب رسول الله ص يعني الاختلاف و اللغط . قلت هذا الحديث قد خرجه الشيخان محمد بن إسماعيل البخاري و مسلم بن الحجاج القشيري في صحيحيهما و اتفق المحدثون كافة على روايته . قال أبو بكر و حدثنا أبو زيد عن رجاله عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله ص إن تولوها أبا بكر تجدوه ضعيفا في بدنه قويا في أمر الله و إن تولوها عمر تجدوه قويا في بدنه قويا في أمر الله و إن تولوها عليا و ما أراكم فاعلين تجدوه هاديا مهديا يحملكم على المحجة البيضاء و الصراط المستقيم قال أبو بكر و حدثنا أحمد بن إسحاق بن صالح عن أحمد بن سيار عن سعيد بن كثير الأنصاري عن رجاله عن عبد الله بن عبد الرحمن أن رسول الله ص في مرض موته أمر أسامة بن زيد بن حارثة على جيش فيه جلة المهاجرين و الأنصار منهم أبو بكر و عمر و أبو عبيدة بن الجراح و عبد الرحمن بن عوف و طلحة و الزبير و أمره أن يغير على مؤتة حيث قتل أبوه زيد و أن يغزو وادي فلسطين فتثاقل أسامة و تثاقل الجيش بتثاقله و جعل رسول الله ص في مرضه يثقل و يخف و يؤكد القول في تنفيذ ذلك البعث حتى قال له أسامة بأبي أنت و أمي أ تأذن لي أن أمكث أياما حتى يشفيك الله تعالى فقال اخرج و سر على بركة الله فقال يا رسول الله إن أنا خرجت و أنت على هذه الحال خرجت و في قلبي قرحة منك فقال سر على النصر و العافية فقال يا رسول الله إني أكره أن أسأل عنك الركبان فقال انفذ لما أمرتك به ثم أغمي على رسول الله ص و قام أسامة فتجهز للخروج فلما أفاق رسول الله ص سأل عن أسامة و البعث فأخبر أنهم يتجهزون فجعل يقول انفذوا بعث أسامة لعن الله من تخلف عنه و كرر ذلك فخرج أسامة و اللواء على رأسه و الصحابة بين يديه حتى إذا كان بالجرف نزل و معه أبو بكر و عمر و أكثر المهاجرين و من الأنصار أسيد بن حضير و بشير بن سعد و غيرهم من الوجوه فجاءه رسول أم أيمن يقول له ادخل فإن رسول الله يموت فقام من فوره فدخل المدينة و اللواء معه فجاء به حتى ركزه بباب رسول الله و رسول الله قد مات في تلك الساعة . قال فما كان أبو بكر و عمر يخاطبان أسامة إلى أن ماتا إلا بالأمير

شرح نهج البلاغه منظوم

و من كلام لّه عليه السّلام فى معنى الأنصار

قالوا: لمّا انتهت الى أمير المؤمنين (عليه السّلام) انباء السّقيفة بعد وفاة رسول اللّه ئ (صلّى اللّه عليه و آله) قال: ما قالت الأنصار قالوا: قالت منّا امير و منكم امير، قال (عليه السّلام):

فهلا احتججتم عليهم بانّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) وصّى بأن يحسن الى محسنهم، و يتجاوز عن مسيئهم. قالوا: و ما فى هذا من الحجّة عليهم فقال (عليه السّلام): لو كانت الأمارة فيهم لم تكن الوصيّة بهم، ثمّ قال (عليه السّلام): لو كانت الأمارة فيهم لم تكن الوصيّة بهم، ثمن قال (عليه السّلام) فما ذا قالت قريش قالوا: احتجّت بانّها شجرة الرّسول (صلّى اللّه عليه و آله) فقال (عليه السّلام): احتجّوا بالشّجرة و اضاعوا الثّمرة.

ترجمه

از سخنان آن حضرت عليه السّلام است كه در باره انصار فرموده: پس از وفات رسول خدا (ص) مردم در سقيفه بنى ساعده جمع قريش و انصار آغاز منازعه نهاده هر يك خلافترا خاص خويش مى پنداشتند انصار مى خواستند سعد عباده را بر خويش امير سازند، ابو بكر و عمر گفتند چون ما از قريش هستيم باين امر سزاوارتريم، انصار گفتند پس ما براى خود اميرى و شما نيز براى خويش اميرى معيّن كنيد، عمر گفت دو شمشير در يك غلاف نكنجد، و عرب از شما اطاعت ننمايد، در اين ميان بشر ابن سعد خزرجى از روى حسد كه مبادا سعد عباده امير شود مدحى از قريش كرده با عمر و ابو عبيده جرّاح با ابى بكر بيعت كردند، هنگامى كه اين اخبار بأمير المؤمنين عليه السّلام رسيد فرمود انصار (در اين مورد) چه گفتند پاسخ دادند كه انصار مى گفتند از ما اميرى و از شما اميرى باشد، فرمود: چرا دليل بر ايشان نياورديد كه رسول خدا (ص) در باره آنان سفارش فرمود كه با نيكوكار آنان نيكى كنند، و از بدكردارشان در گذرند، عرض كردند چگونه اين مطلب بر انصار دليل و حجّت است فرمود اگر امارت در ايشان مى بود (يعنى لايق خلافت و امارت بودند) سفارش در باره آنان لازم نبود (بلكه پيغمبر (ص) سفارش ديگران را بآنان مى فرمود)آن گاه فرمود قريش چه گفتند، عرض كردند قريش حجّت آوردند باين كه ما شجره و درخت رسول خدا (و با او از يك بوستان و بخلافت سزاوارتر) مى باشيم فرمود بدرخت حجّت آوردند و ميوه (آن درخت) را ضايع گذاشتند (مقصد از درخت ميوه آنست (و اگر اينان بادّعاى اين كه ساق درخت مى باشند خلافت را خواهانند من خود ميوه آن درخت و برادر و پسر عمّ رسول خدا بوده و از هر كس بخلافت سزاوارتر و اين امر حقّ من است).

نظم

  • بشاه دين چو اخبار سقيفهرسيد از مردم و جعل خليفه
  • تشاجر بين انصار و مهاجركه از بهر خلافت گشته حاضر
  • ابو بكر و عمر سعد عبادهكه بر دشنام هم لبها گشاده
  • تراشيده ز سوء رأى و تدبيربراى خويش هر دسته شه و مير
  • بروى هم ستادن وان لجاجاتهمه آن كشمكش و ان احتجاجات
  • امير المؤمنين اينها چو بشنيدز قول و گفته انصار پرسيد
  • كه آنها اندر اين موقع چه گفتندبباطل وجه حق را چون نهفتند
  • بگفتندش كه آنها از تباهى براى خويش مى جستند شاهى
  • شه دين گفت با اين قول اكملنگرديد از چه بطلانشان مدلّل
  • كه در حقّشان رسول اللّه فرمودكه نيكوشان ز نيكوئى برد سود
  • ز بد كردارشان هم ديده پوشيمبكيفر دادن آنان نكوشيم
  • بگفتند اين كلام پر محبّت ببطلانشان چگونه هست حجّت
  • بگفت ار ملك را بودند لايقهمى گشتند بر اين امر فائق
  • نبى ز انان سفارشها نفرمودوصيّت را بشفقتها نيالود
  • نمى كرد امر از آنان سرپرستىنشانست اين وصيّت شان ز پستى
  • قريش آنگه بگفتا در مقابل چه پاسخ داد در آن زشت محفل
  • بگفتندش جواب خيل و انصارقريش اينسان سرودندى بيكبار
  • كه ما آن فرقه فرخنده بختيم كه بستان نبوّت را درختيم
  • چنان شاخى ز باغ ما بروئيدبشر از آن گل توحيد بوئيد
  • رسول و ما ز يك باغيم و اشجارخلافت را ز هر كس ما سزاوار
  • به پيغمبر چو ماها قوم و خويشيمز كلّ خلق در اين امر پيشيم
  • على آن آب يار نخل توحيدچو از قول قريش اين گفته بشنيد
  • بگفت ار با شجرشان احتجاج استچرا با ميوه شان كين و لجاج است
  • منم آن ميوه شيرين بر اين شاخ كه دور از شاخ كردم دست گستاخ
  • منم آن بلبل محروم از باغكه شد برگ گلم بازيچه زاغ
  • من آن سيمرغ گردون خلافت كه قافم ديده از بومان صد آفت
  • سرا بستان من شد غصب ناحقمكان آمد بزاغ و جغد و عقعق

منبع:پژوهه تبلیغ

این موضوعات را نیز بررسی کنید:

جدیدترین ها در این موضوع

رفتار و منش امام خمینی (ره) با دختران

رفتار و منش امام خمینی (ره) با دختران

در همۀ جوامع بشری، تربیت فرزندان، به ویژه فرزند دختر ارزش و اهمیت زیادی دارد. ارزش‌های اسلامی و زوایای زندگی ائمه معصومین علیهم‌السلام و بزرگان، جایگاه تربیتی پدر در قبال دختران مورد تأکید قرار گرفته است. از آنجا که دشمنان فرهنگ اسلامی به این امر واقف شده‌اند با تلاش‌های خود سعی بر بی‌ارزش نمودن جایگاه پدر داشته واز سویی با استحاله اعتقادی و فرهنگی دختران و زنان (به عنوان ارکان اصلی خانواده اسلامی) به اهداف شوم خود که نابودی اسلام است دست یابند.
تبیین و ضرورت‌شناسی مساله تعامل مؤثر پدری-دختری

تبیین و ضرورت‌شناسی مساله تعامل مؤثر پدری-دختری

در این نوشتار تلاش شده با تدقیق به اضلاع مسئله، یعنی خانواده، جایگاه پدری و دختری ضمن تبیین و ابهام زدایی از مساله‌ی «تعامل موثر پدری-دختری»، ضرورت آن بیش از پیش هویدا گردد.
فرصت و تهدید رابطه پدر-دختری

فرصت و تهدید رابطه پدر-دختری

در این نوشتار سعی شده است نقش پدر در خانواده به خصوص در رابطه پدری- دختری مورد تدقیق قرار گرفته و راهبردهای موثر عملی پیشنهاد گردد.
دختر در آینه تعامل با پدر

دختر در آینه تعامل با پدر

یهود از پیامبری حضرت موسی علیه‌السلام نشأت گرفت... کسی که چگونه دل کندن مادر از او در قرآن آمده است.. مسیحیت بعد از حضرت عیسی علیه‌السلام شکل گرفت که متولد شدن از مادری تنها بدون پدر، در قرآن کریم ذکر شده است.
رابطه پدر - دختری، پرهیز از تحمیل

رابطه پدر - دختری، پرهیز از تحمیل

با اینکه سعی کرده بودم، طوری که پدر دوست دارد لباس بپوشم، اما انگار جلب رضایتش غیر ممکن بود! من فقط سکوت کرده بودم و پدر پشت سر هم شروع کرد به سرزنش و پرخاش به من! تا اینکه به نزدیکی خانه رسیدیم.

پر بازدیدترین ها

No image

خطبه 27 نهج البلاغه بخش 3 : مظلوميّت امام عليه السّلام، و علل شكست كوفيان

خطبه 27 نهج البلاغه بخش 3 به تشریح موضوع "مظلوميّت امام عليه السّلام، و علل شكست كوفيان" می پردازد.
No image

خطبه 182 نهج البلاغه بخش 7 : ياد ياران شهيد

خطبه 182 نهج البلاغه بخش 7 به تشریح موضوع "ياد ياران شهيد" می پردازد.
No image

خطبه 11 نهج البلاغه : آموزش نظامى

خطبه 11 نهج البلاغه موضوع "آموزش نظامى" را بررسی می کند.
No image

خطبه 228 نهج البلاغه : ويژگى‏ هاى سلمان فارسى

خطبه 228 نهج البلاغه موضوع "ويژگى‏ هاى سلمان فارسى" را مطرح می کند.
No image

خطبه 83 نهج البلاغه بخش 4 : وصف رستاخيز

خطبه 83 نهج البلاغه بخش 4 موضوع "وصف رستاخيز" را بررسی می کند.
Powered by TayaCMS