و من خطبة له عليه السلام
و هى الثمانون من المختار فى باب الخطب أيّها النّاس الزّهادة قصر الأمل، و الشّكر عند النّعم، و الورع عند المحارم، فإن عزب ذلك عنكم فلا يغلب الحرام صبركم، و لا تنسوا عند النّعم شكركم، فقد أعذر اللّه إليكم بحجج مسفرة و كتب بارزة العذر واضحة.
اللغة
(الزّهادة) كسعادة و الزّهد بمعنى و هو ترك الميل إلى الشي ء و في الاصطلاح إعراض النّفس عن الدّنيا و طيّباتها، و قيل: هو ترك راحة الدّنيا طلبا لراحة الآخرة و (عزب) الشي ء بالعين المهملة و الزّاء المعجمة غاب و ذهب و (أعذر اللّه إليكم) أظهر عذره و الأظهر أن يكون الهمزة للسلب كما قيل في الحديث: أعذر اللّه إلى من بلغ من العمر ستّين سنة، أى أزال عذره قال في النّهاية أى لم يبق فيه موضعا للاعتذار حيث أمهله طول هذه المدّة و لم يعتذر.
الاعراب
الواو في قوله و الشكر و الورع عاطفة تفيد الجمع مع المصاحبة، قوله: و كتب بارزة العذر واضحة، اعلم أنّه قد حقّق في الأدبيّة أنّ النعت لا بدّ أن يطابق منعوته في وجوه الاعراب الثلاثة الرّفع و النّصب و الجرّ و في التّعريف و التنكير تقول جاء زيد الفاضل بالرّفع فيهما و جائنى رجل فاضل كذلك و هكذا.
و أن يطابقه فى الافراد و التّثنية و الجمع و التذكير و التّأنيث أيضا إن اسند النّعت إلى ضمير المنعوت حقيقة أو تأويلا و نعنى بالاسناد الحقيقى ان يجرى النعت على من هوله، تقول جائتنى امرأة كريمة و رجل كريم و رجلان كريمان و رجال كرام و هكذا، ففي الوصف في الجميع ضمير مستتر عايد إلى الموصوف باعتبار حاله في التأنيث و نقيضه و الافراد و نقيضيه، و نعنى بالاسناد التأويلي أن يجرى النعت على غير من هو له إذا حوّل الاسناد عن الظاهر إلى ضمير المنعوت.
و جرّ الظاهر بالاضافة إن كان معرفة و نصب على التميز إن كان نكرة تقول جائتنى امرأة كريمة الاب بالاضافة أو كريمة أبا بالتميز و جائني رجلان كريما الاب أو كريمان ابا و رجال كرام الآباء أو كرام آباء فانّ الوصف في جميع ذلك رافع ضمير الموصوف تحويلا و تأويلا.
و ان اسند النّعت إلى الاسم الظاهر أو إلى الضّمير البارز لا يلاحظ حال المنعوت في الافراد و نقيضيه و التذكير و نقيضه بل يعطى الوصف حكم الفعل تقول: مررت برجل قائمة امّه و بامرئة قائم أبوها كما تقول قامت امّه و قام أبوها و هكذا تقول أيضا جائني غلام امرئة ضاربة هي و أمة رجل ضاربها هو، كما تقول ضربته هى و ضربه هو و هكذا.
إذا عرفت ذلك فأقول: إنّ قوله عليه السّلام بارزة العذر صفة للكتب مسند إلى ضمير موصوفه تأويلا، و قوله واضحة صفة أيضا لكنها مسندة إلى الضمير حقيقة أو محذوفة الفاعل بقرينة المذكور و لذلك وافقتا مع الموصوف في الاعراب و التأنيث و التّنكير و انّما اتى بهما مفردا إمّا باعتبار فاعلهما أو باعتبار تأويل الموصوف بالمفرد فافهم.
المعنى
اعلم أنّ مقصوده بهذه الخطبة بيان معنى الزّهد و التنبيه على لزومه لكونه من عظائم مكارم الصالحين و جلايل صفات المتّقين و عمدة مقامات السالكين إلى اللّه تعالى بقدمي الطاعة و اليقين، و الرّغبة ضدّه و الأوّل من جنود العقل و الثّاني من جنود الجهل و قد فسّره بقوله (أيّها النّاس الزّهادة قصر الامل و الشّكر عند النّعم و الورع عن المحارم) و هذه الثّلاثة من لوازم الزّهد فيكون تعريفا بالخاصّة المركبة و إنّما قلنا إنّها من لوازمه لأنّ الزّهد في الحقيقة عبارة عن اعراض النّفس عن الدّنيا و إقبالها إلى الآخرة، و من هنا قيل إنّه جعل القلب حيّا بمشاهدة أحوال الآخرة و ميّتا في طمع الدّنيا، و من المعلوم أن إعراض النّفس عن الدّنيا مستلزم لقصر الأمل فيها، و الاقبال إلى الآخرة مستلزم للشّكر إذ الكفران موجب للعذاب باعث للسّخط و العقاب كما قال تعالى: وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ.
و كذلك يلزمه الورع عن المحارم و الكفّ عنها إذ لا ينال ما عند اللّه إلّا بالورع قال الصّادق عليه السّلام في رواية الوسايل: عليكم بالورع فانّه الدّين الذي نلازمه و ندين اللّه تعالى به و نريده ممّن يوالينا لا تتعبونا بالشّفاعة.
و في حديث أبي ذر قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا أبا ذر من لم يأت يوم القيامة بثلاث فقد خسر، قلت: و ما الثلاث فداك أبي و امّي قال: ورع يحجزه عمّا حرّم اللّه عزّ و جلّ عليه، و حلم يردّ به جهل السّفيه، و خلق يدارى به النّاس، هذا.
و لما كان ملازمة هذه الامور الثلاثة بأجمعها شاقّة صعبة في حقّ الأغلب من النّاس لا جرم رخّص لهم في طول الأمل بقوله (فان عزب) و بعد (ذلك عنكم فلا يغلب الحرام صبركم و لا تنسوا عند النّعم شكركم) يعنى أنّكم إن لم تتمكّنوا من الاتيان بالامور الثلاثة فلا محالة لا تتركوا الاثنين إذ ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه، و إنما رخّص في ترك طول الأمل و لم يرخّص في ترك الشّكر أو الورع لأنّ طول الأمل ليس محرما بالذّات و إن كان ينجرّ إلى المحرم احيانا بخلاف الكفران و التّقحم في المحارم، فانّهما محرّمان بالذّات و التّرخيص فيهما موجب للاغراء بالقبيح.
ثمّ اكد ملازمة الزّهادة و علل لزومها بقوله (فقد أعذر اللّه اليكم بحجج مسفرة و كتب بارزة العذر واضحة) يعنى أظهر عذره إليكم في تعذيبكم لو خالفتم تكاليفه باقامة الحجج الظاهرة المضيئة و إنزال الكتب الواضحة التي أبرز فيها عذره، إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَ هُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى وَ الرَّكْبُ أَسْفَلَ، و لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ.
أو أنّه سبحانه أزال عذره باقامة البراهين العقليّة و النقلية و الحجج الباطنيّة و الظاهرية فلم يبق لكم مقام للاعتذار و أن تقولوا يوم القيامة وَ لَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا.
تبصرة
ينبغي أن نشير الى بعض ما ورد في فضيلة صفة الزهادة و ذمّ نقيضها أعنى الرغبة من الآيات و الأخبار و نردف ذلك بذكر اقسام الزّهد.
فأقول قال سبحانه: فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ، وَ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً وَ لا يُلَقَّاها إِلَّا الصَّابِرُونَ.
فنسب الزّهد إلى العلماء و وصف أهله بالعلم، و هو غاية المدح و الثناء و قال: وَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَ رِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَ أَبْقى و قال مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَ مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ.
و أما الاخبار ففي الكافي في باب ذم الدّنيا و الزّهد فيها باسناده عن الهيثم بن واقد الحريرى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من زهد في الدّنيا أثبت اللّه الحكمة في في قلبه و أنطق بها لسانه و بصّره عيوب الدّنيا دائها و دوائها و أخرجه من الدّنيا سالما إلى دار السّلام.
و عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول جعل الخير كلّه في بيت و جعل مفتاحه الزّهد في الدّنيا.
و عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام إنّ من أعون الأخلاق على الدّين الزّهد في الدّنيا.
و عن عليّ بن هاشم بن البريد عن أبيه أنّ رجلا سأل عليّ بن الحسين عليهما السّلام عن الزّهد فقال: عشرة أشياء فأعلى درجة الزّهد أدنى درجة الورع، و أعلى درجة الورع أدنى درجة اليقين، و أعلى درجة اليقين أدنى درجة الرّضا ألا و إنّ الزّهد في آية من كتاب اللّه عزّ و جلّ: لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ.
و عن سفيان بن عيينة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام و هو يقول: كلّ قلب فيه شكّ أو شرك فهو ساقط، و إنّما أرادوا بالزّهد في الدّنيا لتفرغ قلوبهم في الآخرة و عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام إنّ علامة الرّاغب في ثواب الآخرة زهده في عاجل زهرة الحياة الدّنيا، أما إنّ زهد الزّاهد في هذه الدّنيا لا ينقصه ممّا قسم اللّه عزّ و جلّ له فيها و إن زهد، و إنّ حرص الحريص على عاجل زهرة الدّنيا لا يزيده فيها و إن حرص، فالمغبون من حرّم حظّه من الآخرة.
الى غير ما في هذا المعنى من الرّوايات، و قد عقد في الكافي با بالها و مضى شطر منها في شرح الخطبة الثامنة و العشرين اذا عرفت ذلك فلنذكر اقسام الزّهد.
فأقول انّه ينقسم على ما ذكره أبو حامد الغزالى في احياء العلوم، تارة بالنظر الى نفسه، و اخرى بالنّظر الى المرغوب فيه، و ثالثة بالنّظر الى المرغوب عنه.
اما الاول فهو انّه يتفاوت بحسب الشدّة و الضّعف و الكمال و النقصان على مراتب ثلاث.
المرتبة الاولى و هى السّفلى أن يزهد في الدّنيا و هو لها راغب و القلب اليها مايل و نفسه لها مشتهية و لكنّه يجاهدها و يكفّها و هذا يسمّى المتزّهد.
المرتبة الثّانية ترك الدّنيا طوعا لاستحقاره إيّاها بالاضافة إلى ما طمع فيه كالذي يترك درهما لأجل درهمين فانّه لا يشقّ عليه ذلك و إن كان يحتاج إلى انتظار قليل و لكن هذا الزّاهد لا محالة يرى زهده و يلتفت إليه، و يكون معجبا بنفسه و يزهده و يظن في نفسه أنّه ترك شيئا له قدر لما هو أعظم قدرا منه.
المرتبة الثالثة و هي العليا الزّهد طوعا و الزّهد في الزهد بأن لا يرى زهده إذ لا يرى أنّه ترك شيئا لمعرفته بأنّ الدنيا لا شي ء كمن ترك قذرة و أخذ جوهرة فلا يرى ذلك معاوضة و لا يرى نفسه تاركا شيئا إذا لدنيا بالنّسبة الى الآخرة أخسّ من قذرة بالنّسبة إلى الجوهرة فهذا هو الكمال في الزّهد و سببه كمال المعرفة.
و اما الثاني فهو أنّه ينقسم بالنّسبة إلى المرغوب فيه أيضا على ثلاث مراتب.
المرتبة الاولى أن يكون المرغوب فيه النّجاة من النّار و من ساير الآلام كعذاب القبر و طول الحساب و خطر الصراط و ساير ما بين يدي الانسان من الأهوال على ما وردت في الأخبار.
المرتبة الثانية أن يكون المرغوب فيه اللذائذ الموعودة و النعم الموجودة في الجنّة من الحور و القصور و الأنهار و الأثمار و ساير ما أعدّت للمتقين و هذا زهد الراجين فانّهم لم يتركوا الدنيا قناعة بالعدم و خلاصا من الألم و إنّما تركوها رغبة في وجود دائم و طمعا في نعمة غير منقطعة.
المرتبة الثالثة أن لا يكون له رغبة إلّا في اللّه و في لقائه فلا يكون له توجّه إلى الآلام ليقصد الخلاص منها، و لا التفات إلى النعم ليقصد الفوز بها، بل هو مستغرق الهمّ باللّه و هو الذي أصبح و همّه هم واحد، و هو الموحّد الحقيقي الذي لا يطلب غير اللّه إذ طلب غيره سبحانه لا يخلو من شرك خفيّ.
و هذه المرتبة مختصّة بالتّأمين في المحبة و الكاملين في مقام الرّضا، و ليس غرضهم إلّا تحصيل الرّضوان و لا لهم نظر إلى الحور و القصور و ساير اللذائذ الموجودة في الجنان لأنّ لذايذ الجنّة كلّها عندهم بالنسبة إلى لذّة الاستغراق و الفناء مثل لذّة اللعب بالعصفور و الاستيلاء عليه بالنّسبة إلى لذّة الملك و الاستيلاء على أطراف الأرض و رقاب الخلق، و الطالبون لنعيم الجنة عند أهل المعرفة و الكمال كالصبىّ الطالب للّعب بالعصفور التارك للذّة السّلطنة و الملك من حيث قصوره عن ادراك هذه اللذة و إلى هذه أشير في قوله: وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَ مَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَ رِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.
اى الرّضوان من اللّه اكبر من جميع ما في الجنات من اللذات و هو الفوز العظيم اذ هو غاية كلّ لذّة و منتهى كلّ سعادة يستحقر دونه كلّ بهجة.
و اما الثالث أعنى الانقسام بالنّسبة إلى المرغوب عنه فنقول: إنّ الأقسام بالنّسبة إلى ذلك كثيرة غير محصورة إلّا أنّ هناك مجامع محيطة بها إجمالا و هى أيضا متفاوتة المراتب بعضها أجمل و بعضها أشرح لآحاد الأقسام و أقرب إلى التفصيل.
أمّا الاجمال في الدّرجة الأولى فهو كلّ ما سوى اللّه فينبغى أن يزهد فيه حتّى يزهد في نفسه أيضا.
و أمّا الاجمال في الدّرجة الثّانية فهو أن يزهد في كلّ صفة للنّفس فيها تمتع و شهوة، و هذا يتناول جميع مقتضيات الطبع من الشهوة و الغضب و الكبر و الرّياسة و المال و الجاه و غيرها.
و أمّا الاجمال في الدّرجة الثّالثة فهو أن يزهد في المال و الجاه و أسبابهما إذ إليهما ترجع جميع حظوظ النّفس.
و أما الاجمال في الدّرجة الرّابعة فهو أن يزهد في العلم و القدرة و الدّينار و الدرهم و الجاه إذ الأموال و إن كثرت أصنافها فيجمعها الدّينار و الدرهم، و الجاه و إن كثرت أسبابه فيرجع الى العلم و القدرة و أعنى به كلّ علم و قدرة يتعلّق بملك القلوب فانّ المقصود بالجاه ملك القلوب و القدرة و الاستيلاء عليها مع الشّعور بذلك كما أنّ المقصود بالمال ملك الأعيان و القدرة عليها، فان جاوزنا عن هذا التفصيل الاجمالي إلى شرح و تفصيل أبلغ من ذلك يكاد يخرج ما فيه الزّهد عن الحصر، و قد ذكر اللّه تعالى في آية واحدة سبعة منها فقال: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَ الْبَنِينَ وَ الْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ الْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَ الْأَنْعامِ وَ الْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَ اللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ.
ثمّ ردّها في آية اخرى إلى خمسة فقال عزّ و جلّ: اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ زِينَةٌ وَ تَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَ تَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَ.
ثمّ ردّها في موضع آخر الى اثنين فقال تعالى: إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ.
ثمّ ردّ الكلّ الى واحد فقال: وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى .
فالهوى لفظ جامع لجميع حظوظ النّفس في الدّنيا فينبغي أن يكون الزّهد فيه، فأعلى مراتب الزهد بالنّسبة إلى المرغوب عنه هو الزّهد عن ما سوى اللّه، و بعدها الزّهد عن حظوظ النّفس و أدناها الزّهد عن المحرمات الشّرعيّة، و اللّه ولىّ التّوفيق.
|