اللغة
(المجاز) مصدر ميميّ من جاز المكان يجوزه جوزا و جوازا إذا سار فيه و عبره و (القرار) اسم من قرّ الشي ء قرّا من باب ضرب استقرّ بالمكان و (لا تخلّفوا كلّا) مضارع خلّف الرّجل الشي ء بالتّشديد تركه بعده.
الاعراب
من في قوله: من ممرّكم نشوية و قوله: للّه آباءكم، جملة اسميّة تستعمل في مقام التعجّب و الاستعظام كقولهم: للّه أبوك و للّه درّك و تسمّى هذه اللّام بلام التّعجب.
قال نجم الأئمّة: أمّا معنى قولهم: للّه درّك، فالدّر في الأصل ما يدرّ أى ينزل من الضّرع من اللبن و من الغيم من المطر، و هو ههنا كناية عن فعل الممدوح الصّادر عنه، و إنّما نسب فعله إليه تعالى قصدا للتّعجب، لأنّ اللّه منشي ء العجائب، فكلّ شي ء عظيم يريدون التعجّب منه ينسبون إليه تعالى و يضيفونه نحو قولهم: للّه أبوك و للّه أنت فمعنى للّه درّه ما أعجب فعله، و قد تقدّم مزيد تفصيل فيه في شرح المختار المأة و التّاسع و السبعين
المعنى
اعلم أنّ الغرض من هذا الكلام التّنفير من الدّنيا و الترغيب في الاخرة و الأمر بأخذ الزاد ليوم المعاد و بالاستعداد للموت قبل حلول الفوت، و صدّر الكلام بحرف النّداء و التنبيه ايقاظا للمخاطبين من نوم الغفلة فقال: (أيّها النّاس إنّما الدّنيا دار مجاز و الاخرة دار قرار) يعني أنّ الاولى دار عبور و الاخرى دار استقرار، و الاتيان بكلمة إنّما المفيدة للحصر تأكيدا للغرض المسوق له الكلام، و تنبيها على أنّ وجود الدّنيا نفس حدوثها و بقاءها عين زوالها، فلا صلاحيّة لها إلّا لأن تكون مجازا و معبرا بمنزلة قنطرة يتجاوز منها إلى المقرّ و المأوى، فمن نوى البقاء فيها و القرار فقد جهل و ضلّ و خبط خبطا عظيما و خسر خسرانا مبينا، و إذا كان شأنها ذلك: (فخذوا من ممرّكم لمقرّكم) أى خذوا في الدّنيا من الخيرات و الحسنات و الباقيات الصّالحات الّتي هى زاد الاخرة، لتنالوا بها حسن الثواب فيها و تحصّلوا النّعمة الدّائمة.
(و لا تهتكوا أستاركم عند من يعلم أسراركم) أى لا تجاهروا بالمعصية و العدوان عند من لا يخفى عليه شي ء من السّرّ و الاعلان، بل يعلم ما أنتم مقترفون في ليلكم و نهاركم، لطف به خبرا و أحاط به علما، أعضاؤكم شهوده، و الحفظة جنوده، و ضمائركم عيونه، و خلواتكم عيانه كما قال عزّ من قائل وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَ نَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ. إِذْ يَتَلَقَّى. الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ. ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ.
(و اخرجوا من الدّنيا قلوبكم من قبل أن يخرج منها أبدانكم) و هو أمر بالزهد في الدّنيا و الاعراض عنها و حذف محبّتها عن ساحة القلب و الاستعداد للموت قبل حلوله، لأنّ من كانت الدّنيا همّته و أشرب محبّتها قلبه اشتدّت عند مفارقتها حسرته.
روى في البحار من الأمالي قال: قيل لأمير المؤمنين عليه السّلام ما الاستعداد للموت قال: أداء الفرائض و اجتناب المحارم و الاشتمال على المكارم ثمّ لا يبالي أوقع على الموت أم وقع الموت عليه، و اللّه ما يبالي ابن أبي طالب أوقع على الموت أم وقع الموت عليه.
و فيه من الخصال و معاني الأخبار بسنده عن عبد اللّه بن بكر المرادى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن جدّه عن عليّ بن الحسين عليهم السّلام قال: بينا أمير المؤمنين عليه السّلام ذات يوم جالس مع أصحابه يعبيهم للحرب إذ أتاه شيخ عليه شجّة السّفر فقال: أين أمير المؤمنين فقيل: هو ذا، فسلّم ثمّ قال: يا أمير المؤمنين إنّي أتيتك من ناحية الشّام و أنا شيخ كبير قد سمعت فيك من الفضل ما لا احصى، و أنّي أظنّك ستقتال فعلّمني ممّا علّمك اللّه.
قال: نعم يا شيخ من اعتدل يوماه فهو مغبون، و من كانت الدّنيا همّته اشتدّت حسرته عند فراقها، و من كانت غده شرّ يوميه فهو محروم، و ساق الرّواية إلى أن قال: فقال: يا شيخ إنّ اللّه عزّ و جلّ خلق خلقا ضيّق الدّنيا عليهم نظرا لهم فزهدهم فيها و في حطامها، فرغبوا في دار السلام الذي دعاهم إليه و صبروا على ضيق المعيشة و صبروا على المكروه و اشتاقوا إلى ما عند اللّه من الكرامة، و بذلوا أنفسهم ابتغاء رضوان اللّه و كانت خاتمة أعمالهم الشّهادة، فلقوا اللّه و هو عنهم راض و علموا أنّ الموت سبيل من مضى و بقى فتزوّدوا لاخرتهم غير الذّهب و الفضّة و لبسوا الخشن و صبروا على القوت، و قدّموا الفضل و أحبّوا في اللّه و أبغضوا في اللّه عزّ و جلّ اولئك المصابيح و أهل النّعيم في الاخرة و السّلام.
(ففيها اختبرتم و لغيرها خلقتم) يعني أنّه سبحانه خلقكم في الدّنيا لا لأجل الدّنيا و البقاء فيها و الرّكون إليها، بل لأجل الاخرة و تحصيل النّعمة الدّائمة، و إنّما خلقكم في الدّنيا لمحض الابتلاء و الامتحان كما قال تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَ نَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَ الْخَيْرِ.
و قد مضى تحقيق معنى الابتلاء في شرح الخطبة الثّانية و السّتين، و بيّنا هناك أنّ اللّازم على الانسان قصر همّته في محصّلات السّعادة الاخروية ليخلص من قالب الامتحان، و ليستحقّ القرار في غرفات الجنان، و يدرك مرتبة الرّضوان الذي هو أعظم السّعادات و أشرف اللذات و أكبر البهجات.
(انّ المرء إذا هلك قال النّاس ما ترك و قالت الملائكة ما قدّم) و هو تأكيد لما سبق فانّه عليه السّلام لمّا أمر بالأخذ من الممرّ للمقرّ و بالزّهد في الدّنيا و الاعراض عن قنياتها و زخارفها، و نبّه على أنّ الغرض الأصلي من الخلقة هو العبادة و الطاعة و تحصيل السّعادة الاخروية.
أكّده بأنّ المرء إذا مات قال أبناء الدّنيا من عشاير الميّت و الأقرباء و الاخوان و القرناء المصروف هممهم بها و المشغولين بها عن التّوجّه إلى الاخرى: ما ترك، أى يسأل بعضهم بعضا عمّا خلّفه الميّت من متاع الدّنيا و ما تركه من الأولاد و الأموال.
و قالت الملائكة الّذين نظرهم إلى محصلات القرب و الزّلفى لديه تعالى فقط: ما قدّم الميّت لنفسه و ادّخره ليوم فاقته و مقام حاجته، فينبغي على ذلك ترجيح مسئول الملائكة على مسئول النّاس، و تقديم محصّلات الزّلفي على قنيات الدّنيا قال الشّارح البحرانى: و في لفظ ما ترك و ما قدّم لطف تنبيه على أنّ متاع الدّنيا مفارق متروك و الأعمال الصّالحة مقدّمة باقية نافعة للمرء في معاده، فينبغي أن تكون العناية بها دون المفارق المتروك.
(للّه آبائكم) استعظمهم بنسبة آبائهم إلى اللّه حيث ولدوا مثل هؤلاء الأولاد و قوله: (فقدّموا بعضا يكن لكم و لا تخلّفوا كلّا فيكون عليكم) تفريع على
ما تقدّم، فانه لما صدّر الكلام بالأمر بالأخذ من الممرّ للمقرّ و أكّده بأنّ سؤال الملائكة و فحصهم عن المقدّم دون المؤخّر، رتب عليه هذه الجملة تنبيها على مقدار ما يؤخذ و يقدّم.
و لا يخفى ما في هاتين القرينتين من حسن المقابلة، و هو مقابلة الأربعة بالأربعة حيث جعل القرينة الأولى موجبة و الثانية سالبة، ثمّ قابل بين التقديم و التخليف و بين البعض و الكلّ و بين لكم و عليكم.
و في بعض النسخ فقدّموا بعضا يكن لكم قرضا، و لا تخلّفوا كلّا فيكون عليكم كلّا فتكون من مقابلة الخمسة بالخمسة.
أى خذوا من ممرّكم لمقرّكم بعض أموالكم، و قدّموه و أنفقوه في سبيل اللّه يكن لكم قرضا على اللّه تستحقّون بأخذ مثله من اللّه في مقام الحاجة و موطن الفاقة بل يضاعفه لكم أضعافا مضاعفة كما قال تعالى مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَ لَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ «و قد مرّ معناه في شرح الخطبة المأة و الثانية و الثمانين و قال أيضا: وَ آتُوا الزَّكاةَ وَ أَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَ ما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَ أَعْظَمَ أَجْراً.
و لا تتركوا جميع أموالكم فيكون عليكم كلّا أى ثقيلا لا خير فيه أو وزرا و ثقلا أى يكون عبؤه لكم و مهناؤه لغيركم روى في الوسائل عن الصدوق في قول اللّه عزّ و جل كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ قال: هو الرجل يدع ماله لا ينفقه في طاعة اللّه عزّ و جلّ بخلا ثم يموت فيدعه لمن يعمل فيه بطاعة اللّه أو بمعصية اللّه، فان عمل فيه بطاعة اللّه رآه في ميزان غيره فرآه حسرة و قد كان المال له، و ان كان عمل به فى معصية اللّه قويه بذلك المال حتى عمل به في معصية اللّه عزّ و جلّ.
قال: و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ما محق الاسلام محق الشحّ شي ء، ثمّ قال: إنّ لهذا الشحّ دبيبا كدبيب النمل و شعبا كشعب الشرك.
و فى الكافى باسناده عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ليس يتبع
الرجل بعد موته من الأجر إلّا ثلاث خصال: صدقة أجراها في حياته فهى تجرى بعد موته، و سنة هدى سنّها فهى يعمل بها بعد موته، و ولد صالح يدعو له.
و فيه عن أبي كهمس عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ستة يلحق المؤمن بعد وفاته: ولد يستغفر له، و مصحف يخلفه، و غرس يغرسه، و قليب يحفره، و صدقة يجريها، و سنّة يؤخذ من بعده.
ثمّ إنّ قوله عليه السّلام: فقدّموا بعضا آه يدلّ بمنطوقه على مطلوبيّة تقديم البعض و بمفهومه على عدم مطلوبية تقديم الكلّ كما أنّ قوله: و لا تخلّفوا كلّا آه يدلّ بمنطوقه على مبغوضيّة تخليف الكلّ و بمفهومه على عدم مبغوضيّة تخليف البعض، فيكون محصّل مفاد القضيتين تقديم البعض و تخليف البعض و على ذلك: فان اريد بالأمر أعني قوله: قدّموا معناه الحقيقي الذي هو الوجوب، فالمراد بالبعض الذى يجب تقديمه هو الحقوق المالية الواجبة من الخمس و الزكاة و مصارف الحجّ و نفقة من يجب نفقته عليه و نحوها.
و إن اريد به الأعمّ من معنى الحقيقي أى الرّجحان المطلق فيعمّ البعض حينئذ للحقوق الواجبة و المندوبة من وجوه البرّ و صنايع المعروف و الحقّ المعلوم للسّائل و المحروم و نحوها، و هذا هو الأظهر.
فينبغي على الانسان أن يقدّم البعض لنفسه و يخلّف البعض لوارثه و لا يجوز أن يخلّف الكلّ فيحرم و لا أن يقدّم الكلّ فيحرم الوارث و يظلم.
و يدلّ على ذلك ما رواه في الكافي مرسلا قال: و قد روي عن النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال لرجل من الانصار اعتق ممالك له لم يكن له غيرهم فعابه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و قال: ترك صبية صغارا يتكفّفون النّاس، و رواه في الوسايل عن الصدوق باسناده عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام.
و يدلّ عليه أيضا الأخبار الدالة على عدم جواز الجور في الوصيّة و الحيف فيها بتجاوز الثلث و وجوب ردّها إلى العدل و المعروف.
مثل ما رواه في الوسائل عن الشيخ باسناده عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن محمّد بن قيس عن أبى جعفر عليه السّلام قال: قضى أمير المؤمنين عليه السّلام فى رجل توفّى و أوصى بماله كلّه أو أكثره فقال: إنّ الوصيّة تردّ إلى المعروف و يترك لأهل الميراث ميراثهم.
و فى الوسائل عن الشيخ باسناده عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: من عدل فى وصيّته كان كمن تصدّق بها فى حياته و من جار فى وصيّته لقى اللّه عزّ و جلّ يوم القيامة و هو عنه معرض.
و فيه عن الشّيخ باسناده عن عليّ بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام ما للرّجل من ماله عند موته قال: الثلث و الثلث كثير.
و فيه من مجمع البيان قال: جاء في الحديث إنّ الضرار في الوصيّة من الكباير و فيه عن الصدوق باسناده عن السّكونى عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال علىّ عليه السّلام: الوصيّة بالخمس لأنّ اللّه عزّ و جلّ قد رضى لنفسه بالخمس و قال: الخمس اقتصاد، و الرّبع جهد، و الثلث حيف.
و فيه من قرب الاسناد عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي جعفر عن أبيه عن عليّ عليهم السّلام قال: لئن اوصى بالخمس أحبّ إلىّ من أن اوصى بالرّبع و لئن اوصى بالرّبع أحبّ إلىّ من أن اوصى بالثّلث، و من اوصى بالثلث فلم يترك شيئا.
و رواه في الكافي باسناده عن محمّد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: لئن اوصى بخمس مالى أحبّ إلىّ من أن اوصى بالرّبع و لئن اوصى بالرّبع أحبّ إلىّ من أن اوصى بالثلث، و من اوصى بالثلث فلم يترك و قد بالغ الغاية إلى أن قال: و يترك لأهل الميراث ميراثهم، و قال: من اوصى بثلث ماله فلم يترك و قد بلغ المدى، ثمّ قال: لئن اوصى بخمس مالي أحبّ إليّ من أن اوصى بالرّبع و الأخبار في هذا المعنى كثيرة و لا حاجة إلى الاطالة، و لنختم بما هو أحرى بأن يختم به المقام.
و هو ما رواه في الوسائل عن الصّدوق باسناده عن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام
قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من ختم له بلا إله إلّا اللّه دخل الجنّة، و من ختم له بصيام يوم دخل الجنّة، و من ختم له بصدقة يريد بها وجه اللّه دخل الجنّة.
و من اللّه أسأل أن يجعل خاتمة امورنا خيرا بجاه محمّد و آله و سلّم الأبرار، سلام اللّه عليهم ما تعاقب اللّيل و النّهار.
تكملة
روى في البحار من الأمالي للصّدوق قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام في بعض خطبه: أيّها النّاس إنّ الدّنيا دار فناء، و الاخرة دار بقاء، فخذوا من ممرّكم لمقرّكم، و لا تهتكوا أستاركم عند من لا يخفى عليه أسراركم، و اخرجوا من الدّنيا قلوبكم من قبل أن تخرج منها أبدانكم، ففى الدّنيا حييتم، و للاخرة خلقتم، إنّما الدّنيا كالسّم يأكله من لا يعرفه، إنّ العبد إذا مات قالت الملائكة ما قدّم، و قال النّاس ما أخّر، فقدّموا فضلا لكم يكن لكم، و لا تؤخّروا كلّا يكن عليكم فانّ المحروم من حرم خير ماله، و المغبوط من ثقل بالصّدقات و الخيرات موازينه، و أحسن في الجنّة بها مهاده، و طيب على الصّراط بها مسلكه و فى الارشاد من كلام أمير المؤمنين عليه السّلام في الحكمة و الموعظة: خذوا رحمكم اللّه من ممرّكم لمقرّكم، و لا تهتكوا أستاركم عند من لا يخفى عليه أسراركم، و اخرجوا من الدّنيا قلوبكم قبل أن يخرج منها أبدانكم فللاخرة خلقتم، و في الدّنيا حبستم إنّ المرء إذا هلك قالت الملائكة ما قدّم، و قال النّاس ما خلّف، فللّه آباؤكم قدّموا بعضا يكن لكم، و لا تخلّفوا كلّا فيكون عليكم، فانّما مثل الدّنيا مثل السّمّ يأكله من لا يعرفه.
|