الفصل الثالث
حتّى إذا مضى لسبيله جعلها في ستّة زعم أنّي أحدهم، فياللّه و للشّورى
متى اعترض الرّيب فيّ مع الأوّل منهم حتّى صرت أقرن إلى هذه النّظائر، و
لكنّي أسففت إذ أسفّوا، و طرت إذ طاروا، فصغى رجل منهم لضعفه، و مال الآخر
لصهره، مع هن و هن.
اللغة
(الزّعم) مثلثة الفاء الفتح للحجاز و الضمّ للأسد و الكسر لبعض قيس و هو
قريب من الظنّ، و قال المرزوقي: اكثره يستعمل فيما كان باطلا أو فيه
ارتياب، و قال ابن الأثير: إنّما يقال: زعموا في حديث لا سند له و لا ثبت
فيه، و قال الزّمخشري: هي ما لا يوثق به من الأحاديث و (الشّورى) اسم من
تشاور القوم و اشتوروا، و قيل: إنه مصدر كبشرى بمعنى المشورة و الأوّل اظهر
و (اعترض) الشّي ء إذا صار عارضا كالخشبة المعترضة في النهر و (اقرن) على
لفظ المجهول أى أجعل قرينا لهم و يجمع بينى و بينهم و (أسفّ) الطائر إذا
دنا من الأرض في طيرانه و أسفّ الرّجل للأمر اذا قاربه و (طرت) أى ارتفعت
استعمالا للكلّي في أكمل الأفراد و (صغى) إلى كذا مال إليه و صغت النجوم
مال إلى الغروب و (الضّغن) الحقد و البغض.
و (الصّهر) قال الخليل: هو أهل بيت المرأة، قال: و من العرب من يجعل
الأحماء و الاختان جميعا أصهارا، و قال الأزهري: الصّهر يشتمل على قرابات
النّساء ذوي المحارم و ذوات المحارم كالأبوين و الاخوة و أولادهم و الأعمام
و الأخوال و الخالات، فهؤلاء أصهار زوج المرأة، و من كان من قبل الزّوج من
ذوي قرابته المحارم فهم أصهار المرأة أيضا، و قال ابن السّكيت كلّ من كان
من قبل الزّوج من أبيه أو أخته أو عمّه فهم الأحماء، و من كان من قبل
المرأة فهم الأختان و يجمع الصّنفين الأصهار و (هن) خفيف النون كناية عن
كلّ اسم جنس و معناه شي ء و لامها محذوفة فالمعروف أنّها واو بدليل جمعها
على هنوات، و قيل: هي هاء لتصغيره على هنيهة، و قيل: نون و الأصل هن
بالتّثقيل و التّصغير هنين، و قال نجم الأئمة الرّضيّ: الهن الشي ء المنكر
الذي يستهجن ذكره من العورة و الفعل القبيح و غير ذلك.
الاعراب
اللّام في للّه مفتوحة لدخولها على المستغاث ادخلت للدّلالة على
الاختصاص بالنّداء للاستغاثة، و في قوله للشّورى مكسورة لدخولها على
المستغاث لأجله قال الشّاعر:
- يبكيك ناء بعيد الدّار مغتربيا للكهول و للشّبّان للعجب
بفتح لام الكهول و كسر لام العجب و كسرها في للشبان لكونه معطوفا على المستغاث من غير اعادة حرف النداء و لو اعيدت فتحت قال الشّاعر:
- يا لقومي و يا لامثال قوميلا ناس عتوّهم في ازدياد
و الواو في قوله: و للشّورى إمّا زايدة أو عاطفة على محذوف مستغاث له أيضا كما ستعرفه في بيان المعنى.
المعنى
(حتّى إذا مضى) الثّاني (لسبيله) و مات و ذلك بعد ما غصب الخلافة عشر
سنين و ستة أشهر على ما حكاه في البحار من كتاب الاستيعاب و ستعرف تفصيل
الكلام في كيفيّة موته و تعيين يوم موته في التّذنيبات الآتية، و كيف كان
فانّه لما أراد اللّه أن يقبضه إلى ما هيّأ له من أليم العذاب (جعلها في
ستة) نفر و في بعض النّسخ في جماعة (زعم أنّي أحدهم) و في تلخيص الشّافي
زعم أنّي سادسهم و هؤلاء الجماعة هم: أمير المؤمنين عليه السّلام و عثمان و
طلحة و الزّبير و سعد بن أبي وقاص و عبد الرّحمن ابن عوف، هذا هو المعروف و
قيل: إنّهم خمسة، قال الطبري: لم يكن طلحة ممّن ذكر في الشّورى و لا كان
يومئذ بالمدينة، و عن أحمد بن أعثم لم يكن بالمدينة، فقال عمر: انتظروا
لطلحة ثلاثة أيّام فان جاء و إلّا اختاروا رجلا من الخمسة.
(فياللّه) أنت النّاصر و المعين و المغيث أستغيث بك لما أصابني عنه أو
لنوائب الدّهر عامة (و للشّورى) خاصّة و الاستغاثة للتّألم من الاقتران بمن
لا يدانيه في الفضائل و لا يقارنه في الفواضل و لا يستأهل للخلافة و لا
يليق بالولاية، و لذلك أتبعه عليه السّلام بالاستفهام على سبيل الانكار و
التعجب بقوله: (متى اعترض الرّيب فيّ مع الأوّل منهم) يعنى متى صار الشّك
عارضا لأذهانهم فيّ بمساوات أبي بكر (حتّى صرت اقرن) أى اجعل قرينا (إلى
هذه النظائر) الخمسة أو الأربعة و يجمع عمر بيني و بينهم و يجعلهم نظائر لي
مع كونهم أدنى من الأوّل رتبة و أخسّ منزلة فكيف بقياسهم إليّ و تناظرهم«»
بي (و لكني أسففت) مع القوم (إذ أسفّوا و طرت) معهم (إذ طاروا) يعني أنّي
تابعتهم تقيّة و جريت معهم على ما جروا و دخلت معهم في الشّورى مع أنّهم لم
يكونوا نظراء لي و تركت المنازعة من حيث اقتضاء المصلحة (فصغى) و مال (رجل
منهم) من الحقّ إلى الباطل (لضغنه) و حقده الذي كان في صدره.
و المراد بذلك الرّجل على ما ذكره القطب الرّاوندي و الشّارح البحراني و
المحدث الجزايري و غيرهم هو سعد بن أبي وقاص اللّعين، و سبب ضغنه على ما
ذكره الرّاوندي هو أنّه عليه السّلام قتل أباه يوم بدر، و قال سعد أحد من
تخلف عن بيعة أمير المؤمنين عليه السّلام عند رجوع الأمر إليه، إلّا أنّ
الشّارح المعتزلي أورد عليه بأنّ أبا وقاص و اسمه مالك بن اهيب مات في
الجاهلية حتف أنفه، و قال: إنّ المراد به طلحة و علّل ميله عنه عليه
السّلام بقوله: و إنّما مال طلحة إلى عثمان لانحرافه عن علي عليه السّلام
باعتبار انه تيميّ و ابن عمّ أبي بكر، و قد كان حصل في نفوس بني هاشم من
بني تيم حنق شديد لأجل الخلافة و كذلك صار في صدور تيم على بني هاشم، و هذا
أمر مركوز في طباع البشر و خصوصا طينة العرب و طباعها و التّجربة إلى الآن
تحقق ذلك.
قال: و أمّا الرّواية التي جاءت بأنّ طلحة لم يكن حاضرا يوم الشّورى فان
صحت فذو الضّغن هو سعد بن أبي وقّاص لأنّ أمّه حمنة بنت سفيان بن أميّة بن
عبد شمس، و الضغنة التي كانت عنده على علي عليه السّلام من قبل أخواله
الذين قتل صناديدهم و تقلد دمائهم و لم يعرف أنّ عليّا عليه السّلام قتل
أحدا من بني زهرة لينسب الضّغن إليه (و مال الآخر) و هو عبد الرّحمن بن عوف
(لصهره) و هو عثمان و المصاهرة بينهما من جهة أنّ امّ كلثوم بنت عقبة بن
أبي معيط كانت تحته و هي اخت عثمان من امّه و روى بنت كريز و هذا الميل
أيضا لم يكن لمجرّد المصاهرة و محض القرابة بل (مع هن و هن) أى مع شي ء و
شي ء قبيح يستهجن ذكره، و هو البغض و الحسد منه له عليه السّلام أو نفاسته
عليه أو رجاؤه وصول الخلافة بعد عثمان إليه أو انتفاعه بخلافته بالانتساب و
اكتساب الأموال و التّرفع على النّاس و الاستطالة أو غير ذلك ممّا هو عليه
السّلام أعلم به و كنّى عنه.
و ينبغي التذييل بامور:
الاول كيفية قتل عمر و قاتله، و يوم قتله.
اما الاول فقاتله أبو لؤلؤة فيروز غلام المغيرة بن شعبة
روى المحدّث المجلسي (ره) في البحار من مؤلف العداد القوية نقلا من كتب
المخالفين و الجزائري في الأنوار من كتاب الاستيعاب لابن عبد البرّ من رجال
العامة قال: ذكر الواقدى قال: أخبرني نافع عن أبي نعيم عن عامر بن عبد
اللّه بن الزّبير عن أبيه قال: غدوت مع عمر بن الخطاب الى السّوق و هو
متّكى على يدي فلقاه أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة فقال له: ألا تكلّم
مولاى يضع عنّي من خراجي قال: كم خراجك قال: دينار فقال عمر: ما أرى أن
أفعل انّك لعامل محسن و ما هذا بكثير، ثمّ قال له عمر: ألا تعمل لي رحى
قال: أبو لؤلؤة: لأعملن لك رحى يتحدّث بها ما بين المشرق و المغرب، قال ابن
الزّبير: فوقع في نفسي قوله، قال: فلما كان في النّداء لصلاة الصّبح و خرج
عمر إلى النّاس قال ابن الزّبير: و أنا في مصلاى و قد اضطجع له أبو لؤلؤة
فضربه بالسّكين ست طعنات إحديهنّ تحت سرّته و هي قتلته، قال في البحار: و
جاء بسكين له طرفان فلما خرج عمر خرج معه ثلاثة عشر رجلا فى المسجد، ثمّ
اخذ، فلما اخذ قتل نفسه.
و من كتاب الاستيعاب أيضا أنّ عمر لما ضربه أبو لؤلؤة بالسّكين في بطنه
قال: ادعو الى الطبيب، فدعى الطبيب، فقال: أي الشّراب أحبّ اليك فقال:
النبيذ فسقى نبيذا فخرج من بعض طعناته فقال النّاس: هذا دم هذا صديد، فقال:
اسقونى لبنا، فسقوه لبنا فخرج من الطعنة، فقال له الطبيب: لا أرى أن تمسى
فما كنت فاعلا فافعل، و تمام الخبر مذكور في الشّورى، قال بعض أصحابنا: و
لقد كان يحبّ أن يلاقى اللّه سبحانه و بطنه الممزوق ممتلى من الشّراب
فانظروا يا اولى الألباب.
مصلاى و قد اضطجع له أبو لؤلؤة فضربه بالسّكين ست طعنات إحديهنّ تحت
سرّته و هي قتلته، قال في البحار: و جاء بسكين له طرفان فلما خرج عمر خرج
معه ثلاثة عشر رجلا فى المسجد، ثمّ اخذ، فلما اخذ قتل نفسه.
و من كتاب الاستيعاب أيضا أنّ عمر لما ضربه أبو لؤلؤة بالسّكين في بطنه
قال: ادعو الى الطبيب، فدعى الطبيب، فقال: أي الشّراب أحبّ اليك فقال:
النبيذ فسقى نبيذا فخرج من بعض طعناته فقال النّاس: هذا دم هذا صديد، فقال:
اسقونى لبنا، فسقوه لبنا فخرج من الطعنة، فقال له الطبيب: لا أرى أن تمسى
فما كنت فاعلا فافعل، و تمام الخبر مذكور في الشّورى، قال بعض أصحابنا: و
لقد كان يحبّ أن يلاقى اللّه سبحانه و بطنه الممزوق ممتلى من الشّراب
فانظروا يا اولى الألباب.
و اما الثاني فالمشهور بين العلماء أنّ قتله كان في ذي الحجة
و هو المتفق عليه بين العامة، و لكنّ المشهور بين العوام في الأقطار و
الامصار هو أنّه في شهر ربيع الأول قال الكفعمى في المصباح في سياق أعمال
شهر ربيع الاول: إنّه روى صاحب مسار الشّيعة أنه من أنفق في اليوم التّاسع
منه شيئا غفر له و يستحب فيه إطعام الاخوان، و تطييبهم و التّوسعة و
النّفقة و لبس الجديد و الشكر و العبادة و هو يوم نفى الغموم و روي أنّه
ليس فيه صوم و جمهور الشيعة يزعمون أنّ فيه قتل عمر بن الخطاب و ليس بصحيح.
قال محمّد بن ادريس في سرائره من زعم أنّ عمر قتل فيه فقد أخطأ باجماع
أهل التّواريخ و السّير، و كذلك قال المفيد (ره) في كتاب التّواريخ و إنّما
قتل يوم الاثنين لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث و عشرين من الهجرة نصّ
على ذلك صاحب الغرة و صاحب المعجم و صاحب الطبقات و صاحب كتاب مسار الشّيعة
و ابن طاوس بل الاجماع حاصل من الشّيعة و أهل السّنة على ذلك انتهى.
أقول: قد عرفت أنّ المشهور بين جمهورى الشّيعة هو أنّه في شهر الرّبيع
فدعوى الاجماع على كونه في ذي الحجّة ممنوعة و يدل على ذلك ما رواه في
الأنوار من كتاب محمّد بن جرير الطبري قال: المقتل الثّاني يوم التاسع من
شهر ربيع الأوّل أخبرنا الأمين السّيد أبو المبارك أحمد بن محمّد بن أردشير
الدّستاني قال: أخبرنا السيد أبو البركات محمّد الجرجاني، قال: أخبرنا هبة
اللّه القمي و اسمه يحيى، قال: حدّثنا أحمد بن إسحاق البغدادي، قال:
حدّثنا الفقيه الحسن ابن الحسن السّامري أنّه قال: كنت أنا و يحيى بن أحمد
بن جريح، فقصدنا أحمد ابن إسحاق القمي و هو صاحب الامام العسكر عليه
السّلام بمدينة قم، فقرعنا عليه الباب فخرجت علينا من داره صبيّة عراقيّة
فسألناها عنه، فقالت: هو مشغول و عياله فانه يوم عيد، قلنا: سبحان اللّه
الأعياد عندنا أربعة: عيد الفطر و عيد الضّحى النّحر و الغدير و الجمعة،
قالت: روي سيّدي أحمد بن إسحاق عن سيّده العسكرى عن أبيه علي بن محمد عليهم
السلام أنّ هذا يوم عيد و هو خيار الأعياد عند أهل البيت عليهم السلام و
عند مواليهم، قلنا: فاستأذني بالدّخول عليه و عرّفيه بمكاننا، قال: فخرج
علينا و هو متزر بمئزر له و محتبي بكسائه يمسح وجهه، فأنكرنا عليه ذلك،
فقال: لا عليكما إنّنى كنت أغتسل للعيد فانّ هذا اليوم «عيد ظ» و هو اليوم
التاسع من شهر ربيع الأوّل فادخلنا داره و أجلسنا على سرير له.
ثمّ قال: إني قصدت مولاى أبا الحسن العسكري عليه السّلام مع جماعة من
إخواني في مثل هذا اليوم و هو اليوم التّاسع من ربيع الأوّل فرأينا سيّدنا
قد أمر جميع خدمه أن يلبس ما يمكنه من الثياب الجدد و كان بين يديه مجمرة
يحرق فيها العود، قلنا يابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: هل
تجد في هذا اليوم لأهل البيت عليهم السّلام فرحا فقال عليه السّلام: و أىّ
يوم أعظم حرمة من هذا اليوم عند أهل البيت و أفرح و قد حدّثني أبي عليه
السّلام أنّ حذيفة (رض) دخل في مثل هذا اليوم و هو اليوم التّاسع من ربيع
الأوّل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، قال حذيفة: فرأيت
أمير المؤمنين مع ولديه الحسن و الحسين مع رسول اللّه صلوات اللّه عليه و
عليهم يأكلون و الرّسول يتبسم في وجوههما و يقول كلاهنيئا مريئا لكما ببركة
هذا اليوم و سعادته فانّه اليوم الذي يقبض اللّه فيه عدوّه و عدوّ كما و
عدوّ جدّكما و يستجيب فيه دعاء امّكما، فانّه اليوم الذي يكسر فيه شوكة
مبغض جدّكما و ناصر عدوّكما، كلا فانّه اليوم الذي يفقد فيه فرعون أهل بيتي
و هامانهم و ظالمهم و غاصب حقّهم، كلا فانّه اليوم الذي يفرح اللّه فيه
قلبكما و قلب امكما.
قال حذيفة: فقلت يا رسول اللّه في امّتك و أصحابك من يهتك هذا الحرم قال
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: جبت من المنافقين يظلم أهل بيتي
و يستعمل في امتي الرّيا و يدعوهم إلى نفسه و يتطاول على الامّة من بعدي و
يستجلب أموال اللّه من غير حلّه و ينفقها في غير طاعته و يحمل على كتفه
درّة الخزى و يضلّ النّاس عن سبيل اللّه و يحرّف كتابه و يغيّر سنتى و يغصب
ارث ولدي و ينصب نفسه علما و يكذّبني و يكذّب أخي و وزيري و وصيي و زوج
ابنتي و يتغلّب على ابنتي و يمنعها حقّها و تدعو فيستجاب اللّه لها الدّعاء
في مثل هذا اليوم.
قال حذيفة (رض): قلت: يا رسول اللّه ادع اللّه ليهلكنّه في حياتك قال:
يا حذيفة لا احبّ أن أجتري على اللّه عزّ و جلّ لما قد سبق في علمه لكنّي
سألت اللّه تعالى أن يجعل اليوم الذي يقبضه فيه إليه فضيلة على ساير الأيام
و يكون ذلك سنة يستنّ بها أحبّائي و شيعة أهل بيتي و محبهم، فأوحى اللّه
عزّ و جل إلي: فقال: يا محمّد إنّه قد سبق في علمي أن يمسّك و أهل بيتك محن
الدّنيا و بلائها و ظلم المنافقين و المعاندين من عبادي ممّن نصحتهم و
خانوك و محضتهم و غشوك و صافيتهم و كاشحوك و أوصلتهم و خالفوك و أوعدتهم و
كذّبوك، فانّي بحولي و قوّتي و سلطاني لافتحنّ على روح من يغضب «يغصب خ»
بعدك عليّا حقّه وصيك و وليّ خلقى «من العذاب الاليم خ» ألف باب من النيران
من سفاك الفيلوق، و لاوصلنّه و أصحابه قعرا يشرف عليه إبليس لعنه اللّه
فيلعنه، و لأجعلن ذلك المنافق عبرة في القيامة مع فراعنة الانبياء و أعداء
الدين في المحشر، و لا حشرنّهم و أوليائهم و جميع الظلمة و المنافقين في
جهنم و لادخلنهم «و لاخلدنهم خ ك» فيها أبدا الآبدين.
يا محمّد أنا أنتقم من الذي يجتري عليّ و يبدّل كلامي و يشرك بي و يصدّ
النّاس عن سبيلي و ينصب نفسه عجلا لامتك و يكفر بي، إنّي قد أمرت سبع
سماوات من شيعتكم و محبّيكم أن يتعيدوا في هذا اليوم«» الذي أقبضه إلىّ فيه
و أمرتهم أن ينصبوا كراسى كرامتي بازاء البيت المعمور و يثنوا عليّ و
يستغفروا لشيعتكم من ولد آدم.
يا محمّد و أمرت الكرام الكاتبين ان يرفعوا القلم عن الخلق «كلهم خ»
ثلاثة أيام من أجل ذلك اليوم و لا أكتب عليهم شيئا من خطاياهم كرامة لك و
لوصيّك.
يا محمّد إني قد جعلت ذلك عيدا لك و لأهل بيتك و للمؤمنين من شيعتك و
آليت علي نفسي بعزّتي و جلالي و علوّي في رفيع مكاني إنّ من وسّع في ذلك
اليوم على عياله و أقاربه لأزيدن في ماله و عمره و لأعتقنّه من النّار و
لأجعلنّ سعيه مشكورا و ذنبه مغفورا، و أعماله مقبولة، ثمّ قام رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فدخل بيت امّ سلمة فرجعت عنه صلّى اللّه عليه
و آله و سلّم و أنا غير شاكّ في أمر الشيخ الثاني حتّى رأيته بعد رسول
اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قد فتح الشرّ و أعاد الكفر و الارتداد
عن الدّين و حرّف القرآن.
و في البحار من كتاب الاقبال لابن طاوس بعد ذكر اليوم التاسع من ربيع
الأول: اعلم أنّ هذا اليوم وجدنا فيه رواية عظيم الشأن و وجدنا جماعة من
العجم و الاخوان يعظمون السّرور فيه و يذكرون أنّه يوم هلاك من كان يهون
باللّه جلّ جلاله و رسوله و يعاديه، و لم أجد فيما تصفحت من الكتب إلى الآن
موافقة اعتمد عليها للرّواية التي رويناها عن ابن بابويه تغمّده اللّه
رضوانه، فان أراد أحد تعظيمه مطلقا لسرّ يكون في مطاويه غير الوجه الذي
يظهر فيه احتياطا للرّواية فهكذا عادة ذوي الدّراية، و إن كان يمكن تأويل
ما رواه أبو جعفر بن بابويه في أنّ قتل من ذكر كان في تاسع ربيع الأوّل
لعلّ معناه أن السّبب الذي اقتضى قتل المقاتل على قتله كان في ذلك اليوم، و
يمكن أن يسمّى مجازا سبب القتل بالقتل، أو يكون توجه القاتل من بلده في
ذلك اليوم، أو وصول القاتل إلى مدينة القتل فيه، و أمّا تأويل من تأوّل أنّ
الخبر وصل إلى بلد ابن بابويه فيه فلا يصحّ، لأن الحديث الذى رواه ابن
بابويه عن الصّادق عليه السّلام تضمن أنّ القتل في ذلك اليوم فكيف يصحّ هذا
التأويل.
قال: في البحار بعد حكايته ذلك: و يظهر منه ورود رواية اخرى عن الصادق
عليه السلام بهذا المضمون رواها الصدوق، و يظهر من كلام خلفه«» الجليل ورود
عدة روايات دالة على كون قتله في ذلك، فاستبعاد ابن إدريس و غيره رحمة
اللّه عليهم ليس في محلّه، إذ اعتبار تلك الرّوايات مع الشهرة بين أكثر
الشيعة سلفا و خلفا لا يقصر عمّا ذكره المورخون من المخالفين، و يحتمل أن
يكونوا غيّروا هذا اليوم ليشتبه الأمر على الشيعة فلا يتخذوه يوم عيد و
سرور.
فان قيل: كيف اشتبه هذا الأمر العظيم بين الفريقين مع كثرة الدواعي على ضبطه و نقله.
قلنا: نقلب الكلام عليكم مع أنّ هذا الأمر ليس بأعظم من وفات رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مع أنه وقع الخلاف فيه بين الفريقين بل بين
كلّ منهما مع شدّة تلك المصيبة العظمى و ما استتبعه من الدّواهي الاخرى مع
أنّهم اختلفوا في يوم القتل و إن اتّفقوا في كونه ذي الحجّة، و من نظر في
اختلاف الشّيعة و أهل الخلاف في أكثر الامور التي توفرت الدّواعي على نقلها
مع كثرة حاجة النّاس إليها كالأذان و الوضوء و الصّلاة و الحجّ و تأمل
فيها لا يستبعد أمثال ذلك، و اللّه أعلم بحقايق الامور.
الثاني في ذكر أخبار الشّورى من طرق العامة
فأقول: روى في البحار عن ابن الأثير في الكامل و الطبري عن شيوخه بطرق
متعدّدة أنّه لما طعن أبو لؤلؤة عمر بن الخطاب و علم أنّه قد انقضت أيّامه و
اقترب أجله، قال له بعض أصحابه: لو استخلفت يا أمير المؤمنين، فقال: لو
كان أبو عبيدة حيّا لاستخلفته و قلت لربّي إن سألني: سمعت نبيّك يقول: أبو
عبيدة امين هذه الامة، و لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا استخلفته و قلت
لربّي إن سألني: سمعت نبيّك يقول: إنّ سالما شديد الحبّ للّه فقال رجل: ولّ
عبد اللّه بن عمر، فقال: قاتلك اللّه، و اللّه ما أردت اللّه بهذا، ويحك
كيف استخلفت رجلا عجز عن طلاق امرأته.
و في شرح المعتزلي أنّ عمر لما طعنه أبو لؤلؤة و علم أنّه ميّت استشار
فيمن يوليه الأمر بعده فأشير إليه بابنه عبد اللّه فقال لا هاء«» اللّه لا
يليها رجلان من ولد الخطاب حسب عمر ما حمل حسب عمر ما احتقب«» لاها اللّه،
لا أتحملها حيّا و ميّتا، ثمّ قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و
سلّم مات و هو راض عن هذه الستّة من قريش: عليّ و عثمان و طلحة و الزّبير و
سعد و عبد الرّحمن بن عوف، و قد رأيت أن أجعلها شورى بينهم ليختار و
أنفسهم، ثمّ قال: إن أستخلف فقد استخلف من هو خير منّي يعني ابا بكر و إن
أترك فقد ترك من هو خير منّي يعني رسول اللّه، ثم قال: ادعوهم لي، فدعوهم
فدخلوا عليه و هو ملقى على فراشه و هو يجود بنفسه، فنظر إليهم فقال: أكلّكم
يطمع في الخلافة بعدي فوجموا«» فقال لهم: ثانية فأجابه الزّبير و قال: و
ما الذي يبعدنا منها وليتها أنت فقمت بها و لسنا دونك في قريش و لا في
السّابقة و القرابة.
قال الشّارح قال الشيخ أبو عثمان الجاحظ: و اللّه لو لا علمه أنّ عمر
يموت في مجلسه ذلك لم يقدم على أن يفوّه من هذا الكلا بكلمة و لا أن ينبس«»
منه لفظ، فقال عمر: أفلا اخبركم عن أنفسكم: قالوا: قل فانّا لو استعفيناك
لم تعفنا، فقال: أمّا أنت يا زبير فوعقة«» لقس«» مؤمن الرّضى كافر الغضب،
يوما إنسان و يوما شيطان، و لعلّها لو أفضت إليك ظلّت قومك تلاطم بالبطحاء
على مدّ من شعير، أ فرأيت إن أفضت إليك فليت شعرى من يكون للنّاس يوم تكون
شيطانا و من يكون يوم تغضب إماما، و ما كان اللّه ليجمع لك أمر هذه الامة و
أنت على هذه الصّفة.
ثمّ أقبل على طلحة و كان له مبغضا مند قال لأبي بكر يوم وفاته ما قال في
عمر، فقال له: أقول أم أسكت قال: قل فانّك لا تقول من الخير شيئا، قال:
أما أني أعرفك منذ اصيبت إصبعك يوم احد و الباد«» الذي حدث لك، لقد مات
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ساخطا عليكم للكمة«» التي قلتها
يوم انزلت آية الحجاب.
قال الشّارح: قال شيخنا أبو عثمان الجاحظ: الكلمة المذكورة أنّ طلحة لما
انزلت آية الحجاب قال بمحضر ممّن نقل عنه الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و
آله و سلّم: ما الذي يغنيه حجابهن اليوم سيموت غدا فننكحهنّ، قال: قال أبو
عثمان أيضا: لو قال لعمر قائل أنت قلت: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و
آله و سلّم مات و هو راض عن الستّة فكيف تقول الآن لطلحة إنه صلّى اللّه
عليه و آله و سلّم مات ساخطا عليك للكلمة التي قلتها، لكان قد رماه
بمشاقصة«» و لكن من الذي كان يجسر على عمر أن يقول له: ما دون هذا فكيف هذا
ثمّ أقبل على سعد بن أبي وقاص فقال: أمّا أنت صاحب مقنب«» من هذه المقانب
تقاتل به و صاحب قنص«» و قوس و أسهم و ما زهرة و الخلافة و امور الناس ثمّ
أقبل على عبد الرّحمن بن عوف فقال: و أما أنت يا عبد الرّحمن فلو وزن نصف
ايمان المسلمين بايمانك لرجح ايمانك به و لكن ليس يصلح هذا الأمر لمن فيه
ضعف كضعفك و ما زهرة و هذا الأمر.
ثمّ أقبل على عليّ عليه السّلام فقال: للّه أنت لو لا دعابة«» فيك أما و
اللّه لئن وليتهم لتحملنهم على الحقّ الواضح و المحجّة البيضاء.
ثمّ أقبل على عثمان فقال هيها«» إليك كأني بك قد قلّدتك قريش هذا الأمر
لحبّها إيّاك فحملت بنى اميّة و بني أبي معيط على رقاب النّاس و آثرتهم
بالفي ء فسارت «فثارت ظ» إليك عصابة من را بان«» «ذوبان خ» العرف فذبحوك
على فراشك ذبحا و اللّه لئن فعلوا لتفعلنّ و لئن فعلت ليفعلنّ، ثمّ أخذ
بناصيته فقال: فاذا كان ذلك فاذكر قولي فانه كاين.
ثمّ قال: ادعوا لي أبا طلحة الأنصاري فدعوه له فقال: انظر يا أبا طلحة
إذا عدتم من حفرتي فكن في خمسين رجلا من الأنصار حاملي سيوفكم فخذ هؤلاء
النّفر بامضاء الأمر و تعجيله و اجمعهم في بيت وقف بأصحابك على باب البيت
ليتشاوروا و يختاروا واحدا منهم، فان اتفق خمسة و أبى واحد فاضرب عنقه، و
إن اتفق أربعة و أبى اثنان فاضرب أعناقهما، و إن اتّفق ثلاثة و خالف ثلاثة
فانظر الثلاثة التي فيها عبد الرّحمن فارجع الى ما قد اتفقت عليه فان اصرّت
الثلاثة الاخرى على خلافها فاضرب أعناقها، و ان مضت ثلاثة أيّام و لم
يتفقوا على أمر فاضرب أعناق الستّة و دع المسلمين يختاروا لأنفسهم.
فلما دفن عمر جمعهم أبو طلحة و وقف على باب البيت بالسّيف في خمسين من
الأنصار حاملي سيوفهم ثم تكلم القوم و تنازعوا، فأوّل ما عمل طلحة أنّه
أشهدهم على نفسه أنّه قد وهب حقّه من الشّورى لعثمان، و ذلك لعلمه أنّ
النّاس لا يعدلون به عليّا و عثمان و أنّ الخلافة لا تخلص له و هذان
موجودان، فأراد تقوية أمر عثمان و إضعاف جانب عليّ عليه السّلام بهبة أمر
لا انتفاع و لا تمكن له منه، فقال الزّبير في معارضته و أنا اشهدكم على
نفسي أنّي قد وهبت حقّي من الشّورى لعليّ عليه السّلام، و إنّما فعل ذلك
لأنّه لما رأى عليّا عليه السّلام قد ضعف و انخذل بهبة طلحة حقّه لعثمان
دخلته حميّة النّسب، لأنّه ابن عمة أمير المؤمنين عليه السّلام و هي صفية
بنت عبد المطلب و أبو طالب خاله، فبقى من الستّة أربعة، فقال سعد بن أبي
وقاص: و أنا قد وهبت حقّى من الشّورى لابن عمّي عبد الرّحمن، و ذلك لأنّهما
من بني زهرة و لعلم سعد أنّ الأمر لا يتمّ له.
فلما لم يبق إلّا الثّلاثة قال عبد الرّحمن لعلي و عثمان: أيّكما يخرج
نفسه من الخلافة و يكون إليه الاختيار في الاثنين الباقيين فلم يتكلّم
منهما أحد، فقال عبد الرّحمن: إنّى اشهدكم قد أخرجت نفسي من الخلافة على أن
اختار أحدهما، فأمسكا، فبدء بعليّ عليه السّلام و قال له: ابايعك على كتاب
اللّه و سنّة رسول اللّه و سيرة الشيخين أبي بكر و عمر، فقال: بل على كتاب
اللّه و سنّة رسوله و اجتهاد رأيي، فعدل عنه إلى عثمان فعرض ذلك عليه،
فقال: نعم، فعاد إلى عليّ عليه السّلام فأعاد قوله، فعل ذلك عبد الرّحمن
ثلاثا، فلما رأى أن عليّا غير راجع عمّا قاله و أنّ عثمان ينعم له بالاجابة
صفق على يد عثمان، و قال: السّلام عليك يا أمير المؤمنين، فيقال: إنّ
عليّا عليه السّلام قال له: و اللّه ما فعلها إلّا لأنّك رجوت منه ما رجا
صاحبكما من صاحبه، دقّ اللّه بينكما عطر منشم«» قيل: ففسد بعد ذلك بين
عثمان و عبد الرحمن فلم يكلّم أحدهما صاحبه حتّى مات عبد الرّحمن.
و قال الشارح أيضا: لما بنى عثمان قصره طمارد الزوراء و صنع طعاما كثيرا
و دعا الناس إليه كان فيهم عبد الرّحمن، فلما نظر إلى البناء و الطعام
قال: يا بن عفان لقد صدقنا عليك ما كتا نكذب فيك و إني استعيذ باللّه من
بيعتك، فغضب عثمان و قال: أخرجه عني يا غلام، فأخرجوه و أمر الناس أن لا
يجالسوه فلم يكن يأتيه أحد إلا ابن عباس كان يأتيه فيتعلّم منه القرآن و
الفرائض، و مرض عبد الرّحمان فعاده عثمان، فكلّمه و لم يكلّمه حتى مات.
أقول: هذا ما رواه الشّارح المعتزلي في قضيّة الشّورى و أتبعه بروايات
اخرى لامهمّ في إطالة الكلام بذكرها، و إنّما المهمّ الاشارة إلى بعض ما
يطعن به على عمر في هذه القضيّة من ابداعه في الدّين و خروجه عن نهج الحقّ
المبين و غير ذلك ممّا لا يخفى على أهل البصيرة و اليقين.
منها مخاطبته القوم و مواجهتهم بمثل تلك الكلمات الكاشفة عن غلظ طبيعته و
خشونة مسه و جفوته، و ذلك شاهد صدق على ما ذكره عليه السّلام سابقا بقوله:
فصيرها في حوزة خشناء يغلظ كلمها و يخشن مسها اه.
و منها خروجه في هذا الأمر عن النّصّ و الاختيار جميعا.
و منها حصر الشّورى في ستّة و ذمّ كلّ واحد منهم بأن ذكر فيه طعنا لا يصلح معه الامامة ثمّ أهله بعد أن طعن فيه.
و منها نسبة الامام عليه السّلام إلى الدعابة و المزاحة و هو افتراء
عليه و ظلم في حقّه، و مثل ذلك زعم عمرو بن العاص و كذبه عليه السّلام في
بعض خطبة الآتية بقوله: عجبا لابن النّابغة يزعم أنّ في دعابة او أنّي امرء
تلعابة إلى آخر ما يأتي و هو المختار الثّالث و الثّمانون.
و منها جعل الأمر إلى ستّة ثمّ إلى أربعة ثمّ إلى واحد وصفه بالضّعف و القصور.
و منها ترجيح قول الذين فيهم عبد الرّحمن لعلمه بأنّه لا يكاد يعدل بالأمر عن ختنة و ابن عمّه.
و منها إدخاله عثمان في الشّورى مع دعواه العلم بظهور الفساد و القتل من
خلافته و صرف مال اللّه في غير أهله كما يدلّ عليه قوله: و اللّه لئن
فعلوا لتفعلن.
و منها أمره بقتل الثّلاثة الذين ليس فيهم عبد الرّحمن لو أصرّوا على
المخالفة و من المعلوم أنّ مخالفته لا يوجب استحقاق القتل و منها أمره بقتل
الستة و ضرب أعناقهم إن مضت ثلاثة أيّام و لم يتّفقوا، و من الواضح أنّ
تكليفهم إذا كان الاجتهاد في اختيار الامام فربّما طال زمان الاجتهاد و
ربّما قصر بحسب ما يعرض فيه من العوارض، و كيف يسوغ الأمر بالقتل إذا
تجاوزت الثلاثة إلى غير هذه ممّا هي غير خفيّة على أهل البصيرة و المعرفة.
الثالث في ذكر طائفة من الاحتجاجات التي احتجّ بها الامام عليه السّلام في مجلس الشورى
و مناشداته معهم و تعديد فضائله و ذكر خصائصه، و هي كثيرة روتها الخاصّة و العامة في كتبهم و نحن نقتصر على رواية واحدة.
و هو ما رواه الطبرسي في الاحتجاج عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر
محمّد بن على الباقر عليه السّلام قال: إنّ عمر بن الخطاب لما حضرته الوفاة
و أجمع على الشّورى بعث إلى ستّة نفر من قريش: إلى عليّ بن أبي طالب عليه
السّلام و إلى عثمان ابن عفان و إلى زبير بن العوام و إلى طلحة بن عبيد
اللّه و عبد الرّحمن بن عوف و سعد ابن أبي وقاص، و أمرهم أن يدخلوا إلى بيت
و لا يخرجوا منه حتّى يبايعوا لأحدهم فان اجتمع أربعة على واحد و أبى واحد
أن يبايعهم قتل، و إن امتنع اثنان و بايع ثلاثة قتلا فاجمع رأيهم على
عثمان.
فلما رأى أمير المؤمنين عليه السّلام ما همّ القوم به من البيعة لعثمان
قام فيهم ليتّخذ عليهم الحجة، فقال عليه السّلام لهم: اسمعوا منّي فان يك
ما أقول حقا فاقبلوا، و إن يك باطلا فانكروه ثمّ قال عليه السّلام: انشدكم
«نشدتكم خ» باللّه الذي يعلم صدقكم إن صدقتم و يعلم كذبكم إن كذبتم هل فيكم
أحد صلّى القبلتين كلتيهما غير قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم من
بايع البيعتين كلتيهما بيعة الفتح و بيعة الرضوان غيري قالوا: لا، قال
نشدتكم باللّه هل فيكم أحد أخوه المزيّن بالجناحين «يطير بهما في الجنة خ»
غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد عمّة سيّد الشّهداء غيري
قالوا لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد زوجته سيّدة نساء أهل الجنة غيري
قالوا: لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد ابناه ابنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هما سيّد اشباب.
أهل الجنة غيري قالوا: لا، قال: فانشدتكم باللّه هل فيكم أحد عرف النّاسخ من المنسوخ في القرآن غيري قالوا: لا.
قال: فانشدتكم باللّه هل فيكم أحد أذهب اللّه عنه الرّجس و طهّره تطهيرا
غيري قالوا: لا، قال: فانشدتكم باللّه هل فيكم أحد عاين جبرئيل في مثال
دحية الكلبي غيري قالوا: لا، قال: فانشدتكم باللّه هل فيكم أحد أدّى
الزّكاة و هو راكع غيري قالوا: لا، قال فانشدتكم باللّه هل فيكم أحد مسح
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عينيه و أعطاه الرّاية يوم خيبر
فلم يجد حرا و لا بردا غيري قالوا لا، قال: فانشدتكم باللّه هل فيكم أحد
نصبه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يوم غدير خم بأمر اللّه
فقال: من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهم و الا من والاه و عاد من عاداه
غيري قالوا: لا، قال: فانشدتكم باللّه هل فيكم أحد أخو رسول اللّه في الحضر
و رفيقه في السّفر غيري قالوا: لا.
قال: فانشدتكم باللّه هل فيكم أحد بارز عمرو بن عبدود يوم الخندق و قتله
غيري قالوا: لا، قال فانشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلوات
اللّه عليه و آله: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبيّ بعدي
غيري قالوا: لا.
قال: فانشدتكم باللّه هل فيكم أحد سمّاه اللّه تعالى في عشر آيات من
القرآن مؤمنا غيري قالوا: لا، قال: فانشدتكم باللّه هل فيكم أحد ناول رسول
اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قبضة من التراب فرمى بها في وجوه
الكفار فانهزموا غيري قالوا: لا، قال: فانشدتكم باللّه هل فيكم أحد وقفت
الملائكة يوم احد حتى ذهب النّاس عنه غيري قالوا: لا، قال: فانشدتكم باللّه
هل فيكم أحد قضى دين رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم غيري قالوا:
لا، قال: فانشدتكم باللّه هل فيكم أحد اشتاقت الجنّة إلى رؤيته غيري
قالوا: لا.
قال: فانشدتكم باللّه هل فيكم أحد شهد وفات رسول اللّه صلّى اللّه عليه و
آله و سلّم غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد غسل رسول
اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و كفّنه غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم
باللّه هل فيكم أحد ورث سلاح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و
رايته و خاتمة غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد جعل رسول
اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم طلاق نسائه بيده غيري قالوا: لا، قال:
نشدتكم باللّه هل فيكم أحد حمله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم
على ظهره حتّى كسر الأصنام على باب الكعبة غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم
باللّه هل فيكم أحد نودي باسمه يوم بدر من السّمآء لا سيف إلّا ذو الفقار و
لا فتى إلّا عليّ غيري قالوا: لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد أكل مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و
آله و سلّم من الطائر المشويّ الذي اهدي إليه غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم
باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنت
صاحب رايتي في الدّنيا و صاحب لوائي في الآخرة غيري قالوا: لا، قال:
فانشدتكم باللّه هل فيكم أحد قدّم بين يدي نجويه صدقة غيري قالوا: لا، قال
فانشدتكم باللّه هل فيكم أحد خصف«» نعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و
سلّم غيري قالوا: لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و
آله و سلّم، أنا أخوك و أنت أخي غيري قالوا: لا، قال: فانشدتكم باللّه هل
فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، اللّهمّ ائتني
بأحبّ خلقك «الخلق خ» إلى و أقواهم بالحقّ غيري قالوا: «اللّهم خ» لا قال:
نشدتكم باللّه هل فيكم أحد استقى مأئة دلو بمأة تمر و جاء بالتّمر فاطعمه
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو جايع غيري قالوا: «اللهم خ»
لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد سلّم عليه جبرئيل و ميكائيل و إسرافيل
في ثلاثة آلاف من الملائكة «كلّ واحد منهم في ألف من الملائكة خ» يوم بدر
غيري قالوا: «اللّهم خ» لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد غمض عين رسول
اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل
فيكم أحد وحد اللّه قبلي غيري«» قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم
أحد كان أوّل داخل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و آخر خارج
من عنده غيري قالوا: لا، قال: فانشدتكم باللّه هل فيكم أحد مشى مع رسول
اللّه فمرّ على حديقة فقال «فقلت خ» ما أحسن هذه الحديقة، فقال رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و حديقتك في الجنّة أحسن من هذه الحديقة حتّى
إذا مرّ «مررت خ» على ثلاثة حدائق كل ذلك يقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه
و آله و سلّم حديقتك في الجنّة أحسن من هذه غيري قالوا: لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و
آله و سلّم: أنت أوّل من آمن بي و أوّل من يصافحني يوم القيامة غيري قالوا:
لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله
و سلّم بيده و يد امرأته و ابنيه حين أراد أن يباهل نصارى و نجران غيري
قالوا: لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و
آله و سلّم: أوّل طالع يطلع عليكم من هذا الباب يا أنس فانّه أمير المؤمنين
و سيّد المسلمين و خير الوصيّين و أولى النّاس بالناس فقال أنس: اللهمّ
اجعله رجلا من الأنصار فكنت أنا الطالع فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و
آله و سلّم لأنس: ما أنت بأوّل رجل أحبّ قومه غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم
بالله هل فيكم أحد نزلت فيه هذه الآية: «إِنَّما
وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ
يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ».
غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد أنزل الله فيه و في ولده: «إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً».
إلى آخر السّورة غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد أنزل الله فيه: «أَ
جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ
آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا
يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ» غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم
بالله هل فيكم أحد علمه رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ألف كلمة
كلّ كلمة مفتاح ألف كلمة غيري قالوا: لا.
قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحدنا جاه رسول الله يوم الطايف فقال أبو بكر
و عمر: ناجيت عليا دوننا، فقال لهم رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و
سلّم: ما انا ناجيته بل الله أمرني بذلك غيري قالوا: لا.
قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد سقاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و
سلّم من المهراس«» غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له
رسول اللّه: أنت أقرب الخلق مني يوم القيامة يدخل بشفاعتك الجنّة أكثر من
عدد ربيعة و مضر غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له
رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنت تكسى حين اكسى غيري قالوا:
لا.
قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله
و سلّم: أنت و شيعتك هم الفائزون يوم القيامة غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم
بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: كذب من
زعم أنّه يحبني و يبغض هذا غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم
أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من أحبّ شعراتي «هذه
خ» فقد أحبّني و من أحبّني فقد أحب اللّه، فقيل له: و ما شعراتك يا رسول
اللّه قال: عليّ و الحسن و الحسين و فاطمة غيري قالوا: لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و
آله و سلّم: أنت خير البشر بعد النبيّين غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم
باللّه هل فيكم أحد قال له رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنت
الفاروق تفرق بين الحقّ و الباطل غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل
فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنت أفضل
الخلايق عملا يوم القيامة بعد النّبيين غيري قالوا: لا.
قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله
كساه عليه و على زوجته و على ابنيه ثم قال: اللّهمّ أنا و أهل بيتي إليك لا
إلى النّار غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد كان يبعث إلى
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الطعام و هو في الغار و يخبره
بالأخبار غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول
اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لا سر للّه دونك غيري قالوا: لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و
آله و سلّم: أنت أخي و وزيري و صاحبي من أهلي غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم
باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنت
أقدمهم سلما«» و أفضلهم علما و أكثرهم حلما غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم
باللّه هل فيكم أحد قتل مرحبا اليهودي مبارزة فارس اليهود غيري قالوا: لا،
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد عرض عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله
الاسلام فقال له: أنظرني حتّى ألقى والدي، فقال له رسول اللّه: يا عليّ
فانّها أمانة عندك، فانّها عندك، فقلت: فان كانت أمانة عندي فقد أسلمت غيري
قالوا: لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد احتمل باب خيبر حين فتحها فمشى به مأئة
ذراع ثم عالجه بعده أربعون رجلا فلم يطيقونه غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم
باللّه هل فيكم أحد«» نزلت فيه هذه الآية: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً».
فكنت أنا الذي قدّم الصّدقة غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم
أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من سبّ عليّا فقد
سبّني و من سبّني فقد سبّ اللّه غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل
فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: منزلي مواجه
منزلك في الجنّة غيري قالوا: لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و
آله و سلّم: قاتل اللّه من قاتلك و عادى اللّه من عاداك غيري قالوا: لا،
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد اضطجع على فراش رسول اللّه صلّى اللّه عليه
و آله و سلّم حين أراد أن يسير إلى المدينة و وقاه بنفسه من المشركين حين
أراد و اقتله غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول
اللّه أنت أولى النّاس بامّتي من بعدي غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه
هل فيكم احد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنت يوم
القيامة عن يمين العرش و اللّه يكسوك ثوبين أحدهما أخضروا الآخر و رديّ
غيري قالوا: لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد صلّى قبل النّاس «مع رسول اللّه خ» بسبع
سنين و أشهر غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول
اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنا يوم القيامة آخذ بحجزة ربي و
الحجزة النّور و أنت آخذ بحجزتي«» و أهل بيتى آخذون بحجزتك غيري قالوا: لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و
آله و سلّم: أنت كنفسي و حبّك حبّي و بغضك بغضي غيري قالوا: لا، قال نشدتكم
باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:
ولايتك كولايتى عهد عهده إلىّ ربّي و أمرني أن ابلغكموه غيري قالوا: لا،
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و
سلّم: اللهمّ اجعله لى عونا و عضدا و ناصرا غيرى قالوا لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و
آله و سلّم: المال يعسوب الظلمة و أنت يعسوب«» المؤمنين غيري قالوا: لا،
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و
سلّم لأبعثنّ اليكم رجلا امتحن اللّه قلبه للايمان غيري قالوا: لا، قال:
نشدتكم باللّه هل فيكم أحد أطعمه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم
رمّانة و قال: هذه من رمّان الجنّة لا ينبغي أن يأكل منه إلّا نبيّ أو وصيّ
نبيّ غيري قالوا: لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و
آله و سلّم ما سألت ربّي شيئا إلّا أعطانيه و لم أسأل ربّى شيئا إلّا سالت
لك مثله غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنت أقومهم بأمر اللّه و أوفاهم بعهد اللّه
و اعلمهم بالقضيّة و أقسمهم بالسّوية و أعظمهم عند اللّه مزيّة غيرى
قالوا: لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و
آله و سلّم: فضلك على هذه الامّة كفضل الشّمس على القمر و كفضل القمر على
النّجوم غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يدخل اللّه وليّك الجنّة و عدوّك النّار
غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و آله و سلّم: النّاس من أشجار شتّى و أنا و أنت من شجرة واحدة
غيري قالوا: لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و
آله و سلّم: أنا سيّد ولد آدم و أنت سيّد العرب «و العجم خ» و لا فخر غيري:
قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد رضى اللّه عنه في الآيتين من
القرآن غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: موعدك و موعدي و موعد شيعتك الحوض إذا خافت
الامم و وضعت الموازين غيري قالوا: لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و
آله و سلّم: اللهم إني احبّه فأحبّه اللهمّ إنّي أستودعكه غيرى قالوا: لا،
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و
سلّم: أنت تحاج النّاس فتحجهم باقام الصّلاة و ايتآء الزّكاة و الأمر
بالمعروف و النّهي عن المنكر و إقامة الحدود و القسم بالسّوية غيري قالوا:
لا.
قال: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و
سلّم بيده يوم بدر«» «غدير خ» فرفعها حتّى نظر النّاس إلى بياض ابطيه و هو
يقول: ألا إنّ هذا عليّ بن أبي طالب أخي و ابن عمّي و وزيري فوازروه و
ناصحوه و صدّقوه فهو وليّكم غيري قالوا: لا، قال: نشدتكم باللّه هل فيكم
أحد نزلت فيه هذه الآية: «وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».
غيري قالوا: لا، قال: فهل فيكم أحد كان جبرئيل أحد ضيفانه غيري قالوا:
لا، قال: فهل فيكم أحد أعطاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حنوطا من
حنوط الجنّة ثم قال: اقسمه أثلاثا ثلثا لي تحنّطني به و ثلثا لابنتي و ثلثا
لك غيري قالوا: لا.
قال: فهل فيكم أحد كان إذا ادخل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و
سلّم حيّاه و أدناه و رحّب به و تهلل له وجهه غيرى قالوا: لا، قال: فهل
فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنا أفتخر بك يوم
القيامة إذا افتخرت الأنبياء بأوصيائها غيرى قالوا: لا.
قال: فهل فيكم أحد سرحه«» رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم
بسورة برائة إلى المشركين من أهل مكة بأمر اللّه غيرى قالوا: لا، قال: فهل
فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إني لأرحمك من
ضغاين في صدور أقوام عليك لا يظهرونها حتّى يفقدونني فاذا فقدوني خالفوا
فيها غيرى قالوا: لا.
قال: فهل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:
ادّى الله«» عن أمانتك أدّى الله عن ذمتك غيرى قالوا: لا قال: نشدتكم بالله
هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنت قسيم
النّار تخرج منها من زكى و تذر فيها كل كافر غيرى قالوا: لا.
قال: فهل فيكم أحد فتح حصن خيبر و شبى بنت مرحب فأدّاها إلى رسول الله
غيرى قالوا: لا، قال: فهل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و
آله و سلّم: ترد علىّ الحوض أنت و شيعتك روّاء مروّيين مبيضة وجوههم و يرد
علىّ عدوّك ظمأ مظمئين مقمحين«» مسودّة وجوههم غيرى قالوا: لا.
ثمّ قال لهم أمير المؤمنين عليه السّلام: أما إذا أقررتم على أنفسكم و
استبان لكم ذلك من قول نبيّكم فعليكم بتقوى الله وحده لا شريك له، و أنهاكم
من سخطه و غضبه و لا تعصوا أمره، و ردّوا الحقّ إلى أهله و اتّبعوا سنّة
نبيّكم فانكم إن خالفتم خالفتم الله، فادفعوها إلى من هو أهله و هي له،
قال: فتغامزوا فيما بينهم و تشاوروا و قالوا: قد عرفنا فضله و علمنا أنّه
أحقّ النّاس بها، و لكنّه رجل لا يفضل أحدا على أحد، فان وليتموها إيّاه
جعلكم و جميع النّاس فيها شرعا سواء، و لكن ولوها عثمان فانّه يهوى الذي
تهوون فدفعوها إليه.
|